[ مــقـــدمــة
:هذا الموضوع يحاول أن يلفت انتباه العاملين في حقل التربية والتعليم،إلى مشكلة الصعوبات الخاصة بذوي الصعوبات التعلمية ،والتي تتطلب تعاون الجميع من أولياء ومدرسين ومسؤولين ومتخصصين،وإجراء البحوث التربوية المنظمة على المستويين النظري والتطبيقي لمواجهة هذه المشكلة ،بإعداد الاختبارات التشخيصية للكشف المبكر عن أنماط صعوبات التعلم الشائعة لدى أطفالنا عند دخولهم إلى السنة الأولى الابتدائية ،لتوجيههم بالطرق والأساليب المناسبة للتغلب على صعوباتهم ومسايرتهم لأقرانهم العاديين . كما يتطلب تكوين المدرسين وتدريبهم على استخدام برامج علاجية ملائمة،بالإضافة إلى تحسيس الوالدين بضرورة المشاركة الإيجابية مع المدرسة،كما يتطلب في الوقت نفسه بناء البرامج الإرشادي على المستوى النفسي والاجتماعي،كما أن صعوبات التعلم تؤدي إلى ضعف التحصيل الأكاديمي،وهذا يؤدي بالتلميذ إلى تكوين تصور سالب عن ذاته، حيث يتسم بالاندفاعية وضعف القدرة على التعلم،ومن ثم يكون أكثر عرضة لان يكون جانحا في سلوكه .
ـ أن خبرات الفشل والرسوب المتكررة التي يعيشها الأطفال ذوي صعوبات تعلم، تجعلهم لايستطيعون أن يتحكموا فيما يوكل إليهم من مهام،كما أنهم لايستطيعون أن يتحكموا في تحصيلهم وأداءهم،وان مجهوداتهم التي يبذلونها تبدوا لا نفع فيها ،الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض المثابرة والجد في أدائهم للأعمال المدرسية بتمكن واقتدار،وكل هذا يؤدي إلى احتمال الرسوب والفشل لديهم،كما يعززا لاعتقاد بأنهم غير قادرين على التحكم والسيطرة بكل ما يحيط بهم .
ـ يزداد الأمر سوءا إذا ما تم نقل ذوي صعوبات التعلم، من فصول العاديين إلى فصول التربية الخاصة ، إذ يؤدي ذلك إلى شعورهم بوصمة عار من الناحية الاجتماعية،ويولد لديهم إحساسا بأنهم أطفال متخلفون عن الأطفال العاديين، الأمر الذي يؤثر على مفهوم الذات لديهم،وانخفاض دافعية التمكن والرغبة في التحدي والاستقلالية،كما يقل اعتمادهم على ذاتهم .
كل هذا يجعلنا نعطي خصوصية الاهتمام لصعوبات التعلم ،لان الصعوبة وآثارها المتراكمة،تترك لنا شخصا مهلهل من الناحية النفسية،لايتسم بقوة الشخصية ولا كفاءة الأنا،الأمر الذي يجعله فردا غير سوي وغير مبالي بقدراته وإمكاناته الذاتية ، وعرضة أكثر من غيره لان يكون جانحا على النظم الاجتماعية.
تعريف صعوبات التعلم
لقد واجه مفهوم صعوبات التعلم مشكلة من حيث التعريف والوصف الدقيق للأنماط والنماذج السلوكية المختلفة لدى الأطفال ذوي صعوبات التعلم،وقد أدى الخلط في تعريف صعوبات التعلم إلى القول بان مجال صعوبات التعلم لا يمثل مجالا محددا للدراسة،الأمر الذي أدى بالمختصين والمهتمين والآباء إلى القول بضرورة وضع تعريف محدد لصعوبات التعلم.
إن الباحثين والمؤسسات التربوية والطبية والنفسية يواجهون في مجال دراسة خصائص الأطفال ذوي صعوبات التعلم مجموعة من نماذج السلوك غير المتجانس لدى هؤلاء الأطفال،إذ أن البعض منهم اندفا عيون أو يعانون من فرط النشاط، والبعض الآخر منخفض الدافعية،ومنهم من يعانون خللا في وظائف المخ،أو تقدير منخفض للذات وتوقع الفشل، وبعضهم يعاني درجة عالية من القلق في مواجهة مهام التعلم ،من اجل هذا كله وجد الباحثين صعوبة في وضع مصطلح يشمل كل هذه الأنماط المختلفة التي تظهر في مجال التعلم منفردة لدى الأطفال، أي انه لا يوجد طفلان متشابهان .
فمن الناحية التاريخية والتي أسهمت في هذا الخلط، نجد أن مفهوم صعوبات التعلم كان يستخدم قبل سنة 1960 استخداما عاما في التربية ليصف كل الأطفال المعاقين تعليميا، وفي بداية 1960 استخدم هذا المصطلح كبديل للأطفال ذوي إصابات أو تلف مخي بسيط ،ومنذ 1962 بدا هذا المصطلح يستخدم لوصف فئة من الأطفال ذوي ذكاء متوسط على الأقل،ولا يوجد لديهم أي نوع من أنواع الإعاقة، سواء كانت حسية أو بدنية أو عقلية، إلا أن تحصيلهم الدراسي الفعلي ليتناسب وما يمتلكونه من قدرة عقلية عامة .
ومما زاد هذا المفهوم تعقدا تناوله بالتسمية من عدة اتجاهات مختلفة أبرزها الاتجاه الطبي والاتجاه السلوكي ،فأصحاب الاتجاه الطبي يطلقون عدة تسميات على هذه الفئة تتناسب وما يزعمون من أسباب، من هذه المسميات ( أطفال ذوو عرض مخي مزمن.أطفال ذوو خلل بسيط في وظيفة المخ .أو طفلا ذوو صعوبات تعلم نفسي عصبية ..الخ ).أما أصحاب الاتجاه السلوكي استخدموا العديد من المصطلحات التي تمثل اتجاههم مثل مصطلح العجز في القراءة (الديسليكسيا)،أو مصطلح العجز في الكتابة (الديسغرافيا)،أوالأطفال ذوو إعاقات إدراكية .
تعريف صموئيل كيرك Kirk 1962
في نهابة 1962 ظهر مفهوم صعوبات التعلم كمفهوم مستقل عن المفاهيم التي ظلت تشاركه،على يد كيرك الذي أشار في مؤلفه (الأطفال ذوي ظروف خاصة )إلى انه آن الأوان لكي يكون مفهوم صعوبات التعلم، مفهوما خاصا بفئة محددة من التلاميذ الذين يظهرون أنماطا سلوكية معينة ،حيث يشير كيرك إلى أن "مفهوم صعوبات التعلم ،يشير إلى التأخر أو الاضطراب في وحدة أو أكثر من العمليات الخاصة بالكلام،( اللغة،القراءة،الكتابة،الحساب) أو أي مواد دراسية أخرى،
وذلك نتيجة إلى إمكانية وجود خلل مخي أو اضطرابات انفعالية أو سلوكية،ولا يرجع هذا التأخر الأكاديمي إلى التخلف العقلي أو الحرمان الحسي أو إلى العوامل الثقافية أو التعليمية "
طبقا لهذا التعريف فان صعوبة التعلم تحدث مدى الحياة لدى الفرد، وأنها لا تصاحب الطفل خلال مراحل تعلمه فقط ، بل تتعدى ذلك لتصل إلى الكبار أيضا،وان الأعراض الظاهرة للصعوبة إنما يظهر من خلال ما يعانيه الفرد من مشكلات تعلم في اللغة والقراءة والمواد الأخرى ، باعتبار هذه المشكلات مظهرا للصعوبة والتي من الممكن أن ترجع إلى وجود خلل بالجهاز العصبي المركزي .
ويعد ما وصل إليه كيرت من تحديد لبعض خصائص ذوي الصعوبة في هذه المرحلة المبكرة،سبقا ونواتا مازالت معظم التعريفات الحديثة ترجع إليه وتأخذ منه بقدر ما تزيد عليه ولا يختلف عليه إلا القليل.
تعريف باتمان Batman1965)
لقد أضافت باتمان ما أهمله كيرت في تعريفه السابق ،حيث استخدمت مكون التناقض أو التباعد بين القدرة العقلية والتحصيل الفعلي،فأشارت إلى أن " الأطفال ذوي صعوبات تعلم هم هؤلاء الأطفال الذين يظهرون تناقضا (تباعد) تعليميا بين قدرتهم العقلية العامة ومستوى إنجازهم الفعلي ،وذلك من خلال ما يظهر لديهم من اضطرابات في عملية التعلم ، وان هذه الاضطرابات من المحتمل أن تكون مصحوبة أو غير مصحوبة بخلل ظاهر في الجهاز العصبي المركزي،بينما لا ترجع اضطرابات التعلم لديهم إلى التخلف العقلي ، أو الحرمان الثقافي،أو التعليمي،أو الاضطراب الانفعالي الشديد،أو للحرمان الحسي .
تعريف الهيئة الاستشارية الوطنية (1968
لقد انتبه مكتب التربية بالولايات المتحدة الأمريكية ،إلى خطورة بقاء المجال مفتوحا للاجتهادات الفردية لتعريف صعوبات التعلم ،فأصدر قرارا يقضي بتكوين لجنة استشارية وطنية للأطفال المعوقين،ووضع فئة ذوي صعوبات التعلم ضمن اختصاصها .ففي سنة 1968 صدر من اللجنة الاستشارية للأطفال المعوقين مرسوم بقانون تحت رقم (91 .23 ) 1968 لتعريف صعوبات التعلم حيث أشارت هذه اللجنة إلى: " أن الأطفال ذوي صعوبات خاصة (نوعية) في التعلم ،هم فئة من الأطفال يظهرون اضطرابا في واحدة أو أكثر من العمليات النفسية الأساسية المتضمنة في فهم أو استخدام اللغة المنطوقة أو المكتوبة،والتي تظهر في اضطراب الاستماع،التفكير،الكلام،القراءة،الكتابة،التهجي ،أو الحساب،ويتضمن هذا المفهوم حالات الإعاقة الإدراكية،الإصابة الدماغية،العجز في القراءة،الافيزيا النمائية،الخلل المخي الوظيفي البسيط،ولا يتضمن هذا المفهوم الحالات الخاصة بالأطفال ذوي مشكلات التعلم والتي ترجع إلى الإعاقات الحسية البصرية أو السمعية أو البدنية،كما لا يتضمن هذا المفهوم حالات التخلف العقلي والاضطراب الانفعالي أو ذوي العيوب البيئة ".
ويشير هاميل hammil ( 1990 ) إلى أن هذا التعريف يشبه تعريف (كيرك 1962 ) لان كيرك كان رئيسا للجنة الوطنية التي أصدرت هذا التعريف ،إلا أن تعريف اللجنة يختلف عن تعريفه في ثلاث مواضيع وهي :
- إن تعريف الهيئة الاستشارية لا يعتبر الاضطرابات الانفعالية من الأسباب التي تؤدي إلى صعوبات التعلم .
- إن هذا التعريف أضاف مكون اضطرابات التفكير إلي المشكلات الأكاديمية واللغوية في صعوبات التعلم .
- إن تعريف الهيئة لصعوبات التعلم اقتصر على مرحلة الطفولة فقط .
- إن عبارة ( صعوبات خاصة ) كما هو وارد في التعريف المتقدم والتعريفات الأخرى،يشير كيرك وكيرك( 1971) إلى أن كلمة نوعية أو خاصة في تعريف الهيئة يعني أن الطفل صاحب الصعوبة يوجد لديه تأخر محدد في واحدة أو أكثر من المجالات الأكاديمية،وان هذا التأخر لا يرجع إلى القصور الحسي،أو التخلف العقلي،أو لظروف الحرمان البيئي والأسرى ،أو لظروف الحرمان الاقتصادي أو التعليمي أو الثقافي ..الخ .كما أن هذه الكلمة تؤكد على انه ليس كل التلاميذ الذين يظهرون تخلفا دراسيا هم تلاميذ ذوي صعوبات تعلم،فالطفل المحروم سمعيا مثلا توجد لديه مشكلة في اللغة والكلام،ورغم ذلك فانه لا يصنف على انه ذو صعوبة في التعلم،لان مشكلته في اللغة والكلام ترجع إلى عدم قدرته على الاستماع، ونفس الشيء بالنسبة للتلاميذ المتخلفين عقليا .
كما أن هذه الكلمة كما يشير سيجيل siegal ( 1988 ) تعني أن الطفل قد توجد لديه صعوبة في القراءة، ولا تظهر لديه صعوبة في الحساب،كما أنها تعني أن الأطفال ذوي صعوبات التعلم لا توجد لديهم نفس المشكلات بصورة واحدة .
لم يلق هذا التعريف قبولا في كل الولايات الأمريكية أما ولاية فلوريدا استخدمته بعد إجراء تعديلات بصورة يمكن قياسها،آخذة في اعتبارها عددا من المحكات الإجرائية وهي :
مكون الذكاء
وهو إن يحصل الطفل ذو صعوبة في التعلم على تقدير لا يقل عن (-2 ) انحراف معياري في اختبار بينيه ، أو اختبار وكسلر للذكاء،على أن يتم استبعاد الأطفال المتخلفين عقليا .
المكون البدني
ويتضمن استبعاد خالات الإعاقة البدنية التي تؤثر في التباعد بين التحصيل المتوقع في ضوء نسبة الذكاء، والتحصيل الفعلي.
مكون القصور الأكاديمي
وهو أن يتم تحديد القصور الأكاديمي في ضوء العمر المتوقع، وما يحققه الطفل بالفعل في واحدة أو أكثر من مجالات القراءة، الكتابة، الحساب، التهجي، والمهارات قبل المتطلبة، كما تقاس بالاختبارات المقننة.
المكون الانفعالي الاجتماعي
وهو أن لا يكون لدى الطفل دليل يشير إلى وجود اضطراب انفعالي شديد،وذلك كما يقاس أو يدلل عليه بالاختبارات الإكلينيكية من قبل المتخصصين في علم النفس .
مكون اضطراب العملية
وهو أن يتم حساب الاضطراب في العملية وذلك من خلال مقارنة العمر المتوقع بالتقدير أو التقييم الفعلي،بحيث يظهر الطفل تباعدا لا يقل عن (-2) انحرافا معياريا ككل ويكون تقديره منخفضا بما مقداره(5،1) انحرافا معياريا في ثلاث أو أكثر من الاختبارات الفنية التي تقيس العمليات النفسية الآتية :
● التجهيز البصري.
● التجهيز السمعي.
● التجهيز أللمسي.
● اللغة.
● التكامل الحسي.
وفي سنة ( 1975 ) وبعد تحليل ردود الولايات من طرف مكتب التربية بالولايات المتحدة الأمريكية حول مفهوم صعوبات التعلم المستخدم في الولاية ،والمكونات التي يتكون منها مفهوم صعوبات التعلم،تبين بان تعريف اللجنة الاستشارية (1968 ) هو أكثر التعريفات التي يتم تبنيها،كما أفادت دراسات تحليل مكونات المفهوم في الولايات ،أنهم يتفقون على أن مفهوم صعوبات التعلم يتضمن عدة مكونات هي :
● مكون الذكاء:
حيث يشير هذا المكون إلى استبعاد فئة الأطفال الذين يعانون من اضطراب في التعلم ،نتيجة للتخلف العقلي كما تقيسه اختبارات الذكاء المقننة .
● مكون العمليات:
وهي العمليات المتضمنة في عدم الفهم أو عدم القدرة على استخدام اللغة المقروءة او المنطوقة ، والتي غالبا ما يستخدم لتقديرها بطارية القدرات النفس لغوية .
● المكون الأكاديمي:
ويعني هذا المكون الاضطرابات الخاصة بالقراءة ، الكتابة ، التهجي ، إجراء العمليات الحسابية ، وهي عادة ما تقاس بالاختبارات التحصيلية المقننة .
● مكون الاستبعاد:
وهذا المكون يتضمن استبعاد فئات الأطفال الذين يعانون من اضطراب في التعلم ،لا ترجع في أسبابها إلى نفس الأسباب التي تسبب اضطراب التعلم لدى الأطفال ذوي صعوبات التعلم ،مثل الاضطرابات الانفعالية وعيوب السمع والرؤية،أو عيوب الحرمان الثقافي،والاقتصادي، والبيئي،وكذاك عيوب التخلف العقلي ،أو الإعاقات البدنية .
● مكونات متنوعة:
مثل اضطرابات الانتباه،الاضطرابات الحركية،اضطراب التفكير ، وهي اضطرابات غير أكاديمية تظهر لدى ذوي صعوبات تعلم .
● مكون التباعد:
وهو مكون يشير إلى فرق واضح بين ما يملكه التلميذ من قدرة، وما يحققه بالفعل من إنجاز أكاديمي ، والملاحظ أن تعريف الهيئة الاستشارية لا يتضمن هذا المكون، ولا يشر الى حاجة هؤلاء الأطفال إلى برامج خاصة .
● مكون الفروق داخل الفرد :
وهذا المكون يشير عادة إلى ما يسمى بالتأثير المبعثر في الأداء على الاختبارات، حيث يكون أداء الطفل مرتفعا جدا في بعض المهارات الخاصة ببعض المجالات ويكون منخفضا جدا في بعض المهارات الخاصة ببعض المجالات.فمثلا تجد الطفل مرتفع القدرة على التمييز البصري ومنخفض القدرة على التمييز السمعي.
● مكون العمر الزمني:
وهو أحد المؤشرات التي تستخدم في مجال صعوبات التعلم، حيث يتم مقارنة مستوى التحصيل بالعمر الزمني للطفل.
3 . 4 . التعريف الإجرائي لمكتب التربية الأمريكي ( 1976 ) :
لم يتوقف مكتب التربية عن البحث وإصدار التعريفات لإضفاء نوع من الوضوح والشرعية على مجال صعوبات التعلم ،وخاصة بعد أن أصبح الموضوع يناقش في مجلس الشيوخ الأمريكي،وتهتم به الحكومة الفيدرالية باعتبار أن آفة صعوبات التعلم تعد من الآفات التي تهدد الاقتصاد والمستقبل العلمي للولايات الأمريكية .
ففي سنة ( 1976 ) اصدر المكتب تعريفا إجرائيا محددا لمفهوم صعوبات التعلم،محاولا فيه وضع صورة عملية وإجرائية لحساب التباعد جاء فيه .
" أن مفهوم الصعوبات الخاصة في التعلم ،هو مفهوم يشير إلى تباعد دال إحصائي بين تحصيل الطفل وقدرته العقلية العامة في واحدة أو أكثر من مجالات :التعبير الشفهي ،أوالتعبير الكتابي،أوالفهم الاستماعي،أو الفهم القرائي ،أو المهارات الأساسية للقراءة،أو إجراء العمليات الحسابية الأساسية،أو الاستدلال الحسابي ،والتهجي،ويتحقق شرط التباعد الدال عندما يكون مستوى تحصيل الطفل في واحدة أو أكثر من هذه المجالات 50 % أو اقل من تحصيله المتوقع،وذلك إذا ما اخذ في الاعتبار العمر الزمني والخبرات التعليمية المختلفة لهذا الطفل "
يعتبر هذا التعريف مكملا لتعريف الهيئة الصادر في سنة (1968) وذلك من خلال وضعه لمحك إجرائي وعملي يستخدم في تحديد الأطفال ذوي صعوبات التعلم .
كما أن إضافة مكون التهجي كصعوبة من صعوبات التعلم هو تكرار لان مكون التهجي يعتبر متضمنا أو موجودا في المكون الخاص بالمهارات الخاصة بالقراءة، وبالتالي لا داع لذكر مكون التهجي مادام قد ذكر المهارات الأساسية في القراءة.
تعريف الهيئة الاستشارية الوطنية (1977)
استكملا لنشاط مكتب التربية الأمريكي،حول صعوبات التعلم،قامت الهيئة الاستشارية الوطنية التابع للمكتب،بإصدار تعريف موسع لصعوبات التعلم جاء فيه :
" إن مفهوم صعوبات خاصة في التعلم يشير إلى اضطراب في واحدة أو أكثر من العمليات النفسية الأساسية المتضمنة في فهم أو استخدام اللغة المنطوقة أو المكتوبة وان هذه الاضطرابات تظهر لدى الطفل في عجز القدرة لديه على الاستماع،أو الكلام،أو الكتابة ،أو التهجي،أو إجراء العمليات الحسابية،ويتضمن هذا التعريف أو المصطلح حالات الإعاقة الإدراكية،التلف المخي،خلل مخي بسيط في وظائف المخ،العجز في القراءة،والافيزيا النمائية،ولا يتضمن هذا المفهوم حالات الأطفال ذوي مشكلات التعلم التي ترجع إلى الإعاقات السمعية والبصرية والبدنية ،أو التخلف العقلي،أو الأطفال ذوي عيوب بيئية أو ثقافية أو اقتصادية ".
وطبقا لهذا التعريف فانه يمكن تحديد الطفل الذي توجد لديه صعوبة نوعية في التعلم طبقا للمحكات الآتية :
- أن يكون مستوى تحصيل الطفل عير متناسب لعمره الزمني، ومستوى قدرته العقلية العامة في واحدة أو أكثر من المجالات السبعة التي حددها التعريف.
- أن يظهر الطفل تباعدا شديدا بين تحصيله الفعلي، وقدرته العقلية في واحدة أو أكثر من هذه المجالات السبعة التي حددها التعريف.
- أن لا يكون هذا التباعد ناتجا عن الإعاقات البصرية،السمعية،البدنية،أو التخلف العقلي ،أو الاضطرابات الانفعالية،أو للعيوب الخاصة بالنواحي البيئية،الثقافية،والاقتصادية .
وتجدر الإشارة إلى أن هذا التعريف لم يتطرق إلى ذكر الجهاز العصبي المركزي على انه سبب من أسباب الصعوبة في التعلم.كما قصر حالات الصعوبة في مرحلة الطفولة فقط
ويرى هاميل hammil وآخرون أن هذا التعريف تضمن لعبارة " اضطرابات في العمليات النفسية الأساسية " مما أثار الغموض الكثير وجعل المتخصصين ينقسمون إلى فريقين :
الفريق الأول: يرى أن مفهوم العمليات النفسية يحتم على المتخصصين أن يركزوا في علاجهم لصعوبات التعلم على التعلم المباشر الموجه لعمليات القراءة، الكتابة، التحدث..الخ
الفريق الثاني:
يرى انه يجب أن يعطوا اهتماما، في علاجهم لصعوبات التعلم للقدرات والعمليات الخاصة بالتجهيز.
كما أن هذا التعريف يتضمن بعض المصطلحات التي أدت إلى كثير من الخلط مثل الإعاقات الإدراكية،الإصابات الدماغية،خلل مخي بسيط،العجز في القراءة،والافيزيا النمائية .
ويضيف هاميل إلى أن هذا التعريف قد وضع أساسا للوصول إلى صورة أكثر إجرائية للتعرف على الأطفال ذوي صعوبات التعلم ،إلا انه لم يستطيع التوصل إلى محك إجرائي فيما يخص الحديث عن كيفية جراء الفقرات الخاصة ،بخلل في الجهاز العصبي المركزي ،وكذلك اضطراب في العمليات النفسية الأساسية،كما انه لم يوضح كيف يمكن التعامل الفعلي لجعل هذه العبارة في صورة يمكن قياسها .
تعريف مجلس الرابطة الأمريكية لصعوبات التعلم (1986 )
قامت رابطة صعوبات التعلم الأمريكية بصياغة تعريف خاص بهاو، ويعبر عن وجهة نظر أعضائها ،أشارت فيه إلى :
"أن مفهوم صعوبات خاصة في التعلم، يشير إلى حالة مزمنة ،ترجع إلى عيوب تخص الجهاز العصبي المركزي ،والتي تؤثر في النمو،والتكامل،أو نمو القدرات اللغوية أو غير اللغوية،وان الصعوبة الخاصة في التعلم توجد كحالة إعاقة متنوعة ،تختلف أو تتباين في درجة حدتها خلال الحياة ،وتظهر خلال ممارسة المهنة،والتطبع الاجتماعي والأنشطة الحياتية اليومية ".
هذا التعريف لم يوضح العلاقة بين صعوبات التعلم والإعاقات الأخرى.كما لم يوضح ما إذا كانت صعوبات التعلم يمكن أن تحدث متزامنة مع حالات الإعاقات الأخرى، مثل التخلف العقلي، أو العيوب البيئية،أو الاضطراب النفسي..الخ ،أم أن وجود هذه الحالات يلغي أية إمكانية لان يكون الشخص أيضا يمكن اعتباره ذا صعوبة في التعلم أم لا .
تعريف مجلس الوكالة الدولية لصعوبات التعلم ( 1987 ) :
قامت وكالة مجلس صعوبات التعلم بإصدار تعريف خاص بها في سنة ( 1987 )بعد اجتماع وكالة المجلس التي تتكون من ( 12 ) هيئة من الهيئات التي تكون قسم الصحة والخدمات الإنسانية وقسم التربية بالولايات المتحدة الأمريكية،والذي جاء فيه :
" إن مفهوم صعوبات التعلم،هو مفهوم عام يشير إلى مجموعة غير متجانسة من الاضطرابات التي تتضح من خلال الصعوبات الواضحة في الاكتساب ،والاستماع،والكلام أو القراءة،أو الكتابة،أو الاستدلال،أو قدرات الحساب،أو المهارات الاجتماعية ،وان هذه الاضطرابات ترجع إلى خلل في الجهاز العصبي المركزي،لذا فان صعوبة التعلم قد تحدث متصاحبة مع ظروف الإعاقة الأخرى،مثل الإعاقات الحسية،التخلف العقلي،الاضطراب الانفعالي،أو الاجتماعي ،وكذلك التأثيرات البيئية الاجتماعية،مثل الفروق الثقافية،التعلم غير المناسب أو غير الكفء،أو العوامل النفس جينية،وخاصة العيوب الخاصة بالإدراك،وان كل هذه الحالات من الممكن أن تسبب مشكلات تعلم،ولكن صعوبة التعلم ليست نتيجة لهذه الحالات،أو لتأثيرات هذه الظروف"
إن أهم ما جاء في هذا التعريف، ويتفق مع صعوبات التعلم والتعريفات الأخرى هو انه لا يعتبر الصعوبة راجعة إلى المؤثرات البيئية والثقافية.
وفي هذا الإطار يؤكد روس Ross (1976) أن الطفل الذي ينمو في بيئة تتحدث لغة مختلفة،فان هذا الطفل لا يعد ذا صعوبة في التعلم،إذا اظهر صعوبة في تعلم اللغة الجديدة،وذلك لأنه لم تتح له معرفة سابقة باللغة، كما أن الطفل الذي يظهر عجزا في تعلم اللغة لان معلمه غير قادر على تعليمه،فانه أيضا لا يكون طفلا ذا صعوبة في التعلم،بل معلمه هو الذي يعاني من صعوبة .
وبتحليل هذا التعريف يتضح ما يلي :
أولا :
يتضمن التعريف عبارة " صعوبات التعلم يعد مصطلحا عاما.. .. "
وهو ما يشير إلى أن مصطلح صعوبات التعلم،مصطلح عام وشامل حيث انه يتضمن أنواعا محددة من الاضطرابات التي يمكن تصنيفها جيدا.
ثانيا :
يتضمن التعريف عبارة " مصطلح صعوبات التعلم يشير إلى مجموعة غير متجانسة من الاضطرابات .. .. "
وهي عبارة تشير إلى أن هذه الاضطرابات غير متماثلة من ناحية الأسباب ،كما تعني أن لهذه الاضطرابات أثرا في بعض القدرات لدى الفرد صاحب الصعوبة في التعلم .
ثالثا:
يتضمن التعريف عبارة " في الاكتساب واستخدام الاستماع، الكلام، القراءة، الكتابة، الاستدلال، أو قدرات الحساب "
وهي عبارة تشير إلى انه لكي يتم اعتبار الطفل ذا صعوبة في التعلم،فان هذه الاضطرابات يجب أن تؤدي إلى قصور واضح في واحدة أو أكثر من هذه المجالات المذكورة .
رابعا :
يتضمن التعريف عبارة " هذه الاضطرابات تعد داخلية المصدر لدى الفرد "
وهي عبارة تعني أن مصدر هذه الاضطرابات يقع داخل الفرد،ولا تعد الصعوبة راجعة إلى أسباب خارجية الأصل مثل الحرمان الاقتصادي،التعليم المدرسي الناقص،الضغوط الاجتماعية،الفروق الثقافية،وليس كونها سببا للصعوبة وأنها لا تؤخذ في الاعتبار عند العلاج،ولكن ما تعنيه هذه العبارة أن كل هذه العوامل إن الأسباب ليست هي المسؤولة عن الصعوبة .
خامسا:
يتضمن التعريف "لا تعد نتيجة مباشرة لهذه الحالات أو الظروف….."
وهذه العبارة تعني أن صعوبات التعلم تختلف عن حالات الإعاقة التي تضمنه التعريف، وان حالات الإعاقة هذه لا تحدث الصعوبة ولا تعد سببا لها.
سادسا :
يتضمن التعريف عبارة " ويفترض أنها ( أي صعوبة التعلم ) ترجع إلى خلل في الجهاز العصبي المركزي .. .."
وهي عبارة تعني أن سبب الصعوبة يفترض أنها تحدث لوجود خلل في وظيفة الجهاز العصبي المركزي،وان هذا الخلل من المحتمل أن يكون راجعا لوجود تلف في لحاء المخ،وان هذا التلف ناتج عن ضربة في الدماغ،أو لعوامل وراثية،أو لعدم كفاءة العمليات الكيميائية الحيوية ،أو أي عامل آخر .
إلا أن الكتابات السابقة من قبل جر يشمان واليوت ( 1989 ) يشار فيها إلى انه لا يوجد دليل على وجود إصابة أو تلف في الجهاز العصبي المركزي،كما يؤكد هيند ومارشال وجونزاليز hynd and marshal and Gonzalez أنهم عندما راجعوا الدراسات الخاصة بتشريح الجثث،وفحص الجهاز العصبي للمتوفين من ذوي صعوبات التعلم،لم يجدوا أية عيوب في التركيب أو البنية الداخلية لهؤلاء الأفراد،كما أنهم لم يجدوا عطبا في الجهاز العصبي المركزي لديهم،وهذا يجعل الباب مفتوحا لبحوث الطب والطب النفسي في هذا المجال .
سابعا :
يتضمن التعريف عبارة " وبرغم أن صعوبات التعلم يمكن أن تحدث متصاحبة أو متلازمة مع حالات الإعاقة الأخرى .. .."
وهي عبارة تشير إلى أن صعوبة التعلم قد تحدث متزامنة مع إعاقات أخرى لدى الفرد، إلا أن الصعوبة ليست بسبب هذه الإعاقات، رغم أن هذه الإعاقات تساعد في زيادة حدة الصعوبة فقط، ولكن ليست سببا للصعوبة.
تعريف السيد عبد الحميد سليمان السيد:
" مفهوم صعوبات التعلم،هو مفهوم يشير إلى مجموعة غير متجانسة من الأفراد داخل الفصل الدراسي العادي ،ذوي ذكاء متوسط أو فوق المتوسط،يظهرون اضطرابا في العمليات النفسية الأساسية والتي يظهر آثرها من خلال التباعد الواضح بين التحصيل المتوقع والتحصيل الفعلي لديهم في المهارات الأساسية لفهم أو استخدام اللغة المقروءة أو المسموعة والمجالات الأكاديمية الأخرى،وان هذه الاضطرابات في العمليات النفسية الأساسية من المحتمل أنها ترجع إلى وجود خلل أو تأخر في نمو الجهاز العصبي المركزي،ولا ترجع صعوبة تعلم هؤلاء الأطفال إلى وجود إعاقات حسية أو بدنية،ولا يعانون من الحرمان البيئي سواء كان ذلك يتمثل في الحرمان الثقافي ، أو الاقتصادي ،أو نقص الفرصة للتعلم،كما لا ترجع الصعوبة إلى الاضطرابات النفسية الشديدة .
الخلاصة:
يتضح من التعاريف السابقة لذوي الصعوبات التعلمية ،سواء على المستوى الفردي أو على مستوى مؤسسات البحث، انه رغم وجود بعض العناصر التي تميز بين تلك التعريفات مثل : التأخر ألتحصيلي،وسبب الاضطراب الوظيفي في النظام العصبي المركزي،ونوعية العمليات المضطربة،وإمكانية حدوث صعوبة التعلم،وصعوبات اللغة والمشكلات الأكاديمية،إلا أن تلك
التعاريف تشير إلى وجود قدر أساسي من الاتفاق بينهما،حيث تتفق معظم التعريفات على الآتي:
ـ مبدأ التباعد:
ويعني وجود فروق دالة بين مستوى الأداء الفعلي للطفل وإمكانياته المتوقعة.وتحديد هذا التباعد عادة ما يتم على أساس إجراء الاختبارات التشخيصية لتقدير إمكانيات الطفل التحصيلية من جهة،وقدراته العقلية من جهة أخرى .
ـ الدور العام للنظام العصبي المركزي :
تفترض معظم التعريفات وجود اضطراب وظيفي في النظام العصبي المركزي لدى العديد من الحالات ذوي صعوبات التعلم،وبناء عليه يظهر تباعد واضح لدى تلك الحالات .
وتجدر الإشارة إلى إن قليلا من التعريفات المعاصرة تركز على ضرورة إدراج الحالات ذات العلامات النيرولوجية،أو العيوب الوظيفية في المخ ضمن فئة صعوبات التعلم .
ـ استبعاد حالات الإعاقة الحسية والعقلية:
تستبعد صعوبات أو مشكلات التعلم التي تنشأ عن عيوب حسية،سواء كانت سمعية او بصرية من فئة صعوبات التعلم،مثل الصم والمكفوفين.كما يتم استبعاد حالات التأخر العقلي من فئة صعوبات التعلم أيضا .
ـ استبعاد مشكلات التعلم الناتجة عن مؤثرات بيئية :
المشكلات التي تنشأ نتيجة لأسباب بيئية، كالحرمان الثقافي الاقتصادي أو الاضطراب الانفعالي، كثيرا ما تستبعد من فئة صعوبات التعلم في أكثر التعريفات الشائعة قبولا.
الصلة الوثيقة للمشكلات بعملية التعلم :
معظم التعريفات المستخدمة تشير بشكل ضمني أو صريح إلى أن المشكلة تعتبر إحدى صعوبات التعلم إذا كانت تتداخل مع الأداء المرتبط بعملية التعلم، وان تكون وثيقة الصلة بالنمو التربوي والأداء الأكاديمي.
ويشير ليبز وآخرون ( 1987) إلى انه برغم اختلاف العديد من تعريفات صعوبات التعلم،إلا انه يوجد شعور متنامي بان الخصائص المحددة للطفل ذي صعوبات التعلم تتمثل في :
ـ لا يستفيد من التعلم في الفصل الدراسي العادي(أي الخاص بالأطفال الأسوياء )
ـ يمتلك مستوى متوسط أو أعلى من المتوسط في الذكاء .
ـ لاتوجد لديه مؤشرات على إعاقة بدنية أو حسية أو انفعالية أو عقلية أو ثقافية .
وبناء على كل ما تقدم يمكن القول أن الأطفال ذوي صعوبات التعلم،هم الأطفال الذين يظهرون تباعدا واضحا بين إمكانياتهم المتوقعة،كما تقاس باختبارات الذكاء،وأدائهم الفعلي كما يقاس بالاختبارات التحصيلية ،في مجال أو أكثر من المجالات الأكاديمية،حيث يلاحظ على الطفل قصور في أداء المهام المرتبطة بهذا المجال بالمقارنة بإقرانه في نفس العمر الزمني والمستوى العقلي والصف الدراسي،ويستثنى من هؤلاء الأطفال ذوي الإعاقات الحسية سواء أكانت سمعية أم بصرية أم حركية، وكذلك المتأخرين عقليا،والمضطربين انفعاليا،والمحرومين ثقافيا واقتصاديا .
مفهوم صعوبات التعلم ومفاهيم أخرى متشابهة
إن مفهوم صعوبات التعلم أصبح من المفاهيم المحددة علميا لدى الكثير من المتخصصين في مجال علم النفس التربوي ،وخاصة مجال صعوبات التعلم، إلا أن البعض منهم لا يستطيعون وضع حدود فاصلة مميزة بين مفهوم صعوبات التعلم،ومفاهيم أخرى مثل المعاقين تعليميا،والمضطربين تعليميا،وبطيئي التعلم،والمتخلفين أو المتأخرين دراسيا،والأطفال ذوي مشكلات التعلم .
إلا أن المشكلة المطروحة بحدة ،تتمثل في تساؤل الكثير عن الفرق بين مفهوم صعوبات التعلم المطابق للمصطلحين الأجنبيين disabilities learning و difficulties learning والفرق بين المفهومين يثير العديد من الاختلاط من وجهة نظر الكثيرين،والسبب في ذلك يرجع إلى أن المصطلحين يترجمان إلى اللغة العربية بنفس المعنى،مع بقاء اختلافهما على مستوى النص الأجنبي ،فالمصطلح الأول disabilities learning يعني من الناحية اللغوية عدم القدرة على التعلم ،أو العجز عن التعلم ،وهو مصطلح معروف منذ أمد طويل في إنجلترا وأمريكا .
أما علماء النفس من ذوي الاتجاه الإنساني و على رأسهم الدكتور سيد عثمان أول من ترجم المصطلح إلى العربية بمعنى ذوي صعوبات التعلم لجعله مناسبا من الناحية الإنسانية ،إذ ليس من الذكاء والفطنة أن نصف طفلا يتسم باللطف ونعومة الأظافر،وفي أول خطوات حياته للارتقاء بإنسانيته،نصفه بالعجز وعدم القدرة على التعلم ،والأطفال الذين يندرجون تحت هذا المصطلح ترجع مشكلات تعلمهم إلى أسباب داخلية،ولكن لا تخص انخفاض نسبة الذكاء .
أما مصطلح difficulties learning يستخدم في المملكة المتحدة ليصف طفلا يعاني من مشكلات في تعلمه تجعله لا يواصل تعليمه بصورة جيدة،وهذه المشكلات قد ترجع إلى المنهج ومحتواه وطبيعته ومستواه.وقد يستخدم هذا المصطلح في الولايات المتحدة الأمريكية بديلا للمفهوم الأول،وذلك عندما يكون هناك فرق في الإنجاز أو التحصيل عن القدرة العامة مقارنة بأقرانه من نفس العمر والذكاء .وعليه فالأطفال الذين يندرجون تحت هذا المصطلح،ترجع مشكلات تعلمهم الى ظروف معوقة تعود غالبا الى البيئة ،كصعوبة المحتوى،أو عدم اتساقه مع المقاييس العلمية ،أو عدم مراعاته لطبيعة خصائص الطفل ونموه النفسي .
مفهوم صعوبات التعلم والمعاقين تعليميا: learning handicapped
مفهوم المعاقين تعليميا من الناحية التربوية، يشير إلى وصف عام للطفل الذي يعاني نقصا في قدرته على التعلم، ومزاولة السلوك الاجتماعي السليم، لما يعانيه هذا الطفل من قصور جسمي أو حسي أو عقلي أو اجتماعي.
وفي موسوعة التربية الخاصة (1987) يشار في تعريف هذا المفهوم، على انه مصطلح يتعلق بتقديم الخدمات للتلاميذ المتخلفين عقليا بصورة متوسطة، وهم المتخلفون عقليا القابلون للتعلم فلا أن لديهم إعاقة معينة.
مفهوم صعوبات التعلم والمضطربين تعليميا. Learning disorderly
أما مصطلح اضطراب التعلم . Learning disorderيشار إليه في موسوعة التربية الخاصة على انه " ضعف جسمي أو عصبي يؤثر في إنجازات الفرد الاجتماعية الأكاديمية "
ويجمع الباحثون على حد تعبير كتس وموسلي catts and Moseley على أن التلاميذ المضطربين تعليميا،تلاميذ ذوو مشكلات شخصية ليس لها حل،إذ أنهم يعانون من اعتلال صحي ،أو إعاقة بدنية تتدخل في التأثير في عملية تعلمهم وسلوكهم، أما أنهم يعانون من انخفاض في نسبة ذكائهم،الأمر الذي يؤدي بهم إلى صعوبة تعلم المواد الدراسية .كما تعتبر المشكلات البيئية والمنزلية من العوامل الرئيسية التي تعوق تعلمهم،إذ غالبا ما ينحدر هؤلاء من اسر تتسم بالمشكلات الحادة، ونقص الاهتمام المنزلي بهم،وعدم وجود الوقت الكافي لمتابعة أولادهم ورعايتهم،الأمر الذي يؤدي إلى عدم توافقهم،حيث لا يجد هؤلاء التلاميذ ما يشبع حاجتهم الإنسانية من الحب والأمان والمعرفة .
مفهوم صعوبات التعلم والمتأخرين دراسيا
يشير خليل ميخائيل معوض (1980) إلى انه يقصد بالتخلف الدراسي،التأخر عن التحصيل الدراسي،والتلاميذ المتخلفون دراسيا هم هؤلاء الذين يكون مستوى تحصيلهم الدراسي اقل من
مستوى أقرانهم العاديين من الذين في مستوى أعمارهم ومستوى صفوفهم الدراسية،كما يقصد بالمتأخرين دراسيا التلاميذ الذين يكون تحصيلهم الدراسي اقل من مستوى ذكائهم .
كما نجد محدد عبد المؤمن ( 1986 ) يشير إلى أن المتأخر دراسيا،هو ذلك التلميذ الذي لا يستطيع أن يحقق المستوى التحصيل أو الدراسي المناسب،أي انه تلميذ تحت المتوسط ألتحصيلي،كما أننا نجده في مواد معينة ضعيفا،وفي مواد أخرى ضعيفا جدا،كما يتميز ببطء تعلمه،فهو طفل بطيء التعلم بصفة عامة .
وعليه فالمتأخر دراسيا ينظر إليه من زاوية انخفاض تحصيله مقارنة بالتلميذ العادي ،أما الطفل الذي يعاني من صعوبة في التعلم،يختلف عن المتأخر دراسيا من ناحية القدرة العقلية العامة،إذ يتمتع الطفل صاحب الصعوبة بقدرة عقلية تقع ضمن المتوسط أو أعلى،وان انخفاض تحصيله لا يرتبط بإعاقة عقلية،أو جسمية،أو سمعية،أو بصرية،في حين يرتبط التأخر الدراسي بقصور وانخفاض نسبة الذكاء حيث تقع نسبة ذكاء هذه الفئة دون المتوسط . كما أن أسباب التأخر الدراسي ترجع إلى أسباب عديدة منها ما يتعلق بالفرد ( التخلف العقلي،الإعاقات الحسية،الاضطرابات الانفعالية الشديدة،اعتلال الصحة العامة،الأمراض المزمنة،الإعاقة البدنية،بطيء التعلم.. ..) ومنها ما يتعلق بالمحيط ( حرمان اقتصادي، حرمان ثقافي، نقص الفرصة للتعلم، تعليم غير كاف، الحياة الأسرية..
كما أن أداء التلميذ صاحب الصعوبة في التعلم،يتغير من يوم إلى يوم،ومن موقف إلى موقف تعليمي،فهو تارة يكون مرتفعا وتارة أخرى يكون منخفضا في أدائه التعليمي،وهو مالا نجده عند المتخلفين أو المتأخرين دراسيا،حيث يتسم أداؤهم بالانخفاض عن المتوسط بصورة تكاد تكون شبه ثابتة أو مستقرة الانخفاض .
مفهوم صعوبات التعلم وبطء التعلم
إن مصطلح بطء التعلم يشير إلى وصف حالة التلاميذ في التعلم من ناحية الزمن،أي يشير إلى سرعته في فهم وتعلم ما يسند إليه من مهام تعليمية،مقارنة بسرعة فهم وتعلم أقرانه في أداء نفس المهام التعليمية ،فالدراسات تشير إلى أن هذا النوع من الأطفال يقضي زمنا يساوي ضعف الزمن الذي يستغرقه الطفل العادي في التعلم.ولهذا فان الطفل بطيء التعلم ،إذا تعلم في قسم عادي،فانه سوف يكون طفلا متخلفا من الناحية التحصيلية،وذلك لعدم كفاية الزمن اللازم لتعلمه .
كما نجد معدلات النمو الجسمي لدى هؤلاء الأطفال، اقل في تقدمه بالنسبة لمتوسط معدل نمو الأطفال العاديين، فالأطفال بطيئي التعلم اقل طولا وأثقل وزنا واقل تناسقا، ولكن ليس بالدرجة التي تتطلب علاجا خاصا.كما يعانون من ضعف السمع، وعيوب الكلام وسوء التغذية، ومرض اللوزتين والغدد، وعيوب الإبصار، كما أنهم يجدون صعوبة في تعلم النشاطات التي تعتمد على العمليات العقلية المعقدة، إذ تتراوح نسبة ذكائهم بين 70-85 ويعانون انخفاضا بسيطا في القدرة العقلية العامة.
أما من الناحية الانفعالية فهم غير ناضجين، ويصيبهم الإحباط عندما يعجزون عن مسايرة أقرانهم في التعلم، ويفقدون الثقة في أنفسهم،فالدراسات تشير إلى أن الأطفال بطيئي التعلم يتسمون بعدة صفات انفعالية منها عدم الثقة بالنفس ، وعدم احترام الذات وتقديرها،والاعتماد على الغير.
ومن هنا نلاحظ أن أحد الفروق الجوهرية بين الأطفال بطيئي التعلم،والأطفال ذوي صعوبات التعلم،هو أن الأطفال بطيئي التعلم نسبة ذكائهم اقل من المتوسط،بينما الأطفال ذوي صعوبات التعلم،وكما أجمعت تعار يف صعوبات التعلم،هوان نسبة ذكائهم متوسطة أو فوق المتوسط،وهو احد الفروق المميزة بين فئتي الأطفال من الوجهة العملية .
كما آن الأطفال ذوي صعوبات التعلم يوجد لديهم تباعد بين ذكائهم وتحصيلهم الفعلي،بينما الاطفال بطيؤو التعلم لا يتسمون بهذا.
الأطفال ذوي صعوبات يظهرون فشلا دراسيا غير متوقع في واحدة آو أكثر من المجالات الأكاديمية،هاما بالنسبة للتلاميذ بطيئي التعلم والتلاميذ منخفضي التحصيل يكون الفشل الدراسي لديهم في جميع المواد الدراسية .
مفهوم صعوبات التعلم ومشكلات التعلم
أما التفريق بين الأطفال ذوي صعوبات تعلم،والأطفال ذوي مشكلات تعلم،فان الأمر واضح فالأطفال ذوو صعوبات التعلم وكما تشير تعريفات الهيئات الدولية المتخصصة التي تم عرضها،هم فئة من الأطفال ذوي ذكاء متوسط أو فوق المتوسط،يظهر فيهم تباعد بين استعدادهم العقلي،وما يحققونه من تحصيل فعلي في ضوء نسبة ذكائهم وعمرهم الزمني وعمرهم العقلي،إلا أن هذا الانخفاض في التحصيل لا يرجع بصورة أساسية إلى ظروف الحرمان الحسي،كضعف السمع أو الإبصار ،وكذلك لا يرجع إلى ظروف الإعاقة البدنية،أو الحرمان البيئي أو الاقتصادي أو الثقافي أو التعليمي،وهو ما يشير الزى أن تخلفه الدراسي يرجع غالى أسباب خارجية،أما أطفال ذوو مشكلات في التعلم،وهم الأطفال الذين معانون من انحفا في التحصيل الاكاديمي بسبب الإعاقات الحسية أو البدنية .
هذا الموضوع منقول للفائدة ـ