تدوير النفايات RECYCLAGE
تعتبر النفايات الحضرية الصلبة من أهم القضايا البيئية التي تستحوذ على اهتمام المجالس البلدية والحكومات والرأي العام الوطني والعالمي؛ نظراً لارتباطها بشكل مباشر بحياة الناس.
وتزداد كمية النفايات الصلبة مع مرور الزمن؛ بزيادة عدد السكان وتحسن دخل الفرد وتحوله إلى إنسان مستهلك وسعيه إلى انتهاج أسلوب ونمط الحياة العصرية التي تعتمد بشكل كبير على استعمال مواد التغليف الغير قابلة للاسترجاع، مما أدى إلى زيادة الطلب على المواد الخام الأولية لتلبية احتياجات الناس وبالتالي إلى استنزاف العديد من الموارد الطبيعية للبيئة.
ولم يقتصر خطر استنزاف الموارد الطبيعية على التعدي على مخزون الأجيال القادمة فحسب، بل تسبب في حدوث اختلال للتوازن البيئي؛ نتيجة لفقدان البيئة لبعض أهم مكوناتها كأشجار الغابات على سبيل المثال.
وقد استرعى ذلك انتباه علماء البيئة، مما حذا بالمنظمات الإقليمية والدولية إلى عقد الاتفاقيات ووضع البرامج والأنشطة اللازمة للحد من استنزاف الموارد؛ وذلك بتقليل إنتاج النفايات و بتشجيع تثمينها بالطرق السليمة بيئيا.
وعلى الرغم من أن مشكلة النفايات الصلبة الحضرية تشكل هاجساً اجتماعياً واقتصادياً وبيئياً إلا أن معظمها يمكن أن يكون ذو فائدة كبيرة، إذا ما أُحسن استغلاله وفق الحاجات والإمكانيات المتاحة الذي يندرج ضمن تحقيق تنمية مستدامة، مع الحفاظ على البيئة الطبيعية أكثر نقاءا و جمالا .
1-تثمين النفايات الصلبة الحضرية :
"عملية تثمين النفايات تهدف إلى حماية البيئة وذلك بإنقاص الكمية المجتمعة منها لكونها تعتبر مصادر لتلوث التربة والمياه الجوفية ، وهي في الوقت ذاته تقليل استخدام المواد الأولية”. و من هذا المنطلق لا يمكن تقدير قيمة الفضلات بالنظر فقط إلى الزاوية الاقتصادية الضيقة ،بل الأخذ في الحسبان أيضا المكاسب البيئية .
ينظر المشرع الجزائري لهذه العملية حسب المادة 02 من قانون 01/19 المؤرخ في 19/09/2001 تثمين النفايات يكون بإعادة استعمالها أو رسكلتها أو بكل طريقة تمكن من الحصول على مواد قابلة لإعادة الاستعمال أو الحصول على الطاقة باستعمال تلك النفايات .
ويعرف تثمين النفايات أنه "يعبر عن مجموع الإجراءات المتبعة من أجل الاستفادة من النفايات تحت شروط معينة و يشمل":
- التقليل : و المقصود هنا تقليل المواد الخام المستخدمة ،و بالتالي تقليل المخلفات و هذا يتم عبر:
-استخدام مواد خام أقل .
-الحد من المواد المستخدمة في عمليات التعبئة و التغليف .
- إعادة استخدام : و هذا يعني مثلا إعادة استخدام القارورات البلاستيكية للمياه المعدنية بعد تعقيمها .
- إعادة تدوير : و المقصود بإعادة تدوير هو استخدام المخلفات لإنتاج منتجات أخرى أقل جودة من المنتج الأصلي .
- التصريف : أو التخلص من بقايا النفايات عندما تستخدم حتى أقصى درجة ممكنة ،فيتحتم علينا طرحها في المفرغة العمومية و نستفيد من هذه الأخيرة الطاقة المستخرجة من غاز الميثان المنبعث.
2- جمع ونقل النفايات :
لضمان نجاح عملية تثمين النفايات الصلبة لا بد من أن تكون إجراءات عملية الجمع ذات فعالية كبيرة من رفع النفايات إلى محطة استقبالها .
2-1- طرق و أساليب الجمع :
تشتمل عملية جمع النفايات على عدة مراحل ،و التي تهدف إلى التخلص من النفايات الصلبة .
أ- تبدأ على مستوى المنازل و هو ما يسمى بالجمع الأولي و هي مرحلة جد مهمة لكونها الحلقة الأولى من سلسلة الجمع ، حيث يقوم مولد النفايات
يتجميع نفاياته ووضعها في أوعية الجمع في مسكنه ، أو يقوم بوضعها في كيس ليقدمها إلى الخارج بهدف التخلص منها .
