القصيدة الحائية

[عماد المحب]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوتي جزاكم الله خيرا اريد كتابا شارحا لهته القصيدة اودرس مسموع من احد المشايخ الثقات بارك الله فيكم
واعتقد ان هته الابيات ليست كاملة
تمسك بحبلِ الله وأتبعِ الهُدى = ولا تكُ بدعيا لعلك تُفلحُ

ودنْ بكتابِ الله والسننِ التي = أتت عنْ رسول الله تنجو وتربحُ
وقل غيرُ مخلوقٍ كلام مليكنا = بذلك دان الـأتقياء , وأفصحوا
ولا تكُ في القرآن بالوقف قائلاً = كما قال أتْباعٌ لجمٍ وأسححُوا
ولا تقل القرآن حلْقٌ قرأْتُهُ = فإن كلام اللهِ باللفظ يُوضحُ
وقل يتجلى الله للخلقِ جهرةً = كما البدر لا يخفى وربك أوضحُ
وليس بمولدٍ وليس بوالدٍ = وليس له شِبْهٌ تعالى المُسبحُ
وقد يُنكِر الجهمي هذا عندنا = بمصداقِ ما قلنا حديثٌ مصرحُ
رواه جريرٌ عن مقالِ مُحمدٍ = فقلُ مِثل ما قد قال ذاك تنْجحُ
وقد ينكرُ الجهمي أيضاً يمينهُ = وكِلتا يديه بالفواضلِ تنْفحُ
وقل ينزلُ الجبارُ في كلِّ ليلةٍ = بلا كيفَ جلَّ الواحدُ المُتمَدحُ
إلى طبقِ الدنيا يمُنُّ بفضلهِ = فتفرجُ أبواب السماءِ وتُفتحُ
يقولُ أَلا مُستغفرٌ يَلقَ غافراً = ومُستمنحٌ خيراً ورِزْقاً فُمنحُ
روى ذاك قومٌ لا يردُّ حديثُهم = ألا خابَ قومٌ كذبوهم وقُبِّحوا
وقل: إنَّ خير النَّاسِ بعد محمَّدٍ = وزيراهُ قدَماً ثم عثمانُ الارجَحُ
ورابعهُمْ خيرُ البريَّة بعدهُم = عليٌّ حليفُ الخيرِ بالخيرِ مُنْجِحُ
ورابعهُمْ خيرُ البريَّة بعدهُم = عليٌّ حليفُ الخيرِ بالخيرِ مُنْجِحُ
وإنَّهم للرَّهطُ لا ريبَ فيهمُ = على نُجبِ الفردوسِ بالنُّور تَسرحُ
سعيدٌ وسعدٌ وابن عوفٍ وطلحةُ = وعامرُ فهرٍ والزبيرُ الممدَّح
وقل خير قولٍ في الصحابة كلِّهم = ولا تك طعَّاناً تعيبُ وتجرحُ
فقد نطقَ الوحيُ المبين بفضلِهم = وفي الفتح آيٌ للصَّحابةِ تمدحُ
وبالقدرِ المقدورِ أيقِن فإنَّه = دعامةُ عقدِ الدِّين ، والدِّينُ أفيحُ
ولا تُنكِرَنْ جهلاً نكيراً ومُنكراً = ولا الحوْضَ والِميزانَ انك تُنصحُ
وقُلْ يُخرجُ اللهُ الْعظيمُ بِفَضلِهِ = مِنَ النارِ أجْساداً مِنَ الفَحْمِ تُطرحُ

عَلى النهرِ في الفِرْدوسِ تَحْيَا بِمَائِهِ = كَحِبِّ حَمِيلِ السَّيْلِ إذْ جَاءَ يَطْفَحُ
وإن رَسُولَ اللهِ للخَلْقِ شَافِعٌ = وقُلْ في عَذابِ القَبْرِ حَقّ موَُضحُ
ولاَ تُكْفِرنْ أَهلَ الصلاةِ وإِنْ عَصَوْا = فَكُلهُمُ يَعْصِي وذُو العَرشِ يَصفَحُ
ولَا تَعتقِدْ رأيَ الْخَوَارجِ إِنهُ = مقَالٌ لَمنْ يَهواهُ يُردي ويَفْضَحُ
ولا تكُ مُرْجيًّا لَعُوبا بدينهِ = ألاَ إِنمَا المُرْجِي بِالدينِ يَمْزحُ
وقلْ : إنمَا الإِيمانُ : قولٌ ونِيةٌ = وفعلٌ عَلَى قولِ النبِي مُصَرحُ
ويَنْقُصُ طوراً بالمَعَاصِي وتَارةً = بِطَاعَتِهِ يَمْنَي وفي الوَزْنِ يَرْجَحُ
ودعْ عَنْكَ آراءَ الرجالِ وقَوْلَهُمْ = فقولُ رسولِ اللهِ أزكَى وأَشْرحُ
ولا تَكُ مِن قوْمٍ تلهوْا بدينِهِمْ = فَتَطْعَنَ في أهلِ الحَديثِ وتقدحُ
إِذَا مَا اعْتقدْت الدهْرَ يا صَاحِ هذهِ = فأَنْت عَلَى خَيْرٍ تبيتُ وتُصْبِحُ

[عماد المحب]

قصيدة تفيدنا في العقيدة ان شاء الله ارجو التفاعل

[عبد الله 31]

الحمد لله رب العالمين , والعاقبة للمتقين , والصلاة والسلام على إمام المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد .. فهذا متن للقصيدة السنية والمنظومة البهية المشهورة بـ ( الحائية ) لناظمها الإمام المحقق والحافظ المتقن شيخ بغداد أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني ابن صاحب السنن الإمام المعروف رحمهما الله .
وهي منظومة شائعة الذكر , رفيعة الشأن , عذبة الألفاظ , سهلة الحفظ , لها مكانة عالية ومنزلة رفيعة عند أهل العلم في قديم الزمان وحديثه , تواتر نقلها عن ابن أبي داود رحمه الله فقد رواها عنه غير واحد من أهل العلك كالآجري , وابن بطة , وابن شاهين وغيرهم , وثلاثتهم من تلاميذ الناظم , وتنازلها غير واحد من أهل العلم بالشرح .
قال الذهبي رحمه الله منوهاً بهذه المنظومة مبيناً لأهميتها ( هذه القصيدة متواترة عن ناظمها رواها الآجري وصنف لها شرحاً , وأبو عبدالله ابن بطة في الإبانة, ومِمن شرحها ابن البناء ), وشروحاتهم لا أعلم لها وجوداً , وممن شرحها أيضا الإمام السفاريني وشرحه لها مطبوع في مجلدين بعنوان ( لوائح الأنوار السنية ولواقح الأفكار السُّنية شرح قصيدة ابن أبي داود الحائية في عقيدة أهل الآثار السلفية )
*ترجمة موجزة للناظم ابن أبي داود
*اسمه ونسبه وكنيته : هو الإمام العلامة الحافظ شيخ بغداد , عبدالله بن الإمام أبي داود سليمان ابن الأشعث , أبوبكر السجستاني .
*ولادته : ولد الإمام أبوبكر بن أبي داود بسجستان في سنة ثلاثين ومائتين (230هـ )
*نشأته وطلبه للعلم : سافر به أبوه وهو صغيرٌ من سجستان يطوف به شرقاً وغرباً بخراسان وأصبهان وبغداد والكوفة ومكة والمدينة والشام ومصر وغيرها يسمع ويكتب , واستوطن بغداد وكان أول شيخٍ سمع منه محمد بن اسلم الطوسي , وسُر أبوه بذلك , لجلالة محمد بن اسلم .
وكان ذا همة عليه منذ صغره في التحصيل والطلب , ومن دلائل هذه الهمة قوله رحمه الله ( دخلت الكوفة ومعي درهم واحد , فأخذت به ثلاثين مد باقلا , فكنت آكل منه , وأكتب عن أبي سعيد الأشج , فما فرغ الباقلا حتى كتبت عنه ثلاثين ألف حديث ما بين مقطع ومرسل
وكان حافظا متقنا قال رحمه الله ( حدثت من حفظي في أصبهان بستة وثلاثين ألف حديث , ألزموني فيها سبعة أحاديث فلما انصرفت وجدت في كتابي خمسة منها على ما كتبت حدثتهم به )
ويقول تلميذه أبو حفص ابن شاهين مبيناً قوة حفظه ( أملى علينا بن أبي داود سنتين وما رأيت بيده كتاباً , إنما كان يملي حفظاً فكان يقعد على المنبر بعدما كبر ويقعد دونه بدرجة ابنه أبو معمر بيده كتاب فيقول حديث كذا فيسرده من حفظه حتى يأتي على المجلس )
*بعض شيوخه : روى عن أبيه , وأحمد بن صالح , ومحمد بن بشار , وعمرو بن عثمان الحمصي , وإسحاق الكوسج , وعمرو بن علي الفلاس , ومحمد بن يحيي الذهلي .
*بعض تلاميذه : حدث عنه خلق كثيرون منهم ابن حبان صاحب الصحيح , وأبوالحسن الدارقطني , وأبوحفص بن شاهين و أبومحمد أحمد الحاكم , وابن بطة , ومحمد بن عم زنبور الوراق , وأبومسلم محمد بن أحمد الكاتب , ونصف بن علي الوزير , وأبوالقاسم بن حبابة .
*مكانته العلمية وثناء العلماء عليه : قال الحافظ أبومحمد الخلال ( كان ابن أبي داود إمام أهل العراق ومن نصب له السلطان المنبر , وقد كان في وقته بالعراق أسند منه , ولم يبلغوا في الآلة والإتقان ما بلغ هو ).
وقال الخطيب البغدادي ( كان فقيهاً عالماً حافظاً ) .
وقال ابن خلكان ( كان أبوبكر ابن لأبي داود من أكابر الحفاظ ببغداد , عالماً متفقهاً عليه إماما )
وقال الذهبي ( وكان من بحور العلم بحيث إن بعضهم فضله على أبيه ) .
وقال أيضا ( كان أبوبكر من الحافظ المبرزين ما هو بدون أبيه , صنف التصانيف وانتهت إليه رئاسة الحنابة ببغداد ) .
وقال أيضا ( والرجل من كبار علماء المسلمين ومن أوثق الحفاظ ).
*عقيدته : كان رحمه على عقيدة السلف أصحاب الحديث , وليس أدل على ذلك من منظومته الحائية هذه , فإنه قرر فيها – على وجازتها – مجمل الاعتقاد على طريقة أهل السنة والجماعة .
وقد ثبت عنه أنه قال عقب هذه المنظومة ( هذا قولي , وقول أبي , وقل شيوخنا , وقل العلماء ممن لم نرهم كما بلغنا عنهم , فمن قال علي غير ذلك فقد كذب )
وهي منظومة عظيمة في تقرير المعتقد الحق الذي كان عليه أهل السنة والجماعة تدل على مكانة ناظمها وسعة باعه , وحسن معتقده وطيب نصحه .
وعلى كلٍّ فإمامة ناظمها ومكانته معروفة بين أهل العلم , فهو من أئمة السلف , وأوعية السنة , وحافظ الحديث , ودعاة الحق والهدى , متفقٌ على إمامته وفضله رحمه الله وغفر له ولجميع أئمة المسلمين .
*مؤلفاته : وصفه الذهبي بأنه صاحب التصانيف , فمن جملة تلك التصانيف : السنن , والبعث , والمصاحف , وشرعة المقارئ , والناسخ والمنسوخ .
*وفاته : توفي رحمه الله ببغداد في شهر ذي الحجة سنة ست عشرة وثلاثمائة 316هـ , عن سبعة وثمانين عاماً , وقيل صلى عليه زهاء ثلاثمائة ألف إنسان وأكثر , وخلف ثلاثة بنين : عبدالأعلى , ومحمداً وأبا معمر عبيد الله , خمس بنات .

[عبد الله 31]

شرح قصيدة الحائية


شرح حائية أبى داود
للمبتدئين فى دراسة علم العقيدة
شرف بجمعه
محمود عبد الله طراد المصرى السلفى

السلام عليكم ورحمة الله
فهذا شرح مختصر لأبيات القصيدة الحائية لشيخنا أبى بكر بن أبى داود السجستانى صاحب السنن رحمه الله تعالى
ونروى هذا بالسند المتصل من شيخنا أبى الحجاج آل علاوى إلى الإمام أبى بكر بن أبى داود رحمه الله تعالى ورضى عنه
القصيدة عرضت لأهم ركائز عقيدة أهل السنة والجماعة وهى للمبتدئين فى علم العقيدة ميسرة للجميع إن شاء الله تعالى رزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح


يقول الناظم رحمه الله

تمسك بحبل الله واتبع الهدى ولا تك بدعياً لعلك تفلح

يبدأ الناظم بنصيحة لكل منتسب إلى أهل السنة والجماعة ، داعياً إياه إلى التمسك بحبل الله الذى هو الإسلام أو القرآن ، فحبل الله المتين هو القرآن والإسلام ، وجاء بكلمة " تمسك هنا ليناسب وجود كلمة الحبل " قال الله تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا "
فالتمسك بالقرآن يعصم الإنسان من الضلال والفرقة والزيغ والاعتصام سمة السلف ولذا جاء الإمام الشاطبى رحمه الله تعالى بكتابه القامع للبدعة والمبتدعة تحت عنوان : الاعتصام " ليرد الناس به إلى القرآن ".
قال الله تعالى فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول "
واتبع الهدى ......
نصيحة أخرى وأمر آخر ، اتبع أى التزم تطبيق الهدى ، والهدى هو ما أرسل الله به نبيه عليه السلام قال تعالى " هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق "
وقال " قال إن الهدى هدى الله " و " قل إن هدى الله هو الهدى " إذ على المرء أن بتبع ما جاء به الرسول ، عليه السلام إذ إنه عليه الصلاة والسلام لم يكتم شيئا من الوحى .
جاء فى تفسير الطبرى :
القول في تأويلقوله تعالى : هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون
يقول تعالى ذكره : الله الذي أرسل رسولهمحمدابالهدى ودين الحق، يعني ببيان الحق ودين الحق . يعني : وبدين الله ، وهو الإسلام
والإنسان إما أن يكون متبعا للهدى الذى جاء به النبى عليه السلام وإما ان يكونه متبعاً لهواه قال تعالى فإن لم يستجيبوا لك فاعلم انما يتبعون أهواءهم " فالأول متبع والآخر مبتدع ولذا قال :
ولا تك بدعياً لعلك تفلح .
فلا تكن من أهل البدعة ، والبدعة هى إحداث أمر فى الدين لم يكن من سنة النبى أو صحبه رضوان الله عليهم .
فهى كما عرفها الشاطبى طريقة فى الدين مخترعة تضاهى الشريعة قصد بالسلوك عليها المبالغة فى التعبد لله تعالى " ولا تك بدعياً ، مخترعاً لعبادات لم تكن من سنة النبى لأن متبع السنة يسمى سنياً والآخر يسمى بدعياً او مبتدعاً .
وكلمة لعلك : ليست على سبيل الشك ، فلقد خاب وخسر من عبد الله على حرف ، ولكن يعبد العبد ربه تعالى وهو واثق من أمره ، من عبادته ، من أنه يراه وسيحاسبه على اتباعه السنة أو تركه لها
فلعل فى البيت على سبيل الرجاء وقد وردت هكذا فى القرآن الكريم .
ودن بكتاب الله والسنن التى أتت عن رسول الله تنجو وتفلح
نصيحة أخرى للسنى ، تعبّد بكتاب الله تعبّد والتزم وتذلل موافقاً فى عبادته هذه كتب الله تعالى ، ولا يكون ذلك إلا بعدج الإيمان بأنه أى القرآن أحد كتب الله تعالى التى أرسلها إلى رسله " قال تعالى " نزل عليك الكتاب بالحق " وقال عليه السلاتم ألا إنى أوتيت القرآن ومثله معه " وأوتيه أى أوحى الله به إليه ونحن ندين لله بهذا ، فليس هو ( القرآن) بأساطير ولا من كلام النبى عليه الصلاة والسلام .
فإذا سأل إنسان هل جاء جبريل عليه السلام بالقرآن من الله أم من اللوح المحفوظ قلنا من الله تعالى بدليل قوله تعالى " قل نزله روح القدس من ربك بالحق " فقال " من ربك " لا من اللوح المحفوظ .
قال الناظم :
ودن بكتاب الله والسنن التى أتت عن رسول الله .
أى لا تكن قرآنياً تأخذ بالقرآن وحده بل كن آخذا بالقرآن والسنة فبهما جاء الوحى وبها ألزمنا الله تعالى معاً ( فردوه إلى الله والرسول ) أى إلى الكتاب والسنة .
قال تعالى " وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة ) أى القرآن والسنة . وقال عليه السلام " تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبداً كتاب الله وسنتى " .
تنجو وتربح ... تنجو من الهلاك وتربح الحسنات والدرجات باتباعك لهما .

