أعز الناس المصطفى صلى الله عليه وسلم - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > منتدى نصرة الرسول صلى الله عليه و سلم

منتدى نصرة الرسول صلى الله عليه و سلم كل ما يختص بمناقشة وطرح مواضيع نصرة سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم و كذا مواضيع المقاومة و المقاطعة...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

أعز الناس المصطفى صلى الله عليه وسلم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-02-22, 12:47   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية ¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
 

 

 
الأوسمة
المركز الثاني في  مسابقة التميز في رمضان 
إحصائية العضو










Icon24 أعز الناس المصطفى صلى الله عليه وسلم







أخوتى وأخواتى الكرام
وأنا أتصفح الأيميل خاصتى وجدت رسالة بعنوان أعز الناس
ولما قرأتها لم أتمالك نفسى حينما قرأتها وكانت عن المصطفى صلى الله عليه وسلم
وبحثت فى المواقع حتى وجدت هذه السلسلة الرائعة عن الحبيب المصطفى صلوات ربى وتسليماته عليه وعلى اّله وصحبه وسلم
فاّثرت أن أنقلها لكم كما هى وبنفس عباراتها وباللهجة المصرية العامية),
أرجو أن أكون قد وفقنى الله فى هذا النقل ولنبدأ

قصة النبى محمد ,قصة رسول الله

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله..
اللهم افتح علينا حكمتك و انشر علينا رحمتك يا ذا الجلال و الإكرام
و صل اللهم على حبيبنا و نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.



VVVأعز الناسVVV

تفتكر مين أكتر إنسان اتحب و اتعلقت بيه القلوب من يوم ما اتخلق سيدنا آدم لغاية النهاردة؟
انظر حولك.. و فكر شوية
تفتكر كم واحد في العالم اليوم اسمه محمد أو أحمد أو محمود أو مصطفى أو طه..
طيب كم واحد في التاريخ تم تسميته بالأسماء دي؟
تفتكر ليه؟
لأنه اسم أعز الناس.. و أحب الناس.. من إذا ذُكر اسمه.. حُمِّد و حُمِّد و أُثني عليه..
كم واحد تسمى باسمه على مدار التاريخ؟.. و كم كتاب كتب عنه بكل لغات الارض؟..
تفتكر فيه حد من البشر من يوم ما اتخلق سيدنا آدم نال الاهتمام و الحب ده كله؟..
أولى معجزاته... هي اسمه.. إسم على مسمى
أحمد.. محمود الصفات.. من هامت القلوب بحبه.. فكان أكثر إنسان اتحب على مدار التاريخ.. أعز الناس إلى قلوب الناس..
فلونظرنا نظرة شاملة على الكرة الأرضية.. نظرة "عين طائر" زي مابيقولوا..طب تخيل معايا الكادر عمال يقرب..و يقرب.. لغاية ما الكاميرا وقفت عندك.. ولم يبقى في الكادر غيرك انت فقط
ياترىماقلناه .. هل ينطبق عليك انت تحديدا؟..
هل هو أعز الناس بالنسبة لك؟..
أعز الناس... أكتر انسان قلبك متعلق بيه و بحبه...
اللي ينظر لحال أمتنا النهاردة.. يكاد يجزم ان الإجابة هي "لأ"..
عارف ليه الإجابة لأ؟..
لأنك للأسف ماتقدرش تحب حد ماتعرفهوش..
في حياتنا أحداث بتمر بينا.. بتبقى زي الصفعة اللي بتفوق الواحد من غفلة كان عايش فيها..
بنفضل نضيع عمرنا.. و مابنحسش بقيمة النعم اللي بين ايدينا .. إلا بعد فوات الأون.. بعد مانتحرم منها..
أخ و صديق عمرلى.. بيحكيلي تجربة مر بيها مؤخرا.. و هي وفاة والده..
بيقول لي.. الحياة بقت حاجة تانية.. عمرها ماهاتبقى في عيني زي ماكانت أبدا..
فجأة..شعر كم والده تعب علشانه.. و لغاية آخر لحظة و هو بيموت.. بيقول له يابني نفسي ربنا يقومني بالسلامة عشان اعملك كذا و كذا وكذا.. مش مهموم بانه تعبان و خلاص بيموت.. لكن مهموم بابنه و بانه يأمن له مستقبله.. بالرغم من ان ابنه الحمد لله ناجح في حياته و عمله.. بس هو في النهاية أب..
زي ماقلت..لانشعر بقيمة النعمة.. إلا بعد فقدها..
لم يشعر بقيمة والده.. إلا بعد وفاته.. ظل يسمع من الناس قصة حياته.. و تعبه ... و تضحياته.. عشان أولاده..
بدأ يسمع عن أعمال الخير اللي كان بيعملها.. و عن الناس اللي كان بيساعدهم..
بقى مبهور جدا باللي بيسمعه.. و مصدوم.. لأنه ماعرفش إن والده كان إنسان عظيم.. إلا بعد ما فقده..
بقى حزين من داخله.. لانه ماشعرش بروعة الإنسان اللي عاش عمره عشانه وهو حي.. و لا حتى قال له كلمة "شكرا"..
بقى يتحسر.. و يقول لو يرجع بى العمرتاني... كنت قضيته خدام تحت رجليه.. ماكنتش سافرت و اتغربت و بعدت عنه..
قال لي كلمة وجعتني كثيرا .. قال "المرارة اللي حاسس بيها داخلى.. مش هاتخليني اقدر استمتع بحياتي تاني ابدا.. عينيه و هو بيموت.. مرسومين قدامي في كل لحظة.."..

ايه علاقة القصة دي بموضوعنا؟
و ياترى ايه اللي اتغير؟.. هل مجرد وفاة الأب هي اللي غيرت نظرة الإبن لأبوه؟
اللي حصل ببساطة.. ان الإبن كان أول مرة في حياته ينظر لأبيه من زاوية انه إنسان.. و له مشاعر.. و له احتياجات..
إنسان زيه بالظبط.. بيفرح.. و يزعل.. و يحب..
ساعتها حس بالنعمة اللي راحت منه..
علاقة القصة دي بموضوعنا هي ان ده حالنا للأسف مع النبي..
عادة.. لما بيكون موضوع الحديث هو سيرة النبي .. بتكون المقدمة عبارة عن سرد للأسباب اللي المفروض نحب النبي عشانها وعن أهمية القدوة ...
للأسف.. قليل في زماننا اللي يعرفوا النبي..
مثل صاحبي اللي حكيت لكم حكايته..
هو كان متخيل انه يعرف والده.. اللي المفروض انه اقرب الناس اليه.. و لكنه اتفاجئ بعد وفاته انه ماكانش يعرف عنه اي حاجة..
فرق كبير بين انك تعرف قصة حياة إنسان... و بين انك تعرف الإنسان ذاته..
كتير في زماننا ده يعرفوا قصة حياة النبي .. بمستويات مختلفة من المعرفة.. في اللي يعرفها بشكل سطحي مبسط.. و فيه اللي يعرفها بأدق تفاصيلها..
و لكن المشكلة.. ان اللي يعرفوا النبي ذاته كإنسان.. قليلين جدا..
طب و ايه الفرق؟
الفرق هو انك مش هاتحس بقيمته بالنسبة لك.. إلا إذا عرفته كإنسان.. معرفة العشرة.. معرفة إنسان عاشرته و عشت معاه .. الإنسان القريب منك
إنك تنظرله كإنسان.. زيه زيك.. بيحب.. وبيكره.. بيفرح.. و بيحزن.. و بيتأثر..
تحط نفسك مكانه.. و تقدر..
و صدقني.. كل ما اتأخرت المعرفة دي.. كل ماندمك زاد..
لأنها مش مجرد معرفة عادية..
لو عرفته حقيقي.. هاتعرف قد ايه كان بين ايديك نعمة كبيرة جدا.. و غافل عنها..
معرفة.. تعطى لحياتك ووجودك معنى.. بتحس معاها ان الحياة لها طعم تاني مختلف..
انا شفت ناس كتير حياتهم انقلبت تماما يوم ماعرفوا النبي.. عرفوه هو.. مش قصة حياته.. حسوا بيه.. عاشوا معاه.. و بقى عايش معاهم.. بقى عايش جواهم..
فهمت لأول مرة في حياتي معنى قول النبي أن إيمان المؤمن لا يكتمل حتى يحب النبيأكثر من نفسه و ماله وولده..
في زمن كل الناس حواليك بتشكك في دينك و في ربك.. أرأيت كيف ان المعرفة والحب هما اللذان بيثبتانك.. يجعلونك مثل المبصر وسط العميان..
لاتتخيل كم نظرتك للدنيا بتتغير.. بتفهمها.. و لما بتفهمها.. بتعرف تعيشها صح.. بتحس لأول مرة في حياتك ان حياتك لها معنى.. لها قيمة.
لأنك لما تعرف النبي.. فانت ماعرفتش انسان.. انت عرفت الإنسان.. فهمت نفسك..
و لأنك ماتقدرش تعرفه من غير ماتحبه و يتعلق قلبك بيه.. لأنه فعلا يتحب..
قصص الحب و التفاني العجيبة للصحابة تجاه النبي.. كان ايه سببها؟.. هل قلوبنا بإيدينا.. نأمرها تحب فلان فتحبه؟.. أبدا.. ماكان حب أصحاب النبي له إلا لأنه أهل لهذا الحب.. ماتقدرش تعرفه من غير ماتحبه.. و كل ماعرفته أكتر.. حبيته أكتر..
و العلماء بيقولوا.. معرفة النبي.. هي عين معرفة الله..
يعني تبقى كمان عرفت ربك.. ماهو احنا زي ما مش عارفين النبي.. فاحنا مش عارفين ربنا.. بنفس المفهوم اللي انا قلته قبل كده..
في هذه الرحلة.. سنحاول معرفة النبي من خلال اننا نعيش معاه لحظة بلحظة.. نحس بيه.. في لحظات الفرح.. في لحظات الحزن.. في لحظات الألم و الخوف على أمته..
في لحظات الشوق انه يشوفك و يقابلك..
تخيل؟.. اشتاقلك انت تحديدا.. من أكتر من 1400 سنة.. قبل وفاته.. بكى.. و قال "اشتقت إلى إخواني"..
بالظبط زي الاب اللي لحظة موته مهموم بأولاده..
و أولاده مايعرفوهوش..
زي ماقلت.. لاتبخل على نفسك ابدا بهذه المعرفة.. اللي ممكن تغير حياتك تماما..
شاركنا.. و انوي انك تتعلم.. و تعمل بما علمت.. و تنشر اللي انت عرفته بين الناس.. لعل بهذه المعرفة .. تحيي موات أمة.. و تبقى شاركت في الأجر..
و على وعد باللقاء بإذن الله..
و حتى نلتقي.. لا تنسونا من صالح دعائكم..









 


رد مع اقتباس
قديم 2011-02-22, 12:49   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية ¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
 

 

 
الأوسمة
المركز الثاني في  مسابقة التميز في رمضان 
إحصائية العضو










Icon24





بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله..
اللهم افتح علينا حكمتك و انشر علينا رحمتك يا ذا الجلال و الإكرام..
و صل اللهم و سلم على حبيبنا و نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.



و آن الأوان نبدأ رحلتنا مع “أعز الناس”..
ياترى البداية تكون من أين؟.. هل نبدا من مولد النبي”ص”؟.. أو من بداية البعثة؟.. أومن قصة سيدنا إبراهيم مع هاجر و إسماعيل..
البدايات كتيرة.. ولكن أريد أن أبدأمن قبل ذلك بكتير..
من بداية البدايات..
البداية الحقيقية لم تكن على الأرض..
تبدأ رحلتنا بحوار عجيب.. في مكان أعجب..

((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَة))[البقرة : 30]

بس.. كده خلصت حكايتنا النهاردة...
حكاية قصيرة و بسيطة.. بس فيها أهم معنى ممكن نتعلمه في حياتنا..





سألت سؤال قبل كده و قلت “هل أنت سعيد؟”.. و ناس كتير جدا جاوبت على السؤال.. مابين سعيد و راضي و تعيس.. و فيه اللي مش فاهم اصلا يعني ايه سعادة..
انما الشئ اللي كان واضح بالنسبة لي سواء في الردود أو في الناس اللي باشوفهم حولى.. ان سبب تعاسة أي إنسان.. هو انه مش عارف اتخلق ليه.. أو مش فاهم معنى وجوده في الحياة و مش عايش ضمن المعنى ده.. فأصبحت حياته مالهاش أي معنى ولا قيمة.. و بالتالي .. فقد السعادة.. لأنه لما بيخلى بنفسه و يسأل نفسه “أنا عايش ليه؟”..لايجد إجابة ..
في حياتنا في عالم المادة.. ماهى قيمة قلم لايكتب؟... أو عربية من غير عجل؟.. أو تلفزيون من غير شاشة؟..
الحاجة في عالمنا لا قيمة لها.. إلا لما تكون بتؤدي الغرض اللي اتعملت عشانه أساسا..
فما بالك بالإنسان..





خُلق الإنسان لهدف.. و كُلِّف بمهمة في هذه الحياة القصيرة..
حياة الإنسان أطوار.. فيه حياة قصيرة.. و حياة طويلة..
الحياة الطويلة للإنسان.. بدايتها من ساعة ما نفخ الله سبحانه و تعالى الروح في جسد آدم.. و أودع ذريته في ظهره بعد أن أشهدهم على نفسهم “الست بربكم”؟.. فشهدوا على ذلك و قالوا “بلى شهدنا”..
فترة لا يذكرها أحد منا ولا يعيها.. تماما زي الواحد منا مايذكرش أي شئ عن حياته لما كان مجرد جنين في بطن أمه..
بدات حياتنا من اللحظة دي.. من ساعة نفخ الروح في سيدنا آدم.. و فضلنا تنتقل على مدار الزمن من أصلاب الآباء إلى أرحام الأمهات.. لغاية ما يأذن الله سبحانه و تعالى ببدأ الحياة الثانية بولادة الواحد منا.. و انتهاءها بوفاته.. فتبدأ الحياة الثالثة عند وفاته و هي حياة البرزخ و تنتهي بقيام الساعة..
حياتنا طويلة جدا.. و اقصر مرحلة فيها هي اللي بنعيشها على الأرض.. من الولادة إلى الوفاة
المرحلة اللي احنا عايشينها دلوقت.. اقصر مرحلة.. لكنها أخطر مرحلة..
لأن المرحلة اللي قبلها كانت مرحلة استعداد و تهيؤ.. و المرحلة اللي بعدها ثمرة لها..
حالك في هذه الحياة القصيرة.. يترتب عليها حالك في بقية حياتك من حيث السعادة أو الشقاء..
عشان كده لازم نفهم كويس جدا ازاي نعيش الفترة دي صح..
و مش هانقدر نعيشها صح إلا إذا عرفنا الدور المطلوب منا أداءه..
زي ماقلنا.. الله سبحانه و تعالى خلقنا لهدف.. و كلفنا بمهمة..
الهدف اللي اتخلقنا عشانه هو العبادة.. و المهمة و الوظيفة اللي كُلفنا بيها هي “الخلافة”.. “إني جاعل في الأرض خليفة”..
العبادة و الخلافة.. أهم حاجتين لازم نفهمهم لأن دول الأصلين اللي بنتعامل بيهم مع الله سبحانه و تعالى و مع الكون من حوالينا..
العبادة هي كل مابيننا و بين الله.. و الخلافة.. هل كل مابيننا و بين ماخلق الله..
عدم وجود الفهم ده بين المسلمين حاليا هو أحد اقوى اسباب التدهور اللي احنا عايشين فيه حاليا..
الناس تخيلوا ان العبادة هي مجرد إقامة الشعائر. من صلاة و صوم و حج و غيره..
و ان الخلافة هي الحكم و إدارة الناس..
و مش عارفين ان كل مسلم في كل لحظة من حياته مطلوب منه يكون عابد.. و خليفة في نفس الوقت..
الله سبحانه و تعالى لم يخلقنا إلا للعبادة.. مالناش مقصد ولا غاية في الوجود إلا العبادة..
فهل معقول ان الهدف اللي ربنا خلقنا من أجله.. ينحصر في ساعة واحدة في اليوم و الليلة؟.. لو جمعنا الصلوات كلها على مدار اليوم مش هاتزيد عن ساعة..
معقولة؟.. ساعة من 24 ساعة؟
و شهر واحد في السنة؟.. رمضان؟.. و ربع العشر من المال للزكاة؟..
و الباقي من أعمارنا و أموالنا مالناش فيه اي ارتباط بالله سبحانه و تعالى ولا بالهدف اللي خلقنا عشانه؟
يخلقنا عشان عبادته.. و يخلي 23 ساعة في اليوم مالهمش أي علاقة بيه؟
عمركم شفتوا شركة بتوظف موظف و تديله مرتب كامل و هو بيشتغل 10 دقايق بس في اليوم؟؟.. في القطاع العام صحيح هو ده الاصل.. لكن انا باتكلم في عالم العقلاء.. الناس اللي تعبانين في فلوسهم.. هاتلاقي حد يدفع مرتب لموظف بيشتغل 10 دقايق من أصل 8 ساعات المفروض يشتغلهم؟؟
و المضحك.. ان الموظف ممكن يكون في العشر دقايق دول بيعمل شغل تاني غير الشغل المطلوب منه اساسا..
زي واحد ييجي وقت الصلاة.. تقول له يلا نروح المسجد نصلي.. يقولك أنا باشتغل.. و العمل عبادة..
صحيح العمل عبادة.. لكن العبادات لها ترتيب من حيث الأولويات.. ماهياش مفتوحة كده تعبد ربنا على مزاجك..
لو العمل عبادة بمفهومك ده.. كان يبقى أعبد الناس النهاردة هم الكفار.. لأنهم أكثر ناس بيشتغلوا في زماننا ده!












رد مع اقتباس
قديم 2011-02-22, 12:55   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية ¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
 

 

 
الأوسمة
المركز الثاني في  مسابقة التميز في رمضان 
إحصائية العضو










Icon24

الناس 3 أنواع..
فيه إنسان بيعيش لنفسه.. و إنسان بيعيش للناس.. و إنسان بيعيش لله..
إنسان بيعيش لنفسه.. فكره و جهده ووقته و حاله و همه و كل حاجة في اتجاه واحد.. و هو هوى نفسه.. مطالب نفسه.. أطماعه.. شهواته.. رغباته.. كل ماتميل نفسه لشئ.. يسخر له كل ما أعطاه الله له.. و ربنا أعطانا الكثير و الكثير.. كل مافي الوجود عطاء من الله سبحانه و تعالى لك.. كل ما في الكون مسخر لك.. العقل اللي بتفهم بيه الكلام ده دلوقت عطاء من الله.. غيرك بيسمع ولا يفهم..
فعندما تحول العطاءات اللتى أنعم الله عليك بها لأدوات لخدمة أهواءك.. تصبح عبد لنفسك..
بالضبط زي شركة عينت موظف.. ووفرت له بعض الخدمات عشان تعينه على أداء وظيفته.. وفرت سيارة مثلا.. فقام ترك شغله و شغل العربية تاكسي اجرة!
انا الحقيقة مش لاقي صورة اكثر تعبيرا عن الفكرة دي من شخصية كانت في فيلم “lord of the rings” للي شافه.. شخصية gollum .. اللي أعجب بالخاتم فسرقه.. لكنه مع الوقت استحوذ عليه الخاتم و اصبح عبد له..

و فيه إنسان بيعيش للناس.. فكره و همه و عقله محصور في شكله ايه قدام الناس.. ازاي يعلى في عيون الناس.. ازاي يحظى باحترام الناس و تقديرهم.. تلاقيه يلتزم بمواعيده.. تلاقي رحمة.. حقوق إنسان.. كرم.. صدق.. بس ليه؟.. لأنه جرب ان اللي يعمل كده.. الناس يحبوه.. فبقى اتجاهه كله ناحية الناس.. لو الناس بطلوا يحبوا اللي بيعمل الحاجات دي.. هايبطلها و يشوف ايه اللي الناس بيحبوه.. و يعمله.. أصبح عبد للناس..
و النتيجة في الحالتين.. سواء كان الإنسان عبد لنفسه أو عبد للناس.. النتيجة واحدة.. غفلة عن الله.. جرأة على الله... و النتيجة النهائية هي تعاسة في الحياة.. إن فرح ساعة.. حزن سنة.. أن ارتاح ليلة تعب سنوات..
اللي عاش عبد لنفسه أو للناس.. اختار طريق البؤس.. مهما كان ظاهر للناس غير كده..
اللي يشوف الإحصائيات العالمية.. مين أكتر ناس بتنتحر في العالم؟.. الأغنياء والا الفقراء؟.. اصحاب الشهرة أم المجهولين؟..
مين أكتر ناس بتهمل و تضر صحتها؟.. المترفين اللي عندهم كل الملذات؟.. والا المحرومين؟..
عجيب.. المال و الشهرة و الملذات عندهم.. طيب ليه ينتحر أو يهمل صحته و يؤذي نفسه؟..
السبب ببساطة هو انه مش سعيد..
اتفرج على المشاهير في عالمنا العربي.. حتى اللي عاش منهم يسعد و يضحك الناس.. مات في النهاية تعيس.. وحيد..
السعادة في الحياة لها طريق واحد.. أن تعيش لله.. و أن تستخدم النعم التي آتاك الله إياها في سبيله..
تأمل في حالك.. و تأمل في النعم اللي ربنا اداهالك..
اداك شكل حسن.. اداك صوت حلو... اداك قدرة على التعبير.. بالكتابة.. أو بالرسم أو غيره.. أداك مال.. اداك سلطة.. الخ..
و اسأل نفسك.. ياترى ليه اداك انت تحديدا النعمة دي؟.. عشان سواد عيونك؟.. والا عشان تستخدمها في الهدف اللي خلقك عشانه؟..
لو تعرف الكنز اللي بين ايديك و مضيعه.. تبكي بدل الدموع دم..
يوم القيامة.. يوم يقف الناس بين يدي الله.. و يأتي ابن عباس بعلمه.. و يأتي خالد بن الوليد بجهاده.. و ياتي ابو بكر الصديق بإنفاقه.. و غيرهم.. يأتي كل منهم بعبادة خاصة.. تميز بها.. ماهو الكل صلى و صام و زكى و حج.. لكن فوق كل ده.. أحسنوا فقدموا المزيد..
انت هاتيجي يومها بإيه..
النعمة اللي ربنا أنعم عليك بيها.. اداهالك عشان تبقى دي عبادتك الخاصة.. اللي تيجي بيها يوم القيامة و تقف جنب الصحابة و تقول يا رب.. عملت كذا..
يا رب.. اديتني شكل حلو.. فاستخدمته في اني احبب الناس فيك لأنهم كانوا بيرتاحوا لي لما يشوفوني..
يارب.. اديتني القدرة على الكتابة و التعبير أو الخطابة.. فاستخدمتها عشان اعرف الناس عليك..
يا رب.. اديتني صوت حلو.. فاستخدمته في اني اسمع الناس كلامك بيه..
يا رب.. رزقتني بالأولاد.. فربيتهم احسن تربية ترضيك و طلعت رجال و نساء بيعمروا في الأرض و قلوبهم متعلقة بيك..
فكر تاني.. و عد النعم اللي عندك و مش عند غيرك.. و اسأل نفسك.. ليه ربنا اداهالي أنا دونا عن غيري؟..
و اسال نفسك.. ياترى انا عبدت ربنا بالنعم دي.. والا تحولت إلى عبد و خادم ليها؟..
ربنا كرمك و اداك القدرة على الاختيار و صنع القرار دونا عن باقي المخلوقات.. فعشت ليهو اخترت اللي يرضيه؟.. والا عشت عبد لنفسك و لكل ما حولك فأهنت نفسك؟
ليه التاجر عنده استعداد يشتغل 24 ساعة في اليوم.. في حين الموظف أول ماتيجي لحظة انتهاء ساعات العمل.. بيمشي.. و لو جاله حد محتاج شغل بيقول له بكرة؟
سبحان الله.. بعض الناس كلما أعطاهم الله و مكنهم من أسباب الحياة.. تحولوا إلى أسرى لهذه الأسباب..
الأصل ان الأسباب في الحياة مسخرة للإنسان.. فازاي الإنسان يتحول لخادم للشئ اللي ربنا سخرهوله؟
لما مايبقاش عايش لله..
تفتكر اللي عاش خادم لكل شئ حواليه في الدنيا من دون الله.. سعيد؟



طيب ..كيف نعيش معاني العبودية لله و الخلافة في كل لحظة؟
تعرف تعيش كل لحظة في حياتك لله مش لنفسك؟.. صعب؟.. ما صعب شئ استعنت فيه بالله..
الأصل ان كل حاجة بتعملها في حياتك .. الأصل انها عبادة.. البيع.. الشراء.. الدراسة.. الهدوم اللي بتلبسها.. الأكل.. النوم.. المشي.. ركوب السيارة.. الكلمة اللي بتنطقها..
كل حاجة بتعملها على مدار يومك.. ازاي تبقى عبادة؟..
ناقصنا حاجتين بس.. لو حققناهم.. والله حياتنا كلها تتعدل موازينها.. مش في العلاقة بينك و بينك ربك بس.. لكن حتى في نجاحك على مستوى حياتك المادية و علاقاتك بالناس..
الحاجتين دول هما “النية”.. و الكيفية”..
النية.. الهدف.. من جواك انت بتعمل العمل ده ليه؟.. ايه هدفك؟.. احرص ان الهدف دايما يرضي ربنا..
و دي نقطة لوحدها ممكن تظبطلك حاجات كتير في حياتك.. لأن مصيبتنا ان أغلبنا عايش بالطيار الآلي.. عايش و خلاص.. مابيعملش حاجة خالص و هو عارف لنفسه هدف بيعملها علشانه..
محتاجين نعود نفسنا على حاجة جديدة.. قبل مانعمل حاجة.. نسأل نفسنا احنا بنعملها ليه؟.. و نحط هدف أو نية ترضي الله..
ازاي؟..
ازاي و انا بالبس هدومي مثلا اخلي دي عبادة.. اسأل نفسي و اظبط نيتي.. انا بالبس الهدوم دي ليه؟..
عشان ابقى على الموضة؟.. والا عشان اتمنظر على الناس بالماركات اللي لابسها؟.. والا عشان الناس يعرفوا اني لابس أندر وير ماركة عمر افندي؟.. والا عشان البنات يتجننوا عليا.. أو الشباب يتهبلوا عليا..
فين النية اللي ترضي ربنا هنا؟..
نويت اني أطيع ربنا لما امرني بستر العورة.. بس؟
ماهو ممكن كذا نية صالحة..
و كمان نويت اني أحبب الناس في الالتزام بان لبسي يكون نظيف و مهندم و عليه القيمة.. مش لازم يكون غالي.. بس نظيف و مرتب و متناسق.. نويت اني مابالغش في التأنق حتى لا أجرح من هو اقل مني مالا أو منزلة.. نيات كتيرة.. بس انت فكر..
و لو أخت.. تراعي قبل كل شئ ان حجابها يكون مطابق لشروط الحجاب..

طيب باكل ليه؟.. عشان الطبق قدامي لسة ماخلصش؟.. والا عشان دافع فلوس فلازم اخلص كل اللي قدامي؟.ز والا عشان الكل طعمه حلو بالرغم من ان معدتي قربت تنفجر؟
باكل.. بنية التقوي على طاعة الله.. و على قدر حاجتي.. و بافكر.. ياترى جاري أكل والا ماأكلش؟.. و باتأمل و باستشعل نعمة ربنا عليا انه رزقني.. و حرم غيري.. و ارجع اتأمل و اسأل نفسي تاني.. طب ياترى ليه أنعم عليا و حرم غيري؟.. ايه التمن؟.. ازاي أشكر النعمة دي؟..
عاوز اجيب عربية.. ليه؟.. عشان اتمنظر بيها على الناس؟ .. عشان يبقى عندي حرية أكبر في المعصية؟
والا عشان استعين بيها على أداء الطاعات؟... باحب اصلي في مسجد أو احضر درس فيه بس بعيد.. فهاجيب سيارة عشان تسهل لي اني اروحه... أو عشان تسهل لي اني اروح شغلي عشان اقدر اتكفل بمسئولية إعالة أسرتي.. أو عشان أقدر اكون في حاجة مسلم اساعده باني اوصله مشوار طبعا في ثواب الله كما علمنا النبي
:" من كان فى حاجة اخيه كان الله فى حاجته"
عاوز ادخل كلية طب.. ليه؟.. عشان الناس يقولوا الدكتور راح الدكتور جه؟.. عشان الفلوس؟.. عشان ابقى دكتور “قاااااد جناح البعوضة”؟.. ماهي الدنيا ماتسواش حتى جناح بعوضة..
والا عشان ربنا يشفي الناس على ايدي؟.. أو عشان المسلمين يبقى فيهم أطباء مسلمين يغنوهم عن الحاجة لغير المسلمين؟.. فكر.. و دور على نية.. بس كون صادق فيها..
يبقى أول حاجة.. ظبط النية...
تاني حاجة.. الكيفية.. الطريقة.. أنا أخذت نية صالحة لعمل ما.. مش كفاية.. لازم كمان الكيفية ترضي الله سبحانه و تعالى..
و سبحان الله من أجمل ما في الإسلام.. وضوح المنهج.. عندك منهج واضح لكل شئ.. النبي ماسابش حاجة إلا و علمهالنا.. عشان كده كلما صلحت نيتك.. كلما كانت الكيفية اقرب لمتابعة سنة الحبيب ..
و هنا سبحان الله.. تبدأ تفهم قيمة و معنى السنة و الآداب النبوية..
النبي ماترك شيئا صغيرا ولا كبيرا حتى علمنا إياه... تعرفوا حد في تاريخ الأمم اهتم بانه يعلم أتباعه اتيكيت الأكل .. و الشرب.. بل حتى دخول الخلاء؟
للأسف فيه ناس مش قادري يفهموا ده.. و بينظروا للموضوع على انه تقييد و تخلف و رجعية.. و يقولك و يعني تفرق ايه الواحد يدخل الحمام برجله اليمين والا الشمال!! و نفس الشخص ده لو حد راح معاه المطعم و مسك الشوكة باليمين بدل الشمال يبقى يومه مش فايت!.. لأنه خالف “قواعد الإتيكيت”...
سبحان الله.. مع ان الإسلام هو من علم الناس قواعد لكل شئ في الحياة..
القضية مش قضية تقييد.. ولا طقوس فارغة مالهاش معنى.. القضية ان المسلم الأصل فيه انه إنسان منضبط.. عنده منهج لكل شئ.. مش ماشي في الحياة بيتخبط بشكل عشوائي.. و قلبه متعلق في كل لحظة بالله.. و عشان يفضل قلبه متعلق بالله.. ماشي ورا النبي”صلى الله عليه وسلم” خطوة بخطوة.. في كل شئ.. كل شئ..
و ده في حد ذاته من عجائب الإسلام.. انه طريق له بداية.. بس مالهوش نهاية.. نهايته مطرح ما قلبك يقدر يوصلك..
ربنا خلق الإنسان عقله مايعرفش حدود.. كل مايحط قدامه هدف و يوصل له دايما عاوز أكتر.. فبيبدا يدور على هدف أعلى..
و الإسلام كده.. مافيهوش مرحلة تقول انا كده خلاص وصلت و كفاية قوي.. لو قلتها تبقى ماوصلتش لحاجة.. ده انت في النازل..
من عجائب الإسلام.. انه الطريق فيه يسع طموح الإنسان.. طريق طويلأ.. تقدر تفضل ترتقي فيه طول عمرك...
و مش هاتلاقي أرقى ابدا من منهج النبي”ص”.. عشان كده مافيش غير طريقه.. مافيش غير “كيفيته”..
اللي مش مستوعب مثلا قضية دخول الخلاء بالقم اليسرى و الخروج باليمنى.. القضية مش قضية يمين و شمال.. ولا قضية رجل قدام و رجل ورا..
القضية قضية منهج.. قضية إعانة المسلم انه يكون في كل لحظة مرتبط بقائد واحد.. فتخيل إنسان مرتبط بالنبي في أبسط الأفعال التي يمارسها يوميا.. تفتكر حال قلبه يكون ايه؟.. و تفتكر حاله في العمال الكبر يكون ايه؟

يبقى نرجع من الأول.. النية..
شرب الماء.. ازاي احوله لعبادة؟.. أنوي نية صالحة.. ازاي؟..
اللي بيلعب كمال أجسام.. تلاقيه بياخد باله من اكله جدا.. و حريص على نوعية الكل و بياكل قد ايه بروتين بالظبط.. ليه؟.؟.. عشان جعان؟.. لأن.. بيوصل لمرحلة انه بينسى الجوع.. وقضيته انه بياكل عشان يبني عضلات.. عنده هدف من اكله و شربه..
الأم الحامل.. لما بتاخد الفيتامينات اللي الدكتور كاتبهالها.. بتاخدها ليه؟.. عارفة كويس ان الجنين محتاج الفيتامينات و الكالسيوم ده عشان تكوين جسمه.. فيه هدف واضح.. عارفين بيعملوا العمل ليه..
كذلك.. و انت بتشرب.. تعرف تبقى من جواك عارف انت بتشرب ليه؟.. عطشان.. طيب مافيش مشاكل.. و ايه كمان؟... باشرب عشان احافظ على جسمي لأن دي أمانة ربنا أئتمني عليها.. باشرب عشان اتقوى على طاعة الله.. بالوقوف في العبادة أو بالعمل لأحصل قوتي و قوت بيتي اللي ربنا أئتمني عليه.. كل دي نوايا طيبة..
نأتى بعد ذلك للكيفية.. النبي”ص” كان بيشرب ازاي؟؟
يسمي الله.. و يشرب باليمين.. على 3 رشفات.. ولا يتنفس في الإناء.. يمصه مصا ولا يعبه عبا.. يعني لا بيقربع ولا بيشفط بصوت..
و بعدها.. تحمد لله الذي سقانا هذا الماء عذبا فراتا برحمته.. و لم يسقنا ماءا ملحا أجاجا بذنوبنا.. و تستشعر هذا المعنى..
يوم ماتعمل كده.. بقى شربك للماء عبادة.. طب و الخلافة؟.ز قلنا الخلافة هي العلاقة بينك و بين كل ما خلق الله من حولك.. استشعار المسئولية.. في حالة الشرب مثلا.. الخلافة هي عدم إهدار الماء.. عدم تلويثه..الحفاظ عليه..
عاوز تغتسل.. تاخد دش.. المسلم و الكافر الاتنين بيستحموا!.. فطرة في الإنسان السوي..
لكن الفرق بين المؤمن و بين من لم يتصل بالله.. الغير مستشعر العبادة ولا الخلافة.. ان المؤمن عنده منهج زي ماقلنا..
ينوي نية صالحة.. يوم الجمعة مصلا.. غسل الجمعة.. سنة عن النبي”ص”.. نويت تغتسل بنية التوبة في كل غسل.. آدي النية..
طب و الكيفية؟.. اتعلم آداب النبي”صلى الله عليه وسلم” في الاغتسال.. و اطبقها..
الفرق بينك و بين اغتسال غيرك.. ان غسله تنظيف للجسد.. و هو شئ مؤقت.. حافظ على نظافته سنة.. و اتنين.. و تلاتين.. و ستين.. آخر مرة غسلوه و دفنوه.. خلاص.. انتهت نظافة الجسد.. و تحللت الجثة..
أما بالنسبة لك.. مش مجرد نظافة.. بل طهارة قلب أيضا.. أخذت الفطرة اللي ربنا فطرها فيا و هي حب النظافة ووجهتها تجاه صلتي بالله سبحانه و تعالى.. و أخذت بآداب النبي”ص”.ز و من آدابه عدم الإسراف في الماء ولو كنت على نهر جارٍ.. خلافة.. شعور بالمسئولية..
بعض الناس تمكن هذا المعنى في قلوبهم.. العبادة و الخلافة.. إلى الحد اللي اصبح فيه كل شئ و كل فعل في حياتهم
له ارتباط بالمعنى ده..
يا ترى صعب؟
مافيش حاجة في الحياة سهلة... نصيحة.. الغي من قاموسك كلمتين..”سهل”.. و “صعب”.. و حط بدالهم “ممكن” و “مستحيل”..
قد يكون صعب.. بس ده معناه انه ممكن مش مستحيل..
و كلما استعنت بالله أعانك ..
كل ما تعيش و الفكرة دي مالكة عليك قلبك.. فكرة انك تكون عبد لله في كل لحظة.. عاوز تحول كل شئ في حياتك إلى عبادة.. و تحول كل معاملاتك مع الخلق و مع الناس إلى مسئولية خلافة.. كل ما أعانك الله سبحانه و تعالى أكثر على تحقيق الهدف ده.. و كل ما حققته أكتر.. كل ماحسيت ان حياتك ليها قيمة و معنى.. و بالتالي.. كل ماحققت السعادة في حياتك..



سؤال مهم بيطرح نفسه بقوة..
ليه بنشوف ناس كتير يبدو عليهم سمت الالتزام.. من حجاب او نقاب أو لحية أو أو.. و من مواظبة على الصلوات في المسجد و حضور دروس العلم.. لكن بالرغم من كده نلاقي عندهم مشاكل كتير على مستوى علاقاتهم بالناس بل حتى في داخل بيوتهم؟.. مشاكل في العمل.. مشاكل في البيت.. غلظة في التعامل مع الناس و عدم القدرة على قبول الآخر؟..
باختصار... السؤال اللي بيدور في عقولنا كلنا لما بنشوف الحالات دي.. هو .. ليه العمال الصالحة مش دايما بنشوفلها اثر على سلوك الإنسان؟
تلاقي واحد بقاله 20 سنة بيصلي.. و أخلاقه زي ماهي!.. الأصل ان صلاة الجماعة سبب لتنوير القلب..
الأصل ان حضور مجالس العلم أو الخلوة مع الله في الذكر من اسباب جمع القلب على الترقي في الصلة بالله.. و بالتالي رقي في الشخصية و الأخلاق و أسلوب التعامل مع الخلق..
أين المشكلة؟؟
المشكلة هي اننا عايشين أزمة كبيرة جدا.. أو مش أزمة.. نقدر نقول مشاركين في "جريمة قتل"..
شاركنا فيها باننا فصلنا الحياة عن العبادة..
فقتلنا العبادة.. بقت العبادات ميتة.. شكليات لا قيمة لها ولا اثر..
فصل العبادة عن الحياة.. جريمة قتل... بقت العبادة ميتة..
و فصل العبادة عن الحياة.. بيحول الحياة إلى تمرد و جحود لله عز و جل..
اننا نقول سنعيش ناس محترمين و على خلق و كل حاجة و هانشتغل و نتعب و ننجح في حياتنا.. بس بدون عبادة.. بدون مايكون لنا اتصال بالله.. هانكون كويسين لذاتنا و مش عاوزين منه حاجة..
هذا جحود..
عشان كده محتاجين نتعلم.. ازاي تبقى عباداتنا حياة... و ازاي تبقى حياتنا عبادة..
كيف نحيا الخلافة.. فتكون الحياة خادمة لنا.. ولا نكون نحن خدما و عبيدا لها..


خلاصة كلامنا ..
ربنا سبحانه و تعالى خلقنا لهدف.. و كلفنا بمهمة.. و أعطى لكل واحد مننا الأدوات اللي تساعده على القيام بالمهمة دي..
خلقنا للعبادة.. و كلفنا بالخلافة..
و لن تسعد في حياتك إلا إذا كان لها قيمة.. و لن يكون لحياتك قيمة إلا إذا قمت بالهدف الذي خلقت من اجله..
و حذار أن تطمع فيما آتاك الله من نعم تستعين بها على أداء المهمة التي خلقك من أجلها.. فتتحول إلى عبد و خادم لها ..
بل تأمل في هذه النعم.. و اسال نفسك.. لم أنعم الله عليك تحديدا بهذه النعم دونا عن غيرك.. ثم اسأل نفسك كيف تؤدي شكر هذه النعم بأن تستخدمها لأداء المهمة التي خلقك الله من أجلها..

جزاكم الله خيرا.. و حتى نلتقي.. لا تنسونا من دعوة صالحة بظهر الغيب..
و الحمد لله رب العالمين.














رد مع اقتباس
قديم 2011-02-22, 12:59   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية ¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
 

 

 
الأوسمة
المركز الثاني في  مسابقة التميز في رمضان 
إحصائية العضو










Icon24



بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
اللهم افتح علينا حكمتك.. و انشر علينا رحمتك يا ذا الجلال و الإكرام..

و مازلنا في رحلتنا مع أعز الناس.. و قلنا هانبدأ من البداية.. من الملأ الأعلى.. و الحوار الذي دار بين الله سبحانه و تعالى و الملائكة.. عن الخليفة و العابد المنتظر..
عن آدم..
خلق الله آدم.. و آتاه العلم.. و أسجد له الملائكة.. و طرد إبليس من جواره لاستكباره و رفضه السجود لآدم..
و سكن آدم الجنة.. و خلق الله حواء لتكون له سكنا و أُنسا..
و بعد كل هذا التكريم.. لم يُطلب منه سوى شئ واحد.. أن لا يأكل من شجرة معينة.. له كل ما في الجنة.. إلا هذه الشجرة..
ولكن.. نسي آدم.. و أغواه الشيطان.. فأكل من الشجرة..




تعالوا هنا نقف وقفة لأن اللقطة دي مهمة جدا في تاريخ البشرية.. أول معصية بشرية في التاريخ.. و أول و أهم درس كان لازم سيدنا آدم يتعلمه بشكل عملي.. لأن الإنسان ربنا خلقه مايقدرش يفهم شعور ماعاشهوش قبل كده..
تخيل معايا.. و عاوزك تعيش نفس التجربة.. و نفس اللحظة..
تخيل نفسك هناك.. وقتها.. لحظة ماوقفنا اللقطة.. و شايف سيدنا آدم قدامك.. و التفاحة في ايده..
تخيل انك بتخطي و بتقف مطرح ماهو واقف بالظبط.. القدم على القدم.. و تخيل ان روحك اختلطت بروحه.. و بلحمه.. و دمه..
ان عقله.. بقى هو عقلك..
ان قلبه.. بقى هو قلبك..
و التفاحة في ايدك.. و بتقطم منها قطمة..
حاسس بطعمها في بقك.. حلو.. بس مش زي ما كان إبليس مصورلك..
حاسس بيها و هي بتنزل في جوفك..
و شايف ابتسامة صفرا بتترسم على وش إبليس..
و نظرة هلع على وش حواء..
أصلكم فجأة.. بقيتوا عرايا.. زينة الجنة.. و ستر الجنة .. سقطوا من على أجسادكم..
و ساعتها حسيت بخطورة اللي انت عملته...
شريط بيمر قدام عينيك بمنتهى السرعة.. لحظة ما دبت فيك الروح.. و تكريم الله ليك.. شايف الملائكة كلهم بيسجدوا لله قدامك..
افتكرت تسخير الله للكون كله ليك.. افتكرت أول مرة رجلك خطت فيها الجنة.. و قد ايه انبهرت بجمالها.. و قد ايه استشعرت كرم ربنا بانه سكنك فيها..
افتكرت ساعة ما شفت حواء لأول مرة.. و عرفت ان ربنا خلقها سكن ليك..
ووقف الشريط فجأة.. لما افتكرت انك عصيت الأمر الوحيد اللي ربنا أمرك بيه.. بعد ما غرقك في إنعامه و تكريمه..
ساعتها.. حسيت قد ايه انت صغير وسط ملكوت الله..
سامع دقات قلبك؟..
حاسس؟.. شعور غريب.. ماحسيتش بيه قبل كده.. شعور صعب..
اسمه “الخوف من الله”..
عمرك خفت من ربنا قبل كده؟
يا عمي ما كلنا بنخاف من ربنا و الحمد لله..
طب فكر معايا .. امتى أكتر مرة خفت فيها في حياتك عموما؟.. افتكرت؟.. طب يا ترى.. الخوف ده كان من ايه؟..
عمرك خفت من الله بنفس القدر ده؟.. الخوف اللي يمنعك من معصيته؟
ماتتسرعش في الإجابة.. و فكر شوية..
للأسف.. الإنسان لايقدرأن يفهم شعور لم يعشه قبل كده.. مايقدرش يتخيل طعم حاجة لم يذقها قبل كده.. مهما توصف له..
عشان كده صعب جدا اني اتكلم عن “إحساس”.. زي “الخوف من الله”.. و صعب أضرب أمثلة من حياة السلف لأني ابقى عامل زي اللي جاب جهاز بيشتغل على 110 فولت و حطه في كهربا 220 فولت..
و يمكن ده السبب ان الشباب بينفروا من الحديث عن الموضوع ده.. و بيعتبروه تهويل.. أو تعقيد.. لأنهم مش قادرين يفهموه.. لأنهم للأسف.. لسة ماجربوش يخافوا قبل كده.. الغريزة دي لسة ما اشتغلتش عندهم..
أي شركة محترمة بتصنع أجهزة كهربائية.. لما بتصنع جهاز.. عشان تحميه من مشاكل التيار الكهربي.. بيعملوا فيه قطعة اسمها “فيوز”.. بحيث لو الكهرباء فيها مشكلة.. الفيوز ده هو اللي يتحرق.. مش الجهاز كله.. و لما يتغير الفيوز بواحد جديد.. يشتغل الجهاز تاني بدون مشاكل..
هذا في عالم البشر.. فما بالك بالله سبحانه و تعالى.. من أحسن كل شئ صنعه..
خلى للإنسان فيوز... حماية.. غريزة تحميه من انه يقع في الغلط.. غريزة.. تقيه غضب الله سبحانه و تعالى..
بس للأسف في عالمنا دلوقت.. الغريزة دي مابتشتغلش عند الإنسان الا متأخر قوي..
الشاب بيطلع.. بيلاقي أهله عاملين زي مصدات الأمواج.. صادين عنه كل المشاكل و المسئوليات و المخاطر.. و هو عايش الحياة بدون اي هموم ولا مسئوليات.. فبيفتكر ان دي سنة الحياة.. فتكبر عنده ذاته.. يشوف نفسه..
“إن الإنسان ليطغى.. أن رآه استغنى”..
هو مش حاسس انه محتاج لحد.. ولا حتى لله.. لأن أهله شايلين عنه كل الهموم.. حتى هم نفسه..
و الله سبحانه و تعالى يمهل.. و يمهل.. و يمد.. و يصبر..
سبحانه.. يمهل و كأنه يهمل.. و لكنه إذا أخذ.. أخذ أخذ عزيز مقتدر..
يفضل الإنسان عايش في الحياة غافل.. سهيان.. عايش بالطول و العرض.. و يمكن ربنا بيمهله عشان خاطر أهله..
لكن أول مايبدأ يخوض معترك الحياة.. و يعتمد على نفسه تماما.. بيبدا يشوف الدنيا على حقيقتها.. بيبدأ يحس قد ايه هو صغير.. قد ايه هو ضعيف..
كان متخيل انه مسيطر على كل شئ. بيده مقاليد الأمور..
اكتشف انه ولا حاجة..
عاوز يتجوز.. مش لاقي بنت الحلال.. الفلوس موجودة.. بس مش لاقي انسانة كويسة..
و بعد دوخة وتعب.. ربنا يكرمه.. فيلاقي.. و يتجوز.. و مايحصلش حمل.. يبقى هو سليم.. و هي سليمة.. و يلفوا على دكاترة الدنيا.. و يقولولهم نفس الكلمة.. انتو الاتنين سلام.. و مافيش حمل.. لأنه مش بايده.. الموضوع مش بسيط و تلقائي زي ما كنت بتشوف في كتب الأحياء.. فيه رب مسيطر.. بيده مقاليد الأمور..
ولو ربنا شاء و حصل حمل.. يكتشف.. ان مش كل حمل.. لازم ينتهي بولادة طفل..
ولو ربنا شاء.. و رزقه بالذرية.. يحس بضعفه تاني.. لأن فيه حتة منه بقى لها كيان مستقل.. ابن أو ابنة.. بيحبهم.. و خايف عليهم.. و في نفس الوقت مالوش أي سيطرة عليهم.. ولا يقدر يراقبهم 24 ساعة في اليوم عشان يتأكد انهم بخير..
و بتمشي الحياة بالمنوال ده.. وهن على وهن.. و خوف على خوف.. مع كل الناس..
إلا المصلين..
“إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلاَّ الْمُصَلِّينَ “
انت في الحياة دايما مابين اختيارين..
إما أن تخاف الله.. و إما أن تخاف من كل ما سواه..
من خاف الله.. خاف منه كل شئ.. و من لم يخف الله.. خاف و ارتعب من كل شئ..
توحيد الخوف.. انت هاتخاف هاتخاف.. السؤال هو .. تخاف من مين؟
من الله.. اللي بيده مقاليد الأمور؟..
والا من الفقر و المرض و الموت و الحكومة و السياسة و مديرك في الشغل و مراتك و حماتك .. الخ ..
تبقى مرعوب من كل شئ في الدنيا؟.. والا تخاف ممن إذا خفت منه.. فررت إليه..؟
الخوف اللذيذ..
تخيل معايا لو الطفل اللي عمره سنتين كان عنده القدرة على انه يتكلم و يعبر عن مشاعره و افكاره.. لو سألناه.. ايه أجمل لحظة في حياتك.. كان جاوب.. لحظة مابيخاف.. فبيلجا لحضن أمه..


تقول لي طب ازاي اخاف منه؟؟؟
اقولك.. اعرفه.. و اعرف نفسك..
اعرف نعمه عليك.. تأمل في عطاءه ليك.. و اسأل نفسك.. ياترى ليه انا من دون الناس أنعم عليا النعمة دي؟.. استحقها؟.
و اعرف تقصيرك تجاهه.. اوزن النعم.. تجاه تقصيرك..
فاكر يوم كذا.. لما عصيته.. و كان شايفك و مطلع عليك..و سترك.. مافضحكش بين الناس.. لعلك ترجع و تتوب..
ياترى هايفضل سابل ستره عليك لغاية امتى؟..
لو مش قادر تحس بقيمة النعم اللي عندك.. بص للي اتحرم منها.. و تخيل نفسك مكانه..
لو مش حاسس بقيمة الصحة.. جرب تزور أي عنبر في اقرب مستشفى..
بص لأي مريض .. و اسأل نفسك.. ليه انت مش مكانه دلوقت؟.. و ياترى هاتفضل بصحتك و مش راقد في المكان ده لغاية امتى؟.. و ياترى مين اللي بايده يخليك واقف على رجليك و بصحتك.. أو راقد على سرير في مستشفى..
لو مش حاسس بقيمة نعمة الستر أو الغنى.. بص للي أفقر منك.. و تخيل نفسه مكانك..
بص للي مش لاقي بيت يستره هو و أولاده.. و اسأل نفسك.. ليه انت مش مكانه؟
بص للأرملة اللي بتجري على أيتام.. و اسأل نفسك.. ليه زوجتك و أولادك مش مكانهم؟.. و ياترى.. لحد امتى هاتفضلوا مش مكانهم؟..
بص للي ربنا أنعم عليه بالمال و الستر.. و في لحظة زي ما أنعم و أعطى.. أخذ.. و اسأل نفسك.. هو المال اللي بين ايديك ده مالك؟.. ملكك فعلا؟
لو مش حاسس بقيمة نعمة الفهم.. بص لأي مجنون ماشي في الشارع.. و تخيل لو كنت انت هو..
و اسأل نفسك.. ليه انت مش هو؟..
لو مش حاسس بقيمة نعمة الأولاد.. بص للي اتحرم منها.. أو للي ربنا ابتلاه بإبن معوق أو مريض..
تخيل لو ابتليت بابن بتربيه.. و انت عارف انه هايموت في أي لحظة.. بتجهزه للموت.. و شايفه قدامك لحظة بلحظة..
لو مش حاسس بنعمة الهداية.. بص للي ربنا اداه عقل.. فعبد عقله بدل مايعبد الله.. فضَلّ.. و تاه.. و مابقاش قادر يشوف أبسط الحقايق و هي قدام عينيه..
لو مش حاسس بقيمة نعمة الشباب.. بص لحد كبير في السن.. و تخيله لما كان قدك كان عامل ازاي.. و دلوقت بقى ازاي.. و ازاي السنين بتجري بسرعة.. و ياترى انت لو لك عمر و بقيت قده.. هايبقى ايه حالك؟
هاه..
تحب تجيله بإرادتك.. والا تستناه لما يكسرك و يجيبك غصب عنك؟
اصلك هاتيجي هاتيجي..
يا تجيله على ملا وشك.. يا هايجيبك على ملا وشك..
اختار.. الاختيار بايدك..


و نرجع تاني لسيدنا آدم..
وقفنا عند لحظة المعصية الأولى..
عند ابتسامة النصر اللي اترسمت على وش ابليس.. و نظرة الهلع على وش أمنا حواء.. و هي شايفة زينة الجنة بتتساقط من على أجسادهم..
ساعتها شعر آدم بمرارة المعصية.. فقال لحواء باكيا :”استعدي للخروج من جوار الله.. هذا أول شؤم المعصية”.. كما جاء في الأثر..
و جعل آدم يجري في الجنة باحثا عن مأوى.. فاشتبكت به أغصان الشجر.. فظن أن عوجل بالعقوبة من الله.. فخر الى الأرض منكساً رأسه قائلا.. عفوك يا رب.. عفوك يا رب..
فناداه الله سبحانه و تعالى.. : “أفرارا مني يا آدم؟”..
فقال آدم: “بل حياءاً منك يا رب”..
فأوحى الله إلى الملائكة أن أخرجوا آدم و حواء من جواري فإنهما قد عصياني..
و أُخرج آدم و حواء من جوار الرحمن..
تخيل معايا اللحظة دي .. و عيشها..
ياترى سيدنا آدم ندمه و حزنه كان قد ايه؟..
ياترى بكى؟..
يا ترى خاف.. لما لقى نفسه في عالم جديد لوحده؟.. بعدما كان في جوار الرحمن؟..
تخيل احساسه كده.. و كم الألم و الندم و الحزن والخوف جواه.. مع الإحساس بالعجز التام.. مش عارف يعمل ايه..
اصل ماكانش لسة فيه حاجة اسمها توبة أو مغفرة..
سيدنا آدم ماغلطش قبل كده.. و ماكانش عارف يتصرف ازاي..
ياترى هل الغلط ممكن يتصلح؟..
عمرك في يوم حسيت بالانكسار بين يدي الله.. و لقيت لسانك مش قادر ينطق؟.. لأنك مش عارف ايه اللي ممكن يتقال في موقف زي ده؟..
ظل آدم باكيا.. نادما.. حتى أتاه الفرج من الله سبحانه و تعالى..
(فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم)
يناديه.. يا آدم.. اني رحمت ضعفك وأقلت عثرتك وقبلت توبتك وسمعت ضراعتك وغفرت ذنبك فقل( لا اله الا أنت سبحانك اللهم وبحمدك ظلمت نفسي وعمِلت السوء فتب علي انك أنت التواب الرحيم)

أنا ليه بدأت من هنا؟.. من قصة كلنا عارفينها ..
يمكن هو ده السبب.. ان كلنا عارفينها.. لكن مش فاهمينها كما يجب..
معنى مهم جدا كان لازم اطرحه من البداية.. أو هو مش معنى بالظبط.. لكن نقدر نقول.. "حالة”..
حالة قلب.. بقت نادرة قوي في زماننا ده.. الحالة اللي من غيرها.. كل كلامنا و موضوع السيرة كله يتحول الى مجرد فذلكة و ثقافة عامة مالهاش اي معنى أو فائدة أو قيمة حقيقية في حياتنا..
حالة القلب.. اللي كان لازم سيدنا آدم.. أول البشر.. يتعلمها .. و بشكل عملي يرج كيانه كله.. عشان مايتنسيش.. و عشان ذريته كلها ماتنساش..
يمكن اتكلمت في البداية عن الخوف من الله.. و لكن الموضوع أكبرو أعقد من كده.. زي ماقلت هي “حالة”.. كم رهيب من المشاعر .. مش مجرد خوف بس.. بل خوف.. مع تواضع.. مع انكسار.. مع ذل لله سبحانه و تعالى..
الحالة اللي من غيرها تبقى عباداتنا مالهاش أي معنى..
فاكرين.. قلت في الأول “إن الإنسان خلق هلوعا.. إذا مسه الشر جزوعا.. و إذا مسه الخير منوعا.. إلا المصلين”..
مشاعر الخوف و الانكسار.. و الذل.. موجودة فيك.. مركبة في أصل خلقتك كإنسان.. و ما قدامكش غير اختيارين اتنين .. إما ان المشاعر دي تبقى في اتجاه الله سبحانه و تعالى.. فيحيا بها القلب.. أو انها تبقى في اتجاه كل شئ من دون الله.. و يفضل الإنسان يدور على حيل و ووسائل يهرب بيها من المشاعر دي.. فبتكون النتيجة النهائية.. تبلد القلب.. و موته في النهاية..
و المصلين هنا.. مش اللي صلوا بأبدانهم.. بل للي عاشوا الحالة دي.. حالة “عبودية القلب”.. حياة القلب بين يدي الله..
حالة عاشها كل من عرف الله حق المعرفة...
تستشعرها مع كليم الله..سيدنا موسى في مدين.. لما حس بالغربة.. و الوحشة.. و الحاجة.. فرفع يديه مناديا ربه (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ).
تستشعرها مع سيدنا عيسى.. روح الله.. و هو يدافع عن نفسه أمام ربه..مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ).
تستشعرها مع خليل الله.. سيدنا إبراهيم.. و هو بوادٍ غير ذي زرع.. يسلم ابنه و زوجه للقدر.. و يناجي ربه.. يسأله أن يرزقهم من يؤنس وحشتهم : (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)
و تستشعرها.. بل يطيش العقل.. و يذهل القلب.. عندما تسمع مناجاة الحبيب”ص” لربه..
كلام البشر.. له درجة حرارة.. تستشعرها القلوب..
كثير منه بارد.. يموت ولا يترك أثرا في القلب ولا الروح..
و لكن.. لما نعيش مع الحبيب .. و نسمعه دعاؤه و مناجاته لله سبحانه و تعالى.. إذا بنبض القلب يشتد.. و إذا بالعاطفة تفيض.. فلا يملك قلب حي يعي و يفهم إلا أن يخشع و يستكين لله رب العالمين..
الكلام اللي احنا بقينا بنتداوله و بنردده ببرود تحت مسمى “الأذكار النبوية”..
مجرد كلمات تجري على اللسان ولا تفيض من القلب..



طلاسم..

حفظناها من كتيبات.. و يمكن مافهمناهاش.. ولا حسيناها..
تأمل معايا مناجاة النبي”صلى الله عليه وسلم”.. و اسأل نفسك.. ياترى هو حفظ الكلام ده من كتيب؟.. والا ده كلام جرى على اللسان بعد ما فاض القلب بمشاعر و معاني العبودية والحب لله..
عمرك مرت عليك لحظة.. شفت فيها منظر طبيعي جميل.. أو كنت بتتفرج على برنامج علمي بتشوف فيه آيات الله في الكون.. فحسيت بعظمة الله.. و حسيت قد ايه انت صغير في الكون ده.. و فاض قلبك بالمشاعر.. بس ماعرفتش تقول ايه؟!
يمكن آخرك.. قلت “سبحان الله”..و حسيت انك يعني خلاص.. وصلت..
ياترى النبي”صلى الله عليه وسلم” لما كان بيستشعر المعاني دي.. كان بيقول ايه؟..
تأمله في صلاته..
كان إذا ركع يقول في ركوعه: اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت..
خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي"
وإذا رفع رأسه من الركوع يقول: "سمع الله لمن حمده..
ربنا ولك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد "
وإذا سجد يقول في سجوده: "اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت..
سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق فيه سمعه وبصره.
تبارك الله أحسن الخالقين " .
سبحان الله... العابد الملهم .. أحسن من ناجى ربه.. و أحسن من أثنى على الله سبحانه و تعالى بين البشر..
استشعر معايا قمة العبودية.. و الانكسار لله.. و التبرؤ من الحول و الطول..
و اسمعه .. و هو يناجي و يدعو:
"اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك علي الخلق..
أحيني ما علمت الحياة خيرا لي..
وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي.
اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة..
وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب.
وأسألك القصد في الفقر والغنى.
وأسألك نعيما لا ينفد، وأسألك قرة عين لا تنقطع.
وأسألك الرضا بعد القضاء.
وأسألك بَرد العيش بعد الموت.
وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مُضلة".
"اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين.. ".
ياترى فهمنا و حسينا بمعنى الكلام ده؟..
اسمحولي أعيد الكلام تاني.. مع ترجمة بسيطة.. عشان نقرب المعنى لقلوبنا أكتر.. و نحس بيه و نعيشه..
"اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك علي الخلق..
أحيني ما علمت الحياة خيرا لي..
وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي. "..
يا رب.. انت اللي عالم بكل شئ.. و القادر على كل شئ.. و أنا.. لا علم لي.. ولا حول لي ولا قوة.. ولا اعرف فين الخير.. و فين الشر.. ولا حتى شايف نفسي و انا اللي باختار لنفسي..
يارب.. سلمت نفسي كل ليك.. اختارلي انت.. لو الحياة خير ليا.. احييني.. و لو الموت خير لي.. توفني يا رب..
"اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة.."
يا رب.. ارزقني اني أخاف اعصيك.. قدام الناس.. و حتى و انا لوحدي ماحدش شايفني.. ده حتى الخوف من الله رزق.. مش انا اللي شايف نفسي و باقول اني باتقي الله و باخاف منه.. يارب ارزقني خشيتك..
"وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب. "
و يارب.. ارزقني اني اقول كلمة الحق اللي ترضيك.. في لحظات الرضا.. و لحظات الغضب.. ماتخليش هوى نفسي هو اللي يتحكم فيا..
" وأسألك القصد في الفقر والغنى. "
و يارب ارزقني الاعتدال و الاستقامة.. فلا الفقر يخليني أتمرد أو أبخل.. ولا الغنى يخليني اتبطر.. أو أسرف..
"وأسألك نعيما لا ينفذ، وأسألك قرة عين لا تنقطع."
يا رب.. ارزقني الشعور بنعمتك و شكرها ظاهرا و باطنا..
" وأسألك الرضا بعد القضاء. "
و يارب ارزقني الرضا بقضاءك بعد وقوعه..
" وأسألك بَرد العيش بعد الموت. "
يا رب ارزقني حياة الآخرة التي لا كدر فيها ولا منغصات.. كحياة الدنيا..
" وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مُضلة".
يا رب.. ارزقني اني اعيش مشتاق للقياك.. و ارزقني اللقيا و لذة النظر الى وجهك.. و انت راضٍ عني..
"اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين.. ".
يارب.. ارزقني زينة القلب.. لك الحمد على زينة الجسد .. الزينة المادية.. فارزقني زينة القلب.. و هي الإيمان.. و ارزقني الهداية.. و اهدِ بي ..


والله.. لا تجد في تاريخ البشرية كلها.. بشراً.. ناجى الله بأشرف من هذه الكلمات.. ولا بأحر من هذه الضراعة..


صلى.. و دعا الله في صلاته.. فهل انتهت صلة قلبه بالله؟
لا والله.. بل استمع إليه يناجي ربه بعد أن ختم صلاته..
يقول :
"اللهم ربنا ورب كل شيء..
أنا شهيد أنك الرب وحدك، لا شريك لك ..
اللهم ربنا ورب كل شيء، أنا شهيد أن محمدا عبدك ورسولك..
اللهم ربنا ورب كل شيء، اجعلني مخلصا لك وأهلي، في كل ساعة من الدنيا والآخرة..
الله الأكبر الأكبر، نور السموات والأرض..
الله الأكبر الأكبر، حسبي الله ونعم الوكيل ..
الله الأكبر الأكبر..”
و كأنما تعجز ألفاظ اللغة عن أن تلحق هذا الفيضان من المشاعر المنساب من القلب.. فيبدأ النبي في تكرار نفس العبارة..
و نقف هنا مع لفتة عجيبة..
شئ طبيعي لما حد مننا يقول " أنا شهيد أن محمدا عبدك ورسولك"..
انما.. غريب جدا ان النبي هو اللي يقولها .. تأملت في المعنى ده قبل كده؟
و كأنه بيجدد العهد مرارا و تكرارا مع الله سبحانه و تعالى.. بيعلن إصراره على تحمل أمانة الرسالة.. مهما الناس كذبوه.. و مهما الناس تنكروا ليه..
و كأنه بيعلنها مرارا و تكرارا .."و أنا أول المسلمين".. أنا أول انسان ملتزم بالعمل بالرسالة دي.


طيب.. هل انتهت صلة القلب بالله؟.. هل انتهت حالة العبودية التامة لله بانتهاء الصلاة؟
أبدا.. بل كل لحظة.. كل نفس.. تلاقي النبي في نفس الحالة من يقظة الروح و القلب و الصلة بالله.. و العبودية التامة له..
من أول ما بيبدأ يومه..
يصحى قبل الفجر.. قلبه صحاه.. ماهو ماكانش فيه منبه يصحيه ايامها..
صحي.. و الدنيا لسة ضلمة..
"الحمد لله الذي رد إلي روحي، وعافاني في جسدي، واذن لي بذكره ".
"الحمد لله الذي رد الي روحي".. هو صحيانك الصبح.. نعمة من ربنا تستحق الشكر والله لأ؟..
مين اللي علم النبي يقول الكلام ده؟.. ماحدش.. كان حاسس بالنعمة دي.. ففاض الكلام من قلبه.. للسانه.. و علمنا نقول كده..
و نقف وقفة.. و نتأمل قوله : "وأذن لي بذكره ".
نتأمل أدب العبودية.. نتأمل العابد الرقيق .. ماهو لو لم يأذن الله سبحانه و تعالة له بانه يصحى من النوم و يستعد للصلاة كان فضل نايم.. نعمة ثانية..
و يستمر سيل مشاعر اليقين و الحب.. في كلمات.. بيرددها صباحا و مساءا.. و علمهالنا.. أذكار الصباح و المساء..
"اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة.
اللهم أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي.
اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي. "
الناس في زماننا ده.. بقى كل واحد حابس نفسه في زنزانة بناها لنفسه.. جدرانها هموم الدنيا.. هموم حقيقية.. أو وهمية...
للأسف.. مش شايفين اللي ورا الجدران دي.. رحمة الله الواسعة.. الحضن اللي لو لجأوا له خرجوا من السجن اللي سجنوا نفسهم فيه..
جه وقت الفطار..
حتى في وقت الأكل.. تستشعر مدى احتفاءه بنعمة الله و تعظيمه لها..
قبل ما يأكل.. يسمي الله.. ولا ينسى الله طول ماهو بيأكل..
و بعد ما ينتهي..
"الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين "
حاسس بيها طالعة من قلبه؟..
طب هو ايه علاقة الأكل و الشرب بالإسلام؟..
ماهو دي أعظم نعمة.. اللي مايقدرش النبي ينسى شكر الله عليها ابدا في كل لحظة..
مش بس كده.. بل تحس بيه يتفنن في شكر الله و حمده بعد الأكل..
"اللهم أطعمت وسقيت، وأغنيت، وأقنيت، وهديت، وأحييت، فلك الحمد على ما أعطيت ".
"الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة".
"الحمد لله الذي أطعم وسقى، وسوغه، وجعل له مخرجا ".
" الحمد لله الذي من علينا، وهدانا، والذي أشبعنا وأروانا، وكل الإحسان آتانا".


مش زي ناس.. ياكلوا و يشربوا و يملوا بطونهم.. و خلاص.. ولا كأنها رزق و نعمة من الله.. زي أي حيوان حطيتله أكل و اكل و مشي!.. مع الفارق.. ان الحيوانات تسبح ربها في كل حين و آن..
هل انتهى الأمر على كده؟
ماهو الأكل لازم ياخد دورته في الجسم و يخرج تاني..
كان النبي إذا خرج من الخلاء قال:
"غفرانك.
الحمد لله الذي أذاقني لذته وأبقى فى قوته، وأذهب عني أذاه ".
سبحان الله.. كلمات كأن اللي وضعها لجنة مختصة من علماء الطب و الأخلاق.. و البلاغة اللغوية..
هو الإنسان عاوز ايه من الأكل؟.. لذة الطعم.. و القيمة الغذائية اللي بيستفيدها الجسم.. و انه يتخلص من السموم أو الفضلات المتبقية بعد كده..
هل رأينا بين البشر على مدار التاريخ.. أجمل من هذا الحمد.. أو أرق من هذه الكلمات؟
تمطر السماء..
فإذا بالقلب يفيض عاطفة و حبا و شوقا لله.. فيتعرض النبي للمطر أول ما ينزل فرحا به.. قائلا :
"هذا مطر حديث عهد بربه ".
يأتي الربيع.. و تثمر الأشجار.. فكان الصحابة يأتون النبي بأول الثمر.. أول قطفة..
فينتقي النبي أجملها.. و يمسكها أمام عينيه متأملا.. مبتسماً.. سعيدا.. مستشعراً نعمة الله و محتفياً بها..قائلاً:
"اللهم بارك لنا في ثمرنا، وبارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مدنا".
ثم؟.. هل يأكلها؟..
لا.. بل يبحث عن أصغر الحاضرين من الأطفال.. و يهديها له ليدخل السعادة على قلبه و يرسم البسمة على وجهه..
ماهو أيامها ماكانش فيه شيكولاتة لسة
تعصف الريح.. فإذا بالنبي يجار الى ربه بالدعاء :
"اللهم إنى أسألك خيرها، وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به ".
سبحان الله.. قلب حي.. في قمة الحياة.. حساس لكل ما يجري حوله.. يرى ما غفلت عنه قلوب الناس..
هل عرف التاريخ انسانا تعلق بالله و أحبه بأحر من هذه العواطف؟ أو ناجاه بأخلص من هذه العبارات؟
سبحان الله..
كثيرا ما أدخل في نقاشات مع ملحدين من أصول إسلامية.. هم يصرون على التشكيك في القرآن و في ما ورد فيه من إشارات علمية أو معجزات بلاغية إلخ..
فأقول لهم.. يكفيني "محمد" معجزةً..
ائتوني ببشر مثله...
ائتوني ببشر تعلق بالله.. و أحبه.. و ناجاه و أثنى عليه و كان أول من التزم بما دعا الناس اليه..
ائتوني ببشر دعا الله بعبارات مضيئة.. تنبض بالحياة.. و تشعر معها و كأن الأنبياء كلهم.. و الملأ الأعلى معهم .. يقفون وراءه صفوفاً صفوفاً.. وهو يدعو بما أفاض الله على قلبه ولسانه، وهم يؤمنون ويؤكدون!.
سبحان الله.. ائتني بإنسان إذا عشت مع أخلاقه.. تخيلت ان حياته كلها خُلُق فقط.. إذا عشت مع جهاده.. تخيلت أن حياته كلها جهاد فقط.. إذا عشت مع عبادته ذكره.. تخيلت ان حياته كلها عبادة فقط..
ائتوني بإنسان بهذه الضخامة.. كالشمس لا تمتلئ منها العيون..
مساكين من لم يعرفوه .. حتى و إن ادعوا معرفة قصة حياته عن ظهر قلب..
مساكين.. عرفتم التاريخ.. و لم تعرفوا الإنسان..
ككثيرين.. عرفوا من الإسلام شكله.. و لم يعرفوا روحه..
في زمننا.. ما أكثر الألسنة المتحركة باسم الله.. و أقل جدواها..
و ما أندر الأفئدة الخاشعة لذكر الله.. و أحوج العالم إليها..
عشان كده كان لازم نبدأ من هنا.. عشان نجهز قلوبنا للرحلة دي..
و حتى نلتقي..
لا تنسونا من صالح دعائكم..










رد مع اقتباس
قديم 2011-02-22, 13:03   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية ¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
 

 

 
الأوسمة
المركز الثاني في  مسابقة التميز في رمضان 
إحصائية العضو










Icon24

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
اللهم افتح علينا حكمتك و انشر علينا رحمتك يا ذا الجلال و الإكرام
و صل اللهم و سلم على حبيبنا و نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين..

بدأنا سوا رحلتنا.. من لحظة خلق سيدنا آدم.. و شوفنا ازاي عرف مهمته و الهدف اللي اتخلق علشانه.. و شوفنا تاريخ البشرية و مسرح الأحداث اللي كان بيُهيئ عشان الحلقة الأخيرة من حلقات التاريخ.. ووصلنا إلى ميلاد سيدنا إسماعيل.. و ظهور العرب في الجزيرة العربية..
بس مسرح الأحداث لسة لم يكتمل..
لسة ناقصه شهود من أصحاب الرسالات السابقة.. اللي كانوا عارفين ان فيه نبي هايُبعث في آخر الزمان.. و كانوا منتظرينه..
و يشاء الله أن يُضطهد اليهود في فلسطين على يد الاحتلال الروماني بما قدمت أيديهم.. فيهربوا إلى الجزيرة العربية.. و يستقروا في يثرب.. حيث الاستقرار و الزراعة و الصناعة.. على عكس مكة.. خصوصا و ان مكة تعتبر المركز الديني للعرب.. و هم أساسا هربانين من الاضطهاد الديني اللي شافوه على أيدين الرومان..
و قدر اليهود مع الوقت يسيطروا على مقاليد الاقتصاد في المدينة لأن أهلها كانوا ناس بسطاء.. فتحول أهل المدينة إلى أجراء و عمال عند اليهود بأجور بسيطة.. يادوب تعيشهم بالكاد..
و بدا اليهود يرتحلوا بتجارتهم إلى مكة و يتاجروا فيها.. و بدأوا يمارسوا شعائرهم الدينية بين العرب.. من غير مايدعوهم إلى اليهودية.. لكن كانوا من وقت للتاني بيلمزوا و يلمحوا بشكل فيه تعالي على وثنية العرب.. بأنهم هم اصحاب التوحيد و الرسالات و الأنبياء.. و بدأت الفكرة دي تنتشر بين العرب.. بين استنكار.. و تعجب.. و تأمل..
و زي ماتكون الفكرة دي جت على الجرح.. عند الناس اللي لسة فطرتهم سليمة.. أناس كانوا بينكروا ماعليه القوم من وثنية.. و قلوبهم و أبصارهم كأنها بتتطلع إلى السماء.. قلوب تبحث عن الدين الحق.. و لكنهم مالقوش اللي بيدوروا عليه عند اليهود.. بسبب تعصبهم و جمودهم.. و حرصهم على أن التوحيد يكون حكر عليهم.. ماحدش يؤمن بيه ولا يعتنقه غيرهم.. عشان كده.. هم الوحيدين في تاريخ الديانات اللي ما دعوش حد إلى دينهم..
عشان كده.. بعضهم اعتنق المسيحية.. و بعضهم فضل على الفطرة.. في انتظار نبي آخر الزمان..
امتى هايُبعث؟.. و ياترى هايكون مين؟
سؤال.. جايز كان بيدور في اذهان ناس كتير..
لكن وسط الناس دول كلهم.. كان فيه انسان مهموم بحاله..
قاعد عند الكعبة.. يتامل .. و الذكريات تعصف بذهنه..
كانت سنة غريبة جدا.. حافلة بالأحداث...
افتكر فرحته بنجاة أحب ابناءه من الموت و افتداؤه بمائة من الإبل..
و فرحته بزواجه..
و افتكر لهفته و هو بيسأل أفراد القافلة اللي راجعة من يثرب واحد واحد.. "أين ابني؟.. أين عبد الله؟..أفيكم عبد الله"؟.. هل عاد عبد الله؟.. "
و كان الرد على السؤال.. الصمت التام.. صمتٌ.. يحمل أنفاس عبد الله الأخيرة و هي تودع الدنيا.. و تودع عبد المطلب..
مالحقش يفرح بابنه.. و الأعجب.. انه مالحقش يحزن عليه..
فما كادت مكة تنتفض هلعاً من جيش ابرهة الزاحف إليها ليهدم الكعبة.. جيش جاي بوحش.. ماشافتهوش العرب قبل كده.. فيلٌ ضخم..
جيشٌ.. يزلزل مكة من أقصاها إلى أقصاها.. و من عبيدها إلى ساداتها..
فتطاير أهل مكة و فروا إلى أعالي الجبال.. و تفرقوا بين الشعاب..
مخلفين وراءهم آمنة.. تعاني آلام الوضع.. مش قادرة تهرب زيهم..
و عبد المطلب متعلق بأستار الكعبة.. يدعو الله:
اللهم إن لكل إله *** حلال فامنع حلالك
لا يغلبن محالهم *** أبداً محــــالك
اللهم فإن فعلت *** فأمر ما بدالــك

و إذا بالسماء تسود.. بحشود و جيوش مجيشة من الطير.. ترمي جيش ابرهة بحجارة من سجيل.. فجعلتهم كعصف مأكول..
أعجوبة .. و معجزة يراها العرب لأول مرة.. لأنهم لم يُبعث فيهم نبي من قبل.. و آخر معجزة حدثت على الأرض كانت انفجار بئر زمزم.. و حتى دي.. سمعوا عنها.. ماحدش منهم شافها بعينه..
معجزة ربانية.. زي المعجزات اللي كانوا بيسمعوا عنها من اليهوج و النصارى..
معجزة.. تفكر كل اللي نسي.. ان الكون له رب.. يحميه..
و ترجع قريش.. و يلاقوا البيت الحرام آمن.. في حمى أسراب الطيور.. و ملائكة الرحمن..
و عبد المطلب واقفٌ في ظلال البيت.. و في حضنه طفل وليد.. شايف في ملامحه وجه ابنه عبد الله.. اللي و كأنه ماجاش للدنيا إلا عشان يهديه الطفل ده.. و يرحل..
يتأمله عبد المطلب.. ويحضنه .. و هو بيهمس لنفسه .."ليكونن لابني هذا شئناً"..



دايما دراسة الفترة اللي قبل بعثة النبي بتبقى صعبة نوعا ما بسبب كثرة الأحداث و التفاصيل اللي ماتهمش ناس كتير .. لأنها لا يترتب عليها عمل..
عشان كده انا اختصرت أحداث الفترة دي لأني كنتب بادور على ايه القيمة العملية اللي نتعلمها من الأحداث.. مش عن تفاصيل الأحداث ذاتها..
دايما في المرحلة دي.. في البداية.. بنلاقي كتب السيرة كلها بتتكلم عن شرف نسب النبي وطيب أصله..

النسب تاج يتوج به المؤمن

النبي كان من أشرف عائلات قريش.. و قريش آنذاك هي واسطة العقد.. سيدة العرب..
ياترى.. هل دي ميزة؟.. هل أصل الإنسان يعلي أو ينقص من قيمته عند الله؟
بمعنى.. هل النسب له علاقة بالإيمان؟
النسب تاجٌ على رأس المؤمن .. النبي نلاقيه لما يحكيلنا عن سيدنا يوسف.. يقول : (( الكريم ابن الكريم ، ابن الكريم ، ابن الكريم ، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم )) .
ولكن لما يكون الحديث عن عم النبي....يقول الله عز وجل :
"تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ "
بالرغم من انه عم النبي.. يعني من نفس النسب و الأصل.. يبقى القضية مش قضية نسب..
إذا حسن إيمان الإنسان و استقام.. كان النسب تاجاً يتوج به..
أما إذا ابتعد الإنسان عن الإيمان.. فلا قيمة للنسب أبداً..
شوفوا النبي يحذر الناس و أقرب الناس اليه من النقطة دي..
(( يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمّدٍ ، أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النّارِ ، فَإِنّي لاَ أَمْلِكُ لَكِ ضَرّا وَلاَ نَفْعاً )) .
(( لا يأتيني الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم )) .
(( ومن يبطئ به عمله لم يسرع به نسبه )) .
إذاً النسب تاج يتوج به المؤمن ، أما إذا ابتعد الإنسان عن الإيمان فلا قيمة للنسب أبداً..

سرطان القلوب

النقطة الثانية.. و هي المحور الأساسي اللي هانتكلم عنه النهاردة..
مرض خطير.. بيصيب القلب..
المرض اللي خلى أبرهة يجروء على أن يتحدى الله سبحانه و تعالى..
و المرض اللي خلى اليهود يضنوا و يبخلوا بدعوة التوحيد على العالمين.. فلا يدعوا أحداً إلى دينهم..
و المرض اللي شفناه في الأيام الماضية.. اللي يخلي بلدين الأصل انهم أشقاء.. يحاربوا بعض.. بسبب حاجة تافهة..

الكبائر.. نوعين.. فيه كبائر ظاهرة.. زي القتل و شرب الخمر و الزنا.. الخ..
دي كبائر صارخة.. واضحة.. و معظم المسلمين بحمد الله بعيدين عنها.. إلا قلة قليلة ممن شردوا عن الله عز و جل.. و دفعوا و يدفعون ثمن هذا الشرود.. في الدنيا.. و الآخرة..
و فيه كبائر.. باطنة.. خفية.. قلما يتوب منها الإنسان.. لأنها غير ظاهرة.. هو مش عارف انها موجودة أساسا.. و هنا مكمن الخطر..
كبائر عاملة زي الأمراض الخبيثة اللي بتفضل تنتشر في الجسم بدون أعراض.. ولا تظهر الأعراض إلا لما يستفحل المرض.. ولا يمكن علاجه..
من الكبائر دي.. مرض "الكِبر".. مرض خطير جدا..
ازاي بيبدأ المرض ده؟.. و ايه اسبابه؟.. تعالوا نشوف سوا..

العجب بداية الكبر

بيبدا المرض ده عند الإنسان أول مايبدأ يُعجب بنفسه.. أو بنعمة ربنا أنعم عليه بيها.. ازاي؟
ان الله سبحانه و تعالى يتفضل و يمتن على الإنسان فيعطيه خصلة معينة من خصال الكمال.. أو يعطيه نعمة معينة .. فبدل ما ينسب هذه النعمة و هذا الفضل إلى الله.. المنعم المتفضل سبحانه.. و يذوب حياءا من الله.. و يسعى لشكر هذه النعمة.. و يخاف أن يعاقب من الله بسلبها.. فالله قادر أن يأخذ كما أعطى.. بدلا من كل هذا.. ينسبها لنفسه.. و يأمن من أن تُسلب منه.. ثم يتعالى بها على الخلق..
و يبدأ الإنسان ينتفخ من داخله... تنمو ذاته.. تكبر الـ"أنا" عنده.. يشوف نفسه.. و يبدأ يطلب معاملة خاصة من الناس.. يغضب إن لم يؤتوه إياها.. يتضايق لو ندهوه باسمه من غير القاب.. أو ما ضربولوش تعظيم سلام في الروحة و الجاية.. أو ماميزوهوش في المعاملة عموما.. يقولك "انت مش عارف انا مين؟".. ولا يقبل النصيحة من أحد أبداً.. لأنه –في نفسه- أكبر من أن ينصحه أحد..
أنا..
أنا .. و لي.. و عندي..
أنا.. قالها إبليس.." أنا خير منه".. فلعنه الله..
و "لي".. قالها فرعون .."لي ملك مصر".. فأغرقه الله..
و "عندي".. قالها قارون.." إنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِى" .. فخسف الله به الأرض ..

كل ده و احنا بنتكلم عن إنسان آتاه الله فضلا أو نعمة معينة فتعالى بها على الناس..
فما بالك بمن لم يؤت شيئاً؟.. بانسان بيتعالى على الناس بشئ لا قيمة له ولا معنى له؟
"أقرع و نزهي" زي ما المثل بيقول..
طب هو ايه مشكلة الكبر؟.. ايه سبب خطورته؟؟

أولاً..أن في الكبر منازعة لله
يقول تعالى في الحديث القدسي..
(( الْعِزُّ إِزَارُي وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَائي فَمَنْ ُنَازِعُنِي شيئا منهما عَذَّبْتُهُ )) .

ياترى مين فينا قد انه يدخل في معركة الطرف الثاني فيها.. هو الله؟
عندك استعداد لده؟..
" فَمَنْ ُنَازِعُنِي شيئا منهما عَذَّبْتُهُ"..
سبحان الله.. شفناها على مدار التاريخ.. كيف أذل الله من تكبروا و تجبروا بعذاب مهين..
يذل في الدنيا قبل الآخرة.. و أقرب مثال شفناه كلنا في العصر الحديث.. صدام حسين.. كم أملى الله له؟.. الله سبحانه و تعالى يمهل و كأنه يهمل.. و لكنه إذا أخذ.. أخذ أخذ عزيز مقتدر..

ثانياً: الكبر يغلق باب السعادة
الواحد ساعات يتأمل في حال الإنسان المتكبر.. فيتعجب.. لأنه بيتعس نفسه.. بنفسه.. بيحول حياته لجحيم.. بسبب "الأنا" المتضخمة اللي جواه.. اللي دايما منتظرة ان الناس يكونوا منبهرين بيه.. و اللي دايما بتلح عليه انه يعرف الناس انه أحسن منهم.. و أجمل منهم..و أنجح منهم.. و أكثر إيماناً و احتراماً منهم.. إلخ..
و اللي بيخليه دايما تحت ضغط نفسي مستمر.. لأنه خايف ان صورته تتهز في عيون الناس.. أو يكتشفوا انه اقل مما يدعي.. فبيبذل مجهود مضاعف عشان يداري عيوبه.. و يبرز محاسنه..
و مع الوقت بيلاقي نفسه عزل نفسه عن الناس.. و بني لنفسه زنزانة انفرادية.. لأنه من ناحية بيبقى من جواه في حالة ازدراء للناس و احتقار ليهم لأنه شايفهم اقل منه.. و من ناحية تانية الناس نفسها بتكرهه لأن ماحدش بيحب حد يتعالى عليه..
الناس.. بيحبوا المتواضع... تواضع.. تكن في قلب الناس..
انظر إلى الأكحال و هي حجارة * لانت فصار مقرّها في الأعين
ثالثاً: الكبر جحود للحق
و دي من أكبر المشاكل اللي بنشوفها في زمننا ده.. بسبب "الكبر الفكري".. و هو مرض للأسف بيصاب بيه أغلب المثقفين.. فتبقى الحقيقة قدام عينيه.. و يجحدها.. ينكرها.. زي نماذج الإعلاميين اللي بيتفانوا في محاربة مظاهر معينة للتدين.. زي الحجاب.. أو النقاب.. أو الالتزام عموما بشتى صوره..
أما الشخص سليم القلب.. يقبل الحق.. و شعاره "رب زدني علماً"..

رابعاً: الكبر مفسدة للعبادة
و دي بقى مصيبة كبرى.. عندك استعداد ان عباداتك كلها من صوم و صلاة و صدقة و دعاء و غيره من الطاعات.. الحاجة الوحيدة اللي فاضلة من الدنيا كلها.. الشئ الوحيد اللي هاتيجي بيه يوم القيامة و تلقى به الله.. عملك الطيب.. قل أو كثر.. عندك استعداد تضيعه؟.. ترميه في الهوا؟..
اسمع الحديث ده..
يقول : (( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ))
مثقال ذرة... يضيع عملك كله.. كله مهما كان حجمه..
عارف.. كوب اللبن.. لو أضفتله خمس أضعافه مية.. ممكن يتشرب.. هايبقى لبن مغشوش.. بس ينفع يتشرب..
لكن لو عندك لتر لبن.. و جت عليه نقطة جاز.. ينفع يتشرب؟
أهو ذرة الكبر دي.. تضيع عملك كله بالشكل ده..
ياترى.. جواك كبر قد ايه؟
للأسف ماينفعش اسأل انت متكبر والا لأ.. لأن في زماننا ده.. كلنا فينا شئ من الكبر.. و كل واحد فينا له مفتاح معين بتظهر فيه أعراض الكبر اللي عنده.
عاوز تعرف المفتاح فين؟
تأمل في نفسك.. و اسأل نفسك.. ياترى ايه الحاجة اللي حاسس انك بتعتز بيها و فخور بيها قوي.. لدرجة انك حاسس ان غيرك أقل منك؟ و لو حد حاول يقلل من قيمة الحاجة دي.. تغضب بشدة؟..
فكر.. و جاوب..

خامسا..الكبر يضيع الأخلاق

الكبر يحول بين الإنسان و كل الأخلاق المحمودة.. الجميلة...
صعب ان المتكبر.. يتواضع.. صعب انه يحب لأخيه مايحب لنفسه.. صعب يجتنب الرياء.. صعب.. صعب حاجات كتير قوي.. فالواحد يلاقي نفسه عمال يسقط شوية بشوية..
إبليس.. اللي احنا بنستعيذ بالله سبحانه و تعالى منه.. اللي طرد من رحمة الله و أعلن العداوة على بني الإنسان حتى قيام الساعة...
تتخيل انه كان في يوم من الأيام من أكثر خلق الله عبادة و تقرباً لله؟
ازاي انقلب من النقيض للنقيض؟..
الكبر..
شاف نفسه.. "أعجب" بعبادته.. فوضع نفسه في مكان الندية لله سبحانه و تعالى . فبدأ "يتفلسف" على الله.. { أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين }
زي مابنشوف في زماننا ده.. اللي بقى الواحد فيه لمجرد انه قراله كتابين.. و بقى له مدونة على النت بيكتب فيها و الناس بيقروا له.. تخيل انه أصبح من حملة مصابيح الهداية للبشرية.. و مابقاش يقبل أبدا.. ان حد يقول له "أفعل ولا تفعل".. حتى ولو كان ربنا..
كان الأول الواحد ممكن يصبه مرض الكبر لأن ربنا رزقه ببعض العلم..سواء كان علم دنيوي أو أخروي.. المصيبة في زماننا ده ان المرض ده بقى بيصيب حتى من لم يؤت هذا العلم.. لأنه يتوهم ان عنده علم..
و هنا نقف عند نقطة..
انت بتقول ان المرض ده.. مرض الكبر ممكن يصيب انسان ربنا رزقه بنصيب من العلم الأخروي.. العلم الشرعي.. معقولة؟.. ازاي؟
نعم.. لأن العلم وحده.. لايربي..
كثير في زمننا أوتوا قدراً من العلم الشرعي.. لكنهم لم يتربوا.. لم تُشكل شخصياتهم.. لم تُنحت بإزميل أخلاق أهل العلم.. فأصبح ينفر الناس عن الدين بسبب سوء خلقه..
و النموذج ده تعرفه دايما لما تسمع أو تقرأ عنوان لمقالة أو خطبة أو حلقة بعنوان "الرد على .. كذا.. او فلان.."
داعية.. أو حتى عالم.. نصحه شخص ما.. فبدلا من أن يحاسب نفسه و يراجع نفسه.. انشغل بالدفاع عن نفسه.. لأنه في نظر نفسه أكبر من أن ينصحه أحد..


كل دي مخاطر للكبر..
و يبقى سؤال مهم..
كيف نجتنب الكبر؟.. كيف نقي أنفسنا منه.. و كيف نعالج قلوبنا إن أُصبنا به؟..
الإجابة..
اعرف ربك.. و اعرف حقيقة قدرك..
ان تشُف روح الإنسان.. بأن لا يكون له نفس يراها.. فيعجب بها..
المؤمن.. إنسان شفاف..
فيه أنواع من الزجاج عالي الجودة... من شدة صفاءه و نقاءه.. تحس كأنه مش موجود.. لدرجة ان ممكن حد يخبط فيه من غير ماياخد باله..
المؤمن كده.. شفاف تماما.. يشف عما وراءه.. أنت لاتراه.. بل ترى ما بقلبه من معاني.. ترى همه في تعريف الناس بالله..
المؤمن ليس له "نفس" بالمفهوم الحديث.. زي ما مناهج التنمية البشرية المبنية على الإلحاد بتقول.. مافيش حاجة عنده اسمها "الثقة بالنفس"..
لأن عنده معنى و قيمة أعلى و أغلى بكتير.. اسمها "الثقة بالله"..
لذا.. كلما قل إيمان الإنسان.. قلت شفافيته.. ممكن يبقى زي الزجاج المنقوش.. مليان زخارف و نقشات.. انت شايف اللي وراه نوعا ما.. بس مش قادر تركز من كتر الزخارف و النقوش.. أو الزخارف و النقوش اللي فيه مشوهة الصورة اللي وراه فمش قادر تشوفها على حقيقتها... و ممكن يكون زي الزجاج المصنفر.. ماتشوفش حاجة من وراه نهائي..

عاوز ترتقي.. عند الله.. و في قلوب الناس.. الغ وجودك.. و عامل الله.. أبرز عظمة الله للناس..

بعض الناس إذا رأيته ... قلت : سبحان الله .

وبعضهم إذا رأيته ... قلت : الحمد لله .

وبعضهم إذا رأيته ... قلت : الله أكبر .

وبعضهم إذا رأيته ... قلت : لا إله إلا الله .

وبعضهم إذا رأيته ... قلت : ما شاء الله .

وبعضهم إذا رأيته ... قلت : لا حول ولا قوة إلا بالله .

وبعضهم إذا رأيته ... قلت : حسبنا الله ونعم الوكيل .

وبعضهم إذا رأيته ... قلت : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .


تعالوا نقف وقفة صدق مع أنفسنا.. و نسأل نفسنا..
ياترى .. احنا الناس لما بينظروا لينا.. بيشوفوا ايه بالظبط؟
ياترى بيشوفوا فلان؟.. اللي عمل كذا و سوى كذا و عنده كذا؟
والا احنا ممن إذا رُءوا ذُكر الله سبحانه وتعالى؟

أحد علماء المسلمين ممن ألقى الله محبتهم في قلوب الناس.. مرض.. فسافر إلى إحدى الدول الأوروبية ليجري عملية جراحية.. ففوجئوا في المستشفى بكم الاتصالات و الرسائل التي تتابع حالته و تطمئن عليه..
فسالوه.. بم نلت هذه المكانة في قلوب الناس؟
تفتكروا رد قال ايه؟
لأني العالم الفلاني؟.. لأني من المجددين؟.. لأني أنجزت و حققت كذا؟
قال.. "لأنني محسوب على الله"..
الناس بيحبوني.. لأنهم هم اللي بينسبوني إلى الله سبحانه و تعالى.. لأنهم لما بيتعاملوا معايا باذكرهم بالله سبحانه و تعالى..
و تعالوا نرجع للأصل.. للأسوة الحسنة.. للحبيب ..
عندما أوذي في الطائف.. طُرد و ضُرب و جُرح و أُهين..
وسط الجراح و الآلام و الدموع و المهانة.. عندما رفع يديه ليدعو الله سبحانه و تعالى.. بم دعاه؟
هل شكى إلى الله ما فعله الناس معه؟ و ألقى عليهم اللوم؟
أبدا..بل حاسب نفسه أولا و أخيرا.. و كان كل همه.. ألا يكون هذا غضباً من الله و عقاباً له..
"اللهم إن لم يكن بك علي غضبٌ.. فلا أبالي.."..
لغى نفسه.. لغى وجوده...
ماعاد وجوده إلا رسالته..
ماعاد له نفس يعاملها.. بل له ربٌ يضرع إليه ويدعوه.. أن لا يكله إلى نفسه طرفة عين..

أسأل الله سبحانه و تعالى أن يرزقنا العلم و الفهم و الإخلاص و العمل..
سبحانك اللهم و بحمدك.. نشهد أن لا إله إلا أنت.. نستغفرك و نتوب إليك..
و الحمد لله رب العالمين..











رد مع اقتباس
قديم 2011-02-22, 13:10   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية ¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
 

 

 
الأوسمة
المركز الثاني في  مسابقة التميز في رمضان 
إحصائية العضو










Icon24

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
اللهم افتح علينا حكمتك و انشر علينا رحمتك يا ذا الجلال و الإكرام
و صل اللهم و سلم على حبيبنا و نبينا محمد و على آله و صحبه اجمعين..

و مازلنا في رحلتنا مع أعز الناس.. النبي ..
ووقفنا المرة اللي فاتت عند لحظة ميلاد النبي..

يشاء الله سبحانه و تعالى.. ان النبي يُصنع على عينه هو سبحانه.. هو اللي يربيه.. و يشكل شخصيته.. بدون تدخل من أي حد تاني.. حتى ولو كان أبوه.. أو أمه..
فيولد النبي يتيماً.. ماشافش أبوه.. و مايعرفش عنه غير ذكريات بعيدة سمعها من أمه..
فيُحرم أول ما يُحرم من استشعار حنان الأبوة.. عاطفة تفيض بها قلوب الآباء.. ولا توجد إلا عندهم..
عاطفة.. تستشعرها الطفولة.. الطفال بيحسوا بيها جداً.. و تشوفها أوضح ماتكون في نظرات الطفل المتعلقة بأبوه.. و السعادة اللي بتترسم على ملامحه لو فاز بنظرة أو لحظة اهتمام من الأب..
يحرم من استشعار هذه العاطفة.. و حتى حضن أمه.. يحرم منه.. و يربى في حضن مرضعته في البادية.. بادية بني سعد.. في الصحراء.. في الطبيعة البكر.. و بعيداً عن مكة..
يتم جديد.. يتم البعد عن الأم.. و الوطن..
و ينشأ النبي في البادية.. بين قوم عُرفوا بفصاحة اللسان.. و في بيئة تدعوا للتأمل ..
وديان تهدر فيها العواصف..
ورمال حارقة تحت الشمس.. و سماء تتلألأ فيها النجوم حول القمر..
سماء.. يزمجر في آفاقها الرعد.. و يلمع في أركانها البرق..
صحراء.. قاسية.. متقلبة.. جرداء خالية.. إلا من بعض خيام تنتشر هنا و هناك.. يأوي اليها الناس يحتمون بها من ظلمة الليل أو حرارة النهار..
كل ما يشغلهم هو البحث عن المرعى لغنمهم.. و فيما عدا ذلك.. فراغ لا يملأه من العمل قليل أو كثير..
فراغ لا يملأه إلا التأمل و التفكر و تقليب النظر في ملكوت الله..
الصحراء دي.. فيه ايه وراها ؟.. و ايه حدود السماء الزرقاء دي؟.. و ايه النجوم دي؟؟ و ايه القمر ؟؟ و ايه الشمس؟؟
مين اللي صنع كل ده؟..و مين اللي بيحكمه و بيديره بالدقة دي.. و بالجمال و الإبداع ده؟
و ازاي النباتات دي طلعت في الصحراء لوحدها؟.. و ليه اشكالها و ألوانها وألوانها مختلفة؟..
و ايه أنا؟.. و مين أنا؟؟.. جيت منين؟.. و رايح فين؟..
و ايه هي الحياة؟.. و ايه هو الوجود؟..و ايه هدفه و ايه غايته؟
أسئلة كتير لازم تيجي في بال أي إنسان فطرته سليمة نقية و عاش في بيئة زي دي..
أول حاجة تفتحت عليها عينا النبي.. هي الحيرة الفكرية دي أمام الوجود..
و يرجع محمد .. الطفل.. إلى أمه.. بعد سنين قضاها في البادية..
يرجع.. إلى مكة.. بهذه الحيرة.. و هي مازالت كما هي.. غافلة.. لاهية في دنياها و تجارتها و وثنيتها و سكرها و مواسمها و أعيادها.. الخ..
زي ما احنا دلوقت مشغولين و ملهيين في دنيانا.. بنلهث وراها.. كلما أعطتنا أكثر.. زاد جوعنا و لهاثنا وراءها..
عاد محمد الطفل إلى مكة.. فنظرت إليه.. و نظر إليها..
نظروا إليه بمنظار الوثنية.. فتعجبوا من أنه لا يمشي إلى أصنامهم لاهياً عابثاً كباقي الأطفال..
و نظر إليهم.. و لعله رأى بعيني الطفل البريئتين صوراً هزلية و مسخاً لكرامة الإنسان..
ماهذه الحجارة المنحوتة؟.. و فيم طوافهم بها؟.. وما هذه القرابين؟؟ و لمن يُتقرب بها؟.. وما هذه الدماء المسفوكة؟ و الفقراء جوعى لايصلون إلى شئ ولا يصل إليهم شئ..
ولكن. ماحيلته وهو طفل بين القوم..
يتيم.. لا يجد حضن أبيه ليرتمي فيه و يحتويه.. كباقي الأطفال..
لا يجده إلا في حديث الذكريات.. عندما تحدثه أمه عنه..
و كأنما حنت نفسه إلى زيارة البلد الذي حوى جسد أبيه.. و زيارة أقاربه هناك.. في يثرب..
و كأنما صادف هذا الحنين رغبة في نفس أمه.. فاستعدت للسفر.. و ارتحلوا و معهم أم أيمن.. حاضنته .. و ذهبوا إلى يثرب.. فزار أخواله و تعرف عليهم.. و لعب مع الأطفال في الطرقات.. وتعلم العوم في أحد الآبار هناك..
و في أثناء تواجدهم في يثرب.. رآه يهودها.. و لفت أنظارهم.. و تحدثوا عنه.. و سمعتهم أم أيمن.. فتوجست عليه منهم .. و أبلغت سيدتها آمنة.. فرحلوا عائدين إلى مكة..
و لكن.. تمرض آمنة في الطريق مرضاً.. بلَّغها الأجل..
وتهمس لابنها بكلماتها الأخيرة:
"كل حى ميت، وكل جديد بال، وكل كبير يفنى، وأنا ميتة وذكرى باقٍ ، فقد تركتُ خيرًا وولدتُ طهرًا..."
و يذوب صوتها في سكون الصحراء..
و يخيم الصمت على الكون..
صمتٌ .. لعله مُزِّق ببكاء مكتوم.. لطفل ينادي أمه.. فلا يجد جواباً..
و لعل عيناه تطلعتا إلى حاضنته أم ايمن.. تسألانها في صمت..
أهذا هو الموت؟.. الذي اغتال أبيه من قبل؟
أهذا الذي يمضي بالمسافر إلى حيث لا عودة في هذه الدنيا .. ولا مآب؟
و لكن.. لا جواب..
و تُكفن آمنة .. و يهيل عليها محمد الطفل الرمال بيديه..
و يعود إلى مكة وحيداً.. مع أم أيمن..
و يدخلها حزيناً.. بعد أن غادرها منذ أكثر من شهر و هو بادي الغبطة و التهلل مع أمه..
ويتلقاه عبد المطلب.. جده
و يقرأ الحزن المرسوم على صفحات وجهه ، فيرق له رقة لم يرقها على ولده، ويتعلق به بشدة..
و يقربه ويدنيه ولا يتركه وحيداً كي لا يستوحش..
و لا يأكل طعاماً إلا قال: علي بابني...
و يحرص عليه أشد الحرص..
و يجلسه معه على فراشه في ظل الكعبة .. بين الرجال و علية القوم.. و ينهاهم إذا منعوه الجلوس في مجلس جده.. و هو يمسح ظهره بيده ويظهر له رقة وحبا لم يكونا لأحد من ولده ويقول: دعوا ابني فوالله إن له لشأناً.
و لا تكاد تمضي سنتين.. إلا و محمد الطفل.. ذو الثماني أعوام.. واقف يبكي خلف سرير جده و قد فارقته الحياة..
و كيف لا يبكي .. و قد فقد بفقده الشخص الذي ملأ فراغ الأبوة و الأمومة معاً..
الجد العطوف.. الذي لم يفارقه مذ فقد أمه لا في سفر ولا إقامة.. ولا في نوم ولا يقظة.. لينسيه ألم اليتم.. و يمسح عنه الأحزان..
كيف لا يبكي.. و هو يفارق الأحباب واحداً تلو الآخر..



هذه كانت طفولة النبي باختصار.. ركزت فيها على النقاط اللي ممكن نتعلم منها شئ عملي .. و النقاط اللي ماذكرتهاش مش لأني رافضها.. أو مش مقتنع بيها.. و لكن لأني مالقيتش فايدة عملية من ذكرها..
لكن حابب باختصار اعلق على النقطة دي قبل ما ندخل في موضوعنا الأساسي لأنها قابلتني في العديد من الكتب اللي تعرضت للسيرة..
نقطة قلتها قبل كده.. و هي "الكبر العقلي".. ان حد يرفض مسألة معينة لمجرد ان عقله هو مش مقتنع بيها..
شفتها مع قضية شق صدر النبي و هو طفل في بادية بني سعد.. أو في القصص اللي اتكلمت عن ملاحظة اليهود له و هو طفل مثلا..
المشكلة هنا ان الرفض بناءا على عدم الاقتناع الشخصي فيه شئ من الغرور و الكبر.. لأن الشخص في الحالة دي مؤمن بانه يمتلك الحقيقة المطلقة..
مثلا.. اللي اعترضوا على قصة شق صدر النبي بانه روى القصة دي و هو طفل.. طب ماهي حصلت له و هو كبير و رواها برضه.. قبل الإسراء و المعراج..
و اللي اعترضوا على ان ده لو حصل.. كان مات.. لأن الجسم لايمكن يعيش و القلب براه!.. طب و هو تبقى فين المعجزة؟.. ثم ماعمليات القلب المفتوح بتتعمل دلوقت و القلب برة الجسم!
و اللي بيقول و هو ربنا محتاج يشق صدر النبي؟.. ما كن فيكون؟.. اجابة السؤال ده ببساطة.. لا يعلمها الا الله سبحانه وتعالى.. تقدر تسأله يوم القيامة ان شاء الله بعد ماتخلص حسابك..
و اللي مستغرب قصص انتباه اليهود و أهل الكتاب للنبي"صط و هو طفل و ملاحظتهم له.. هل عمركم ماشفتوا طفل صغير ملفت للنظر؟ مختلف عن اللي حواليه؟.. عينيه تحسوا ان فيها كلام؟..
خلاصة اللي عاوز اقوله.. هو ان إعمال العقل.. لايعني عبادة العقل.. أعمل عقلك.. بس اعرف حدوده..
مش لمجرد انك مش مقتنع بفكرة معينة تقرر انها غلط.. جايز انت مش مقتنع لأن ماعندكش معلومات كافية بخصوص الفكرة دي.. يعني عدم الاقتنا سببه نقص معلومات.. أو معلومات خاطئة من جهات غير متخصصة..
فساعتها ممكن تقول ان عندك علامات استفهام أو تساؤلات على النقطة دي.. لكن لا تستطيع أن تقطع بعدم صحتها..


نقطة تانية جانبية برضه..
دايما لما باتكلم في الموضوع ده بيجيلي سؤال غريب جدا.. عمره ماخطر على بالي.. ولا أظنه كان يخطر ببالي ..
ناس تسألني.. هو أبو النبي و أمه.. في الجنة والا في النار؟
طب و هو انت شخصيا عرفت انت في الجنة والا في النار؟
أنا أعرف انا في الجنة والا في النار؟
النبي ذاته يقول :" واعلموا أن أحدكم لن يدخله عمله الجنة". قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا أنا، إلا أن يَتَغَمَّدَنِي الله برحمة منه وفضل"
ماحدش يعرف.. ولا يهمنا اننا نعرف.. لكن هناك حقيقة واحدة ثابتة.. ان الله سبحانه و تعالى عادل.. لا يظلم أحداً.. لذا.. انشغل بنفسك.. و استعد لحسابك..

ونرجع لموضوعنا الرئيسي النهاردة..
الإنسان مايقدرش يفهم تجربة لم يخضها بنفسه.. و مايقدرش يحس بقيمة شئ لم يفتقده من قبل..
من أهم الدروس اللي تعلمها النبي و حُفرت داخله..
انه يعرف حقيقة الدنيا.. قيمتها الحقيقية.. يعرف ان مافيش شئ فيها دائم.. عشان كده.. مش لازم يتعلق بأي شئ أو حد فيها..
و الشعور بقيمة النعمة و شكر الله عليها..
للأسف الناس في زماننا ده.. و الشباب خصوصا.. واخدين كل شئ في الحياة For granted.. معتبرينه تحصيل حاصل.. عشان كده ممكن تلاقي بين ايديهم نعم كتير جدا.. و مش حاسين بيها.. بل حتى بيستهينوا بيها.. و بيسيئوا التعامل معاها..
لأن الأسرة بتبقى عاملة زي مصدات الأمواج.. شايله هموم الدنيا كلها عن الأبناء.. فمابيبقوش فاهمين حقيقةالدنيا.. و بيفهمومها بعد كده لما بيبداوا يخوضوا معترك الحياة بنفسهم و يتحملوا مسئوليات عمل و بيت و اسره.. بس في أحيان كتير.. بيكونوا ضيعوا من ايديهم نعم كتير قبل ما يفهموا الحقيقة دي..

النبي اتحفر المعنى ده في وجدانه.. فكانت تعظم في عينه النعمة مهما صغرت.. لكونها من المنعم سبحانه و تعالى..
كان شديد التعلق بالله سبحانه و تعالى.. لأنه اتعلم من طفولته ان مافيش حد دايم .. و ان الحياة مرحلة بنمر بيها و كلنا هانسيبها.... انها دار التواء لا دار استواء..

فأول نقطة عاوز اقولها.. حبكم الحقيقي لأولادكم.. هو انكم تسيبوهم يواجهوا الحياة و يخوضوا مصاعبها و يتحملوا نتيجة اختياراتهم عشان يتعلموا من تجاربهم..
صحيح كل أب و أم بيتمنى يبعد عن أولاده كل متاعب و هموم الدنيا.. لكن الحقيقة انه كده بيضرهم.. مش بيفيدهم.. ده نوع من الحب اللي يقتل.. لأنك مابتأهلهمش للاعتماد على أنفسهم في المستقبل..
أولادنا في الزمن ده للأسف غافلين تماما.. مغيبين.. منذ نعومة أظافرهم.. مسحورين إما اما شاشات الفضائيات.. أو الفيديو جيم.. أو الانترنت.. مش لاقيين حتى وقت يعرفوا فيه نفسهم.. و يستكشفوا مواهبهم.. و يستكشفوا الدنيا حواليهم..
الوقت اللي ربنا سبحانه و تعالى أنعم على النبي بيه في بيئة تدعو للتأمل.. طبيعة بكر.. و صحراء واسعة.. و أفق ممتد..
للأسف في اغلب مدننا الطبيعة مش متوفرة.. الأسمنت زحف على المناطق الزراعية.. و السماء مسدودة باللوحات الإعلانية.. حتى النجوم و القمر بقى صعب تشوفهم في بعض الأماكن بسبب التلوث الضوئي..
انقطعت علاقة الناس بالظبيعة لدرجة في بعض الدول المتقدمة الأطفال متخيلين ان البيض و اللحمة و اللبن بييجو من السوبر ماركت.. مش من المزرعة! ولا يعرفوا مصدر الحاجات دي ايه.. بتتزرع يعني والا بتتصنع والا ايه بالظبط!
خلاصة الكلام.. وفروا لأولادكم الوقت و البيئة اللي يعرفوا فيها نفسهم.. و ربهم..

نقطة ثانية.. و حقيقة مهمة جدا..
بنسمع كتير عن "العقيدة".. و أهمية "العقيدة".. ولا الناس يتعلموا "العقيدة"..
ووسط الكلام الكتير.. ضاع المعنى الحقيقي للعقيدة..
ضاع معنى.. ان حقيقة العقيدة مش المعلومات اللي في دماغك.. و لكن العمل الذي تعمله..
حقيقة العقيدة ليس ما ينبغي أن تعتقد.. بل ماينبغي أن تكون عليه..
لما تقول لي "سيارة".. يبقى لازم تكون بتمشي و تنقلني من مكان لمكان.. انما "سيارة" مابتمشيش.. يبقى مافيهاش موتور.. ايه قيمتها؟.. ايه لزمتها؟؟
يعني ايه؟
يعني إذا لم أعمل بما أؤمن به.. فأنا في الحقيقة.. لا أؤمن به..
كيف تؤمن و تعتقد بأن الله غني.. و أنه أنعم عليك بنعمة الإيجاد.. و أمدك و رزقك.. و هداك و أرشدك.. ولا تشكره؟
الله سبحانه و تعالى مش محتاج انك تشكره.. لكن انت محتاج انك تشكره.. لأن ده مقياس ماتؤمن به حقاً..
عشان كده.. من لوازم التوحيد.. الشكر.. الشكر نصف الإيمان.. من أخص خصائص المؤمن..

طب ايه هو الشكر؟؟
قيل.. " الشكر سيلان اللسان بذكر الله ونعمائه " ..
اللسان دائما يفصح عما في القلب.. من حب.. علامة محبتك لله .. كثرة حديثك عنه.. كثرة تعريفك للناس به..
و قالوا .." الشكر هو اختلاج القلب وتلهفه وتواضعه لكرمه ، وإعمال الجوارح في طاعته ، وتعظيم أوامره "..
تعظيم أوامر الله سبحانه و تعالى.. إعمال الجوارح في طاعته...
و قيل "الشكر ظهور أثر النعمة على لسان العبد ثناءً واعترافاً ، وعلى قلبه شهوداً ومحبةً ، وعلى جوارحه انقياداً وطاعة"
تشكر بلسانك.. بالثناء على الله سبحانه و تعالى.. و تشكر بقلبك.. بحبه و التعلق به دون غيره.. و تشكر بجوارحك.. بأن تنقاد لله عملاً و طاعةً..
و قيل.. " الشكر ألا ترى نفسك أهلاً للنعمة ،و أن ترى النعمة أعظم من عملك "
الشكر معرفة العجز عن الشكر ، والعجز عن الإدراك إدراك ، لأن الله عز وجل يقول :
"وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها"[ سورة النحل : 18]
أنتم عاجزون عن إحصائها ، فلأن تكونوا عاجزين عن شكرها من باب أولى .
وقيل : "هو عكوف القلب على محبة المنعم ، والجوارح على طاعته ، وجريان اللسان بذكره ، والثناء عليه "
دي بعض من كثير من التعريفات للشكر.. لكن خلاصتها كلها.. ان الشكر.. هو إدراك بالعقل.. أن هذه النعمة من اله سبحانه.. و امتنان بالقلب.. و عمل صالح تعبيراً عن شكرك له سبحانه.. مصداقاً لقوله تعالى :
"اعملوا آل داوود شكرا"..(سبأ 13)
فالعقل يدرك، و اللسان يشكر ، والقلب يمتن ، والجوارح تعمل..
و الشكر.. له ثلاث مستويات..
أول مستوى: معرفة النعمة..
معرفة النعمة.. أحد أنواع الشكر.. و لكن المشكلة التي تمنع من هذا المستوى من مستويات الشكر.. و هو أدناها.. إلف النعمة.. ننسى شكر النعمة لأننا ألفناها.. اعتبرناها تحصيل حاصل..
انسان عنده زوجة وفية.. لا تخونه.. نعمة كبيرة جدا.. لكنها مألوفة عند الناس.. و دي المشكلة.. الإنسان عندما يألف النعمة.. يتوهم انها ليست نعمة.. في حين انه لو فقدها لكانت حياته لا تطاق..
تخيل.. لو حرم الزوج من وفاء زوجته.. كيف يكون حاله؟
نعمة الزوجة الصالحة.. نعمة انك بتتمتع بصحتك.. أجهزتك الحيوية.. جوارحك.. حواسك الخمس..
نعمة الأب و الأم.. نعمة انهم عايشين.. و نعمة انك تكون عايش قريب منهم..
النعمة اللي أغلب الناس مابيحسوش بقيمتها الا بعد فوات الأوان.. بعد ماتروح منهم.. و يحسوا قد ايه الدنيا بقت فاضية و باردة من غيرها.. قد ايه ماحدش بيسأل على حد ولا حد بيفتكر حد.. لأن اللي بيفتكروا و بيحبوا بدون مقابل.. خلاص راحوا..
نعمة ان لك بيت.. ان لك وطن.. هي كل دي مش نعم؟.. تامل في حالك .. ياترى كم من النعم نسيتها لأنك الفتها؟..
شوف النبي .. كان ِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ : (( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا ، وَسَقَانَا ، وَكَفَانَا ، وَآوَانَا ، فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ وَلَا مُؤْوِيَ )) .
كم ممن لا كافي له.. ولا مُؤوي له..
و ليست غزة و العراق منكم ببعيد..
نعمة الماوى.. و السلامة.. نعمة انك تروح بيتك تلاقي بيتك زي ماسبته الصبح.. مافيش حد فيه ناقص..
هل شكرت هذه النعمة و غيرها؟
هل ظهر ده على سلوكك.. طب على كلامك؟
هل فاض حمد الله و شكره من قلبك فسرى على لسانك؟
بقيت بتقول : ربنا وفقني و نجحت واتخرجت بتقدير كويس و الحمد لله..
ربنا وفقني لوظيفة كويسة بدخل كويس..
ربنا أكرمني ببيت.. صحيح صغير.. بس الحمد لله.. فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي..
ربنا من علي بالشفاء.. هو الشافي.. مش الدكتور هو اللي شاطر.. هو اللي وفق الطبيب الى علاجك..
إن الطبيب له علم يدل بـه إن كان للناس في الآجال تأخير
حتى إذا ما انتهت أيام رحلته حار الطبيب و خانته العقاقير
من علي بنعمة الصحة..
أكرمني بزوجة صالحة..
أكرمني بأولاد صالحين..
ياترى الكلمات دي موجودة في قاموسك؟.. ربنا أكرمني.. ربنا وفقني.. ربنا قدرني..
لو مش موجودة.. الحق زودها.. ولا تكن كقارون..
"قال أوتيته على علم عندي".. شاف ان اللي وصل له كله بشطارته بس..
أنا تعبت و شقيت.. اللي وصلتله ده بعرقي.. ده انا سهرت الليالي..
طب أين الله؟
عمل عملاً طيباً.. يقولك أصل أنا أهلي ربوني كويس.. اصل احنا عائلتنا كذا و كذا... و بنعمل كذا و كذا..
"قال أوتيته على علم عندي"..
فماذا كان مصيره؟
"فخسفنا به و بداره الأرض"..
عمرك شفت حد ربنا خسف بيه الأرض قبل كده؟.. كان في سابع سما.. و نزل لسابع أرض؟
كان مال.. و جاه.. و صحة.. و فجاة.. لا مال.. ولا جاه.. ولا صحة؟
تأمل حواليك.. هاتلاقي كتير.. بدرجات مختلفة.. و قل الحمد لله على العافية.. نعمة تانية..

أول مستوى من مستوى الشكر.. أن تعرف النعمة.. و تقدرها.. و تعظم في عينك.. و تنسبها الى الله سبحانه و تعالى.. ان ده يكون طبع من طباعك بدون تكلف..
الله أكرمني..
الله وفقني للدعاء.. فوالله لولا أن أطلق لسانك بالدعاء لما دعوته..
شوف النبي.. أحمد الحامدين..
يقول :
(( ألم تكونوا ضلالا فهداكم الله بي )) .
ما قالش : فهديتكم ... الله اللي هداكم.. وما أنا إلا رسول..
ده أول مستوى.. أقل مستوى.. أضعف الإيمان..
ثم يأتي مستوى أعلى..
أن يمتلئ القلب حباً و امتناناً لله عز وجل حتى يفيض الحب بالذكر يسريع على لسانك..
عمرك قلت من قلبك.. حسيت انها فعلا طالعة من قلبك و بتسري في جسمك لغاية ما فاضت و طلعت على لسانك.. "الحمد لله".. "سبحان الله".. "الله أكبر".. "سبحان ربي العظيم"..
تبقى في الصلاة.. و تقوم من الركوع فتسمع .."سمع الله لمن حمده"..
فيلهج اللسان بما فاض به القلب..
يارب.. لك الحمد و الشكر و النعمة و الرضا.. حمدا كثيرا طيبا...
يارب.. غمرتني بفضلك..برحمتك.. بحلمك.. بتوبتك..
"سمع الله لمن حمد"..
يارب.. لك الحمد حمدا كثيرا طيباً.. على عطائك.. على سترك.. على حبك..
اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني ، وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك علي ، وأبوء بذنبي فاغفر لي ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت..

يبقى المستوى الأعلى... أن يمتلئ القلب حباً.. و يفيض اللسان بذكر الله و الثناء عليه..
و المستوى الأعلى و الأعلى..
أن يُترجم الشكر إلى عمل.. لا مجرد كلام..
شكر الجوارح.. بعد شكر اللسان..
"اعملوا آل داوود شكرا".. (سبأ 13)
و قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( مَنْ لَمْ يَشْكُرْ الْقَلِيلَ لَمْ يَشْكُرْ الْكَثِيرَ ، وَمَنْ لَمْ يَشْكُرْ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرْ اللَّهَ ، التَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ ، وَتَرْكُهَا كُفْرٌ ، وَالْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ ، وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ )) .
من لم يشكر القليل.. لم يشكر الكثير.. لأن عنده مشكلة.. مش شايف قد ايه الحاجة اللي معتبرها صغيرة دي نعمة.. لو كان حاسس انها نعمة.. ماكانش شاف انها قليلة أساسا..
لذا كان النبي زي ماقلنا.. تعظم في عينه النعمة مهما دقت..
و من لم يشكر الناس.. لم يشكر الله..
اللي مش حاسس بفضل الناس عليه و هم قريبين منه و شايفهم و مش قادر يقولهم شكرا.. تفتكروا يقدر يحس بفضل الله و منته عليه و هو مش شايفه؟
و شكر الناس.. مش بس المعنى الظاهر .. بانك تقولهم شكرا.. أو جزاكم الله خيرا..
لكن بأن تشكر الله سبحانه و تعالى عمليا بجوارحك بخدمة خلق الله و عباده..
ووالله.. زي ماقلت احنا اللي محتاجين نشكر ربنا مش هو اللي محتاج شكرنا..
والله.. اللي يؤدي شكر الله بخدمة خلق الله.. بيعيش جنة في الدنيا..
ما اظنش فيه حد فينا ماجربش شعور السعادة و الراحة و الطمئنينة اللي بتبقى في القلب يوم مابيعمل عمل خير.. مهما كان بسيط.. انشالله حتى انك تشرب حيوان عطشان.. أي حاجة..
و قيس على كده بقى كل إنسان من موقعه..
الطبيب اللي بيعالج اللي مايقدرش على مصاريف العلاج مجاناً.. و مش بس كده.. بل بيعامله بنفس الاهتمام و العناية اللي بيعامل بيها المريض اللي دافع.. لأن المريض ده معاه واسطة.. انه عبد من عباد الله..
الطبيب اللي في مستشفى حكومي مليان إهمال.. لكنه بيعامل المرضى بمنتهى الأدب والاحترام و الرقي و الاهتمام كأنهم داخلين أغلى مستشفى خاص..
الغني اللي بيوسع على الناس اللي حواليه و يحدث بنعمة الله بأن يعطيهم منها و شركهم فيها..
النماذج لا تنتهي.. و مش بس اللي بيعمل خير بيستشعر السعادة دي.. و لكن أي حد لما بيسمع عن قصة من القصص دي.. بيشعر بشئ من الراحة.. و السعادة.. بيحس ان الدنيا فيها خير..
نفسك تعيش في الجنة و انت في الدنيا؟.. اخدم الناس.. ارحم الضعيف.. عالج المريض.. أطعم الفقير.. اكفل اليتيم..
الخلاصة..
" فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا" (سورة الكهف 110)
من كان يرجو لقاء ربه..
نفسك تلقى الله سبحانه و تعالى؟.. كلنا سيقف بين يديه للحساب.. لكن لقاء عن لقاء.. يفرق..
تفتكر ملك يقابل فرد من رعيته ازاي؟.. هايكون شكل المقابلة دي ايه؟
طب لو الفرد ده أنقذ ابن الملك من الموت.. لقاه بيغرق مثلا و أنقذه.. تفتكروا هايقابله ازاي؟
ربنا سبحانه و تعالى هايوقف الخلق كلهم بين يديه فردا فردا للحساب..
لكن ياترى الانسان اللي ربنا أنعم عليه.. فعظم هذه النعمة.. و قدرها.. و حمد الله و شكره قلباً.. و قولاً.. و فعلاً.. و بقى يخدم عباد الله شكراً لله على نعمائه.. تفتكروا لحظة اللقاء دي هايكون شكلها ايه؟
" فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا.."
نفسك تصلي بخشوع و تحس بكل كلمة بتقولها.. بل يبكي القلب قبل العين تأثرا بما تقرأ من كلام الله في صلاتك؟..
نفسك تحس ان ربنا بيحبك؟.. انك غالي على ربنا؟.. اخدم عباده..أياً كانوا.. كلهم عباد الله.. كلهم خلق الله..
نقطة تانية مهمة جدا... وهي ان بقاء النعمة و استمرارها و حفظها.. مرتبط بشكرها..
الشكر.. قيد النعم..
"لئن شكرتم لأزيدنكم" ..
ربنا أنعم عليك بنعمة ما؟.. نفسك النعمة تستمر ولا تُسلب منك؟.. أدي شكرها..
و اعلم..
"إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ" ( سورة الرعد الآية : 11 ) .
طول مابتؤدي شكر النعمة.. فأنت في سعة من إنعام الله..
لكن.. يوم ماتتغير أخلاقك.. و تستغني عن الله بعد إنعامه.. فانتظر زوال نعمه..
الله سبحانه و تعالى.. إذا أعطى.. أدهش.. و إذا أخذ.. أيضاً أدهش..
كم من أناس كانوا ملء السمع و البصر.. مال.. جاه.. شهرة.. بريق.. و فجأة.. زال كل هذا .. و انتهت حياتهم و هم نسي منسي..
المال.. أزمة اقتصادية ممكن فجأة تبلعه كله..
الولد.. لولا حفظ الله له.. رعونته ممكن تضيعه في لحظة..
العقل.. و الذكاء.. والثقافة.. اللي ممكن تفرح بيهم.. جلطة صغيرة في أصغر شريان في المخ.. تنهيهم..
نعوذ بالله من أن يكون هذا حالنا..
اللهم ارزقنا الأدب معك.. و شكر نعمتك..
إذن.. الشكر قيد النعم..
و زي ماقلت.. مش بس شكر اللسان.. بل هذه النعم أمانة.. أد شكرها بالاحسان الى خلق الله..
قال :
((ما عظمت نعمة الله على عبد ، إلا اشتدت عليه مؤنة الناس ، فمن لم يحتمل تلك المؤنة للناس ، فقد عرض تلك النعمة للزوال)) .
ربنا رزقك مال وفير.. و منصب ممكن من خلاله تخدم الناس.. و لقيت الناس بيتزاحموا عليك بمطالبهم.. محتاجين مساعدتك.. يبقى ايه موقفك؟.. تتبرم؟.. تضجر؟..
ربنا رزقك علم و فهم و أنعم عليك بانه فتحلك قلوب الناس و سمحلك انك تعرف الناس عليه و تدعوهم اليه.. و برضه تزاحم الناس عليك باسئلتهم و استفساراتهم و طلب المساعدة..هاتتصرف ازاي؟
هاتقول لي بس اعمل ايه.. مانا بني آدم.. من حقي ارتاح..
بإيدك ترتاح من كل ده.. بس تأتي يوم القيامة و تقف أمام الله خالي الوفاض.. مفلس..
الله سبحانه و تعالى ماجعل حوائج الناس عندك.. إلا لأنه أحبك.. هدية من الله سبحانه و تعالى..
أحب الله أن يهبك عملا صالحاً يقربك إليه.. فجعل حوائج الناس عندك..
جعلك غنياً.. لكي تنفق..
جعلك عالماً.. لكي تعلم..
جعلك ذو نفوذ.. لتساعد الخلق..
أترد الهدية؟..
يقول : " إن لله أقواما اختصهم بالنعم لمنافع العباد ، يقرهم فيها ما بذلوها ، فإذا منعوها نزعها منهم ، فحولها إلى غيرهم"

خلاصة كلامنا النهاردة.. عود نفسك انك تشوف الإيجابيات.. أن تشكر الله..
مش باقولك انسى همومك و البس نظارة وردي و عيش في وهم.. الهموم هموم.. و المشكلات مشكلات.. لكن ماتخليش همومك.. تنسيك نعم الله عليك.. ماتخليش همومك تخليك تحتقر نعمة الله أو تستصغرها..
استشعر نعمة انك بتصحى الصبح سليم زي مانمت.. غيرك بينما مابيصحاش.. بيلاقوه في غيبوبة..
استشعر النعمة دي و قولها بصدق..:"الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني"..
و انت قاعد بتفطر.. استشعر النعمة اللي انت فيها.. قدامك أكل.. و معاك المال اللي تجيب بيه قوت بقية اليوم.. مهما كان بسيط.. و استشعر نعمة انك قادر تاكل اساسا.. غيرك عايش على محاليل.. أو ممنوع من أكلات معينة.. أو مايقدرش ياكل الا لو أخد ادوية معينة قبل الأكل و بعده..
قادر تشرب؟.. احمد لله.. غيرك بيشرب بحساب.. أو بيُمنع من الشرب لأن جهاز الكلى الصناعية في المستشفى عطلان.. أو عليه زحمة.. أو دوره لسة ماجاش..
انت لو عندك هموم الدنيا كله.. و في يوم اكتشفت ان عندك ورم خبيث.. هاتفضل فاكر همومك؟.. يبقى الصحة نعمة تستحق الشكر والا لأ؟
عندك زوجة تتقي الله.. مخلصة ليك.. أمينة على مالك.. سكن ليك.. تتقدر بإيه النعمة دي؟
والله الواحد بيتالم بشدة.. لما يلاقي زوج لا يقدر هذه النعمة.. بانه يسخر منها أو يشتكي من الزواج بسخرية أو لا يصون هذه النعمة بانه يخون زوجته حتى ولو بنظرة.. خائنة الأعين.. و هي خيانة لله اولا..
عندك أولاد.. الطفل اللي بيجري و يلعب في البيت و قاعد يتلزق و يتمسح فيك ده مش نعمة؟ تفتكر بيتك من غيره يبقى شكله ايه؟ و لو قعدنا نتكلم في النقطة دي مش هانخلص.. بس اديك لمحات بسيطة بتفوت على ناس كتير جدا..
كون الطفل ده اتولد سليم.. مش نعمة؟.. و هو بيتولد في المستشفى كان فيه غيره في حضانات لأن نموهم ما اكتملش أو لأن عندهم مشاكل تانية.. تفتكر لو كان اتولد عنده أي حاجة حتى ولو بسيطة.. من أول الأنيميا.. لغاية الإعاقات العقلية.. كان هايبقى حالك ايه؟
أخ بيحكيلي.. كانت زوجته حامل و موعد ولادتها قرب.. بيقول جالي خاطر ماكانش بينيمني الليل.. بيقول.. قعدت افتكر ذنوبي.. و اتخيل لو ربنا عاقبني عليها في ابني..
ربنا رزقك بطفل سليم.. هل انتهت النعمة على كده؟
مين اللي بيحفظلك الطفل ده؟.. كم مرة قدام عينيك كان هايحصل له حادثة أو اتعرض لخطر و بينك و بينك خطوات بس لايمكن تلحقه.. و لقيت ربنا نجاه؟.. مين اللي نجاه و حفظه؟.. دي مش نعمة؟..
حتى المصائب.. هي في باطنها نعمة.. نعمة باطنة.. لأنها بتبقى عاملة زي الفرامل.. ينفع سيارة مايكونش فيها فرامل؟.. المصائب دي هي الفرامل اللي بيربي الله سبحانه و تعالى بها الإنسان.. أو يوقفه عند حده لو ماشي في طريق غلط..
لما تضحك من قلبك.. احمد الله.. و اشكره.. دي مش نعمة؟
ممكن تبقى قاعد في بيتك مع زوجته و أولادك و لك أطفال ماليين البيت فرح و ضحك.. و يجيلك خبر على التليفون مثلا يقلب مزاجك.. يقلب كيانك.. ساعتها افتكر " و أنه هو أضحك و ابكى"..
ألله كما يُضحك.. يُبكي.. كم ابكى رجالاً على ماوصلوا اليه من القدر و المكانة و الجبروت.. بكوا.. قهرهم الله.. يسوق الله اليه المصيبة تاديباً أو قصماً.. فتسأله عن حاله.. فلا يجد الكلمات.. فيكون جوابه.. دموعه..

حذار من أن يتبلد القلب.. فلا يشعر بنعم الله.. انظر الى من هم أدنى منك .. فذلك أحرى أن لا تحقر نعمة الله عليك..
نصيحة غالية جدا.. في أمر الدنيا.. انظر الى من هم أدنى منك.. و في أمر الاخرة.. انظر الى من هم أعلى منك بميزان الآخرة.. ده حافظ لكتاب الله و عامل به.. ده انسان على خلق قويم تحسبه يتقي الله.. له أعمال كالجبال.. انظر الى هؤلاء.. و اطمح أن تكون مثلهم..

و استشعر نعمة الله.. و احمد.. و اشكره..
اشكره قلباً.. و قولاً.. و عملاً.. و من لم يشكر الناس.. لم يشكر الله..
ولا تنسوا الفضل بينكم..
من أسدى إليكم معروفاً فكافئوه.. فإن لم تجدوا.. فادعوا له..

و حتى نلتقي.. لا تنسونا من صالح دعائكم
سبحانك اللهم و بحمدك..
نشهد أن لا إله إلا أنت..
نستغفرك و نتوب إليك..
و الحمد لله رب العالمين..











رد مع اقتباس
قديم 2011-02-22, 13:12   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية ¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
 

 

 
الأوسمة
المركز الثاني في  مسابقة التميز في رمضان 
إحصائية العضو










Icon24

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
اللهم افتح علينا حكمتك و انشر علينا رحمتك يا ذا الجلال و الإكرام
و صل اللهم و سلم على حبيبنا و نبينا محمد و على آله و صحبه اجمعين..

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله..
اللهم افتح علينا حكمتك و انشر علينا رحمتك يا ذا الجلال و الاكرام.. و صل اللهم و سلم على حبيبنا و نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين..
وقفنا في المرة الماضية مع النبي طفلا.. يتيما.. يفقد الأحباب واحدا بعد اللآخر..
و هاهو يفقد حبيبا جديدا..
ها هو .. الطفل ذو الأعوام الثمانية.. واقف خلف سرير جده عبد المطلب و هو يحتضر..
هذا الجد الذي شغف به شغفا شديدا.. حتى أنه كان يغار عليه حتى من عينيه.. كان إذا قال "ائتوني بابني.. أين ابني".. و لم يحدد أي أبناءه يقصد.. عرفوا أنه يبحث عن محمد..
كان يتأمل محمدا قرة عينه و قلبه و هو طفل يصر أن يجلس في مجلس جده عند الكعبة بين كبار القوم.. و يمنع أعمامه أن يمنعوه.. و يضحك قائلا.. دعوا ابني فإنه يأسس ملكاً..
هاهو عبد المطلب.. على فراش الموت.. يبكي بكاءا شديدا.. لأنه لن يستطيع أن يضم محمدا الى صدره مرة أخرى..
يبكي.. و هو الذي لم تطرف له عين أمام جيش أبرهة الزاحف الى مكة..
و يحن أبو طالب.. عم النبي إلى هذا الطفل الحزن القابع خلف سرير جده.. و يرق لحاله.. و كربه.. و بثه.. فيحمله إلى بيته.. و يرعاه كأنه من صلبه.. ينسيه وحدته و يتمه بمعاملة تذوب رحمة و حناناً.. فكان صورة من أبيه "عبد المطلب" في جميع ما كان يولي محمدا من حب و عطف و رعاية..
و تبدأ مرحلة جديدة من حياة محمد .. يستمر فيها صنع الله لشخصيته..
مرحلة لا نجد لها كثير تفاصيل في كتب التاريخ..و لكننا نجد ومضات مضيئة.. إن دلت على شئ فتدل على أن ما لم نعرفه عن هذه الفترة أكثر وضاءة مما عرفناه..
فهاهو .. يتيم في بيت عمه.. حيي بين أولاد عمه لا تسبق يده أيديهم إلى طعام..
و هاهو يعمل في أشقى المهن و أبسطها.. رعي الغنم.. ليعين عمه بدلا من أن يكون عالة عليه..
و هاهو يلمح رسالات القدر الذي يحفظه من الشرور و الدنايا.. فيبتعد عنها ولا يقربها.. عندما حاول أن يحضر عرسا من أعراس قريش.. فغلبه النوم.. فلم يعد اليها بعدها أبدا..
و هاهو يغشى مجالس قريش منصتا و متفاعلا مع ما يسمع كما كان يحب أن يغشى مجالس جده و هو طفل صغير.. حتى أن أحد من رآه من الأعراب ليستغرب و يقول "ما أعجب شأن هذا الغلام.. انه اذا لم يعجبه قول نظر اليكم نظرة لو كانت سهاما لخرقت اجسادكم.. و لو طاب له القول نظر نظرة والله لو كانت ريحا لأنشرت أمواتكم"
و هاهو يشارك كفرد فعال في المجتمع.. يشارك في أحلافهم و اتفاقياتهم.. و يشارك في حربهم إن لم تكن ظالمة..
و هاهو ينتزع من قلوب قريش لقبا طغى على كل اسم هو له.. الأمين.. انتزعه من قلوبهم قبل أن يبذلوه بألسنتهم.. فقد جربوه و خبروه.. و الأمانة لا توهب إلا بعد التجارب..
و هاهو يجمع عليه أهل قريش كلهم و يرضون بحكمه الذي لولاه لقامت حرب أهلية طاحنة حول شرف وضع الحجر الأسود في مكانه بعد إعادة بناء الكعبة..
هاهو محمد.. في سني شبابه.. التي ذكر الله بها من كذبوه من أهل قريش قائلا في كتابه العزيز "...فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ " (يونس:16)
كيف يُصنع النبي؟.. و كيف يُربى الداعية؟..
سؤال حسيت بأهميته جدا في السنين الأخيرة.. خصوصا بعد ظاهرة ما يسمى بـ "الدعاة الجدد" و ما تلاها من ظواهر أخرى كـ "الفضائيات الدينية" و "دعاة الفضائيات"..
الظواهر اللي خلتني محتار.. لماذا أسمع ضجيجا ولا أرى طحنا؟.. لماذا أصبح حضور كثير من الدعاة لا يختلف كثيرا عن غيابهم؟
هل الداعية عبارة عن كاريزما و لباقة في الحديث و حسن هندام مع قليل أو كثير من المعلومات الدينية؟
اجابة السؤال ده في الأربعين سنة اللي قبل بعثة النبي.. المتأمل فيها يعرف ليه ما أكثر الإبل التي لا نجد فيها راحلة في زمننا هذا.. ليه الأصوات كتير.. و اللي بيتكلموا كتير.. ولا أثر لذلك على أرض الواقع بين الناس سوى في المظهر فقط.. لكن النفوس و الأخلاق مازالت كما هي..
لا تنجح الدعوة ولا تؤثر في المجتمعات.. الا اذا تربى الداعية أولا من داخله.. قبل أن يصبغ خارجه بصبغة الالتزام..
فهاهو النبي... رسول الله.. و الناس مؤمنون به بالفعل.. و يمتلك كل مقومات التأثير في الناس و تأييد الله عز و جل له.. ماذا قال الله له؟.. انه مع كل هذه المقومات.. " وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ"..
سنه من سنن الله في الكون.. و سبحان الله.. المتأمل في واقعنا.. يجد أن الرموز في حياتنا أو النجوم أو الناجحين.. تعلو أقدارهم و حظوظهم في قلوب الناس و مدى تأثيرهم بهذه الخاصية.. بمدى قدرتهم على التوافق مع الجميع و اكتساب الأصدقاء.. و ان كان ظاهريا فقط..
انتبهت الى هذه النقطة مرة في لقاء لي مع أحد الشباب المميزين ممن حققوا الكثير من الانجازات في حياتهم في سن صغيرة.. و لفت نظري قدرته العجيبة على التآلف مع كل الناس الذين مروا بنا.. مع عامل النظافة في الشارع.. مع الجرسونات في المطعم.. مع الكاشير في المقهى.. لم يترك انسانا مر بنا الا و فتح حوارا و تضاحك معه .. بالرغم من انه غالبا لن يراهم مرة أخرى و ان قابلهم لن يذكرهم ولن يذكر أسماءهم..
مبدأيا لا أحب هذا الأسلوب ان كان يستخدم كـ"تكنيك" لما فيه من تلاعب بمشاعر الناس و اعطاء مظهر كاذب للاهتمام بهم على غير الواقع..
و لكن الشاهد هو.. أن المحصلة النهائية اني وجدت أن أقوى مقومات تأثير الفرد فيمن حوله.. هو قدرته على التآلف معهم و تكوين علاقات اجتماعية لا يشوبها التصادم و الاختلاف حتى ولو اختلفت الآراء و القناعات..
"وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ"..
لذا.. نحتاج أن نتأمل و نرى.. كيف تشكلت شخصية النبي في الفترة الأولى من حياته.. طفلا.. و صبيا.. و شاباً.. كيف أثر في مجتمعه و تأثر به.. كيف رباه الله.. كيف صنعه على عينه.. كي نفهم أسرار تصرفاته بعد ذلك.. نفهم لماذا عاقب.. لماذا عفى.. لماذا سكت.. لماذا تكلم..
أول ملمح نراه في حياة النبي قبل البعثة.. هو "اليتم".. و هو ملمح عجيب لمن يتأمله..
يذكرنا و يلفت نظرنا.. أن موسى عليه السلام.. ربي يتيما كذلك.. بدون أب... عيسى عليه السلام كذلك.. لم يكن له أب.. فما سر هذا اليتم؟
تجد أن اليتم يحدث في النفس انكسارا..
و سبحان الله.. تلاحظ هذا في الأطفال.. الطفل عندما يخاف من شئ.. لا يهرب منه.. بل يجري و يهرع إلى أبويه.. حتى ولو كانوا في نفس اتجاه الخطر الذي يخاف منه..
بل تجد الطفل إن عاقبه أبوه أو أمه بضربه مثلا.. لا يجري بعيدا عنهما.. بل يبكي في أحضانهم.. و هم ذاتهم سبب بكاءه عندما عاقبوه..
فإلى من يجري اليتيم و يهرع؟ وقد فقد هذا الحضن؟
فينشأ هذا الانكسار.. حتى ولو عطف عليه الآخرون و أكرموه.. لأنه يعلم في النهاية أنهم ليسوا أهله.. لا يمكن أن يعوضوه حضن الأب و الأم..
هذا الانكسار.. لو تغذى بشئ من القهر و الغلظة و القسوة.. لو عومل اليتيم بهذه الطريقة.. ينشأ إنسانا شديد الحقد و الحسد و البغضاء و النقمة على المجتمع الذي يعيش فيه.. معادلة غالبا ما تنتج "مجرماً" لا يتورع عن تخريب المجتمع الذي يعيش فيه ولا يرقب فيه إلا ولا ذمة..
أما إذا قوبل هذا الانكسار بالرحمة و الحنان.. يحدث عجباً.. ينتج انسانا يفيض رحمة و سماحة و تواضعاً و خلقاً سهلا طيبا.. منكسرا الى الله عز و جل..
لذلك لا نستغرب أبدا للأهمية الشديدة التي أولاها الله سبحانه و تعالى للأيتام.. و تجد الآيات تنهمر توصي المسلمين باليتامى..و تحذر أشد الحذر من الاساءة اليهم أو أكل حقوقهم..
و لنتأمل مثالا لنعلم مدى الأهمية التي أولاها الاسلام لهذه المسألة.. تجد في سورة الانسان مثلا قوله تعالى " وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ".. ما جزاءهم؟.. تجد الآيات بعدها تنهمر انهمارا في وصف النعيم الذي استحقه من أظعموا اليتيم و أكرموه..
" فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا .. وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا .. مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا .. وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلا .. وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا .. قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا .. وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلا .. عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلا .. وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا .. وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا .. عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا .. إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا "
عد كده أنواع النعيم؟..
آيات تهز القلب هزا.. تشعر كأنك في الجنة بالفعل و أنت تقرأها.. لماذا؟.. "و يطعمون الطعام"..
و في المقابل تجد آيات ينخلع لها القلب.. في وصف حال من يسئ إلى اليتامى.." كَلاَّ بَل لّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ".. فماذا كانت النتيجة؟
" كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا .. وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا .. وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى .. يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي .. فَيَوْمَئِذٍ لّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ .. وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ "

و تجد أيضا أن الله سبحانه و تعالى يخوفك على أبنائك اذا تركتهم يتامى.. من أجل أن تبر يتامى اللآخرين.. فيقول :
" وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا .. وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا ..إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا .." "سورة النساء"
و هكذا.. تجد أن الاسلام يبني مجتمعا قائما لليتامى بالقسط..
أما يتم النبي.. فكان عجباً.. قلنا أن انكسار اليتم اذا وجد رحمة فهو يبني شخصية الانسان على الرحمة و الخلق الكريم.. و اذا وجد قسوة و شدة أفسد شخصية الانسان..
فما الذي حدث مع النبي في يتمه؟.. اذا تأملنا هذا الملمح.. تذوقنا حلاوة قول الله تعالى "ألم يجدك يتيماً فآوى".. هل تعرفون أكرم أو أرحم من الله؟.. الله سبحانه و تعالى هو من آواه.. و ربناه.. اذا تأملنا هذا المعنى.. فهمنا وصف الله سبحانه و تعالى للنبي بأنه على خلقٍ عظيم..
كيف رباه الله و آواه؟
تجد أن النبي في طفولته عرف الكرم يصب اليه صباً.. بالرغم من تنقله من يد الى يد أخرى ترعاه.. من يد امه الى حليمة ثم الى امه مرة أخرى ثم الى جده ثم الى عمه.. تغيرت البيوت و تغير الأشخاص.. و لكن الكرم و الحب واحد.. لأن من يؤيه في الحقيقة.. هو الله سبحانه و تعالى.. و البشر ماهم الا مجرد وسائل اظهار هذا الكرم و الرحمة..
كيف انعكس هذا على شخصية النبي؟
هل أفسده الكرم الشديد ممن حوله فتحول الى طفل مدلل؟. أبدا.. بل نجده و انكسار اليتم أصيل فيه.. نجده في بيت عمه.. بين أولاد عمه و هم على مائدة الطعام.. الأولاد من حوله ينتهبون الطعام و هو لا ينتهب معهم.. ولا تسبق يده أيديهم.. بل يتركهم حتى يأكلوا و يفرغوا.. لذا كان أبو طالب يرعى بنفسه مسألة طعامه حتى يتأكد بنفسه أنه قد أكل.. انما محمد .. لا يمد يده.. ولا ينتهب ما أمامه.. فنجده من صغره قد رُزق بوقار المنكسر المُكرَم المتأدب.. فنشأت فيه توليفة عجيبة من الأدب و الخلق الرفيع..
ثم.. كيف قابل هذا الكرم و الرحمة و الحب ممن حوله؟.. بتحمل المسئولية..
فيكون مقابل الاكرام أن يكرم هو أيضا من حوله.. لا أن يتدلل عليهم..
فيعمل محمد الطفل.. ذو الثمان سنوات في أحد أبسط المهن.. رعي الغنم.. يرعاها لأهل مكة على أجر زهيد.. يساعد به عمه في نفقة بيته..
و نقف وقفة مع قضية "رعي الغنم".. و هي نقطة دائما ما نمر عليها مرور الكرام بالرغم من أهميتها.. فلكل انسان حظ و نصيب من مهنته.. العمل بيؤثر بشكل جذري على الشخصية.. فما كان أثر العمل برعي الغنم على شخصية محمد و هو طفل صغير مازالت شخصيته في طور البناء و النمو؟
تأمل معي و تخيل.. هو طفل يتيم.. و قلت من قبل.. الطفل اذا شعر بالخوف.. يبحث عن أبويه و يجري في اتجاههما حتى ولو كانا في نفس اتجاه الخطر.. يبحث عنهم بعينيه في وجوه من حوله..
العجيب.. أن الغنم من الحيوانات التي لها نفس السلوك.. عند الشعور بالخطر.. تجري الى الراعي.. أو تنظر اليه.. نظرة يعرفها محمد اليتيم جيدا و يستشعرها.. فكان هذا يصب الرحمة صبا في قلبه.. فهو يرحم الغنم التي يرعاها تماما كما رأى من رحمة و كرم من هم من حوله..
و تعلم كيف يقود. و كيف يسوس أمة..
من رعي الغنم؟؟؟ كيف؟
تأمل معي.. لو أن غنمة من القطيع شردت و بعدت.. فذهبت خلفها و أعدتها.. فشردت مرة أخرى.. فذهبت و أعدتها.. و هكذا ظلت كلما تعيدها تشرد.. مرة.. اثنتين.. خمسة.. عشرين مرة.. كيف تتصرف؟
هل تغتاظ منها فتتركها و ترحل بباقي القطيع؟.. ينتهي القطيع غنمة وراء الأخرى و يهلك رأس مالك..
أتضربها أو تقتلها؟.. نفس النتيجة..
أتناقشها بالحجة و تقنعها بالعقل؟.. لا ينفع..
ما الحل؟.. الحل الوحيد هو أنها لو شردت مهما شردت.. تصبر عليها و تذهب وراءها فتعيدها برفق..
هكذا تعلم النبي الرفق في معاملة الناس و الصبر عليهم.. لذا لا تعجب أبدا أنه كان كما وصفه الله تعالى " حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ"
أيضا.. كما رأيناه يجلس في مجلس جده.. مع علية القوم.. نجده يعمل مع رعاة الغنم الضعفاء.. يعيش معهم.. يرى انكسارهم.. يرى كيف يخافون من سادتهم.. و يستشعر وطأة الظلم عليهم اذا ظلمهم أحد.. إذ صار منهم..
يعمل معهم.. و يعيش بينهم.. يستشعر ضعفهم..

نقطة أخرى نلمحها في هذه الفترة.. و هي عصمة الله له عن الدنايا.. حمايته من أن تنزلق قدمه و هو من يصنعه الله على عينه و يربيه.. وقايته من دنايا المجتمع من حوله.. من الجاهلية المحيطة به.. و الجاهلية ليست فقط مجرد عبادة أصنام كما يعتقد البعض.. بل هي كل مايترتب على "الجهل بالله".. كل الأخلاق التي تظهر أعراضها على من لا يعرف ربه ولا يرتبط به..
يقيه الله سبحانه و تعالى.. في مجتمع يسجد فيه الناس لحجارة نحتوها بايديهم.. يطوفون بالبيت الحرام عرايا.. يعاقرون الخمر.. مجتمع يحكمه قانون الغاب.. يأخذ القوي فيه ما يشاء و يفعل ما يشاء بلا حساب.. مجتمع الزنا فيه عادي و مقنن.. القمار فيه عادي و مقنن.. الى غير هذا من مظاهر الجهل بالله..
و أهم من هذه الوقاية.. فهم النبيعن ربه.. تحدث له الحادثة.. فيفهم.. ولا يعود أبدا الى ما كان منه .. فنجده يروي لنا و يحكي.. كيف هم مرة أن يحضر عرساً من أعراس القوم.. و فيه مافيه من فحش و معاقرة خمر.. فيسمر كما يسمر الغلمان في قريش.. فيجد انه كل ما هم بذلك.. غلبه النوم.. فلم يدر بنفسه الا و حرارة الشمس توقظه في اليوم التالي.. فلا يعود الى ذلك أبدا..
لا يعود الى ماكان منه.. و لكنه في نفس الوقت ليس منعزلا عن المجتمع.. ليس منطويا.. مهما كان المجتمع فاسدا..
فلا يمكن أن يكلف النبيبالرسالة و هو لم يخبُر المجتمع الذي يعيش فيه و لم يعرفه و يعرف أعرافه..
ولا يمكن أن يعيش النبي 40 سنة في عزلة عن مجتمعه.. ثم يكلف فجأة بتحمل مسئولية دعوة هذا المجتمع..
بل لا بد أن تبنى و تشكل شخصيته و لا بد أن يعرف المجتمع و أن يعرفه المجتمع جيدا..
بالاضافة الى أن من يعيش في عزلة عن المجتمع.. يتحول مع الوقت إلى إنسان عاجز.. لا ينفع نفسه ولا ينفع المجتمع.. فهو لا يعرف المجتمع ولا يعرف أعرافه ولا يعرف كيف يعيش فيه..
أما النموذج الذي يرتضيه الله.. هو النموذج الذي عاشه النبي ووصفه في الحديث الشريف :"المؤمن الذي يخالط الناس و يصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم"
يخالط الناس.. الناس جميعا.. لا المؤمنين و الملتزمين فقط..
يعيش بين الناس.. يصلح بينهم.. يخدمهم.. يسعى في مصالحهم.. يسعى اليهم و يبذل لهم النصح و الموعظة بالحسنى.. هذا فرد ينفع نفسه و ينفع مجتمعه.. فرد فعال..
لذا.. ننظر الى حياة النبيفي صباه و شبابه.. فتجده يخالط الناس.. و لكن العجيب.. أنه بينهم فقط في معالي الأمور وحدها.. و غائب عن الدنايا..
فنجده يغشى مجالس قريش و ندواتهم و يتفاعل معهم.. حتى و هو طفل.. و تخيل أثر ذلك عليه.. طفل يجلس كثيرا ليسمع حوار الكبار.. فيتحول الى شخص ذو عقلية راجحة..لأنه يتعلم الكثير من خبرة من هم أكبر منه في السن..
و نجده يعرض عن المشاركة في حرب الفجار إذ كان فيها انتهاك لحرمة الأشهر الحرم و انتهاك لحرمات القبائل.. حرب كان الطرفان فيها على باطل.. و ان كانت قريش أقرب الى الحق.. فنجده يعرض عن المشاركة في الحرب في الأيام الثلاثة الأولى.. و في اليوم الرابع بدأت الكفة تميل لصالح الفئة الأكثر ظلماً.. للظالمين على قريش.. و بدا الأمر أن المعركة ستنتهي ضد المظلوم أكثر لصالح الظالم الأشد.. و هو النفس التي تفيض رحمة.. أفلا يرحم قومه؟. فاذا به في اليوم الرابع بشارك معهم بحمل الدرع ليصد بها الأسهم أن تصل إلى أعمامه و هم في صدر الجيش القرشي.. أو يجمع السهام التي سقطت و تناثرت في أرض المعركة .. لكنه لا أمسك سيفا يضرب به.. ولا أمسك بسهم يرميه.. ولا طعن بحربة.. ولا شارك في فجورهم بأي شكل من الأشكال..
شئ عجيب.. سنه الآن 15 سنه.. و مع ذلك.. لا يرتكب فجورا من فجور القوم.. و في نفس الوقت لا يتركهم لينتصر الأظلم على خصمه.

و نجده ممن شاركوا في "حلف الفضول".. عمره الآن 20 عاما.. يشارك في حلف عقدته العرب لنصرة المظلوم.. في مجتمع يأخذ فيه القوي ما يريد بغير حساب..
يشارك في الحلف.. و هو شاب صغير السن.. بين كبراء قريش و أشياخها..

و نجده محط اجماع قريش.. عندما اختلفوا على من ذا الذي ينال شرف وضع الحجر الأسود في مكانه بعد أن أعادوا بناءها.. و كان هو ممن شاركوا في البناء..
اختلفوا.. و كادت أن تقوم بينهم حرب أهلية.. و ما أهون أسباب الحروب التي تطول عشرات السنين عند العرب.. حروب تستمر لأجيال متتالية لسبب بسيط..
فقالوا نحكم بيننا أول من يدخل من باب الحرم.. و كان أول الداخلين محمد .. فقالوا جميعا "الأمين .. ارتضيناه حكماً"..
قصة نسمعها كثيرا ولا ننتبه الى عمق مغزاها.. فلنقف معها ، نتأمل سويا ..
في ظاهر الأمر.. أن النبي كان أول من دخل عليهم قدَراً.. مصادفة..و المصادفة لون من ألوان القدر.. ولا فضل له في ذلك.. و الحقيقة أن المسألة أكبر من ذلك..
المسألة .. هي أنه من ذا الذي قال بأن العرب ينزلون على رأي من اتفقوا بتحكيمه ان خالف هواهم؟ ألم تقم بينهم حرب داحس و الغبراء 70 سنة لمجرد أنهم رفضوا أن ينزلوا على رأي لجنة التحكيم في سباق بين الإبل؟.. اللجنة تقول بأن بعير أو ناقة فلان هو أو هي من فاز بالسباق.. و أحد المشاركين يرى أنه ظلم و ناقته أو بعيره هو الذي سبق.. فقامت الحرب التي استمرت لثلاث أجيال متتالية!.. هؤلاء.. أكانوا ينزلون على حكم محمد لمجرد أنه تصادف أنه أول من يدخل عليهم من باب الحرم؟؟؟
ثم نقطة أخرى عجيبة.. و مهمة.. و هي أن النبي لما حكم بينهم ماذا فعل؟.. خلع عباءته هو.. و هو من فرشها.. و هو من أمسك بالحجر الأسود ووضعه على العباءة.. و طلب منهم أن يمسك كل منهم بطرف من العباءة و يحملوها سويا.. و عند موضع الحجر الأسود.. أخذه هو ووضعه بنفسه...! .. أليس محمد من بني عبد المطلب؟.. و أليس بنو عبد المطلب ممن شاركوا في بناء الكعبة و أيضا ممن اختلفوا على من ينال شرف وضع الحجر الأسود في مكانه؟ أليس بهذه الطريقة بنو عبد المطلب هم من نالوا هذا الشرف في النهاية؟.. هل فات قريش ذلك؟ لا أظن..
اذن ما السبب؟ لماذا رفضوا أن يقوم بهذه المهمة أي أحد منهم.. ووافقوا على محمد تحديدا..؟
السبب.. و السر.. فاض من قلوبهم الى ألسنتهم.. لأنه "الأمين"..لأنهم يعلمون أنه لا يطلب شرف الدنيا.. أنه لا يحمل أجندة أو أهدافا شخصية خفية.. ليقينهم.. أنه لا يطمع فيهم.. ولا في ما في أيديهم.. انسان لم يؤثر عنه أنه اختلف مع أحد قط أو جادل أحدا قط لهدف في نفسه..
و هنا لنا وقفة خطيرة جدا.. لماذا تفرقوا على الناس و اجتمعوا عليه؟.. لأنهم يعرفونه.. كيف يعرفونه؟.. لأنه شخص فعال في المجتمع متفاعل معه و ليس منعزلا عنه.. لم يكن شخصا غافلا يقبع في بيته ولا دور له فيما يدور حوله..
كما أنهم كانوا يعلمون يقينا أمانته.. فقد كانت أماناتهم عنده حتى يوم الهجرة.. يحاربونه و يجتمعون على قتله و أماناته عندهم.. لم؟.. لأنهم يعلمون يقينا أنه لا يراهم غنيمة مستباحة.. هذا هو الاسلام.. أن يعلم عدوك أنك لا تراه غنيمة مستباحة لأنك صاحب مبادئ.. أن يرى عدوك أن أمنه بين يديك أنت.. لأنك صاحب عقيدة.. تحب الخير للناس.. تكره من الناس ذنوبهم و أخطاءهم ولا تكرههم لذواتهم.. لذا لا نعجب أبدا حين نرى النبي يدعوا و يقول "اللهم أعز الإسلام بأحب العمرين اليك"و يقصد عمر بن الخطاب و عمرو بن هشام "أبو جهل" و هم يومها أعدى أعداء الإسلام.. لم يدع عليهم.. ليس هذا هو الاسلام.. بل النفس الأمارة بالسوء هي التي تنازعنا في الدعاء على الناس.. أما الاسلام.. فيجعل عدوك يشعر بمنتهى الأمن و هو بين يديك أنت.. الاسلام .. عاطفة تأسر من أمامك في أنس منك.. و هذا شئ سنراه مرارا و تكرارا في رحلتنا مع النبي.. ليس الاسلام ولا الالتزام أبدا أن نتسبب في أن يكره الناس الدين لأنهم يكرهوننا.. بأن نكون حجر عثرة أمام التزام الآخرين.. أن نكون على حال استعاذ منها سيدنا ابراهيم في قوله تعالى "رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ "
بل يجب أن يطمع الناس دائما في كرم المسلم.. أن تكون صاحب الفضل دائماً.. ولا تمل الفضل.. ولا تمنن تستكثر.. أنفق و أعطِ و خالق الناس بخلق حسن .. كن كالشجرة.. يرميها الناس بالحجر.. فترميهم بالثمر.. لماذا؟؟ لأنك صاحب دعوة.. لأنك ترجو أن يهديهم الله و تطمع في الأجر من الله سبحانه و تعالى.. لأنك تحب النبيو تقتدي به..
رأينا سويا تلك الفترة الشديدة الأهمية في حياة النبي .. فترة صناعة و بناء الشخصية المحمدية.. فترة جمع الله فيها لرسوله كيف درب كفاءته و فعاليته في المجتمع.. و كيف عرفه بالناس و عرف الناس به.. و كون خصائصه و خصاله النفسية و العملية .. و كيف شكل منه قوة يحترمها الناس جميعا.. يحكم بين الناس فيأتي حكمه صوابا.. يحمل أمانات الناس.. يفضله الغلمان و العبيد على آبائهم.. يفضلون الرق معه على الحرية عند آبائهم و أمهاتهم.. كيف أنه كان يشارك في أمور جامعة.. محمد في ندوات قريش و مجالسهم و حلف الفضول و حرب الفجار. بل يهدم و يبني الكعبة و يحكم مع من يحكم فيها..
و لكن ليس ثمة محمد أبدا في مجلس خمر ولا في خيمة زنا ولا في لهو صبيان ولا في عرس حتى و هو صغير السن.. محمد موجود مع ضعفة الغلمان في صفاء الجو و هو يرعى الغنم.. يتعلم معهم الرحمة يتعلم الرفق.. لكنه ليس معهم اذا اتجهوا الى الفحش من القول أو الى الفساد منه. رجل أعده الله تعالى اعدادا... حماه حماية.. ينشأ مكرما.. يتيما ضعيفا منكسرا لكنه مكرم فتتفجر عنده الرحمة.. و ينشأ متحملا للمسئولية لا مدللاً.. و يسافر ليعمل في التجارة الخارجية في شمال الجزيرة العربية و يمكث في سوق مكة ليعمل في التجارة الداخلية.. فيتعلم من بقائه في السوق قوانين السوق الواحدة الثابتة و المترددين عليه و الوافدين و القبائل و الناس.. و يتعلم من السفر أخلاق السفر و كيف يكون غريبا في بيوت الناس لأنه غدا يكون غريبا في يثرب و هو يعيش حياة المهاجر..
كانت هذه طفولة و صبا و شباب النبي ..
و حتى نلتقي.. لا تنسونا من صالح دعائكم..










رد مع اقتباس
قديم 2011-02-22, 13:17   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية ¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
 

 

 
الأوسمة
المركز الثاني في  مسابقة التميز في رمضان 
إحصائية العضو










Icon24

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
اللهم افتح علينا حكمتك و انشر علينا رحمتك يا ذا الجلال و الإكرام
و صل اللهم و سلم على حبيبنا و نبينا محمد و على آله و صحبه اجمعين..


رأينا النبي سويا في طفولته و صباه.. و نحن معه اليوم في أوج شبابه..
عمره اليوم خمس و عشرون سنة.. و ليس له بمكة اسم إلا "الأمين"..
الأمين.. قد نظن أنه مجرد لقب.. لكثرة ما نسمع من ألقاب في زمننا لا معنى لها ولا قيمة لها.. لما كثرت الألقاب الفارغة.. ضاعت في نفوسنا معاني و قيم الألقاب اذا اطلقت على من استحقوها..
حتى نستشعر معنى أن تجمع قريش كلها على تلقيبه بـ"الأمين" ولا ينادونه الا بهذا الاسم.. أحكي لكم واقعة بسيطة و لكنها ذات مغزى خطير..
عندما قررت قريش أن تعيد بناء الكعبة لما أصابها من تلف بسبب العوامل الطبيعية حتى كادت تنهار.. اتفقوا على أن لا يضعوا في بنائها إلا مالا حلالا.. و قريش لم تكن قبيلة فقيرة.. و لكن.. و ياللعجب.. قريش كلها لم تجد لديها مالا حلالا يكفي لبناء غرفة واحدة من الحجارة دون زينة أو زخارف .. مجرد غرفة صغيرة من الحجر و هي الكعبة.. لذا بنوها على مساحة أصغر من مساحتها الحقيقية و لم يدخلوا فيها حجر اسماعيل..
بلد غنية.. و لكن لا يوجد فيها مال حلال يكفي لبناء غرفة صغيرة.. من الحجر.. دون زخارف ولا زينه ولا اضافات.. بناء من ابسط ما يكون.. مساحته أصغر من بيت أي من سكان هذا البلد.. و أهلها يعلمون أن مالهم حرام..هؤلاء.. اذا اجمعوا على تلقيب شخص ما بـ"الأمين" فهم يقدرون أمانته حقا.. لا يطلقون ألقابا فارغة..
يشكو له عمه أبو طالب يوما ضيق ذات اليد.. يقول له :
"يا ابن أخي أنا رجل لا مال لي.. و قد اشتد الزمان علينا و ألحت علينا سنون منكرة.. و ليس لنا مادة ولا تجارة، و هذه عير قومك قد حضر خروجها الى الشام.. و خديجة بنت خويلد تبعث رجالا من قومك في عيرانها فيتاجرون لها في مالها و يصيبون منافع.. فلو جئتها فعرضت نفسك عليها لأسرعت اليك ..و فضلتك على غيرك ..لما يبلغها عنك من طهارتك.. و ان كنت لأكره أن تأتي الشام و أخاف عليك من يهود.. و لكن لا نجد من ذلك بدا"..
و كانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة.. ذات شرف و مال كثير.. كانت نجمة في المجتمع القرشي.. و كانوا يسمونها "الطاهرة"..
كانت خديجة تبعث بتجارتها الى الشام مع قوافل قريش و تستأجر من الرجال من يدير تجارتها .. و كانت قريش قوما صنعتهم الأولى التجارة.. و من لم يكن تاجرا من قريش.. فليس عندهم بشئ.. سمة من سمات المجتمعات الجاهلية.. ان قيمة الانسان لديهم تحدد بما يملك من مال.. أو بمهنته..
فماذا يفعل النبي أمام رجاء عمه.. الذي يجد نفسه مضطرا الى هذا اضطرارا بسبب ضيق ذات اليد رغم خوفه على محمد من السفر خشية أن يراه اليهود فيعرفوه..
ماذا يفعل.. و هو الكريم الرؤوف بعمه.. و لكنه في نفس الوقت عزيز لا يعرض نفسه ولا يطلب من أحد شيئا.. لا يستشرف الدنيا ولا يطلب الرزق الا بعزة نفس..
لم يكن منه الا أن تلطف مع عمه.. و ترك المجال في يده و اكتفى بقوله :"فلعلها ترسل إلي في ذلك"..
و لكن أبا طالب حرصا منه على منفعة مواتية .. يخشى إن هو تأنى و تلبث أن تفوت فلا تعود، أظهر تخوفه ذلك لمحمد عساه يبعث فيه شيئا من اللهفة و الحرص على عرض نفسه كما طلب منه فقال له : "إني أخاف أن تولي غيرك فتطلب أمرا مدبراً"..
و بقي محمد في موقفه من العزة و التسامي ، فبلغ هذا الحوار خديجة ، فرأت منفذا أرسلت منه صوتها تدعو محمدا و تعرض عليه العمل في مالها في اطار من التكريم و التعظيم يشعره أنها هي التي تتطلع الى ذلك و لكنها ماكانت تعلم أنه يريده، فلما بلغ أبا طالب ماكان بين محمد و خديجة من اتفاق فرح فرحا شديدا ، و قال لرسول الله حين لقيه : "هذا رزق ساقه الله اليك.."
فخرج مع غلامها ميسرة حتى قدم الشام ، فنزلا في سوق بصرى في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب يقال له "نسطورا"، فاطلع الراهب الى ميسرة – و كان يعرفه – فقال ميسرة : رجل من قريش من أهل الحرم ، فقال له الراهب : مانزل تحت هذه الشجرة إلا نبي (أي أن من نزل تحت هذه الشجرة الآن نبي)..
ثم قال له : في عينيه حمرة؟ قال ميسرة نعم، لا تفارقه
قال الراهب: هُوَ هُوَ و هو آخر الأنبياء ، و ياليت أني أدركه حين يؤمر بالخروج ..
فوعى ذلك ميسرة ، ثم حضر رسول الله سوق بصرى فباع سلعة، فقال الرجل : احلف بالات و العزى .. فرفض النبي و ظهر على وجهه الضيق.. و لكنه مازال على حسن خلقه و لين طبعه..، فقال الرجل : القول قولك..
ثم قال لميسرة –و خلا به- : يا ميسرة هذا نبي، تجده أحبارنا منعوتا في كتبهم، فوعى ذلك ميسرة ثم انصرف أهل العير جميعا.
البعض ينظر الى مثل هذه الروايات على انها ضرب من "الدروشة".. و هم معذورون .. فهم مازالوا لا يستوعبون صورة المجتمع آنذاك.. لذا أحاول أن أقرب الفكرة اليكم من واقعنا..
في مجتمع جاهلي.. أخلاق الناس فيه على قدر من البذاءة لا يقل أبدا عن مانعرفه في واقعنا بـ"بيئة الموالد" أو "الأسواق الشعبية"..
في مجتمع نسي الناس فيه خلق "الحياء".. لدرجة أن الرجل منهم كان يخرج الى الخلاء ليقضي حاجته بصحبة صديق له.. الاثنان مكشوفي العورة.. أمام بعضهما البعض.. يقضيان حاجتهما.. و يتسامران!.. كما نقول في الواقع البذئ الذي نعيشه في يومنا هذا :"عادي.. رجالة قدام بعض".. و كما نرى في بعض دول الغرب من مراحيض مفتوحة.. بلا أبواب أو فواصل.. و تجد رجلان أو عدة رجال يجلسون بجانب بعضهم البعض و هم يقضون حاجتهم.. منهم من يتصفح جريدته.. و منهم من يتحدث في هاتفه.. و منهم من يتجاذب أطراف الحديث..
في مجتمع يجمع المال من حله و حرامه مع سبق الاصرار و الترصد.. بل من حرامه قبل حلاله.. حتى أن بلدا بكاملها لا تجد فيها مالا حلال يكفي لبناء غرفة صغيرة.. و هي الكعبة..
في مجتمع سكران.. فاقد العقل.. منغمس في الملذات المحرمة..
عندما يظهر بين هؤلاء شخص ليس فيه أي من صفاتهم هذه.. بل نقيضها تماما.. قمة في حسن الخلق و الذوق الرفيع و الحياء.. قمة في الأمانة.. قمة في البعد عن المال الحرام و الملذات المحرمة من خمر و زنا و غيره..
هذا الشخص يكون مميزا جدا بين الناس.. لا تخطئه عيونهم أبدا.. كالشمس نزلت من السماء تسير بين البشر.. كما نقول في واقعنا انه "ابن ناس قوي"..
في هذا الواقع.. و هذا حالهم.. و هذا حال النبي.. كانت لا تخطئه عيون أهل الكتاب العالمين بطبيعة الزمان و المنتظرين لمن يهدي الله الدنيا على يديه و قد انطفأت مصابيح الهدى في العالم كله إذ أن آخر نبي بُعث مضى على زمانه أكثر من ستة قرون..
لذا كانوا اذا رأوه.. و رأوا حسن سمته و خلقه.. هفت اليه قلوبهم.. و حدثتهم.. أنه إن لم يكن هو.. فمن يستحق أن يكون؟؟
تماما كما نعيش في واقعنا الآن.. كلما شارفت مدة رئاسة رئيس دولة على الانتهاء.. تجد الناس يتاملون الوجوه من حولهم في المجتمع.. و كلما رأوا شخصا مؤثرا قياديا.. تجدهم التفوا حوله و حدثتهم قلوبهم أن هذا الشخص لا بد أن يكون هو الرئيس القادم للبلاد..
عندما ننظر الى هذه الروايات بهذا المنطق و بهذا الفهم.. لا نجد فيها أي غرابة على الاطلاق..
و نعود الى أحداث رحلة النبي مع ميسرة .. و كان الله قد ألقى على رسول الله المحبة من ميسرة ..فكان كأنه عبد لرسول الله ..
و باعوا تجارتهم و ربحوا ضعف ما كانوا يربحون..
فلما رجعوا.. و حكى ميسرة لخديجة ماكان من محمد .. و ما قاله الراهب.. و قول الآخر الذي خالفه في البيع..
تذكرت خديجة..
تذكرت رؤيا كانت قد رأتها.. أن الشمس نزلت من علياء السماء.. و دخلت بيتها..
رؤيا أولها لها ابن عمها ورقة بن نوفل.. و كان ممن اعتنقوا النصرانية و درسوا كتبها.. أولها لها بأن نور النبوة سيدخل بيتها..
و تذكرت ما كانت تسمعه كثيرا مثل غيرها من أنه أظلهم زمن نبي آخر الزمان..
تذكرت كل هذا.. و هي ترى محمدا بعين غير عير عيون من حوله..
فقد عرفته بما عرفه به قومه أمينا صدوق الحديث ، عزوفا عن الدنايا، طموحا لعوالي الأمور ، متساميا بنفسه عن مغامز المروءة ، كسوبا للخير ، بل هي قد عرفت محمدا أكثر مما عرفه قومه، عرفته عاملا في مالها و صحبه في سفره غلامها الأمين ميسرة ، فحدثها عن أخلاقه في السفر و العمل ، و حدثها عما شهد من دلائل مستقبل هذا الفتى الكريم، و حدثها عن تنبؤات الرهبان ، و حدثها عن مظاهر رعاية الله له، و رأت هي من مظاهر الرعاية ما عجبت منه نساءها.. فوقع في قلبها.. أيضا.. أنه إن لم يكن نبي هذا الزمان.. هو محمد.. فمن يكون؟
فكان ما نعرفه جميعا.. من تساميها بالرغبة في أن يكون محمد زوجا لها ..فأرسلت إليه صديقتها لتُعرِّض برغبة خديحة في الزواج منه.. و كان محمد واضح القصد , واضح العذر , فهو لم يتكلف التأبي على الزواج ولم يتظاهر بعدم حاجته إليه , ولكن يمنعه من الإقدام أن يده لاتملك ما يتزوج به ، بل لعله أبدى أنه في حاجة اليه و لكن يمنعه من الاقدام أن يده لا تملك ما يتزوج به، لقد وضح الطريق و سهلت مهمة الصديقة الأمينة و دُعي محمد الى الجمال و المال و الشرف و العقل و الكمال، إلى خديجة بنت خويلد سيدة نساء العالمين فأجاب كفؤا كريما، و زوجها عمها وزوج محمدا عمه..
و كانت خديجة في سن اكتمال الأمومة و كان محمدا في سن اكتمال الشباب، و في هذا من أسرار الموافقات النفسية ماتضيق دون أدائه العبارة، لأن محمدا كان –بعد مامضى من عمره فيما قدر الله من ألوان الحياة الصارمة- إلى عاطفة الأمومة و حنانها و برها أدنى منه حاجة إلى عاطفة الزوجة و حبها، و خديجة كانت هي الزوجة في حبها، و هي الأم في حنانها و برها، لذا.. كانت خديجة امرأة واحدة لم تتكرر في الحياة.



عدة نقاط أود الحديث عنها قبل التفصيل في موضوعنا الرئيسي لليوم..
أولا.. موقف النبي عندما ألمح اليه عمه أبو طالب أن يعرض نفسه على خديجة للتجارة في مالها.. و عزة نفس النبي و استغناءه..
كم نحتاج في زمننا هذا الى تعلم هذه القيمة.. قيمة أن من يستغنِ يغنه الله..
إن أردت الغِنى.. استغن عما في أيدي الناس.. يغنك الله..
انما طالما أنت متطلع إلى ما في أيدي الناس.. مستشرف له.. فالنتيجة هي العكس تماما..
يقول النبي حديثا معناه:"من أخذ المال باستشراف نفس لم يبارك له فيه.. و كان كالذي يأكل ولا يشبع"
و العلماء على أن رزق الانسان يقل بقدر ما يسأل الناس استكثارا لا احتياجا حقيقيا.. فمن فتح على نفسه باب مسألة فتح الله عليه باب مذلة..
أحاول أن أقرب لكم الصورة أكثر.. النموذج الذي يتحدث عنه النبي تماما كما نرى فيما يعرف بـ"البوفيه المفتوح".. ترى بعض الناس يملأ أطباقه من كل شئ.. استكثارا.. لا جوعا.. لمجرد أن مسموح له من أن يأخذ كما يحلو له.. فتجده لا يأخذ بقدر احتياجه.. ولا حتى بقدر ما يتسع له طبقه..
لم يكن النبي هكذا.. و لم يكن يهين نفسه بهذه الصورة .. بل كان يسعى على رزقه بعزة نفس.. وبلا تعلق بما في أيدي الناس..



ثانيا.. من الأمور التي لم يستشرفها النبي أو لم تتطلع لها نفسه.. النبوة.. فهو سمع مرارا و تكرارا على مدار حياته قبل البعثة ما يقال حوله.. من أنه هو نبي آخر الزمان أو أن فيه صفاته على الأقل.. و بالرغم من هذا فوجئ بأمر الرسالة.. كيف؟
كما سنرى على مدار السيرة.. النبي لم يكن يرى نفسه.. بل لم يكن له نفس يراها أساسا.. تماما كدأب الأتقياء الأخفياء.. يضايقهم كثرة مديح الناس و إطرائهم و ثناءهم عليهم.. ولا يكون له اعتبار لديهم ولا يصدقونه.. فالداعية إن صدق مديح الناس و ثناءهم عليه.. سقط... و لم تقم له قائمة بعدها أبدا..
تماما كقصة تُروى.. أن رجلا أمسك في يده بعرة (فضلات البعير).. و صار الناس يمرون به و يقولون :"في يدك تمرة".. حتى صدقهم.. فأكلها!



النقطة الثالثة.. و هي موضوعنا الأساسي اليوم..
هو حديثنا عن الطاهرة.. الحب الأول.. خير نساء الأرض.. أمنا السيدة خديجة رضي الله عنها .. سيدة الأتقياء الأخفياء..
هي خير نساء الأرض... كما أخبرنا النبيقال:" " حسبك من نساء العالمين: مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة ابنة محمد، وآسيه امرأة فرعون ".
كانت بما تميزت به من خلق و شرف، و مال و جمال . كانت السيدة الأولى في مكة بلا منازع. و لما تأيمت.. كان كل شريف من قريش يتمنى أن يتزوجها..و قد طلبوها و بذلوا لها الأموال.. و لكنها لم تر كفؤا لها للزواج إلا أن يكون نبيا.. فهي وحدها التى توقفت عندما سمعت قول اليهودى: (يانساء تيماء، إنه سيكون فى بلدكن نبى يقال له: أحمد، يبعث برسالة اللّه، فأيما امرأة استطاعت أن تكون له زوجاً فلتفعل. فحصبته النساء وقبحنه وأغلظن له. وأغضت خديجة على قوله ولم تعرض له فيما عرض فيه النساء).
ولم يخطر موضوع الزواج على نفسها إلا عندما سمعت الكرامات التى نقلها ميسرة. وما تعرف من خلق هذا الصادق الأمين. والحري به أن يكون النبى المنتظر. وعندما ربطت بين القضيّتين لم تتردد لحظة واحدة فى الإقدام على الزواج، وتذليل كل صعوباته وكانت تعيش على هذا الأمل منذ اللحظة الأولى .. كما ورد في الأثر.. أنها أخذت بيد النبي قائلة :
"بأبى أنت وأمى، واللّه ما أفعل هذا لشىء ولكنى أرجو أن تكون النبى الذى سيبعث فإن تكن هو فاعرف حقى ومنزلتى وادع الإله الذى سيبعثك لى."
فقال لها : " واللّه لئن كنت أنا.. لقد اصطنعت عندي ما لا أضيعه أبدا، وإن يكن غيرى فإن الإله الذي تصنعينن هذا لأجله لا يضيعك أبدا ".
لقد كان هذا الامر هو الذى استحوذ على قلبها. وعندما تم زواجها من رسول اللّه وهى تكبره بخمسة عشر عامأَ، رأت من خلقه ومروءته ما ملأ كيانها اعتزازاً وفخراً، وأملاً بأن يكون هو النبى المنتظر. وكانت تنقل هذه المعانى إلى ابن عمها ورقة ابن نوفل. الذى كان لا يفتأ يتحدث عن نبى أظل زمانه. ويقرأ فى الكتب، ويبحث فى الإرهاصات، التى رافقت سفر النبى إلى الشام. وينتظر، ويطول به الانتظار حتى يقول:
لججت وكنت فى الذكرى لجوجـا لهم طالمـا بعث النشيجـا
ووصف من خديجـة بعد وصف فقد طـال انتظارى ياخديجا
ببطـن المكتيـن علـى رجائـى حديثك أن أرى منه خروجا
بمـا أخبرتنـا مـن قـول قس من الرهبان أكره أن يعوجا
بـأن محمـداً سيـسـود فينـا ويخصم من يكون له حجيجا

و تم الزواج.. و نهلت من معين المصطفى المختار خمسة عشر عاماً قبل البعثة، تتربى على يديه، وتتمثل خلقه وتأتسى به. لذا لا نعجب أبدا، لثقتها المتناهية برسول اللّه، وأنه هو النبى المنتظر، عندما فجأه الوحى فى حراء. فقد رأت منه هذا المستوى الخلقى الرفيع والأفق العظيم .. فجاءت كلماتها التي لازال صداها يتردد على مر الزمن:
"كلا واللّه لا يخزيك اللّه أبدا.. إنك لتحمل الكل، وتقرى الضيف وتكسب المعدوم، وتؤدى الأمانة، وتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتعين على نوائب الحق، فاقبل الذى جاءك من اللّه فإنه حق، وأبشر فإنك رسول اللّه حقا."
والله لا يخزيك الله أبدا.. كأنها تذكره بالكلمة التي قالها لها من قبل :" فإن الإله الذي تصنعينن هذا لأجله لا يضيعك أبدا "
عاشت معه يوما بيوم.. لمدة خمسة عشر عاماً قبل البعثة.. فازدادت يقيناَ وإيماناً بأنه هو النبى المصطفى- عليه الصلاة والسلام- و انصهرت و ذابت بخلقه وشخصه ومُثُلِه.
ومع لحظات الوحى الاولى، وفى الوقت الذى كان- عليه الصلاة والسلام- يخشى أن يكون هذا الوحى رئياً من الجن قالت كلمتها الخالدة: "أبشر يا بن عم، و اثبت فوالذى نفسى بيده إنى لأرجو أن تكون نبى هذه الأمة."
لقد حازت فضل صحبة النبي قبل الخلق أجمعين، وكانت تتعامل مع نبى منذ اللحظات الأولى لزواجها.
فما كان رسول اللّه يطمح إلى الوحي، ولا يعرف شيئًا عنه، ولم يكن بذهنه انتظار جبريل، لقد كان الأمر جديداً كل الجدة عليه، حتى ليمضى فزعاً إلى خديجة- رضى اللّه عنها- يخاف أن يصيبه مس من الشيطان، ويخشى على عقله مما رأى وسمع. ولعل أمر النبوة فى حس خديجة- رضى اللّه عنها- كان أكبر منه فى حس النبي.. فقد عاشت تأمل و تنتظر..
لقد كان الوحى مفاجأة كاملة لرسول اللّه ، بينما كان عند أم المؤمنين خديجة تحقيقاً لإنتظار طال، فخديجة وابن عمها ورقة كأنهم يرونه رأى العين أهلاً لهذه النبوة.



هنا.. نحتاج أن نقف قليلا و نتأمل.. مع نفسية النبي.. مع مراحل الوحي الإلهي له..
فهو عليه الصلاة والسلام قد اصطفاه ربه فأبعده أولأَ عن تلقى العلم البشرى القاصر حين اختاره أمياً. فأصبحت هذه من خصائصه الأولى.
لقد كان علم أهل الكتاب يعج فيه الصحيح بالسقيم والمستقيم بالمنحرف، والثابت بالمدخول كما قال- عز وجل: (فَوَيْل لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيْل لَهُم مِّمَّا كتًبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْل لَهُم مِّمَّا يَكْسِبُون ) .
فالقارئ يأتى لهذه الكتب فيختلط عليه الحق والباطل، فحفظ اللّه رسوله من ذلك و من أن يقرأ فى كتاب أو يطلع عليه.
ومع هذه الأمية، فقد يوجد بعض الأميين الذين يقصدون أهل الكتاب ليأخذوا العلم منهم ويبنوا أحكامهم على ما يسمعون. والهوى عند أهل الكتاب لم يكن فقط فيما كتبوه بل كان بما حدثوا به كما يقول عز وجل: (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هوَ مِنْ عند اللَّه وَمَا هُوَ منْ عند اللَّه وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُون ).
وحفظ اللّه رسوله من أن يأتى كاهناً أو يجلس إلى راهب يتلقى منه العلم.
لقد كان علم النبي علماً ربانيا من لدن العليم الخبير، لم يخالطه علم بشرى قاصر، وكان حقاً صرفاً يطبعه اللّه- تعالى- فى قلب نبيه.
ومن هذا المنطلق، فقد طبع اللّه تعالى نبيه على بغض الشعراء والكهان، وفطره على البعد عن الأحبار والرهبان. فالشعراء والكهان يزعمون صلتهم بالجن والشياطين، والاحبار والرهبان يزعمون أنهم يتلقون من عند اللّه- عز وجل-.. وعصم اللّه تعالى نبيه عن مصادر المعرفة البشرية هذه كلها، وبقى فؤاده الشريف نقيا من أن يتلوث بهذه المصادر..
وبينما كان المجتمع الجاهلى، ومجتمع أهل الكتاب، والمثقفون والعلماء فيه يتلهفون إلى ظهور النبى المنتظر، وخاصة أهل الكتاب الذين وصفهم الله تعالى بمعرفة هذا النبى فقال: (الَذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَق وَهُمْ يَعْلَمُون).
بينما كان هؤلاء يعيشون هذه القضية بكل جوارحهم واندفاعهم النفسى، كان النبى بمنأىً عن هذا، ولا يخطر له على بال، كما يقول التعبير القرآنى: (نَحْنُ نَقُص عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِين ).. فهو غافل عن كل ما يدور حوله عن هذه القضية.
ومن حكمة اللّه- عز وجل- أن يكون قلبه الشريف خالياً عن ذلك، حتى لا يصبو إلى هذا الأمر ويطمع إليه فيدفعه ذلك إلى الأحبار والرهبان يسألهم، ويبحث عن ذلك. وقد رأينا من هذه النماذج من كان يعد نفسه ليكون هو النبى المنتظر، كما جرى مع أمية بن أبى الصلت الثقفى والذى رفض الإيمان حينِ فاتته هذه الفرصة، مع معرفته بالحق من عند اللّه، وهو موقف معظم أهل الكتاب وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتَاب من عِندِ اللَّهِ مُصَدِّق لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ).
ومن هذا المنطلق، نستطيع أن نفسر المواقف الأولى للنبى من مقدمات الوحى. فلبغضه الكهان والشعراء، ولخلو نفسه من الصبوة والتطلع إلى أن يكون نبى هذه الأمة ولاجتنابه القرب من الأحبار والرهبان فهو يعرف أن هذه الأحاديث تدور فى فلكهم وفى أخبارهم، ولكراهته للتطلع للسمعة والزعامة. لهذا كله كان يخشى أن يكون جزءاً من هذه النماذج. فكان يخشى على نفسه عليه الصلاة والسلام كما قال لخديجة، وكان يخشى أن يكون للشيطان دور فى تزيين هذا الأمر له فى لحظاته الأولى. وكان يخشى إن صدَّق قبل أن يتثبت من هذه الأمور أن يكون خذلاناً ربانيا له.
وعلى ضوء هذا المنطلق الذي يلح القرآن الكريم عليه. نفسر المواقف النبوية المثبتة ابتداءً حتى فجأه الوحي واستعلن له فى حراء.



ثم نقف مليا.. مع نفسية أمنا خديجة رضوان الله عليها.. الصِّديقة الأولى..
حتى نفهمها في ظل ما ذكرنا عن نفسية النبي ..
المتأمل.. يجد أن خديجة رضوان الله عليها.. و هي سيدة نساء الأرض.. كانت تبحث عن الكمال البشري.. من خلال البيئة المحيطة بها.. فرأت الحديث عن نبي يصطفيه اللّه تعالى من أهل الأرض، ومن خلال القرائن المتعددة؛ وما سمعته من ابن عمها ورقة وغيره، وأن هذا النبى من أهل الحرم، وما أشار إليه ذلك اليهودى عن قرب بعث هذا النبى: (فأيتكن استطاعت أن تكون فراشأَ له فلتفعل).
ْكل هذه الأمور جعلتها تتجاوز الكهان والشعراء والقيادات المحلية، ليكون محط نظرها ذلك النبى المصطفى من اللّه، ومنذ أن توسمت بالنبيتلك الخصائص والصفات التى تؤهله لهذا الموقع، وما تداوله الرهبان عن أنه هو، لم تتردد لحظة واحدة فى الزواج منه، حتى تم ذلك الامر.
والخِلطة الزوجية اليومية، والمعاشرة المباشرة تكشف المعدن الحقيقي للإنسان. فكثير من القيادات المشهورة تتكشف عيوبها الحقيقية من خلال المخالطة.
لقد كان الصادق الأمين محمد فى خلقه وفضله أهلاً للنبوة، وثقتها بصدق الأخبار التي عاينتها وتأكدت منها، رأت أن ليس فى مجتمع مكة كله من هو كفء لها غير محمد، وبعد أن تكاملت الاخبار لديها بذلك. وكانت خبرة خمسة عشر عامأَ مع رسول اللّه عمقت هذه المعانى، ورسخت هذه الأحاسيس فى نفسها فهى فى كل يوم تكشف جانباَ من العظمة النبوية، وفى كل يوم تطلع على فضيلة عالية من فضائله- عليه الصلاة والسلام- وتزداد تأثراً به وحبا وتفانياً فى سبيله، وتمضى لتكون الأداة- الطيعة المطواعة لتنفيذ كل ما يرغبه- عليه الصلاة والسلام.
وحين حُبب إليه الخلاء فى الأعوام الأخيرة قبيل البعثة، كانت لا تتردد لحظة واحدة فى تهيئة،هذا الجو الذي اختاره- عليه الصلاة والسلام- فهو فى قلبها وفى عقلها وفى وجدانها المثل الأعلى، وثقتها بحكمته وحصافة عقله وسداد رأيه، جعلت هذه الأمور ليست محل مناقشة عندها، فهى تهيئ له الزاد وترافقه حين يرغب بذلك، وتنتظر عودته من قمة الجبل على أحر من الجمر حين كان يتحنث فى حراء: ولعل هذا التحنث الذىَ رأته منه- عليه الصلاة والسلام- رفع وتيرة الأمل عندها إلى أعلى درجاته بأن يكون هو النبي المنتظر. وأخذت تحس بلهفة وشوق أن الموعد قد أزف وأن النبوة قد لاحت أعلامها.
ومن عظمة شخصيتها- رضى اللّه عنها- ذلك الكتمان لما فى نفسها من مطامح، وذلك التجمل بالصبر لما تحلم به من أمل فى أن يكون زوجها النبى المنتظر.
ثم ابتعادها عن الأضواء، و هي سيدة المجتمع القرشي..، لتذوب شخصيتها فى شخصه .. فنجد أخبارها تقل تدريجيا.. حتى يكون آخر مانجده عنها في كتب السير.. هو ما قالته للنبي مطمئنة له بعد نزول الوحي.. ثم تختفي أخبارها.. فلا نجد بعد ذلك إلا خبر وفاتها..
وثقتها بحكمته نزعت من نفسها أن تتردد لحظة واحدة فى تنفيذ قناعته، فهى تعلم بفراستها أنه المعد لتلك المهمة العظمى على مستوى البشرية كلها، لا على مستوى زعامة محلية وضيعة. لقد وظفت شهرتها الواسعة، ومالها الوفير، وعقلها الراجح، وذكاءها الوقاد، فى خدمة هذه الشخصية الجليلة التي تأمل بها أن تكون بدءاً لهداية البشرية الحيرى.
وكاد قلبها يخرج من بين ضلوعها من الفرح، حين سمعت من محمد لأول مرة عن تلك الأصوات التى تقول له: إنه رسول اللّه، وعن سلام الحجر عليه، وكيف يلتفت ولا يرى أحداً.
إنها تكظم كل انفعالاتها قبل هذه المفاجأة، فلا تحدث محمداً عن آمالها فيه.
وهى ترى أن هذا الامر لا وجود له فى تفكيره، ولا أثر له فى قلبه وفؤاده. تدع هذا الامر نجوى حرّى بين ضلوعها؛ ولذلك رأت فى أول هذه الإشارات، التى بثها إياها- عليه الصلاة والسلام- أن الأمر قد وقع، أو هو على وشك الوقوع. فقالت له: معاذ اللّه، ما كان ليفعل بك ذلك، إنك لتؤدى الأمانة، وتصل الرحم، وتصدق الحديث.
لقد كان- عليه الصلاة والسلام- فى حسها وفى أعماقها أكبر من كل من فى الأرض، ولا يقبل حسها إطلاقاَ أن يكون هذا رئياً من الشيطان، على ما تعرف من مناحى عظمته وسموه وطهره. ومع ذلك، فأرادت أن تتثبت أكثر حين ارتأت أن يذهب أبو بكر الصديق ومحمد- عليه الصلاة والسلام- إلى ورقة. والحقيقة أنها تود أن يتثبت- عليه الصلاة والسلام- من ذلك؛لأنها رأت فى هذا الحديث ما أثلج صدرها يقينا بصحة فراستها وصحة تنبئها، بأن هذا الأمر على وشك الوقوع.
وكان يحدث الطاهرة خديجة ويبثها بكل ما فى نفسه. وقد أخذتها السعادة وغمرتها النشوة حين حدثها عن رؤياه الأولى، فقالت له: أبشر، فإن اللّه- عز وجل- يصنع بك خيراً، وحين حدثها عن رؤياه بشق صدره قالت له: هذا واللّه خير فأبشر. وهى على ثقة برؤياه التى كانت تأتى بصدقها كفلق الصبح. وما هذه الرؤى الجديدة إلا رؤى صادقة كسوابقها، لكنها بحصافة عقلها وتكامل شخصيتها لم تشأ أن تبث أحداً خبر هذه الرؤيا، ولا تميل إلى أخذ الأحكام والقناعات منها؛ لكن بعد أن برزت الأصوات لتنادى رسول اللّه وتسلم عليه، وتتحدد الأصوات بـ: "أنا جبريل، وأنت رسول اللّه". كان لابد من الخطوة الحاسمة فى سؤال ورقة، لعل جوابه يطمئن شخص النبى بذلك، فهى على ثقة أن اللّه- تعالى- لا يخذله ولا يسلمه، وهو على هذه الذروة الشامخة من الخلق.
وتكاد لا تنى وهى تعد اللحظات، متى يأتى الأمر الجلى بعد هذه المقدمات،وبعد كلام جبريل؟
إن عمرها ومصيرها وحياتها ارتبطت بهذا المعنى، ثم جاءها ليقول لها: أرأيتك هذا الذى كنت أحدثك أنى رأيته فى المنام، فإنه جبريل استعلن لى، أرسله إلىّ ربى، وأخبرها بالذى جاءه من اللّه عز وجل وكانت هذه لحظة العمر، فقد تأكد- عليه الصلاة والسلام- من أن ربه عز وجل أرسل له جبريل وقد رآه يملأ ما بين السماء والأرض.
وفى هذه اللحظة وصلت خديجة ذروة سعادتها، بعد أن رأت حبيبها المصطفى يؤكد لها أنه رسول اللّه، ولم تنتظر ثانية واحدة بسماعها الخبر، بل قالت:
أبشر فواللّه لا يفعل اللّه بك إلا خيراً، فاقبل الذى جاءك من عند اللّه عز وجل،فإنه حق وأبشر فإنك رسول اللّه حقاً.
بقى عليها أن تسمع فى أذنها من هو جبريل هذا؟ فقال لها ورقة ابن عمها: أنه هو الناموس الذي أُنزل على موسى..
أما خديجة، فقد انتهى الامر عندها بأن محمداً قد بعث، منذ أن علمت أن جبريل- عليه السلام- هو رسول اللّه إلى محمد- صلوات اللّه عليه.
وكان هذا أهم انعطاف فى حياة الصديقة خديجة. فكانت أول من آمن من أهل الارض على الارض، وأول من صلى للّه على الأرض من أهل الأرض.
بهذه النفسية استقبلت خديجة الإسلام.
فكانت الوزيرة الأولى للنبي.. فكان لا يسمع شيئاً يكرهه من الرد عليه، فيرجع إليها إلا تثبته وتهون عليه أمر الناس، فخفف اللّه بذلك عن نبيه، لا يسمع شيئاً مما يكرهه من رد عليه وتكذيب له فيحزنه ذلك إلا فرَّج اللّه عنه بها، إذا رجع إليها تثبته وتخفف عًليه وتصدقه وتهون عليه أمر الناس- رحمها اللّه تعالى.
و كانت سيدة الأتقياء الأخفياء..لذا أجد حاجة أن أجلي لكم صورتها رضي الله عنها كاملة في حديثي اليوم.. إذ صمتت مصادر السيرة النبوية عن ذكر أية حادثة محددة طيلة عشرة أعوام من البعثة حتى لقيت وجه ربها، ويدلنا هذا الصمت على أمر هام جدا، هو أنها- رضى اللّه عنها- قطعت علاقاتها الاجتماعية وصلاتها العامة بالناس، وتفرغت للنبى المصطفى- صلوات اللّه عليه- تؤدى أعظم رسالة فى الوجود فى بيته، وتحيا كل حياته، إنها تذوب فيه وفى تحقيق كل آماله ورغباته. ويكفيها أن هذا السلوك سيكون القدوة والأسوة فيما بعد، فالنساء المؤمنات فى الارض حين يتمثلن هذا الموقف، ويفقهن هذه القضية، يعرفن أن المرأة تبلغ أعظم الدرجات حين تقف بجوار زوجها الداعية المجاهد، وتهب نفسها له وتتخلى عن ذاتها من أجله، وتذوب فيه وفى قضيته بحيث تنسى شهرتها وثقافتها وعلمها؛ لتكون بجوار زوجها، فقد انقطعت خديجة- رضى اللّه عنها- عن كل ما حولها من أهل الارض، نسوة ورجالاً بعد النبوة، وتفرغت لحبيبها المصطفى تشد أزره وترعى حاجته، وتكون بلسم جراحه وزوال ألمه ونصبه، وذلك بعد أن كانت نجمة نساء مجتمعها، ومطمح آمال الرجال فى النساء، فبلغت بهذا الجد والاجتهاد فى هذا المجال، أعلى مراتب نساء أهل الارض فى زمنها. وكانت ثانية نساء أهل الأرض فى كل الازمنة والعصور، بعد مريم بنت عمران، اللهم إلا ما كان من فاطمة ابنتها- رضى اللّه عنها- والذى يعتبر تفوقها على أمها تعظيماً لخديجة- رضى اللّه عنها- التى أنجبت وربَّت سيدة نساء أهل الجنة. ولا ننسى كذلك أنها وضعت مالها كله بين يدى رسول اللّه ينفق منه ما يشاء على دعوته، والمال أهون ما يبذل فى هذا السبيل، حين يبلغ الحب ذروته مع الحبيب، والثقة أعظم ما تكون الثقة حين كان- عليه الصلاة والسلام- يتصرف بمال خديجة الصديقة- رضى الله عنها- كأنه ماله كما قال النبي عنها : "وواستنى بمالها إذ حرمنى الناس ".
لقد أمضت عمرها كله وزيرة صدق لرسول اللّه ، وكانت بجواره فى أقسى ظروف محنته- عليه الصلاة والسلام- يجد عندها السلوان والراحة. و نرى عظمة خديجة في ما روى عن مقامها فى نفس رسول اللّه- عليه الصلاة والسلام من حديثه الدائم عنها.. و بره لأصدقائها و أقاربها.. و غضبه من أن تفكر واحدة من المسلمات أن ترقى إلى مقام خديجهَ- رضى اللّه عنها- ولو كانت عاثشة الصديقة- رضى اللّه عنها- لقد كانت- رضى اللّه عنها- ملء سمعه وبصره، وهبت حياتها له، ومالها له، ونفسها له، ولا غرو أن تفعل هذا خير نساء الأرض بسيد ولد آدم، وأن تفعل هذا بعد أن تربت على يديه- عليه الصلاة والسلام- خمسة عشر عامًا، تنهل من معين النبوة، و من خلق هذه الدوحة الطاهرة الزكية.
وحق لها- رضى اللّه عنها- بعد كل هذا أن تكون الفائزة الأولى.
فهى أول من بشر من نساء المؤمنين بالجنة، وأقر اللّه عينها بذلك قبل وفاتها، وقبل أن يبشر أحد من المؤمنين بذلك فى حياته، وجاءت هذه البشرى محفوفة بالسلام عليها من رب العالمين، ورسول رب العالمين جبريل.
ولا ندرى إن كان رسول اللّه قد بشرها أنها خيرة نساء الأرض أم لا، أو أنها لقيت هذه البشرى بعد أن لقيت وجه ربها راضية مرضية ،ولا ندرى إن أقرَّ رسول اللّه عينها بأنها أنجبت سيدة نساء أهل الجنة فاطمة بنت محمد، وأعلمها بذلك أم لا، والمرء لا يحب أن يكون أحدًا خيرًا منه إلا ولده. وأقر اللّه تعالى عين خديجة بأنها أنجبت سيدة نساء أهل الجنة فاطمة- رضى الله عنها، فكانت وابنتها فاطمة تعادلان أمم الأرض ونساءها فى الخيرية والسيادة.
لقد عاشت لقضية النبوة، ووهبت نفسها لها، وقدَّر اللّه تعالى لها أن تعيش مع رسول اللّه خمسة عشر عامًا قبل البعثة، فشهدت من هذا المعدن الكريم النفيس ما زادها يقينًا بصحة فراستها إلى أن جاء الوحى بتصديق هذه الفراسة، وبقيت حتى اللحظة الأخيرة من حياتها تجاهد صابرة مصابرة، وعاشت أحلك الظروف فى الدعوة، وعاشت سنى الحصار الصعبة في شعب بني هاشم، فكيف كافأها فى حياتها- عليه الصلاة والسلام؟ بأن لم يتزوج غيرها .. فعاشت معه أطول مدة عاشتها زوجة معه.. خمسة و عشرين عاما..صان قلبها فيها من الغيرة، ومن نكد الضرائر الذي ربما حصل له هو منه ما يشوش عليه بذلك، وهى فضيلة لم يشاركها فيها غيرها..
ثم كيف كافأها بعد وفاتها.. لم ينسها يوما.. و كان يكثر الحديث عنها.. و كان يقول عنها لعائشة رضي الله عنها "إني رُزقت حبها"..
وكان لوفاتها ووفاة أبى طابى فى العام العاشر، أشد الأثر على نفس النبي
حتى ليسمى المسلمون هذا العام بعام الحزن.. عام كامل للأحزان..
وبقيت ذكراها ماثلة فى كيانه- عليه الصلاة والسلام- وما من شىء يذكره بها إلا هاجت أشجانه لفراقها.. فلم ينسها لحظة حتى يحتاج إلى ما يذكرها به.. هي حاضرة دائما في قلبه و ذاكرته..
حتى في أهم لحظات انتصار الاسلام.. بعد عشرين سنة من الصراع مع الكفر و الشرك.. في فتح مكة..
النبي يدخل مكة فاتحا منتصرا..
ترى.. أين يبيت؟.. هل يبيت في بيته الذي تركه عندما أخرجه قومه مهاجرا من مكة؟
هل يبيت ضيفا على أحد من أهل مكة الذين يدعونه تماما كما كان أهل المدينة يتسابقون الى نيل شرف مبيت النبي عندهم عندما وصل المدينة لأول مرة؟
أم يبيت في الحرم.. بجوار الكعبة التي حرم سنينا طويلة من جوارها؟..
أتدرون أين كان مبيت النبي؟
قال لأصحاب.. "انصبوا لي خيمة عند قبر خديجة"..
و ركز لواء النصر أمام قبرها.. ليعلم العالم كله أن خديجة.. شريكته في هذا النصر.. حتى و ان لم تعش لتراه و تكحل عينها به..
يبيت ليلته بجوار قبر خديجة.. و كأنما لما فتح مكة.. فتحت هي الأخرى قلبه.. فنكأت فيه ذكريات خديجة .. و كأنما جاءها على قدم و ساق.. قد اختلطت في قلبه عَبرة الفراق.. و فرح الفتح.. و لسان حاله يقول : صدقت يا خديجة.."لا يخزيك الله أبدا"..

و حتى نلتقي.. لا تنسونا من صالح دعائكم..










رد مع اقتباس
قديم 2015-01-21, 12:57   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
mohamed093
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










B11

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد .اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد .اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد .اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد .اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد .اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد .اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد .اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد .









رد مع اقتباس
قديم 2015-01-24, 21:45   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
soumisba
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

اللهم صل وسلم وبارك على اشرف الخلق سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام










رد مع اقتباس
قديم 2015-01-25, 00:24   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
العوفي العوفي
عضو برونزي
 
إحصائية العضو










افتراضي

اللهم صّلِ وسَلّمْ وبارك عَلى نَبِيْنَا سيدنا مُحَمد ﷺ
اللهم صّلِ وسَلّمْ وبارك عَلى نَبِيْنَا سيدنا مُحَمد ﷺ
اللهم صّلِ وسَلّمْ وبارك عَلى نَبِيْنَا سيدنا مُحَمد ﷺ
اللهم صّلِ وسَلّمْ وبارك عَلى نَبِيْنَا سيدنا مُحَمد ﷺ
اللهم صّلِ وسَلّمْ وبارك عَلى نَبِيْنَا سيدنا مُحَمد ﷺ
اللهم صّلِ وسَلّمْ وبارك عَلى نَبِيْنَا سيدنا مُحَمد ﷺ
اللهم صّلِ وسَلّمْ وبارك عَلى نَبِيْنَا سيدنا مُحَمد ﷺ
اللهم صّلِ وسَلّمْ وبارك عَلى نَبِيْنَا سيدنا مُحَمد ﷺ
اللهم صّلِ وسَلّمْ وبارك عَلى نَبِيْنَا سيدنا مُحَمد ﷺ
اللهم صّلِ وسَلّمْ وبارك عَلى نَبِيْنَا سيدنا مُحَمد ﷺ
اللهم صّلِ وسَلّمْ وبارك عَلى نَبِيْنَا سيدنا مُحَمد ﷺ
اللهم صّلِ وسَلّمْ وبارك عَلى نَبِيْنَا سيدنا مُحَمد ﷺ











رد مع اقتباس
قديم 2015-01-25, 00:25   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
العوفي العوفي
عضو برونزي
 
إحصائية العضو










افتراضي

اللهم صّلِ وسَلّمْ وبارك عَلى نَبِيْنَا سيدنا مُحَمد ﷺ
اللهم صّلِ وسَلّمْ وبارك عَلى نَبِيْنَا سيدنا مُحَمد ﷺ
اللهم صّلِ وسَلّمْ وبارك عَلى نَبِيْنَا سيدنا مُحَمد ﷺ
اللهم صّلِ وسَلّمْ وبارك عَلى نَبِيْنَا سيدنا مُحَمد ﷺ
اللهم صّلِ وسَلّمْ وبارك عَلى نَبِيْنَا سيدنا مُحَمد ﷺ
اللهم صّلِ وسَلّمْ وبارك عَلى نَبِيْنَا سيدنا مُحَمد ﷺ
اللهم صّلِ وسَلّمْ وبارك عَلى نَبِيْنَا سيدنا مُحَمد ﷺ
اللهم صّلِ وسَلّمْ وبارك عَلى نَبِيْنَا سيدنا مُحَمد ﷺ
اللهم صّلِ وسَلّمْ وبارك عَلى نَبِيْنَا سيدنا مُحَمد ﷺ
اللهم صّلِ وسَلّمْ وبارك عَلى نَبِيْنَا سيدنا مُحَمد ﷺ
اللهم صّلِ وسَلّمْ وبارك عَلى نَبِيْنَا سيدنا مُحَمد ﷺ
اللهم صّلِ وسَلّمْ وبارك عَلى نَبِيْنَا سيدنا مُحَمد ﷺ











رد مع اقتباس
قديم 2015-01-25, 17:37   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
mohamed093
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد .اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد .اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد .اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد .اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد .اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد .اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد .اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد .









رد مع اقتباس
قديم 2015-01-26, 19:15   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
swinkou
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

اللهم صل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
المصطفى, الله, الناس, عليه, وسلم


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 15:13

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc