النص :
1- يَميناً لَنِعمَ السَيِّدانِ وُجِدتُما
----------------- عَلى كُلِّ حالٍ مِن سَحيلٍ وَمُبرَمِ
2- تَدارَكتُما عَبساً وَذُبيانَ بَعدَما
----------------- تَفانوا وَدَقّوا بَينَهُم عِطرَ مَنشِمِ
3- وَقَد قُلتُما إِن نُدرِكِ السِلمَ واسِعاً
----------------- بِمالٍ وَمَعروفٍ مِنَ الأَمرِ نَسلَمِ
4- فَأَصبَحتُما مِنها عَلى خَيرِ مَوطِنٍ
----------------- بَعيدَينِ فيها مِن عُقوقٍ وَمَأثَمِ
5- عَظيمَينِ في عُليا مَعَدٍّ وَغَيرِها
----------------- وَمَن يَستَبِح كَنزاً مِنَ المَجدِ يَعظُمِ
6- فَمِن مُبلِغُ الأَحلافِ عَنّي رِسالَةً
----------------- وَذُبيانَ هَل أَقسَمتُمُ كُلَّ مُقسَمِ
7- فَلا تَكتُمُنَّ اللَهَ ما في نُفوسِكُم
----------------- لِيَخفى وَمَهما يُكتَمِ اللَهُ يَعلَمِ
8- يُؤَخَّر فَيوضَع في كِتابٍ فَيُدَّخَر
----------------- لِيَومِ الحِسابِ أَو يُعَجَّل فَيُنقَمِ
9- وَما الحَربُ إِلّا ما عَلِمتُم وَذُقتُمُ
----------------- وَما هُوَ عَنها بِالحَديثِ المُرَجَّمِ
10- مَتى تَبعَثوها تَبعَثوها ذَميمَةً
----------------- وَتَضرَ إِذا ضَرَّيتُموها فَتَضرَمِ
11- فَتَعرُكُّمُ عَركَ الرَحى بِثِفالِها
----------------- وَتَلقَح كِشافاً ثُمَّ تَحمِل فَتُتئِمِ
12- فَتُنتَج لَكُم غِلمانَ أَشأَمَ كُلُّهُم
----------------- كَأَحمَرِ عادٍ ثُمَّ تُرضِع فَتَفطِمِ
أثري رصيدي اللغوي :
* السحيل : الحبل المفتول على قوة واحدة (الخيط الواحد)، أما المبرم فهو المفتول على قوتين أو أكثر ، وسحل الحبل ، يسحَله ، سحْلا ؛ فتله قوة واحدة ، وبرم الشيء أحكمه ، وأبرم الحبل والشيء برمه ، إذن المبرم : خيطان يبرمان فيصيران خيطا واحدا .
* منشم : اسم امرأة عطّارة اشترى قوم منها جفنة من العطر وتعاقدوا وتحالفوا بينهم فجعلوا آية الحلف غمسهم بالأيدي في ذلك الطر ، فقاتلوا العدو الذي تحالفوا على قتاله ، فقتلوا عن آخرهم ، فتطيّر العرب بعطر منشم وسار به المثل .
* الحديث المرجم : الحديث الذي يحكم فيه بالظنون .
* الثفال : جلدة تحت الرحى يدق عليها الدقيق .
* تلقح كاشفا : أي سنتين متواليتين
* تتئم : تأتي بتوءمين
اكتشاف معطيات النص :
- السيدان اللذان يتحدث عنهما الشاعر هما الحارث بن عوف وهرم بن سنان
- يدل الفعل " نِعْمَ " على المدح ، ويكشف عن نفسية خيرة للشاعر تقدّر المعروف وتثمن أعمال الخير
- جاء الفعل "نعم" مقرونا باللام من اجل توكيد المعنى
- المعنى الذي يرمز إليه لفظا سحيل ، ومبرم:أما لفظة سحيل فترمز للرخاء، وأما مبرم فترمز للشد
- وقعت الحرب الطاحنة بين عبس وذبيان، والتعبير الدال على ذلك هو :
بعدما تَفانوا وَدَقّوا بَينَهُم عِطرَ مَنشِمِ
- خصّ الشعر السيدين اللذين أصلحا بين المتحاربين بالمنزلة الكبيرة والخيّرة عند القومين المتحاربين
- المراد بالأحلاف : أسد وغطفان
- يفيد التعبير : " ألا أبلغ الأحلاف " التذكير والتنبيه إلى القسم الذي اتخذوه فلا يخرجوا عنه
- أقسمت ذبيان على تنفيذ الصلح
- حصر الشاعر الحرب في نتائجها المجربة من قِبَل القبيلتين ، لأنهم أدركوا مرارتها وذاقوا ويلاتها ، فلا يعودوا إليها
تلخيص مضمون النص :
يمينا إنكما يا حارث وهرم بن سنان لنعم الرجلين في حالي الشد والرخاء ، فقد تداركتما القبلتين بالسلم بعد إن تفانوا بالحرب، ونشرتما السلم وأوقفتما الحرب بمالكما وقولكما الجميل ، وبعدها أصبحتما خير منزلة عند القوميين ، فواصلوا إصلاحكم بين العرب وبخاصة قبيلة "معد"، ومن وجد كنزا من المجد فأخذه عظم أمره بين الكرام
ألا من يبلغ أسد وغطفان وذيبان وحلفاءها إنكم أقسمتم قسما عظيما على تنفيذ الصلح ، فلا تخفوا يا ذبيان على الله ما تضمرونه من غدر فهو يعلم السر وما أخفى ، ويؤخره ليوم الحساب أو يعجّل لكم عقوبة الدنيا فينتقم منكم
إنكم جربتم الحرب ونتائجها المريرة ، فإن أشعلتموها ذمتكم العرب ، ووقعت عليكم تلك الحرب كما يطحن الرحى الحبَّ ولا تنتج الحرب إلى غلمان شؤم لكم ، كل واحد منهم يضاهي في الشؤم عاقر الناقة "قدار بن سالف" وترضعهم الحرب وتفطمهم على الحرب فيصبحون شؤما على إبائهم
مناقشة معطيات النص :
- تفيد كلمة "يمينا" القسم ، وصاحب اليمين هو الشاعر زهير، ويدل قسمه على تعظيمه لهرم والحارث
- الفعل "تفانوا" هو فعل مضارع ؛ والأفعال المضارعة تدل على الاستمرار والحيوية ، وهكذا فإن الفعل "تفانوا" يفيد الاقتتال حتى الموت والفناء إلى آخر واحد منهم .. وأثره على نفسية المتحاربين هو النصر أو الموت ، فتتولد فيهم العزيمة على الانتصار
- المراد بقول الشاعر " دقّوا بينهم عطر منشم" أي قرّروا الحرب حتى الموت ، والدلالة الاجتماعية هي سرعة الغضب والإقبال على الحرب دون حكمة أو تعقّل (الهمجية القتالية)
- أدرك هرم والحارث الصلح بين القبيلتين بدية القتلى ، ودفع المال من جيبهما
- يفيد جواب الشرط "نسلم" إفشاء السلم ، نتيجة لدفع المال الدية عن القتلى تجنبا لشر الحرب التي تأتي على الأخضر واليابس
- يدل لفظ هديتما على الهداية إلى طريق الإصلاح ، إذ أصبح هرم والحارث معروفين بالإصلاح ، وهذا يمنحهما لقبا الشرف والمجد عند العرب
- يقصد الشاعر بتعبير "من يستبح كنزا من المجد يُعظم " ؛ أن من وجد كنزا من المجد فأخذه عظم أمره بين الكرام ، وكنز السيدين هو أنهما قد عرفا بالإصلاح بين المتحاربين
- تفيد "هل" في قول الشاعر " هل أقسمتم كل مقسم" التذكير بالقسم العظيم على تجنب الغدر والتأكيد عليه
- تُعرب " كلُّ " في قول الشاعر "هل أقسمتم كل مقسم" مفعول مطلق منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة ، وتفيد كل في البيت عدم التنازل عن القسم في اي حال.
- المراد من تشبيه الحرب بالرحى هو التخويف والترهيب من نتائج الحرب على المتحاربين والقريبون منهم ، فقد شبه الشاعر الحرب وويلاتها بالرحى والناس بالقمح الذي تطحنه الرحى
- التعبير المجازي في البيت الثالث هو "بمعروف من القول" كناية عن القول الجميل ، و"ندرك السلم" كناية عن نجاح الصلح وإفشاء السلام ، غرضه الأدبي هو الأمل في تحقيق السلام بين المتحاربين
- التعابير المجازية في البيت الثاني عشر هي: "فتعرككم عرك الرحى بثفالها"، "تلقح كشافا"،
"تنتج فتتئم"؛ هي استعارات مكنية شبه فيها الشاعر الحرب بالطاحونة ، والمقاتلين بالقمح المطحون، والغرض الأدبي منها هو الترهيب والتفزيع من الحرب ونتائجها الوخيمة
- يبدو الشاعر مؤمنا بالله داعيا إلى السلم ، حنيفا ، فهذه خصائص عقيدة الإسلام ن قال تعالى في قرآنه الكريم :{وإن جنحوا للسلم فاجنح لها }، وقال سبحانه : {والصلح خير}...
- بدو نفسية الشاعر ميّالة للصلح محبة لخير الناس ، كارهة للعداوة والتباغض بينهم ، مفزعة لما من شأنه إيقاظ الحرب بينهم
تحديد بناء النص :
- تفيد صيغة "فلا تكتمنّ" النهي
- الدلالة الفكرية لأفعال : "علمتم" ، "ذقتم" ، "الحديث المرجّم" : واقع مرير ، وتعصب شديد ، وهمجية لا حدود لها ، وإيمان بالخرافة خاصة التطير والتشاؤم بنذير شؤم .
- اعتمد الشاعر في حديثه عن الحرب لغة العقل والقلب معا ، ففي العقل يبين نتائجها الوخيمة عليهم، وفي العاطفة يفزع نفوسهم حتى لا يعودوا لمثلها أبدا
- النمط الغالب على النص هو الحجاجي
- أوجه إقناع قبيلة ذبيان هو تخويفها من انتقام الله وعذابه في الدنيا قبل الآخرة إن نكثوا العهد
......................