ب- تقوم البلدية بالمرحلة التالية و التي تكون على مستوى الطرقات العمومية و إخلاء النفايات و التي تنقسم بدورها إلى عمليتين :
- جمع النفايات التي يتركها السكان .
- نقل النفايات نحو مراكز المعالجة .
2-2- أنظمة إزالة النفايات:
"هناك نظامين ارفع النفايات هما" :
2-2-1 - نظام الجمع من باب إلى باب : système de collecte de porte- a – porte
و فيه تقوم مصلحة إزالة النفايات بواسطة شاحنات الجمع ، برفع و إزالة النفايات التي يقدمها السكان على الطرقات العمومية .
2-2-2- نظام النقل الإرادي : Système d’apport volontaire
و فيه يقوم السكان أنفسهم بحمل نفاياتهم نحو نقاط التجميع ( المجمعات) الموضوعة لخدمتهم من طرف البلدية ، لتقوم مصلحة النظافة بنقلها و تفريغها دوريا ، كما يشترط في الحاويات أن توضع في نقاط مركزية و سهلة البلوغ .
يطبق عادة هذا النظام في المناطق الريفية أو الأحياء السكنية التي يصعب بلوغها بشاحنات الجمع ( مثل المدن القديمة ) .
و بصفة عامة فإن فعالية كل من النظامين مرتبط بالظروف الاجتماعية و الجغرافية للمدينة، و المعايير التي من الواجب أن تأخذ بعين الاعتبار هي :
- نمط معيشة السكان .
- حجم المدينة .
- نوعية شبكة الطرقات .
- نوعية النشاطات الموجودة .
و سنستعرض في الجدول التالي إيجابيات و سلبيات كل نظام جمع ،من أجل الإختيار الأفضل حسب الامكانيات المتاحة .
2-3- أنواع و طرق الجمع :
هناك أنواع وطرق عديدة لجمع النفايات الحضرية نذكر منها:
2-3-1- الجمع المفتوح الاعتيادي ) :
و فيه يتم تخزين النفايات في أوعية ذات طبيعة و أشكال مختلفة( حديدية ، بلاستكية... ) ليتم تفريغها يدويا من طرف العمال في شاحنات الجمع .
2-3-2- الجمع المغلق :
و هذا الأسلوب من الجمع يتطلب معدات خاصة ، و أوعية للنفايات مضبوطة و موحدة مجهزة بغطاء متصل بها ، و هي مكيفة جيدا مع الفتحة الموجودة في الحاوية كما ان هذه الحاويات مجهزة بنظام قبض و غسل الأوعية النفايات .
و هذه الطريقة تضمن ظروف صحية جيدة و توفر أمن العمال و لكنها تتطلب عدة شروط ،فزيادة على المعدات المتخصصة فإنها تتطلب تعاونا كبير من قبل السكان . و هي لا تضمن إزالة النفايات غير محتواة داخل الأوعية الموحدة ، كما أن تكلفتها جد مرتفعة .
2-3-3- الجمع الانتقائي :
يتم اللجوء إلى هذا الأسلوب من الجمع عند إمكانية الاسترجاع ، و تتمثل في توفير عدة أوعية متباينة فيما بينها من أجل فصل المواد القابلة للاسترجاع النفايات و لا يمكن تطبيقها إلا بعد دراسة اقتصادية تثبت مردوديتها و تطبق هذه الأخيرة إما بنظام الجمع من باب إلى باب أو بنظام نقاط تجميعية .
2-3-4- تقنية الهواء المضغوط :
في هذا الأسلوب الخاص يتم فيه إرسال النفايات مباشرة من مكان تولدها إلى أماكن التخلص و المعالجة ، و ذلك عبر قنوات خاصة و بواسطة تيارات هوائية ضاغطة تحمل النفايات نحو أماكن التخزين .
و لكن لا يمكن تطبيق هذه التقنية إلا في حالة المجموعات السكنية الكبرى ،كما أن تكلفة الاستثمار فيها كبيرة جدا، بالإضافة إلى عدم إمكانية جمع المخلفات الكبيرة .
2-3-5- الجمع الخاص :
يتمثل في جمع النفايات الضخمة، (بدلا من ترك السكان يقومون بذلك بطريقة سرية وعشوائية) ، فإنه من المفضل توفير مصلحة تتكفل بإزالة هذا النوع من النفايات إما بنظام الإزالة من باب إلى باب أو بالإزالة بعد الطلب، أو إيداعها في مراكز الفرز إن توفرت ، و تستعمل لهذا الغرض شحنات مسطحة أو حاويات ضاغطة خاصة .
أما بخصوص جمع النفايات الخاصة ، التي تحتوي على المواد السامة، يجب أن تكون موضوع جمع خاص منفصل نظرا لخطورتها، ونذكر منها المواد المعدنية المضرة وبالخصوص المعادن الثقيلة مثل الكروم Cr ، الزئبق Hg ، الكادميوم CD ، الرصاص PD ، و المحتواة في كل من المدخرات و البطاريات ، المحرار ، الأنبوب الضوئي ، الأجهزة اللالكترونية . بالإضافة إلى بقايا مواد الطلاء ، المذيبات ، المعقمات ، مبيدات الحشرات والأعشاب ، الأدوية الفاسدة إلى جانب نفايات المستشفيات.
ويتعلق الجمع الخاص أيضا بجمع النفايات الناتجة عن تنظيف الطرقات ، لضرورة المحافظة على نظافة الوسط الحضري، والتي تستوجب القيام بتنظيف الطرقات والساحات والتخلص من الأوساخ والقاذورات المنتشرة فيها ، وهي مهمة مصلحة النظافة للبلدية حيث تقوم بها على وجه منتظم عن طريق الكنس أو غسل الطرقات العمومية ويكون ذلك إما يدويا أما ميكانيكيا.
بالنسبة للتنظيف اليدوي : فيسمح بتنظيف جيد لكنه مكلف بسبب احتياجه لعدد كبير من اليد العاملة .
أما التنظيف الميكانيكي :فيسمح بالحصول على درجة نظافة مقبولة وفي أقصر وقت مع يد عاملة قليلة لكنه يمكن التنسيق بين النوعين وذلك باستعمال الأول على الأرصفة و الثاني على القارعة .
1-4- أنواع أوعية الجمع :
يتم اختيار نوع وحجم أوعية الجمع حسب العوامل التالية :
- احتياجات المستعملين .
- نظام الجمع وكذا عربات الجمع .
- الظروف الصحية في الحي.
- أمن العمال.
- فعالية المصلحة .
وحسب اختيار نظام الجمع يمكن أن نختار ما بين ثلاث أنواع من الأوعية :
2-4-1- الأوعية المرمية :
و "تتمثل في أكياس البلاستيك والورق ، وعموما سعتها من 50 ل إلى 90 ل كأقصى حد".
2-4-2- أوعية التفريغ :
وهي أوعية للجمع تفرغ في شاحنات الجمع ، حجمها يتغير مابين 60 إلى 5000 ل ، وهي أوعية متحركة على عجلات .
2-4-3- أوعية للتبديل:
وهي أوعية كبيرة السعة تستعمل خاصة في بعض الأحياء والتجمعات السكانية الكبيرة ، وكذا في مراكز التجارية و الصناعية ،حيث بعد امتلاكها يتم استبدالها بحاويات أخرى فارغة و نظيفة .
إن الأوعية الملائمة لنظام الجمع من باب إلى باب هي كما يلي :
أ- الأكياس : من سلبياتها ؛إمكانية تمزيقها و إفراغ محتوياتها من طرف الحيوانات ، كما أن استعمال الألوان يساهم في عملية الجمع الانتقائي .
ب- أوعية مفتوحة : وهي غير متحركة على عجلات و غير عملية بالنسبة لعمال النظافة .
ج- أوعية مغلقة وموحدة : متحركة على عجلات مصنوعة من البلاستيك أو الحديد بمختلف الأحجام و الألوان مع غطاء متصل بها ، وهي مفضلة على الأكياس .
2-5- أنواع آليات التجميع و النقل :
يوجد عدد كبير و متنوع من سيارات التجميع و القائمة التالية تعطي بعض الأمثلة لعدد من الآليات من البسيطة إلى المتطورة :
- آلات صغيرة : آلات صغيرة بثلاثة أو أربع عجلات التي تسمح بالتجميع في مساحات ضيقة و التي لا يمكن لشاحنات التجميع الوصول إليها .
- الجرار الفلاحي بمقطورة : آلة متعددة الاستعمالات باستطاعتها الجرف ، بالاستعانة برافعة هيدروليكية لتفريغ النفايات في البلديات الريفية الصغيرة.
- شاحنة تجميع عادية : متعددة السعات من أج تفادي تبعثر الأوساخ أثناء المسير تقوم بتغطية النفايات بشبكة .
- شاحنة تجميع مع عربة مغلقة لضغط النفايات : هذا النوع من السيارات الأكثر إستعمالا في الجزائر خاصة في المناطق الحضرية ، حيث بإمكاننا استعمالها في تجميع الفضلات في سلات و أكياس غير قابلة للاسترجاع .
- شاحنة تجميع مع تجهيزات هيدروليكية للتحميل و الضغط : يمكن استعمالها من أجل السلات المتنقلة و التجميع محكم السد .
- شاحنة بصندوق منفصل مجهز بذراع رفع الأثقال:صندوق صالح للنقل و إعادته إلى مكانها.
هذا من ناحية نوع الآليات أما من حيث كمية العتاد المطلوب فإن لكل عملية جمع ظروفها الخاصة ، و لهذا يستحيل وضع قاعدة ثابتة تحدد نوع و عدد العتاد المطلوب .
2-6- التخطيط و تنظيم الجمع :
من أجل تخطيط و تنظيم الجمع للنفايات ، يجب علينا وضع مخططات مفصلة لكل الأحياء مع الطول و عرض للشوارع و اتجاهات السير ، هيكلة البناء ، عدد السكان ، و كذا أماكن الأسواق التجارية و الإدارات ، المصانع و نقاط أخرى مهمة منتجة للنفايات .
فبعد تحليل المعطيات ، يمكننا حساب كميات النفايات لكل نقطة و لكل جزء من الشوارع و أيضا تحديد العدد ، السعة و تقسيم الحاويات من أجل وضعها في أماكنها الصحيحة .
نستعمل الكميات المقدرة لكل نوع من أنواع الجميع ، سواء اليد باليد أو فيما يتعلق بالتجميع الاختياري ،و نقوم بتحديد احتياجات المستقبلين .
2-6-1- مسارات التجميع :
باستطاعتنا من أجل كل حي وضع مخطط يشير إلى مسارات التجميع .كما توجد كذلك برامج حاسوبية و التي و بعد امتلاك المعطيات و سعات شاحنات التجميع ،يمكننا الإشارة إلى مسارات الرفع المثلى، مثل نظام المعلومات الجغرافية SIG .
دائما من أجل تحقيق الأمثلية ، المسارات المحددة يجب أن يكون باستطاعتنا تغييرها باستعمال مقاييس مرتبطة بتهيئة المدينة .
2-6-2- تواتر الجمع :
الأيام و تواتر التجميع هما محددات حسب احتياجات السكان ، الإمكانيات التقنية و التنظيمية للمنظمة المكلفة بهذه الخدمة ،و كذا العوامل الاقتصادية و مقاييس أخرى متنوعة .
في أوربا تواتر التجميع للنفايات المنزلية في المعتاد مرة في الأسبوع و في البلدان أين استعمال الماء هو من العناصر الأساسية للقمامة المنزلية المرفوعة و أين الجو يكون ساخن التواتر يصبح أكبر .
2-7- النقل:
"هذه المرحلة تخص التسلسل المتبع لنقل النفايات المجمعة إلى أماكن التثمين أو التخلص النهائي.
عندما تكون المسافات بين المناطق التجميع و أماكن التوجه النهائي ( المفرغات ) ليست كبيرة الجمع يكون بالسيارات التجميع العادية .
و في حالة العكس نقوم بما يسمى بالانقطاع في التحميل ، أي تمرير محتوى سيارة التجميع إلى وسيلة أخرى أكثر اتساعا لغرض نقل الحمولة إلى أماكن التوجه النهائي في ظروف أكثر فعالية و اقتصادية ، وتتعلق بالشاحنات ذات الحمولة الكبيرة ، أو عبر السكك الحديدية ....."
2-8- محطة الانتقال :
هو مكان تجميع و تخزين وسيط للنفايات في انتظار تصريفها بواسطة وسائل نقل ذات الحمولة كبيرة. بحيث تقوم على مبدأ تفريغ الشاحنات العادية للنفايات في مكان قرب المناطق الحضرية ،وبعد ذلك يتم صرفها و نقلها من طرف شاحنات كبيرة نحو مراكز التثمين و التخلص ،هذه المحطات مجهزة بمجمع و مكثف لتخزين النفايات .
فائدة هذه المحطات هو تقليل المسافات المقطوعة بشاحنات التجميع ، التي هي غير مصممة
لقطع مسافات كبيرة .
2-9- محطة العبور :
إن هدف هذه المحطات هو جعل عملية تحويل النفايات في المدى البعيد في شروط مردودية مقبولة ، إذ تمثل تهيئات هامة يمكنها أن تعالج مئات الأطنان من القمامة يوميا
و هذه المحطات جد هامة في الحالات التي تكون فيها المسافة بين مناطق التجميع و مكان الصرف النهائي طويلة و لأسباب أخرى منها :
امكانية استغلال مفرغة متواجدة على مسافة بعيدة من أجل استصلاح أرض غير مستعملة .
إمكانية ارسال القمامات إلى مصنع موجود بعيدا ،بدل إنشاء مصنع جديد.