طرح المشكلة:إن الإبداع يقوم على تخيل صور وأفكار تؤدي الى إنشاء مركبات جديدة مستمدة من مواد قديمة، وإذا كان الإشكال لايطرح حول طبيعة الإبداع، فإنه مطروح حول شروطه، هاته الأخيرة كانت محل إختلاف بين العلماء والفلاسفة المهتمين، فمنهم من ركز على الشروط الإجتماعية، ومنهم من ركز على الشروط النفسية.
والشؤال المطروح:هل الإبداع هو نتاج العوامل النفسية والعاطفية للمبدع أم هو حصيلة للمحيط الإجتماعي ؟
التحليل محاولة حل المشكلة):
أولا :
( النظرية النفسية)
أ- الموقف : يذهب الكثير من علماء النفس الى القول بأن الإبداع ظاهرة خاصة نجدها عند بعض الأفراد فقط ومن بين القائلين بهذا نجد(برغسون، فرويد، بوارل، بوانكاريه).
ب- الحجة:*-يذهب علماء النفس الى التأكيد بأن العملية الإبداعية تعود الى شروط نفسية متعلقة بذات المبدع والتي ترتكز على ثلاث جوانب(الجانب العقلي، والجانب الإرادي، والجانب الإنفعالي).
-الجانب العقلي:والذي يتعلق بمختلف القدرات العقلية(ذاكرة قوية،ملاحظة ثابتة،سرعة البداهة،قوة الإدراك،الإلهام..)
-الجانب الإرادي:يتمثل في قوة العزيمة واستمرارها لأن عملية الإبداع طويلة وشاقة مبنية على المعاناة الدائمة.
-الجانب الإنفعالي:يتعلق بالميل والرغبة والإهتمام لأيجاد حلول لمشكلات مطروحة يقول الفرنسي بوارال(لكي يكون هناك إبداع يجب أن تكون هناك مشكلة أمام الباحث).
*-للعملية الإبداعية أصول نفسية عميقة يقول برغسون(إن العظماء يتخيلون الفروض،والأبطال والقديسين الذين يبدعون المفاهيم الأخلاقية لايبدعونها في حالة جمود، وإنما يبدعون في جو حماسي وتيار ديناميكي تتلاطم فيه الأفكار).
ج : نقد الأطروحة : إن الإبداع لايعتمد على الشروط النفسية فقط بل يجب أن تتوافر العوامل الإجتماعية أيضا.
الأطروحة ( النظرية الإجتماعية ) :
أ- الموقف : يذهب الكثير من علماء الإجتماع وعلى رأسهم(دوركايم) الى القول بأن المبدع لايستمد مادة إبداعه إلا من واقعه الإجتماعي.
ب- الحجة :*-يؤكد دوركايم بأن العملية الإبداعية مهما تعددت مجالاتها تتحكم فيها شروط إجتماعية والتي من بينها(حاجة المجتمع)والتي تكون بمثابة الدافع والحافز للمبدع في إبداعاته، فلولا المجتمع لما أبدع الإنسان، ولاو كان كائنا وحيدا لما أبدع.
*-إن الإبداع يعتبر تراثا إجتماعاعيا تتناقله الأجيال ،ومادام الفرد من صنع المجتمع فلابد أن تكون سلوكاته من نتاج المجتمع، إن الفنانين والعلماء لايبدعون لأنفسهم وإنما يبدعون وفق مايحتاج إليه المجتمع يقول الفرنسي باستور(إن الأفكار الخصبة هي بنات الحاجة).
*-إن الحاجة الى الإبداع لها علاقة وطيدة بالحياة الإجتماعية ومتطلباتها ولهذا يقال(الحاجة أم الإختراع).
*-إن المناخ الإجتماعي يلعب دورا أساسيا في عملية الإبداع، فإذا هيأ المجتمع جميع الشروط والظروف للمبدعين يكون هناك إبداع حقيقي والعكس صحيح.مثلا: الدول التي تهيأ مناخ الإبداع هي دول رائدة مثلما هو الحال في اليابان والولايات المتحدة.
*-إن المجتمع هو الذي يمنح لمبدعيه الأدوات والوسائل الضرورية للإبداع مثل المكتسبات الثقافية كاللغة والعادات والتقاليد فلا يستطيع أي إنسان مهما كانت مواهبه أن يبدع في ظل غياب المناخ الإجتماعي يقول دوركايم(المبدع هو الذي يمتلك القدرة ويتمتع بحسيس حالة الجمهور).
ج – نقد الأطروحة :لايمكن إنكار دور المجتمع في العملية الإبداعية، ولكن ليس كل الدور فالإبداع لايخلو من سمات نفسية وعاطفية
ثالثا : التركيب تهذيب التعارض)
مهما كان تأثير المجتمع في قدرات المبدع فإن قابلية الفرد تبقى قائمة، لأن حركية الإبداع الفردي ترتبط بحرية المجتمع.
خاتمة( حل المشكلة)
إن عملية الإبداع تقوم على الشروط النفسية، لأن الإبداع تجسيد لما يختلج في النفس من معاني وصور، ولكن تحقيقه يحتاج الى مناخ إجتماعي وحضاري.