قال الناظم
وقل غير مخلوق كلام مليكنا بذلك دان الأتقاء وأفصحوا
يعنى القرآن ، فأهل السنة يؤمنون بأنه غير مخلوق خلافاً للجهمية والمعتزلة الذين يقولون أنه مخلوق ، وكل هذا مبنى على تأصيلهم الباطل للأسماء والصفات إذ يقولون أنه لو قلنا أن القرآن غير مخلوق لقنا أنه قديم وهذا يعنى تعدد القدماء وتعدد القدماء معناه تعدد الآلهة .
قلنا ( أهل السنة ) أنه لايلزم من هذا تعدد الآلهة فالله له قدرة وله غرادة فلا يلزم من هذا أنه القدرة إله وأن المشيئة إله .
بل كلام الله تعالى منزل غير مخلوق وهو قديم فى أصله حادث فى آحاده فالله تعالى لم يزل يكلم من شاء بما شاء لكن الكلام جنس كلام الله تعالى فى أصله قديم .
بذلك دان الأتقياء من الصحابة والتابعين ، فلقد كان هذا معتقدهم أما القول بخلق القرآن فلم يكن إلا بعد ظهور الجهمبة والمعتزلة فهو متأخر عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وعليك أن تجهر بهذا المذهب الحق فسلفك الصلح كما قال الناظم أفصحوا بذلك

مذهب الواقفة
ولا تك فى القرآن بالوقف قائلاً كما قال أتباع لجهم وأسجحوا
لما حدث ذلك الخلاف وظهرت بدعة القول بخلق القآن من اتباع جهم قال جماعة كلام الله هو كلام الله مخلوق أو غير مخلوق لا يعنينا ونحن نتوقف فى هذا الكلام .
فقال عنهم الإمام أحمد " هم أشر وأخبث من الجهمية " لأن الجهمية منهجهم ظاهر واضح أما اولئك فمهجهم غير صريح .
فلا تك فى القرآن بالوقف .. أى بقول الواقفة تقول ، والواقفة هم ايضا من أتباع جهم كما قال الناظم
كما قال أتباع لجهم وأسجحوا : أى جادا بذلك وتكرموا ... والمراد كان هذا ما قدموه من معتقد والله أعلم.
بل كن بما قاله أهل السنة واضحاً متيقنا أنه الحق .
ولا تقل القرآن خلقت قراءته ....
لا تقل إن القرآن حال قرائتى له مخلوق ، فالقرآن كما تقدم ليس بمخلوق بل هو منزل ، أم إن كنت تقد أن حركاتك بالحروف وأنفساك عند قراءة القرآن مخلوقه فهذا جائز من وجه لكن لا تقل القرآن مخلوق حال قراءتى له .
فإن كلام الله باللفظ يوضح .. ألفاظك مجرد موضحة ومظهرة لهذا القرآن المنزل الغير مخلوق .
والكل يعرف تلك المحنة التى عانى منها إمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد بن حنبل ، فى عهد المأمون لما أراد أن يحمل الناس على القول بما قاله المعتزلة من خلق القرآن . رحم الله الإمام

وقل يتجلى الله للخلق جهرة كما البدر لا يخفى وربك أوضح

رؤية الله تعالى يوم القيامة حق يعتقده أهل السنة لأنه قد وردت أدلة بذلك كثيرة فى كتاب الله تعالى :
" للذين أحسنوا الحسنى وزيادة " والزيادة هنا هى رؤية الله العظيم جل وعلا
وقال سبحانه " وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظره "
والناظم يعرض لهذا القول والمعتقد .
قل أيها المنتسب لأهل السنة أن الله تعالى سيتجلى للخلق أى سيظهر للخلق بنور وإشراق كما نرى نحن القمر فى تمامه ليلة الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر إذ نسميه بدراً فى هذه الأيام .
ولقد جاء ذلك فى الحديث الشريف قال النبى عليه الصلاة والسلم " إنكم سترون ربكم كرؤيتكم هذا القمر " .
أما غير أهل السنة فلا يقولون بالرؤية .
ويستدلون على ذلك بقوله تعالى " لا تدركه الأبصار " ولكن الآية ليست معهم بل عليهم لأن الآية تنفى الإدراك والإحاطة ولا تنفى مجرد الرؤية .
والآية المتقدمة دليل على ذلك .

وقد ينكر الجهمى هذا وعندنا بمصداق ما قلنا حديث مصرح
الجهم راس الجهمية ينكر القول بالرؤية ، لكن عندنا حديث يصدق ما قلناه وهو :
رواه جرير عن مقال محمد فقل مثل الذى قد قال فى ذاك تنجح
روى الحديث جرير بن عبد الله البجلى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهو الحديث المتقدم " إنكم ستورن ربكم " .

وليس بمولود وليس بوالد وليس له شبه تعالى المسبح
" قل هو الله أحد الله الصمد لم يلدولم يولدولم يكن له كفواً أحد "
المولود كان معدوماً ثم خلق والله ليس كذلك
والوالد تعتريه حالات النقص وليس الله كذلك ، وليس له شبه ولا كفؤ سبحانه ، ليس كمثله شىء وهو السميع البصير "

وقد ينكر الجهمى أيضاً يمينه وكلتا يديه بالفواضل تنفح
مسألة : هل لله يد ؟
اهل السنة والجماعة : نعم له تعالى يد أثبتها القرآن وأثبتتها السنة وأنكرها الجهمة والمتأولة كالأشاعرة .
يقول اليد بمعنى القدرى
قد فى كلام الناظم تفيد التحقيق يعنى هو ينكرها ، وإن كان القرآن قد جاء بما يصرح بذلك
فقال تعالى حكاية عن اليهود " وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان " فأنكر عليم الصفة التى ألحقوها باليد ولم ينكر عليهم القول باليد .
وقال تعالى : " ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدىّ ) وفى الآية يظهر الله تعالى ان آدم متقدم على إبليس بأن الله خلقه بيده ، فلو كانت اليد تعنى القدرة فأين إذن التقدم الذى كان لآدم على إبليس ، وكان من الممكن أن يقول إبليس " وأنا أيضاً خلقتنى بقدرتك ( يدك ) .
والنبى صلى الله عليه وسلم أثبت اليد فى السنة :
عنبن مسعود رضى الله تعالى عنه قال :جاء حبر الى رسول الله صلى الله عليهوسلم فقال :يا محمد أو يا أبا القاسم إن الله تعالى يمسك السموات يومالقيامة على إصبع والأرضين على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر الخلقعلى إصبع ثم يهزهن فيقول :أنا الملك فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلمتعجبا مما قال الحبر تصديقا له ثم قرأ: (وما قدروا الله حق قدره والأرضجميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ) رواه البخارى ومسلم
وهنا سؤال :هل يدا الله تعالى يمين وشمال ؟
الجواب : اختلف أهل السنه هل يدا الله يمين وشمال أم أن كلتا يديه يمين
فقال فريق أن الروايات التى بها لفظ الشمال روايات شاذة
وقال آخرون أن لله شمالا ولكنها لا تشبه شمال المخلوقين التى تكون دائما عاجزة قاصرة
فإن الشمال كاليمين تماماّ بتمام
وهذان الرأيان عن أهل السنه لأن أهل البدع أنكروا أن لله يدا أصلا
ولذا قال الناظم وكلتا يديه بالفواضل تنفح .
سؤال آخر
كيفنجمع بين قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((المقسطون على منابر من نور علىيمين الرحمن وكلتا يديه يمين)) وبين قوله، صلى الله عليه وسلم، ((ثم يطويالأرضين السبع ثم يأخذهن بشماله))؟
أجاب على هذا السؤال الشيخ ابن عثيمين فقال ..
فأجاب بقوله: كلمة " بشماله " اختلف فيها الرواة: فمنهم من أثبتها، ومنهم من أنكرها وقال لاتصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصل هذه التخطئة هو ما ثبت في صحيحمسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " المقسطون على منابر من نور علىيمين الرحمن وكلتا يديه يمين " . وهذا يقتضي أنه ليس هناك يد يمين ويدشمال.
ولكن قد روى مسلم في صحيحه إثبات الشمال لله تعالى فإذا كانتمحفوظة فهي عندي لا تنافي " كلتا يديه يمين " لأن المعنى أن اليد الأخرىليست كيد الشمال بالنسبة للمخلوق ناقصة عن اليد اليمنى ، فقال : " كلتايديه يمين " أي ليس فيهما نقص. فلما كان الوهم ربما يذهب إلى أن إثباتالشمال يعني النقص في هذه اليد دون الأخرى قال : " كلتا يديه يمين" ويؤيدهقوله: " المقسطون على منابر من نور على يمين الرحمن" فإن المقصود بيانفضلهم ومرتبتهم وأنهم على يمين الرحمن سبحانه.
وعلى كل فإن يديه سبحانهاثنتان بلا شك، وكل واحدة غير الأخرى وإذا وصفنا اليد الأخرى بالشمال فليسالمراد أنها أنقص من اليد اليمنى بل كلتا يديه يمين.
والواجب علينا أن نقول: إن ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤمن بها، وإن لم تثبت فنقول : كلتا يديه يمين.
نقول : ولا يناقض كل من الحديثين الآخر والله أعلم
قال الناظم وقل ينزل الرحمن فى كل ليلة بلا يف جل الواحد المتمدح
مما يؤمن به أهل السنة نزول الله تعالى نزولاً يليق بذاته كل ليلة إلى السماء الدنيا ينادى هل من مستغفر فأغفر له ... الحديث .
لكن المؤولة والمعطلة نفوا تلك الصفة بحجة التنزيه والصفة ثابتة لا يمكن إنكارها بحال :
يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ "
و الحديث حديث صحيح ثابت في أصح كتابين بعد كتاب الله؛ فقدأخرجه البخاري في صحيحه (1145) ومسلم (1261) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ومن المؤلة من يقول إن النزول هها ليس على حقيقته ومن ذلك يصرفون كل الآيات التى تفيد مجىء ونزول الله تعالى مثل وجاء ربك والملك " يقولون المعنى وجاء ربك .
نقول : وهل من المعقول أن الملك هو الذى ينزل إلى السماء الدنيا ليقول هل من مستغفر فأغفر له ؟
بالتأكيد ليس من المعقول ذلك قيجب الإيمان بموا وصف الله به نفسه مع الاحتراز بقوله " ليس كمثله شىء " وإلا فمن نفى الصفة مخافة التشبيه أو أولها فلينفص كل الصفات ومنها صفة الوجود .
قال الناظم بلا كيف :
والمعنى بلا كيفية معلومة لنا لكن هناك كيفية ، فالنفى هنا لا نفى الكيفية وإنما نفى العلم بها ، جل الواحدج المتمدح ، تنزه عن النقائص سبحانه وبحمده .
روى ذاك قوم لا يرد حديثهم ألا خاب من كذبوهم وقبحوا
الحديث السابق صحيح لا يرد ، لأن رواته ثقات ، خاب وخسر من كذبهم ، لتركه الدليل واتباعه الهوى .
قال الناظم :
وقل خير إن خير الناس بعد محمد وزيراه قدما ثم عثمان الارجح
المعنى إن خير الناس فى الأمة بعد رسول الله تعالى وزيراه وهما أبو بكر وعمر ، وقد نطقت كثير من الآيات بفضلهما وتقدمهما فى الخير ،وكذلك الأحاديث ولقد كان مذهب الناس فى حياة النبى عليه الصلاة والسلام هو تقديم أبى بكر وعمر ، ثم الخلاف بعد ذلك فى تقديم على أم عثمان بعدهما ، فقوم قدموا علياً وقوم قدموا عثمان وقوم سكتوا . قاله شيخ الإسلام رحمه الله
وقد روى البخاري ومسلم من حديث عمرو بن العاص ـ رضي الله تعالى عنه ـ: "أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة. فقلت: من الرجال؟ قال: أبوها، فقلت: ثم من؟ فقال عمر بن الخطاب"
وليسا أفضل هذه الأمة فحسب بل هما أفضل الناس بعد النبيين والمرسلين كما في الحديث: "أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين .
وثبت في صحيح البخاري عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال: "كنا زمن النبي لا نعدل بأبي بكر أحداً، ثم عمر ثم عثمان، ثم نترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم
رابعهم خير البرية بعدهم على حليف الخير بالخير منجح
الرابع بعد الثلاة المتقدمين هو على رضى الله عنه وأرضاه ، فهو حليف الخير أى ملازم له دائما ، بالخير منجح ، من النجاح وهو نيل المطلوب .
قال الناظم :
وإنهم للرهط لا ريب فيهم على نجب الفردوس بالنور تسرح)
الرهط ، او و الرهط لا ريب فى فضلهم وكانتهم لما نطق به القرآن عنهم ، فهم على نجب الفردوس والنجب هى الرواحل ، الثوية تسرح بهم حيث شاؤا جزاء ما قدمزا وعملوا .
والرهط فى الأصل ما دون العشرة وقيل ما بين العشرة إلى الثلاثين .
وروى الترمذي عن سليمان بن بريدة بن الحصيب عن أبيه أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هل في الجنة من خيل؟ قال: "إن
ص -60- أدخلك الله الجنة فلا تشاء أن تحمل فيها على فرس من ياقوتة حمراء يطير بك في الجنة حيث شئت إلا فعلت"، قال: وسأله رجل فقال: يا رسول الله هل في الجنة من إبل؟ قال: فلم يقل له مثل ما قال لصاحبه، قال: "إن يدخلك الله الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك"1 وسنده ضعيف، لكنه جاء من طريق أخرى مرسلاً بسند صحيح، وله شاهد من حديث بريدة رضي الله عنه فيرتقي بذلك إلى درجة الحسن، كما في السلسلة الصحيحة للألباني رحمه الله (برقم 3001).

ثم أكمل سرد أولئك الرهط فقال :
سعيد وسعد وابن عوف وطلحة وعامر فهر والزبير الممدح
(سعيد) هو ابن زيد بن عمرو بن نفيل، ابن عم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله تعالى عنهما ـ، (وسعد) هو ابن أبي وقاص، (وابن عوف) هو عبد الرحمن، (وطلحة) هو ابن عبيد الله، (وعامر فهر) هو أبو عبيدة عامر بن الجراح الفهري القرشي، (والزبير) هو ابن العوام.
(الممدح) أي: الذي له المدائح الكثيرة .
هؤلاء هم العشرة المبشرون بالجنة ، وللعلم .. فإنهم ليسوا وحدهم من المبشرين بل هم أشهرهم ، وأخصم وغلا فإن خديجة ( كمثال ) مبشرة أيضا فى الجنة حين جاء جبريل إلى رسول وقال ( .... وبشرها بقصر فى الجنة ) الحديث .
وغيرهم الكثير .
ثم قال :
وسبطى رسول الله وابنى خديجة ، وفاطم ذات النقاء تبحبح
يعنى أنه يمدح ويثنى عليهم أى على الحسن والحسين إذ إن الحسن والحسين سبطا رسول الله وهما ابنا فاطمة وفاطمة ابنة خديجة ، أو يكون قد أراد الثناء عليهما وعلى ابنى خديجة من الصبيان ، لكن بعيد .
ثم قال :
وعائش أم المؤمنين وخالنا معهاوية أكرم به ثم أمنح
يثنى على عائشة التى أحبها رسول اله صلى الله عليه وسلم وشهد لها بالعلم والتقى ، ومات فى حجرتها ودفن فيها فاختار الله له أحب البقاع إليه بين أهله ، أما كونها أفضل أم خديجة فللعلماء فى ذلك كلام كثير وعلى كل فإن لكل منهما فضل ومناقب كثيرة .
وأما معاوية فكأن الناظم يريد أن يشير بشىء إلى الروافض الذين ظنوا أن من أحب علياً وجب عليه لعن معاوية ، بل هو أحد كتاب الوحى وأشبه الناس برسول الله وهو من جملة الصحابة العدول رضوان الله عليه فما أمنحه من كريم متصدق ، وهو من أفضل الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين .
ثم قال رحمه الله :
وأنصاره والهاجرين ديارهم بنصرتهم عن كية النار زحزحوا
الأنصار أى أنصار النبى عليه السلام ، الأوس والخزج ، الذى آووه ونصروه فكان حبهم علامة الإيمان فلا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق .
وجاءت الآيات والأحاديث فى فضلهم كثيرة جدا ( والذين آووا ونصروا ) " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ... )
وهم الذين رجعوا برسول الله إلى رحالهم ..
وأما الهاجرون : من الهجرة وهى الترك ، أولئك قوم تركوا ديارهم وأموالهم ابتغاء رضوان الله هجرة مع رسوله عليه الصلاة والسلام هم أيضاً كما مر قد رضى الله عنهم ...
قال : بنصرتهم عن كية النار زحزحوا
أى بنصرتهم للنبى صلى الله عليه وسلم استحقوا أن يزحزحهم الله تعالى عن النار وأن يدخلهم الجن ، وهذا تعبير قرآنى جميل ( فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ) .
قال :
ومن بعدهم فالتابعون لحسن ما حذو حذوهم قولا وفعلا فأفلحوا
ومال والثورى ثم أخوهم أبو عم الأوزاعى ذاك المسبح
ومن بعدهم فالشافعى وأحمد إماما هدى من يتبع الحق ينصح
أولئك قوم قد عفا الله عنهم فأحبهم فإنك تفرح
بعدما ذكر مفضل الصحابة رضى الله عنهم جاء بالثناء على التابعين عموما وذكر بعض الأمثلة من أفرادهم .
فالتابعون قد حذو حذو الصحابة كما قال ، فأفلحوا ، أى نالوا الفلاح فكان جزاؤهم من جنس جزاء الصحابة ( والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم وروا عنهم )
والنبى صلى الله عليه وسلم يقول " خير القرون قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم "
وممن له ذل الفضل أئمة الهدى من الأئمة الأربعة ومن كان مثلهم كالليث بن سعد وسفيان بن عيينة وسفيان الثورى ، وغيرهم .
فهؤلاء قوم عنوا بدين الله تعالى ونقلوه واشتهروا به واتضحت مسائله للناس على ألسنتهم فرحمهم الله ورضى ، عف الله عنهم : أى اللهم اعف عنهم مثل قولك رحم الله فلاناً أى اللهم ارحمه .
فينبغى علينا أن ندعوا لهم وأن نسير على نهجهم وأن لا نغالى فيهم .
فالناس أصناف : قوم رفضوا كلام الأئمة فأولئك فرطوا .
وقوم غالوا وحسبوهم لا يخطئون وأولئك أفرطوا .
وقم يسيرون خلفهم بدليلهم ، إصح دليلهم أخذوا به وإن ظهر خلافه عذروهم واتبعوا الدليل ، فالحق لا يعرف بالرجال وإنما يعرف الرجال بالحق ، وليس العبرة بالرجال وإنما العبرة بصحة الاستدلال .
وكما قلنا ، إن ماذكر إنما هو على سبيل ضرب المثل وإلا فأئمة الهدى كثر .
وقل خير قولٍ في الصحابة كلهم ولا تك طعاناً تعيب وتجرح
الصحابى هو الذى لقى النبى صلى الله عليه وسلم وآمن به ، لا يجوز لنا أن نطعن فيهم ، لأنهم نقلة الوحى والطعن فيهم يعنى الطعن فى المنقول وهو القرآن والسنة .
ولذا يقول أبو زرعة الرازي رحمه الله: "إذا رأيتم الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلموا أنه زنديق؛ لأن الدين حق، والقرآن حق وإنما نقل لنا ذلك الصحابة ولا تك طعاناً المقصود هنا النهى عن الطعن لا النهى عن المبالغة فيه مثل قوله تعالى " وما ربك بظلام للعبيد " والمراد ليس هو بظالم أصلا لهم .
والمنتظر من المسلم أصلا ممن جاء بعد المهاجرين والأنصار ، أن يدعوا لهم لا أن يطعن فيهم ، وأن يسكت عما حدث بينهم فكلهم قد اجتهد .
والله تعالى حين تكلم عن المهاجرين والأنصار فى سورة الحشر قال عمن يأتى بعدهم من أهل الفضل والصلاح :
" والذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل فى قلوبنا غلا....)
فؤلاء قوم سلمت قلوبهم من الغل وألسنتهم تحركت بالدعاء لمن سبقهم .
فقد نطق الوحى المبين بفضلهم وفى الفتح آى للصحابة تمدح
ما مر معنا من الآيات وغرها يثنى على أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم فالطعن فيهم – الصحابة – طعن فى القآن وتكذيب لما جاء به الوحى وهذا هو مراد أهل الكفر والبدعة ، عياذأ بك اللهم ، فالناظم يقول ليس لك ان تطعن فيهم بعدما اثنى الله عليهم أنت أصدق أم الله ؟ أنت أعلم أم الله ، وفى هذا رد على الرافضة الذين يسبون الصحابة ، يكفرونهم و يطعنون فيهم .
وفى الفتح آى للصحابة يتمدح
قال الله تعالى ( محمد رول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجدا ً ) فأى ثناء بعد ثناء الله و أي شهادة بعد شهادة الله ؟.
وقال تعالى ايضا فى سورة الفتح : " لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة "
" والزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها "
كل هذه الآيات فى سورة الفتح تثنى على الصحابة فكن أيها السنى متبعاً لها مثنياً على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال الناظم :
وبالقدر المقدور أيقن فإنه دعامة عقد الدين والدين أفيح
الإيمان بالقدر ، من أركان الإيمان كما قال النبى صلى الله عليه وسلم فى حديث جبريل " وتوؤمن بالقدر خيره وشره "
والقدر هو : تقدير الله تعالى لكل ما يقع في الكون ، حسبما سبق به علمه ، واقتضته حكمته.
والإيمان بهذا القدر يتطلب أموراً هى :
الأول : الإيمان بأن الله تعالى علم بكل شيء جملةً وتفصيلاً ، أزلاً وأبداً ، سواء كان مما يتعلق بأفعاله سبحانه أو بأفعال عباده
الثاني : الإيمان بأن الله تعالى كتب ذلك في اللوح المحفوظ
وفي هذين الأمرين يقول الله تعالى : ( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِإِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) الحج /70
وفي صحيح مسلم (2653) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّأَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ : اكْتُبْ . قَالَ : رَبِّ ، وَمَاذَا أَكْتُبُ ؟ قَالَ : اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍحَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ
) رواه أبو داود (4700) . وصححه الألباني في صحيح أبي داود
الثالث : الإيمان بأن جميع الكائنات لا تكون إلا بمشيئة الله تعالى .
سواء كانت مما يتعلق بفعله سبحانه وتعالى ، أم مما يتعلق بفعل المخلوقين
قـال الله تعالى فيما يتعلق بفعله : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ) القصص /68 . وقـال : ( وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ) ابراهيم /27 . وقال : ( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ) آل عمران /6
وقال تعالى فيما يتعلق بفعل المخلوقين : ( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ ) النساء /90 . وقال : ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ) الأنعام /112
فجميع الحوادث والأفعال والكائنات لا تقع إلا بمشيئة الله تعالى ، فما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن
الرابع : الإيمان بأن جميع الكائنات مخلوقة لله تعالى بذواتها ، وصفاتها ، وحركاتها
قـال الله تعالى : ( اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) الزمر /62 . وقال : ( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً ) الفرقان /2 . وقال عن نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه قال لقومه : ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) الصافات /96
فإذا آمن الإنسان بهذه الأمور فقد آمن بالقدر إيماناً صحيحاً
والإيمان بالقدر على ما وصفنا لا ينافي أن يكون للعبد مشيئةفي أفعاله الاختيارية وقدرة عليها ، بحيث يستطيع الاختيار هل يفعل أو يتركما يكون ممكناً له من فعل الطاعات أو تركها ، وفعل المعاصي أو تركهاوالشرع والواقع دالان على إثبات هذه المشيئة للعبد
أمـا الشرع : فقد قـال الله تعالى في المشيئة : ( ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآباً ) النبأ /39
وقال : ( فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) البقرة /223 .
ثم إنه قد نشا قوم من الناس ينكرون القدر ويقولون إنه لا قدر أى ان الله تعالى لا يعلم بأفعال العباد إلا بعد وقوعها وهم القدرية الذين تبرأ منهم سيدنا عبد الله بن عمر رضى الله عنهما :
عن ابن عمر عن أبيه عمر ـ رضي الله تعالى عنهما ـ والحديث له قصة كما في مسلم، فإن ابن عمر جاءه رجلان فقالا له: إن قبلنا قومٌ يقرؤون القرآن ويقولون إن الأمر أنفٌ ولا قدر. فقال ابن عمر: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريءٌ منهم وأنهم برآء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفقه ما قبل منه حتى يؤمن بالقدر، فإني سمعت أبي يقول: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث.
ومن الآيات التى جاءت تحمل عقيدة الإيمان بالقدر : قال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (القمر:49)، وقال تعالى: {مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً} (الأحزاب:38)، وقال تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (التكوير:29)، وقال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى. وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} (الأعلى:3،2)، وقال تعالى: {ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى} (طـه: من الآية40)
قال الناظم وبالقدر المقدور أيقن : أى كن على يقين به لا تشكن فيه ، والدعامة هى أساس البناء
قال الناظم رحمه الله :
ولا تنكرن جهلاً نكيراً ومنكراً ولا الحوض والميزان إنك تنصح
ينتقل الناظم الآن إلى احديث عن بعض الأمور المتعلقة باليوم الآخر
وعلى رأسها القبر وما يحدث فيه من سؤال الملكين ، فلا يجوز أن ينكر ذلك أحد بل هما حق والله تعالى يقةل " يثبت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا "
في الترمذي من حديث أبي هريرة: "إذا قبر الميت أو قال أحدكم أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر، وللآخر النكير، فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: ما كان يقول هو عبد الله ورسوله أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول هذا، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعاً في سبعين ثم ينور لهفيه، ثم يقال له نم، فيقول: أرجع إلى أهلي فأخبرهم, فيقولان: نم كتومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك, وإن كان منافقاً قال: سمعت الناس يقولون فقلت مثله لا أدري, فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول ذلك, فيقال للأرض التئمي عليه فتلتئم عليه فتختلف فيها أضلاعه فلا يزال فيها معذباً حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك".
ومما يدل على أن فى القبر نعيم وعذاب قوله تعالى " :{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (غافر:46)
ولا شك أن هذا العرض الذى هو الآن قبل يوم القيامة لا يكون إلا فى القبر .
قال :
ولا الحوض والميزان إنك تنصح
قال الله تعالى " إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر
والكوثر حوض النبى صلى الله عليه وسلم وأحاديث الحوض متواترة كما ذكر ذلك السيوطي وغيره وذكر أنه مروي عن خمسين صحابياً. وجاء في الحديث: "لكل نبي حوض". وفي بعض الأحاديث ذكر صلى الله عليه وسلم "أن بعض الناس يذاد عن هذا الحوض فيقول النبي أصحابي أصحابي فيقال له إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك وهو محمول على من ارتد عن الإسلام ومات مرتداً، ومن العجب أن يحمل الروافض هذا الحديث على صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، مع أنهم ومن على شاكلتهم هم المعنيون بهذا الحديث؛ لأن الصحابة لم يغيروا ولم يحدثوا بعده كما قال تعالى:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}(الأحزاب:23). وأما الذين بدلوا وحرفوا هم الروافض حتى إنهم حرفوا القرآن وزادوا فيه وأنقصوا. فهم رموا الصحابة بما هم أهله. والشاهد أن الإيمان بالحوض المورود واجب ولا ينكره إلا جاهل بالحديث. "
قَالَ عَزَّ وَجَلَّ:﴿فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ﴾1 وَقَالَ:﴿وَنَضَعُ اَلْمَوَازِينَ اَلْقِسْطَ لِيَوْمِ اَلْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا﴾
عَنْ أُمِّ مُوسَى قَالَتْ: سَمِعْتَ عَلِيًّا يَقُولُ: « أَمَرَ اَلنَّبِيُّ عَلَيْهِ اَلصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَبْد اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ أَنْ يَصْعَدَ بِشَجَرَةٍ فَيَأْتِيهِ بِشَيْءٍ مِنْهَا, فَنَظَرَ أَصْحَابُهُ إِلَى خموسةِ سَاقَيْهِ فَضَحِكُوا مِنْهَا فَقَالَ: مِمَّ تَضْحَكُونَ؟! لَرِجْلُ عَبْد اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي اَلْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ أُحُدٍ »
ولقد أنكر المعتزلة حقيقة الميزان بحجة أن الأعمال أعراض لا توزن ، ولكن الصحيح هو ما ذهب إليه أهل السنة وقد أجابوا على قول المعتزلة بأن الصحف هى التى توزن .
ومما يدل على ذلك حديث البطاقة المشهور .
قال الناظم :
وقل يخرج الله العظيم بفضله من النار أجساداً من الفحم تطرح
هذان البيتان يذكر الناظم رحمه الله فيهما أهل الكبائر من عصاة الموحدين الذين أدخلوا النار بسبب كبائرهم وذنوبهم، وأنهم يخرجون على هذه الهيئة التي ذكر وأنهم يطرحون على أنهار الجنة فيحيون بمائه وتعود لهم صحتهم وتزدان هيأتهم.
وقد أخذ هذا رحمه الله من حديث أبي سعيد الخدري ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون. ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم فأماتتهم إماتةً حتى إذا كانوا فحماً أذن بالشفاعة فجيء بهم ضبائر ضبائر فبثوا على أنهار الجنة، ثم قيل: يا أهل الجنة أفيضوا عليهم. فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل" فقال رجل من القوم كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان في البادية. رواه مسلم وقوله: (ضبائر) أي الجماعات."
وفى البيتين كما ترى إشارة إلى الشفاعة التى هى إحدى ركائز العقيدة أيضاً عند اهل السنة ، فالمقصود من كلام الناظم – والله أعلم – الإشارة إلى هذا .
فلا ينكر الشفاعة إلا جاهل إذ هى ثابتة للنبى صلى الله عليه وسلم وهى أنواع :
فشفاعة لقيام الحساب وشفاعة لأهل النار أن يخرجوا منها وشفاعة لأهل الجنة أن يرتقوا فيها .
وليس ذلك بكثير على الله تعالى .
كان أولئك الناس قد أهلكوا حتى إنهم صاروا مثل الفحم من شدة إحراق النار لهم .
فيخرجهم الله تعالى من النار فيلقون فى نهر الحياة فينبتون مثل نبت حب السيل ، وقيل أنه نبت صغير بنبت فى الحشيش وقيل نبت الصحراء مما لا قوت .
قال الناظم :
وإن رسول الله للخلق شافعٌ وقل في عذاب القبر حقٌ موضح
يشير المصنف إلى الشفاعة الكبرى للنبى صلى الله عليه وسلم وَأَهْلُ اَلسُّنَّةِ يُؤْمِنُونَ بِالشَّفَاعَةِ, وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ:﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾
وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « شَفَاعَتِي لِأَهْلِ اَلْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي »
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ, وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ اَلْأَرْضُ, وَأَوَّلُ شَافِعٍ, وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ »
وفى الشطر الثانى من البيت يشير الناظم إلى الإيمان بعذاب القبر وهو حق يؤمن به أهل السنة والجماعة ولا شك فقد ثبت كما مر فى القرآن والسنة
عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَاَلْمُسَيَّبِ يَقُولُ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى صَبِيٍّلَمْ يَعْمَلْ خَطِيئَةً قَطُّ, سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "اَللَّهُمَّ أَعِذْهُمِنْ عَذَابِ اَلْقَبْرِ".
قَالَ عَبْد الْمَلِكِ رَحِمَهُ اَللَّهُ حَدَّثَنِي اَلْمَكْفُوفُ عَنْأَيُّوبَ بْنِ خُوطٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:﴿سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ﴾2 يَعْنِي عَذَابَ اَلدُّنْيَا وَعَذَابَ اَلْقَبْرِ﴿ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ﴾2يَعْنِي عَذَابَ جَهَنَّمَ.
ولقد جاء فى أصول السنة أيضا : وَفِتْنَةُ اَلْقَبْرِ وَعَذَابُهُ عِنْدَ أَهْلِ اَلسُّنَّةِوَالْإِيمَانُ بِاَللَّهِ قَوِيٌّ لَيْسَ عِنْدَهُمْ فِيهِ شَكٌّ, وَمَنْكَذَّبَ بِذَلِكَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ اَلتَّكْذِيبِ بِاَللَّهِ, وَإِنَّمَايُكَذِّبُ بِهِ اَلزَّنَادِقَةُ اَلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْبَعْثِ, وَقَدْ طَلَعَ مِنْ كَلَامِهِمْ طَرَفٌ رَأَيْتُهُ دَبَّ فِي اَلنَّاسِ, خِفْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ اَلضَّلَالِ فِي دِينِهِمْ وَإِيمَانِهِمْ, فَاحْذَرُوهُمْ فَهُمْ اَلَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ اَلْأَرْوَاحُ تَمُوتُبِمَوْتِ اَلْأَجْسَادِ, إِرَادَةَ اَلتَّكْذِيبِ بِعَذَابِ اَلْقَبْرِوَبِمَا بَعْدَهُ.
ولا تكفرن أهل الصلاة وإن عصوا) (فكلهم يعصي وذو العرش يصفح) .
هنا ينتقل الناظم للحديث عن أهل الكبائر وحكم تكفيرهم ، فهم فى الأصفل مسلمون ، لكنهم وقعوا فى الكبائر من الذنوب ، ومع إسلامهم قال قوم بكفرهم .
ولخوارج هم الذين قالوا بذلك والنبى صلى الله عليه وسلم يقول " من صلى صلاتنا وأكل ذبيحتنا واستقبل قبلتنا فهو المسلم له ما لنا وعليه ما علينا "
وقال " {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ}(التوبة: 11).
وهؤلاء المرتكبون للكبائر كما قلنا فى الأصل هم مسلمون موحدون ، والله تعالى قال " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " .
فهم ولا شك يقعون تحت هذه الآية .
ولذا قال الناظم :
فكلهم يعصى وذو العرش يصفح
ثم يقول الناظم
ولا تعتقد رأي الخوارج إنه) (مقال لمن يهواه يردي ويفضح)
(ولا تك مرجياً لعوباً بدينه) (ألا إنما المرجي بالدين يمزح
هاتان فرقتان من الفرق المنتسبة للإسلام
الأولى الخوارج الذين يكفرون بالذنوب
وأما المرؤجئة فيقولون لا يضر مع الإيمان معصية
وهم أنواع وأشهرهم مرجئة الفقهاء ، الذين يخرجون الأعمال عن مسمى الإيمان ومع ذلك يوجبون الأعمال .
فيكفى فى نظرهم الاعتقاد بالقلب وأما المعاصي فلا تضر الإيمان وهذا لعب بالدين عياذاً بالله تعالى ولذا قال الناظم :
ألا إنما المرجى بالدين يمزح
وعلى هذا فإبليس اللعين مؤمن فإنه يؤمن بالله تعالى ، وكذا كفار قريش إذ إنهم لم يكونوا ينكرون من داخلهم نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والمرجئة إذ يقولون أنه اعتقاد بالقلب وإقرار باللسان وأخروا الإيمان .
والإرجاء في اللغة: التأخير، قال تعالى: {قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ} (لأعراف:111).
وإنما سمي المرجئة بذلك لأنهم أخروا العمل عن الإيمان وقالوا العمل ليس جزءا من الإيمان"
وقد افترق المرجئة إلى فرق، قسم قالوا: الإيمان المعرفة فقط.
وقسم قالوا: إنه مجرد التصديق.
وقسم قالوا: إنه مجرد النطق.
وقسم قالوا: إنه مجرد النطق والاعتقاد.

وهم متفاوتون في الإرجاء، متفوقون على إخراج العمل من مسمى الإيمان. وبقدر حظهم من الإرجاء والغلو فيه يستحقون من الوصف الذي ذكره الناظم.

وقل: إنما الإيمان: قولٌ ونيةٌ) (وفعلٌ على قول النبي مصرح)
30(وينقص طوراً بالمعاصي وتارةً) (بطاعته ينمي وفي الوزن يرجح)
انتقل الناظم رحمه الله إلى التعريف الصحيح للإيمانوهو الذى عليه اهل السنة وهو أنه قول باللسان اعتقاد وعمل بالجنان وعمل بالجوارح والأركان يزيد بالطاعات وينقص بالعصيان .
والجنان أى القلب فله قول وعمل : فأما قوله فهو الاعتقاد الجازم وأما العمل ، فكثيرة هى أعمال القلوب مثل الخوف والرجاء والتوكل ... الخ
وفعل على قول النبى مصرح
أى أن الفعل داخل فى مسمى الإيمان ، فهو فعل مبنى على قول النبى صلى الله عليه وسلم .
وينقص طورا بالمعاصى :
هذا تقرير لأمر آخر يعتقده أهل السنة وهو ان الإيمان يزيد وينقص ، أما الزيادة فمصرح بها في القرآن. قال تعالى: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} (التوبة:124)
وأما النقصان فمصرح به في السنة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين..."
وهذا النقص كما هومعلوم لا تحاسب عليه المرأة .
فإن سبح الإنسان وهلل وصلى وصام وفعل الطاعات زاد إيمانه وإن لم يقفعل مقص ولا شك .
ودع عنك أراء الرجال وقولهم فقول رسول الله أزكى وأشرح)
32(ولا تك من قومٍ تلهوا بدينهم فتطعن في أهل الحديث وتقدح)
التحذير من الرأى ، الرأى الذى لا يستند إلى نص هو رأى سقيم ، وهوى متبع ، إذن قول رسول الله هو الأولى بالاتباع وهو الأفصح فى البيان .
ولقد قال عمر–رضي الله تعالى عنه-: "إياكم وأصحاب الرأي، فإنهم أعداء الدين، أعيتهم السنة أن يحفظوها فأعملوا عقولكم .
وقال على رضى الله عنه ، لو كان الدين بالرأى لكن مسح باطن الخف أولى من ظاهرها
ولا تك من قوم تلهوا بدينهم ..
وهو شامل لأهل البدع والفسق ومناسب أن يأتى به هنا لأنه يتكلم عن أهل البدع والرأى والهوى
و عَنْ اِبْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخَنَا يَقُولُ: حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: قَالَلِي أَبِي: أَيْ بُنَيَّ لَا تُجَالِسْ مَفْتُونًا فَإِنَّهُ لَايُخْطِئُك مِنْهُ إِحْدَى خَصْلَتَيْنِ, إِمَّا أَنْ يَسْتَزِلَّك, وَإِمَّا أَنْ يُمْرِضَ قَلْبَكَ ز
وعنه أيضاً - اِبْنُ مَهْدِيٍّ - قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ عَبْدالْمَلِكِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ كَانَ يَرَى أَنَّهَذِهِ اَلْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَصْحَابِ اَلْأَهْوَاءِ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ اَلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾ .
فعليك بالسنة وإياك والهوى وإن استطعت أن لا تحك رأسك إلا بأثر فافعل .
ولا شك أن أهل الهوى لا يحبون أهل الحديث والأثر ولذا يطعنون فبهم فجاء الناظم بهذه الجملو وقال :
فتطعن فى أهل الحديث وتقدح .
يجرح فيهم بلا مجرح ويطعن فيهم بلا طاعن ، يفترى عليهم الكذب ليسقطهم وذلك لمرض قلبه ولاتباع هواه .
يختم الناظم قصيدته بالتأكيد على مر فيقول
إذا ما اعقدت الدهر يا صاح هذه فأنت على خير تبيت وتصبح .

المراجع
أصول السنة لمحمد بن عبد الله ابن أبي زمنين
التحفة السنية شرح منظومة ابن أبي داود الحائية
شرح حائية ابن أبي داود لفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك

[عبد الله 31]

منقول للفائدة
جزاكم الله خيرا واحسن اليكم اخي عماد
وبارك الله فيك على الموضوع

[عماد المحب]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الله 31

منقول للفائدة
جزاكم الله خيرا واحسن اليكم اخي عماد
وبارك الله فيك على الموضوع

جزاكم الله خيرا انت اخي عبد الله على ما قدمتموه من شرح فتقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال
والشكر موصول لكل من اضاف فائدة او تعليق او شرح لاحق فبارك الله في الجميع ونفع بهم

[عماد المحب]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

[** أم عبد الرحمن **]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تذكرت إني حملت مرّة قراءة صوتية جميلة جدا لها، تفضلوا

هنا

وهذه شروحات وجدتها في شبكة الآجري الغراء

---- معالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان

صوتي


---- فضيلة الشيخ زيد بن محمد بن هادي المدخلي


التحفة السنية شرح القصيدة الحائية لابن أبي داود



---- الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر حفظه الله تعالى

التحفة السنية شرح منظومة ابن أبي داود الحائية


صوتي


كتاب إلكتروني


----- الشيخ عبدالله بن صلفيق الظفيري

فتح الودود في التعليق على حائية ابن أبي داود

مقروء

----- الشيخ عبد الله بن عمر بن مرعي بن بريك


صوتي


وفقكم الله.

[هائم في البوادي]

ودعْ عَنْكَ آراءَ الرجالِ وقَوْلَهُمْ = فقولُ رسولِ اللهِ أزكَى وأَشْرحُ
ولا تَكُ مِن قوْمٍ تلهوْا بدينِهِمْ = فَتَطْعَنَ في أهلِ الحَديثِ وتقدحُ

قراءة صوتية مميزة

https://taiser.net/mtoon.php?id=59

التحميل
https://www.taiser.net/server/3qeda/haeya.mp3

[راجي الصّمدِ]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أخي الحبيب عماد
تفضل شرح القصيدة للشيخ الفاضل عمر حمرون حفظه الله تعالى
شرح حائية بن أبي داوود في العقيدة
والله الموفقّ.....

[عماد المحب]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي الفاضل جليبيب
الاخ هائم في البوادي
الاخت ام عبد الرحمن
الاخ عبد الله 31
جزاكم الله خيرا اخوتي على ما قدمتم اسال الله العظيم ان يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه
بارك الله فيكم وفي مجهودكم

[جرح أليم]

هذا والشيخ مرعي المباركي يشرح المتن على المباشر كل يوم خميس على الساعة التاسعة ليلا بتوقيت الجزائر على شبكة إمام دار الهجرة العلمية المشرف عليها فضيلة الشيخ حامد الجنيبي وذلك في ضمن سلسلة التأصيل العلمي التي تم فيها شرح نواقض الإسلام والقواعد الأربعة وجزء من كتاب التوحيد شرحهم الشيخ حامد

والشيخ المباركي الآن مع الحائية

والشيخ العمري مع متن رسالة لطيفة في أصول الفقه لعبد الرحمن السعدي

وأبو بكر يوسف العويسي يشرح السيرة والله الموفق

[عماد المحب]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اسامه الفرجيوي

هذا والشيخ مرعي المباركي يشرح المتن على المباشر كل يوم خميس على الساعة التاسعة ليلا بتوقيت الجزائر على شبكة إمام دار الهجرة العلمية المشرف عليها فضيلة الشيخ حامد الجنيبي وذلك في ضمن سلسلة التأصيل العلمي التي تم فيها شرح نواقض الإسلام والقواعد الأربعة وجزء من كتاب التوحيد شرحهم الشيخ حامد

والشيخ المباركي الآن مع الحائية

والشيخ العمري مع متن رسالة لطيفة في أصول الفقه لعبد الرحمن السعدي

وأبو بكر يوسف العويسي يشرح السيرة والله الموفق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا
نسال الله العظيم ان يرزقنا همما عالية من اجل التحصيل ان شاء الله لعبادته ومعرفة قدره
لان العلم من اخذه اخذ بحظ وافر