|
قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها ..... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2011-04-06, 12:16 | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
ملخص القانون الجنائي الخاص
لكل طلاب السنة الثالثة الحقوق ملخص الجنائي الخاص
أرجوا ان ينال اعجابكم https://www.megaupload.com/?d=PILAGYGT
|
||||
2011-04-10, 20:04 | رقم المشاركة : 2 | |||
|
بارك الله فيك أخ عباس. |
|||
2011-04-12, 14:18 | رقم المشاركة : 3 | |||
|
أريد بحث جريمة الرشوة و من في حكمها : الرشوة الإيجابية , الرشوة السلبية , تلقي الهدايا , الثراء غير المشروع. |
|||
2011-04-14, 20:20 | رقم المشاركة : 4 | ||||
|
اقتباس:
وتلقي الهدايا في ظل القانون 06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته |
||||
2011-04-14, 20:28 | رقم المشاركة : 5 | |||
|
[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/abbes/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/03/clip_image001.gif[/IMG]الفصل الأول جريمتا رشوة الموظفين العموميين و تلقي الهدايا في ظل القانون 06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته الفصل الأول: جريمتا رشوة الموظفين وتلقي الهدايا في ظل القانون 06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته لقد اختلفت التشريعات الجنائية في التفصيلات, إلا أن أغلبها يأخذ بأحد النظامين، الأول يقوم على أن الرشوة تتكون من جريمتين منفصلتين: جريمة الراشي وجريمة المرتشي، فعمل الراشي لا يعد اشتراكا في جريمة المرتشي ولكن يعد عملا مستقلا يعاقب عليه على إنفراد ([1]). أما النظام الثاني فأساسه اعتبار الرشوة جريمة واحدة وهي جريمة الموظف العمومي الذي يتاجر بوظيفته، فالفعل الأصلي يقوم به الموظف أما الراشي فيعد شريك يستعير منه إجرامه وتتجه التشريعات الحديثة للأخذ بهذا النظام.([2]) وقد أخذ المشرع الجزائري على غرار المشرع الفرنسي بنظام ثنائية الرشوة الذي يقوم على أن الرشوة تشمل جريمتين متميزتين وهما الرشوة السلبية والرشوة الإيجابية.([3]) المبحث الأول: صور جريمة رشوة الموظف العمومي وأركانها: من خلال دراسة قانون الوقاية من الفساد ومكافحته يتضح أن المشرع أدخل تعديلات على النصوص العقابية القديمة الخاصة بالرشوة، فنص على جريمة رشوة الموظف العمومي في مادة واحدة هي المادة 25 من القانون 06/01، وألغى أحكام المواد 126، 126 مكرر، 127، 129 من قانون العقوبات، وبقي المشرع يأخذ بنظام ثنائية الرشوة أي وجود جريمتين: سلبية من جانب الموظف ,وإيجابية من جانب صاحب المصلحة، وهما جريمتان مستقلتان عن بعضهما ولا مجال للقول بأن الراشي شريك للمرتشي أو أنه فاعل أصلي مساعد coauteur و المرتشي فاعل أصلي . وكما سبق القول فإن المشرع حصر جريمة رشوة الموظفين العموميين ونص عليها في مادة واحدة هي المادة 25 مع تخصيص فقرة لكل صورة حيث نصت المادة على: «يعا قب بالحبس من سنتين (2) إلى عشر سنوات(10) وبغرامة من 200.000دج إلى 1000.000دج 1/ كل من وعد موظفا عموميا بمزية غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياها بشكل مباشر أو غير مباشر، سواءا كان ذلك لصالح الموظف نفسه أو لصالح شخص أو كيان آخر لكي يقوم بأداء عمل أو الامتناع عن أداء عمل من واجباته. 2/ كل موظف عمومي طلب أو قبل، بشكل مباشر أو غير مباشر ، مزية غير مستحقة، سواء لنفسه أو لصالح شخص آخر أو كيان آخر ، لأداء عمل أو الامتناع عن أداء عمل من واجباته» المطلب الأول: جريمة الرشوة السلبية وأركانها. لقد نصت على هذه الصورة المادة 25/2 من القانون 06/01، وبعد دراسة المادة يتضح أن أركان جريمة الرشوة السلبية "جريمة المرتشي " هي ثلاثة: -1/ صفة الجاني"المرتشي" أن يكون موظف عمومي. -2/طلب أو قبول مزية غير مستحقة. -3/ غرض المزية غير المستحقة و هو أداء المرتشي لعمل من واجباته أو الامتناع عن أدائه. الفرع الأول: الركن المفترض – صفة الجاني. تقتضي جريمة الرشوة السلبية أو جريمة المرتشي أن يكون الجاني موظفا عموميا Agent Public وذلك حسب مفهوم المادة 2/ فقرة ب من القانون 06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، وهو الركن المفترض في جميع جرائم الفساد، ولقد سبق لي أن، عرفت الموظف العمومي في الفصل التمهيدي. الفرع الثاني: الركن المادي. وهو طلب الموظف العمومي المرتشي أو قبوله مزية غير مستحقة من أجل القيام بعمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عن أداء عمل من واجباته وعليه فينقسم الركن المادي إلى أربعة عناصر. 1/ النشاط الإجرامي. 2/محل الجريمة "الارتشاء" 3/ لحظة الارتشاء. 4/الغرض من الارتشاء وسوف أقوم باختصار بشرح هاته العناصر فيما يلي: أ/ صور الركن المادي: وهما القبول أو الطلب. 1/ الطلب:هو تعبير يصدر عن الإرادة المنفردة للموظف العمومي يطلب فيه مقابلا لأداء وظيفته أو خدمته أو مقابلا للامتناع عن أدائها .([4]) وإذا كان المشرع الجزائري حدد الطلب بالمزية غير المستحقة، فإنه يتسع في معناها ليشمل صورا عديدة يصعب حصرها، ويمكن القول أنه كل ما يجعل الموظف يستغل وظيفته من أجل أخذ أي منفعة، أو أن وظيفته تسهل له ذلك يصلح أن يتابع من أجله على أساس جريمة الرشوة([5]). فمجرد الطلب يكفي لقيام الجريمة (طبعا إذا توافرت باقي الأركان) دون الحاجة لصدور قبول من صاحب المصلحة "الراشي"، بل أنه حتى في حالة الرفض تقوم جريمة المرتشي([6]) ومجرد الطلب يعتبر جريمة تامة، أي في هذه الحالة يصبح الشروع بمثابة الجريمة التامة بسبب أن الغاية المقصودة منه هي الاتجار بالوظيفة، ذلك أن طابع الجريمة الشكلية جعل تجريم المحاولة غير لازم. وقد يكون الطلب شفاهة أو كتابة، صراحة أو ضمنا سواءا كان المرتشي يطلب لنفسه أو للغير، كما يستوي في ذلك أن يطلب الجاني بنفسه أو يقوم شخص بمباشرة الطلب باسمه ولحسابه([7]) 2/ القبول: يتمثل القبول في وجود إيجاب من صاحب المصلحة، وقبول الموظف العمومي لهذا الإيجاب الذي ينصب على المزية، ويفترض فيه أن يعبر فيه صاحب المصلحة عن إرادته بتعهده بتقديم المزية أو المنفعة، ويشترط أن يكون العرض "الإيجاب"جدي ولو في ظاهره فقط، أما إذا انتفى العرض الجدي فلا تقوم الجريمة حتى وإن قبل الموظف, مثل أن يعد صاحب الحاجة الموظف بأن يقدم له فؤاده لقاء قيامه بعمل معين. كما يشترط أن يكون قبول الموظف جديا وحقيقيا، فإذا تظاهر الموظف بالقبول لتمكين السلطات العمومية من ضبط العارض متلبسا بالجريمة، فلا تقوم الجريمة وقد يكون القبول شفويا أو مكتوبا، صريحا أو ضمنيا، بالقول أو الإشارة وتتحقق الجريمة سواءا تسلم المرتشي المزية بالفعل أو تلقى وعدا بالحصول على الفائدة. وتتم الجريمة عند القبول وكذلك في الطلب دون مراعاة النتيجة، وبالتالي فلا يهم إذا امتنع صاحب المصلحة بإرادته عن الوفاء بوعده بسبب نكوله أو لظروف مستقلة عن إرادته. ويجدر القول أن إثبات القبول جائز بكافة طرق الإثبات، لكنه من الناحية العملية صعب الإثبات، وعلى القضاة توخي الحذر في هذه المسألة ب/ محل الجريمة: يقصد به حسب المادة 25/2 من القانون 06/01 "المزية غير المستحقة"، وكان محل الجريمة في ظل المادتين 126/127 الملغيتان من قانون العقوبات هو "عطية أو وعد بها، أو هبة أو هدية أو أي منفعة أخرى يستفيد منا المرتشي" والمزية قد تكون إما عطية أو هبه أو هدية أو أية منفعة، أي قد تكون ذات طبيعة مادية أو معنوية وقد تكون صريحة أو ضمنية، مشروعة أو غير مشروعة، كما قد تكون محددة أو غير محددة. فقد تكون المزية مادية، والفائدة المادية أمثلتها عديدة لا تحصى مثل ساعة أو سيارة أو نقدا أو اعتماد مالي كما قد تكون ظاهرة أو مقنعة (1) كما لو بيع لموظف عقار ثمنه أو أشتري منه عقار بأكثر من ثمنه. كما قد تكون الفائدة غير مادية أي معنوية ومثال ذلك الحصول على ترقية أو توظيف أحد أقارب الموظف المرتشي أو عارية استعمال طويلة الأجل. و قد تكون صريحة ظاهرة أو ضمنية مستترة مثل إصلاح سيارة الموظف المرتشي بدون مقابل. كما قد تكون المزية مشروعة في محلها أو غير مشروعة مثل تقديم أشياء مسروقة، وقد أختلف الفقه حول المواقعة الجنسية ومدى اعتبارها مزية يحصل عليها المرتشي أم لا، إلا أن الراجح في الفقه والقضاء الفرنسي اعتبارها من قبيل المزية لأن النص على المنفعة ضمن عناصر الجريمة جاء عاما دون تخصيص، وقضى في فرنسا بأن عرض الموظف مواقعة امرأة مقابل قضاء المصلحة يحقق جريمة الرشوة.(2) إلا أنه في إيطاليا أختلف الرأي حول ذلك حيث إعتبر الفقيه "مانزيني" بأن الموظف الذي يواقع إمرأة ليقضي لها مصلحتها من أعمال وظيفته لا يجني من ذلك فائدة مادية وبالتالي لا يعد مرتشيا، فضلا على أن المواقعة لو صح إعتبارها فائدة من ناحية المتعة, فهي على هذا الوصف مشتركة بين المرأة والموظف على حد سواء, واعتبر أن المواقعة الجنسية لا تعد محلا للرشوة إلا إذا كانت قابلة لأن تقدر بقيمة مادية كما لو حدثت من موظف على مومس أعفته من دفع الثمن (3) كما قد تكون المزية محددة أو غير محددة إذ يكفي أن تكون قابلة للتحديد وبتحقق المزية مع توافر باقي الشروط تقع جريمة الرشوة، أما إذا انتفت المنفعة إنتقت معها جريمة الرشوة كأن تكون الهدية تبررها صلة القرابة التي تجمع الموظف مع صاحب الحاجة. والأصل أنه لكي يعتد بالمزية، فيجب أن تكون لها قيمة أو على الأقل وجود تناسب بين العمل والمصلحة وذلك بالرغم أن المشرع لم يشترط حدا معينا لقدر المال أو المنفعة,إلا أنه حسب رأيي لا يمكن اعتبار قبول دعوة لشرب الشاي بمثابة المنفعة. ويشترط في المزية أن تكون غير مستحقة، أي ليس للموظف المرتشي الحق في أخذها, وعلى هذا الأساس يعاقب الموظف حتى وإن كان العمل الذي وعد بأدائه مشروعا و يدخل في صميم وظيفته نظير طلب المال للقيام به(1) ج/ علاقة الجاني بمحل الجريمة وسبب الرشوة وهدفها الأصل أن يطلب المرتشي المزية لنفسه أو يقبلها لنفسه وذلك نظير قيامه بأداء عمل للراشي إلا انه حسب المادة 25/2، فإنه يمكن أن يكون ذلك مجرما إذا كان لصالح شخص آخر أو كيان آخر يعينه المرتشي لتقدم المزية له, حتى وإن لم يعلم هذا الشخص بسبب المزية، ولا يجوز للموظف المرتشي الدفع بأنه لم يقبل أو يطلب المزية لنفسه. والغير في هذه الحالة عموما ما يكون في وضعيتين: (2) · مساهم بمساعدة أو معاونة المرتشي أو الراشي، كأن يتوسط بينهما وفي هذا الحالة يعد شريكا. · مستفيد من الرشوة دون أن يتدخل في ارتكابها، فيعد بذلك مخفي وتطبق عليه أحكام المادة 387 من قانون العقوبات بشأن إخفاء الأشياء المتحصلة من جنحة متى توافرت الأركان خصوصا العلم بالمصدر الإجرامي لتلك الأشياء. والغرض من الرشوة أو المزية هو النزول عند رغبة الراشي لأداء عمل أو الإمتناع عن أداء عمل من واجبات المرتشي وعليه فلتحقق الغرض من الرشوة يجب توافر عنصرين. 1/ أداء المرتشي لعمل إيجابي أو الإمتناع عنه:/ أي إتخاذ الموظف المرتشي موقف إيجابي أو سلبي بسبب تلقيه المزية ويكون سلوكه إيجابي إذا قام الموظف العمومي بأداء عمل تتحقق به مصلحة صاحب الحاجة كالشرطي الذي يأخذ مالا ليحرر محضرا من الواجب عليه تحريره وقد يكون سلوكه سلبي إذا كان العمل الذي ينتظره صاحب الحاجة من الموظف العمومي يتمثل في الإمتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفته، ويتحقق الإمتناع حتى ولو كان العمل في نطاق السلطة التقديرية للموظف العمومي. كما يتحقق الإمتناع سواءا كان كلي أي تام أو جزئي مثل التأخر في القيام بالعمل بالصفة التي تجلب المنفعة لصاحب المصلحة. كما لا يشترط أن يكون العمل أو الإمتناع المطلوب من الموظف العمومي مطابقا لواجبات الوظيفة والقوانين واللوائح التنظيمية أو مخالفا لها. 2/ أن يكون العمل من أعمال وظيفة المرتشي:/ وهنا يجب التمييز بين عدم الإختصاص وعدم مطابقة العمل للقانون، لأن خروج العمل عن إختصاص الموظف ينفي جريمة الرشوة لانتفاء أحد عناصرها، في حين إذا كان غير مطابق للقانون فتقوم الجريمة(1) والمادة 126 من قانون العقوبات الملغاة كانت تنص على أن يكون العمل من إختصاص الموظف أو من شأن وظيفته أن تسهل له أداءه أو كان من الممكن أن تسهله له وهذا ما اقره الإجتهاد القضائي آنذاك (2) , إلا أن النص الحالي للمادة 25 من القانون 06/01 المتعلق بالفساد يحصر الرشوة إذا كان العمل يدخل ضمن إختصاص الجاني. -ويشترط لقيام جريمة الرشوة أن يكون طلب المزية أو قبولها قبل أداء العمل المطلوب أو الإمتناع عن أدائه، أما إذا كان طلب المزية أو قبولها لاحقا، أي جاء بعد أداء العمل أو الإمتناع عنه، فلا محل للرشوة في هذه الحالة, إذن فالعبرة بالاتفاق السابق عن أداء العمل أو الإمتناع عنه . تجدر الإشارة أن المشرع الفرنسي في القانون المؤرخ في 30/06/2000 المعدل والمتمم لقانون العقوبات نص في المادة 432-فقرة 11 على عدم اشتراط الإتفاق المسبق كما أن المشرع المصري كان سباقا في وضع تجريم خاص: أطلق عليه وصف "المكافأة اللاحقة" وجعلها صورة من صور الرشوة طبقا للمادة (103), وحسب رأيي فإنه من الأصح تجريم هذه الحالة لعدم إفلات الجناة وغلق الباب لتقديم مثل هذه الدفوع. الفرع الثالث: الركن المعنوي. جريمة الرشوة هي جريمة قصدية وعمدية أي تقتضي لقيامها توافر القصد العام الذي يتكون من العلم والإرادة، أي علم المرتشي بتوافر جميع أركان الجريمة مما يعني علمه بأنه موظف عمومي حسب مفهوم المادة 02/ فقرة ب من القانون 06/01 وإرادته بطلب أو قبول المزية من أجل القيام بعمل أو الإمتناع عن عمل يدخل ضمن اختصاصه ووظيفته من أجل حصوله على مزية([8]) والقصد العام وحده كافي لقيام الجريمة، ولا يشترط القصد الخاص المتمثل في نية المتاجرة بالوظيفة واستغلالها لأن ذلك يدخل في عنصر العلم الذي يعتبر أحد عناصر القصد العام. كما يجب توافر القصد العام لحظة الطلب أو القبول، لأن القصد اللاحق لا يعتد به، ذلك أنه لحظة ارتكاب النشاط الإجرامي لم يكن القصد متوافر.([9]) ويقع عبء إثبات القصد الجاني على النيابة العامة، والواقع أن إثباته جد صعب ما عدا في حالة الاعتراف. ويتعين على قضاة الموضوع إبراز أركان الجريمة وإلا أعتبر قرارهم قاصرا يستوجب النقض، حيث ثم تقض القرار الذي لم يبين من هو الراشي, وما هي المزية التي تلقاها المرتشي, أو العمل الذي قام به في مقابل ذلك. ([10]) ولا تقوم الجريمة في انعدام القصد العام، كأن يعلم الموظف بأركان الجريمة، لكنه لم يرد المزية، وتظاهر بأنه يريدها وقبلها من أجل الإيقاع بالراشي([11]) مع الملاحظة أنه إذا لم يطلب الموظف أي شيء وقام بأداء عمله أو الإمتناع عنه بدافع مهني أو وظيفي خالص وعلى أحسن وجه ثم قدمت له هدية أو عرضت عليه تقديرا لسلوكه الاجتماعي، أو تقديرا لحسن أدائه لعمله فقبلها وأخذها علانية فلا جريمة رشوة ولا عقاب ([12]). المطلب الثاني: جريمة الرشوة الإيجابية وأركانها. وهي الجريمة المنصوص والمعاقب عليها في المادة 25/1 من قانون الفساد والتي ألغت المادة 129 من قانون العقوبات، حيث يتعلق الأمر فيها بشخص (الراشي) الذي يعرض على موظف عمومي (المرتشي) مزية غير مستحقة نظير حصوله على منفعة بإمكان ذلك الشخص توفيرها له، وأركان هذه الجريمة هي: الفرع الأول: صفة الجاني إذا كان المشرع يشترط في جريمة الرشوة السلبية صفة معينة في الجاني "أي المرتشي" وذلك باعتباره موظف عمومي حسب المادة 02/فقرة ب من قانون مكافحة الفساد، فالمشرع لم يشترط صفة معينة في الجاني في جريمة الرشوة الإيجابية إذا يمكن أن يكون الجاني أي شخص طبيعي أو أي كيان خاص.(1) الفرع الثاني: الركن المادي يتحقق بوعد الموظف العمومي بمزية غير مستحقة، أو عرضها عليه أومنحها له، مقابل قيام الموظف العمومي بأداء عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته، وعليه فالركن المادي يتكون من ثلاثة عناصر وهي السلوك المادي، والمستفيد من المزية، وغرض الراشي. أ/ صور الركن المادي: السلوك المادي: ويتمثل في إحدى الصور التالية: الوعد بمزية أو عرضها أو منحها. 1/ الوعد بمزية: ويجب أن يكون الوعد جديا والغرض منه هو تحريض الموظف العمومي على الاتجار بوظيفته، كما يجب أن يكون محددا، وعلى أساس ذلك يعد راشيا الشخص الذي يعرض فائدة على الموظف العمومي أو يعطيها له لحمله على أداء عمل من أعمال وظيفته، ولا يعفى من العقاب إلا إذا كان مضطرا على ارتكاب الجريمة بقوة ليس في استطاعته مقاومتها وفقا "لأحكام المادة 48 من قانون العقوبات (2)". كما يستوي أن يكون الوعد مباشر أو غير مباشر، فحتى لو تم الوعد عن طريق الغير فإن الجريمة تقوم في حق صاحب المصلحة. 2/ عرض المزية: ويشترط كذلك في العرض أن يكون جدي ومحدد سواءا كان بصفة مباشرة أو غير مباشرة ويمكن أن يكيف العرض على أساس أنه إيجاب ينتظر القبول من طرف الموظف العمومي، أي أنه في هذه المرحلة الموظف العمومي المرتشي لم يستلم بعد المزية ولم يتحصل بعد على الفائدة، وذلك لا يعد شرط ضروريا لقيام جريمة الراشي حسب نظري لوجود استقلالية بين الجريمتين. 3/ منح المزية: ويمكن أن تتكيف هذه الصورة على أنها لاحقة على العرض، أي نتصور هذه الحالة بعد تطابق الإرادتين بالتوافق، إلى وجود وعد أو عرض من طرف الراشي وبقبول من الموظف العمومي المرتشي، وهنا يتم استلام المزية، فتقوم كلا الجريمتين أي جريمة الراشي والمرتشي في آن واحد رغم استقلالهما عن بعضهما البعض. ب/ محل الجريمة: وهو المزية غير المستحقة، والتي سبق وأن فصلتها بدقة في الفرع الثاني من المطلب الأول من هذا الفصل، والتي يشترط فيها أن تكون ذات طبيعة مادية أو معنوية وقد تكون صريحة أو ضمنية، مشروعة أو غير مشروعة، كما قد تكون محددة أو غير محددة. ج/ المستفيد من المزية وسبب الرشوة وهدفها: المستفيد من الرشوة أي المزية في جريمة الرشوة الإيجابية هو الموظف العمومي كونه هو من يستفيد من الفائدة المتحصلة من المزية الموعود بها أو المعروضة أو الممنوحة، إلا أنه يمكن أن يكون المستفيد شخصا آخر غير الموظف العمومي المقصود, سواءا تعلق الأمر بشخص طبيعي أو معنوي، أو فرد أو كيان خاص. أما الغرض من المزية فهو حمل الموظف العمومي على أداء عمل أو الامتناع عن أداء عمل من واجباته، وهنا تشترك الرشوة الايجابية مع الرشوة السلبية. إلا أنه لدي ملاحظة فيما يخص نص المادة 25/1 من قانون مكافحة الفساد بالمقارنة بين النص العربي والنص الفرنسي, إذا جاء في النص العربي "لكي يقوم بأداء عمل أو الامتناع عن أداء عمل من واجباته" أما النص الفرنسي "لكي يقوم بأداء عمل أو الامتناع عن أداء عمل في أثناء تأدية وظيفته".(1) حيث نلاحظ وجود اختلاف بسيط بين الصيغتين . كما يجب أن يكون العمل المطلوب من الموظف تأديته ، أو الامتناع عن تأديته لقاء المزية ، يدخل ضمن اختصاصه سواء الشخصي أو المحلي أو النوعي ، ولا يهم تحقق النتيجة المطلوبة أم لا ، بل يكفي تحقق الوسيلة ، لان الوسيلة المستعملة هي المقصودة من العقاب. وهنا نلاحظ ملاحظة أخرى كون المادة 129 من قانون العقوبات الملغاة كانت أكثر وضوحا في هذه النقطة أين كانت تنص : "سواء أدت الرشوة إلى النتيجة المرجوة أم لم تؤد ". كما لا يهم المستفيد الحقيقي من أداء العمل أو الامتناع عنه، فقد تكون المصلحة التي يسعى الراشي لتحقيقها من وراء عرضه أو منحه المزية أو الوعد بها هي له أو لصالح شخص أخر غيره. الفرع الثالث: الركن المعنوي يتمثل الركن المعنوي في جريمة الرشوة الايجابية في اتجاه إرادة الجاني إلى الفعل أو النتيجة مع العلم بجميع العناصر القانونية للجريمة فعرض الراشي هو أساس الركن المعنوي الذي تتجه إرادته لتحقيقه ، ويجب أن يعلم بأنه يقوم بفعل الوعد أو العرض أو المنح على الموظف العمومي من اجل تحقيق ما يريده ، ونلاحظ أن قصده في هذه الحالة بالإضافة إلى القصد العام المتمثل في العلم والإرادة ,هو قصد خاص أيضا.([13]) ونية الراشي هي أساس الركن المعنوي للجريمة ، كونها جريمة مستقلة بذاتها عن الرشوة السلبية ، فلا يعد راشيا إذا انتفى الغرض السيئ من الفعل لأنه يجب أن يكون الراشي مدركا بأنه يوجه سلوكه المادي إلى الموظف من اجل القيام بالعمل الذي يبتغيه في حدود وظيفته ، ولا تقوم جريمة ارتشاء الموظفين متى ثبت أن نية الاستجابة كانت لغرض شريف أو أن إرادة المعني كانت مشوبة بإكراه ، ومن الأمثلة على ذلك ما قضت به المحكمة العليا في الملف رقم 77162 قرار بتاريخ 12/04/1992 أين رفضت طعن (د م) ضد النيابة وصرحت " انه من المقرر قانونا أن كل من يلجا إلى العطايا والهبات أو غيرها من المزايا أو استجاب لطلبات يكون الغرض منها الارتشاء للحصول على مزايا أو منافع أو خدمات تمنحها السلطة العمومية يتحمل المسؤولية الجزائية ولا يعفى من العقوبات إلا الشخص الذي اضطرته إلى ارتكابها قوة لا قبل له بدفعها . ولما ثبت أن الطاعن دفع مبلغا ماليا لمدير البنك مقابل الحصول على قرض فان الإعفاء من المسؤولية لا يتحقق إلا إذا وجدت قوة لا قبل للإنسان بدفعها ، وان الأمر ليس كذلك في قضية الحال وعليه فان هذا الدفع جاء في غير محله مما يتعين رفضه ." المبحث الثاني: صور جريمة تلقي الهدايا في ظل القانون 06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته وأركانها كما سبق وان قلت فان جريمة تلقي الهدايا تعرف حسب المادة 38 من القانون 06/01 على أنها قبول الموظف العمومي لهدية أو أية مزية غير مستحقة من شخص في ظروف من شانها أن تؤثر في سير إجراء ما أو معاملة لها صلة بمهامه . وحسب الاتجاه الذي أخذ به المشرع الجزائري في تجريم جرائم الرشوة وصورها باعتبار أن جريمة الرشوة تتكون من جريمتين منفصلتين أين لا يعد عمل أي فاعل فيها اشتراكا في عمل الفاعل الثاني, وإنما يعد عملا مستقلا يعاقب عليه بإنفراد . وبتطبيق نفس الاتجاه على جريمة تلقي الهدايا حسب المادة 38 من القانون 06/01 والتي جاءت في فقرتين ، نستنتج أن المشرع اخذ بثنائية التجريم إذ جرم وعاقب في الفقرة الأولى جريمة تلقي الهدايا من الموظف العمومي وفي الفقرة الثانية جرم وعاقب الشخص مقدم الهدايا أي اعتبرها جريمة مستقلة يستقل فيها عمل الموظف العمومي عن عمل الشخص مقدم الهدية, ولا يعد اشتراكا في تلقي الموظف العمومي للهدية . وعليه فانه حسب المادة 38 من القانون 06/01 فانه يكون لجريمة تلقي الهدايا صورتان هما : جريمة تلقي الهدايا وجريمة تقديم الهدايا ([14]) ، ولي ملاحظة في هذه النقطة ، إذ كان من الأجدر على المشرع تسمية هذه الجريمة بتقديم وتلقي الهدايا ليبين فيها صورتي التجريم واستقلالهما . ويتضح من عمق هذه المادة توجه المشرع الجزائري في تجريم الرشوة بالاتفاق المسبق والذي إذا قامت الأدلة والقرائن على وجوده كانت الرشوة قائمة حتى ولو كانت المزية غير المستحقة سابقة على أداء العمل أو الامتناع عن أدائه ، وحتى لو لم يثبت الوعد أو العرض أو المنح . ومن هذا المنطلق لو لم تكن المادة 38 موجودة لامكن للراشي التأثير على المرتشي بعرض في شكل هدية دون الاتفاق معه على أداء عمل أو الامتناع عن أداء عمل ، وهنا يكون النموذج القانوني لجريمة الرشوة قاصرا على الإحاطة بهذا المنح المعزول عن أي اتفاق والذي سيؤثر لاحقا على قرار الموظف العمومي. ويبقى لقضاة الموضوع تقدير طبيعة الهدية وهل من شانها التأثير في سير إجراء أو معاملة لها صلة بمهام الموظف، لان المشرع لم يقل من شانها التأثير في مهامه وإنما في إجراء أو معاملة بحد ذاتها. وعليه ,فالهدف من التجريم هو ليس الهدية بذاتها ، وإنما الظروف والوقائع التي يثبت منها تأثير الهدية على واجبات الموظف العمومي فهي تجرم بوصفها جزءا أو مرحلة سابقة أو وسيلة لمخطط الفساد والرشوة ولا تجرم إذا كانت معزولة عن أي قصد غير مشروع وصادرة عن حسن نية. وعليه, فالمقصود من هذه الجريمة المستحدثة في ظل القانون 06/01 بالمادة 38 هو بالدرجة الأولى درء الشبهة عن الموظف العمومي .([15]) من خلال ما سبق شرحه سوف أتطرق بإيجاز لصورتي جريمة تلقي الهدايا في ما يلي: المطلب الأول: جريمة تلقي الهدايا وأركانها تتفق هذه الجريمة في بعض عناصرها مع جريمة الرشوة السلبية، وتختلف عنها في البعض الأخر، خاصة في القصد من التجريم والهدف من تقديم الهدية أو المزية غير المستحقة، وتتكون أركان جريمة تلقي الهدايا حسب المادة 38/ فقرة 01 مما يلي: 1/ صفة الجاني" أن يكون موظف عمومي 2/ قبول هدية أو مزية غير مستحقة 3/ غرض المزية غير المستحقة هو من شانها أن تؤثر في سير إجراء ما أو معاملة لها صلة بمهامه الفرع الأول : الركن المفترض – الموظف العمومي- - تقتضي جريمة تلقي الموظف العمومي للهدايا، أن يكون الجاني موظفا عموميا "agent public» وذلك حسب مفهوم المادة 02 (فقرة ب من القانون 06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، وهو الركن المفترض في جرائم الفساد، وهذا حسب المفهوم الذي سبق لي وان قدمته في الفصل التمهيدي. الفرع الثاني: الركن المادي وهو قبول الموظف العمومي لهدية أو مزية غير مستحقة من شانها أن تؤثر في سير إجراء ما أو معاملة لها صلة بمهامه ، وعليه فينقسم الركن المادي إلى أربعة عناصر هي : 1/ النشاط الإجرامي 2/ محل الجريمة 3/ لحظة تلقي الهدية 4/ الغرض من تلقي أو قبول الهدية وسوف أقوم بشرح هاته العناصر باختصار فيما يلي : أ / صور الركن المادي : المادة 38 من القانون 06/01 جاءت بعبارة "تلقي الهدايا" وهي العبارة التي تفيد الاستلام ,أي تسلم الهدية بمعنى وضع الجاني يده على الهدية ، لكن في المقابل في النص الفرنسي للمادة 38 استعمل المشرع عبارة "قبول" أي " accepter " والتي لا تفيد بالضرورة أن الجاني استلم الهدية فعلا . وعليه نفهم من سياق النص أن المقصود هو تلقي الهدايا ، أي استلامها ، وليس مجرد قبولها كما في جريمة الرشوة السلبية التي يتحقق فيها القبول سواء تسلمها الجاني بالفعل أو الوعد بالحصول عليها قصد قضاء المصلحة فهذا يعد وجها للاختلاف بين جريمة تلقي الهدايا والرشوة السلبية . استلام الهدية أو المزية: وهو التسليم الفعلي للهدية من طرف مقدمها للموظف العمومي ، سواء كان ذلك باتفاق مسبق بينهما بعد وعد بتقديم هدية ، أو باتفاق مسبق كان القبول فيه لاحقا للإيجاب وتم تنفيذ الاتفاق بالاستلام وقد يكون الاتفاق عرضيا يتلوه مباشرة تسليم الهدية وعليه يشترط الاستلام الفعلي ولا يكفي مجرد القبول لقيام الجريمة ولكن يشترط أن يكون استلام الهدية في ظروف من شانها التأثير في سير إجراء ما أو معاملة لها صلة بمهام الموظف العمومي . والاستلام (إذا توافرت معه باقي الأركان ) يعتبر جريمة تامة ولا يمكن تصور الشروع فيه لان الشروع يعتبر بمثابة الجريمة التامة بسبب أن الهدف هو الظروف المحيطة بالجريمة التي من شانها التأثير على حسن سير الإجراءات والمعاملات والطابع الشكلي للجريمة جعل تجريم المحاولة غير لازم ، لكون مجرد المحاولة تعتبر بمثابة الجريمة التامة ، لكن بالرجوع إلى المادة 52من القانون 06/01 نجد أن جميع جرائم الفساد يعاقب على الشروع فيها. وقد يكون الاستلام فعليا بإدخال الهدية في حيازة متلقيها ، أي الموظف العمومي ,أو حكميا بتسليمه مثلا: سيارة كهدية وتقدم له وثائقها على أن يسعى الموظف للذهاب لإحضارها فهذا يعد تسليما حكميا ،كما قد يكون الاستلام من طرف الموظف العمومي أو من طرف شخص وسيط ينوب عنه. و تقوم الجريمة بمجرد الاستلام دون الحاجة لإحداث النتيجة ، بل يكفي أن يكون الاستلام في ظروف من شانها التأثير على حسن الإجراءات والمعاملات . ب/ محل الجريمة يقصد به حسب المادة 38 من القانون 06/01 الهدية أو المزية غير المستحقة وكان من الأجدر على المشرع التعبير عليه بمصطلح المزية كما فعل في نص المادة 25 من القانون 06/01 لان مصطلح المزية هو شامل ليشمل الهدية والعطية والهبة والجعل أو أية منفعة أخرى . وقد تكون الهدية أو المزية مادية أو معنوية ، صريحة أو ضمنية ، مشروعة أو غير مشروعة ، كما قد تكون محددة أو غير محددة أو قابلة للتحديد, المهم انه لكي يعتد بالمزية فيجب أن تكون لها قيمة أو على الأقل وجود تناسب بين المصلحة المبتغاة والهدية المقدمة والمسلمة ، وذلك بالرغم من أن المشرع لم يشترط حدا معينا لقدر المال أو الهدية أو المنفعة . لكن يشترط في الهدية أو المزية أن تكون غير مستحقة ، أي ليس للموظف الحق في أخذها ، وفي هذه النقطة لا يمكن اعتبار المكافأة المقدمة من السلطات الوصية أو الرئاسية أو الترقيات بمثابة مزايا غير مستحقة بالرغم من انه في بعض الحالات يمكن أن تؤثر في السير الحسن للإجراءات أو المعاملات. ج/ علاقة الجاني بمحل الجريمة وسبب الهدية وهدف التجريم الأصل حسب المادة 38 من القانون 06/01 أن يستلم الموظف الجاني الهدية أو المزية غير المستحقة لنفسه ، إلا انه يمكن أن يستلمها لنفسه ليقدمها لغيره وفي هذه الحالة يبقى الفعل مجرما في حق الموظف العمومي ، ولا يجوز للموظف الذي تلقى الهدية الدفع بأنه لم يستلم الهدية لنفسه ولكن لغيره ، والغير في هذه الحالة عموما ما يكون في وضعيتين : - مساهم بمساعدة أو معاونة الموظف متلقي الهدية أو مقدم الهدية، كان يتوسط بينهما وفي هذه الحالة يعد شريكا. - مستفيد من الهدية ، دون ان يتدخل في تسلمها ، ويعد بذلك مخفي وتطبق عليه أحكام المادة 387 من قانون العقوبات بشان الإخفاء لأشياء متحصلة من جنحة متى توافرت الأركان خصوصا العلم بالمصدر الإجرامي لتلك الأشياء . والسبب من تقديم الهدية هو التأثير على حسن سير الإجراءات أو المعاملات التي لها صلة بمهام الموظف دون اشتراط طلب تقديم العمل أو الامتناع عنه ، لأنه في هذه الحالة تتحول الجريمة إلى رشوة ومناسبة تلقي الهدايا وقبولها لا يشترط فيه قضاء مصلحة ذلك أن المشرع لم يربطه بأداء عمل أو لامتناع عن أداء عمل. وعليه فلتحقق الغرض من الهدية يجب توافر عنصرين : 1/ من شان الهدية أن تؤثر في معالجة ملف أو سير إجراء أو معاملة : أي يشترط لقيام الجريمة أن يكون لمقدم الهدية أو المزية غير المستحقة حاجة أو مصلحة أو مظلمة أو مطلبا معروضا على الموظف العمومي الذي قبل واستلم الهدية أو المزية ومثال ذلك أن يأخذ المطلب شكل الدعوى القضائية أو العريضة الإدارية أو الترشح لمشروع أو التظلم أو الطعن في قرار . ولم يربط المشرع تلقي الهدايا بقضاء حاجة ، خلافا لما في جريمة الرشوة السلبية التي ربط فيها المشرع قبول الهدايا بأداء عمل أو الامتناع عن أدائه كما لا يشترط أن يطلب مقدم الهدية من الموظف العمومي قضاء حاجاته في مقابل تقديم الهدية لأنه في هذه الحالة تتوفر إحدى صور الرشوة , بل يكفي أن تقدم له الهدية في ظروف يكون فيها ملف أو إجراء أو معاملة خاصة بمقدم الهدية موضوع قيد الدراسة لدى الموظف ، وان يستلم الموظف الهدية مع علمه بذلك . وبالمقابل ، تتفق جريمة تلقي الهدايا من الموظف العمومي والرشوة السلبية في شرط تلقي الموظف العمومي قبل إخطاره بالأمر ، أو قبل البث فيه, أي في لحظة تلقي الهدية ، أما إذا تلقاها بعد البث في الأمر فلا جريمة ، أي أن المكافأة اللاحقة غير مجرمة كما سبق بيانه. واستعمال المشرع لعبارة من شانها أن تؤثر يدل على أن الهدف من التجريم هو درء الشبهة. 2/ أن يكون الإجراء أو المعاملة لهما صلة بمهام الموظف العمومي: المشرع استعمل عبارة" لها صلة بمهام " وفي المادة 25 من القانون 06/01 استعمل عبارة "من واجباته" أي من اختصاصه ، وبالمقارنة بين العبارتين نجد أن عبارة "لها صلة بمهامه" أوسع من "من واجباته" ذلك أنها تشمل الاختصاص وكذلك الأعمال التي من شان وظيفة الموظف أن تسهل له أداء هذا الإجراء أو المعاملة أو كان من الممكن أن يسهل له. - وعليه فانه يشترط أن يكون الإجراء أو المعاملة التي بسببها تم تقديم الهدية له صلة بمهام الموظف العمومي. - ونظرا لان الهدف من التجريم هو درء الشبهة, فانه في هذه الحالة على الموظف العمومي أن لا يقبل أي هدية مقدمة له من طرف شخص له ملف عنده أو معاملة ,فمثلا على القاضي عدم قبول أو تلقي أي هدية من المتقاضي ولا يهم هنا الغرض. ولكن في حالة افتراض وجود علاقة صداقة أو علاقة عائلية ، ويتلقى الموظف هدية مع جهله لوجود ملف أو معاملة عنده فهنا لا تقوم الجريمة, الا انه توجد حالة تقوم فيها الجريمة وهي الحالة التي يكون فيها الملف ليس عند الموظف ولكنه حتما سيصل إليه, فهنا تقوم الجريمة إذا كانت مثلا القضية عند الموظف العمومي (القاضي مثلا) أو حتما قادمة إليه فمثلا الموظف هو قاضي حكم والقضية مازالت عند النيابة, لكن هنا توجد صعوبة في الإثبات . الفرع الثالث: الركن المعنوي جريمة تلقي الهدايا ، هي جريمة قصدية وعمدية ، أي تقتضي لقيامها توافر القصد العام الذي يتكون من العلم والإرادة ، أي علم الموظف العمومي الذي تلقى الهدية بتوافر جميع أركان الجريمة ، أي يعلم انه موظف عمومي حسب مفهوم المادة 02فقرة ب من القانون 06/01 والعلم فيه مفترض في هذه الحالة لأنه لا يعذر بجهل القانون, وإرادته بتلقي هدية أو مزية مع علمه بان من قدمها له عنده ملف أو إجراء أو معاملة عنده . فالقصد العام وحده كاف لقيام الجريمة، ولا يشترط القصد الخاص والمتمثل في التلاعب بالوظيفة العامة واستغلالها لان ذلك يدخل في عنصر العلم الذي يعتبر احد عناصر القصد العام. ويشترط توافر القصد العام لحظة تلقي أو استلام الهدية، لأن القصد اللاحق لا يعتد به,بل يعتد بالقصد المعاصر للحظة ارتكاب النشاط الإجرامي ويبقى عبء إثبات القصد الجنائي على النيابة العامة, والواقع أن إثباته جد صعب. ولا تقوم الجريمة في حالة انعدام القصد الجنائي. المطلب الثاني: جريمة تقديم الهدايا وأركانها: وهي الجريمة المنصوص والمعاقب عليها بالمادة 38/02 من القانون 06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته حيث يتعلق الأمر فيها بشخص سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا يقدم لموظف عمومي هدية أو مزية غير مستحقة في ظروف من شانها أن تؤثر قي سير إجراء ما أو معاملة لها صلة بمهام الموظف العمومي. وقد نصت المادة 38/02 من القانون 06/01 على انه " يعاقب الشخص مقدم الهدية بنفس العقوبة المذكورة في الفقرة السابقة. " وقد وقع اختلاف في اعتبار مقدم الهدية كشريك للموظف العمومي الذي تلقى هدية وبالتالي يستمد وصفه الإجرامي من وصف الفاعل الأصلي الذي هو الموظف العمومي، أم اعتباره بمثابة فاعل أصلي في جريمة مستقلة أخرى وهي جريمة تقديم الهدايا. وهذا الإشكال تسببت فيه الصياغة التي جاءت بها المادة 38 من القانون 06/01 في فقرتها الثانية إلا انه ونظرا إلى كون المشرع الجزائري اخذ بنظام ثنائية التجريم في تجريم جرائم الرشوة وما شابهها فإننا نقول أننا نعتبره كفاعل أصلي في جريمة تقديم الهدايا وذلك إذا توافرت باقي الأركان ، وهو نفسه الرأي الذي يأخذ به الأستاذ الدكتور أحسن بوسقيعة الذي يعتبر أن نظام ثنائية الرشوة يقتضي استقلال الجريمتين . الفرع الأول: صفة الجاني إذا كان المشرع يشترط في جريمة تلقي الهدايا صفة معينة في الجاني وذلك باعتباره موظف عمومي حسب المادة 02 فقرة ب من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته ، فان المشرع لم يشترط صفة معينة في الجاني في جريمة تقديم الهدايا ، إذ يمكن أن يكون الجاني أي شخص طبيعي أو أي كيان خاص . الفرع الثاني: الركن المادي يتحقق بتقديم هدية أو مزية غير مستحقة للموظف العمومي ومنحها له ، في ظروف من شانها أن تؤثر على إجراء أو معاملة لها صلة بمهام الموظف العمومي أي يجب أن يكون للشخص مقدم الهدية مصلحة عند الموظف العمومي أو إجراء أو معاملة أثناء لحظة تقديم الهدية . وعليه فالركن المادي يتكون من ثلاثة عناصر وهي: السلوك المادي. المستفيد من المزية. غرض تقديم الهدية. أ / صور الركن المادي : السلوك المادي ويتمثل في تقديم الهدية أو المزية غير المستحقة للموظف العمومي ومنحها إياها, ويقصد بالتقديم التسليم الفعلي أي تمكين الموظف العمومي من الحيازة الفعلية للهدية أو المزية أو تحويل ملكية الهدية من الشخص مقدم الهدية إلى الموظف العمومي الذي تلقاها. ولا يكفي مجرد الوعد أو العرض بل يجب أن يكون التسليم الفعلي للهدية دون طلب من الموظف العمومي أداء عمل أو الامتناع عن عمل لأنه في هذه الحالة تقوم جريمة الرشوة الايجابية بل يكفي فقط أن يقدم الشخص الهدية في ظروف من شانها التأثير على مهام الموظف العمومي وذلك إذا كانت للشخص مقدم الهدية مصلحة أو إجراء أو معاملة أو ملف لدى الموظف العمومي. ولا يعفى من العقاب إلا إذا كان مضطرا على ارتكاب الجريمة بقوة ليس في استطاعته مقاومتها وفقا لأحكام المادة 48 من قانون العقوبات وهذا ماهو غير متوقع في هذه الجريمة لان تقديم الهدية في الأصل والغالب يكون بإرادة صريحة وغير مشوبة بأي عيب و بالأخص الإكراه, خاصة انه لا يشترط في المقابل تقديم خدمة أو قضاء حاجة . ب/ محل الجريمة : هو الهدية أو المزية غير المستحقة ، والتي سبق وان شرحتها بدقة في الفرع الثاني من المطلب الأول من هذا المبحث ، والتي يشترط فيها أن تكون ذات طبيعة مادية أو معنوية أو قد تكون صريحة أو ضمنية, مشروعة أو غير مشروعة ، كما قد تكون محددة أو غير محددة . ج/ المستفيد من المزية وسبب الهدية وهدفها : المستفيد من الهدية أو المزية هو الموظف العمومي كونه هو من يحصل على الفائدة من المزية أو الهدية ، وهو من ينتفع بها وتنتقل إليه ملكيتها والحيازة . إلا انه يمكن أن يكون المستفيد شخصا أخر غير الموظف العمومي المقصود سواء تعلق الأمر بشخص طبيعي أو معنوي أو فرد أو كيان خاص, أما سبب الهدية هو وجود مصلحة أو ملف أو إجراء أو معاملة لمقدم الهدية عند ذلك الموظف العمومي . أما الهدف منها هو التأثير سلبا أم إيجابا على السير الحسن للإجراءات أو المعاملات المتعلقة بمهام الموظف العمومي . ويشترط أن تكون المصلحة التي يسعى مقدم الهدية لتحقيقها من وراء تقديم الهدية أو المزية هي له وليست لصالح شخص أخر غيره ، وهنا تختلف جريمة تقديم الهدية عن جريمة الرشوة الايجابية . الفرع الثالث: الركن المعنوي يتمثل الركن المعنوي في جريمة تقديم الهدايا في اتجاه إرادة الجاني إلى تقديم الهدية مع علمه بان له مصلحة أو إجراء أو معاملة متعلقة بمهام الموظف العمومي الذي أهدى له المزية أو الهدية. أي تقديم الهدية يجب أن يكون مصحوبا بجميع العناصر القانونية للجريمة وإلا فان الجريمة لا تقوم في حقه وعليه فيشترط القصد العام وهو العلم والإرادة ، إضافة إلى القصد الخاص وهو نية التأثير على مهام الموظف العام أثناء قيامه بالإجراءات أو المعاملات أو أثناء دراسة ملف مقدم الهدية . فلا تقوم الجريمة إذا انتفى الغرض السيئ من الفعل، لأنه يجب أن يدرك مقدم الهدية بأنه يوجه سلوكه المادي إلى الموظف من اجل التأثير عليه ولا تقوم الجريمة إذا ثبت أن نية الاستجابة كانت لغرض شريف. [1]- قضت المحكمة العليا «الفصل بين الجرائم المنسوبة إلى الفاعلين يسمح بدون صعوبة عدم متابعة الراشي والمرتشي في وقت واحد، ولا يمكن لأحد الفاعلين أن يعرقل ممارسة الدعوى العمومية بإلحاحه على متابعة الفاعل الآخر في وقت واحد معه» الغرفة الجنائية – قرار بتاريخ 05/01/1971- نشرة القضاة سنة 1971 عدد 1 ص 84 [2]- أنظر: د. محمد صبحي نجم/ شرح قانون العقوبات الجزائري "القسم الخاص" ص09. [3]- أنظر: د.أحسن بوسقيعة المرجع السايق. ص 58. [4] - الدكتور أحسن بوسقيعة/ المرجع السابق ص 60. [5] - أنظر: أديب إسطمبولي/ نشرح قانون العقوبات- الجزء الأول ص 492. [6] - أنظر: د. عبد المجيد زعلاني/ المرجع السابق.ص 144. [7] -أنظر: د. أحسن بوسقيعة/ المرجع السابق. ص 60. 1-أنظر : الدكتور رمسيس بهنام/ المرجع السابق. ص 331. 2-tribunal de Sarreguemines, 11/05/1967, je p 1968.2.15359 3 - أنظر : الدكتور رمسيس بهنام/ المرجع السابق. ص 331.نقلا عن الفقيه مانزيني في كتابه "trattato di diritto pénale italiano" 1- المجلة القضائية: قرار مؤرخ في 12/05/1991 ملف 69673. ص 184 2- أنظر طه شريف: جريمة الرشوة معلقا عليها بأحكام محكمة النقض / دار الكتاب الذهبي طبعة 1999.ص 62. 1- أنظر: الدكتور: أحمد سمير أبو شادي / مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها محكمة النقض – الدائرة الجنائية- الجزء 03- ص 139. 2-نشرة القضاة 1971- العدد 1 غ ج 2 قرار 05/01/1971 ص 84. [8] - أنظر: محمد زكي أبو عامر/ القانون الجنائي الخاص "القسم الخاص" الدار الجامعية. ص 386. [9] - الدكتور. أحسن بوسقيعة/ المرجع السابق ذ. ص 67. [10] - المجلة القضائية للمحكمة العليا 1990 العدد4 غ ج 2 قرار 27/10/1987 ملف 47745. ص 238. [11] - الدكتور: محمد نجيب حسني / شرح قانون العقوبات "القسم الخاص"- القاهرة 1972.ص 64. [12] - عبد العزيز سعد/ جرائم الاعتداء على الأموال العامة والخاصة / دار هومة ص 17. 1- أنظر: محمد زكي أبو عامر / المرجع السابق ص 115 2 - المجلة القضائية للمحكمة العليا / قرار 12/04 / 1992 ملف 77162 ص 271. 1994 العدد 1 1 "a fin qu'il accomplisse ou s'abstienne d'accomplir un acte dans l'exercice de ses fonction " [13] انظر: عبد الله سليمان / دروس في شرح قانون العقوبات الجزائري ( القسم الخاص) ديوان المطبوعات الجامعية – الطبعة الثالثة 1990 ص: 88 [14] انظر : office centrale pour la répression de la corruption / corruption en Belgique (une première analyse stratégique édition 2002) [15] انظر الدكتور أحسن بوسقيعة / الوجيز في القانون الجزائي الخاص ص 71 |
|||
2011-04-14, 20:33 | رقم المشاركة : 6 | |||
|
الفصل الثانـي[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/abbes/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/05/clip_image001.gif[/IMG] إجراءات متابعة جريمتي رشوة الموظفين لعموميين و تلقي الهدايا و طرق إثباتهما و قمعهما الفصل الثاني: إجراءات متابعة جريمتي رشوة الموظفين العموميين و تلقي الهدايا و طرق إثباتهما و قمعهما لقد أدخل القانون 06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته تعديلات جذرية و جوهرية لقمع جرائم الفساد بصفة عامة ، حيث أحال إلى القانون العام بالنسبة لإجراءات المتابعة مع إدراج بعض الأحكام الخاصة فيما يخص الإعفاء من العقوبة أو تخفيضها ، كما خفف العقوبات السالبة للحرية و غلظ من الجزاءات المالية . و بالرجوع إلى قانون الفساد نجد انه أدرج بعض الأحكام المميزة التي تسمح بالتحري و الكشف عن جرائم الفساد، و هذا ما تم تدعيمه فيما بعد بتعديل قانون الإجراءات الجزائية بالقانون رقم 06/22 المؤرخ في 20/12/2006 ,و على هذا الأساس سأحاول توضيح إجراءات متابعة جريمتي رشوة الموظفين العموميين و تلقي الهدايا في ظل قانون مكافحة الفساد و قانون الإجراءات الجزائية إضافة إلى بيان كيفية إثباتهما بالرغم من صعوبة الإثبات التي تميزهما و كيف عاقب المشرع الجزائري هاتين الجريمتين المبحث الأول:إجراءات المتابعة و طرق الإثبات المطلب الأول:إجراءات المتابعة في ظل القانون 06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته و قانون الإجراءات الجزائية. لقد أدخل المشرع الجزائري تعديلات جوهرية بشأن كيفية التحري للكشف عن جرائم الفساد بصفة عامة وذلك بإدراج أساليب جديدة ضمن قانون مكافحة الفساد تتمثل في:التسليم المراقب و الترصد الإلكتروني والاختراق ، إضافة إلى خلق أحكام مميزة في مجال التعاون الدولي وتجميد الأموال و حجزها . كما أن التعديل الأخير لقانون الإجراءات الجزائية بموجب القانون 06/22 ساير هذا النهج فأدخل أساليب جديدة للتحري تمثلت في اعتراض المراسلات وتسجيل الأصوات و إلتقاط الصور و التسرب. وسوف أتطرق إلى كل هاته الأساليب بالشرح الوافي و الموجز مع توضيح إجراءات المتابعة فيما يلي: الفرع الأول:إجراءات المتابعة في ظل القانون 06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته. تخضع مبدئيا متابعة جريمتي تلقي الهدايا ورشوة الموظفين العموميين لنفس الإجراءات التي تحكم متابعة جرائم القانون العام سواءا تعلق الأمر بعدم اشتراط شكوى من أجل تحريك الدعوى العمومية أو بملائمة المتابعة من طرف النيابةالعامة, الا ان قانون الفساد جاء بأحكام خاصة أتعرض لها فيما يلي: أ/-أساليب التحري الخاصة: تنص المادة 56 من القانون 06/01 على مايلي: «من أجل تسهيل جمع الأدلة المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون ، يمكن اللجوء إلى التسليم المراقب أو إتباع أساليب تحر خاصة كالترصد الإلكتروني و الإختراق ، على النحو المناسب وبإذن من السلطة القضائية المختصة. تكون للأدلة المتوصل إليها بهذه الأساليب حجيتها وفقا للتشريع و التنظيم المعمول بهما» ولدي بعض الملاحظات حول هذا النص ، أتطرق لها باختصار قبل شرح هاته الأساليب الخاصة و هي كالتالي: · لقد ساير المشرع حين نص على أساليب التحري الخاصة نص المادة 212 من قانون الإجراءات الجزائية ,وذلك بالنص على الترصد الإلكتروني و الإختراق كالأساليب على سبيل المثال و ليس الحصر مما يساير القاعدة التي جاءت بها المادة 212 ق إ ج التي تنص على "أنه يجوز إثبات الجرائم بأي طريق من طرق الإثبات ماعدا التي ينص فيها على خلاف ذلك " · المادة 56 من القانون 06/01 ذكرت أساليب التحري الخاصة فنصت على التسليم المراقب الذي عند رجوعنا للمادة 02 من نفس القانون في الفقرة ك نجد مفهومه أما الترصد الالكتروني و الاختراق فلم يقدم المشروع تعريفا دقيقا لهما و إجراءاتهما. · لقد نص المشرع في المادة 56 على أن استعمال أساليب التحري الخاصة يكون بإذن من السلطة القضائية المختصة دون تحديدها إلا انه يفهم أن المقصود هو النيابة العامة أو قاضي التحقيق. وبعد هذه الملاحظات حول المادة 56 من القانون 06/01 سوف أتعرض لهذه الأساليب الخاصة. 1التسليم المراقب: و هو الأسلوب الوحيد الذي قام المشرع بتعريفه دون باقي الأساليب فنص في المادة 02 فقرة ك على مايلي: " التسليم المراقب : هو الإجراء الذي يسمح لشحنات غير مشروعة أو مشبوهة بالخروج من الإقليم الوطني أو المرور عبره أو دخوله بعلم من السلطات المختصة و تحت مراقبتها بغية التحري عن جرم ما و كشف هوية الأشخاص الضالعين في ارتكابه " و حسب تعريف التسليم المراقب يفهم منه أنه يستعمل خاصة في الكشف عن جرائم الفساد و التحري عن عائدات الجريمة خاصة إذا كانت عابرة للإقليم و هذا يستساغ من النص على هذا الأسلوب كذلك في قانون مكافحة التهريب 2/ الاختراق – l’infiltration - لم يقم قانون مكافحة الفساد بتعريف هذا الأسلوب أو كيف تكون إجراءاته أو تسمية الجهة القضائية المختصة التي تأذن به إلا أنه يمكن أن يعرف حسب ما جاء في تعديل قانون الإجراءات الجزائية بالقانون 06/22 بما يلي " قيام ضابط أو عون الشرطة القضائية تحت مسؤولية ضابط الشرطة القضائية المكلف بالتنسيق للعملية بمراقبة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جناية أو جنحة بإتهامهم أنه فاعل أو شريك أو خاف "من جريمة الإخفاء" و يسمح لضابط أو عون الشرطة القضائية استعمال هوية مستعارة لهذا الغرض و أن يرتكبوا عند الضرورة الجرائم المذكورة و لا يجوز تحت طائلة البطلان أن تشكل هذه الأفعال تحريضا على ارتكاب الجرائم و يكون الاختراق بإذن من النيابة أو قاضي التحقيق " و يلاحظ أن قانون الوقاية من الفساد استعمال مصطلح الاختراق دون تعريف أو توضيح إجراءاته بينما قانون الإجراءات الجزائية اللاحق له استعمال مصطلح التسرب و بين إجراءاته و السؤال المطروح لماذا هذا الاختلاف في المصطلحات (رغم وحدة المصطلح باللغة الفرنسيةInfiltration ) خاصة انه تم إصدار قانون مكافحة الفساد بتاريخ 20/02/2006 و تعديل قانون الإجراءات الجزائية كان لاحقا له بتاريخ 20/12/’2006 فهل مدة عشر أشهر غير كافية للحفاظ على نفس المصطلح رغم حداثته؟ 3/ الترصد الإلكتروني: Surveillance électronique قانون مكافحة الفساد لم يعرف هذا الأسلوب الخاص و تعديل قانون الإجراءات لم يزل هذا اللبس، إلا أنه بالرجوع إلى القانون المقارن خاصة القانون الفرنسي، نجد أن المشرع الفرنسي قد أدرج هذا الأسلوب في قانون الإجراءات الجزائية بموجب القانون المؤرخ في 19/12/1997 حيث قرن تطبيقه باللجوء إلى جهاز للإرسال يكون غالبا سوارا إلكترونيا يسمح بترصد حركات المعني والأماكن التي يتردد عليها. وهنا نطرح سؤالا، ماذا قصد المشرع الجزائري في تعديله لقانون الإجراءات باستحداث أسلوب جديد للتحري يتمثل في اعتراض المراسلات والتقاط الصور وتسجيل الكلام؟ وهل ينطبق على ذلك بالترصد الإلكتروني. ب/ التعاون الدولي واسترداد المحجوزات: لقد أخص قانون الفساد التعاون الدولي بباب كامل وهو الباب الخامس، نص فيه على سلسلة من الإجراءات والتدابير وذلك في المواد من 56 إلى 70 وتهدف هاته الإجراءات إلى الكشف عن العمليات المالية المرتبطة بالفساد ومنعها ,واسترداد العائدات المتحصلة من جرائم الرشوة. ومن بين هاته الإجراءات والتدابير : - إلزام المصارف والمؤسسات المالية باتخاذ تدابير وقائية بشأن فتح الحسابات ومسكها وتسجيل العمليات ومسك الكشوف الخاصة بها. - تقديم المعلومات المالية. - اختصاص الجهات القضائية الجزائرية بالفصل في الدعاوى المدنية المرفوعة إليها من طرف الدول الأعضاء في الاتفاقية الدولية ضد الفساد بشأن استرداد الممتلكات وتجميد وحجز العائدات المتأتية من جرائم الفساد ومصادرتها. وبالرجوع إلى نص المادة 62 من القانون 06/01 يوحي في صياغته بإمكانية قيام أي دولة طرف في الاتفاقية برفع دعوى أمام القضاء المدني الجزائري من أجل استصدار حكم يعترفا بملكيتها للأموال المتحصلة من جرائم الرشوة وصورها كما يمكن للقسم المدني إلزام الأشخاص المحكوم عليهم بدفع تعويض مدني للدولة الطالبة عن ما لحقها من أضرار، وفي جميع الحالات التي يمكن أن يتخذ فيها قرار المصادرة يتعين على المحكمة الناظرة في القضية أن تأمر بما يلزم من تدابير تحفظ حقوق الملكية المشروعة التي قد تطالب بها أي دولة طرف في الاتفاقية. لكن حسب رأيي فإن القسم المدني لا يمكنه الإدانة بجرائم الفساد , كما لا يمكن له الحكم بدفع تعويض عن الأضرار الناجمة عنها، و لا يمكنه الحكم بالمصادرة لكي يجوز له الأمر بالتدابير التحفظية، وعليه فإنه كان من الأجدر النص على قبول الدعوى المدنية التبعية لأن القضاء الجزائي هو المختص بالفصل بالإدانة بجرائم الفساد والحكم بالمصادرة واتخاذ جميع التدابير التحفظية اللازمة. وحسب المادة 63 من القانون 06/01 فإنه يجوز لقسم الجنح عند نظره في إحدى جرائم الفساد أن يأمر بمصادرة الممتلكات ذات المنشأ الأجنبي والتي تم اكتسابها عن طريق جرائم الفساد أو الممتلكات المستخدمة في ارتكابها، كما يمكنه الأمر بهذه المصادرة حتى ولو امتنعت الإدانة لأن سبب من الأسباب كانقضاء الدعوى العمومية مثلا. وهنا يطرح التساؤل عن طبيعة هذه المصادرة هي عقوبة تكميلية للعقوبة الأصلية ؟ كما يطرح التساؤل عن الحالة التي لا يكون للقضاء الجزائري اختصاص فيها بالنظر في جرائم الفساد ورغم ذلك يتم تهريب الأموال المتحصلة إلى الإقليم الجزائري، فحسب المادة 63 يسمح بنفاذ الأحكام القضائية الأجنبية التي أمرت بالمصادرة وذلك على الإقليم الجزائري وفقا للإجراءات المقررة، فهل يقصد بهذه الإجراءات قواعد تنفيذ الأحكام والقرارات الأجنبية كما وردت في قانون الإجراءات المدنية؟. أم أنه يشترط وجود اتفاقيات تعاون قضائي؟. وحسب المادة 67 من القانون 06/01 فإن لوزارة العدل الاختصاص في التصرف في هذه الطلبات التي تحيلها على النائب العام المختص والذي يرسل الطلب إلى المحكمة المختصة مرفقا بطلباته، والمقصود بالمحكمة المختصة رئيس المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان وجود الأموال وهذا ما يستخلص من المادة 64 التي نصت على أن طلبات الحجز والتجميد تعرضها النيابة العامة على المحكمة المختصة التي تفصل فيها وفقا لإجراءات القضاء الاستعجالي. وحسب المادة 65 من القانون 06/01 فإن الوزارة لها كذلك السلطة في رفض التعاون الرامي إلى المصادرة لما لها من سلطة الملائمة. ج/ تجميد الأموال وحجزها : حسب المادة 51 من القانون 06/01 فإنه يمكن تجميد أو حجز عائدات جرائم الفساد بقرار قضائي أو بأمر من سلطة مختصة، وإذا تمت الإدانة بإحدى جرائم الفساد على الجهة القضائية أن تأمر بمصادرة العائدات غير المشروعة مع مراعاة الغير حسن النية. وعليه فإن التجميد والحجز يمكن أن يصدر بقرار قضائي بمعنى أمر ولائي صادر عن رئيس المحكمة المختصة وهذا ما يتأكد من خلال دراسة المادة 51 في فقرتها الثانية التي نصت "إذا تمت الإدانة" بمعنى أن المادة 51 في فقرتها الأولى لا تتكلم عن الجهة القضائية في الدعوى الجزائية وإنما رئاسة المحكمة لما لها من اختصاصات ولائية ويطرح التساؤل أيضا عن "السلطة المختصة" التي أعطاها المشرع صلاحية تجميد أو حجز عائدات جرائم الفساد، إلى جانب السلطة القضائية التي تصدر ذلك بموجب أمر ولائي، فهل يمكن أن تكون هذه السلطة هي خلية الاستعلام المالي لدى وزارة المالية؟ وذلك في صورة ما إذا ارتبطت جريمة الفساد بجريمة تبييض الأموال المنصوص عليها بالقانون المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال أو تحققت حالة التعدد الصوري للجريمة.([1]) الفرع الثاني: إجراءات المتابعة في ظل قانون الإجراءات الجزائية المعدل والمتمم بالقانون 06/22. كما سبق وأن قلت فإن جريمتي رشوة الموظف العمومي وتلقي الهدايا تخضعان لنفس الشروط والإجراءات المنصوص عليهما في قانون الإجراءات الجزائية والتي تحكم متابعة جرائم القانون العام وذلك في عدم اشتراط شكوى من أجل تحريك الدعوى العمومية وملائمة المتابعة. إلا أن التعديل الأخير لقانون الإجراءات الجزائية بموجب القانون 06/22 أضاف الفصل الرابع المتعلق باعتراض المرسلات و تسجيل الأصوات و التقاط الصور و كذلك الفصل الخامس المتعلق بمباشرة الدعوى العمومية و إجراء تحقيق, مما يفهم منه أنه أستحدث أساليب خاصة للتحري و البحث للكشف على الجرائم التي ذكرها على سبيل الحصر و هي جرائم المخدرات أو الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية أو الجرائم الماسة بنظام المعالجة الآلية للمعطيات أو جرائم تبييض الأموال أو الإرهاب أو الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف أو جرائم الفساد و كذلك في الجرائم المتلبس بها. و سوف أتعرض لهاته الأساليب الخاصة بإجراءاتها باختصار. أ/ اعتراض المراسلات و تسجيل الاصوات و التقاط الصور: استحدث المشرع هذا الأسلوب للبحث و التحري في الجرائم المذكورة علي سبيل الحصر أعلاه و كذلك في الجرائم المتلبس بها و هذا في المواد من 65 مكرر 5 إلى 65 مكرر 10 حيث أجاز لوكيل الجمهورية المختص الإذن بـ: - اعتراض المراسلات التي تتم عن طريق و سائل الاتصال السلكية و اللاسلكية. - و ضع الترتيبات التقنية دون موافقة المعنيين من اجل التقاط و تثبيت و تسجيل الكلام المتفوه به بصفة خاصة أو سرية من طرف الأشخاص في الأماكن الخاصة أو العمومية أو التقاط صور للأشخاص الذين يتواجدون في مكان خاص . - وضع الترتيبات التقنية للدخول للمحلات السكنية أو غيرها و لو خارج المواعيد المحددة في المادة 47 من ق إ ج و بغير علم أو رضا الأشخاص الذين لهم حق في تلك الأماكن . - و يتم تنفيذ هذه المعلومات تحت مراقبة مباشرة لوكيل الجمهورية المختص الذي أذن بها و في حالة فتح تحقيق قضائي فإن القاضي الآمر بها يكون هو قاضي التحقيق و تحت مراقبته المباشرة. هذا هو التعريف الذي أعطاه المشرع لاعتراض المراسلات و تسجيل الأصوات و إلتقاط الصور و الذي من خلاله يتضح أن هذه العمليات واردة على سبيل الحصر حسب المادة 65 مكرر 05 ([2])حيث جاء فيها . - أنه يجب أن يكون الإذن مكتوب لمدة أقصاها 04 أشهر قابلة للتجديد و أن يتضمن كل العناصر التي تسمح بالتعرف على الاتصالات المطلوب التقاطها و الأماكن المقصودة و الجريمة التي تبرر اللجوء إلى هذا التدابير و مدته,و أن اكتشاف جرائم أخرى غير تلك الواردة في الإذن لا يكون سبب لبطلان الإجراءات العارضة . - و يجوز تسخير كل عون مؤهل لدي مصلحة أو وحدة أو هيئة عمومية او خاصة مكلفة بالمواصلات السلكية و اللاسلكية للتكفل بالجوانب التقنية و ذلك من طرف القاضي الأمر أو ضابط الشرطة القضائية الذي ينيبه او يإذن له, و يتم تحرير محضر من طرف ضابط الشرطة القضائية المأذون له أو المناب عن كل عملية اعتراض و تسجيل المراسلات,و عن عمليات وضع الترتيبات التقنية و عمليات الالتقاط و التثبيت و التسجيل الصوتي أو السمعي البصري منذ تاريخ و ساعة بداية العملية إلى غاية الانتهاء منها و يتم نسخ المراسلات أو الصور أو المحادثات المسجلة ووصفها, و تودع بالملف رفقة المحضر و عند الحاجة تنسخ و تترجم المكالمات باللغة الأجنبية بمساعدة مترجم بعد تسخيره. ب/ التسرب L’infiltration ([3]) نصت عليه المواد من 65 مكرر إلى 65 مكرر 18 ,حيث عرفته المادة 65 مكرر 12 بأنه قيام ضابط أو عون الشرطة القضائية تحت مسؤولية ضابط الشرطة القضائية المكلف بتنسيق العملية بمراقبة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جناية أو جنحة بايهامهم أنه فاعل معهم أو شريك لهم أو خاف و ذلك تحت هوية مستعارة . و يجوز عند الضرورة حسب المادة 65 مكرر 14 اقتناء أو حيازة أو نقل أو تسليم أو إعطاء مواد أو أموال أو منتوجات أو وثائق أو معلومات متحصل عليها من ارتكاب الجرائم أو مستعملة في ارتكابها. كما يجوز له استعمال أو وضع تحت تصرف مرتكبي هذه الجرائم الوسائل ذات الطابع القانوني أو المالي و كذا وسائل النقل أو التخزين أو الإيواء أو الحفظ أو الاتصال, و لا يجوز أن يكون محرضا على ارتكاب هذه الجرائم و ذلك تحت طائلة البطلان . و حسب المادة 65 مكرر 11 فانه يكون عن طريق إذن من طرف وكيل الجمهورية أو بإنابة من طرف قاضي التحقيق بعد إخطار وكيل الجمهورية و ذلك عندما تقتضي ضرورة التحري أو التحقيق في الجنايات و الجنح المتلبس بها أو الجرائم المذكورة في المادة 65 مكرر 5 ,- و من بينها جرائم الفساد و جرائم الرشوة التي أخصها بالدراسة- أن يأذن تحت رقابته بمباشرة عملية التسرب و دلك بموجب ادن مكتوب و مسبب تحت طائلة البطلان حسب المادة 65 مكرر15 تذكر فيها الأسباب و هوية ضابط الشرطة القضائية الذي تتم العملية تحت مسؤوليته و ذلك لمدة إقصاها 04 أشهر قابلة للتجديد بنفس الشروط ، كما يجوز للقاضي الآمر بوقفها قبل انقضاء المدة المحددة و في أي وقت و تودع الرخصة في ملف الإجراءات بعد الانتهاء من عملية التسرب . و يمكن للعون أو الضابط المتسرب مواصلة نشاطاته للوقت الضروري الكافي لتوقيف عملية المراقب في ظروف تضمن أمنه دون أن يكون مسؤولا جزائيا لمدة أقصاها 04 أشهر من تاريخ قرار توقيف عملية التسرب ،و اذا تعذر ذلك جاز للقاضي الآمر بعد إخطاره من طرف العون المتسرب أن يرخص بتمديدها لمدة أقصاها أربعة أشهر على الأكثر ,ويجوز سماع ضابط الشرطة القضائية الذي تجري العملية تحت مسؤوليته دون سواه بوصفه شاهدا عن العملية . و لضمان حماية العون المتسرب, قدم المشرع ضمانات له تتمثل في: تحرير ضابط الشرطة القضائية المكلف بتنسيق العملية تقريرا يتضمن العناصر الضرورية لمعاينة الجرائم دون التي تعرض أمن المتسرب و الأشخاص المسخرين لهذا الغرض. كما نص على عدم جواز إظهار الهوية الحقيقية للمتسرب في أي مرحلة من مراحل الإجراءات و جعل كجريمة كل من يكشف عن هويته يعاقب عليها بالحبس من 02 سنتين إلى 05 سنوات و بغرامة من 50.000 دج إلى 200.000 دج, و إذا تسبب الكشف عن الهوية أعمال عنف أوضرب أو جرح على احد هؤلاء الأشخاص أو أزواجهم أو أبنائهم أو أصولهم المباشرين فيكون ذلك ظرفا مشددا, و إذا تسبب في الوفاة فيكون ظرفا آخر أشد دون الإخلال عن الاقتضاء بتطبيق المتابعة على أساس الجنايات و الجنح ضد الأشخاص . المطلب الثاني: طرق إثبات جريمتي رشوة الموظف العمومي و تلقي الهدايا تغلب على جريمتي الرشوة و تلقي الهدايا صفة السرية و الكتمان ، الشيء الذي يطرح أمام القضاء صعوبة إثبات هاتين الجريمتين ، بالإضافة على ذلك فانهما من الجرائم التي من النادر التبليغ عنهما كباقي الجرائم الأخرى. و على هذا الأساس فغالبا ما تثبت هاته الجرائم عن طريق الاعتراف أو التلبس و تستبعد باقي وسائل الإثبات الأخرى المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية رغم بقاء القاعدة العامة في الإثبات حسب الماد 212 من قانون الإجراءات الجزائية هي حرية الإثبات, إلا أنه يستبعد إثباتها عن طريق الشهادة أو القرائن أو الكتابة . لذلك سنقتصر في دراستنا على وسيلتين للإثبات و هما الاعتراف و التلبس. الفرع الأول: عن طريق الاعتراف: قد يحدث و أن يقر الراشي أو المرتشي أو مقدم الهدية أو قابلها أو شركائهم بالجريمة أمام الضبطية القضائية أو أمام قاضي التحقيق أو المحكمة، فيعد اعتراف الجاني كدليل يبقى خاضعا للسلطة التقديرية للمحكمة التي لها أن تأخذ به أو ترده. و الاعتراف بالجريمة يعني أنها وقعت و أن السلطة المختصة و قد علمت بها ، فتكون وظيفة الاعتراف المساعدة في إثبات التهمة و تقديم الأدلة التي تثبت الإدانة لذا يجب أن يكون الاعتراف صادقا و مطابقا للحقيقة لكي يؤخذ به كما يجب أن يتضمن جميع الأدلة التي يعلم بها بالإضافة إلى بيان عناصر الجريمة و أركانها. الفرع الثاني: عن طريق التلبس: نظرا لغابة صفة السرية و الكتمان اللذان يكتنفان الجريمتين, فان الضبطية القضائية تحت الرقابة و التوجيهات المباشرة للسلطات القضائية تلجأ في سبيل ضبط الجناة متلبسين بها إلى وضع ترتيبات من شأنها تحقيق هذا الهدف و ذلك حسب ما سبق لي و أن بينته و شرحته باتباع الاساليب العامة للبحث و التحري أو الأساليب الخاصة مثل التسليم المراقب أو التسرب أو اعتراض المراسلات و تسجيل الأصوات و التقاط الصور ، و هذا بعد حصولها على المعلومات ، أو إبلاغها من أحد أطراف الجريمة سواءا كان المرتشي أو الراشي أو الوسيط بينهما الذي يعد شريكا, و في هذه الحالة لا يتم إدانة المبلغ أو توقيع العقوبة عليه و ذلك لأنه تظاهر بالمساهمة في الجريمة فقط من أجل إبلاغ السلطات للقبض على الجاني متلبسا بها . و تتوقف المسؤولية في الواقع على الدور الذي قام به رجال الضبطية في سبيل الوصول إلى ضبط الجريمة متلبسا بها ، فإن كان دوره اقتصر على مجرد الكشف عن هذه الجريمة و الغرض أنها قعت و ضبط الجناة و جمع أدلتها ، ففي هذه الحالة لا مسؤولية بالنسبة لرجل الضبطية القضائية لأنه لم يحرض على الجريمة و لكن أدى واجبه في الكشف عنها و البحث عن مرتكبيها . أما إذا امتد دوره إلى التحريض على الجريمة و ذلك بخلق الفكرة الإجرامية لدى الجاني ، بحيث ما كان الجاني ليرتكب الجريمة لولا تدخل الضبطية التي حرضته و خططت له سبيل تنفيذ الجريمة ثم قامت بضبطه بعد ذلك فإنه في هذه الحالة يكون قد بلغ نشاطه في مظهره و ماديته صورة التحريض على الارتشاء أو الإرشاء أو تقديم أو قبول الهدايا ، و يبقى بعد ذلك البحث عن توفير القصد الجنائي لديه ، فإذا كان عازما على الحيلولة دون تمام الرشوة و ضبط الجناة فبالتالي ينقصه القصد المتجه إلى ارتكاب الجريمة "جريمة المحرض" و يكون لا محل لعقابه ([4]). أما عن مسؤولية الجناة الذين تم ضبطهم فإن تلك المسؤولية تعد قائمة في الحالة التي يكون فيها دور رجل الضبطية القضائية يقتصر على الكشف عن الجريمة و تنتفي هده المسؤولية ادا ما تجاوز رجل الضبطية القضائية وظيفته الأساسية و عمل على خلق الجريمة ذاتها و تجاوز مهمته في منع الجرائم و الكشف عنها و بصفة عامة الحرص على حسن تطبيق القانون لا مخالفته . و نظرا لصعوبة إثبات هاتين الجريمتين فإنه يبقى الدليل الممتاز لإثباتهما هو ضبط المتهم أو المتهمين متلبسين بالجريمة و من الأحسن أن يكون التلبس بواسطة إحدى أساليب التحري الخاصة. و على كل حال تبقى مناقشة أدلة إثبات إحدى صور جريمة الرشوة أو جريمة تلقي الهدايا من اختصاص قضاة الموضوع تحت رقابة المحكمة العليا أي محكمة القانون و النقض ، إذ يتعين على قضاة الموضوع أن يسببوا أحكامهم عند إدانة المتهمين بناءا على أدلة معينة و كدا بالنسبة لتبرئة ساحة المتهمين عن طريق تسبيب مع استبعاد عناصر الإتهام الذي استندت عليها النيابة العامة عند متابعة هؤلاء المتهمين فقد فضت المحكمة العليا أنه " يكفي لقيام الرشوة أن يبرهن القضاة على إدانة المتهم بالأفعال المنسوبة إليه اعتمادا على الأدلة المطروحة لديهم و الثابتة في حالة التلبس " ([5]). المبحث الثاني: قمع جريمتي رشوة الموظفين العموميين و تلقي الهدايا: كما سبق و أن قلت فإنه تطبق على الجريمة الرشوة في صورتيها و جريمة تلقي الهدايا ، الأحكام المقررة لجميع جرائم الفساد سواءا تعلق الأمر بالمتابعة أو التحري للكشف عن الجريمة أو بالتعاون الدولي في مجال التحريات و المتابعات و الإجراءات القضائية أو بتجميد الأموال و حجزها إلا أنه توجد بعض الأحكام الخاصة فيما يخص الجزاء و تقادم الدعوى العمومية و العقوبة و كذلك فيما تعلق بالعقوبات الأصلية و التكميلية للجاني في حالة ما إذا كان شخص طبيعي أو معنوي و سوف أتطرق لهذه العناصر فيما يلي : المطلب الأول: الجزاء الفرع الأول: عقوبة جريمة رشوة الموظف العمومي في صورتيها كانت الرشوة السلبية و الإيجابية مجرمة و معاقبا عليها في قانون العقوبات في المواد 126 – 127 – 129 من قانون العقوبات الذي كان يميز من حيث العقوبات بحسب صفة الجاني و لم يكن يجرم الشخص المعنوي على النحو التالي : - تكون جنحة إذا كان المرتشي من فئة الموظفين العموميين و من في حكمهم و عقوبتها الحبس ا من سنتين إلى عشرة سنوات و غرامة من 500 د ج إلى 5000 دج ( المادة 126- 129 ) - تكون جناية إذا كان المرتشي أو الراشي كاتب ضبط و عقوبتها السجن المؤقت من خمسة إلى عشرة سنوات و غرامة من 3000 د ج إلى 30.000 دج ( المادة 126-مكرر 2 و 129 ) و إذا كان قاضي فيعاقب بالسجن المؤقت من خمس إلى عشرين سنة و غرامة من 5.000 دج إلى 50.000 دج ( المادة 126 مكرر- 1 و 129 ) - و تشدد العقوبة إذا كان الغرض من الرشوة أداء فعل يصفه القانون جناية فتطبق على الرشوة العقوبة المقررة لهذه الجناية ( المادة 130 ) - و إذا ترتب على رشوة قاضي أو محلف أو عضو هيئة قضائية صدور حكم بعقوبة جنائية ضد احد المتهمين, فانه تطبق هده العقوبة على مرتكب الرشوة ( المادة131 ) نلاحظ إذن أنه كانت الرشوة كأصل عام جنحة إلا أنها تتحول إلى جناية حسب صفة الجاني أو النتيجة أو الغرض المقصود منها. أما في قانون الوقاية من الفساد و مكافحته فإنها أصبحت يعاقب عليها بعقوبة جنحة كما يلي: أ/ العقوبة الأصلية و التكميلية للشخص الطبيعي : 1/ العقوبات الأصلية - بالنسبة للرشوة السلبية و الايجابية : تعاقب عليها المادة 25 من القانون 06/01 بالحبس من سنتين (02) إلى عشر سنوات (10) و غرامة من 200.000 دج إلى 1.000.000 دج. 2/ العقوبات التكميلية: تطبق على جريمة رشوة الموظفين العموميين العقوبات التكميلية المنصوص عليها في قانون العقوبات و هي جوازيه و هذا حسب المادة 50 من قانون الفساد, إذ يجوز الحكم بأحد هاته العقوبات التكميلية أو أكثر. و بالرجوع إلى قانون العقوبات المعدل و المتمم بالقانون 06/23 المؤرخ في 20 /12/2006 نجد أنه ينص في المادة 09 المعدلة بالقانون 06/23/ ([6] ) أن العقوبات التكميلية هي([7]): · الحجر القانوني · الحرمان من ممارسة الحقوق الوطنية و المدنية و العائلية · تحديد الإقامة · المنع من الإقامة · المصادرة الجزئية للأموال · المنع المؤقت من ممارسة مهنة أو نشاط · إغلاق المؤسسة · الإقصاء من الصفقات العمومية · الحظر من إصدار الشيكات و / أو استعمال بطاقات الدفع · تعليق أو سحب رخصة السياقة أو إلغاؤها مع المنع من استصدار رخصة جديدة · سحب جواز السفر · نشر أو تعليق حكم أو قرار الإدانة كما أضافت المادة (51/2) عقوبة إلزامية تتمثل في مصادرة العائدات و الأموال غير المشروعة الناتجة عن ارتكاب الرشوة بصورتيها مع مراعاة حالات استرجاع الأرصدة أو حقوق الغير حسن النية. - و حسب المادة 51/03 من القانون 06/01 فإنه يجب الحكم برد قيمة ما حصل عليه المحكوم عليه من منفعة أو ربح جراء جريمة الرشوة ([8]) و هي عقوبة إلزامية ، فالحكم بالرد وجوبي, و في حالة استحالة الحكم به يحكم برد قيمة ما حصل عليه المتهم من منفعة أو ربح وهدا في حالة ما إذا انتقلت الأموال ( المزية ) إلى أصول الجاني أو فروعه أو إخوته أو زوجة أو أصهاره كما يستوي في ذلك إن بقيت الأموال على حالها أوقع تحويلها إلى مكاسب أخرى - كما نصت المادة 55 من قانون 06/01 على جواز الحكم بإبطال العقود و الصفقات و البراءات و الامتيازات أو الترخيصات المتحصل عليها من ارتكاب جريمة رشوة الموظف العمومي و انعدام أثارها و هذا يكمل نص المادة 09 من قانون العقوبات كونها عقوبة جوازية. ب/ العقوبات الأصلية و التكميلية بالنسبة للشخص المعنوي : حسب المادة 53 من القانون 06 / 01 فإنه يسأل الشخص المعنوي عن جريمة الرشوة و تطبيق عليه الأحكام المقررة للشخص المعنوي في قانون العقوبات سواء تعلق الأمر بالهيئات المعنية بالمساءلة الجزائية و شروطها أو تعلق الأمر بالعقوبات المقررة للشخص المعنوي([9]): 1/ العقوبات الأصلية: حسب المادة 18 مكرر من قانون العقوبات المعدل و المتمم بالقانون 06/23 هي: - الغرامة التي تساوي من مرة 1 إلى خمسة 5 مرات حد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي في القانون الذي يعاقب على الجريمة, فضلا عن باقي العقوبات. وعليه تكون العقوبات هي الغرامة من 1000.000 د ج إلى 5000.000 د ج 2/ العقوبات التكميلية: حسب المادة 18 مكرر من قانون العقوبات و المادة 50 من القانون 06/01, يجوز الحكم على الشخص المعنوي بواحدة أو أكثر من العقوبات التكميلية التالية: · حل الشخص المعنوي · غلق المؤسسة أو فرع من فروعها لمدة لا تتجاوز خمس سنوات · الإقصاء من الصفقات العمومية لمدة لا تتجاوز خمس سنوات · المنع من مزاولة نشاط أو عدة أنشطة مهنية أو اجتماعية بشكل مباشر أو غير مباشر ، نهائيا أو مدة لاتتجاوز خمس (5) سنوات · مصادرة الشئ الذي استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها · نشر أو تعليق حكم الإدانة · الوضع تحت الحراسة القضائية لمدة تتجاوز خمس (5) سنوات ، وتنصب الحراسة على ممارسة النشاط الذي أدى إلىا الجريمة أو الذي ارتكبت الجريمة بمناسبته . وتطبق على الشخص المعنوي كذلك العقوبات الإلزامية الواردة في المادة 51/ فقرة2 و3 والمتمثلة في مصادرة العائدات والأموال غير المشروعة والحكم برد قيمة ماحصل المحكوم عليه من منفعة أو ربح جراء جريمة الرشوة . كما تطبق عليه العقوبة الجوازية الواردة في المادة 55 من القانون 06/01 المتمثلة في جواز إبطال العقود والصفقات والبراءات والامتيازات والترخيصات وانعدام أثارها . ج/ المشاركة والشروع: حسب المادة 52 من القانون 06/01 فإنه تطبق على الشروع في جريمة الرشوة وعلى المشاركة في ارتكابها أحكام قانون العقوبات. رغم خطورة الجريمة إلا أن المشرع لم يكن صريحا ولا واضحا في وضع القواعد والإجراءات التي تحكم وتنظم الشروع والاشتراك في تنفيذ الجريمة([10]) رغم أن هذه الجريمة لا يمكن قيامها أو تصورها إلا من خلال تلاقي إرداتين 1/ بالنسبة للشروع: من خلال قراءة المادتين 31,30 من قانون العقوبات ، تستخلص أن الشروع في الجنحة لا يعاقب عليه إلا بنص صريح في القانون ، ولما كانت المادة 25 من القانون 06/01 لا تنص على المعاقبة على الشروع ولكون جريمة رشوة الموظف العمومي هي جنحة فإن ذلك يستلزم القول أن المشرع الجزائري لم يتصور وجود أفعال متميزة يمكن وضعها في إطار الشروع وذلك لاعتبار أن جريمة الرشوة لاتقوم إلا تامة. ويستحيل تصور الشروع في الرشوة السلبية في صورة القبول، وذلك بالنظر إلى صور النشاط الإجرامي في هذه الجريمة، لأن هذه الجريمة إما أن تكون تامة وإما أن تكون في المرحلة التحضيرية التي لا عقاب عليها. ولكن يمكن تصور الشروع في صورة الطلب، كما لو صدر عن الموظف طلب وحال دون وصوله إلى صاحب المصلحة سبب من الأسباب لا دخل لإرادة الموظف فيه ويتحقق الشروع في هذه الحالة في صورة الطلب مثل أن يحرر المرتشي رسالة يكتب فيها ما يريد الحصول عليه من مزية لقاء قيامه بعمل معين ، ولكن يتم ضبطها من طرف السلطات العمومية قبل وصولها لصاحب المصلحة، إلا أنه رغم ذلك فهو يعد بمثابة جريمة تامة في الرشوة السلبية كون الجريمتين مستقلتين ، ولا يستلزم قيام جريمة الرشوة السلبية قيام جريمة الرشوة الإيجابية. وستكون لقاضي الموضوع سلطة تقديرية واسعة في مجال توفر أو عدم توفر الأركان لا سيما النية. وكذلك بالنسبة للرشوة الإيجابية فإنه يستحيل تصور الشروع في صورة الوعد، فإما أن تكون الجريمة تامة وإما أن تكون في مرحلة التحضير إلا أنه يمكن تصوره في صورتي العرض والعطية،وهكذا قضي في فرنسا بأن عرض مبلغ من المال على الموظف حتى وإنا لم يقبل به بشكـل جريمة الرشوة الإيجابية. وعليه فخلاصة القول أنه نظرا لكون الشروع في جريمة الرشوة يعد بمثابة الجريمة التامة فإن المشرع نص على معاقبته بنص خاص في المادة 52/2 من القانون 06/01 . 2/ بالنسبة للاشتراك: بالنسبة للاشتراك فإنه وحسب المادة 52 من القانون06/01 فإنه تطبق أحكام قانون العقوبات، وبالرجوع للقاعدة العامة الوارد ذكرها في نص المادة 42 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون 82/04 التي تنص على أنه " يعتبر شريكا في الجريمة من لم يشترك فيها اشتراك مباشرا ولكنه ساعد بكل الطرق ، أو عاون الفاعل الأصلي على ارتكاب الأعمال التحضيرية أو المسهلة أو المنفذة لها مع علمه بذلك" . واستخلاصا من القواعد العامة يمكن اعتبار الوسيط أو الساعي بين الراشي والموظف المرتشي شريكا،ويعاقب بنفس العقوبة المقررة قانونا لجريمة الرشوة بشرط توفر علمه بأنما يقوم به أو ما يقدمه إنما هو مسهل أو مساعد على أعمال الرشوة أو أن منفذ لها .([11]) و كما سبق و أن رأينا فإن المشرع إشترط صفة معينة في الجاني و جعلها ركنا مكونا للجريمة مما يجعل التساؤل قائما بخصوص الشريك في جنحة رشوة الموظف العمومي المنصوص عليها في المادة 25 من القانون 06/01 و في هذه الحالة يمكن تصور إحتمالين . · قد يكون الشريك من عامة الناس لا تتحقق فيه صفة الموظف العمومي و في هذه الحالة نرجع إلى القواعد العامة للإشتراك,وحسب المادة44 من قانون العقوبات التي تنص على انه يعاقب الشريك في جناية أو جنحة كما هو الأمر في جريمة الرشوة بالعقوبة المقررة لهاته الجنحة و عليه تطبيق عليه العقوبة ذاتها المقررة للفاعل دون النظر لصفة الشريك . و لا نطبق في هذه الحالة المادة 44 / 2 بشأن الظروف الشخصية و لا نطبق المادة 44/3 بشأن الظروف الموضوعية بإعتبار أن صفة الجاني في جريمة الرشوة ليست ظرفا شخصيا ينتج عنه تشديد العقوبة ، و انما هي ركن من أركان الجريمة . · قد يكون الشريك موظفا عموميا و في هذه الحالة تتحقق الجريمة في الشريك و يعاقب بذات العقوبة المقررة للفاعل . الفرع الثاني : عقوبة جريمة تلقي الهدايا و تقديمها: تطبق على جريمة تلقي الهدايا نفس الأحكام المقررة لعقوبة جرائم الفساد بصفته عامة مع وجود بعض الإختلاف فيما بخصه العقوبات الأصلية المقررة للشخص الطبيعي, و عليه سوف أعرض بإيجاز بصفة مختصرة هاته الأحكام . أ/ العقوبات الأصلية و التكميلية بالنسبة للشخص الطبيعي : 1 العقوبات الأصلية : حسب المادة 38 من القانون 06/01 فإنه يعاقب بـ: · الحبس من ستة أشهر 06 أشهر إلى سنتين 02 ,و بغرامة من 50.000 دج إلى 200.000 دج بالنسبة للموظف الذي يقبل من شخص هدية أو أية مزية غير مستحقة و التي من شأنها التأثير في سير إجراء ما معاملة لها صلة بمهامه . · و بنفس العقوبة للشخص الذي قدم الهدية مع علمه بظروف تقديمها و توفر الغرض منها . العقوبات التكميلية: - حسب المادة 50 و المادة 55 من القانون 06/01 و المادة 09 من قانون العقوبات يمكن الحكم بإحدى العقوبات التكميلية أو أكثر من العقوبات التالية: · الحجز القانوني * الحرمان من الممارسات الحقوق الوطنية و المدنية و العائلية * تحديد الإقامة * المنع من الإقامة * المصادرة الجزئية للأموال * المنع المؤقت من مزاولة مهنة أو نشاط * إغلاق المؤسسة * الإقصاء من الصفقات العمومية * الحظر من إصدار الشيكات أو إستعمال بطاقات الدفع * تعليق أو سحب رخصة السياقة أو إلغاؤها مع المنع من إستصدار رخصة جديدة * سحب جواز السفر * نشر أو تعليق حكم أو قرار الإدانة * إبطال العقود و الصفقات و البراءات و التراخيص. · كما يجب الحكم بمصادرة العائدات و الأموال غير المشروعة ورد قيمة ما حصل عليه المحكوم عليه من منفعة أو ربح جراء تلقيه الهداية و هذا طبقا للمادة 51/3،2 من القانون 06/01 حسب الاحكام التي سبق شرحها عندما تعرضت للعقوبة التكميلية لجريمة الرشوة . ب/ العقوبات الأصلية و التكميلية بالنسبة للشخص المعنوي : تطبيقا للمادة 38، 53 من قانون الرقابة من الفساد و مكافحته, و المادة 18 مكرر من قانون العقوبات فإنه تكون العقوبات المقررة للشخص المعنوي كما يلي : 1/ العقوبات الأصلية - الغرامة التي تساوي من مرة 1 إلى 5 مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي في القانون الذي يعاقب على جريمة تلقي الهدايا فضلا عن باقي العقوبات . - و عليه تكون الهقوبة هي غرامة من 200.000 دج إلى 1000.000 دج 2/ العقوبات التكميلية : حسب المادة 18 مكرر من قانون العقوبات و المواد 38 و 50 و53 و 55 من القانون 06/01 تكون العقوبات التكميلية الجوازية المقررة للشخص المعنوي كما يلي: *حل الشخص المعنوي * غلق المؤسسة أو فرع من فروعها لمدة لا تتجاوز خمس سنوات * الإقصاء من الصفقات العمومية لمدة لا تتجاوز خمس سنوات * المنع من مزاولة نشاط أو عدة أنشطة مهنية أو اجتماعية بشكل مباشر أو غير مباشر نهائيا أو لمدة لا تتجاوز خمس سنوات * مصادرة الشيء الذي استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها * نشر أو تعليق حكم الإدانة.* الوضع تحت الحراسة القضائية لمدة خمس سنوات. * جواز إبطال العقود و الصفقات و البراءات و الإمتيازات و الترخيصات و إنعدام أثارها . و يجب الحكم بمصادرة العائدات و الاموال غير المشروعة و الحكم برد قيمة ما حصل عليه المحكوم عليه من منفعة أو ربح جراء تلقيه الهدايا و ذلك حسب المادة 51 فقرة 2، 3 من القانون 06/01 ج/ المشاركة و الشروع : حسب المواد 30و31و42 من القانون العقوبات و المواد 38و52 من قانون الوقاية من الفساد و مكافحته فإنه يطبق على الإشتراك و الشروع في جريمة تلقي الهدايا القواعد العامة . و بالرغم من أنه لا يمكن تصور جريمة تلقي الهدايا إلا كجريمة تامة دون تصور الشروع فيها, إلا أنه بالرجوع للمادة 52 من القانون 06/01 فنجدها تنص انه حتى و إن وجدت محاولة فإنه يتم المعاقبة عليها كالجريمة التامة . و بالنسبة للإشتراك,فانه تطبق نفس الاحكام المقررة بالنسبة لجريمة رشوة الموظفين العموميين على جريمة تلقي الهدايا . المطلب الثاني : تشديد العقوبات و الإعفاء منها و التخفيض بالنسبة للجرمتين : الفرع الأول : تشديد العقوبة : تشدد عقوبة الجبس لتصبح من عشرة سنوات إلى عشرين سنة إذا كان الجاني من إحدى الفئات المنصوص عليها في المادة 48 من قانون الوقاية من الفساد و مكافحته و هذه الفئات هي كا التالي : 1/ قاضي:وذلك بالمفهوم الواسع أي Magistrat و ليس المفهوم الضيقjuge والدي يشمل إضافة الى قضاة النظام العادي و الاداري, قضاة مجلس المحاسية و أعضاء مجلس المنافسة و حتى الوزراء و الولاة و رؤساء البلديات ([12]). 2/ موظف يمارس وظيفة عليها في الدولة : وهم الموظفين المعبنين بمرسوم رئاسي الذين يشغلون على الأقل منصب نائب مدير بالإدارة المركزية لوزارة أو ما يعادل هاته الرتبة في المؤسسات العمومية أو الإدارية غير المركزية أو الجماعات المحلية . 3/ ضابط عمومي: 4/ ضابط أو عون شرطة قضائية : و هم الضباط المنتمون إلى فئة الضبطية القضائية حسب المادة 15 من قانون الإجراءات الجزائية و أعوان الضبطية القضائية حسب المادة 19من قانون الإجراءات الجزائية . 5/ من يمارس بعض صلاحيات الشرطة القضائية : و هم رؤساء الأقسام و المهندسون و الأعوان الفنيين و التقنيين المختصين في الغابات و حماية الأراضي و إستصلاحها حسب المادة 21 من ق إ ج و بعض الموظفين و أعوان الإدارة و المصالح العمومية حسب المادة 27 ق ا ج كأعوان الجمارك و أعوان الضرائب و الأعوان التابعيين لوزارة التجارة المكلفين بضبط و معاينة المخالفات المتعلقة بالمنافسة و الممارسات التجارية . 6/ موظفين أمانة الضبط: 7/ عضو في هيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته : و هي الهيئة المستخدثة بموجب المادة 17 من قانون 06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته و التي تركت المادة 18 من نفس القانون تحديد تشكيلتها عن طريق التنظيم أين تم بتاريخ 22 نوفمبر 2006 تحديد تشكيلتها و كيفيات سيرها بموجب المرسوم رقم 06/ 413 الفرع الثاني : الإعفاء من العقوبة و تحفيضها: ا/ الإعفاء من العقوبة حسب المادة 49 من القانون 06/01 يستفيد من العذر المعفي من العقوبة الفاعل أو الشريك الذي بلغ السلطات الإدارية أو القضائية أو الجهات المعنية كمصالح الشرطة القضائية عن الجريمةو ساعد في الكشف عن مرتكبيها و معرفتهم, بشرط أن يتم التبليغ قبل مباشرة إجراءات المتابعة أي قبل تحريك الدعوي العمومية. ب/ تخفيض العقوبة : حسب المادة 49 من القانون 06/01 يستفيد من تخفيض العقوبة إلى النصف الفاعل أو الشريك الذي يساعد بعد مباشرة إجراءات المتابعة أي بعد تحريك الدعوى العمومية في القبض على شخص أو أكثر من الأشخاص المساهمين في الجريمة و تبقى مرحلة ما بعد مباشرة إجراءات المتابعة مفتوحة إلى غاية أستنفاد طرق الطعن. ([13]). المطلب الثالث : تقادم الدعوى العمومية و العقوبة بالنسبة للجرمتين : تنص المادة 54 من قانون الوقاية من الفساد و مكافحته على أنه لا تتقادم الدعوى العمومية ولا العقوبة بالنسبة للجرائم المنصوص عليها في هذا القانون في حالة ما إذا تم تحويل عائدات الجريمة إلى خارج الوطن و في غير ذلك من الحالات تطبق الاحكام المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية. الفرع الأول : تقادم الدعوى العمومية : أ/ بالنسبة لجريمة رشوة الموظفين العموميين : تمتاز جريمة رشوة الموظف العمومي عن باقي جرائم الفساد و القانون العام في مسألة تقادم الدعوى العمومية و العقوبة,حيث بتطبيق المادة 54 من القانون 06/01 فإنه لا تتقادم الدعوى العمومية إذا تم تحويل عائدات الجريمة إلى الخارج ,و حسب الفقرة الثانبة من نفس المادة فإنه" في غير ذلك من الأحوال تطبق أحكام قانون الإجراءات الجزائية" و هنا يكمن الاختلاف بين جريمة الرشوة و باقي الجرائم حيث بالرجوع إلى المادة 08 مكرر من ق اج المستحدثة بموجب التعديل بالقانون 04/14 المؤرخ في 10/11/2004 التي تنص على أنه "لا تنقضي الدعوى العمومية بالتقادم في الجنايات و الجنح المتعلقة بالرشوة" و يهدا تضيح جريمة الرشوة غير قابلة للتقادم imprescriptible, كما لا تتقادم الدعوى المدنية للمطالبة بالتعويض عن الضرر الناجم عن هاته الجريمة . و من هنا نلاحظ أن مجال تطبيق نص المادة 08 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية ينحصر في الجرائم الموصوفة على أنها رشوة كرشوة الموظف العمومي - المادة 25 من القانون 06/01 – و الرشوة في مجال الصفقات العمومية-المادة 27 – و رشوة الموظفين العموميين الأجانب و موظفي المؤسسات الدولية العمومية – المادة 28من القانون 06/01 –. و لا تسري هده القاعدة على جريمة تلقي الهدايا – المادة 38 من القانون 06/01 رغم أن هذه الجريمة صورة ممتازة لجريمة الرشوة و هذا ما يعد أمر غير مستساغ ([1]). ب/ بالنسبة لجريمة تلقي الهدايا و تقديمها: حسب المادة 54 من فإنه لا تتقادم الدعوى العمومية إذا تم تحويل عائدات الجريمة إلى الخارج، وفي غير ذلك من الأحوال فإنه تطبق أحكام قانون الإجراءات الجزائية وبالرجوع إلى المادة 08 من قانون الإجراءات الجزائية فإن جريمة تلقي الهدايا بإعتبارها جنحة تتقادم بمرور ثلاث سنوات كاملة من يوم إقتراف الجريمة إذا لم يتخذ في ذلك الفترة أي إجراء، فإذا أتخذت إجراءات في تلك الفترة فلا يسري التقادم إلا بعد 03 سنوات من تاريخ آخر إجراء, وكذلك الشأن بالنسبة للأشخاص الذين لم يتناولهم أي إجراء من إجراءات التحقيق أو المتابعة وذلك حسب المادة 7 من ق إ ج التي أحالتنا إليها المادة 08 ق إ ج . ويسري التقادم في حالة تلقي الهدية من يوم تسليمها، وتتجدد الجريمة بكل عمل تنفيذ يأتيه الجاني تنفيذا لعهده. الفرع الثاني: تقادم العقوبة: أ/ بالنسبة لجريمة رشوة الموظفين العموميين: حسب المادة 54/فقرة 01 لا تتقادم العقوبة إذا تم تحويل عائدات الجريمة إلى الخارج، وفي غير ذلك من الأحوال فإنه تطبق أحكام قانون الإجراءات الجزائية, وبالرجوع إلى المادة 612 مكرر المستحدثة إثر تعديل قانون الإجراءات الجزائية بالقانون 04/14 المؤرخ في 10/11/2004 نجدها تنص: · على أنه لا تتقادم العقوبات المحكوم بها في الجنايات والجنح المتعلقة بالرشوة وفي هذا المجال تعد عقوبة الرشوة imprescriptible أي غير قابلة للتقادم. وتصلح في هذا المجال، جميع الملاحظات التي سبق إبداؤها بخصوص تقادم الدعوى العمومية. ب/ بالنسبة لجريمة تلقي الهدايا و تقديمها: حسب المادة 54/1 من القانون 06/01 فإنه لا تتقادم العقوبة إذا تم تحويل عائدات الجريمة إلى الخارج، وفي غير ذلك من الأحوال فإنه تطبيق أحكام قانون الإجراءات الجزائية، وبالرجوع للمادة 614 من هذا القانون نجدها تنص: تتقادم العقوبات الصادرة بقرار أو حكم يتعلق بموضوع الجنح بعد مضي خمس (5) سنوات كاملة إبتداءا من التاريخ الذي يصبح فيه هذا القرار أو الحكم نهائيا. غير أنه إذا كانت عقوبة الحبس المقضى بها تزيد على الخمس سنوات فإن مدة التقادم تكون مساوية لهذه المدة ويمكن تصور هذه الحالة في جريمة تلقي الهدايا في حالة تشديد الجريمة إذا كان الجاني ضمن الفئات المنصوص عليها في المادة 48 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته. الخاتمة: كخاتمة لهذه الدراسة المتواضعة، ومن خلال تحليل أهم صورتي جرائم الرشوة، وهما رشوة الموظفين العموميين وتلقي الهدايا، فإننا نخلص أن هذه الجرائم تتطلب وجود طرفين على الأقل، كما تقتضي إتحاد وتوافق إرادتين على العطاء والأخذ والعرض من الأولى, والقبول أو الطلب من الثانية من أجل المتاجرة بالوظيفة العمومية أو التأثير على حسن سير إجراءاتها والمعاملات فيها. وإتأيت إستخلاص بعض النتائج والملاحظات، والتي تتمثل في أن جرائم الرشوة في النظام الجزائري تتميز بخوصيات ومميزات تنفرد بها مقارنة مع باقي الجرائم الأخرى، سواءا جرائم القانون العام أو جرائم الفساد، أم ما أصطلح عليه سابقا الجرائم الإقتصادية، وذلك ما يجعلها أكثر تعقيدا عن غيرها من الجرائم نظرا لغموضها و صعوبة الإثبات فيها وعدم التبليغ عنها. ومن اهم هذه النتائج والملاحظات مايلي: - خضوع جرائم الرشوة خاصة جريمتي رشوة الموظفين العموميين وتلقي الهدايا لقانون الوقاية من الفساد ومكافحته، وبهذا أصبحت تخرج عن المفهوم العام الذي كان ينظر لها به قانونا، حيث كانت ضمن القسم الخاص لقانون العقوبات، لكن حاليا فهي تعد من الجرائم الخاصة المنصوص عليها بقانون خاص الذي يحكمها، وفي ما عدا ذلك وإستئناءا عند الإحالة, يرجع إلى القواعد العامة المنصوص عليها في قانون العقوبات. - إتفاق جريمة تلقي الهدايا وتقديمها مع جريمة رشوة الموظفين العموميين في أغلب الأركان وإجراءات المتابعة وطرق الإثبات، مع وجود إختلاف في الغرض من الجريمتين إذ يكون الهدف من رشوة الموظفين العموميين هو الإتجار بالوظيفة العامة، أما الغرض من تلقي الهدايا وتقديمها هو التأثير على السير الحسن للإجراءات والمعاملات، كما يختلفان من حيث الجزاء المقرر لكل جريمة. وعلى هذا الأساس تعتبر جريمة تلقي الدايا وتقديمها كإحدى صور جرائم الرشوة. - خضوع جرائم الرشوة إلى قواعد إجرائية مزدوجة، الاولى خاصة وردت ضمن قانون الوقاية من الفساد ومكافحته، والثانية تحكمها الأحكام العامة للإجراءات في المادة الجزائية المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية. - وجود تناقض في الصياغة العربية للنصوص المجرمة والمعاقبة لجرائم الرشوة مقارنة مع النصوص باللغة الفرنسية. - عدم توحيد المصطلاحات القانونية ما بين قانون الوقاية من الفساد ومكافحته وقانون الإجراءات الجزائية، مع ترك بعض الإجراءات غامضة دون توضيح. - إستقرار الإجتهاد القضائي في قراراته على أن الوسيلة الأساسية لإثبات هذه الجرائم هي التلبس. إذن، فجرائم الرشوة كما سبق توضيحه هي عصب الفساد الذي يشكل الإنحلال الكلي للنظام السياسي والإداري والإقتصادي والمالي والإجتماعي، والذي يشكل عائقا جديا للتنمية والرقي و ذلك من عدة زوايا خاصة: الإفتقار الإقتصادي، وإختلال الحياة السياسية وتفاقم الإجرام بكل أنواعه، فالمشكلة إذن هي عميقة ومعقدة ومركبة بفعل عوامل كاملة وليست طارئة ذلك أن الأسباب ليست مباشرة وسطحية وإنما ترتبط بعمق الحياة العامة. ونخلص في النهاية، أننا إلتمسنا فعلا من خلال مجمل نصوص قانون الوقاية من الفساد ومكافحته وجود إرادة قوية في مواجهة ظاهرة الرشوة والحد من مخاطرها لكن حتى وإن كانت الأداة التشريعية قمة في الردع فإنها لن تكفي للعلاج، بل يجب أن تتكاثف جهود الجميع في القطاع العام والخاص، كما يجب على الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته أن تلعب الدور البارز المنوط بها وهذا ما يسهل مهمة القاضي وخدمة العدالة والصالح العام الإقتراحات: - من خلال هاته الدراسة المتواضعة التي قدمتها حول جريمتي رشوة الموظفين العموميين و تلقي الهدايا إرتأيت تقديم بعض الإقتراحات التي قد تساهم في تفعيل متابعة الجريمتين، بصفة خاصة، وجرائم الفساد بصفة عامة، وهاته الإقتراحات تتمثل فيمايلي: 1/- وضع في طليعة الإهتمامات القواعد التي يجب مراعاتها في توظيف الموظفين وتسيير حياتهم المهنية خاصة النجاعة والشفافية والكفاءة خصوصا في المناصب والمهن الأكثر عرضة لجرائم الرشوة في جميع صورها. 2/- تفعيل إلزام الموظفين بالتصريح بممتلكاتهم خلال الشهر الدي يلي توليهم للمهام,و التصريح بأي زيادة معتبرة لهذه الممتلكات، وكذلك التصريح بالممتلكات عند الإنتهاء من المهام وفقا للإجراءات والأشكال المنصوص عليها في المرسوم الرئاسي رقم 06/414 المؤرخ في 22 نوفمبر 2006 والذي يحدد نموذج التصريح بالممتلكات. 3/- توسيع صلاحيات البحث والتحري المعترف بها للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته مما يسهل عمل الجهاز القمعي نظرا لإمتداد إختصاص الهيئة على كامل التراب الوطني خاصة أن اغلب جرائم الفساد تمتد إلى أكثر من دائرة إختصاص وتتعدى حدود الإقليم الوطني. 4/- إضافة جرائم الفساد بصفة عامة وجرائم الرشوة بصفة خاصة ضمن قائمة الجرائم التي يجوز تمديد الإختصاص المحلي فيها لوكيل الجمهورية وقاضي التحقيق و رئيس المحكمة الناظرة في الدعوى وذلك بتعديل المواد 37،40/2، 329 من قانون الإجراءات الجزائية, و المرسوم التنفيذي رقم 06/384 المؤرخ في 05/10/2006 الذي يمدد الإختصاص المحلي لمحكمة سيدي أمحمد و ورقلة وقسنطينة ووهران،و الدي إعتبرها محاكم دات إختصاص موسع. 5/- إعطاء صلاحيات الضبط القضائي للهيئة الوطنية للفساد خاصة أن اعطاءها صلاحيات البحث والتحري يتعارض مع الطابع الإداري لهده الهيئة التي ينحصر دورها في تحويل الملف إلى وزير العدل في حالة التوصل إلى وقائع دات وصف جزائي، والدي بدوره يخطر النائب العام المختص لتحريك الدعوى العمومية. 6/- توسيع مفهوم الموظف العمومي، -والذي حسب رأيي مازال قاصرا- بشكل يسمح بحماية المال العام إينما وجد، وأقترح إضافة ضمن مفهوم الموظف العمومي الشخص المرشح لوظيفة إنتخابية سواءا تشريعية أو محلية، وكذلك مسيروا الأحزاب السياسية خاصة في ظل تطور الحزبية في بلادنا، وهذا ما أخذ به التشريع الأمريكي FCPA. 7/- إعادة النظر في سياسة تجنيح جرائم الفساد خاصة جرائم الرشوة لأن المجتمع ينتظر تشديد الوصف والعقاب للحد من توسيع ظاهرة المتاجرة بالوظيفة العمومية والتلاعب بالمال العام، مع إعادة النظر في إستقلالية القانون 06/01 عن قانون العقوبات خاصة أن هذا الأخير قادر على مجابهة تطور الإجرام بشكل لا يدع مبررا لوضع قانون خاص. 8/- تفعيل الأحكام و الإجراءات الخاصة للبحث والتحري التي جاء بها قانون الوقاية من الفساد ومكافحته و قانون الإجراءات الجزائية وذلك من أجل ضبط الجناة متلبسين بالرشوة مما يسمح بإعطاء أدلة قوية لإثبات إدانتهم خاصة ان جرائم الرشوة تعد من جرائم الشبكات ذات الطابع التقني المرتبط شديد الإرتباط بفروع قانون الأعمال، ولكونها ذات طابع خفي. 9/- توحيد المصطلحات بين قانون الوقاية من الفساد وقانون الإجراءات الجزائية مثلا قانون 06/01 يستعمل مصطلح "الإختراق" وقانون الإجراءات الجزائية يسميه "التسرب" في حين كلا النصين باللغة الفرنسية يستعملان مصطلح "L'infiltration" 10/- إعادة النظر في الإختلاف الموجود في صياغة نصوص المواد بين اللغة العربية والفرنسية، فالنص العربي للمادة 02 من قانون 06/01 يستعمل مصطلح "موظف عمومي" أي يقابله fonctionnaire public، في حين النص الفرنسي يستعمل مصطلح "Agent public" وهو ما يقابله "عون عمومي"، وكذلك في نص المادة 25/1 الذي استعمل في النص العربي "أداء عمل أو الإمتناع عن أداء عمل من واجباته" أما النص بالفرنسية استعمل " dans l'exercice de ses fonctions" مما يقابله "لكي يقوم بأداء عمل أو الإمتناع عن أداء عمل أثناء تأدية وظيفته" وهنا إختلاف في المعنيين. كذلك في نص المادة 38 أين إستعمل المشرع مصطلح "تلقي" والتي تفيد إستلام، أي وضع الجاني يده على الهدية في حين استعمل في النص الفرنسي مصطلح "accepter" ويقابله "قبوله" وهنا يختلف المعنى إذ أن القبول لا يعني بالضرورة أن الجاني استلم فعلا الهدية. 11/- تحديد السلطة المختصة التي أعطاها المشرع صلاحية تجميد أو حجز عائدات جرائم الفساد إلى جانب إمكانية ذلك عن طريق القرار القضائي الولائي حسب المادة 51 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته، وكذلك تحديد الجهة القضائية المختصة بدقة للفصل بملكية الدولة التي تكون طرف في الإتفاقية للأموال المتحصلة من جرائم الفساد, وإلزام الأشخاص المحكوم عليهم بدفع تعويض مع إصدار أمر بالمصادرة وما يلزم من تدابير لحفظ حقوق الملكية المشروعة، ذلك أن المادة ذكرت أن الإختصاص يؤول إلى القضاء المدني الجزائري، لكن الأصح هو إلى القضاء الجزائي الجزائري وذلك بمقتضى دعوى مدنية تبعية. 12/-إعادة النظر في صياغة المادة 63 من قانون الوقاية من الفساد التي تنص على" أنه يمكن لقسم الجنح الأمر بمصادرة الممتلكات ذات المنشأ الأجنبي التي تم إكتسابها عن طريق إحدى جرائم الفساد، أو الممتلكات المستخدمة في إرتكابها حتى ولو إمتنعت الإدانة لأي سبب من الأسباب ...." كإنقضاء الدعوى العمومية أو البراءة ..... وهنا أتسال عن طبيعة هذه المصادرة التي يمكن الحكم بها رغم إنقضاء الدعوى العمومية أو البراءة ؟ خاصة أن المصادرة ما هي إلا عقوبة تكميلية مضافة إلى العقوبة الأصلية. 13/- تحديد القواعد والإجراءات المقررة لنفاذ الأحكام القضائية الأجنبية التي أمرت بالمصادرة وذلك على تراب الجمهورية الجزائرية طبقا للمادة 63 من القانون 06/01، فهل يقصد بهذه الإجراءات قواعد تنفيذ الأحكام والقرارات و الأوامر القضائية الأجنبية كما وردت في قانون الإجراءات المدنية ؟ أم هل يشترط وجود إتفاقيات تعاون قضائي لأمكانية تنفيذها ؟ 14/- إعادة النظر في المادة 8 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية لأنه حسب التفسير الضيق للنصوص فإن مجال تطبيقها ينحصر في الجرائم التي وصفها المشرع بوصف الرشوة كرشوة الموظفين العموميين بصورتها السلبية والإيجابية طبقا للمادة 25 من القانون 06/01 ورشوة الموظفين العموميين الأجانب وموظفي المؤسسات الدولية العمومية طبقا للمادة 28 من القانون 06/01 والرشوة في مجال الصفقات العمومية طبقا للمادة 27 من القانون 06/01 ولا ينصرف تطبيقها إلى باقي صور جرائم الرشوة مثل جريمة تلقي الهدايا طبقا للمادة 38/ من القانون 06/01 والإثراء غير المشروع طبقا للمادة 37 من القانون 06/01. خاصة انه بالرجوع إلى عرض الأسباب لتعديل قانون الإجراءات الجزائية بالقانون 04/14 المؤرخ في 10/11/2004، نجد أن الغرض من هذا التعديل هو تكييف التشريع الوطني مع الإتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر،غير أنه بالرجوع إلى مجمل الإتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر لا سيما إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية التي وقعت عليها الجزائر في 12/12/2000 وصادقت عليها في 05/02/2002 وإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المعتمدة من قبل الجمعية العامة في 31/10/2003 والتي صادقت عليها الجزائر في 19/04/2004 بالمرسوم 04/128 لا نجد مبرر لإعتبار الرشوة غير قابلة للتقادم ،لأن الإتفاقيات طالبت كل دولة طرف فيها بتحديد عند الإقتضاء فترة تقادم طويلة. و إقتراح في هذه المسالة تحديد نقطة إنطلاق خاصة لبداية إحتساب مهلة التقادم كما فعل التشريع الفرنسي عندما قرر أن مهلة التقادم تحتسب من يوم إكتشاف الجريمة في ظروف تسمح بمتابعتها مع إطالة مدة التقادم لكن دون جعلها غير قابلة للتقادم . [1] أنظر الدكتور أحسن بوسقعة / المرجع السابق ص 79 [1] الدكتور : أحسن بوسقيعة الوجيز في القانون الجزائي العام دار هومة ص 314. [2] إرجع : قانون الإجراءات الجزائية الأمر 66/ 155 معدل و متمم بالقانون 06/22 المواد 65 مكرر 05 إلى 65 مكرر 10 [3] إرجع : قانون الإجراءات الجزائية / الأمر 66/ 155 المعدل و المتمم بالقانون 06/22 المراد 65 مكرر 11 إلى 65 مكرر 18 [4] الدكتور علي عبد القادر القهوجي/ القانون الجنائي "القسم الخاص"/ كلية الحقوق جامعة الإسطندرية ص 400 [5] الغرفة الجنائية : قرار محكمة العليا بتاريخ 13/05/1986 [6] المشرع في تعدياه الاخير لقانون العقوبات بالقانون 06/23 الغى العقوبات التبعية التي كانت مقررة بالمواد 06, 07, 08 في الفصل الثاني و ادرجها ضمن ا العقوبات التكميلية في الفصل الثالث [7] انظر المواد 09 مكرر,09 مكرر 01 , 11 ,12 , 13 , 14 , 15, 15 مكرر01 , 15 مكرر 02 , 16 , 16 مكرر, 16 مكرر 01 , 16 مكرر 02 , 16 مكرر 03 , 16 مكرر 04 , 16 مكرر 05 , 16 مكرر 06 ,17, 18 من قانون العقوبات المعدل و المتمم , و التي تشرح كل عقوية على حدى [8] أنظر الدكتور أحسن بوسقيعة / الوجيز في القانون الجزائي الخاص ج 2 – ص 39 [9] إرجع الدكتور أحسن بوسقيعة / الوجيز في القانون الجزائي العام – ص 215 إلى ص 226 المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي [10] - انظر : عبد العزيز سعد / المرجع السابق ص 28 . [11] أنظر عبد العزيز سعد / المرجع السابق ص 30 [12] أنظر : الدكتور أحسن بوسقيعة الوجيز في القانون الجزائي الخاص ج 2 س 36 [13] الدكتور أحسن بوسقيعة / المرجع السابق ص 37 |
|||
2011-04-16, 15:13 | رقم المشاركة : 7 | |||
|
بارك الله فيك أخي عباس على هذا الموضوع. |
|||
2012-01-18, 19:31 | رقم المشاركة : 8 | |||
|
|
|||
2013-02-19, 13:37 | رقم المشاركة : 9 | |||
|
من فضلكم أريد بحث حول جريمة عدم تسديد النفقة في أسرع وقت - ضروري جدا - |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
ملخص, الخاص, الجنائي, القانون |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc