جميعا ضد مسودة بوخطة
في زمن العمل الجماعي المؤسسي، تطلعنا وزارتنا على مشاريع تبدو فردية أحادية ، فهذه المسودة الثالثة لتعديل القانون الخاص تحمل سمة الشخص الواحد ... والتي ستجعل منها - بالتأكيد - محل معارضة شديدة، بل ورفض مطلق؛ إذ كيف يمكن لشخص واحد مهما كان أن يبت في مصير الآلاف من المواطنين ؟ ثم كيف يمكن لهذا الشخص الواحد أن ينصف موظفي التعليم الابتدائي، وهو لا يعرف عن هذه المرحلة شيئا، بل ويقيسها بطول التلاميذ؟!
مسودة بوخطة احتقرت التعليم الابتدائي من حيث إنها:
1 - جعلت للشهادة في التعليم الابتدائي قيمة أدنى من مثيلتها في المرحلتين الأخريين؛ الشهادة نفسها من مؤسسة دستورية، غير أنها ليست كافية لتحقيق المساواة في قطاعنا؟؟.
2- ضربت عرض الحائط الجهد المبذول من الموظف، فمعلم التعليم الابتدائي الذي يحمل شهادة الليسانس أو مهندس دولة ويعمل 30 ساعة في الأسبوع يصنف أدنى من زميله في مرحلة أخرى يعمل 22 ساعة أو 18 ساعة حتى وإن لم يكن بحوزته شهادة!
3- نصت على أن منصب ''الأستاذ المكون '' في الابتدائي يفتح للحاصلين على شهادة ماستر أو مهندس دولة في التخصص ...فأي تخصص يقصد هنا؟ مهندس دولة في اللغة العربية أو في اللغة الفرنسية ؟!.
4- جعلت قدر المواطن الذي يلتحق بالتعليم الابتدائي لعنة ... إذ إنه لن يتجاوز السلم 14 مهما فعل... وإن تحصل على أعلى الشهادات أو حاز كل الخبرات ..
5- فرقت بين موظفي سلك التفتيش والمراقبة في مختلف الأطوار، على أساس معيار وحيد وهو ''طول التلميذ في كل مرحلة ''! فصنفت مفتش التعليم الابتدائي في الصنف 14 بفارق درجتين كاملتين عن زميله في المتوسط وثلاث درجات عنه في الثانوي ! رغم أنهم يقومون بنفس المهام وفق هذه المسودة، وتتعدى مهام مفتش التعليم الابتدائي مهام المفتش في الطورين الآخرين حاليا ( منذ أن وجد السلك إلى يومنا هذا )، ورغم حيازة الجميع على الشهادة نفسها، وتفوق مفتش التعليم الابتدائي بالشهادة في حالات كثيرة، هذا إضافة إلى خصوصية التكوين الذي تلقاه مفتش التعليم الابتدائي وتحصل بموجبه على الشهادة المهنية ( شهادة التكوين المتخصص) .
6- جعلت رتبة مفتش التعليم الابتدائي انحدارا بعدما كانت طموحا لكل المعلمين، بمن فيهم أساتذة التعليم الثانوي.
7- أوجدت ضمن هذه الرتبة فئة أخرى ( مفتش الإدارة للتعليم الابتدائي ) بمقاييس ومهام غريبة ومتداخلة ، لم تعر اعتبارا لخصوصية المرحلة الابتدائية ومتطلباتها وشروطها، وعلى رأسها الوحدة العضوية بين المناهج وبين ماهو تربوي وإداري .
8- لم تثمن جهد مفتش الابتدائي في قيامه بمهام أخرى زيادة على مهامه على مدى مرحلة زمنية لم تحدد ويفترض أنها مؤقتة ( حسب القانون التوجيهي للتربية )، فهو مشرف على أنواع من التعليم المتخصص وتعليم الكبار والتربية التحضيرية، بحثا وتكوينا ومراقبة للمعلمين والمؤطرين والمربين والذين يفترض أن يتخرجوا من معاهد متخصصة.
9- لم تثمن مرحلة التعليم الابتدائي من حيث إنها المرحلة القاعدية للتعليم وفيها يصنع ملمح طالب العلم القادر على مواصلة مشواره ليكون رجل المستقبل والمواطن الصالح النافع لبلده .
وخلاصة لذلك نقول: إن هذه المسودة ظالمة في حق التعليم الابتدائي بمختلف رتبه .
ونطالب المسؤولين برفضها، وإعادة تشكيل لجنة لتحضير مشروع آخر يكون منصفا ومتسما بالمشروعية والواقعية، ولن يكون كذلك إلا إذا انبثق من عمل جماعي واع وحقيقي ضمن لجنة تحوي تشكيلتها خبراء لهم دراية كافية بالتعليم الابتدائي .