انت حيوان

[norina]

وراودتني فكرة لم استطع منع نفسي من الكتابة عنها، فبينما كنت أدرس الفرق بين "لبن الانسان" و" لبن البقرة" في المقرر علينا في كلية الطب - وليست الطب البيطري . . . !! - ذهب عقلي و ذهبت انا معه لأبعاد أخرى، فحاولت أن أضع مقارنةً بين الإنسان و الحيوان ككل، تذكرت حينها ما قد درسناه في مادة الفسيولوجي وكيف يصنعون الأمصال في اجسام

الحيوانات مثل الحصان و الخنزير ثم بستفيدون منها في جسم الإنسان فهذا إن دل على شئ يدل على تشابه وظائف الاعضاء ذلك فضلاً عن التشابه التشريحي الذي نعلمه جميعاً ، وبعيداً عن الطب تخلل سؤال الى ذهني :"مادام هناك أوجه تشابه كثيرة . . . فأين الاختلاف؟ . . . بالطبع أعرف أنكم تقولون الأن ما هذا الساذج . . فالإنسان يتكلم وله قدرة على انشاء مجتمع و التفكير و .. و .. الخ.

ولكني عندما طرحت سؤالي لم اعني مجرد الاختلاف، ولكنني كنت ابحث عن الفارق الكبير والأساسي الذي يجعل الإنسان انساناً و الحيوان حيواناً . . . بالطبع ليست القدرة على الكلام أو ما شابه.

غريزة تفكر أم عقل يحرك؟

بالطبع أول شىْ خطر لي والذي أعلم أن جميعكم ترددونه الأن الا وهو "العقل" ، كانت اجابة مقنعة للوهلة الأولى ولكن من وجهة نظري الشخصية المتواضعة التي تميل للمنطق الأدبي وليس العلمي، وجدت أن العقل في حد ذاته لا يميّز الإنسان كثيراً فنحن نعلم جميعاً أن هناك الكثير من الحيوانات تنعم بقدر كبير من الفهم والعقل، فأبسط الأمثله الحمار

فنحن نعرف أنه حين يعتاد الذهاب اإلى مكان ما يستطيع الذهاب اإليه دون توجيه هنا نرى
الحمار يفكر ويتذكر وذلك بالرغم من شهرة ذلك الحيوان بالغباء الشديد ..

ومثل آخر وهو الأسد الذي نراه يختبئ ثم يهاجم
ويفاجئ فريسته، هذا ايضاً قد فكّر، واختار التوقيت وتدّرب في صغره . يُعد الثعلب ايضاً أحد الأمثله ، الذي يتظاهر بالموت حتى لا يقع فريسة في ايدي الحيوانات المتوحشة، وذلك إنما يدل على الذكاء الشديد الذي تتميز به جميع الحيوانات ولذلك فإن للحيوانات عقل و تفكير وحتى إن كان على سبيل "الغريزة" فماذا تحمل هذه الكلمة من معاني تفسر لنا تصرفات الحيوانات العقلانية المذهلة؟
-لا شئ على ما أظن -. إذاً فالعقل ذلك الأسطورة لم يعد بعد الفارق بين الإنسان والحيوان.

بدأت أن أقلق !!!

"النفس" و التي تتلخص في "المشاعر والعواطف"
هذا تفسيراً قفز أمام عقلي سريعاّ، لكني مع لحظة تأمل عدلت عن هذا التفسير، لأن المشاعر و العواطف تظهر عند الحيوانات في أجمل وأبسط صورها في حب الأم لصغارها وخشيتها عليهم من اي سوء أو خطر ورعايتها لهم، و ذلك بغض النظر عن ان المشاعر والعواطف لم تعد واضحة في عالمنا البشري . . .

بدأت أن أقلق وتساءلت: " ألن أجد الفارق بيننا وبينهم؟" ثم عدلت عن تفكيري بتذكري قدرة الإنسان على التعايش الإجتماعي ولكني سريعاً ما أُصبت بالإحباط عندما نظرت من النافذة ووجدت "عش حمام" على غصن إحدى الأشجار وقلت في نفسي: "بل هم ايضاً قادرون على ذلك فهم يبنون اعشاشاً وبيوتاً ويحفرون أوكاراً ويعيشون ويهاجرون أيضاً من مكان لآخر في أفواج" , فإنها لمرحلة إجتماعية تفوق الإنسان.

محكمة !!!

تحولت معي القضية إلى قضية دفاع عن الإنسانية وكأنني أقف في
محكمة، أدافع فيها عن الجنس البشري وأقول: "سيادة الرئيس حضارات المستشارين بالطبع نحن ليس مثلهم" . . والنيابه تقول: "اعطي دليلاً واحداً" و عند إذ قد تركت كتابي الذي كنت أشرد بفكري من خلاله و أخذ الموضوع جديةً نوعاً ما، و قمت بعصرذهني والتركيز والبحث عن أي شئ يوقف تساؤلي ويُشبع رغبتي وينقذني من المحكمة.

وبعد المداولة، ، ،

واخيراً و للأسف قد وجدته . .
وجدت الشئ الذي حتى الأن لم أجده في الحيوان وهو موجود في الإنسان، وإني أقول "للأسف" لأنني عندما وجدت ذلك الشئ قد فوجئت كثيراً، فهو بالفعل حسب تفكيري البسيط يُشكل الإختلاف الأكبر بيننا وبينهم، الا وهو "الإرادة" . . . نعم الإرادة. فاذا تأملنا الموقف من جديد نجد أن الحيوان ليس لديه إرادة على الإطلاق، فهو يفعل ما يريد أن يفعله أو ما تعوّد أن يفعله، فلا تحده اداب ولا اخلاقيات ولا قوانين أو أعراف، فهو ليس قادرولا يملك تلك القدرة التي تمنعه عن فعل أي شئ يحتاجه.
فليس للغزالة إرادة في أن تمنع نفسها من الخروج عن القطيع لئلا تهلك،


و ليس للأسد إرادة بأن يكف عن قتل الحيوانات ويتحوّل إلى أسد نباتي، ليس للثعلب إراده بأن يتحوّل إلى حيوان أليف لطيف مثل الكلب، ليس للأرنب إرادة بأن يتغيّر من كونه جبان يختبئ من النسورفي الجحور الى حيوان شجاع مفترس يقوم بإرهاب الفئران مثلاً. ولذا فقد وجدت أنه لا إرادة لأي حيوان.
وبالطبع فنحن نعرف جميعاً أن للإنسان إرادة في كل ما يفعله، خيراً أم شراً كان، يفعله بكامل رغبته وإرادته. ربما يكون هذا الذي وصلت إليه ليس إلا تفسير تفصيلي لكلمة "الغريزة" ولكني سعيد به.

ماذا عنك أنت؟؟؟

إن الفارق الواضح الذي توصلنا إليه الأن هو الإرادة، اذاً فالإنسان الذي يتخلى عن
إرادته أو ليس له إرادة في تصرفاته أو السيطرة على نفسه، والإنسان اليائس المُحبط الذي يرى نفسه فاشلاً دون رجاء، والإنسان الذي يريد الإقلاع عن عاداته السيئة ولا يستطيع، وكل إنسان إستسلم للظروف السيئة، وكل إنسان سلبي لا دور له . . . ليس فقط يجعل نفسه مثل الحيوانات تماماً بل إنه يُساهم في تكوين قطيع يَنساق دون سيطرة منه على مستقبله.
ولذا يا أعزائي يجب علينا ألا نفرط في ذلك الفارق الذي ميّزنا به الله على باقي المخلوقات.
فوراً أسرعت إلى المحكمة التي أنا ماثل أمامها قائلاً: "سيدي الرئيس قد وجدت الدليل فليس للحيوانات إرادة، فهيً خُلقت هكذا وستبقى مثلما هي حتى الإنقراض، ولكن نحن لنا حق الإختيار". بالطبع إقتنع القاضي وحكم عقلي علي بالبراءة و أُطلق سراح ذهني ليعود إلى الكتاب سعيداً بإكتشافه البسيط ولكن مصدوماً به . . .
والبعض يتساءل لماذا أنا مصدوم من حين أن عثرت على الفارق؟؟ فأجيب أنه عند إكتشافي ل "الإرادة" كفارق أساسي بين الإنسان والحيوان فقد صُدمت لأني وجدت نفسي لم يكن لدي إرادة عندما تركت مذاكرتي وبدأت أكتب هذا المقال . . . إذاً ؟؟ لا عليكم.

ماذا عنك أنت ؟؟؟؟

[فتون المنتدى]

شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا