يحضر الذئب في الآداب الإنسانية و ثقافة الشعوب بشخصية متميزة تثير في النفس مشاعر متباينة ما بين إعجاب وسخط ، مدح و هجاء... يروي المفضل أنه كان مع هارون الرشيد وهما منصرفان من مكة فسنح لهم ذئب فسأله هارون الرشيد :
-ما أحسن ما قيل في الذئب ؟
فأجاب المفضل إنه قول الراجز:
أطلس يخفي شخصه غباره ... في فمه شفرته و ناره
فا ستحسن هارون الرشيد هذا البيت الذي يلمح بأسلوب جميل إلى صفة السرعة لدى الذئب في الشطر الأول إذ لشدة سرعته و كثرة ما يثيره من غبار أثناء الجري فإن شخصه لايظهر وسط مثار النقع. ولمح في الشطر الثاني إلى شدة بطشه و فتكه باستعارة جميلة حين شبه أنيابه بالشفرة و أنفاسه بالنار.
ويخبر هارون الرشيد محدثه بأنه يحفظ بيتا آخر أحسن مما ذكر فإن جاء به منحه خاتمه . فيقول المفضل في أدب جم : لعل أمير المؤمنين يريد قول الشاعر :
ينام بإحدى مقلتيه و يتقي بأخرى ... المنايا فهو يقظان هاجع
فيقول هارون الرشيد : ما خرج هذا على لسانك إلا لذهاب خاتمي . ورمى بالخاتم إليه .
وواضح أن هارون الرشيد أعجب بالبيت الثاني في نوع من الإسقاط النفسي ، فالبيت يشيد بصفة الحذر في الذئب ، فهو لشدة حذره ينام بعين و يحرس نفسه من مباغته الأعداء بعين أخرى ، ولعل ذلك ما كان يحتاج إليه هارون الرشيد الذي يعيش حياة تقتضي أعلى درجات اليقظة و الحذر في محيط يتربص به الأعداء على مدار الساعة .
مع صفة الحذر التي أثارت إعجاب هارون الرشيد ، هناك صفة الغدر التي أبكت الأعرابي الذي وجد جرو ذئب فأخذه وسقاه من حليب شاته ورباه ، و حين اشتد الجرو و صار ذئبا فتك بالشاة التي رضع حليبها ، فقال الأعرابي متحسرا هذه الأبيات :
بقرت شويهتي و فجعت قلبي
وأنت لشاتنا ابن ربيب
غذيت بدرها و ربيت فينا
فمن أنباك أن أباك ذيب
إذا كان الطباع طباع سوء
فلا أدب يفيد و لا حليب
خاطب الأعرابي الذئب بعبارة " فجعت قلبي " ليس لأنه بقر شويهته فقط ، و لكن بفعل الغدر القاسي المتمثل في قوله : " غذيت بدرها (حليبها) و ربيت فينا" هذا الإكرام الذي لم يمنعه من اقتراف فعلته الشنيعة ...
على خلاف هذا الأعرابي الذي خدع في ثقته التي وضعها في جرو الذئب فإن الفرزدق في قصة مشابهة مع الذئب يأخذ حيطته وهو يتعامل مع الذئب في قصة من أجمل قصص الكرم العربي ، و ذلك حين كان الفرزدق مسافرا و قد أشعل النار للعشاء فجذبت رائحة اللحم الذئب فقصد نار الشاعر الذي أبت عليه شيمه العربية أن يرد هذا الضيف الطارق ، فراح يتقاسم معه الزاد وهو متيقظ ، يده على قائم سيفه .
ويصور الفرزدق ذلك في هذه القصيدة الرائعة :
وأطلس عسال و ما كان صاحبا
دعوت بناري موهنا فأتاني
فلما دنا قلت : ادن دونك إنني
و إياك في زادي لمشتركان
فبت أسوي الزاد بيني و بينه
على ضوء نار مرة و دخان
فقلت له لما تكشر ضاحكا
و قائم سيفي من يدي بمكان :
تعش ، فإن واثقتني لا تخونني
نكن مثل من يا ذئب يصطحبان
و أنت امرؤ يا ذئب و الغدر كنتما
أخيين كانا أرضعا بلبان
و لو غيرنا نبهت تلتمس القرى
أتاك بسهم أو شباة سنان
فعل نبيل قام به الفرزدق إذ اقتسم زاده مع الذئب الجائع ، لكنه ظل ملازما للحذر طيلة الجلسة ، فهو يدعوه إلى الطعام " تعش " وفي الوقت نفسه يحذره من الغدر و الخيانة ، فهو لا يريد أن يلدغ من الجحر الذي لدغ منه الأعرابي مع جرو الذيب.
في آخر أبيات القصيدة يذكر الفرزدق الذئب بعظم الخدمة التي أسداها إليه ، لأنه لو قصد آخر غير الشاعر يطلب قرى ( ما يقدم للضيف من طعام ) لكان الجواب سهما أو رمحا قاتلا .
لو غيرنا نبهت تلتمس القرى ... أتاك بسهم أو شباة سنان
ما ذكره الفرزدق في آخر نصه هو ما حصل للذئب مع الشاعر البحتري ، فبعد الحفاوة التي حظي بها عند الفرزدق يلقى الموت الزؤام من البحتري في موقف درامي يواجه بعضهما بعضا في صراع وجودي شرس محكوم بهلاك أحدهما .
يخصص البحتري أربعة أبيات لتصوير الذئب في رسم جميل ، فهو ذئب بارز الصدر و الأضلاع ، له ذنب طويل كالرشاء ( كالحبل) ، طواه الجوع فتقوس ظهره فلم يعد فيه إلا العظم و الجلد و الروح ، يكشر عن أنياب فيها الهلاك ، ولها اصطكاك كاصطكاك المرتعش من البرد .
تبدأ لحظة المواجهة حين ينتبه الذئب إلى إلى وجود الشاعر و تلتقي عينه بعينه .
سما لي و بي من شدة الجوع ما به
ببيداء لم تعرف بها عيشة رغد
كلانا بها ذئب يحدث نفسه
بصاحبه ، و الجد يتعسه الجد
جمع البحتري في هذين البيتين عوامل الصراع الدموي : الجوع الذي يثير شراستهما إلى أقصى حد ، مسرح الصراع بيداء قفر لا طعام فيها إلا أحد طرفي الصراع للآخر ، والبيداء في اللغة وصفت كذلك لأنها تبيد ساكنها أو عابرها لقلة أو انعدام موارد العيش بها " لم تعرف بها عيشة رغد " ، لهذا كان كلاهما يحدث نفسه بالآخر ، ولهذا خرج الشاعر من إنسانيته و دخل ذئبية مطلقة " كلانا بها ذئب " .
وتدق طبل المعركة ، يعوي الذئب ، ثم يقعي متوثبا (يجلس على إليتيه) ، وحين يرتجزه الشاعر يهيجه فيقبل نحوه في هجوم خاطف صاخب :
عوى ، ثم أقعى فارتجزته فهجته ... فأقبل مثل البرق يتبعه الرعد
و البرق هنا هو وميض أنيابه ، أما الرعد فزئيره و هريره .
و يستقبله الشاعر بطعنة خرقاء (نافذة) ، إلا أنها لم تكن القاضية مما يزيده هياجا و تصميما على الفتك بالشاعر بكل ما في القلب من رعب و حقد ، والحيوان أشد ما يكون هياجا حين يكون جريحا ، و الشاعر يدرك خطورة ذلك ،
وعليه أن يتصرف بسرعة ، لهذا نراه يستعمل الفاء التي تفيد الترتيب و التعقيب أي : من غير فاصل زمني قصير بين الفعلين إذ يقول :
فأتبعتها أخرى فأضللت نصلها ... بحيث يكون اللب و الرعب و الحقد
أي أتبع طعنته الأولى بطعنة أخرى أغمدها في قلب الذئب حيث يتجمع الحقد و الرعب .وتكون القاضية التي أوردته منهل الردى ، ثم يعمد الشاعر إلى نار فيشوي عليها ذئبه و يأكل منه قليلا ، إذ ليس فيه كثير ما يؤكل ، ثم يمضي عنه و قد تركه لمصيره معفرا في التراب وحيدا .
النص :
وأطلس ملء العين يحمل زوره ................الزور: الصدر
و أضلاعه من جانبيه شوى نهد
له ذنب مثل الرشاء يجره
و متن كمتن القوس أعوج منأد
طواه الطوى حتى استمر مريره
فما فيه إلا العظم و الروح و الجلد
يقضقض عصلا في أسرتها الردى ............عصل : أنياب
كقضقضة المقرور أرعده البرد
سما لي و بي من شدة الجوع ما به
ببيداء لم تعرف بها عيشة رغد
كلانا بها ذئب يحدث نفسه
بصاحبه ، و الجد يتعسه الجد
عوى ، ثم أقعى ، فارتجزته فهجته
فأقبل مثل البرق يتبعه الرعد
فأوجرته خرقاء تحسب ريشها
على كوكب ينقض و الليل مسود
فما ازداد إلا جرأة و صرامة
و أيقنت أن الأمر منه هو الجد
فأتبعتها أخرى فأضللت نصلها
بحيث يكون اللب و الرعب و الحقد
فخر وقد أوردته منهل الردى
على ظمأ ، لو أنه عذب الورد
وقمت فجمعت الحصى فاشتويته
عليه و للرمضاء من تحته وقد
ونلت خسيسا منه ثم تركته
و أقلعت عنه و هو منعفر فردربما يكون هذا الفعل من البحتري مثار غضب جمعيات الرفق بالحيوان ، غير أن الأدب الغربي ذاته لا يخلو من سلوك مشابه ، ففي قصيدة لألفريد دي فينييه بعنوان " موت الذئب " مصير مأساوي لذئب تطارده مجموعة من الصيادين المحترفين ، يضيقون عليه الحصار بإحكام مدججين بأسلحتهم و كلابهم . وحين يدرك الذئب أن سبل النجاة قد سدت عليه و أنه ميت لا محالة تأبى عليه نفسه إلا أن يموت ميتة عظيمة : " أقبل الذئب، ناصباً يديه، اللتين غرزهما في الرمل بأظافرهما المقوسة.
وقدرأنه هالك، لأنه بوغت وقطع عليه خط الرجعة، وسدت عليه الطرق، وحينئذ أمسك بفمه المتوقد، أجرأ الكلاب، من حلقومه اللاهث، ولم يرخ فكه الحديدي، على الرغم من طلقاتنا النارية التي كانت تخترق لحمه، وخناجرنا الحادة التي كانت تتصالب كالكماشات وهي تغوص في خاصرتيه العريضتين، إلا في آخر لحظة حين رأى الكلب المخنوق، يسبقه إلى الموت بزمن طويل، ويتدحرج معفراً تحت أقدامه.تركه الذئب حينئذ ، ثم نظر إلينا ..." — Le Loup vient et s'assied, les deux jambes dressées
Par leurs ongles crochus dans le sable enfoncés.
Il s'est jugé perdu, puisqu'il était surpris,
Sa retraite coupée et tous ses chemins pris ;
Alors il a saisi, dans sa gueule brûlante,
Du chien le plus hardi la gorge pantelante
Et n'a pas desserré ses mâchoires de fer,
Malgré nos coups de feu qui traversaient sa chair
Et nos couteaux aigus qui, comme des tenailles,
Se croisaient en plongeant dans ses larges entrailles,
Jusqu'au dernier moment où le chien étranglé,
Mort longtemps avant lui, sous ses pieds a roulé.
Le Loup le quitte alors et puis il nous regarde.
النظرة التي وجهها الذئب إلى قاتليه كانت بالغة لأثر في الشاعر :" وقد بقيت الخناجر مغمدة في
النظرة التي وجهها الذئب إلى قاتليه كانت بالغة لأثر في الشاعر :" وقد بقيت الخناجر مغمدة في خاصرته حتى المقابض، تسمره في الكلأ المغمور بدمه، على حين كانت بندقياتنا تحيط به على هيئة هلال مشؤوم، أعاد النظر إلينا ثم عاد إلى الاضطجاع، وهو لا يني عن لعق الدم المنتشر حول فمه ودون أن يعبأ بمعرفة كيف هلك، أغلق عينيه الكبيرتين، ومات من غير أن يصرخ صرخة واحدة...
وأسفاه! لقد فكرت بأنني على الرغم من اسمنا "الرجال" أخجل مما نحن عليه، فما أشد خورنا!
كيف يجب أن تودع الحياة وشرورها كلها? أنتم فقط تعرفون ذلك، أيتها الحيوانات المحترمة فلدى رؤية ما يصير إليه الخلق على الأرض، وما يتركونه، يعلم أن الصمت وحده عظيم، وأن كل شيء غيره خور، - آه لو عرفت جيداً أيها الراحل المتوحش ..فإن نظرتك الأخيرة نفذت إلى قلبي كانت تقول:
إذا استطعت فاعمل على أن تصل نفسك بفضل بقائها مُجِدِّةً مفكِّرة، إلى هذه الدرجة السامية من الكبرياء الرّواقية التي بلغتها منذ لحظة قصيرة بفضل ولادتي في الغابات إن الأنين والبكاء والاستعطاف هي أيضاً جبن وحقارة، -فاعمل دائباً واجبك الثقيل الطويل في السبيل التي أراد القدر أن يناديك إليها ثم تجلد مثلي بعد ذلك، ومت من غير أن تفوه بكلمة...
Le Loup le quitte alors et puis il nous regarde.
Les couteaux lui restaient au flanc jusqu’à la garde,
Le clouaient au gazon tout baigné dans son sang;
Nos fusils l’entouraient en sinistre croissant.
Il nous regarde encore, ensuite il se recouche,
Tout en léchant le sang répandu sur sa bouche,
Et, sans daigner savoir comment il a péri,
Refermant ses grands yeux, meurt sans jeter un cri.
Hélas! ai-je pensé, malgré ce grand nom d’Hommes,
Que j’ai honte de nous, débiles que nous sommes!
Comment on doit quitter la vie et tous ses maux,
C’est vous qui le savez, sublimes animaux!
A voir ce que l’on fut sur terre et ce qu’on laisse,
Seul le silence est grand; tout le reste est faiblesse.
—Ah! je t’ai bien compris, sauvage voyageur,
Et ton dernier regard m’est allé jusqu’au cœur!
Il disait: ‘Si tu peux, fais que ton âme arrive,
A force de rester studieuse et pensive,
Jusqu’à ce haut degré de stoïque fierté
Où, naissant dans les bois, j’ai tout d’abord monté.
Gémir, pleurer, prier, est également lâche.
Fais énergiquement ta longue et lourde tâche
Dans la voie où le sort a voulu t’appeler,
Puis, après, comme moi, souffre et meurs sans parler.’
الشموخ و الكبرياء و الألم الذي يصنع العظماء عند الرومانسيين الذين يعد ألفريد دي فينيي من أبرزهم .
وإن كنا في بداية المقال الإنسان يرضع الذئب و يربيه فإن ذلك يعيد إلى الأذهان الصورة النقيض ، قصة الذئبة التي أرضعت صبيين توأمين تخلي عنهما "ديموس" و " روميلوس" فأنقذتهما الذئبة من الهلاك إذ أخذتهما و أرضعتهما إلى أن عثر عليهما راع فأخذهما إلى كهفه و أكمل تربيتهما .
غير أن سيناريو الغدر يتكرر هاهنا ، إذ يقتل الأخوان الراعي ويقرران تأسيس مدينة حول الكهف . و يستمر الغدر في أقسى صوره حين يكرران فعلة قابيل و هابيل فيغدر " روميلوس" بأخيه " ميدوس" مانحا اسمه للمدينة التي أسساها حول الكهف " روما" و كأنه رضع الغدر مع حليب الذئبة .
هكذا تأسست روما على ذئبية " روميلوس" و صارت الذئبة المرضعة رمزا لها ، روما التي يصورها ابنها الأديب الفذ " ألبرتو مورافيا " في كتابه الرائع " قصص من روما "يصور فيه بأسلوب قصصي شائق آلام المحرومين و ما يعانونه من عذابات في العالم السفلي لروما ، عالم يعج بالبؤساء و المحبطين .
تصادفنا المجموعة القصصية بأولى قصصها الأليمة بعنوان " الرضيع " حيث يفكر الوالدان الفقيران في التخلي عن رضيعهما الذي يضاف إلى ستة أولاد يثقلون كاهلهما . وتمضي القصة كلها و هما يطوفان في المدينة يبحثان عن مكان مناسب يودعان فيه الرضيع من كنيسة إلى كنيسة وقلب الأم يتقطع مزقا ...
و لعل أشد قصص المجموعة ارتباطا بموضوعنا هي قصة " سارقا الكنيسة "التي يبدأها الكاتب بمقدمة يستعيرها من حياة الذئب . يقول: " ما الذي يفعله الذئب حين يرى الذئبة و جراءهما فارغي البطون يتضورون جوعا ؟ ما الذي سيفعله في هذه الحال ؟ أقول أنا بأنه سيخرج من وجره و يسعى للبحث عن شيء يسد رمق عائلته ، مدفوعا باليأس ينزل إلى القرية، و يدخل بيتا ما ، ومن حق الفلاحين أن يواجهوه و أن يقتلوه ، ولكن من حق الذئب أيضا أن يهاجمهم و أن يعضهم ..."
ويكون الذئب في القصة رب أسرة معدمة يسكن في مأوى عبارة عن مغارة في قدم الجبل بضواحي روما ، مغارة أشبه بشقة منجزة ،فهي واسعة ، جافة ، نظيفة ، هناك العديد منها في سفح الجبل معظمها مهجور . يترك السارد أولاده تحت رعاية جاره في المغارة " بيليتي" و ينزل مع زوجته إلى روما وقد أعدا خطة لسرقة الكنيسة ، وحين تكاد خطتهما تكلل بالنجاح يقعان في قبضة البوليس و يساقان إلى السجن ، بينما أولادهما في المغارة يتضورون من الجوع ينتظرون عودة والديهم .
وأنت تقرأ هذه القصة تحس كأن الكاتب يستحضر ماضي روما وقصة الذئبة المرضعة و الكهف و تأسيس المدينة من قبل ولد الذئبة ، روما الذئبة التي عناها الكاتب الجزائري عمارة لخوص .... في روايته " كيف ترضع الذئبة دون أن تعضك؟" فالكاتب مقيم في إيطاليا يرصد معاناة المهاجرين هناك ، وهو يحاول الاستفادة من الإقامة في روما من غير أن يتيح لها أن تعضه . والتي هي امتداد جميل للروايات التي تناولت اللقاء الثقافي الشرقي الغربي و ما يثيره من اختلاف بدءا من عصفور من الشرق لتوفيق الحكيم إلى الحي اللاتيني لسهيل إدريس مرورا برائعة " موسم الهجرة إلى الشمال " لطيب صالح وصولا إلى " كيف ترضع الذئبة دون أن تعضك؟" لعمارة لخوص.
وأخير الذئب ليس دائما ذلكم الغادر الفاتك ، فقد اتخذه الشنفرى أحد إخوانه الخلصاء حين أعلن فراقه لقومه الذين ناله أذاهم فخاطباهم في لاميته الشهيرة :
وَلِي دُونَكُمْ أَهْلُـون : سِيـدٌ عَمَلَّـسٌ وَأَرْقَطُ زُهْلُـولٌ وَعَرْفَـاءُ جَيْـأََلُ
هُـمُ الأَهْلُ لا مُسْتَودَعُ السِّـرِّ ذَائِـعٌ لَدَيْهِمْ وَلاَ الجَانِي بِمَا جَرَّ يُخْـذَلُ
والسيد العملس هو الذئب القوي
أما أبو العلاء فرأى أن الذئب أكثرا أمانا من الإنسان إذ قال :
عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى ... و صوت إنسان فكدت أطير
فالغدر صفة متجذرة في الإنسان و يلصقها زورا بالذئب ، وهو ما حصل مع يوسف عليه السلام حين تآمر عليه إخوته و رموه في البئر ثم قالوا لأبيهم قد أكله الذئب في غفلة منا "وجاءوا أباهم عشاء يبكون 16 قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق و تركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذيب و ما أنت بمؤمن لنا و لو كنا صادقين 17" سورة يوسف
صدق الله العظيم.