رحمة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة > أرشيف قسم الكتاب و السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

رحمة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-01-08, 12:34   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yaf
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










B11 رحمة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم

لا تنسونا بصالح دعائكم

المحتويات

المحتويات. 1
النبي r وهذا الخلق:2
وصف الله لنبيه r بالرحمة:3
رحمته r بأمته:3
رحمته r بالأطفال:4
رحمته r بالبهائم والدواب:4
رحمته r تتجاوز حدود عصره:5
أمره r بالرحمة وحثه عليها:5
أهل السنة على منهاجه r:6
مجالات الرحمة وصورها لدى أهل السنة:7
كيف نتعامل مع المخالف؟10
الرحمة للخلق لاتكون على حساب المنهج:11



الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً r عبده ورسوله، أما بعد :
في وسط هذا العالم الذي يموج بالبعد عن الله سبحانه وتعالى وعن شرعه، العالم الذي يموج بالبدعة والإعراض عن الله سبحانه وتعالى، تتعالى صيحات الإنقاذ ودعوات النهوض بهذه الأمة، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، ولن يقوم بهذا الدين إلا تلك الطائفة التي أخبر النبي r أنه لها الناجية، حيث هلكت سائر الفرق والطوائف، وكتب الله النصرة لهذه الطائفة "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم". لذا كان لزاماً علينا الحديث والمناداة بإحياء منهج خير القرون: منهج أهل السنة والجماعة وسلف الأمة.
ولا شك أن منهج أهل السنة ومنهج خير القرون منهج أوسع دلالة وأعمق دائرة من أن يكون مجرد مقررات معرفية دون أن يكون لها رصيد من العمل والسلوك، إنه منهج أشمل من ذلك بكثير، فهو ليس المنهج الذي لا يعرف إلا جانباً واحداً من جوانب التوحيد لله سبحانه وتعالى، أو لا يتحدث إلا في إطار المعرفة والجدل النظري والإثبات النظري والنفي وحده فقط، بل هو أشمل من ذلك كله.
ومن الجوانب المهمة عند أهل السنة الجانب الخلقي والسلوكي وما فتىء من صنف في معتقدهم مختصراً أو مفصلاً أن يشير إلى هذا البعد، البعد الأخلاقي والسلوكي في عقيدة أهل السنة، ويصفهم بما هم أهل له من جوانب في الرقائق والسلوك أو الأخلاق أو المعتقد، ومن ذلك أن أهل السنة كما وُصفوا أرحم الخلق بالخلق، هذه محاولة متواضعة للحديث حول هذا الجانب.
النبي r وهذا الخلق:

إن العَلَم الأول والقائد الأوحد لأهل السنة هو محمد r ،ومن ثم فإن أولئك الذين يرغبون سلوك هذا المنهج ويدعون إليه لابد أن يكون لهم نسب وثيق بالنبي r من المحبة والتوقير له وإنزاله المنزلة التي أنزله الله إياها.
ومن الاتباع له r البحث عن هديه وعن سنته وسلوكه r لتقتفى آثارها، ولا يسوغ أبداً أن يطغى اهتمامنا بعَلَم من أعلام أهل السنة - على جلالته وقدره- على اهتمامنا واعتنائنا بالنبي r، ولا أن تحتكم إلى قول إمام أكثر مما تحتكم إلى قوله r وهديه.
وجدير بنا بكل حال أن نعود إلى هديه r بقراءة دقيقة متأنية فاحصة؛ لنلتمس من هديه r وسنته معالم طريق النجاة الذي أخبر r أنه لن ينجو إلا من كان على ما كان عليه r وأصحابه.
وصف الله لنبيه r بالرحمة:

من الصفات التي اتصف بها نبينا محمد r هذه الصفة وهي صفة (الرحمة) وهو r بها أهل، فلقد وصفه الله سبحانه وتعالى بذلك؛ فوصفه بالرحمة على الخلق والعطف عليهم ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فضاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله ) ويمتن الله سبحانه على المسلمين أن بعث لهم هذا الرسول صاحب القلب الكبير الرحيم r (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ). و أخبر سبحانه وتعالى أن رسالته r رحمة للعالمين أجمع (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين). r
رحمته r بأمته:

وتلمس رحمته r بالخلق في كل أحواله وأموره، فهو r كثيراً ما يترك بعض الأعمال شفقاً على أمته حتى لا تفرض هذه الأعمال عليهم فيعجزوا عن القيام بها وعن الوفاء بها، ألم تقرؤوا كثيراً في سنته r قوله :"لولا أن أشق على أمتي"؟ إن هذا مصداق هذا الوصف الذي وصفه به ربه سبحانه وتعالى، وهو عز وجل أعلم به، فهو r يقول :"لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة " و "لولا أن أشق على أمتي ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله عز وجل" ويصلي r فيصلي الناس بصلاة ثم يعتذر لهم r ولا يخرج لهم خشية أن تفرض هذه الصلاة على أمته فلا يطيقوها، ويفرض الله عليه خمسين صلاة فما يزال حتى تخفف هذه الصلاة إلى خمس رحمة بأمته، ويأمره جبريل أن يقرئ أمته على حرف فيقول : إن أمتي لا تطيق ذلك، فيقول : أقرئهم على حرفين حتى أوصله على سبعة أحرف.
وما يزال r في تلقيه للوحي وفي كلامه وفي أفعاله وعبادته يخشى أن يشق على أمته، ويخشى أن تكلف ما لا طاقة لها به، وأن تؤمر بما لا تطيق، ولهذا كان كما وصفه سبحانه وتعالى :( ونيسرك لليسرى ) لقد يسر r لليسر في كل أموره وحياته.
والشواهد على رحمته r لاتقف عند هذا الحد؛ فنعيش مع جانب آخر من سيرته r ، سيرته مع أزواجه: ففي حجة الوداع أصاب عائشة رضي الله عنها الحيض مما منعها أن تعتمر كما اعتمر الناس، فتقول للنبي r : يذهب الناس بحج وعمرة وأذهب بعمرة؟ فيقول الراوي : وكان r هيناً ليناً إذا هوت أمراً تابعها عليه. ومن تأمل سيرته وهديه r في تعامله مع زوجاته يلمس ذلك واضحاً من رحمته r وشفقته بهن.
رحمته r بالأطفال:

جاء أعرابي -كما تروي عائشة رضي الله عنها- إلى النبي r فرأى أمراً لم يعهده رآه r يقبل الصبيان فقال : تقبلون الصبيان؟ قال r : نعم، قال الأعرابي: إنا لا نقبلهم فقال r: "أوأملك أن نزع الله الرحمة من قلبك؟". إذاً فهذا الأعرابي الذي ما اعتاد أن يقبل الصبيان وأن يداعبهم، جاء إلى النبي r ذاك الرجل الذي يهابه الناس ويتحدثون عنه، ويغذ الناس سيرهم إليه r لتكتحل أعينهم برؤيته، وحُق لهم كذلك فمن رآه r وآمن به فقد ثبت له فضل لا يثبت لأحد من البشر، ثبت له فضل الصحبة؛ فيستغرب هذا الأعرابي أن يرى مثل هذا الرجل العظيم في مكانته ومنزلته يتعامل مع الصبيان هذه المعاملة.
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه r قبل الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس رضي الله عنه فاستنكر هذا السلوك ولم يألفه، قال : إن لي عشرة من الولد ما قبلت أحداً منهم، فنظر إليه النبي r وقال : "من لا يَرحم لا يُرحم" .
ويصلي r بأصحابه كما روى ذلك عبد الله بن شداد رضي الله عنه -وهو عند الإمام النسائي- فيسجد فيأتي الحسن أو الحسين فيرقى على ظهره r ؛ فيطيل السجود حتى ظنوا أنه نسي r ، فلما فرغ من صلاته قال :"إن ابني هذا ارتحلني فكرهت أن أقوم قبل أن يقضي حاجته".
إن هذا القلب الرحيم العظيم ليأبى أن يزعج هذا الطفل الصغير ويقلقه؛ فيطيل r سجوده والناس وراءه ينتظر أن يقضي هذا الصبي حاجته فيقوم من نفسه.
ويسمع r بكاء الصبي وهو يصلي وقد نوى أن يطيل الصلاة فيوجز فيها r حتى لا تفتن أمه.
رحمته r بالبهائم والدواب:

وتتجاوز رحمته r ذلك كله إلى الحيوان والبهيمة؛ فيروي عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما أن النبي r دخل حائطاً لرجل من الأنصار، فإذا فيه جمل فلما رأى النبي r حنّ وذرفت عيناه فأتاه r فمسح ظفراه فسكت، فقال r :"من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟" فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله، فقال له : "أفلا تتق الله في هذه البهيمة ملكك الله إياها؟ فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه" . رواه أبو داود.
الله أكبر لهذا القلب الرحيم العظيم r ، مع ما يحمل r من عبء الرسالة لا لأصحابه بل للبشرية أجمع، للثقلين الإنس والجن ومع ما يحمله r من هم وجهد يجد هذا الحيوان البهيم مكاناً رحباً واسعاً في قلب هذا الرجل العظيم r ؛ فيأتي إلى النبي r وقد عرف عنه الرحمة؛ فيشتكي إليه، فيجيب الشكوى r ، ويسأل عنه صاحبه ليخبره بشكوى هذه البهيمة.
ويروي الإمام أبو داود في سننه من حديث سهل بن الحنضلية رضي الله عنه أنه r مر ببعير قد لحق ظهره ببطنه فقال اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة فاركبوها صالحة وكلوها صالحة وفي صحيح الإمام مسلم أن عائشة رضي الله عنها ركبت بعيرا وكانت فيه صعوبة فجعلت تردده فقال لها رسول الله r عليك بالرفق وكان r في سفر كما روى ذلك أبو داود عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه رضي الله عنه قال كنا مع النبي r في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة فجعلت تعرش فلما جاء رسول الله r قال : من فجع هذه بولدها ردوا ولدها إليها" .
والحديث معشر الأخوة الكرام ليس حديثا عن رحمته r بالبهائم المعجمة والدواب والحيوان إنما هي إشارة إلى أن ذلك القلب العظيم الرحيم الذي وسعت رحمته هذه الدواب لابد أن يكون أرحم وأرفق بأولئك الذين خلقهم الله سبحانه وتعالى، وخلق كل ما في هذه الأرض لهم (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا).
أفلا يتقي الله أولئك الذين حملهم الله أمانة المسلمين وأمانة الجيل فلئن كان من يتولى هذه البهيمية عرضة للمسألة والإنكار من محمد r ، فكيف بأولئك الذين دعا عليهم r ؟
رحمته r تتجاوز حدود عصره:

تتجاوز رحمة النبي r ورأفته بأمته عليه أفضل الصلاة وأتم والسلام ذلك العصر الذي عاشه r ، وذاك الجيل الذي عاشره ليضع r هذه الضمانة لمن بعده فيدعو ربه تبارك وتعالى "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليه فاشقق عليه" فيضع r هذا نبراساً وهدياً لكل من يتحمل أمانة ومسؤولية في أمة محمد r أجمع إلى أن تقوم الساعة، ويدعو ربه تبارك وتعالى وتقدس أن يرفق بمن يرفق بأمته، وأن يرحم من يرحم أمته، وأن يشق على من يشق عليها.
أمره r بالرحمة وحثه عليها:

هذه معشر الأخوة الكرام بعض المعالم من هدي أرحم البشر عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وهو مع ذلك r ، لم يحلنا على هذا الهدي –وإن كان وحده كافياً- بل أمرنا r بالرحمة وحثنا عليه، وأعلى لنا شأنها؛ فأخبر r أن الراحمين هم أولى الناس برحمة الله ففي الترمذي وأبي داود من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه r قال: " الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، الرحم شجنة من الرحمن من وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله".
والراحمون يستحقون مغفرة الله سبحانه وتعالى، والمغفرة أخص من الرحمة، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين أن رجلاً كان يمشي في الطريق فاشتد عليه العطش فنزل بئراً فشرب، فلما خرج رأى كلباً يتلوى من العطش؛ فنزل البئر وسقاه، فلما سقاه غفر الله عز وجل له. وفي رواية أنها بغي من بغايا بني إسرائيل.
أرأيتم أولئك الذين رحمهم الله وغفر لهم وقد رحموا دابة من الدواب؟ فما بالكم بمن يرحم عباد الله سبحانه وتعالى الصالحين الأتقياء؟
وكما أعلى النبي r منزلة الراحمين وأخبر أنهم أولى الناس برحمة الله عز وجل ومغفرته ، توعد r أولئك الذين لا يرحمون؛ فأخبر r أنهم أبعد الناس عن رحمة الله سبحانه وتعالى كما في حديث جرير بن عبد الله في الصحيحين أنه r قال:" لا يرحم الله من لا يرحم الناس". ومضى معنا في حديث الأقرع بن حابس أنه r قال :"من لا يرحم لا يُرحم".
وأخبر r أن أولئك الذين لا يرحمون أشقياء قد كتبت عليهم الشقاوة؛ ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند أبي داو ود أنه قال سمعت أبا القاسم r يقول:"لا تنزع الرحمة إلا من شقي".
إذا فالراحمون يرحمهم الله سبحانه وتعالى ويغفر لهم، وألئك الذين نزعت الرحمة من قلوبهم أشقياء قد عوقبوا بنزع هذه الرحمة، وهم أبعد الناس عن رحمة الله سبحانه وتعالى، والله عز وجل لا يرحم من لا يرحم عباده؛ فالجزاء من جنس العمل.
هذه وقفة سريعة مع إمام أهل السنة وقائدهم وفرطهم على الحوض r هذه وقفة مع هديه العملي r وهديه القولي وكيف أنه r كان أرحم الناس :

وإذا رحمت فأنت أم أو أب هذان هما في الدنيا هما الرحماء
أهل السنة على منهاجه r:

ولما كانت هذه صفة النبي r ، كان أهل السنة هم أهل الرحمة بالخلق، فكانوا خير الناس للناس، يعرفون الحق ويرحمون الخلق، كما نص على ذلك جمع من صنف في معتقدهم.
وأذكر بما قلته أول حديثي من أن منهج أهل السنة لا يقف عند مجرد المقررات المعرفية وحدها، ولا عند باب من أبواب العلم والاعتقاد، بل هو منهج وسلوك يطبع حياة المسلم كلها في اعتقاده في ذات الله سبحانه وتعالى وفي أسمائه وصفاته وفيما يجب له سبحانه وتعالى وما يستحقه من العبادة والتأله والخضوع والاحتكام إلى شرعه تعالى وتقدس، وفي التلقي من الوحيين دون غير هما، وفي تعظيم أمر الله سبحانه وتعالى وشرعه، وفي عبادته تبارك وتعالى والاجتهاد في ذلك، وفي باب الخلق والسلوك والتعامل مع الناس.
ولهذا كان أهل السنة كما قلنا ينصون على هذا الجانب ويؤكدون به فيما قالوه، هذا هو الإمام أبو عثمان الصابوني رحمه الله يقول عن أهل السنة: ويتواصون بقيام الليل للصلاة بعد المنام، وبصلة الأرحام، وإفشاء السلام، وإطعام الطعام، والرحمة على الفقراء والمساكين والأيتام، والاهتمام بأمور المسلمين.
وقال شيخ الإسلام ابن تيميه.." أهل السنة والجماعة يتبعون الكتاب والسنة، ويطيعون الله ورسوله؛ فيتبعون الحق ويرحمون الخلق".
ويقول أيضا في موضع آخر:"وأهل السنة فيهم العلم والعدل والرحمة؛ فيعلمون الحق الذي يكونون به موافقين للسنة سالمين من البدعة، ويعدلون على من خرج منها ولو ظلمهم، كما قال تعالى :( كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنأن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى )، ويرحمون الخلق، ويريدون لهم الخير والهدى والعلم، لا يقصدون الشر لهم ابتداء بل إذا عاقبوهم وبينوا خطأهم وجهلهم وظلمهم، كان قصدهم بذلك بيان الحق ورحمة الخلق".
والنقول عن سلف الأمة تطول في ذلك، وانظر في أي كتاب صنفه إمام من أئمة أهل السنة من المتقدمين أوالمتأخرين لتراه ينص على أن أهل السنة والسلف يرحمون الخلق، وأنهم يأمرون بإطعام الطعام وإفشاء السلام، ويتحدث عن الجوانب الأخلاقية والسلوكية.
فجدير بنا أن لا نهمل هذا الجانب؛ فالذي يتصدر دعوة الناس ويعلن لهم أنه يسير وفق ما كان عليه النبي r وأصحابه، وأنه من الطائفة الناجية المنصورة، وأنه يحمل الحق الواضح للناس ينبغي أن يكون سلوكه وهديه وسمته خير دليل للناس على صدق مقالته، وعلى صدق ما يدعوهم إليه؛ فيتمثل هذا السلوك وهذا الجانب في حياته كلها وفي سلوكه.
مجالات الرحمة وصورها لدى أهل السنة:

تتمثل مجالات وصور الرحمة بالخلق عند أهل السنة في جوانب كثيرة منها :
الأول: الرحمة بالفقراء والمساكين وأهل الحاجة وقضاء حوائج الناس، ولهم في ذلك أسوة في نبيهم r الذي كان r يعطف على الأرملة والمسكين، وكان r قبل النبوة والرسالة يطعم الطعام، وكان يحمل الكل r ، ويكسب المعدوم، ويعين على نوائب الحق، كما وصفته بذلك من هي من أعلم الناس به زوجه خديجة رضي الله عنها، فكيف يكون الأمر بعد النبوة وبعد الرسالة؟
إذا ينبغي أن يشعر أهل الحاجات ومن ضاقت بهم السبل أن أهل السنة والدعاة إلى الله عز وجل و إلى منهج أهل السنة هم أقرب الناس إليه؛ فيمسحون دمعة المسكين، ويسدون خلة المحتاج ويحسنون إلى من يحتاج أن يحسن إليه.
الثاني: الحرص على هداية الناس وإصلاحهم، وهذا من أعظم مجالات الرحمة وأجلها، فإن كان أحدهم يسعى إلى أن ينقذ فقيراً من جوع ومسغبة، أو ينقذ يتيماً من بؤس اليتم، فإنه أولى أن ينقذه من نار وقودها الناس والحجارة، وأولى أن ينقذه من نار ومن عذاب تنسيه غمسة واحدة فيه كل نعيم الدنيا، وأن يدله على جنة عرضها السماوات والأرض، جنة ينسى حين يدخلها ويغمس فيها غمسة واحدة كل شقاء الدنيا وبؤسها.
ولهذا يخبر الله عز وجل عنه أنه أرسل النبي r رحمة للعالمين، وأعظم رحمة للناس أن أنقذهم الله به r من الضلال ومن الشرك والكفر به سبحانه وتعالى، وأنقذهم من نار تلظى وقودها الناس والحجارة حمانا الله وإياكم منها ووالدينا وجميع المسلمين، لهذا كان r هو الرحمة المهداة، وكانت حاله r كما قال عن نفسه: " وأنا آخذ بحجزكم عن النار ".
ويشبه r نفسه برجل أوقد ناراً فجعل الفراش يتهافت فيها، وهو يذبها عنها، ويأخذ بحجز أمته عن النار.
الثالث: الرفق بهم في من ولاه الله مسؤولية أوأمرا من أمور المسلمين، وقد دعا r فقال:"اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه " فكل من ولاه الله أمانة أومسؤولية، من أب أو زوج أو أستاذ أو مدير أو مسؤول صغيراً أو كبيراً، فينبغي له أن يرفق بالمسلمين ويرحمهم.
ومن رفق الراعي برعيته أن يرفق بهم في نصحهم وفي تصحيح أخطائهم ؛ ولهذا كان r كما وصفه معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه وقصته مشهورة معروفة، حين عطس رجل في الصلاة فقال يرحمك الله ثم رمقه الناس بأبصارهم فقال: ويل أمي ما بالكم ترمقوني بأبصاركم؟ فيقول رضي الله عنه :فبأبي و أمي رسول الله r ما رأيت معلماً أحسن تعليماً ولا تأديباً منه، فو الله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني، وإنما دعاني وقال :"إن هذه الصلاة لا يصح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو الذكر والتسبيح والدعاء وقراءة القرآن".
وحين جاء الأعرابي وبال في طائفة المسجد وانتهره الناس، أدركه r بقلبه الرحيم وأعلمه بحق وواجب هذه الأماكن وصيانتها، فقال هذا الرجل :اللهم ارحمني وارحم محمداً، ولا ترحم أحد غيرنا، وذلك أنه رأى وعرف الرحمة في قلب النبي r وهذا يفسر لنا قوله r : " الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ".
إذا فمن رحمة أهل السنة بالخلق أن يرفقوا بمن يقع في الخطأ ويقع في المنكر، خاصة الذي يقع فيه عن جهل ولم يجد من يذكره ويعلمه؛ فينبغي أن نحسن إليه، وأن نرفق به، وأن ندعوه بعملنا وسلوكنا ورحمتنا قبل أن ندعوه بقولنا وإنكارنا؛ فيرى في سلوكنا مما يشعره بصدق مقالتنا ودعوتنا، ويدعوه إلى أن يستجيب لما نرجوه ونطلبه منه.
الرابع: أن لا يسعى الإنسان إلى الحكم على الناس ويكون هذا همه. إن البعض من الناس يؤتى من غيرته وحرصه على حماية العقيدة فيتصور أنه بقدر ما يخرج الناس من العقيدة ومن دائرة أهل السنة والتوحيد يكون أكثر غيرة على عقيدة أهل السنة وأكثر حماية لها، ويتوهم بعض الناس أن الذين تطول قائمة من يجرحونهم ويخرجونهم من دائرة أهل السنة هم أكثر الناس غيرة على منهج أهل السنة، وأنهم أصدق الناس توحيداً، فهم أولئك الذين لم ينج منهم أحد، ولن يستطيع أحد أن يفلتهم.
إن المنتمي إلى هذه العقيدة العظيمة يعز عليه أن تخالف هذه العقيدة، ويدعوه حبه لهذه العقيدة وتمكنها في قلبه إلى أن يتجاوز مجاملة الخلق ومداهنتهم على حساب الخلل بها، لكن هذا أيضا لا يدعو الإنسان إلى أن يكون همه البحث عن أخطاء الناس والتفتيش عنها والتنقيب ويرى أن هذا من تمام الغيرة على العقيدة أليس النبي r يقول لأصحابه:"ما أحب أن يبلغني أحد عن أحد شيئاً"؟
والأمر لايقف عن أبواب السلوك؛ فحين قتل أسامة رضي الله عنه رجلاً قال لا إله إلا الله -والموقف يوحي ويشعر لكل من يقرأه أن هذا الرجل كما قال أسامة- هذا رجل يقتل المسلمين فما ترك أحداً إلا قتله، فحين أدركه أسامة – رضي الله عنه – ورفع عليه السيف قال: أشهد أن لا إله إلا الله. أي إنسان يسمع هذه القصة سيظن كما ظن أسامة – رضي الله عنه – أن هذا الرجل إنما قال هذه الكلمة فرارا من القتل، وإلا أين تصديقه بهذه الشهادة وأين إقراره بها قبل ذلك؟ ومع ذلك لما أنكر عليه النبي r قال أسامة إنما قالها فرارا من القتل قال له r :"أفلا شققت عن قلبه"؟
إن هذا الخطاب ليس لأسامة وحده رضي الله عنه، بل الخطاب للأمة أجمع، فما كلفنا بالتفتيش عن قلوب الناس.
هذا إنسان يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد r رسول الله، بل يقول لك أنا على عقيدة التوحيد، وأنا على هذا المنهج ومن أتباعه، وتقول له: لا إنك لست على ذلك، وتنكر عليه ادعائه وتذهب تفتش عما يقول وتبحث عن كلمة تحتمل تأويلا حتى تخرجه من هذه الدائرة‍‍‍‍‍‍‍‍‌! هل مقتضى الغيرة على عقيدة أهل السنة يقتضي منا هذا المسلك؟ أم يقتضي منا أن نأخذ الناس على ظاهرهم؛ فمن أظهر خيرا وصدقا ونصيحة واتباعا للسنة قبلنا منه وحسابه على الله عز وجل، ومن أظهر خلاف ذلك عاملناه بما يظهر منه.
أما أن يكون الأصل عندنا أن نشك في عقائد الناس حتى يثبت خلاف ذلك، فليس هذا من الغيرة على عقيدة أهل السنة، ولا على عقيدة التوحيد، وليس من النصرة لمنهجك أن تسعى إلى إخراج الناس منه، وإبعادهم عنه.
كيف نتعامل مع المخالف؟

لاشك أن الرحمة بالناس والخلق لا يمكن أن تدعونا إلى أن نتستر على الأخطاء والأمور الظاهرة، وقد شرع الله لنا التعامل مع ما يظهر من الناس ويبدو منهم، وسرائرهم إلى الله سبحانه وتعالى.
والمخالفون أصناف منهم :
المجتهد المخطئ:فقد يجتهد الإنسان ويبذل وسعه في تحري الحق والبحث عن الدليل ثم يقع في خطأ، فيتأول نصاً من كتاب الله أو سنة النبي r على خلاف تأويله، أو تبدو له شبهة أو عارض من العوارض فيصل إلى نتيجة خاطئة، فهذا قد قال عنه r : " إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد ".
والمجتهد الذي بذل وسعه معذور سواء في الأمور العملية أو الأمور الخبرية، وغالب هؤلاء إنما يقع خطؤه في أمور ليست معلومة من الدين بالضرورة. وقد يكون له من الخير والفضل والحسنات ما يمحو ذلك والماء إذا بلغ قلتين لن يحمل الخبث.
ومنهم الجاهل المعذور: الذي قلد من وثق في عمله وورعه ودينه أو وقع في أمر عن حسن نية.
ومنهم متعد ظالم ومبتدع آثم.
ومنهم منافق زنديق.
ومنهم مشرك ظالم.
فالمخالفون والمخطئون لنا ليسوا طائفة واحدة، وليسوا على درجة واحدة، ولا يجوز أن نحشرهم كلهم في واد واحد.
وقد تحدث أئمة أهل السنة حديثا طويلا مستفيضا عن الموقف من هؤلاء والتعامل معهم، كل على حسب منزلته فمنهم من يعذر ويحسن إليه، ومنهم من يغلظ عليه، ومنهم من يهجر، ومنهم من يؤدب ويعزر.
المقصود أيضا أن أهل السنة لا يبغون على المخالف كما قال شيخ الإسلام رحمه الله ويرفقون بمن خالفهم.
الرحمة للخلق لاتكون على حساب المنهج:

لقد سبق أن أهل السنة يعرفون الحق ويرحمون الخلق، وهذا يعني أن الرحمة بالخلق ليست على حساب المنهج، ولا تؤدي هذه الرحمة إلى المساومة عليه، وإلى الإغضاء عن الابتداع والضلال والخطأ.
ومواقف شيخ الإسلام العملية أيضا تؤيد هذا المعنى الذي قاله، منها مواقفه مع أعدائه الذين امتحن رحمه الله بسببهم وأدخل السجن وأوذي وصار له ما صار بسببهم، يقل ابن القيم رحمه الله جئت يوما مبشرا له بموت أكثر أعدائه وأشدهم عداوة وإيذاءً له؛ فنهرني وتنكر لي واسترجع ثم قام من فوره إلى بيت أهله فعزاهم ثم قال إني لكم مكانه ولا يكون لكم أمر تحتاجون فيه إلى مساعدة إلا وساعدتكم فيه، فسروا به ودعوا له.
ولما مرض مرض الوفاة رحمه الله دخل عليه أحد الذين عادوه وآذوه واعتذر له، فقال: إني قد عذرت وحللت كل أولئك الذين آذوني وخالفوني، ولهذا قال عنه خصومه وهو ابن مخلوف:ما رأينا مثل ابن تيميه .. قدر علينا وصفح عنا وحاج عنا.
والمقصود من ذلك كله أيها الأخوة الكرام أننا ينبغي أن نقتدي بإمام أهل السنة وفرطهم r في هذا الخلق العظيم وهو الرحمة، وأن نرى أنه من تمام انتسابنا إلى منهج أهل السنة أيضا أن ننظر إلى سلوكهم وهديهم وورعهم وسمتهم، وأن نقتفي أثرهم عليهم رحمة الله ورضوانه أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من نجاه الله سبحانه وتعالى فكان على مثل ما كان عليه r وأصحابه إنه سميع قريب مجيب وصلى الله على نبينا محمد.








 


قديم 2009-01-08, 16:48   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
نجوى حمدون
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
تقبل الله منا و منكم صالح الأعمال

لقد تم الانتهاء من موقع سيد البشرية

رسول اللهصلى الله عليه وسلم


أنشر الموقع للعالم


حتى تكون قد بلّغت.









استحلفك بأعظم محبوب لديك وهو الله
الرحمن الرحيم أن ترسل
هذه الرسالة لكل من عندك حتى لو
كنت انا منهم

اللهم يا عزيز
يا جبار اجعل قلوبنا تخشع من تقواك واجعل عيوننا تدمع من
خشياك واجعلنا يا رب من
أهل التقوى وأهل المغفرة
يا رب الذي يرسل هذا الدعاء اجعله مع حبيبك ورسولك










قديم 2009-01-08, 16:50   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
نجوى حمدون
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
تقبل الله منا و منكم صالح الأعمال

لقد تم الانتهاء من موقع سيد البشرية

رسول اللهصلى الله عليه وسلم





أنشر الموقع للعالم




حتى تكون قد بلّغت.




















استحلفك بأعظم محبوب لديك وهو الله

الرحمن الرحيم أن ترسل




هذه الرسالة لكل من عندك حتى لو

كنت انا منهم






اللهم يا عزيز

يا جبار اجعل قلوبنا تخشع من تقواك واجعل عيوننا تدمع من




خشياك واجعلنا يا رب من

أهل التقوى وأهل المغفرة









يا رب الذي يرسل هذا الدعاء اجعله مع حبيبك ورسولك









قديم 2009-01-08, 17:08   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
أبوعبد الباسط
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

موضوع جميل ومتكامل ونتمني منكم المزيد في هذا الباب من أجل استفادة عظمي واعم ولكم منا جزيل الشكر وجميل العرفان وجعل الله مثل هذه الاعمال في موازين حسناتكم .










 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 06:22

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc