كشف القناع بعد مرور قمة بغداد : المالكي النظام السوري لم يسقط ولن يسقط ولماذا يسقط ؟
حسمت حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالوقوف بقوة إلى جانب النظام السوري لسببين رئيسيين: الأول يتمثل بتنفيذ أوامر نظام طهران والتصدي للدور السعودي - القطري الداعم للشعب السوري, والثاني هو الخشية من سقوطها نتيجة تراجع الدور الإيراني بعد إطاحة نظام الحليف السوري.
ووسط ترويج مقربين منه أنه يسعى للعب دور أكبر وأهم من الدور القطري في قضايا المنطقة بشكل عام والملف السوري بشكل خاص, أطلق المالكي سلسلة مواقف, أمس, كشف من خلالها القناع عن وجهه معبراً عن موقفه الحقيقي المساند لنظام الأسد, بعدما كان "رمادياً" بعض الشيء بهدف تمرير استحقاق عقد القمة العربية في بغداد, من خلال لجوئه إلى فزاعة "القاعدة" لتبرير رفض تسليح "الجيش السوري الحر" للدفاع عن المدنيين.
وقال المالكي في مؤتمر صحافي في بغداد: ان "لغة استخدام القوة لإسقاط النظام (السوري) سوف لن تسقطه, قلناها سابقاً وقالوا شهرين فقلنا سنتين, ومرت سنة الآن والنظام لم يسقط ولن يسقط ولماذا يسقط".
واضاف "المشكلة ان النظام يتشدد ويقاوم, والمعارضة تتشدد وتقاوم, والسلاح موجود, ووظيفتنا نحن العرب هي اخماد نار الازمة لأن تطورها سينعكس علينا وعلى لبنان والاردن وفلسطين والمنطقة, وحتى الدول التي تتعامل مع هذه المسألة بلغة القوة".
وأعلن "رفض أي تسليح وعملية اسقاط النظام بالقوة, لأنها ستخلف ازمة تراكمية في المنطقة", معتبراً ان "الخطر في سورية ليس طبيعياً وليس كأي بلد آخر حصلت فيه ثورات بل يحتاج الى حلول من انواع أخرى".
وفي إشارة إلى السعودية وقطر من دون تسميتهما, قال المالكي "عجيب أمر هاتين الدولتين أن تدعوا الى التسليح بدل ان تعملا على اطفاء النار".
واضاف متوجهاً إليهما "ستسمعان صوتنا بأننا ضد التسليح وضد التدخل الخارجي, وان الدول التي تتدخل بشؤون دول أخرى ستتدخل بشؤون كل الدول".
بدوره, اعتبر رئيس كتلة "التحالف الوطني" الشيعي في البرلمان علي العلاق أن قطر متخوفة من الدور العراقي ولا يعجبها هذا الدور طالما بقي "التحالف الوطني" يقود الحكومة في العراق, متهماً الدوحة بمحاولة تغيير المعادلة السياسية في بلاده.
ويضم التحالف الوطني, القوى الشيعية الرئيسية وهي: كتلة المالكي وكتلة "المجلس الأعلى الاسلامي العراقي" بزعامة عمار الحكيم وكتلة "التيار الصدري".
واستبعد العلاق, في تصريحات إلى "السياسة" أن يؤثر الخلاف القطري - العراقي في اي ملف سياسي سلباً على علاقات بغداد مع بقية دول مجلس التعاون الخليجي, مؤكداً أن الحكومة العراقية حريصة جداً على علاقات جيدة مع دولة الكويت والمملكة العربية السعودية وجميع دول الخليج العربي.
من جهته, هاجم القيادي في "التيار الصدري" طلال السعدي قطر, متهماً إياها ب¯"صب الزيت على النار" في سورية.
وقال ل¯"السياسة" ان قطر تلعب دوراً أكبر من حجمها في المنطقة وعليها ان تقبل بوجود دور عراقي, مشدداً على ان بغداد تريد لعب دور قيادي في المنطقة ولكن ليس على حساب أدوار الآخرين ومن بينهم قطر.
وتسود قناعة لدى الأوساط السياسية في بغداد بأن الدور العراقي سيما في الملف السوري, برز بهدف مواجهة الدور الخليجي والدور القطري تحديداً, وأن بغداد ستتحرك لتشكيل جبهة عربية بهدف إضعاف وتحجيم الدور القطري, وذلك بتنسيق مع نظامي دمشق وطهران.
وحسب الأوساط, فإن بقاء "التحالف الوطني" الشيعي على رأس الحكومة سيسمح بأن يتوافق الدور العراقي مع مصالح النظامين في سورية وايران, من دون ان يكون هناك اي امل بتقارب ستراتيجي بين العراق ودول مجلس التعاون الخليجي.
وبحسب بعض التسريبات الموثوقة, فإن القيادة العراقية اتخذت قراراً بأن لا تترك الموضوع السوري لقطر والسعودية وتركيا لأن ذلك قد يعجل الإطاحة بنظام الأسد.
ويرى المقربون من المالكي ان سقوط نظام الأسد وقيام نظام حكم جديد في سورية قد يشكل خطراً على زعامة "التحالف الوطني" الشيعي للنظام في العراق.
وبهدف تعزيز وجهة نظره, يدعو "حزب الدعوة" الذي يتزعمه المالكي الحكومة العراقية بأن تروج بقوة لنظرية أن تنظيم "القاعدة" سيكون المستفيد الأكبر من أي تداعيات سياسية وأمنية في سورية, وذلك بهدف بلورة توافق سياسي بين العراق ودول مجلس التعاون, على اعتبار أن الإرهاب خطر على الجانبين.
في المقابل, أكد نائب رئيس الوزراء صالح المطلك ان بلاده لا تقبل ان يكون دورها في الملف السوري او في المنطقة "تصفية حسابات ايرانية مع دول الخليج العربي".
وقال ل¯"السياسة" ان "هناك تنسيقاً بين القيادة الايرانية والقيادة العراقية ليكون هناك دور عراقي أكبر في العالم العربي, وربما هناك تنسيق سوري - عراقي - ايراني بهذا الظرف, لأن الدور العراقي في القمة العربية بشأن الازمة السورية جاء لمصلحة النظام, رغم ان الحكومة العراقية وافقت على فقرة ادانة الجرائم في مدينة حمص من قبل قوات النظام السوري", معتبراً أن المواقف العراقية خلال القمة التي عقدت الخميس الماضي في بغداد كانت "مجرد خطاب لكسب مواقف الآخرين".
وأكد المطلك, الذي ينتمي إلى كتلة "العراقية" بزعامة اياد علاوي, ان الدور العراقي مختلف عن الدور القطري, مشيراً إلى أن واشنطن لعبت دوراً في ان يأتي العرب الى بغداد لحضور القمة بهدف بلورة تقارب بين العراق وبين محيطه العربي لإبعاد بغداد عن طهران.
وشدد على ان اي دور عراقي فعال في المنطقة يجب ان ينبع من مصالحه وحساباته الستراتيجية, لا من تأثير أو نفوذ دول أخرى, في اشارة الى ايران, لكنه شكك بقدرة الحكومة العراقية الحالية على لعب دور مؤثر اقليمياً في ظل الانقسامات والخلافات في الداخل.