مذكرات محامي - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مذكرات محامي

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2008-09-16, 17:27   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
m redha
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي مذكرات محامي

اخواني اطلعت على هذه المذكرة في النت
واعجبتني وارتايت ان انقلها لكم


مذكرات محامي

لم أكن – قبل التحاقي بمهنة المحاماة – قادرا على أن أستوعب معاناة ذلك الفنان الذي رمت به الأيام إلى تولي منصب النيابة العامة في أحد الأرياف المصرية فخنق شوكها براعم مواهبه الفنية كما خنقت مواهب الكثيرين ممن سبقوه للجلوس على ذلك المقعد وتركوا بصماتهم على مكاتب ومنصة النيابة العامة وهم يحفرون دفق تلك المواهب على أسطحها باعتبارها المساحة الحرة وحيدة المتاحة للتعبير عن مكنوناتهم أو ربما هروبا من رتابة العمل القضائي .

ولم أكن كذلك قادرا – قبل أن أختبر ذلك بنفسي- على استيعاب موت حتى الأحاسيس البشرية في هؤلاء وهم يشاهدون أو يمارسون تمزيق وتشريح الجسم الآدمي بحثا عن الأدلة أووصولا إلى قناعة معينة فلم يعد هذا الجسد بين أيديهم إلا كما الساعة المعطوبة بين يدي مصلح الساعات يفككها ثم يعيد ترتيبها .

عندما ولجت عالم القضاء ومهنة المحاماة –كمتدرب- كنت أحاول أن أشغل كل حواسي وأضبطها كما تضبط أزرار جهاز الاستقبال على الموجات العالية والقصيرة حتى لا تفلت مني لا كبيرة ولاصغيرة فأذناي مبرمجتان لاستقبال المرافعات وأطوار الإجراءات والمحاكمات وعيناي تبحثان في همهمات وهمسات الألسن والشفاه و حركات الأقلام وتعابير الوجوه ، لذلك لفت انتباهي أن وكيل الجمهورية آن ذاك ليس كزملائه من القضاة والمحامين ، رجل يتمتع بموهبة خاصة خارجة عن المواهب المألوفة في هؤلاء وفي رجال النيابة العامة بالخصوص .

كان الرجل يغرق في بعض الأحيان بين أوراقه أو ينكب على طاولته لزمن فدفعني الفضول إلى استراق النظر فإذا به يحرك قلمه على غير حركات الكتابة فاختلست نظرة قريبة فإذا به يرسم رسومات عادية وأخرى من شخوص المحكمة، رسوم تنم عن موهبة تأبى الاختباء وتحاول أن تطل برأسها رغما عن إرادة الرجل ، ثم ما لبثت أن رأيت غيره من أصحاب الجبة السوداء يوارون رسوماتهم كما تواري العذراء ما ظهر من زينتها .

تقافزت إلى ذهني شخصية البطل في رواية توفيق الحكيم (( يوميات نائب في الأرياف)) وقلت في نفسي هذه الصورة التي حاول خيال الكاتب إبرازها على لسان البطل تتجسد أمامي حقيقة لا وهما، ومع الأيام ومع السنون ما فتئت مواهب فنية وأدبية تومض خلسة في ظلمة السواد المتشح به هؤلاء (( حزنا على الحقوق الضائعة أو على العدالة المفقودة أو على أشياء أخرى )) كما يومض شهاب في ديجور الليل المعتم .

ومع هذه الأيام والسنوات برقت مواهب وأرعدت ثم ما لبث إن اكفهرت سحبها وانجلت دون مطر وذهبت مع الريح دون أن تترك أي اثر ، وكنت وما زلت –إلى اليوم-أرى الأدب –شعرا ونثرا-يذوي على أفواه هؤلاء القوم كالفسائل النظرة التي لم تتعهد بالرعاية والسقاية ولحق عليها الصقيع البارد للقانون ونصوصه الجافة فأصابها بالجمود فأضحت مثله جافة كوقيد من خشب عتيد .

يدخل المحامي الجديد إلى المهنة مليئا بروح الشباب مسلحا بالكلمة الأدبية الرنانة يوظف في مرافعاته أجود أقوال الحكماء وعيون أبيات الشعراء غير أنه مع الأيام ما تلبث أن تتراجع تلك المسحة الجمالية من مرافعاته –شيئا فشيئا – فينبذ الاقتباس ويهجر الاستشهاد ثم ما ينفك أن يتخلى عن لغة الأدباء ليستعيض عنها بالغة الدارجة حتى تصبح في النهاية كل مرافعاته دارجة خالصة .

والمحامي معذور في ذلك لأنه مع تقدمه في المهنة يكتشف أن من واجبه أن يخاطب مستمعيه بما يفهمون من كلمات و من واجبه كذلك أن يرافع بما يتلاءم مع ما يخدم مصلحة موكله ، فكثير من القضاة النظاميين ومعظم القضاة الشعبيين لا يتقنون اللغة العربية الفصحى ولا يفهمونها بحكم تكوينهم أو بحكم صفاتهم وقد تختلف حتى لهجات دارج لسانهم من منطقة لأخرى، وكثيرا ما يقاطع القضاة المحامين المعربين ليستحثوهم على المرافعة (( بالعربية الدارجة))، ولعلى لا أخفي سرا إن قلت أنني كنت واحدا من ضحايا هؤلاء وكنت واحدا من اللذين أجهزت المحاماة على مواهبهم بالجملة .

ولعل القارئ الكريم سيستشف من هذا المقال تردي لغتي ولعل من يعرفني طالبا أو محاميا مبتدئا سيشهد بذلك، ويشهد أيضا على طلاقي البائن مع هوايتي وحرفتي القديمة –الرسم التشكيلي ، وفن الكاريكاتير – فلم أعد مذ طال الأمد علي في المحاماة بقادر على إمساك الريشة والألوان ولا على استنشاق رائحة الحبر الصيني .

إن مهنة المحاماة – على الرغم من نبلها وعراقتها- وفضلا على ما سبق ذكره من عيوبها لا تترك متسعا من الوقت ولا من صفاء الذهن للإبداع الفني تماما كمهنة القضاء وعلى رأسها القضاء الواقف، ولعل في زملائي من يشاطرني الرأي بان من لبس الجبة السوداء فإنما قد لبس في الحقيقة كفن مواهبه .

الأستاذ: ع ك ه ، محامي









 


قديم 2008-09-17, 23:23   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
houda-21
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا على هذه المذكرات ، ولكن في الواقع ما يهمنا في المحاماة هو العدالة والحق وبالتالي لا يهمنا إن كانت مرافعات المحامي باللغة الفصحى أو الدارجة ، وشكرا










قديم 2008-09-26, 14:48   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
m redha
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

الاشكالية ليست في الفصحى او الدارجة
لكن المشكل في السبب الذي خلق ذلك










قديم 2009-10-02, 17:58   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
نسيم34
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية نسيم34
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

صاحب هدا الكلام والمقالة ابدع بها ونقل عالما حقيقيا لمحامي وقد امضى مقاله بالاخير ب ع.ك.ه. المحامي
هدا الاستاد قد توفى منذ اسبوع
رحمك الله يا استادنا عبد الكريم
اطلبوا الرحمة لاستاذنا


موقعه الذي سيكون بصمة بعد رحيله

https://maitreherrada.maktoobblog.com









قديم 2010-06-09, 19:01   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
moufii
عضو جديد
 
الصورة الرمزية moufii
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اعطيه كل الحق في كل كلمة قالها مثله انا دفنت مواهبي .. و يا للاسف اننا خسرنا محاميا مثله .. رحمة الله عليه










 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 14:19

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc