جرائم الصحافة - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

جرائم الصحافة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-04-17, 19:58   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 جرائم الصحافة

المقدمــــة
الفصل الأول: ماهية الجرائم الصحفية وأركانـها
المبحث الأول: ماهية الجرائم الصحفية
المطلب الاول: مفهوم جرائم الصحافة
المطلب الثاني: خصائص جرائم الصحافة
الفرع الاول: العلانية
الفرع الثاني: جرائم النشر جرائم وقتية
المبحث الثاني: أركان الجريمة الصحفية
المطلب الأول: الركن المادي في جرائم الصحافة
الفرع الأول: فعل النشر
الفرع الثاني: النتيجة
الفرع الثالث: علاقة السببية
المطلب الثاني: الركن المعنوي
الفرع الاول: العلم
الفرع الثاني: الإرادة
الفصل الثاني: تنظيم المسؤولية الجنائية وأسباب الإباحة في جرائم الصحافة
المبحث الأول: تنطيم المسؤولية الجنائية
المطلب الأول: المسؤولية الجنائية للأشخاص الطبيعيين
الفرع الأول: الفاعلون في الجرائم التي تقع بواسطة الإعلام المقروء
الفرع الثاني: الشركاء في الجرائم التي تقع بواسطة الإعلام المقروء
المطلب الثاني: المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية
الفرع الأول: أن يرتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها على سبيل الحصر
الفرع الثاني: أن تكون الجريمة مرتكبة بواسطة أحد أجهزة أو ممثلي الشخص المعنوي
الفرع الثالث: أن ترتكب الجريمة لحساب الشخص المعنوي
المبحث الثاني: أسباب الإباحة في جرائم الإعلام
المطلب الأول: حق نشر الأخبار
المطلب الثاني: حق النقد
الفرع الأول: تعريف النقد المباح
الفرع الثاني: مجال النقد المباح
الخاتـــــمة
مقدمة:
إن لحديث الحرية سحرا يملك على الإنسان لبه، و يأخذ بمجامع كلية، فهو حديث الأمس و اليوم و الغد الذي لا تمل النفس من ترد يده، لأن الحديث عن القوى المحركة للإنسان، و المفهوم الشامل لمختلف جوانب حياته، و تلك حقيقة عبر عنها جيفرسون (1) بقوله: " ... إن الله قد وهبنا الحياة، و منحنا معها و في ذات اللحظة، و لنفس السبب الحرية..." و من هنا صارت الحرية قيمة خالدة في التمييز الإنساني، و تزداد هذه الحرية قيمة حيث تقترن بالصحافة لأنها من إحدى وسائل التعبير عن الرأي في المجتمع المعاصر، و لا تتوقف حرية الصحافة في الدور الاجتماعي فحسب، و غنما أهميتها على المستوى السياسي لازالت ملء الأسماع ة الآذان، لذلك إذا كان كل مجتمع في حاجة إلى الصحافة فغن المجتمع الديمقراطي فحسب هو الذي يحتاج إلى حرية الصحافة.
إن لكل هذه الأهمية التي نحلها حرية الصحافة في قلب النظام الديمقراطي لا تعني أبدا، انها حرية مطلقة، فالأصل المستقر في الأنظمة القانونية أنه لا يمكن أن تكون الحرية مطلقة با قيد، و إلا انقلبت إلى فوضى، و حملت في طياتها البغي و العدوان على كيدان الدولة و حريات الآخرين، و هذا من شأنه أن يقضي إنكار مبدأ التنظيم الاجتماعي.
و حرية الصحافة باعتبارها وسيلة من وسائل التعبير عن الرأي ليست استثناء من هذا الأصل و هذا ما أكدته المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 و التي بعد أن نصت على ضرورة ان يكفل لكل شخص الحق في حرية الرأي و التعبير، عادت و قيدت ممارسة هذا الحق بضرورة احترام حقوق و حريات الغير و حماية النظام العام و المصلحة العامة و الأخلاق العامة.
و تأتي الإتفاقية الدولية للحقوق المدنية و السياسية التي أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16/12/1966 لتؤكد في مادتها التاسعة عشر (19) أن لكل فرد الحق في حرية التعبير و بينت أن هذا الحق يشمل حرية البحث عن المعلومات و الأفكار من أي نوع، و تلقيها دون اعتبار للحدود و فلك إما شفافة أو كتابة أو طباعة سواءا كان ذلك في قالب فني أو باية وسيلة أخرى بحيازتها.
و أصدرت ذات المادة في قدرتها الثانية ( المادة 19 ف 02 ) قيودا طبيعية نجد من ممارسته و هي احترام الغير و سمعتهم و حماية الأمن القومي و النظام العام و الصحة العامة و الأخلاق، و اعتبرت خضوع هذه الحرية لتلك القيود أمره ضروريا لكل مجتمع ديمقراطي.
بل أن الدستور الجزائري حيث بسط حمايته على هذه الحرية قد افترضها حرية مسؤوله و اعتبر حرية متوازنة، محدودة لا مطلقة فالمادة 41 منه تحث على أنه لكل إنسان حق التعبير عن رايه، و نشير بالقول او بالكتابة، أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون، و لما تحدث عن حرية الصحافة و الطباعة و النشر و وسائل الإعلام مكفولة و الرقابة على الصحف محضورة و إنذارها أو وقفها أو إلغائها بالطريق الإدراي محظور، فلا يجوز إيقافها إلا بمقتضى أمر قضائي او إلغاءها بالطريق الغدراي محظورة فلا يجوز إيقافها إيقافها إلا بمقتضى امر قضائي، كما يجوز في حالة إعلان الطوارئ أمر زمن الجري أن يفرض على الصحف و المطبوعات و وسائل الإعلام رقابة محدودة في الأمور التي تتصل بالسهولة العامة و أغراض الأسس العام.
فالمشرع قد أحال إلى القانون لتنظيم المدة الحرية على نحو ما تكتشف عنه عبارة ( في حدود القانون) قد قصد تنظيم هذه الحرية بحيث الأشياء استعمالها فتكون وسيلة للبغي على نظام البلاد أو العدوان على حقوق و حريات الأفراد، فالسلطة لم يغيب عنها انها الصحافة قد اصبحت بانتشارها الواسع، و تقدم فن الطباعة و تنوع وسائل التوزيع قوة مؤثرة، فلم تعد قاصرة على مجرد نقل الأخبار، بل أصبحت من أقوى الوسائل تأثيرات في الرأي العام، و هذا ما جعلها هدفا لجماعات المصالح ليس نفوذهم على الرأي العام خدمة لأغراضهم التي قد تمثل تهديدا للنظام العام، بل إن قوة تأثيرها و سعة إنتشارها قد يغري البعض من الكاذبين و الخائنين لرسالة قدسية الكلمة لإتخاذ الصحف أداة للنيل من كراسة الشرفاء من الناس او المساس بالحريات تحت ستار حرية الصحافة.
لذلك جاء في القانون الإعلام رقم 90/07 المؤرخ في 08 رمضان 1410ه الموافق 03 أفريل 1990 الذي يحدد الاطار القانوني الذي يعمل فيه رجل الإعلام، و يبين أخلاقيات و ممارسة هذه المهنة، كما قرر المشرع في قانون العقوبات الجزائري رقم 06/23 عقوبات لهذه الجرائم من أجل الحد منها و ردعها للحفاظ على النظام العام، و هذا ما سنتطرق إليه من خلال خطة البحث.



الفصـل الأول: ماهيـة الجرائـم الصحفيـة و أركانـها

سنتطرق في هذا الفصل إلى ماهية الجرائم الصحفية و أركانها حيث قسمنا هذا الفصل إلى مبحثين حيث في المبحث الأول تناولنا ماهية الجرائم الصحفية و الذي نتطرق فيه إلى مفهوم الجرائم الصحفية حسب مختلف التشريعات الدولية هذا في المطلب الأول أما في المطلب الثاني فقد تناولنا فيه خصائص الجرائم الصحفية.

أما في المبحث الثاني فقد خصصناه لأركان هذه الجريمة و هذا من خلال مطلبين حيث تطرقنا في المطلب الأول إلى الركن المادي بكامل فروعه و المطلب الثاني الركن المعنوي.
















المبحث الأول: ماهية الجرائم الصحفية
الصحافة إحدى المهن السامية حيث تؤدي دورا هاما في الكشف عن الفساد في المجتمعات، و إذا كانت مكبلة بالقيود القانونية و الإدارية كان ذلك عائقا لها في أدائها لوظائفها.
و قد حرصت غالبية التشريعات على وضع تنظيم قانوني لمهنة الصحافة من خلال قانون مستقل،و التشريع الفرنسي من أولى التشريعات التي نظمت مهنة الصحافة بقانون الصحافة الصاد في سنة 1881 الذي مازال ساريا حتى الآن و الذي جاء شاملا معظم جرائم الصحافة تقريبا ما عدا بعض جرائم الصحافة التي وردت في قانون العقوبات الفرنسي الجديد.
و كذا بالنسبة لمصر فقد ظلت الصحافة منظمة بالنصوص الواردة في الباب الرابع عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات حتى بعد صدور قانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة 1996 و الذي اقتصر على الحديث على حقوق و واجبات الصحفيين.
أما في الجزائر فجاء قانون رقم 90/07 بتاريخ 13/04/1990 المتعلق بالإعلام و الذي حدد الإطار القانوني الذي يجب أن يعمل به رجل الإعلام في تأدية الرسالة النبيلة.
و قد نص قانون العقوبات الجزائري 06/23 في بعض موارده على جرائم الصحافة كون هذه الجرائم تشكل خيانة تمس بأمن الدولة المادة 62 البند الرابع و التجسس أو جرائم التعدي على الدفاع الوطني.
أو الإساءة إلى رئيس الجمهورية المادة 144 مكرر من ق ع و في هذا المبحث نتطرق إلى مفهوم جرائم الصحافة في المطلب الأول و خصائصها في المطلب الثاني.
المطلب الأول: مفهوم جرائم الصحافة.
الجريمة بوجه عام هي فعل غير مشروع صادر عن إرادة جنائية يقرر له القانون عقوبة أو تدبيرا احترازي ( ) ولا تخرج الجرائم التي تقع بإحدى وسائل العلانية من نطاق هذا الأصل العام لذلك نحاول وضع تعريف لها في ضوء التعريف السابق للجريمة.
و تعرف الجريمة الصحفية بأنها " نشر غير مشروع للفكرة يتمثل في عمل أو امتناع عن عمل نص عليه المشرع في قانون الصحافة الفرنسي 1881 أو الباب الرابع عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات المصري صادر عن إرادة جنائية يقرر له المشرع عقوبة جنائية.".
و قد أثير التساؤل حول جرائم الصحافة، هل هي احدى جرائم القانون العام أم أنها جرائم متميزة ذات طبيعة خاصة تبحث عن تميزها ببعض الأحكام الخاصة التي تخالف القواعد العامة في تنظيم المسؤولية الجنائية.
فذهب جانب من الفقه إلى أن الجرائم الصحفية تتميز بذاتية خاصة و تجعلها تخرج عن نطاق جرائم القانون العام، و يستند هذا الرأي إلى مجموعة الأسانيد الآتية: ( )

1- إن ما يميز الجريمة الصحفية انها قائمة على إبداء الرأي و الاعتقاد بقصد سيء يعاقب عليه القانون، أي أن المشرع يحرم بمقتضاها الرأي و الإعلان عنه.
اما في نطاق جرائم القانون العام فإن المشرع لا يقتصر على تحريم الرأي و الإعلان عنه و لكن يجزم كل فعل غير مشروع صادر عن إرادة جنائية.

2- إن كل من المشرع الفرنسي و المصري أحاط المسؤولية الجنائية الناشئة عن الجرائم الصحفية بمجموعة من القواعد الموضوعية و الاجراءات التي تخالف القواعد العامة فقد تنظم المشرع الفرنسي قواعد المسؤولية الناتجة عن هذه الجرائم المادتين 42، 43 من قانون الصحافة الفرنسي.
و كذلك فعل المشرع المصري في المادة 195 من قانون العقوبات المصري، كما جعل نظر الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر عدا الجنح المضرة بأفراد الناس من اختصاص محاكم الجنايات بدلا من المحاكم الجزائية.
و يذهب رأي آخر في الفقه نؤيده إلى أن جرائم الصحافة تعد من جرائم القانون العام و يستند في ذلك إلى الحجج الآتية:
1- أنه بالرغم من إفراد باب خاص من الكتاب الثاني في قانون العقوبات المصري لهذا النوع من الجرائم اعتمادا على أن العلانية شرط لوقوع هذه الجرائم و لكن بالرغم من أنها شرط لوقوع هذه الجرائم، فإن الصحف لكونها وسيلة من وسائل النشر فإن ركنها المادي يتمثل في فعل النشر و نتيجة و علاقة السببية بينهما، و ليست العلانية عنصرا في ركنها المادي، و لكنها شرط لإرتكاب جرائم الصحافة، و هي كما تحقق عن طريق النشر في الصحف تتم بوسائل أخرى.

2- إن الجريمة الصحفية و إن كانت تتميز من خلال ركنها المادي النشر، إلا أن النشر لا يغير من طبيعتها و يجعلها ذات حيان خاص يختلف عن جرائم القانون العام، فجرائم السب و القذف الإهانة و التحريض تقوم على ذات الأركان و العناصر سواء إرتكبت بطريق الصحافة أو بطريق آخر من طرق العلانية.( )

3- تجنب معظم التشريعات اصطلح جرائم الصحافة Delites de presse و تؤثر عليه تعبير الجنايات و الجنح التي تقع بواسطة الصحف و غيرها من طرق النشر.
« Des crimes et delites comme mis par la voie de la presse ou par tout autre moyen de publicication ».
و هو تعبير أقرب للحقيقة، و قد استعمله قانون الصحافة الفرنسي 1881 و استعمله قانون العقوبات المصري في الباب الرابع عشر من الكتاب الثاني الخاص بجرائم الصحف و غيرهما من طرق النشر.
فمن الخطأ النظر إلى الجرائم التي ترتكب بإحدى العلانية في نفوس القراء و الضرر الذي يصيب المجني عليه – و هو ما يعطي لهذه الجرائم أهمية خاصة – إلا أن ذلك لا يبرز من الوجهة النظرية – النظر لها على أنها نوع خاص من الجرائم.
فالوسيلة التي استخدمت في ارتكاب الجريمة تم النشر و الإذاعة لا تغير شيء في طبيعة الجريمة ( ) ذلك أن القانون كمبدأ عام – لا يقيم وزنا من حيث التجريم بين الوسائل و الطرق التي يمكن أن تتحقق بها الجرائم، فكما انه لا فرق بين من يستخدم عضوا من أعضاء جسمه او من يتخذ سلاحا لارتكاب جريمة القتل فإنه لا فرق أيضا من حيث التجريم بين من يقوم بقذف غيره بواسطة العلانية او بغير هذه الوسيلة. فكل ما هنالك ان ركن العلانية يجعل من بعض جرائم العلانية ظرفا مشددا شانها غالبية الجرائم التي يرصدها لها المشرع عقوبة مغلظة نظرا لاعتبارات معينة بجسامة الفعل أو النتيجة أو صفة المجني عليه.
و قد قيل في هذا الشأن، أنها ليست العبارات و الكتابات هي التي يجرمها القانون و لكن عمل استخدمت فيه العبارات و الكتابات فنشر العبارات بواسطة الصحافة لا يخلف جريمة جديدة و لكن الوسيلة هي التي تغيرت، فالتشديد هنا ليس بسبب قسوة العبارات، إنما بسبب علانية هذه العبارات عن طريق الصحف، و ترتيبا لذلك تدرج المشرع في العقوبة نظرا لتعاظم الضرر عن عقوبة القذف أو السب الذي يقع بإحدى وسائل العلانية العادية في مكان عام أو مطروق أو في مكان خاص بحيث استطاع مشاهدته أو سماعه من كان في مكان عام ) و التي تختلف بدورها عن القذف و السب اللذان يقعان عن طريق الصحف. و من جهة أخرى لا تتغير الجريمة بتغير وسائل الإعلام. فيستوي أن تقع الجريمة بواسطة الصحافة المقروءة أو المرئية أو بالوسائل الالكترونية ( الأنترنيت ).



المطلب الثاني: خصائص جرائم الصحافة
تتميز الجرائم الصحفية عن الجرائم الأخرى ببعض الخصائص و التي نذكرها على التوالي:
الفرع الأول: العلانية
يمتاز الجرائم التي تقع بواسطة النشر و وسائل الإعلام الأخرى جميعها بأنها تتطلب توافر عنصر العلانية تلعب دورا هاما في تحقق الجريمة حيث تعد العلانية في نموذج أول الجرائم النشر عنصرا أساسيا لا تقع الجريمة دونهما، إذ لا يعاقب القانون عن بعض العبارات او الكتابات إلا إذا اقترنت بعنصر العلانية، و هذا النموذج من الجرائم يمثل معظم جرائم النشر، مثال: ذلك جريمة نشر كتابات تسيء إلى سمعة البلاد او نشر أو إذاعة أخبار كاذبة أو نشر ما جرى في الدعاوي التي نظرت في جلسة سرية، او التي قررت المحكمة الحد من علانيتها، أيضا تمثل العلانية عنصرا أساسيا في جرائم التحريض العلني كجرائم مستقلة بذاتها وهي صورة للتحريض غير المتبوع بأثر و الذي يعاقب عليه القانون بمجرد العلانية نظرا لخطورته البالغة على النظام العام. مثال ذلك تحريض الجند علنيا على عدم الطاعة او التحريض العلني على البغض الطائفي أو التحريض العلني على عدم الانقياد للقوانين. ( )
كما أن هناك نماذج من الجرائم تاخذ العلانية فيها حكم الظرف المشدد للعقوبة و يكون ذلك عندما يعاقب القانون على إرتكاب الفعل سواء تحققت العلانية أو لم تحقق مثل ما نصت عليه المادة 463 من القانون رقم 82-04 ( قانون العقوبات الجزائري ) ( يعاقب بغرامة من 30 إلى 100 دج و يجوز ان يعاقب أيضا بالحبس لمدة 3 أيام على الأكثر:
كل من ابتدأ أحد الأشخاص بألفاظ سباب غير علنية دون أن يكون قد استفزه ( ) و من جهة أخرى اتجه المشرع في بعض الحالات إلى تشديد العقوبة في حالة توافر وسيلة معينة من وسائل العلنية كفي حالة ما إذا تحققت العلانية عن طريق الصحف نظرا لاتساع دائرة يودع العبلارات التي تنال من الحق محل الحماية كما نصت عليه المادة 296 من القانون رقم 06-23 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006.
و يلاحظ أنه في هذه الحالات لا تتغير طبيعة الجريمة و لكن تختلف وسيلة إرتكابها، فتكون محل اعتبار عند مرحلة تحديد العقوبة المناسبة. فعلى حين أن قانون العقوبات لا يقيم أهمية من حيث التجريم بين الوسائل او الطرق التي يمكن أن تتحقق بها هذه الجريمة، إلا أنه يشدد العقوبة إذا كانت الوسيلة المستخدمة تزيد من جسامة الجريمة. فنشر العبارات بواسطة الصحافة لا يختلف جريمة جديدة و لكن الوسلة هي التي تغيرت. فالتشديد هنا ليس بسبب قسوة العبارات إنما بسبب استخدام هذه الوسيلة.
الفرع الثاني: جرائم النشر جرائم وقتية
تعتبر جميع الجرائم التي تقع عن طريق العلانية كقاعدة عامة جرائم وقتية أي تدخل في مجموعة الجرائم التي ينتهي تنفيذها بتوافر عناصرها المادية، و لا يشترط القانون عناصر أخرى قابلة للامتداد تخضع لسيطرة إرادة الجاني، و من ثم فإن الجرائم التي تقع بواسطة الصحف أو بغيرها من وسائل العلانية التقليدية ترتكب بمجرد توافر ماديات الجريمة فتعتبر الجريمة مستوفية ركنها المادي بمجرد النشر الذي يمس الحق الذي يحميه القانون. هذا بخلاف الحال بالنسبة للجرائم المستمرة التي يستغرق تحقق عناصرها المادية وقت طويل، و تكون فيها إرادة الجاني مسيطرة على ماديات الجريمة خلال هذا الوقت مثال ذلك جريمة إخفاء الأشياء المسروقة أو المتحصلة من جناية او جنحة ففي هذه الأمثلة يكون استمرار ماديات الجريمة متوقفا على إرادة الجاني.
و لا يغير من طبيعة الجريمة امتداد آثار النشر وقت طويل على الرأي العام أو على نفسية المجني عليه او أسرته، طالما أن إرادة الجاني لم يعد لها دور خلال هذا الوقت فهذا النوع من الجرائم ذي أثر ممتد.( ) و تطبيقا لذلك، تعد جريمة وقتية نشر مقال يتضمن سب المجني عليه او لصق إعلانات ماسة بالنظام العام أو الآداب العامة حيث أن إرادة الجاني تتدخل أثناء الكتابة او النشر، ثم يقف دورها عند هذا الحد فلا تستمر إرادة الجاني خلال الوقت الذي يستمر المطبوع متداول بين الأفراد أو بعد لصق الإعلانات.
و تبدو أهمية تصنيف جرائم النشر ضمن الجرائم الوقتية انها تخضع لكل أحكام هذا النوع من الجرائم و من اهمها:
- صدور قانون جديد أسوأ للمتهم لا يؤثر في وضع الجاني طالما ان الفعل قد وقع قبل العمل بهذا القانون. فلا يجوز ان يوقع على الجاني عقوبة أشد من العقوبة التي كانت مقررة وقت إرتكابه الفعل المجرم.
غير أن بقاء المعلومات في المواقع الخاصة بما في الأنترنيت مدة طويلة ليطلع عليها الغير، إحدى سمات الإعلام الإلكتروني.( )
و الواقع أن الجرائم النشر التي ترتكب عن طريق الأنترنيت تقتضي خضوعها لأحكام تتناسب مع طبيعة وسيلة الإعلام الحديدة، و نميل إلى اعتبار جرائم النشر بواسطة الإعلام الالكتروني من الجرائم المستمرة إذا كان النشاط المادي للجاني يظل قائما و ممتدا وقتا طويلا من الزمن و يسيطر خلاله سيطرة كاملة على هذا الإمتداد وفقا للمعيار الذي استقر عليه الفقه. و يترتب على ذلك اعتبار النشر المجرم عن طريق الأنترنيت إحدى تطبيقات الجريمة المستمرة، ذلك ان الجاني يقوم بعرض الكتابات المجرمة او الصور الممقوتة في موقعه الخاص الذي قام بإنشائه و يظل العرض مستمرا طيلة الوقت الذي ينشأ له الجاني هذا الاستمرار إلى أن يقرر إنهاء الوضع الاجرامي الذي حرص على بقائه طيلة هذا الوقت.
فعنصر العلانية بهذه الوسيلة قابل للامتداد في الزمن مدة طويلة و قابلية تنفيذ هذا الامتداد متوقفة على سلوك لاحق من جانب الجاني وحده ( ). و هذا السلوك يتخذ صورة امتناع الجاني عن إنهاء ما أوجده في حالة تخالف القانون. و لا محل لاعتبار هذه الجرائم من الجرائم المستمرة ثابت
Delit continus perper****nt ذلك انه في هذا النوع الأخير تمتد مادياتها فحسب دون معنوياتها و تترتب عليها عدة نتائج منها:
- تعتبر الجريمة واحدة رغم توافر النشاط المادي فترة طويلة من الزمن.
- يطبق القانون الجديد الذي يسيء إلى وضع مرتكب الجريمة في حالة عدم إنهائه بحالة الاستمرار قبل سيران العمل به.
- أن رضاء المجيء عليه بالنسبة لبعض الجرائم كإفشاء الأسرار الخاصة يجب أن يستمر طيلة وقت امتداد السلوك المادي للجريمة ( النشر في موقع الانترنيت ).
و لما كانت ممارسة صاحب الموقع تتوقف على مشيئة صاحب السر و رغبته فغن استمرار الجاني في عرض هذه الأسرار في موقعه الخاص بالرغم من عدول صاحب السر عن رضائه يعتبر مكونا لجريمة انتهاك الحياة لشخصية للغير فيما يتعلق يعتبر مكانا للجريمة كل محل يقوم فيه حالة الاستمرار( ) و يترتب على ذلك ان الاختصاص يكون لأية محكمة تتحقق الجريمة في دائرتها.
تنتمي حالة الاستمرار بإنتهاء الوضع الإجرامي الذي انشأه الجاني و يكون ذلك بمحو جميع الكتابات و الصور المخزنة في الموقع الخاص به، سواء كان العدول اختياريا او جبريا.
كما يمكن الإشارة إلى أن من أبرز سمات الجرائم التي تقع عن طريق الإعلام الالكتروني او بواسطة الأنترنيت انها جريمة عابرة للأوطان، و المشكلة التي يثيرها الطابع الدولي للأنترنيت هو عدم قانون عقوبات موحد يستوعب جميع الجرائم التي يمكن ان ترتكب بواسطة هذه الشبكة او عليها و لكن تتعدد القوانين بتعدد الدول و تختلف الأحكام من دولة إلى أخرى.



المبحث الثاني: أركان الجريمة الصحفية
المطلب الأول: الركن المادي في جرائم الصحافة
وفقا للقواعد العامة يقوم الركن المادي للجريمة على مجموعة من العناصر المادية التي تلحق ضررا ما بمصلحة يجمعها القانون جنائيا و هذه المصلحة المعتدى عليها في جرائد الصحافة قد تكون للأفراد و تتمثل الحق في الحياة الخاصة او الحق في الشرف و الاعتبار و غيرها من الحقوق و قد تكون المصلحة للدولة و تتمثل في الاعتداء على أسرار الدولة و غيرها من أعمال الاعتداء التي تضر بالدولة.
و تقوم جرائم الصحافة على مجموعة من العناصر و هي:
العنصر الاول: هو السلوك الذي يتمثل في نشر الفكرة، و به يتم انتهاء القاعدة الجنائية الآخرة التي تحضر لاعتداء على المصالح الأساسية للأفراد و الدولة.
العنصر الثاني: هو النتيجة التي تحقق على أثر هذا السلوك ففي جريمة السب و القذف يجب ان يترتب على نشر الفكرة المساس بشرف اعتبار المجني عليه من خلال اسناد واقعة باحدى الطرق في الجناية 296، 297 ق.ع ج.
العنصر الثالث: علاقة السببية و هي التي تمثل الصحة بين السلوك و النصوص و هي التي من خلالها يتضح أن النتيجة هي أثر السلوك.
و عليه نقسم هذا الفصل على ثلاثة فروع نتناول في كل منها عنصر من عناصر الركن المادي.
الفرع 1: فعل النشر.
الفرع2: النتيجة.
الفرع 3: علاقة السببية.
الفرع الأول: فعل النشر
الفعل هو النشاط الذي يصدر عن الجاني، و يمثل المظهر الخارجي للارادة الأثمة و من ذلك تنشر ما يمثل اعتداء على الحق في الشرف و الاعتبار أو الحق في الحياة الخاصة لأفراد أو على حق الدولة في الاحتفاض بأسرارها و الذي يمثل إحدى جرائم الصحافة.
و يمثل الفعل النشاط الموجه للاعتداء على الحق الذي يحميه القانون و لذلك فإن المشرع لا يعاقب إلا على الأعمال التنفيذية للجريمة أما الأعمال التحضيرية فلا عقاب عليها و بذلك لا عقاب على المقال.
و قد تم تحديد فعل النشر من خلال القانون 90/07 الصادر بتاريخ 03-04-1990 المتعلق بالإعلام.
المشرع في جرائم النشر يعاقب على السلوك الذي يتضمن أمرين و هما:
الأمر الأول: الفكرة و الرأي الذي يتضمن المعنى المجرم في شكل قول أو فعل أو كتابة أو وسيلة تمثيل اخرى.
1- وسائل العلانية التي يتحقق بها السلوك الإيجابي:
بعد فعل النشر شرطا لإرتكاب إحدى جرائم الصحافة المنصوص عليها في قانون العقوبات و قد نصت المادة 147 ق ع.ج:
1- الأفعال و الأقوال و الكتابات العلينة التي يكون الغرض منها، التأثير على أحكام القضاة طالما أن الدعوى لم يفصل فيها نهائيا.
2- الأفعال و الأقوال و الكتابات العلنية التي يكون الغرض منها التقليل من شأن الأحكام القضائية و التي يكون من طبيعتها المساس بالقضاء أو إستقلاله.
و نصت المادة 23 من قانون الصحافة الفرنسي على وسائل العلانية بواسطة الكلام أو الصياح أو التهديد المتلفظ به في أماكن و اجتماعات عامة و الكتابات و المطبوعات المبيعية أو الموزعة أو المعروضة للبيع أو الملصقات المعروضة على أنظار العامة.
و هذا ما نصت عليه كذلك المادة 333 مكرر من قانون العقوبات الجزائري
1- الأقوال: يقصد بالقول كل ما يعبر به الإنسان من الكلام و العبارات عما يدور بفكره و وجدانه، و ذلك أيا كان شكل العبارات التي يتم التعبير من خلالها و التي يجب التلفظ بها في أماكن أو اجتماعات عامة حتى تكون شرط العلانية المطلوب في جرائم الصحافة و تشمل الكلمات البسيطة أو المركبة بشعر أو نثر سواء كان منتظما أو غير منتظم.
2- الصياح : Cris يتضمن كل موت يخرج من فم الإنسان غير واضح يعبر عن الشعور الذي ينتاب الإنسان في لحظات الفرح و الحزن و الكراهية كالصراخ و الولولة.
3- التهديد Menace يتم التهديد من خلال القول أو الصياح، أو من خلال إشارات يستفاد منها معناه.
4- الأفعال Actes يعرف الفعل بأنه كل مظهر للتعبير عما يدور بذهن الانسان من خلال حركات الجوارح و قد يكون أشد تأثير من القول و الكتابة، كالبصق على شخص، الضحك، و المواقف المهينة.
5- الكتابات écrits و المطبوعات imprimés: يقصد بالكتابة كل ماهو مزود بلغة يمكن فهمها و يكون التعبير عن الفكرة بخط اليد، اما المطبوعات فهي الكتابات الناتجة عن الوسائل الآلية أو اليدوية، الكيمياوية و لذلك كان للمشرع الجزائري موفقا في الحديث عن الكتابة دون المطبوعات باعتبار أن الكتابة تشمل المطبوعات بشتى أنواعها من صحف و إعلانات و مجلات.
II. وسائل التمثيل:
تتمثل في الرسوم و الصور و النقوش او الحفر و الرموز و الصوت و الصور الشمسية و هو تعداد حصري لوسائل التمثيل و هنا و طرق التمثيل لم يتم ذكرها أو قد يكشف عنها التطور الحديث و مثال: ذلك النشر بشبكة الأنترنيت.
أ‌- الرسوم Dessines : الرسوم وجه من الأوجه الفنية للتعبير عن الفكرة من خلال الطبع على الورق او النعت على الخشب في الحفر في المدن و الرسم على الجرائم و يمكن أن تتم الجريمة بالرسم مثل التحريض على البغض و العنف ضد من يعتنقون ديائم المادة 144 مكرر 2.


ب- الصور Peinture:
تعرف الصور بانها نوع من الرسوم يعتمد على الطلال و الألوان و التصوير بالأبيض و الأسود أو الرش على الورق أو الكريكاتير و ما يميز ها عن التصوير الشمسي أنها قد يوجه من الخيال و لم تكن مطابقة للأصل.
ج- الصور الشمسية Photographie:
عبارة عن نقل أو تشيت أو طبع فيه الصور و الأشياء الموجودة فعلا اعتماد على التأثير الضوئي و سواءا تغلبت بالطرق اللاسلكي على شاشة التلفاز أو عبر الشبكات الالكترونية أو عن طريق إحدى كاميرات الفيديو.
د- الرموز enblémes :
الرموز عبارة عن أشكال ترمز إلى أشياء معينة تمثل الميدانيات و العلامات و الحروف التي ترمز إلى فكرة او تاريخ أو تقيد أي معنى آخر.
- وسائل التمثيل الأخرى:
تشمل وسائل التمثيل الأخرى وسائل التعبير الرأي بالفن غير الكتابي مثل النقوش Gruvus و النعت sculpture و الصور المجسمة و الصور المذاعة بالتلفزيون و الأنترنت.
الفرع الثاني: النتيجة
يهدف المشرع الجزائري من وراء تجريم الجرائم التي تقع بواسطة الصحف و غيرها من طرق النشر و التي نص عليها في المواد من 42-43 في قانون الصحافة إلى تلاقي الأضرار التي تصيب الدولة من خلال التحريض على إرتكاب الجرائم التي تشكل اعتداء على نظام الدولة السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي.
كما أن المشرع يحول دون الإعتداء الذي يقع على المواطنين سواء تمثل في الإعتداء على الشرف و الاعتبار أو على الحياة الخاصة أو على حقوق الدولة التي يسبق إيضاح كل منهما من خلال عقوبات رادعة تمنع هذا الإعتداء.
و النتيجة هي الأثر المادي و القانوني الذي يترتب على السلوك الذي يقرر المشرع له عقوبة، و يتضح من خلال هذا التعريف أن النتيجة تقوم على معنيين هما: المعنى المادي و المعنى القانوني.
أولا: النتيجة في المدى المادي:
يقصد به التغيير الملموس الذي يحدث في العالم الخارجي كأثر للنشاط الإجرامي ( ) وهو يمس الأفراد و الدولة و مثال التغيير الذي يمس الأفراد نتيجة للنشر المتضمن اعتداء على الحق في الشرف و الاعتبار السب، القذف أو الذي يمس الدولة مثل النشر المتصل بأسرار الدفاع.
يوجد نوع من الجرائم لا يترتب عليه تغيير مادي في القاسم الخارجي كأثر السلوك الإجرامي هي الجرائم شكلية.
ثانيا: النتيجة في المعنى القانوني:
هي الاعتداء على المصلحة التي يرى الشارع جدارتها بالحماية الجنائية و لها صورتين:
الأولى: هي الأضرار بالمصلحة المحمية سواء عن طريق تعطيلها كلية أو إنقاصها، كما هو الحال في نتيجة جريمة القذف و السب عن طريق الصحف.
الثانية: هي مجرد تعريض هذه المصلحة للخطر كما هو الحال في النشر المتصل بأسرار الدفاع .( )
المصلحة بين مدلولي النتيجة:
يوجد بين مدلولي النتيجة صلة وثيقة، غير انه لا ينبغي وجود أحدهما عن الآخر حيث يمثل المدلول القانوني الجانب الموضوعي من عدم المشروعية، و الحديث عن إعتداء على المصلحة التي يجمعها القانون هو تكييف قانوني للآثار الناتجة عن السلوك المادي، و بالتالي الحديث عن الإعتداء على الحق في الشرف و الاعتبار هو تكييف قانوني للنشر الذي تضمن الألفاظ التي توجب العقاب أو الاحتقار.( )
بالتالي المدلول القانوني يقوم على أساس مدلولها المادي و يحدد نطاقه و هو السبيل لتجنب الآثار المادية التي لا تمثل أهمية، لأنها لا تمثل إعتداء على حق أو مصلحة يحميها القانون ( ) و لذلك في جرائم القذف و السب عن طريق الصحف ما يعني الإعتداء على الحق في الشرف و الاعتبار، أما إذا ترتب على النشر فعل المجني عليه على وظيفته او طلاق زوجته، فهنا ليست موضع إهتمام من جانب القانون.
نرى في هذا الشأن أن مسؤولية رئيس التحرير أو مدير النشر هي من الجرائم المادية نظرا لأن الاعتداء على المصالح المحمية قانون الذي يحدث في العالم الخارجي كأثر السلوك النشر، ثم نتيجة لعدم قيام كل منهما بواجب الرقابة الذي فرضه عليه القانون، لان له من السلطة التي تمكنه من منع نشر ما يشكل جريمة.
كما أن الجرائم السلبية مثل جرائم الامتناع تقوم بمجرد السلوك السلبي كما هو الحال في امتناع القاضي عن الحكم في الدعوى. أما في جرائم الصحافة فإن جريمة رئيس التحرير لا تقوم إلا إذا ترتب على النشر نتيجة هو المساس بحقوق الأفراد التي تتمثل في الحق في الشرف و الاعتبار او الحق في الحياة الخاصة. و غيرهما من الحقوق. أو بمصلحة الدولة كما هو الحال في التعدي على أسرارها.
و تعد جرائم الصحافة من الجرائم الوقتية بالرغم من استمرار وقائعها، و الفعل الأول للنشر يحدد الجريمة و يكون بداية حساب مدة تقادم الجرمية. ( )
ثالثا: دور النتيجة الإجرامية في البناء القانوني لجرائم الصحافة:
يعتد المشرع بالنتيجة الإجرامية في حالات محددة و ينسب مقاومته من خلال الدور الذي يقوم به في الجريمة في حالات ثلاث صور نعرضها على النحو التالي:
- الصورة الأولى: يتطلب المشرع تحقيق النتيجة باعتبارها احد عناصر الركن المادي و كأثر للسلوك الإجرامي يترتب عليه الإعتداء على مصلحة أو حق قدر الشارع جدارته بالحماية. ( )
و مثال ذلك الجريمة المنصوص عليه في المادة 333 مكرر من قانون العقوبات الجزائري و التي تنص على " يعاقب بالحبس من 02 شهر إلى سنتين و بغرامة من 500 إلى 2000 دج كل من صنع أو حاز أو استورد أو سعى الى استيراد من أجل التجارة أو وزع أو أجر أو لصق أو قام معرضا او عرض او شرع في العرض للجمهور أو باع أو شرع في البيع أو وزع أو شرع في التوزيع كل مطبوع او محرر أو رسم أو إعلان أو صور أو لوحات زيتية أو صور فوتوغرافية او أصل الصورة أو انتج أي شيء مخل بالحياء
- الصورة الثانية: يساوي فيها المشرع بين حدوث النتيجة و بين احتمال حدوثها، و مثال ذلك المادة 147 من قانون العقوبات الجزائري التي تنص على ما يلي: " الأفعال الآتية تعرض مرتكبها للعقوبات في الفقرتين المقررة في الفقرتين 1 و 3 من المادة 144.
1- الأفعال و الأقوال و الكتابات العلنية التي يكون الغرض منها التقليل من شأن الأحكام القضائية التي يكون من طبيعتها المساس بسلطة القضاء أو إستقلاله".
و مثال ذلك الجريمة المنصوص عليها في المادة 100 من قانون العقوبات الجزائري التي تعاقب على تحريض طائفة أو طوائف من الناس أو على الازدراء إذا كان من شأن هذا التحريض تكدير السلم العام فالمشرع يساوي بين التذكير الغلطي و المحتمل السلم العام كنتيجة لسلوك التحريض.
- الصورة الثالثة: لا يتطلب المشرع تحقيق النتيجة باعتبارها إحدى عناصر الركن المادي، و ذلك في الجرائم الشكلية التي تقوم على السلوك فقط دون الاعتداء بنتيجته، و مثال ذلك المادة 144 من قانون العقوبات التي تعاقب على التحريض المباشر على جنايات القتل أو النهب أو الحرق او الجنايات المخلة بأمن الحكومة و لم تترتب على تحريضه أي نتيجة.
رابعا: إمكانية الشروع في جرائم الصحافة:
يعرف الشروع بأنه البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أوخاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها، و هذا ما عرفته المادة 30 ( ) من قانون العقوبات الجزائري في الفصل الثاني الخاص بالمحاولة حيث نصت على " كل محاولات جناية تبتدئ بالشروع في التنفيذ أو بأفعال لا بأس فيها تؤدي مباشرة إلى ارتكابها تعتبر كالجناية نفسها إذا لم توقف أو لم يخب أثرها إلا نتيجة لظروف مستقلة عن إرادة مرتكبها حتى و لو لم يكن سن البلوغ الهدف المقصود بسبب ظرف مادي يجهله مرتكبها".
و لا يعتبر شروعا في الجناية أو الجنحة مجرد العزم على ارتكابها و لا الأعمال التي ضرورية لذلك.
وفقا لهذه المادة فإن أركان الشروع هي: البدء في تنفيذ فعل" و قصد ارتكاب جناية أو جنحة، و إيقاف خيبته لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها.
و يعاقب المشرع على الشروع في الجنايات و الجنح، إلا ما لا يتصور الشروع كما هو الحال في جريمة شهادة الزور، التي تقع تامة بمجرد الإدلاء بالشهادة.
و قد وجب خلاف فهي شان تصور الشروع في جرائم الصحافة بسبب اشتراط المشرع توافر العلانية في هذه الجرائم، و بالتالي مدى تصور الشروع بشأنها و يعود هذا الخلاف إلى مدى تصور البدء في تنفيذ جرائم الصحافة دون تحقيق شرط العلانية، و هو ما يتطلب منا قبل الحديث عن هذا الخلاف الفقهي بيان في تنفيذ الجريمة، و المعيار الذي يستند إليه.
1- البدء في تنفيذ الجريمة:
تحديد البدء في تنفيذ الجريمة يقتضي بيان المراحل التي تمر بها الجريمة، حتى يمكن أن تحدد يشكل الفعل بدءا في تنفيذ الجريمة، فتعتبر مرحلة التفكير في الجريمة و التصميم عليها أولى مراحل إرتكاب الجريمة، هي مرحلة نفسية لا يعاقب عليها المشرع، فالمشرع لا يعاقب على النوايا و لو كانت ثابتة، و يعقب هذه المرحلة للتعبير عن فكرة الجريمة إلى الغير و هي أيضا غير معاقب عليها، و ذلك لان الجاني لم يقيم فعل في سبيل الجريمة، كما هو الحال في قيام الصحفي بإعداد المقال الصحفي و كتابته دون أن يرسله لرئيس التحرير أو إلى المطبعة، و هذه المرحلة غير معاقب عليها أيضا لأنها لا تهدد حقا أو مصلحة قانونية للأفراد أو الدولة. ( )
2- معيار البدء في تنفيذ الحرية:
تحديد معيار البدء في التنفيذ الذي بمقتضاه يتم التمييز بين العمل التحضيري و العمل التنفيذي محل خلاف فقهي يمكن رده إلى مذهبان هما: المذهب المادي أو الموضوعي .
2-1- المذهب المادي أو الموضوعي: يعتبر الفعل بدءا في تنفيذ الجريمة وفقا لهذا المذهب إذا كان ذاهلة وثيقة بالركن المادي للجريمة بحيث يهدد حقا يحميه القانون و قد اختلف أنصار هذا المذهب أداء هي:
1- ان البدء في التنفيذ هو البدء في إرتكاب الفعل الذي يشكل جزء من الأعمال المادية المكونة للجريمة.
2- أن البدء في التنفيذ يتوافر كلما كان الفعل الذي أتاه الجاني يؤدي إلى احتمال حدوث النتيجة الإجرامية.
3- أن البدء في التنفيذ يتوافر كل فعل يكون ظرفا مشددا للجريمة.
و جميع هذه الآراء تشترك في الاعتماد على ماديات النشاط الإجرامي، كما أن معيار البدء في التنفيذ، يعتمد على خطورة الفعل و ما يؤدي إليه من احتمال حدوث النتيجة الإجرامية.


2-2- المذهب الشخصي:
يعتمد المذهب الشخصي على النية الإجرامية لدى الجاني، أيا ما تنطوي عليه شخصيته من خطورة إجرامية، وفقا لهذا المذهب فإن البدء في تنفيذ الفعل يتحقق في اللحظة التي يكون الجاني حاسم في طريق ارتكاب الجريمة، و بالتالي هو الفعل الذي يؤدي حالا و مباشرة إلى ارتكاب الجريمة أي أنه أحد الأعمال الأخيرة التي تسبق تنفيذ الجريمة.( )
الخلاف الفقهي بشأن تصور الشروع في جرائم الصحافة:
ذهب جانب من التشريع إلى عدم تصور الشروع في جرائم الصحافة استنادا إلى شرط العلانية الذي يقوم عليه الجريمة، لأن الشروع يعني توقف النشر الذي معناه توافر العلانية. و بالتالي الجريمة لا وجود لها، اما في حالة تمام النشر حتى و لو لم تتحقق الغاية التي تهدف إليها الكتب لم نكن بصدد شروع بل بصدد جريمة تامة، لأن أركانها القانونية قد توافرت.( )
و ذهب جانب آخر من الفقه إلى تصور الشروع في جرائم الصحافة بناء على أن المذهب السابق استند إلى المذهب الموضوعي في تفسير الشروع الذي يتطلب إرتكاب للجاني لأفعال تدخل في نطاق الركن المادي، غير أن هذا المذهب منتقد في حدادته نظرا لأنه يؤدي إلى عدم عقاب الكثير من على الشروع فلا الجريمة بالرغم من توافر نية ارتكابها لديهم.( )
و نؤيد الرأي الثاني في تصور الشروع في جرائم الصحافة سواء تمت بطرق العلانية التقليدية أو تمت بإحدى الوسائل الحديثة.



الفرع الثالث: علاقة السببية:
علاقة السببية هي العنصر الثالث من عناصر الركن المادي للجريمة و شأنه في جرائم الصحافة هو شان كل الجرائم، فلا يترتب على عمل النشر الذي يمثل الاعتداء على الحق الذي يحميه القانون نتيجة إجرامية يسند إليه وقوعها من خلال رابطة سببية بينهم تصل النشاط بالنتيجة الإجرامية التي أحدثها، و التي بمقتضاها يمكن أن تسند الثانية إلى الأول باعتباره سبابها، و باعتبار أن النتيجة نتاج السلوك.( )
إن العلاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بفعل المتسبب و ترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه ان يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله عمدا او خروجه فيما يرتكبه بخطئه عن إرادة التبصر بالعواقب المادية لسلوكه و التصور من أن يلحق عمله ضرر بالتبرر.
أولا: المجال الذي توفر فيه علاقة السببية في جرائم الصحافة
تثار مشكلة علاقة السببية في الحالات التي لا يقضي فيها الفعل وحده إلى النتيجة الإجرامية المخطورة بل تدخل معه مجموعة من العوامل تساعد على وقوع النتيجة المجرمة.
و باعتبار علاقة السببية رابطة بين الفعل و النتيجة، فإن البحث في مدى توافرها يقتضي أولا وقوع فعل غير مشروع أو قضى إلى نتيجة يعاقب عليها القانون، و بالتالي إذا كان الفعل مشروعا و لكن نتجت عنه نتيجة إجرامية فيما بعد أو لم يصدر نشاط خارجي من جانب الجاني كما لو تتوقف مشروعيته عند التفكير في الجريمة و التدبير لها أو العزم و التصميم على تنفيذها أو التحضير لذلك فلا محل للبحث في علاقة السببية ( )، كما هو الحال في قيام الصحفي بكتابة مقال يتضمن إحدى جرائم الصحافة و وضعه في درج مكتبه أن يرسله إلى رئيس التحرير.
و لا تثار مشكلة علاقة السببية في الجرائم السلبية التي تتم بامتناع مجرد لا تترتب عليه نتيجة، و هي الجرائم الشكلية أو المادية التي لا يتطلب القانون سماعها نتيجة مادية بل أنها تقع بمجرد السلوك المحض.
ثانيا: طبيعة علاقة السببية في جرائم الصحافة
تعد علاقة السببية أساس المسؤولية الجنائية عن فعل النشر، و تعني إسناد الجريمة ماديا إلى القائم بهذا النشر، و هي التي تقصر مبدأ التجريم على الوقائع المادية التي ترتبط بنتيجة إجرامية دون النوايا و المعتقدات.( )
ثالثا: معيار علاقة السببية:
انقسم الفقه حول وضع ضابط لعلاقة السببية إلى نظريتين: نظرية تعادل الأسباب و نظرية السببية الكافية أو الملائمة، و يذهب التشريع إلى الأخذ بنظرية السببية الكافية باعتبار أن علاقة السببية تقوم بين فعل الجاني و النتيجة الإجرامية، حتى و لو ساهمت عوامل أخرى في الوصول إلى هذه النتيجة طالما كانت هذه العوامل مألوفة وفقا للسير العادي للأمور.
و قد عبر عن هذا بأن العامل مسؤول دائما عن النتائج التي أمكنه أو وجب عليه افتراضها و أن رابطة السببية بين الوفاة و بين الجروح التي أحدثت عندما لا تنعدم إلا إذا كانت الوفاة ناشئة فقط عن وقائع حدثت عرضا و بعد الإصابة بنوع أن الفاعل لم يكن في إمكانه افتراضها.
كما أن علاقة السببية علاقة مادية تبدأ بفعل المتسبب و ترتبط من الناحية المعنوية بما كان يجب عليه ان يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا أتاه عمدا.
و مع ذلك تقطع علاقة السببية العوامل الشاذة غير مألوفة، و التي لم يكن في استطاعة الجاني توقعها وفقا للمجرى العادي للأمور.


المطلب الثاني: الركن المعنوي
جرائم الصحافة جرائم عمدية و بالتالي يقوم ركنها المعنوي على توافر القصد الجنائي، أي اتجاه إرادة الجاني إلى إرتكاب النشاط الإجرامي و إلى النتيجة المترتبة عليه، مع علمه بها و بكافة العناصر التي يتطلبها القانون العام لقيام الجريمة.
و يعرف القصد الجنائي بأنه علم بعناصر الجريمة و إرادة متجهة إلى تحقيق هذه العناصر او إلى قبولها. و يتكون من عنصرين هما العلم و الإرادة.
الفرع الأول: العلم
يقصد بالعلم التصور لحقيقة الشيء على نحو يطابق الواقع، و يشترط فيه أن يكون تماما و معاصرا للنشاط الإجرامي المكون للركن المادي للجريمة.( )
و يذهب جانب من الفقه إلى تعريفه بأنه هو حالة ذهنية تعتمد على العلاقة بين أمر من الأمور و النشاط الذهني المتصل به لشخص من الأشخاص، و بدون العلم لا يمكن تصور الإرادة المتجهة إلى إرتكاب الجريمة إذ كيف يتوجه النشاط النفسي لإحدى الوقائع دون علم بها( ) و عليه فالشر لا يكون مقصودا إلا إذا تمثله الصحفي بالعلم بجميع عناصره في ضوء القيم السائدة في المجتمع قبل تحقيقه عملا و في الواقع.
القصد الجنائي في جريمة القذف يتوافر إذا كان القاذف يعلم بان الخبر الذي نشره يوجب عقاب المجني عليه أو احتقاره و هذا العلم مفترض إذا كانت العبارات موضوع القذف شائنة بذاتها و مقذعة.





الفرع الثاني: الإرادة
و تعرف بأنها نشاط نفسي يصدر عن وعي و إدراك يتجه إلى تحقيق غرض معين بوسيلة معينة، و بالتالي فهي تفترض العلم بالغرض المستهدف تحقيقه، و الوسيلة التي تمكن من تحقيق هذا الغرض ( )، كما يمكن تعريفها بأنها نشاط نفساني يقتضي في شكله الكامل حرية تمثل أوامر و إبرازه إلى العالم الخارجي.
و في ذلك يذهب جانب من الفقه إلى أن للإرادة عناصر ثلاثة: عنصر نفسي، عنصر مادي، و عنصر ثالث يتعلق بحرية الاختيار. ( )
و ينحصر الجانب النفسي للإرادة في العملية الذهنية التي تؤدي إلى اتخاذ قرار القيام بعمل معين من خلال هذه الإرادة، أما العنصر المادي فإنه يتحقق من خلال الحركة العضوية التي يقوم بها الجاني سواء تمثلت في صورة الفعل أو الامتناع.
و يمر العمل الإرادي في ذهن الإنسان بعدة مراحل تبدأ بالسبب أو الدافع أو الباعث على التفكير في السلوك و تنتهي بالعزم على توجيه الإرادة نحو هذا السلوك، ثم تنفيذ ما انعقدت عليه الإرادة.
و القصد الجنائي نوعان عام و خاص، و تختلف عناصر القصد العام عن عناصر القصد الخاص في تطلب المشرع عنصرا إضافيا علاوة على العلم.
و قد قضى بأن معظم جرائم الصحافة تكتفي بالقصد العام، الذي يتمثل في تعمد اقتراف الفعل المادي، و بالإضافة إلى ذلك تعمد النتيجة المترتبة على الفعل.
كما قضى بان الألفاظ متى كانت دالة بذاتها على معاني القذف و السب وجبت محاسبة كاتبها عليها بغض النظر عن البواعث التي دفعته لنشرها.
كما قضى بأنه يكفي لتوافر القصد الجنائي لدى القاذف في هذا الشأن أن تكون المطاعن الصادرة منه محشوة بالعبارات الشائنة و الألفاظ المقذعة فهذه لا تترك مجالا لافتراض حسن النية عند مراسلتها.
و قضى بان عنصر سوء النية يتحقق بكذب الواقعة، و يستفاء من هده العبارات المستخدمة، و حيث أنه من المقرر أن القصد الجنائي قصد الإسناد أو الإذاعة في جريمة القذف أو السب إنما يتوافر متى نشر القاذف أو الساب العبارات الماسة بالشرف أو السمعة أو الاعتبار مع علمه بأنها لو كانت صادقة لأوجبت عقاب المقذوف في حقه أو إحتقاره أو الحط من شرفه و كرامته، و يستفاء هذا العلم هذه العبارات شائنة بذاتها تحمل بنفسها الدليل الكافي على توافر القصد الجنائي.
و قد ثار غلاف فقهي بشأن نوع القصد الذي تتطلبه بعض جرائم الصحافة و مثال ذلك جريمة نشر الأخبار الكاذبة التي اشترط القانون ان يكون النشر تم بسوء قصد، أو سوء نية.
و تتطلب هذه الجريمة قصدا جنائيا خاصا لا يكفي لتوفره مجرد إثبات أن الناشر كان يعلم بان الخبر كاذب او الورقة مزورة و ان من شان النشر تكدير السلم العام أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة، بل لابد أن تكون نية الصحفي قد اتجهت إلى إحداث هذه النتائج فعلا.
و تعبير سوء النية الذي قد يعني تطلب قصدا خاصا يختلف عن بعض المصطلحات التي يتطلبها المشرع مثل تعبير نية الإضرار، بحيث يرى جانب من الفقه أن تعبير نية الإضرار تعبير غير سليم، و ذلك لان إرادة الإضرار لا يشترط في القذف، و لكن يتم من خلال تكرار الأقوال التي يتضمنها على الجمهور، حتى و لو لم يكن لدى الجاني نية الإضرار بالمجني عليه.
كما أن لسوء النية دورها في توافر القصد الجنائي، فإن لحسن النية دورا كبيرا في استبعاد المسؤولية الجنائية، و تحديد حسن النية يكون بواسطة القضاة.
" و حسن النية ليس معنى باطنيا بقدر ما هو موقف أو حالة يوجد فيها الشخص تشوه حكمه على الأمور رغم تقديره لها تقديرا كافيا و اعتماده في تصرفه على أسباب معقولة". فإثبات حسن النية لا يكون سبب لإباحة القذف إلا إذا تعلق بموظف عام و كان متصلا بأعمال وظيفته، و بشرط إثبات حقيقة ما أسند إليه.
و يذهب جانب من الفقه إلى أن حسن النية في جرائم الصحافة يتطلب الصورة و مشروعية الهدف من وراء النشر، و نسبية الضرر بواسطة تقرير الهدف المتبع و الاعتدال او الحكمة في التعبير. و لا يمكن للمتهم في الوضع الطبيعي نفي القصد الجنائي من خلال إثبات حسن نيته، لان حسن النية لا يصلح لنفي القد الجنائي إلا حيث يكون سوء النية مطلوب توافره من خلال اشتراط قصد خاص. ( )









 


قديم 2011-04-17, 20:01   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 تابع

الفصل الثانـي: تنظيم المسؤولية الجنائية و أسباب الإباحـة في جرائـم الصحـافة

قبل أن نتطرق إلى تنظيم المسؤولية الجنائية و أسباب الإباحة في الجرائم الصحفية ارتأينا إلى أن نتطرق إلى بعض الصعوبات التي تواجه تنظيم المسؤولية الجنائية و التي أنجزنها فيما يلي:
تثير مشكلة تحديد الأشخاص المسؤولين عن الحجاز في استعمال حرية الصحافة عدة صعوبات قانونية بسبب التنظيم الخاص بالصحافة سواء في مجال الإعلام المقروء او الإعلام الالكتروني و من بين هذه الصعوبات
- كثرة المتدخلين في إعداد و نشر المطبوع و يرجع ذلك إلى تعقد العمل في الصحيفة الذي يتطلب أنشطة متعددة تميز كل نشاط عن الآخر و تسهم كلها في تحقيق الركن المادي للجريمة و يلاحظ أنه مع تعدد المساهمين في نشر الصحيفة فإن بعض هؤلاء قد أراد إرتكاب الجريمة بينما يسهم الآخر بحسن نية دون أن يعلم بمكونه.
- نظام اللارسمية في الكتابة و تزداد المشكلة صعوبة عندما نجد أن عددا كبيرا من المقالات غير متوقعة من مؤلفيها و بالتالي صعوبة تحديد الأشخاص المسؤولين عن الجريمة.
- سرية التحرير و هي صعوبة تتعلق بتحديد الأشخاص المسؤولين عن التجاوز في استعمال حرية الصحافة و السرية في مجال الصحافة لا تعني بطبيعة الحال أن يحتفظ الصحفي على المعلومات التي تحصل عليها – بما أن أحد مهام الصحافة هو الحصول على المعلومات لنشرها بغير تمييز على أكبر عدد ممكن من الجمهور- و لكن تعني السرية هنا الحق في أن يحافظ رؤساء التحرير أو المحررين بسرية مصادرهم الصحفية و هو ما يعرفه بسرية التحرير.




المبحث الأول: تنظيم المسؤولية الجنائية
أمام الصعوبات التي تعكر تحديد الأشخاص المسؤولية جنائيا عن الجرائم التي تقع عن طريق الصحفي و غيرهما من طرق العلانية، فإن المذاهب التشريعية لم تتفق على قواعد ثابتة في تنظيم المسؤولية الجنائية بل أن الدولة الواحدة لم تستقر على نظام واحد في تنظيم المسؤولية، الجنائية في جرائم النشر و يمكن رد الحلول المتجهة إلى ثلاثة اتجاهات ( ) ، الاتجاه الأول يتبنى نظام التتابع و هو نظام يقوم على حصر المسؤولين عن الجريمة و ترتيبهم بحيث لا يسأل احدهم كفاءة أصل الجريمة إلا إذا تعذر معرفة من يسبقه في الترتيب و يتبنى هذا الاتجاه القانون الفرنسي و القانون التونسي.
أما الاتجاه الثاني فهو مبني على المسؤولية التضامنية حيث يسأل كل من مدير التحرير او الناشر كفاعل أصلي للجريمة بالإضافة إلى مؤلف الكتابة.
أما الاتجاه الثالث فهو مبني على القواعد العامة حيث لا يسأل الناشر أو مدير التحرير إلا عن الخطأ الذي ارتكبه، فيسأل عن جريمة عمدية إذا صدر عنه سلوك يجعله فاعلا للجريمة أو شريكا فيها أو عن جريمة خاصة أساسها الإخلال بواجب الرقابة. و يتبنى هذا الاتجاه القانون الألماني.
و سوف نقتصر بعرض النظام المنبع في القانون الفرنسي لتمييزه بالأخذ بنظام التتابع بالنسبة للمسؤولية الجنائية للأشخاص الطبيعية بالإضافة إلى تقرير المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية في حدود معينة.
حيث أنه إذا كان مرتكب الجريمة شخصا واحد و انفرد بارتكاب الجريمة، كما في حالة صدور العبارات المتضمنة للإهانة أو القذف أو السب في محل أو طريق عام، أو في حالة وضع الشخص الكتابات التي يعاقب عليها القانون في مكان عام أو في مكان خاص بحيث يستطيع من كان في مكان عام رؤيتها، فالقواعد العامة هي الواجبة التطبيق في هذه الحالات، فيعتبر فاعلا للجريمة الشخص الذي صدرت منه العبارات المجرمة او الذي وضع الكتابات في مكان خاص بحيث يستطيع من كان مكان رؤيتها، و يسأل كشريك كل من حرض أو ساهم في الجريمة بجزء لا يصل إلى حركتها المادي.
و المشكلة في الجريمة تثور بصدد الجرائم التي ترتكب عن طريق الصحف أو المطبوعات غير الدورية كالكتب حيث يساهم عدد كبير من الأشخاص في إعدادها و نشرها
و نلاحظ أن هذا ما تطرق إليه المشرع الجزائري حيث بين كيفية المتابعة الجزائية و ذلك ما نصت عليه المادة 144 مكرر 1 قانون العقوبات الجزائري. ( )
" ...فإن المتابعة الجزائية تتخذ ضد مرتكب الإساءة و ضد المسؤولين عن النشرية و عن تحريرها و كذلك ضد النشرية نفسها..."
و كذلك نصت عليه المادة 43 من قانون الصحافة:" إذا أدى مرتكبوا المخالفة المكتوبة أو المنطوقة أو المصورة يتابع مدير النشرية أو ناشرها باعتبارها متواطئين، ويمكن أن يتابع بالتهمة نفسها في جميع الأحوال، المتدخلون المنصوص عليهم في المادة 42 منه.
و بناءا عليه نقترح تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين: الأول يتناول المسؤولية الجنائية للأشخاص الطبيعيين، و الثاني يتناول المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية.( )
المطلب الأول: المسؤولية الجنائية للأشخاص الطبيعيين ( )
تعتبر أغلب التشريعات أن عملية النشر وحدها هي جوهر الجريمة و ترتب على ذلك نتيجة هذه ان يقوم بها يجب أن يكون وحده فاعلا أصليا، و نتيجة لهذا رتب المشرع الفرنسي في المادة 42 من قانون الصحافة الفرنسي للأشخاص الذين يمكن أن يساهموا في عملية النشر بحسب أهميتهم، و هذا كذلك ما تناوله المشرع الجزائري حيث نصت المادتين 41 و 42 قانون الصحافة الجزائري ( ) على التحمل الكامل للمسؤولية الصحفية، بالإضافة إلى ذلك نصت المادة 43 من نفس القانون على أنه: إذا أدى مرتكبوا المخالفة المكتوبة أو المنطوفة أو المصورة يتابع مدير النشرية أو ناشرها باعتبارها متواطئين، و يمكن أن يتابع بالتهمة نفسها في جميع الأحوال المتدخلون المنصوص عليهم في المادة 42.
حيث أنه لا يسأل أحدهم كفاعل أصلي للجريمة إلا إذا تقدر معرفة الشخص الذي يسبقه في الترتيب و هذا النظام عرف بنظام التتابع.
و سوف نشير فيما يلي الى الفاعلين الأصليين و الشركاء في حالة إرتكاب الجريمة عن طريق الصحافة.
الفرع الأول: الفاعلون في الجرائم التي تقع بواسطة الإعلام المقروء
رتب المشرع الفرنسي في قانون الصحافة الأشخاص الذين تقع عليهم المسؤولية الجنائية في حالة ارتكاب الجريمة عن طريق الإعلام المقروء – و هذا كذلك حسب نص المادة 43-42 قانون الصحافة الجزائري – على النحو التالي:
- مدير النشر ( التحرير ) فيما يتعلق بالنشرات الدورية أو الناشرون فيما يتعلق بالنشرات غير دورية) أيا كانت مهنتهم أو مسمياتهم – إن لم يوجد يسأل المؤلفون.
- إن لم يوجد يسأل الطابعون – إن لم يوجد يسأل الموزعون و الملصقون
و بناءا على هذا يسأل المؤلف كفاعل أصلي للجريمة إلا إذا تعذر معرفة مدير التحرير و هو الشخص الذي يسبقه في الترتيب.
1- مسؤولية مدير التحرير: يتبين من نص المادة 43 من قانون الصحافة الجزائري أن مدير النشرية ( التحرير ) يسأل وحده كفاعل أصلي في الجريمة في حالة إرتكاب الجريمة عن طريق الفحص، أو غيرها من المطبوعات الدورية، و يسأل الناشر إذ كانت الجريمة وقعت عن طريق المطبوعات غير الدورية كالكتب.
و قد أشار المشرع أنه في حالة تمتع مدير النشر بالحماية البرلمانية وجب عليه تعيين مدير مشارك ( نائب مدير ) ليكون مسؤولا منذ وقت تعيينه عن الجرائم التي يمكن أن يسأل عنها مدير التحرير في حالة عدم تمتعه بالحصانة، و يترتب على تحديد مدير شريك عدم مساءلة أحد من الأشخاص من التاليين في الترتيب بصفته فاعلا أصليا في الجريمة.
2- مسؤولية مؤلف الكتابة:
إذ تعتبر معرفة مدير التحرير أو الناشر يسأل مؤلف الكتابة كفاعل أصلي في الجريمة، و إذ تعذر معرفة الشخص، أي عدم استطاعة العدالة معرفة أو تحديد شخصية مدير التحرير أو الناشر، و يترتب على ذلك أنه إذا أمكن تحديد شخصية مدير التحرير أو الناشر و لو لم يتم تقديمه للمحاكمة أو لهروبه أو لإنقضاء الدعوى الجنائية لوفائه أو لتمتعه بالحماية البرلمانية، فلا يسأل مؤلف الكتابة تفاعل أصلي للجريمة.
و الضابط في تحديد مدى مسؤولية مؤلف الكتابة كفاعل أصلي في الجريمة هو تمتع مدير التحرير بوظيفته وقت النشر، فلا يسأل مؤلف الكتابة كفاعل أصلي في الجريمة إلا إذا تعذر معرفة مدير التحرير أو الناشر او في حالة وفائه أو فقد لهذه الصفة قبل النشر كما في حالة تقديم استقالته.
3- مسؤولية الطابع و البائع و الموزع و الملصق:
كذلك يسأل الطابع عن الجريمة كفاعل أصلي إذا تعذر معرفة الأشخاص الذين يسبقونه في الترتيب، و يترتب ذلك عندما يكون مدير التحرير أو الناشر أو مؤلف الكتابة غير معروفين.
غير أن ذلك لا يحول دون مساءلته كفاعل أصلي في الجريمة إذ يجمع بين صفته كطابع وصفة مدير التحرير ( النشر ) أو الناشر أو إذا جمع بين صفة الطابع وصفته كمؤلف الكتابة.
أما إذا عرف مدير التحرير أو الناشر في الحالة الأخيرة فإنه يسأل كشريك في الجريمة باعتباره مؤلف للكتابة.
و أخيرا إذا كان المدير أو الناشر أو المؤلف أو الطابع مجهولين يسأل البالغون، الموزعين و الملصقون عن الجريمة المرتكبة كفاعلين أصليين.

الفرع الثاني: الشركاء في الجرائم التي تقع بواسطة الإعلام المقروء
1- مسؤولية مؤلف الكتابة كشريك في الجريمة:
و يترتب على ذلك أن مؤلف الكتابة يكون دائما مسؤولا عن الجريمة المرتكبة سواءا كفاعل أصلي في الحالات السابق بيانها ( عندما يكون الفاعل الأصلي غير معروف ) أو كشريك في الجريمة في الأحوال التي يكون الفاعل الأصلي معروفا و لا يؤثر اعتبار مؤلف الكتابة شريكا في الجريمة، في الحالة الأخيرة. في حالة ما إذا لم كان الفاعل الأصلي هاربا أو لم يتم تقديمه للعدالة او لانقضاء الدعوى العمومية لوفاته أو تمتعه بالحصانة.
2- مسؤولية الطابع كشريك:
تنص أغلب التشريعات و منها المشرع الفرنسي عن حالات ثلاث يسأل فيها الطابع كشريك في الجريمة و هي:
- إذا ساهم بأفعال بعيدة عن صناعته مثل قيامه بتحريض المؤلف على قذف او سب أحد الأشخاص، أو إذا ساعد مؤلف كتابة المقال بإمداده بمعلومات عن الموضوع.
- في حالة تمتع المدير بالحصانة البرلمانية و عدم تعيين مدير شريك ( ثانيا ) بديلا عنه.
- يسأل الطابع في حالة ما إذا قضت المحكمة بعدم مسؤولية مدير التحرير او المدير المشارك، و المقصود هنا توافر مانع من موانع المسؤولية التي تجرد إرادة هؤلاء الأشخاص من القيمة القانونية كالجنون أو عاهة في العقل.






المطلب الثاني: المسؤولية الجنائية للاشخاص المعنوية
لم يكن ينص قانون العقوبات الفرنسي ( ) الصادر سنة 1810 على المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي، فلم يجد مكانا إلا في ظل قانون العقوبات الجديد، الصادر في 22 جويلية 1992.
أما المشرع الجزائري تناول هذه المسؤولية في قانون العقوبات فاقر عقوبات على الشخص المعنوي في المادة 18 من الأمر رقم 04/15 المؤرخ في 10 نوفمبر 2004 الفقرة الأولى ( المادة 18ف 01) و هي: " الغرامة" و كذلك في الفقرة الثانية ( المادة 18 ف 02 ) بالأمر رقم 06-23 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006: " ... حل الشخص المعنوي – غلق المؤسسة أو فرع من فروعها لمدة خمس سنوات – الإقصاء من الصفقات العمومية لمدة لا تتجاوز 05 سنوات- المنع من مزاولة نشاط أو عدة أنشطة مهنية أو اجتماعية بشكل مباشر أو غير مباشر ...".
كما أن هناك شروط يجب توافرها حتى تطبق المسؤولية الجنائية على الأشخاص المعنوية و هي:
الفرع الأول: أن يرتكب أحدى الجرائم المنصوص عليها على سبيل الحصر
حصر المشرع الجرائم التي يمكن أن يسأل عنها جنائيا الشخص المعنوي، فهي مسؤولة محددة في نطاق بعض الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات، و مؤدى إلى أن الشخص المعنوي لا يسال جنائيا في حالة ارتكاب احد أعضائه أو ممثله لجرائم لم ينص القانون على إمكانية مساءلتها عنها و من ثم لا يسأل الشخص المعنوي عن جريمة نشر أخبار كاذبة و جرائم السب و القذف.
و مع ذلك انتقى المشرع بعض الجرائم عليها في قانون العقوبات و التي تمثل اختلالات نمس بالنظام العام، او انتهاك لحرية الفرد الشخصية، فتنص على إمكانية مساءلة الشخص المعنوي عن جريمة نشر أمر بعد إنتهاء كحرمة الحياة الخاصة للأفراد المنصوص عليها في المادة ( 303 مكرر و 303 مكرر 01 ق ع ج ) و جريمة التحريض على مقاومة السلطات او على التسلح المادة ( 74 ق ع ج ) او تحريض الجند على عدم طاعة رؤساءتهم المادة ( 62 ق 04 ق ع ج ) أو إذاعة معلومات او مستندات او أوراق متعلقة بالدفاع و التي يحضر نشرها المادة ( 70 ق ع ج ).
و من الأهمية أن نوضح انه يشترط لمساءلة الشخص المعنوي جنائيا أن تكون الجريمة منخفضة بجميع عناصرها من الشخص الطبيعي الذي يعمل لحسابها.
الفرع الثاني: ان تكون الجريمة مرتكبة بواسطة أحد أجهزة أو ممثلي الشخص المعنوي
إختار المشرع من بين الأشخاص التي تكون الشخص المعنوي تلك التي تنسب أفعالهم لها، و قد عبر عن هؤلاء الأشخاص في المادة 51 مكرر ق ع ج باستعماله لفظان هما: " أجهزته " و " ممثليه الشرعيين "، و يقصد بأجهزة الشخص المعنوي الأشخاص الذين يمثلون أهمية كبيرة في المؤسسة بالنظر إلى الوظائف التي يباشرونها و التي تؤهلهم لتسيير أمورها و التكلم و التصرف و التعاقد باسمها و لحسابها و يدخل في هذا المدلول مجموعة شركاء أو أعضاء مجلس الإدارة العامة.
أما الممثلون فيقصد بهم الأشخاص الطبيعيون التي تكون لديهم سلطة التصرف باسم و لحساب الشخص المعنوي و يستوي في ذلك ان يكون الممثل معينا أو منتخبا، و كذلك لا عبرة بمسمياتهم، فقد يكون ممثلا للشخص المعنوي رئيس مجلس الإدارة او مدير المؤسسة او المدير العام أو مدير مؤقت فالذي يؤخذ في الاعتبار هو سلطة الشخص الطبيعي في التصرف في أمور الشخص المعنوي و اتخاذ قرارات باسمه و لحسابه، و على ذلك لا تنسب الجريمة للشخص المعنوي إذا ارتكب الفعل المكون لها شخص طبيعي زالت عنه الصفة.
الفرع الثالث: أن ترتكب الجريمة لحساب الشخص المعنوي:
لا يكفي لانعقاد المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية أن تقع الجرائم التي نص عليها القانون بواسطة الجهاز أو الممثل لهذه الأشخاص المعنوية. بل يجب أن تقع هذه الجرائم لحساب هذه الأشخاص المعنوية، و بناءا على ذلك فإنه إذا وقعت الجريمة تحقيقا لمصلحة شخصية ( ممثل الشخص المعنوي، فلا تنعقد المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي، و في جميع الأحوال فإن هذا التقدير يدخل في نطاق السلطة التقديرية للقاضي في مقام تقييمه و موازنته بين المصالح المختلفة.
و يلاحظ أن عبارة " يكون الشخص المعنوي مسؤولا جزائيا عن الجرائم التي ترتكب لحسابه" الواردة في المادة 51 مكرر ق ع ج إلى ما سيعود على الشخص المعنوي من فوائد و أرباح أو مصلحة او مزايا من وراء إرتكاب الجريمة، و لا يشترط ان يجني الشخص المعنوي فائدة من وراء الجريمة، بل يكفي أن يقع الفعل المكون لها بمناسبة ممارسة وظيفته كممثل للشخص المعنوي على امل تحقيق هذا الهدف ( هدف مادي او معنوي ).
المبحث الثاني:أسباب الإباحة في جرائم الإعلام
من المقرر قانونا أن المسؤولية الجنائية قد تنتفي لعدة أسباب، بعضها شخصية و الأخرى موضوعية، فمن ناحية نفي المسؤولية الجنائية في حالة توافر أسباب شخصية أو كما يطلق عليها الفقه " موانع المسؤولية " و مع أسباب تجرد إرادة الجاني من القيمة القانونية، فلا يسأل عن الجريمة التي ارتكبها، مثال ذلك الجنون أو عاهة في العقل أو صغر السن، و من ناحية أخرى فقد لا تنعقد المسؤولية الجنائية لتوافر أسباب موضوعية تسمى أسباب الإباحة، و هي أسباب تخلع عن الفعل الصفة غير المشروعة ليصبح مباحا و مشروعا، و تفسير ذلك ان قانون العقوبات يهدف إلى حماية مصالح متنوعة منها ما يتعلق بمصالح الأفراد، و منها ما يتعلق بالمصلحة العامة و قد تكون هذه المصالح لتنوعها متضاربة فينشأ تنازع بينها مما يتعين معه المفاضلة بين هذه المصالح و إضفاء الحماية على المصلحة الأجدر بالرعاية و التضحية بالمصلحة الأقل، و ترتيبا على ما تقدم فإن توافر أسباب الإباحة يعني أن الفرد يعتبر مرتكبا لفعل مباح و مشروع.
كذلك فإنه إذا كانت موانع المسؤولية تتفق مع أسباب الإباحة في أنها تحول دون معاقبة الشخص إلا أنها تختلف معها في أنها ذات طابع شخصي يتعلق بالشخص ذاته الذي جردت إرادته من القيمة القانونية، فلا يتقيد بها إلا الشخص الذي توافرت لديه باقي المساهمين في الجريمة، حيث تضل الجريمة معاقبا عليها و مسؤوليتهم قائمة.
على العكس من ذلك فإن أسباب الإباحة ذات طابع موضوعي يتعلق بالفعل ذاته و تجرده من الصفة غير المشروعة، فيستفيد من توافرها جميع المساهمين سواء علموا أو لم يعلموا بها وقت صدور السلوك.
و سوف نخصص دراستنا هذه لأسباب الإباحة في مجال النشر و في حق نشر الأخبار، حق النقد و الطعن في أعمال الموظف العام أو من في حكمه.
المطلب الأول: حق نشر الأخبار
من المهام النبيلة التي تنهض بها الصحافة نشر الأخبار لما تنطوي عليه من تسجيل للأحداث و تقديم للمعلومات و تشخيص للمشكلات، فهذا النشر ينقل الرأي العام من دائرة الغموض إلى دائرة النور و يتحول من حالة الجهل إلى حالة المعرفة.
فحرية الصحافة في الاخبار و المعلومات هي أساس تقدم و إزدهار الأمم و الوسيلة الوحيدة لتواصل الأفكار و التعارف على مختلف الثقافات و تدفق المعرفة الإنسانية في جميع مجالات العلوم الاجتماعية، و بمبرر هذا الدور الهام للصحافة أن حرية المعلومات و حرية الرأي يكفل الدستور حمايتها و هذا في المادة 41 من القانون الدستوري.
فالأخبار التي تنطوي على القذف يعتبر نشرها عملا مباحا لا بالنظر على الشخص المقذوف في حقه إلا فيما يتعلق بالموظف العام بسبب وظيفته ( هذا بالنسبة للقانون الفرنسي).
أما القانون الجزائري فهو ينص في المادتين 296-297 من قانون العقوبات على تجريم فعل القذف و السب في حق مواطن عادي أو موظف كما نصت عليه المادة 40 من قانون رقم 90-07 الخاص بالإعلام ( الامتناع عن الانتحال، الافتراء، القذف و الوشاية).



- شروط نشر الاخبار:
يشترط لإباحة نشر الاخبار توافر أربعة شروط:
1- أن يرد على اخبار لا يحظر نشرها.
2- الالتزام بمراعاة الحقيقة.
3- أن تكون هناك فائدة اجتماعية للأخبار بالنسبة للجمهور في توافر حسن النية.
I- أن يرد على أخبار لا يحظر القانون نشرها:
لاشك في ان حرية تدفق المعلومات تعتبر شرطا أساسيا لحرية الصحافة لا تقوم إلا ارتكابا إليها و المشرع قد يرى أن بعض المعلومات لا يجوز نشرها غما لأن الرأي العام لا مصلحة له في معرفتها و ما يمثل نشر إهدار مصلحة جديرة بالرعاية دون تحقيق أية فائدة للجمهور أو ان ثمة مصلحة من أجدر بالرعاية من المصلحة التي يحققها النشر و يكون ذلك في أحوال محددة بينها القانون.
1- المصالح التي تهددها إذاعة أو نشر بعض الأخبار:
قد يؤدي نشر أو إذاعة بعض الأخبار و المعلومات المتعلقة بأمن الدولة من جهة الخارج، و قد تنطوي علانية بعض الأخبار على إنتهاك أسرار الأفراد و بذلك يحدث مساس خطير بحقوقهم في الحياة الخاصة .
و قد تنطوي علانية بعض الأخبار المساس بنفسية بعض الأفراد و تلحق بهم أضرار نفسية جسيمة و بأسرهم، و بالتالي تؤدي إلى خروج الشخص من محنة المحاكمة الجنائية و قد فقد شرفه بين المواطنين بسبب هذا النشر، و قد تنطوي العلانية على المساس بالنظام العام و الآداب العامة و مساسا بحرية الأسرة.
2- الحالات التي يحظر القانون نشر أخبارها:
ثمة حالات حظر المشرع نشر بعض الأخبار و أهم هذه الحالات: حظر نشر أسرار الدفاع عن البلاد المادة 73 من قانون العقوبات الجزائري، و أخبار محاكمة الأحداث و بعض الإجراءات القضائية منها ما هو سابق على المحاكمة كنشر أخبار التحقيق الإبتدائي و منها في مرحلة المحاكمة كنشر ما يجري في الدعاوي المدنية او الجنائية التي قررت المحكمة سماعها في جلسة علنية.
2-1- أسرار الدفاع: نصت المادة 79 من قانون العقوبات الجزائري: " كل من يعمل باية وسيلة كانت على المساس بسلامة وحدة الوطن..." و من بين هذه الوسائل إذاع الأسرارو المعلومات الحربية أو السياسية أو الاقتصادية أو الصناعية التي بحكم طبيعتها لا يعلمها إلا الأشخاص الذين لهم صفة في ذلك و يجب مراعاة مصلحة الدفاع عن البلاد أن تبقى سرا على هؤلاء الأشخاص. و يشترط لقيام هذه الجريمة ما يلي:
- أن يكون الشيء ذات طبيعة سرية و أن يكون متعلقا بالدفاع عن البلاد.
و يقصد بالمعلومات الحربية كل ما يتعلق بالدفاع عن الوطن من جهة الخارج فيدخل في هذا النطاق عمليات تحريك القوات و الاستعدادات الحربية و الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها و كذلك: " الأشياء و المكاتبات و المحررات و الوثائق و الرسوم و الخرائط و التصميمات و الصور و غيرهما من الاشياء التي يجب لمصلحة الدفاع عن البلاد ألا يعلم بها إلا من يناط بهم حفظهما أو إستعماله".
و يعتبر أيضا من أسرار الدفاع " الأخبار و المعلومات المتعلقة بالقوات المسلحة و تشكيلاتها و تحركاتها و عتادها و تموينها و أفرادها و بصفة عامة كل ماله المساس بالشؤون العسكرية بنشره أو إذاعته" فيدخل في نطاق السر شراء الأسلحة و بيان أنواعها و أسلوب استخدامها و مكانها و كل ما يمكن أن يكون في إذاعته إفادة للعدو و تقدير ذلك موكل إلى المحكمة الخاصة بذلك، و في سبيل ذلك يجوز أن تستعين بمن ترى الاستعانة به، كما لها أن تأخذ برأيه أولا.
أما بالنسبة للمعلومات السياسية و الدبلوماسية فتشمل المعلومات التي يتعين الإبقاء عليهما في طي الكتمان مراعاة للمصلحة العامة للبلاد.
و يدخل في مدلول إذاعة أو إشاعة أسرار البلاد " الأخبار و المعلومات المتعلقة بالأمن العام للبلاد ".
و مع كل ذلك فإن القانون قد أجاز للمحكمة التي تتولى المحاكمة أن تأذن بإذاعة ما تراه من مجريات المحاكمة و ما تراه من عدم تأثير الأخبار التي تسمح بإذاعته".
2-2- الحياة الخاصة للفرد و الجماعة:
جرم المشرع الجزائري في المادة 303 مكرر من قانون العقوبات الجزائري رقم 06/23 الاعتداء على الحرية الخاصة للمواطنين الماسة بالحريات الشخصية و التي تخص جريمة الاعتداء على الحياة الخاصة للأفراد فتنص: " يعاقب بالحبس من ستة (06) أشهر إلى ثلاث (03) سنوات، و بغرامة مالية من 50000 إلى 300.000 دج كل من تعمد المساس بجرمة الحياة الخاصة للأشخاص باية تقنية كانت..."
و لم يحدد المشرع الجزائري التقنية بل ترطها مفتوحة في عدة نقاط و تدخل الصحافة في هذا المجال فهي التي تملك الوسائل التقنية المتاحة لنشر الأخبار و التشهير بالأفراد دون رضاهم او علمهم.
2-3- التحقيق الإبتدائي:
بحكم مرحلة التحقيق الإبتدائي مرحلة سرية، و هو ما يعني أن أخبار الأفراد التي نجمت عن هذه الإجراءات لازالت في نطاق السرية، فلا يجوز نشرها، و يرجع مبدأ خطر نشر التحقيقات الإبتدائية إلى حماية الإجراءات من التأثير فيها بالعلانية، كما يهدف إلى حماية المتهم من الإساءة إليه بسبب نشؤ أخبار تؤثر في سمعته و لن تمحى هذه الإساءة عندما يتقرر فيها بعد عدم وجود وجه الإقامة الدعوى الجنائية لأن هذا الأمر لن يمحو ما علق بأذان الجمهور.
2-4- الدعاوي التي تنظر في جلسة سرية أو التي قررت المحكمة الحد من علانيتها:
إذا كان الأصل هو علانية المحاكمات فإن المشرع الجزائري قد أجاز سلطة تقديرية او خول المحاكم سلطة تقدير الحد من هذه العلانية بالنسبة لسماع الدعوى.
فأجاز للقاضي و للمحكمة مراعاة النظام العام أن تأمر بسماع الدعوى كلها او بعضها في جلسة سرية و كذلك لها أن تسمعها في جلسة علنية و هذا ما نص عليه قانون الإجراءات الجزائية في المادة 285.
2-5- النشر الماس بالنظام العام:
المقصود بالنظام و الآداب العامة هي المحافظة على هاتين القيمتين اللتين تعدان من أهم ركائز النظام في الجزائر و قد نصت المادة 144 من قانون العقوبات الجزائري رقم 01/09 و التي نصت " يعاقب بالحبس من شهرين (02) إلى سنتين و بغرامة مالية من 1000 دج إلى 500.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من أهان قاضيا أو موظفا أو ضابطا عموميا أو قائد أو أحد رجال القوة العمومية بالقول أو الإشارة أو التهديد أو بإرسال أو تسليم أي شىء إليهم أو بالكتابة أو الرسم غير العلنيين أثناء تأدية وظائهم أو بمناسبة تأديتها و ذلك بقصد المساس بشرفهم أو اعتبارهم أو بالإحترام الواجب لسلطتهم.
لكن هناك مصالح متداخلة فهناك مصالح سياسية و اجتماعية و خلقية، اما المصلحة العامة للمجتمع فهي ثمرة توافق بين المصالح المتعارضة في المجتمع و من ثم فإن المحافظة على النظام العام التي نجيز للقصر الحد من علانية الجلسات تشمل كذلك حماية أسرار الدولة فإنه يجوز تقرير السرية في جرائم الخيانة، التجسس وسائل جرائم الإعتداء على أمر الدولة من جهة الخارج. كما أن حماية النظام السياسي و الاجتماعي للدولة قد تقضي فرض السرية في بعض الجرائم في بعض الجرائم الماسة بأمن الدولة من جهة الداخل مثل جرائم محاولة قلب نظام الدولة، و هي في ذات الوقت غير ملزمة الخصوم إلى ما قد يطلبونه من تقرير السرية و تقرير السرية يجب أن يكون بحكم يصدر في جلسة علنية و لا يكفي فيه صدور قرار من رئيس المحكمة بعكس بعكس إعادة العلانية و ذلك لأن العلانية هي الأصل و ليس هناك ما يوجب أن يكون تقرير السرية في حكم مستقل فيكفي إثبات القرار في محضر الجلسة مع بيان أسبابه و من تلك الأسباب حماية النظام العام و الآداب العامة.
2-6- النشر الماس بالآداب العامة:
تعتبر حماية الآداب مصلحة تجيز للمحكمة أن تأمر بسرية الجلسة فالمحاكمات الخاصة بالجرائم الجنسية مثل الإغتصاب و جرائم هتك العرض أو أي جريمة مخلة بالآداب عموما تقتضي تقرير السرية و في هذه الحالة يوجد مجال واسع لمعرفة أسرار الحياة الخاصة و منها ما يتعلق بالأعراض و حماية الأداب تتسع لتشمل كل ما يتعلق بحماية الناموس الأخلاقي.
2-7- مداولات المحاكم:
تعتبر سرية المداولات من الأصول الجوهرية للمحاكمة في جرائم الصحافة و ذلك ما نصت عليه المادة 309 من قانون الإجراءات الجزائية.
فلا يحضرها غير القضاة الذين سمعوا المرافعة و بناءا على ذلك فإن اخبار المداولات تعتبر من الأسرار بما تتضمنه من مناقشات و آراء.
و بناءا على سرية المداولات لا يجوز أخبارها بأي حال من الأحوال و لو استطاع الصحفي ان ينفذ لمعرفة ما بداخلها.
و علة هذه السرية هي حماية العدالة حتى لا تخشى القضاة من نشر أرائهم و ما يترتب عليه من سخط الناس و هو ما يؤثر في استقلال القضاة فهي سرية تصون كرامة القضاة و قدسية في نظر الناس.
II- الالتزام بمراعاة الحقيقة:
يتعين على الصحف الإلتزام بمراعاة الحقيقة و الدقة في نشر الأخبار و الإلتزام فيما ينشر بالمبادئ و القيم التي يتضمنها الدستور و بأحكام القانون متمسكا في كل أعماله بمقتضيات الشرف و الأمانة و الصدق و آداب المهنة و تقاليدها بما يخفض للمجتمع قيمة و بما لا ينتهك حقا من حقوق المواطن أو يمس إحدى حرياتهم.
III- أن تكون هناك فائدة اجتماعية للأخبار بالنسبة للجمهور:
لا تكفي أن تكون الأخبار صادقة بل يجب أيضا أن يحقق نشرها فائدة اجتماعية سواء بالنسبة للمجتمع كله او لمجموعة من الأشخاص و يستوي في ذلك ان تتعلق هذه الأخبار بموظف عام أو بفرد عادي طالما أن الوقائع المنشورة تتعلق عامة او تفيد الجمهور.
و في نطاق فكرة الفائدة الاجتماعية التي تعتبر وجها للمصلحة العامة فقد تسمح للصحف بان تنشر أخبار تتعلق بثروة الشخص أو صحته أو صفاته و غير ذلك من المعلومات التي تتعلق بحياته و تفيد في التحقق من الثقة الاجتماعية فيه إذا كان مرشحا لمكان هام ليتعرف الناخبون عليه.
IV- توافر حسن النية:
يشترط فيمن ينشر الخبر ان يكون حسن النية، و واقع الأمر ان فكرة حسن النية كشرط أساسي لممارسة حق نشر الأخبار.
تعتبر تطبيقا لشرط عام حدده قانون العقوبات، و هذا الشرط يعبر عن مشروعية الغاية التي توخاها الشخص من وراء نشر الخبر، فيجب أن يستهدف النشر تحقيق المصلحة العامة فيتوافر سوء النية إذا استهدف صاحب الخبر من وراء نشره باعث رديء و غير مثقف مع القيم و مقتضيات الشرف و آداب المهنة كالإنتقام الإيذاء او الإبتزاز.
و إذا كان " حسن النية " او " مشروعية الغاية " أمرا خفيا و من الوسائل الدقيقة التي يصعب إثباتها لتعلقها بداخليات الشخص إلا أنه قد يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى و المظاهر الخارجية للخبر، و من تلك المظاهر الخارجية التي يمكن ان تسترشد بها المحكمة في استخلاص مدى توافر مشروعية الغاية لدى صاحب الخبر طريقة و أسلوب و شكل عرض الخبر ومدى موضوعيته و وقت نشره.
المطلب الثاني: حق النقد
حرية النقد صورة من صور حرية الرأي و التعبير تتيح للأفراد بطريقة غير مباشرة المشاركة في الحياة العامة و الإسهام في مواجهة المشاكل و إدارة شؤون الوطن و ذلك بنشر آرائهم و تقييم الأعمال المختلفة التي تهم المجتمع لبيان أوجه القصور و العمل على إصلاحها أو تفاديها في المستقبل، فتظهر حرية نشر الأفكار كشرط أساسي للتقدم و الإزدهار لمجتمع ديمقراطي فلاشك في أن حرية الرأي من الحريات الأساسية التي تحتمها طبيعة النظام الديمقراطي و تعد ركيزة لكل حكم ديمقراطي سليم و الذي لا يتأتى إلا بتعدد قنوات المعلومات و تعدد الأفكار و الآراء، فحرية الرأي تعد من الدعامات الأساسية التي تنهض عليها النظم الديمقراطية الحرة، و قد غدت من الأصول الدستورية الثابتة في كل بلد ديمقراطي متحضر.
الفرع الأول: تعريف النقد المباح
يتميز النقد عن النشر للأخبار في أنه بينما يتناول الثاني وقائع غير معلومة للجمهور يتناول الاول محض وراء تعليا على الوقائع، هو حكم او تعليق أو تقييم على واقعة ثابتة ( )
و عرف القضاء المصري النقد المباح بأنه " إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر بغية التشهير به أو الحط من كرامته".
و مع ذلك، فإنه قد يتعذر الفصل التام بين الشخص و بين تصرفاته، إذ أن تعييب هذه التصرفات قد يحمل بذاته المساس بشرف أو اعتبار الشخص نفسه باعتبار أن الشرف و الاعتبار قيمتان تمثلان الحصيلة النهائية لمجموع تصرفاته.
فيباح هذا المساس بالقدر اللازم لتقييم العمل ( ) بل من المتصور أن يمس النقد بعض مظاهر الحياة الخاصة للفرد إذا كانت تتصل اتصالا وثيقا بالمصلحة العامة.
الفرع الثاني: مجال النقد المباج
الحكم أو التعليق أو التقييم الذي ينصب على أمر من الأمور يمكن أن يتدخل في عدة مجالات، كالمجال الأدبي أو الفني او الفلسفي أو السياسي، أو في مجال البحث العلمي او التاريخي أو الانتاج العلمي او الصناعي أو في مجال المنافسة في السلع، و لكنه يبدو أن حدود حق النقد يختلف من مجال لآخر، فإذا كان حق النقد يفضل في مجال الجدل و مناقشة الأفكار عن حق الفرد في شرفه أو إعتباره، فذلك يختلف في مجال المنافسة حيث لا يسمح إلا في حدود ضيقة جدا حق منافس آخر. و يجد ذلك علته أن النقد في هذا المجال الأخير يستند في غالبية الأحوال إلى خدمة أغراض شخصية و لا يعتبر حقا من حقوق الإنسان.
كذلك فإن الفرد قد يتعرض للمساءلة في مجال أكثر من آخر، فإذا كان الفرد يتعرض للمساءلة في المجال السياسي، فإن ذلك يقل في مجال النقد التاريخي حيث أنه يقدم على تقييم وقائع حدثت منذ زمن بعيد يمكن ان يكون المقذوف في حقه لا وريث له ( ) بالإضافة إلى أنه يشترط أن يكون الوريث مجنيا عليه، أي أن يتعرض حقه في الشرف أو الاعتبار للعدوان، كمن يسند إلى المتوفى أنه أنجب إبنه من علاقة غير شرعية، و من ناحية أخرى فإن النقد التاريخي قد يكون في مجال البحث العلمي فيستفيد الناقد من حقه في البحث العلمي.

الخاتمــة
إن جرائم الصحافة ظاهرة من ظواهر العصر الحديث، و قد تجلت بوضوح في بعض الدول و عانت منها دول أخرى،قد رافقت هذه الظاهرة في الحرية و التي ظهرت عند بعض الدول و المتمثلة في حرية إبداء الأفكار و الكتابات و المقالات على مجتمع الصحف، و قد ساعدت هذه الظاهرة الديمقراطية في بعض الدول العريقة في هذا المجال.
إن الفكرة التي ينطلق منها هذا البحث تتبع أساسا من رغبتنا في إظهار ينظمه الفنون للحرية الصحافة، و نر هذا الإطار كشفنا أن التقييد القانوني لهذه الحرية و في كثير من الحالات يهدف إلى تحقيق التوازن بين حق الصحافة الدستوري في كفالة حريتها و حق المجتمع الطبيعي في صحافة حرة و موضوعية بعيدة عن المزايدات و المغالات، و يؤكد المدى الواسع للتكامل في هذا النطاق بين الدستور و القانون الجنائي و قانون الصحافة.
حقا أن هناك من القيود ما يعد ضرورة لابد منها حتى لا تنطلق هذه الحرية فتصبر فوضى أو تنقلت فتصبح عبثا.
إن المشرع الجزائري لم يستهدف من وراء هذا التقييد إلا وجه المصلحة العامة التي سعى من خلالها التحقيق أهداف الصالح العام و الخاص.
إنه الإعلام حاجة من الحاجات المطلوب اتباعها للفرد، و حق من حقوق المواطن لذلك على المشرع أن لا يتركه في متناول مؤسسات و أشخاص غير مكونين و غير واعيين بتأثير الإعلام على الجمهور فالإعلام الذي يبحث عن الربح و الإثارة غالبا ما ينسب في فتنة المجتمع.
فلو تطرقنا للظاهرة التي قامت بها قناة الجزيرة القطرية التي تعد جريمة كاملة في حق المجتمع الجزائري، فالإستفتاء الذي قامت به مؤخرا على شبكة الإنترنت و السؤال الغريب الذي ألقته على آلاف المشاهدين و المستعملين للإنترنت و هي تساؤل بكل سخافة عن تأثير العمليات الإرهابية تعد ضربا لمشاعر الملايين من الجزائريين و استهجان بدمائهم و أرواحهم و عدم مراعاة الأخلاق المهنية و التقييد القانوني الدولي الذي ينظم سير الإعلام. كما يحافظ و يراعي مشاعر الآخرين فليس بدعوة الحرية و الديمقراطية أن نطلق العنان لأفكارنا.
فنجرح مشاعر الآخرين، و إن الموقف الذي وقفته الصحف الجزائرية في وجه هذه الهجمة الشرسة يعد بمثابة الضمير المهني الذي يحكم المصلحة العامة للصحافة الجزائرية.
و انطلاقا من هذا فإننا لا نمتدح لقيام حرية الصحافة من إلغاء القيود التي تنظم و تحدد السير العام للصحافة، فالمشرع الجزائري تشريعاته القانونية التي تنحكم حرية الصحافة جعلها كغطاء وقائي من الجرائم الصحفية التي قد تظهر في خظم عدم المسؤولية و اللامبالات.

المـراجــع
أولا: المراجع باللغة العربية
1- دكتور رياض شمس ، حرية الرأي وجرائم الصحافة والنشر.
2- الأستاذ أحمد أمين، د. علي راشد، شرح قانون العقوبات.
3- دكتور عمر سالم، نحو قانون جنائي للصحافة.
4- دكتور عثمان أمال ،جريمة القذف، دراسة مقارنة.
5- دكتور سرور طادق، قانون الإعلام.
6- دكتور جابر يوسف عبد الكريم،جرائم إنتهاك أسرار الدفاع.
7- دكتور خلود سامي غزارة، النظرية العامة للإباحة.
8- دكتور محمود هشام محمد رياض، المشؤولية الجنائية للشخص المعنوي.
ثانيا: المراجع باللغة الفرنسية
1- BORRICAND (JACQUES) SIMON (ANNE – MARIE) Droit Pénal et Procedure Penale ,Edition DALLOZ, 1998.
2- Conte (PHILIPE) MAISTRE (PATRICK) ,Droit Pénal général , 3 éd Presse UNIVERSITAIRE de France , 1998.
3- LAURE RASSAT (Michéle) ,Droit Pénal Spécial ,Infractions des et contre les particuliers ,éd DALLOZ,1995.










قديم 2011-04-18, 21:50   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
zoubour
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية zoubour
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك أخي ياسين على هذا العمل الممتاز وجعله الله في ميزان حسناتك.










قديم 2011-04-21, 21:56   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
لقاء الجنة
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية لقاء الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










قديم 2012-01-30, 10:56   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
مولود قارة
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي شكر خالص

شكرا لكم على كل هذه الجهود










 

الكلمات الدلالية (Tags)
الصحافة, جرائم


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 22:57

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc