إذا كانت القاعدة هي سقوط التزام البنك بمجرد انتهاء الأجل المحدد في الخطاب فانه يجوز للزبون أن يطلب من البنك تمديد الأجل لفترة أخرى، لا سيما إذا لم يكن قد استكمل تنفيذ إلتزامه تجاه المستفيد( ).
وطبعا لا يطرح إشكال إذا تم النص على هذا الإجراء في الخطاب، أما إذا لم يكن منصوص عليه ولم يكتمل تنفيذ العقد الأصلي الذي صدر الخطاب من اجله فهنا يلجأ الزبون إلى البنك بطلب التمديد قبل انقضاء مدة الخطاب الأصلية، وللبنك حرية قبول التمديد أو رفضه.
بالرغم من أن مسألة تمديد الضمان تهم الزبون، لكن الغالب في العمل أن يتقدم المستفيد إلى البنك بطلب التمديد، وفي هذه الحالة يخطر البنك زبونه لأنه قد يكون لدى هذا الأخير من الأسباب ما يجعله يعارض على هذا الإجراء، فيرد على البنك بالرفض بشرط أن لا نجد في خطاب الضمان بندا أو نص، يقضي أن من حق المستفيد أن يطلب مباشرة من البنك إمتدادا سريان فترة خطاب الضمان دون الرجوع إلى الزبون( ).
يجب أن نفرق بين التجديد والتمديد في هذا المجال، ذلك أن تمديد خطاب الضمان يكون بطلب من الزبون أو المستفيد يقدمه إلى البنك للموافقة على تمديد الأجل المذكور فيه قبل انتهاء المدة الأصلية، أما التجديد فهو الطلب الذي يقدم للبنك بتجديد الخطاب الضمان بعد انتهاء مدته الأصلية إلى مدة أخرى، أي أن البنك في هذه الحالة الأخيرة يصدر خطاب ضمان جديد ومستقل برقم وتاريخ خاص به، ويكون للبنك فرصة أكبر في رفض التجديد إذا رأى تدهورا في أمور زبونه المالية الأمر الذي يدعوه لاتخاذ الحيطة والحذر( ).
ليس للبنك أن يستقل بمد أجل خطاب الضمان دون موافقة زبونه وإلا كان ذلك على مسؤوليته، أي يسقط حقه في الرجوع عليه بما وفاه للمستفيد. لكن يتغير الوضع لو أمكن اعتبار البنك في قبوله طلب المستفيد من الخطاب فضوليا تولى شأنا عاجلا للزبون، فيمكنه بالتالي الرجوع عليه بالقدر الذي أثرى به هذا الأخير( ).
يلاحظ عمليا أن بعض المستفيدين لا يقتصرون على طلب تمديد لخطاب، وإنما يطلبون في حالة رفض التمديد الوفاء بقيمته احتياطا منهم فيما لو رفض الزبون التمديد فيكون البديل هو دفع قيمة خطاب الضمان، لكن هذا الإجراء غير صحيح لان طلب الدفع يختص به البنك بصفته ملتزما أصليا به، أما طلب التمديد فيختص به الزبون( ).
ملاحظة:
الهدف الوحيد من تمديد الخطاب بالنسبة للمستفيد، هو السماح له بالاحتفاظ بحقه في مطالبة البنك بالدفع بعد انقضاء الآجال المحددة في خطاب الضمان.
المطلب الثاني: الحجر على قيمة خطاب الضمان المصرفي.
يشكل خطاب الضمان المصرفي ضمانا قويا للمستفيد منه لأنه بمثابة نقود تحت الطلب محفوظة لدى البنك، بحيث يكون لهذا المستفيد أن يسحبها في أي وقت خلال فترة سريانه دون قيد أو شرط.
لقد طرحت بشدة من الناحية الفقهية، مسألة الحجز على هذه القيمة أو المبالغ سواء قبل أو بعد دفعها للمستفيد، فاختلفت وجهات النظر، بين مؤيدين لفكرة جواز الحجز لعدم الأضرار بالغير. وبين معارضين، يرون في الحجز هدم للوظيفة الرئيسية للخطاب. وسوف نحاول التطرق لكل هذه الآراء، كما يرتبط بموضوع الحجز على مبلغ الخطاب، مسألة الحجز على غطائه الذي يقدمه الزبون بناءا على طلب البنك، وعليه نقسم هذا المطلب إلى الفروع التالية:
الفرع الأول: الحجز على قيمة خطاب الضمان لدى البنك.
الفرع الثاني: الحجز على قيمة خطاب الضمان لدى المستفيد.
الفرع الأول: الحجز على قيمة خطاب الضمان لدى البنك.
يلتزم البنك مصدر خطاب الضمان بأن يظل على التزامه طيلة فترة سريانه، ولا يعتبر التاريخ المذكور فيه بداية استحقاق التزام البنك بل يعتبر حدا أقصى لنفاذه( ).
خلال هذه المدة تطرح مسألة مدى جواز الحجز على قيمة الضمان؟ الإجابة على هذا السؤال تقتضي التمييز بين ثلاث حالات:
أولا: طلب توقيع الحجز من دائن الزبون( ).
سبق القول أن من خصائص خطاب الضمان المصرفي أن التزام البنك فيه نهائي لا يجوز الرجوع عنه، كما انه مستقل عن أية علاقة سابقة عن إصداره وحق المستفيد فيه حق مباشر يتأكد له بمجرد علمه وقبوله به( ).
لمعرفة ما إذا كان يجوز لدائن الزبون الحجز على قيمة الخطاب قبل أن يدفعها البنك إلى المستفيد، يجب أولا أن نحدد شخصية المالك لهذا المبلغ خلال تلك الفترة، لان قواعد الحجز أو التنفيذ تشترط أن يكون المال المراد الحجز عليه مملوكا للمنفذ ضده (مدين الدائن) وسبب هذا الشرط، أن كل شخص يجب عليه أن يضمن تنفيذ التزاماته بأمواله الخاصة التي يملكها وليس بأموال الغير.
بتطبيق ما تقدم على خطاب الضمان نجد انه حتى يكون لدائن الزبون حق الحجز على ما لهذا الأخير لدى البنك فلا بد أن يكون الزبون مالكا لمبلغ الخطاب، فهل هذا صحيح؟ نلاحظ أنه طالما وان التزام البنك يمثل مديونية مباشرة تجاه المستفيد، فهذا يعني أن المبالغ التي يلتزم البنك بدفعها هو مدين بها شخصيا، فإذا ما قام بالوفاء فهو يدفع أموالا مملوكة له ولا علاقة لها بأية أموال أخرى قد تكون مودعة لديه في حساب زبونه( ).
إضافة إلى أن البنك لا يدفع قيمة الخطاب من الغطاء المقدم كضمان له، لأن تعهده شخصي ولا يعتبر نائبا عن زبونه أو وكيلا في تحصيل قيمة الخطاب، كما أن البنك مثلما رأينا قد يشترط على زبائنه تقديم غطاء وقد لا يشترط. وأنه عندما يشترطه غالبا ما يمثل الغطاء نسبة معينة من قيمة خطاب الضمان وأحيانا يصدر لبعض الزبائن خطابات ضمان دون غطاء، وأحيانا أخرى يصدر بغطاء كامل. وعليه لا يمكن القول بأن البنك إنما يقوم بالدفع للمستفيد من هذه الأموال، لأن نسبة الغطاء تودع في حساب شخصي تحت اسم "احتياطات الضمان"( ).
لهذه الأسباب فان دائن الزبون، لا يستطيع أن يوقع الحجز على قيمة خطاب الضمان لدى البنك، لأنها تبقى أموالا مملوكة للبنك لغاية صرفها إلى المستفيد أي دفعها له وهنا تخرج من الذمة المالية للبنك وتدخل الذمة المالية للمستفيد.
وغني عن البيان، أنه لو تقرر لدائن الزبون حق الحجز هنا لفقد خطاب الضمان أهميته ووظيفته الأساسية، باعتباره ضمانا لتنفيذ الالتزامات المالية للزبون تجاه المستفيد( ).
وفي هذا الصدد يقول الدكتور علي جمال الدين عوض: "...من ناحية أخرى فانه لا يجوز لدائن العميل (الزبون) المدين المضمون (المقاول مثلا) أن يحجز على الخطاب لدى البنك، لأن الخطاب لا يمثل حقا للمقاول بل دينا على البنك لصالح المستفيد لا لصالح المقاول"( ). نؤكد أخيرا عدم جواز توقيع حجز ما للمدين لدى الغير على مبلغ الخطاب، الذي يكون تحت يد البنك من طرف دائن الزبون، حتى ولو تضرر هذا الأخير إذا كان حقه قد نشأ قبل منح الائتمان أي قبل إصدار الخطاب.
ثانيا: طلب توقيع الحجز من الزبون.
في بعض الأحيان، قد يثور نزاع بين الزبون والمستفيد خلال مدة سريان خطاب الضمان حول تنفيذ العقد الأصلي، وعليه فمن حقه مطالبة البنك بقيمة الخطاب، في حين يرى الزبون انه قام بتنفيذ جميع التزاماته حسب ما تم الاتفاق عليه، فلو خشي أن يقوم المستفيد رغم ذلك بمطالبة البنك بان يدفع له مبلغ الخطاب وهو إن فعل فالبنك حتما سوف يستجيب له( )، فهل يجوز له توقيع الحجز التحفظي على مبلغ الضمان لغاية أن يتم الفصل في النزاع بينه وبين المستفيد أم لا؟
قد يبدو من الناحية النظرية، انه لا تعارض في ذلك مع نهائية التزام البنك واستقلاله، لأن الزبون يباشر الحجز التحفظي بصفته دائنا للمستفيد فمثل هذا الحجز هو مجرد إجراء وقتي لا يمس تعهد البنك بالدفع إلى المستفيد، ولكنه يعطل التسوية فحسب إلى حين الفصل في النزاع( )، غير أن الفقه لم يساير هذا التوجه واختلف بين مؤيد ومعارض:
يرى الدكتور علي جمال الدين عوض جواز الحجز من المقاول (الزبون) تحت يد البنك على حق المستفيد في خطاب الضمان المصرفي، بشرط أن يتحقق القضاء من أن للزبون حقا مؤكدا في التعويض ضد المستفيد ولو لم يصدر حكم قضائي بعد. ومثال ذلك إذا رسا العطاء على مقاول ثم بادر رب العمل (المستفيد) فأعطى العملية إلى مقاول آخر، فلا شك في مثل هذا الفرض أن للمقاول حقا في التعويض ضد رب العمل، وله أن يخشى لجوء هذا الأخير للمطالبة بقيمة الخطاب( )، مع أنه لم يعد له مبرر. ويؤيد هذا الحل أن الزبون يستطيع توقيع الحجز على حق المستفيد تحت يد البنك، إذا كان هو دائن للمستفيد بدين آخر ناشئ عن علاقة أخرى غير عقد المقاولة( )، فلا محل إذن لاستبعاد حجزه في الفرض الذي نحن بصدده.
يستند الدكتور علي جمال الدين عوض في تبريره لرأيه هذا إلى حكم قضائي صادر بخصوص الإعتمادات المستندية النهائية عن محكمة باريس سنة1950، وتتلخص وقائع هذه القضية فيما يلي:
وصلت بضاعة إلى المستورد وكانت مخالفة للمواصفات التي اتفق عليها في عقد البيع، فطلب المستورد توقيع الحجز على مبلغ الاعتماد الذي لا يزال لدى البنك ولم يدفع بعد إلى المستفيد.
غير أن هذا الأخير دفع بعدم قانونية هذا الطلب، لأنه يعني رجوع طالب الحجز المستورد عن عقد الاعتماد بإرادته المنفردة، رفضت محكمة باريس هذا الدفع معللة حكمها بأن المستورد كان دائن آخر للمصدر فمن حقه تقديم طلب الحجز( ).
تعليقا على نفس الحكم يرى الدكتور علي البارودي أنه:"وان كان يبدو متعارضا مع مبدأ استقلال التزام البنك عن عقد البيع السابق إلا انه في حقيقة الأمر لا صلة له به على الإطلاق، فالحجز الذي وقعه المشتري على حق البائع كان بعد أن تأكدت صفته كدائن بالتعويض، فهو وقع بصفته هذه حجز ما للمدين لدى الغير الذي يمكن لأي دائن أن يوقعه وفقا للقواعد العامة في الحجز، وما قالته محكمة استئناف باريس في ذلك صحيح"( ).
مما سبق ذكره، يتضح لنا أن هذا الاتجاه ينادي بجواز توقيع الحجز من الزبون على قيمة الخطاب تحت يد البنك، بشرط أن يكون هذا الحق مؤكدا ولو لم يصدر به حكم قضائي، بمعنى يكون حق الزبون واضح بطريقة لا جدال فيها. لكن مما لا شك فيه أن الأخذ بهذا الرأي يؤدي إلى فقدان خطاب الضمان ميزته الأساسية وهي استقلاليته عن التزام الزبون تجاه المستفيد والمستمد من العقد الأصلي. وما يؤكد عدم صحة هذا الاتجاه أن مبلغ الخطاب يبقى مملوكا للبنك وليس للمستفيد طالما أن هذا الأخير لم يتقدم لطلبه( ).
وعليه لا يجوز توقيع الحجز التحفظي على مبلغ الخطاب لدى البنك وهذا تدعيما للثقة في التعامل به وتمكينا له من أداء وظيفته في الائتمان المصرفي.
إضافة إلى انه قد يترتب على حجز قيمة الخطاب تكبد البنك خسارة قد تزيد عن نسبة الضمانات المقدمة له( ).
أما القول بجواز الحجز على حق المستفيد إذا كان الزبون دائنا له بدين آخر ناشئ عن علاقة أخرى، فهو قول مردود عليه بأنه في هذه الحالة يقوم الزبون بحجز أموال أخرى مملوكة للمستفيد في ذلك البنك، دون أن تدخل فيها قيمة الخطاب. وليس أدل على ذلك من أنه إذا وقع حجز ما للمدين لدى الغير تحت يد البنك فان هذا الأخير لا يدخل المبالغ التي تعهد بدفعها للمستفيد بمناسبة إصداره الخطاب ضمن الإقرار بما في ذمته المالية، أي لا تقيد في الجانب الايجابي لهذه الذمة( ).
وعليه فهذا الحجز غير جائز سواء من الزبون أو أي دائن آخر لعدم توفر الشرط الأساسي لتوقيع الحجز، وهو ملكية المبلغ المراد الحجز عليه للمدين أي المستفيد في هذه الحالة.
ومع ذلك فلقد ذهب القضاء الفرنسي إلى جواز الحجز على قيمة خطاب الضمان بناءا على طلب الزبون استثنائيا، استنادا لفكرة الغش والتعسف الظاهر. بمعنى أن المطالبة بدفع قيمة الخطاب تعتبر طبقا لهذا الرأي مبنية على غش ظاهر، كأن يثبت الزبون قيامه بتنفيذ جميع إلتزاماته كما حددها العقد الأصلي، فيعتبر بذلك طلب المستفيد مبلغ الخطاب في نظر القضاء غش ظاهر، يبرر معه وقف صرف قيمة الخطاب للمستفيد. وقبول طلب الزبون في توقيع الحجز التحفظي، يعتبر بمثابة جزاء سببه سوء نية المستفيد( ).
كذلك فيما يخص خطابات الضمان الخارجية (الضمان المقابل) فيجوز للزبون (البنك الضمان الأول) الحجز على قيمة خطاب الضمان، لو تبين له أن البنك الخارجي المقابل كان يعلم بسوء نية المستفيد، ولكن هذه الفرضية نادرة الحدوث من الناحية العملية( ).
ملاحظة:
إن الاستناد لفكرة الغش والتعسف الظاهر من المستفيد لتمكين الزبون من الحجز على قيمة الخطاب هو استثناء لا يجوز التوسع فيه، ويتعين أن يقوم على أسباب جدية.
أخيرا نشير إلى أن هذا الحجز التحفظي الذي يرغب الزبون في توقيعه على مبلغ الخطاب، هو من قبيل المعارضة في الوفاء. وهذا ما لا يتماشى مع نظام خطاب الضمان المصرفي الذي يقوم على استقلاليته التزام البنك( ).
ثالثا: طلب توقيع الحجز من دائن المستفيد.
ذكرنا سابقا أن المستفيد من خطاب الضمان المصرفي لا يجوز له تظهيره لغيره أو التنازل عليه بأية طريقة، لكن من المعروف أن بعد صدور الخطاب ووصوله لعلم المستفيد يتقرر له حق في استيفاء قيمته، فهل يجوز تبعا لذلك لدائني المستفيد أن يطلبوا توقيع الحجز عليه؟
يذهب رأي( )، أن موضوع خطاب الضمان هو ضمان من البنك أمام المستفيد في وفاء مبلغ نقدي معين أو قابل للتعيين، فإذا نظرنا إلى الخطاب من حيث أن موضوعه هو حق المستفيد منه في مطالبة البنك بدفع مبلغ الخطاب، لتعذر الحجز لأنه لا يتصور عندئذ إلا من دائني المستفيد.
يتضح من خلال هذا الرأي الفقهي انه يجوز لدائني المستفيد أن يحجزوا على قيمة خطاب الضمان قبل أن تدفع إلى المستفيد، لكننا سبق أن رأينا أن هذه القيمة تبقى ملكا للبنك مادام لم يخرجها من ذمته المالية، وعليه فلا يجوز لدائني المستفيد طلب الحجز على أموال غير مملوكة لمدينهم. إضافة لذلك فان الحق في مطالبة البنك بدفع قيمة الخطاب هو حق شخصي للمستفيد يستطيع وحده دون غيره استعماله بالمطالبة أو التنازل عنه( )، بمعنى يخضع لتقديره الشخصي لأنه حق مباشر لصالحه.
المقصود بالحق المباشر الذي يترتب على خطاب الضمان للمستفيد هو عدم تعليق دفع البنك لمبلغ الخطاب على إرادة زبونه أو غيره، وهذا حتى يؤدي الخطاب وظيفته الأساسية بان يكون بمثابة النقود التي تودع لدى المستفيد، ولكن لا يقصد به نقل ملكيته المبالغ التي تمثلها الخطاب إلى المستفيد( ).
الفرع الثاني: الحجز على قيمة خطاب الضمان لدى المستفيد.
يلزم البنك بدفع قيمة خطاب الضمان إلى المستفيد ما دامت شروط الدفع متوفرة، والحقيقة انه نادرا جدا ما يتم دفع هذه القيمة لان التزام البنك في الخطاب التزام عرضي قد يتحقق إذا تقدم المستفيد بطلب الدفع، وقد لا يتحقق في حالة إعادة المستفيد الخطاب إلى البنك أو في حالة انقضاء أجله( ).
لكن لو حدث ودفع البنك إلى المستفيد قيمة الخطاب، فهل يجوز الحجز على هذه المبالغ لدى المستفيد بعد أن قام بسحبها ؟ اختلفت الآراء في هذه النقطة:
يذهب رأي فقهي( ) إلى أنه لا يجوز الحجز على قيمة خطاب الضمان الموجودة لدى البنك، لأن الخطاب لا يمثل حقا للمستفيد. وحتى إذا دفع البنك قيمة الخطاب لتعذر مع ذلك القول انه يجوز الحجز على الجزء المتبقي من قيمته تحت يد المستفيد، لأن الأصل أن المستفيد ملزم برد الخطاب في نهاية مدته إلى البنك، فإذا نفذ الزبون تعهده كان على المستفيد أن يرد المبلغ الزائد إلى البنك أيضا لا إلى الزبون.
الواقع أن هذا الرأي يكتنفه الغموض الشديد، فقد قال صاحبه مرة ما يفهم منه أن الحق في خطاب الضمان متى دفع للمستفيد يثبت للزبون حق الحجز عليه، ثم تراجع في نفس العبارة وقال أن الخطاب يمثل ضمان البنك للزبون وليس حقا له ضد المستفيد فيبقى دينا على البنك لصالح المستفيد( ).
بينما يذهب رأي آخر( )، إلى أن البنك بمجرد قيامه بالوفاء بقيمة خطاب الضمان المصرفي تخرج هذه القيمة من ذمته المالية وينقضي تبعا لذلك التزامه، وتنتهي علاقته بالمستفيد نتيجة تنفيذه لتعهده، أما بالنسبة إلى المستفيد فان المبالغ التي يتلقاها من البنك تعود لها طبيعتها الأصلية باعتبارها تامين نقدي مقدم له كضمان لحسن تنفيذ تعهدات الزبون. بمعنى انه إذا كان الخطاب ينقضي بمجرد الوفاء للمستفيد فانه بعد الوفاء لا ينتهي كتأمين نقدي مقدم من الزبون( )، ولما كان هذا التأمين يظل على ملك صاحبه لغاية أن يخصم منه المستفيد ما يراه مستحقا له فان هذه المبالغ لا تدخل في ذمة المستفيد إلا بالقدر الذي يستحق منها تسوية الحساب مع الزبون، فإذا كان مبلغ التامين أكبر من مستحقاته تجاه الزبون فان المبلغ المتبقي يرد إلى ذمة الزبون وليس إلى البنك، وهكذا تنتهي صلته نهائيا بالمستفيد بمجرد الوفاء له. أما إذا كانت المطالبة بالدفع من طرف المستفيد مطالبة جزئية، يبقى البنك ملتزما بدفع الباقي( ). وبالتالي يظل هذا الجزء ملكا له.
بناءا على ما تقدم يمكننا أن نقرر أن الحجز الذي يمكن أن يوقع على مبلغ الخطاب بعد أدائه للمستفيد يكون من طرف دائن الزبون حسب هذا الرأي، مع تقرير حق المستفيد في الأولوية عن غيره من الدائنين باعتباره دائنا مرتهنا لهذه المبالغ يستوفي حقه منها بالأولوية والتقدم عن غيره من الدائنين( ).
لكننا نتحفظ بشأن هذا الرأي فكيف يبقى مبلغ الخطاب على طبيعته أي كضمان بعد دفعه للمستفيد، في حين أن الدفع يعني إخلال الزبون بالتزاماته والجزاء على ذلك، هو استيفاء المبلغ من طرف المستفيد.
-أما بالنسبة لمسألة الحجز على غطاء الخطاب الضمان المصرفي نتطرق لها في ما يلي:
سبقت الإشارة، إلى أن البنوك غالبا ما تطلب من زبائنها ضمانات معينة لإصدار خطابات الضمان يكون الغرض منها تغطية المخاطر الائتمانية التي قد تتعرض لها. ويأخذ الغطاء صورا مختلفة فقد يكون نقودا أوراق مالية أو تجارية...ويحتفظ البنك لديه بهذه الضمانات طيلة مدة سريان خطاب الضمان المصرفي( )، فهل يجوز الحجز عليها في هذه الفترة؟
-الإجابة على هذا السؤال تقتضي الفصل في مسألة أولية سابقة عليه وهي:
من هو المالك لهذا الغطاء لدى البنك؟
لا خلاف أن الغطاء أيا كانت صورته، يعتبر مالا مملوكا للزبون الذي قدمه كضمان لتعهد البنك. فالزبون لا يقوم بنقل ملكية الغطاء إلى البنك بل إن هذا الأخير يتلقاه بصفته دائنا مرتهنا، وللبنك إذا قام بالوفاء للمستفيد أن يستوفي حقه أي قيمة ما دفعه من هذه الضمانات إذا انقضى التزامه دون دفع، فيتعين عليه أن يرد هذه الضمانات( ).
ذلك أن البنك لا يتسلم شيئا حتى يلزم برده ويكون مدينا للزبون بإرجاعها، فالغطاء النقدي مثلا عندما يتسلمه البنك، فهو يدرجه ضمن حساب خاص، ويسجل خارج ميزانيته البنك حتى يكون بمنأى عن الدائنين الحاجزين. وعليه فغطاء الخطاب لا يسري عليه حجز ما للمدين لدى الغير الذي يوقع على باقي أموال الزبون لدى البنك( ).
لكن الأصل أن الغطاء عبارة عن أموال خاضعة لحكم الرهن ويعتبر البنك بحيازته لها دائنا مرتهنا، فله بموجب الرهن حق التقدم والأولوية عن غيره من الدائنين. بمعنى انه إذا أوقع دائني الزبون حجزا تحت يد البنك على ما يكون قد أودعه كغطاء لإصدار خطاب الضمان، فلا يحق لهم ذلك لأنها مخصصة للبنك وفقا لأحكام الرهن الحيازي( ).
إضافة لما ذكرناه فإن القول بجواز الحجز على الغطاء خطاب الضمان يفقد هذا النظام قيمته، ويجعله غير صالح لأداء وظيفته الائتمانية.
أما بعد انقضاء التزام البنك من دون دفع للمستفيد، فلا خلاف أنه يجوز الحجز على الغطاء، لان التزام الزبون بتعويض البنك قد أصبح بلا سبب وبالتالي يجعل الالتزام بتقديم الغطاء كذلك بلا سبب، مما يلزم البنك برده للزبون الذي يتقرر له حق المطالبة به. وهكذا فإن توقيع الدائنين في هذا الوقت الحجز على الغطاء يكون صحيحا لكون هذا الغطاء ملكا لمدينهم الزبون( ).
المبحث الثاني: طرق إنقضاء خطاب الضمان المصرفي.
يتمثل التزام البنك في خطاب الضمان في دفع قيمته للمستفيد عند طلبه حيث يظل هذا الالتزام قائما لغاية انقضائه، فينتهي وجوده القانوني ويزول خطاب الضمان تبعا لذلك. لأن الصفة الأساسية في الالتزام بصفة عامة هي التوقيت وعدم الدوام، فلا يجوز أن يبقى المدين أي البنك ملتزما طيلة حياته، وعليه يجب أن يكون هذا الالتزام نهاية يترتب عليها براءة ذمة البنك مما كان يشغلها من التزامات.
لقد نصت القواعد الموحدة لخطابات الضمان المصرفية لعام 1992 على أحكام الانقضاء ضمن القسم الخامس في المواد من 22 إلى 26، حيث ينقضي خطاب الضمان بدفع البنك للمبلغ المحدد فيه إلى المستفيد، كما ينقضي بدون وفاء إذا لم يصل إلى البنك خلال مدة سريان الخطاب طلب الدفع. وهناك حالات أخرى ينقضي فيها التزام البنك وتعتبر تطبيقا للقواعد العامة في انقضاء الالتزام الواردة في القانون المدني الجزائري بالمواد من 258إلى322 منه.
سوف نتطرق من خلال هذا المبحث لهذه الحالات في مطلبين، حيث نخصص الأول لانقضاء التزام البنك بالوفاء وما يقوم مقامه، والثاني ندرس فيه انقضاؤه دون وفاء مع التركيز على آثار الانقضاء في كل حالة على النحو التالي:
المطلب الأول: انقضاء خطاب الضمان بالوفاء وما يقوم مقامه.
المطلب الثاني: انقضاء خطاب الضمان بدون الوفاء.
المطلب الأول: انقضاء خطاب الضمان بالوفاء وما يقوم مقامه.
ينقضي خطاب الضمان المصرفي بمجرد قيام البنك بدفع قيمته إلى المستفيد، وهذا هو الإجراء العادي بمعنى تنفيذ البنك لما تعهد به في الخطاب، كما قد ينقضي بما يقوم مقام الوفاء كحدوث المقاصة القانونية بين دين المستفيد في ذمة البنك بقيمة الخطاب وبين دين عليه للبنك أو اتجاه الذمة بين الطرفين. وفي ما يلي تفصيل لكل حالة على حدى من خلال الفروع الآتية:
الفرع الأول: انقضاء خطاب الضمان بالوفاء.
الفرع الثاني: انقضاء خطاب الضمان بما يقوم مقام الوفاء.
الفرع الأول: انقضاء خطاب الضمان بالوفاء.
إن الوفاء هو عمل إرادي، يقوم به المدين بالاتفاق مع الدائن يبرئ ذمته من التزام يشغلها لمصلحة الدائن. والوفاء باعتباره تصرفا قانونيا يجب أن يتوفر فيه عنصر التراضي من طرف الموفى (المدين) والموفى له (الدائن) بوفاء الالتزام، إضافة لشرط الأهلية في الطرفين أي البنك والمستفيد. وحتى يقوم الوفاء صحيحا، لا بد أن يكون له محل وسبب. ومحل الوفاء هو محل الالتزام الذي يقوم المدين بتنفيذه، وهو دفع المبلغ النقدي سواء المحدد في الخطاب أو الذي سوف يتم تحديده لاحقا، أما سبب الوفاء فهو قضاء الالتزام أي التعهد الذي يفي به( ).
وبتطبيق ذلك على خطاب الضمان، نجد انه إذا تقدم المستفيد إلى البنك بطلب دفع قيمة الخطاب أو جزء منه يلتزم البنك بالاستجابة الفورية، وغالبا ما تكون مطالبات المستفيد تنفيذا لغرامة أو غرامات تأخيرية، أو كمقابل للجزء غير المنفذ من العملية، أو كمقابل لإعادة تنفيذ الأجزاء المنفذة على غير الوجه المتفق عليه...، ويتضح إذن أن الواقعة التي تجعل البنك ملزما بوفاء قيمة خطاب الضمان هي واقعة سلبية تفيد عدم تنفيذ الزبون لالتزاماته( ).
ذكرنا سابقا، أن طلب الدفع يجب أن يكون مكتوبا. وأن تذكر فيه باختصار تفاصيل الخطاب لاسيما مبلغ الضمان بالأرقام والأحرف( )، وأن يكون مقدما خلال مدة سريان الخطاب، أي قبل انقضاء الأجل المحدد فيه.
نشير هنا بأن اعتبار التزام البنك مجردا في مواجهة المستفيد، لا ينفي أن تعهده الذي أصدره يمكن أن تحوطه اشتراطات معينة، فيكون المرجع عندئذ إلى نص خطاب الضمان لتحديد شروط الدفع إلى المستفيد. ويجب على هذا الأخير، لاستحقاق المبلغ المذكور في الخطاب احترام هذه الشروط التي لا تؤثر على استقلالية تعهد البنك، ولا تجعل استحقاق المستفيد لقيمة الخطاب مرتبطة بأي عنصر خارجي عنه. والحقيقة أنه يجب النظر إلى هذه الشروط بحذر شديد فبعضها قد لا يؤثر بعضها في من خاصية استقلال التزام البنك، ويظل معها للخطاب كل خصائصه، فيما يمكن أن يؤثر بعضها الآخر من هذه الاستقلالية( ).
في هذا المجال، يقول الدكتور علي جمال الدين عوض: "إن الاشتراطات المرتبطة بمستندات أو أوراق يقدمها المستفيد إلى البنك عند مطالبته لا تنفي عن تعهد البنك استقلاله، مادام لا يكون للبنك بمقتضى الخطاب سلطة التحقق من صدق المستند بل يكفي أن يكون صادقا في ظاهره حتى يستحق المستفيد مبلغ الضمان..."( ).
وعليه لو كان الشرط المحدد في الخطاب هو حدوث إخلال من الزبون في تنفيذ التزاماته، كان على المستفيد أن يحدد نوع هذا الإخلال. ويقدم الدليل الكتابي على ذلك، بالمقابل يتعين على الزبون أن يثبت أن هذا الإخلال لم يقع منه، ويكون إثبات ذلك بالكتابة الصادرة من المستفيد إليه أو بأي طريقة أخرى مناسبة، لأنه يترتب على تجارية خطاب الضمان بالنسبة للبنك حرية الزبون في إثبات كل ما يتعلق به بكافة الطرق الإثبات في مواجهة البنك، أما إذا لم يتمكن الزبون من إثبات براءة ذمته من الإخلال الذي يدعيه المستفيد، يجب هنا على البنك دفع مبلغ الضمان لهذا الأخير، لان الأصل انشغال ذمة الزبون بالالتزام المشروط به خطاب الضمان وذلك على خلاف القواعد العامة في الالتزامات( ).
يسقط التزام البنك بالدفع للمستفيد تلقائيا إذا لم يصله طلب الدفع خلال الأجل المحدد بالخطاب لو كان محدد المدة، على أن تكون العبرة في تاريخ المطالبة بوقت استلام المستفيد للخطاب وليس بوقت إرساله له( ).
وعليه متى احترم المستفيد هذه الآجال وتحققت شروط خطاب الضمان وجب على البنك الوفاء فورا بكامل المبلغ المذكور فيه، أو الجزء المطلوب مع بقاء حق المستفيد في باقي المبلغ لغاية نهاية مدة الخطاب، ويشترط في هذا المجال أن لا تزيد المطالبات الجزئية في مجموعها عن قيمة خطاب الضمان، وإذا كان المستفيد شخصا غير مقيم كما رأينا في خطابات الضمان الخارجية يلزم البنك بان يدفع له بالعملة المحددة في الخطاب كما يلتزم بان يدفع إلى المستفيد المقيم مقدار العملة المحلية المذكورة في الخطاب ولو تغيرت قيمتها عن الوقت الذي صدر فيه الخطاب( ).
قد يدفع البنك مبلغ الخطاب إلى المستفيد أو وكيله الخاص، أما لو قام بالوفاء لشخص آخر بدون وجه حق لا يعتد بهذا الوفاء. يجب عليه أن يقوم بالوفاء مرة أخرى للمستفيد الفعلي متى طلب إليه ذلك. وهذا يعني أن البنك يسأل عن خطئه في شخص المستفيد والذي ينتج في غالب الأحيان عن عدم قيامه بمضاهاة التوقيعات بصورة جدية، كما قد يكون سببه الخطأ في فحص المستندات المشترطة في الخطاب، وبالتالي يتحمل البنك الأضرار الناتجة عن خطئه باعتبار ذلك يدخل في مخاطر المهنة( ).
في جميع الأحوال، لا يكون للبنك الذي قام بالوفاء لغير المستفيد حق الرجوع بما دفعه على زبونه، لأنه لم يلتزم بالشروط التي تم الاتفاق عليها في الخطاب. والتي تنص على أن يقوم البنك بالدفع للمستفيد، أو وكيله الخاص دون غيرهم.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فانه في جميع أنواع خطابات الضمان يقوم الزبون بتحديد اسم المستفيد لإلزام البنك بعدم صرف قيمته لسواه( ).
حتى يتفادى البنك الوقوع في هذا الدفع المزدوج لقيمة الخطاب، فإنه يطلب دائما من المستفيد تقديم ما يثبت شخصيته، أما في حالة وفاة المستفيد يجب على البنك دفع مبلغ الخطاب إلى ورثة المتوفى تطبيقا للقواعد العامة، بعد تقديمهم الوثائق المطلوبة وبعد مراعاة الأحكام الخاصة بالضرائب على التركة( ).
يجري العمل في مختلف البنوك، على أن تقوم هذه الأخيرة بإخطار زبائنها بمجرد أن تسلم طلب الدفع من المستفيد. وإن كان هذا الإجراء ليس إجباريا بالنسبة لها لكنه إجراء تحفظي درج العرف المصرفي على القيام به.
يكون الإخطار كتابة وفي وقت معقول قبل الدفع للمستفيد. والغرض من هذا الإجراء، هو إعطاء فرصة للزبون حتى يتفاوض مع المستفيد من أجل العدول على المطالبة، أو تمديد أجل خطاب الضمان( ).
فلو تمسك المستفيد بموقفه أي يطلب الدفع يلتزم البنك بالوفاء له. وإثبات الدفع يختلف حسب الوسيلة التي تم بها، فلو قام البنك بالوفاء نقدا جرى العرف المصرفي على تسليم إيصال مصرفي بهذه المبالغ النقدية، كذلك قد يدفع البنك مبلغ لخطاب بشيك مصرفي يحرره المستفيد بما يعادل قيمة خطاب الضمان، فيتقدم المستفيد في هذه الحالة للبنك بطلب صرف قيمته. وهكذا يعود الشيك إلى البنك الذي يحتفظ به دليلا على الدفع، كل هذا إضافة لما هو ثابت في أوراق وسجلات البنك عن هذه العملية مما يعتبر حجة على المستفيد بتمام الدفع لغاية إثبات العكس( ).
يعتبر الدفع صحيحا مهما اختلف شكله وبذلك يمكن القول أن مسؤولية البنك العرضية من خلال إصداره لخطاب الضمان، تحولت إلى مسؤولية واقعية، وأن المستفيد احترم في تقديمه لطلب الوفاء فترة سريان خطاب الضمان وشروطه. ولا تؤثر دفوع الانقضاء على ذلك مثل الدفع بفسخ علاقة الزبون بالمستفيد، بل إن هذا الفسخ يعزز طلب المستفيد إذا كان نتيجة تقصير الزبون، لأنه يعتبر دليلا على تحقق الشرط الواقف في الخطاب، أما إذا كان سبب الفسخ أجنبيا لا يد للزبون فيه، أو كان نتيجة فعل الدائن نفسه فان الشرط الواقف يتخلف ولا يمكن تحققه بعد ذلك، فيزول التزام البنك المعلق عليه( ).
سبق القول أن من أبرز الأسباب التي تؤدي لرفض البنك الوفاء بالتزامه في خطاب الضمان هو غش المستفيد، الذي يعتبر استثناء يرد على قاعدة الدفع الفوري ويعتبر الفقه( )، أن مبدأ الغش يفسد كل شيء مبدأ عام التطبيق، على أساس أن مبدأ حسن النية يجب أن يسود المعاملات. ولان خطاب الضمان لا يمكن أن يكون حماية للغش، لكن يجب أن يتحدد نطاق تطبيق هذا المبدأ بحذر شديد حتى لا يكون الدفع بالغش وسيلة من البنك للتهرب من احترام تعهداته. لذلك يقترح الدكتور علي جمال الدين عوض، أن يقتصر رفض البنك الوفاء على حالة ما يكون الغش ماسا بشروط تنفيذ الضمان ذاتها، ومثاله أن يكون المستند المطلوب والمقدم إلى البنك غير صحيح أي مزور. ويكون لدى البنك الدليل على ذلك، وكذلك الوثائق الصادرة من المستفيد والتي تقتضي بعدم تنفيذ الصفقة، إذا اتضح أنها غير صحيحة( ).
ونفس الشيء بالنسبة للفقه الفرنسي( )، الذي يجيز تجميد قيمة خطاب الضمان في حالة صدور غش من المستفيد، وسار القضاء الفرنسي في نفس هذا الاتجاه حيث صدر حكم لمحكمة النقض الفرنسية في 10 يناير 1986 بعد أن قررت فيه المحكمة صراحة مبدأ استقلال العلاقات الناشئة عن خطاب الضمان، قضت برفض طلب الشركة المستفيدة بمصادرة قيمة خطاب الضمان لما تبين لها من غش ظاهر من جانب هذه الشركة، يتمثل في عدم سدادها لمستحقات الزبون رغم قيامه بتنفيذ كافة الأشغال التي كلف بها، والتي قدم عنها مخالصة موقعة من المهندسين المسؤولين، ورئيس حسابات الشركة المستفيدة بتمام حسن التنفيذ.
ومقتضى حكم محكمة النقض الفرنسية، أنها اعتبرت طلب الشركة المستفيدة بمصادرة خطاب الضمان رغم علمها الأكيد بتمام تنفيذ الزبون لما كلف به، من قبيل الغش الذي يفسد كل شيء( ).
نستنتج مما سبق أن التزام البنك في خطاب الضمان ينقضي بالوفاء الصحيح ومتى تم ذلك جاز للبنك الرجوع على زبونه بمقدار المبلغ المدفوع مضافا إليه الفوائد والمصاريف والعمولة المستحقة له، ويكون هذا الرجوع إما في صورة امتلاك الغطاء الذي قدمه الزبون للبنك كضمان للخطاب، أو في صورة رجوع البنك على زبونه بطريقة مباشرة ليوفي له ما دفعه للمستفيد( ).
إذا كان للزبون حساب جار لدى البنك الذي أصدر الخطاب _وهو الغالب_ فإنه يجوز إجراء قيد المبالغ المذكورة في الجانب المدين من الحساب دون حاجة إلى إخطار الزبون( ).
لكن هل يصح من الناحية القانونية، القول بأن البنك في هذه الحالة يحل محل المستفيد في الرجوع على الزبون بمقدار المبلغ المدفوع ؟ يرى البعض( )، أن مبلغ خطاب الضمان يمثل قيمة التعويض الإتفاقي بين الزبون والمستفيد. ومن ثم فان الملزم بدفع هذا المبلغ أساسا هو الزبون نتيجة إخلاله بما التزم به تجاه المستفيد، وبالتالي فان دفعه من طرف البنك يخول لهذا الأخير حق الرجوع على زبونه المدين له، وهذا الحلول القانوني يسمح للبنك من الاستفادة بالغطاء المقدم.
الحقيقة أن هذا الرأي محل نظر لان فكرة الحلول القانوني تقوم أساسا على أن الموفى هو شخص من الغير يفي بدين المدين، أي بدين غيره في حين أن البنك حين يدفع للمستفيد فإنه يفي بدينه هو الذي يعتبر محل تعهده في الخطاب، فذلك هو مقتضى خاصية استقلالية التزام البنك( ). وعلى أية حال فإنه متى قبض المستفيد قيمة خطاب الضمان لا يجوز للبنك المطالبة باسترداده، استنادا إلى أسباب ترجع إلى العلاقة بين زبونه والمستفيد. لكن يبقى للزبون حق استرداد ما قبضه المستفيد من البنك بدون وجه حق، إذا كان لديه ما يبرر ذلك، كأن يدعي بأنه لم يعد مدينا للمستفيد أو أن مديونيته لا تبرر ما حصل عليه من البنك ( ). ودعوى الاسترداد في هذه الحالة الأخيرة تكون مقبولة، كذلك لو تقدم بها البنك متى كانت له مصلحة في ذلك لكونه دفع مبلغ الخطاب بدون أن يكون لديه غطاء مسبق وتعذر عليه الرجوع على زبونه.
وهكذا بعد أن يقوم البنك بالوفاء للمستفيد يقوم بإلغاء خطاب الضمان من سجلاته، والأصل أن المستفيد ملزم بإعادة صك الخطاب إلى البنك حتى يلغيه لانتهاء الغرض الذي صدر من أجله، فاستلام البنك لخطاب الضمان الأصلي يعتبر الشرط الأساسي لانتهاء مفعول الضمان، أما إذا لم يتمكن البنك من استعادته بسبب فقدانه أو لأي سبب كان يتعين عليه أن يسعى للحصول من المستفيد على ما يبرئ ذمته. ويعفيه نهائيا من كامل التزاماته( ).
فإذا عجز البنك عن الحصول على أصل الخطاب يكفي أن يلغيه من سجلاته، بعد تدعيم هذا الإلغاء بما يثبت حصول الوفاء من جانب البنك.
نشير في الأخير أن البنك لا يتحمل خسارة إذا دفع قيمة خطاب الضمان المصرفي، إذ يحتفظ عادة بغطاء كاف لتغطية التزاماته، كما يأخذ على زبونه التعهدات الكافية التي تضمن له سداد هذه القيمة، خاصة وأن كل أموال الزبون لدى البنك تكون ضامنة لحق هذا الأخير( ).
الفرع الثاني: انقضاء خطاب الضمان بما يقوم مقام الوفاء.
إن الالتزام الذي يتعهد به البنك مصدر خطاب الضمان المصرفي، كما ينقضي بالوفاء أي تنفيذه عينا، ينقضي كذلك بما يعادل الوفاء. وتقضي القواعد العامة في الالتزامات أن ما يعادل الوفاء هو: المقاصة، إتحاد الذمة، الوفاء بمقابل، التجديد، الإنابة. ففي المقاصة فإن الدائن يستوفي حقه مقابل دين ينشأ في ذمته للمدين، أما الوفاء بمقابل يحصل الدائن من خلاله على شيء بديل عن المحل الأصل للحق من المدين. وفي التجديد، فإن الدائن يستوفي الدين القديم بنشوء دين جديد( ).
فهل تؤدي هذه الأسباب جميعها لانقضاء التزام البنك في خطاب الضمان المصرفي؟
أولا: بالنسبة للمقاصة.
تعتبر المقاصة أداة وفاء يتمسك بها المدين بين ما هو مستحق عليه لدائنه، وما هو مستحق له تجاهه، بمعنى في حالة وجود دينان متقابلان في ذمة المدين والدائن بشرط. أن يكونا مستحقي الأداء أي حل أجلهما، لأن المقاصة تحمل معنى الوفاء الإجباري. وبالتالي لا يجبر المدين على الوفاء إلا بعد حلول اجل الدين، كما يشترط أن يكونا صالحين للمطالبة بهما قضاءا( ).
في البداية نقول أنه لا يجوز للبنك أن يدفع في مواجهة المستفيد، بحدوث مقاصة بين دين على المستفيد للزبون أو دين على الزبون للبنك. وبين قيمة خطاب الضمان التي يطلبها المستفيد، وهذا لاستقلال التزام البنك في خطاب الضمان( )، إنما ينقضي خطاب الضمان بحدوث المقاصة القانونية متى توفرت شروطها بين دين على المستفيد للبنك، وبين قيمة خطاب الضمان. فيستطيع البنك في هذه الحالة أن يتمسك بها في مواجهة المستفيد وتقع المقاصة هنا بقوة القانون بين الدينين.
لكن هناك رأي فقهي( )، يرى أنه لو حدث وكان المستفيد دائنا للبنك الذي أصدر الخطاب لصالحه بمبلغ معين، وتوفرت شروط المقاصة بين الدائنين، فلا يحق للبنك أن يتمسك بها. ويبرر صاحب هذا الرأي وجهة نظره، على أساس أن خطاب الضمان وإن كان يمثل حقا للمستفيد إلا أن هذا الحق لا يدخل في ذمته المالية إلا بعد أن يطلبه من البنك، ويدفع له فعلا المبالغ المحددة فيه.
يضيف صاحب هذا الرأي أن البنك عندما يصدر خطاب الضمان فهو لا يقيد قيمته في الجانب الإيجابي لذمة المستفيد، أي لا يضاف مباشرة إلى حساب المستفيد الجاري لدى البنك الذي يلتزم بدفعه فقط عند الطلب. وبالتالي لا يمكن الحديث عن حصول مقاصة قانونية بين مبلغ مملوك للبنك، مقابل حق له في ذمة المستفيد.
يضيف كذلك أنه قد يقال في هذا الخصوص، أن قيمة الخطاب تكون ملكا للزبون قبل طلبها من البنك بواسطة المستفيد نتيجة ما قدمه من غطاء. لكن هذا القول مردود لأن البنك يلتزم بالدفع من أمواله الخاصة. وليس أدّل على ذلك من أن خطابات الضمان تصدر أحيانا بغطاء يمثل نسبة قليلة من قيمة الخطاب، وأحيانا قد تصدر بغطاء يمثل نسبة قليلة من قيمة الخطاب، وأحيانا قد تصدر بدون غطاء وحتى في الحالات التي يقدم فيها الزبون غطاءا كاملا فإنه لا يقيد في حسابه الجاري لدى البنك( ). وحتى بعد أن يقوم البنك بالوفاء بمبلغ خطاب الضمان يبقى هذا المبلغ على طبيعته كضمان مقدم من الزبون، لا يجوز إجراء المقاصة عليه( ).
خلاصة هذا الرأي أنه لا يجوز للبنك مصدر الخطاب التمسك بحدوث المقاصة وبالتالي انقضاء التزامه، بين مبلغ الخطاب وما قد يكون له من دين في ذمة المستفيد. والاستثناء الوحيد هنا هو: أن تكون طريقة وفاء البنك بمبلغ الخطاب من خلال التأشير على حساب المستفيد لديه بإضافته للجانب الإيجابي فيه، حيث تختلط هذه المبالغ بأموال المستفيد الأخرى وتصبح غير مفرزة. فيستطيع البنك إجراء المقاصة بين الدينين، عن طريق القيام بإجراء قيد عكسي في الحساب. وحتى في هذه الحالة، تحدث المقاصة على جميع أموال المستفيد دون قيمة خطاب الضمان لوحدها( ).
رغم أن هذا الرأي لا يجانب الصواب في جزء منه، لاسيما فيما يخص ملكية البنك لقيمة الخطاب، لكن أغلب الفقه( )، يخالفه ويقر بجواز حصول المقاصة القانونية بين مبلغ الخطاب ودين المستفيد تجاه البنك. حيث يقول الدكتور علي جمال الدين عوض:" قد يقال لا يجوز للبنك أن يتمسك على المستفيد بالمقاصة بوصفه مدينا بالخطاب، ودائنا بمقتضى العلاقة الشخصية التي بينهما. لأن نظام خطاب الضمان له وظيفة زرع الطمأنينة المطلقة لدى المستفيد منه في اقتضاء قيمته دون أي عقبة كانت، وهو يرتب أموره على ذلك. والبنك الذي يقبل إصدار خطاب ضمان للمستفيد يفترض أنه قبل منح المستفيد ما يستهدفه من طمأنينة، وأنه _أي البنك_ ينزل مقدما عن كل فرصة له لتعطيل حق المستفيد، ولكن للبنك أن يتمسك على المستفيد من الخطاب بالدفوع المستمدة من علاقتهما الشخصية المباشرة، كأن يكون للبنك دين على المستفيد، ويطلب المستفيد وفاء الخطاب، فيقيد في حسابه ويجري بها قيدا عكسيا"( ).
أخيرا نقول أنه متى توفرت شروط المقاصة بين الدينين كما حددها القانون، فإنها تقع وتبرئ ذمة البنك الذي يبقى له حق الرجوع على زبونه، كما لو كان قد أوفى المستفيد نقدا لا مقاصة. ولما كانت المقاصة ليست من النظام العام، يجب على صاحب المصلحة_وهو البنك_ أن يتمسك بها.
ثانيا: إتحاد الذمة.
إن إتحاد الذمة يتحقق إذا ما اجتمع في نفس الشخص صفتا الدائن والمدين بالنسبة إلى دين واحد، كما تنص على ذلك المادة 304 من القانون المدني الجزائري. وهذا الوضع يترتب عليه استحالة المطالبة بتنفيذ الدين، وبالتالي انقضاؤه أو وقف تنفيذه على الأقل، حيث أنه لا يستطيع للشخص مطالبة نفسه بالدين( ).
بتطبيق ذلك على خطاب الضمان المصرفي، نقول أنه إذا حصل إتحاد ذمة بين المستفيد والزبون في شخص واحد منهما، فإنه يترتب عليه انقضاء خطاب الضمان. لأن إتحاد الذمة في شخص الزبون مثلا يجعله دائنا للبنك بقيمة الخطاب، وهو مدين أصلا بتعويضه (أي البنك) عما يدفعه للمستفيد، فينقضي الدينان بالمقاصة نتيجة إتحاد الذمة. كذلك لو حدث إتحاد ذمة بين الزبون والمستفيد في شخص هذا الأخير _أي المستفيد_ فإن نفس النتيجة تتحقق، إذ يصبح المستفيد مدينا بتعويض البنك عما يدفعه بصدد الخطاب فينقضي الدينان. بمعنى أن إتحاد الذمة في هذه الحالة ترتب عليه انقضاء الحق والدين بين الطرفين( ).
أما بخصوص الحالات الأخرى لانقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء، فإنها لا تطبق على خطابات الضمان المصرفية، فمثلا الإنابة لا تؤدي لانقضاء التزام البنك في الخطاب على أساس أنه لا يجوز للبنك أن ينيب غيره بدفع مبلغ الضمان إلى المستفيد، أما بالنسبة للوفاء بمقابل والذي يستوفي فيه الدائن، الدين الأصلي بدين جديد، فلا يؤدي كذلك لانقضاء خطاء الضمان. لأن هذا الأخير يصدر لغرض معين أي لضمان تنفيذ عملية معينة، فلا يجوز للمستفيد المطالبة بقيمة الخطاب عن غرض آخر غير الغرض المحدد فيه( ).
المطلب الثاني: انقضاء خطاب الضمان بدون وفاء.
يوصف التزام البنك بدفع قيمة خطاب الضمان بأنه التزام عرضي، قد يتحقق ويصبح التزاما فعليا ومباشرا. وهذا متى اضطر البنك إلى الوفاء للمستفيد، كما أنه قد لا يتحقق وينقضي دون وفاء. ويثبت الواقع العملي في البنوك أنه من النادر جدا أن يقوم البنك بوفاء ما يصدره من خطابات، حيث ينقضي غالبا دون وفاء. وحالات انقضاء الخطاب بدون وفاء متعددة منها: انتهاء أجله دون مطالبة. والإبراء الصادر من المستفيد، والتقادم في خطابات الضمان غير محددة المدة و استحالة تنفيذ التزام الزبون. وعليه نقسم هذا المطلب للفروع الآتية:
الفرع الأول: انتهاء مدة خطاب الضمان دون مطالبة.
الفرع الثاني: الإبراء.
الفرع الثالث: التقادم واستحالة التنفيذ.
الفرع الأول: انتهاء مدة خطاب الضمان دون مطالبة.
من بين شروط خطاب الضمان، أنه يتضمن عادة تحديد مدة يظل فيها البنك ملتزما تجاه المستفيد بالوفاء له بقيمة المبلغ المحدد فيه متى طلب ذلك. فإذا انقضت هذه المدة دون أن يتقدم المستفيد إلى البنك بطلب الوفاء، برئت ذمة البنك. وينقضى خطاب الضمان في هذه الحالة. خاصة وأن الخطاب يتضمن عادة النص على أن أي مطالبة تصله بعد هذا التاريخ المحدد تكون عديمة الأثر ويسقط بذلك حق المستفيد( )، وتؤكد القواعد المحددة لخطابات الضمان الصادرة عن غرفة التجارة الدولية لعام 1992، أنه بعد انتهاء المدة المحددة في الخطاب لتقديم طلبات الدفع، والتي يجب أن تكون في يوم محدد من السنة، أو بناءا على تقديم مستند أو مستندات معينة إلى البنك الضامن بقصد الإنهاء، ينقضي الخطاب بحدوث أي من التاريخ أو الواقعة، سواء أعيد الخطاب وتعديلاته أو لم يتم ذلك( ).
ففي هذه الحالة إذن يسقط التزام البنك بدون حاجة إلى اتخاذ أي إجراء آخر، ولا يمنع ذلك من صدور خطاب ضمان آخر مستقل عن الأول( ). وبالتالي يحتاج إلى قبول جديد من البنك، طبعا لو طلب الزبون ذلك.
لكن عدم تقدم المستفيد إلى البنك للمطالبة بالدفع خلال التاريخ المحدد، وإن كان فعلا ينهي خطاب الضمان، فإنه مقيد بعدم وجود شرط في نص الخطاب يقضي بتمديد صلاحيته إلى ما بعد هذا التاريخ، ويحدث ذلك غالبا عندما يتبين أن تنفيذ العملية المضمونة سوف يستغرق مدة أطول من المدة المتفق عليها( )، كما تسمح البنوك بذلك من خلال النص في الخطاب على تمديده تلقائيا، بعد انتهاء سريان مفعوله لتغطية المدة التي يستغرقها ورود المطالبة بالبريد. ويجب التمييز بين حالتين بخصوص التمديد:
-أ-تمديد خطاب الضمان إلى ما بعد تاريخ استحقاقه.
-ب-تمديد تاريخ استحقاق الخطاب نفسه.
-أ-تمديد خطاب الضمان إلى ما بعد تاريخ استحقاقه.
في هذه الحالة يستمر مفعول الضمان إلى ما بعد انقضاء التاريخ المحدد فيه. وقد يكون ذلك منطقيا، إذ أنه في معظم الحالات المماثلة تكون المطالبة قد قدمت أثناء مدة سريان الخطاب، إلا أن تنفيذ المطالبة قد يستغرق مدة طويلة، فلابد هنا لمفعول المطالبة أن يستمر إلى ما بعد انقضاء مدة الضمان ولا يحق للبنك إنهائه بإرادته المنفردة( ).
يتحمل البنك لوحده مسؤولية الوفاء، بعد انقضاء الأجل المحدد في الخطاب حيث يفقد في هذه الحالة حق الرجوع على زبونه لمطالبته برد ما دفعه. وذلك لأنه لم يلتزم بعبارات الخطاب( ).
أما إذا كان خطاب الضمان غير محدد المدة، فيجوز إنهاؤه في أي وقت، غير أنه يشترط لممارسة هذا الحق أن لا يكون الإنهاء تعسفيا، كأن يتم دون إنذار الزبون مسبقا أو إنذاره قبل الإنهاء بوقت غير كاف مما يؤدي لإلحاق الضرر به. وأخيرا بانتهاء أجل الخطاب يقوم البنك بشطبه من سجلاته ويلزم البنك تبعا لذلك برد الغطاء المقدم إلى الزبون، ويقوم في نفس الوقت بإشعار المستفيد بانقضاء حقه في الخطاب طالبا منه إعادته إليه وما لحقه من تجديدات إن وجدت( )، وهذا ما تنص عليه المادة 24 من القواعد الموحدة لخطابات الضمان المصرفية لعام 1992.
الفرع الثاني: الإبراء.
الإبراء هو تنازل الدائن عن حقه الذي يشغل ذمة المدين دون مقابل، فهو تصرف يتم بإرادة منفردة هي إرادة الدائن. يترتب عليه براءة ذمة المدين إذا ما توافرت شروط صحته كما يحددها القانون( ).
بالنسبة لإبراء المستفيد للزبون نفرق بين حالتين:
أ/ إذا كان خطاب الضمان مشروط بحدوث إخلال من الزبون بالتزاماته تجاه المستفيد، فيكون للإبراء في هذه الحالة أثر منهي لالتزام البنك في الخطاب، لأن الشرط يستحيل تحققه بعد الإبراء، إذ لا يتصور أن يقع إخلال من الزبون بعد أن برئت ذمته بفضل المستفيد. لذلك ينقضي التزام البنك بانقضاء التزام الزبون تجاه المستفيد بالإبراء.
ب/ إذا كان الخطاب غير مشروط، فإن التزام البنك لا يتأثر بالإبراء بل يظل قائما، إلا إذا نص هذا الإبراء صراحة على تنازل المستفيد عن حقه في قبض مبلغ الخطاب( ).
إذن فالعبرة هي بالإبراء الصادر من المستفيد إلى البنك، كما تنص عليه المادة 23 من القواعد الموحدة لخطابات الضمان لعام 1992، على أنه بغض النظر عن أي شرط للانقضاء في الضمان، فإنه يتم إلغاؤه إذا قدم المستفيد للبنك صك الخطاب، أو إقرار المستفيد المكتوب الذي يفيد إبراء البنك من التزامه.
يعتبر إبراءا إرجاع المستفيد لخطاب الضمان، وهو إما يسلمه للبنك مباشرة حيث يعتبر التسليم دليلا قطعيا على إلغاء الخطاب( )، أو يسلمه إلى الزبون ليتولى إعادته إلى البنك بعد أن قام هذا الزبون بتنفيذ كل التزاماته تجاه المستفيد. ونشير هنا أنه يتعين على البنك أن يتمسك برد صورة خطاب الضمان مع الأصل، وذلك في الحالات التي جرى فيها تسليم أصل الخطاب إلى الزبون واستوجب الاحتياط إرسال صورة منه إلى المستفيد، حيث تتم هذه العملية غالبا من خلال الإجراءات التالية:
*يتسلم البنك إخطارا من المستفيد بانتهاء الزبون من تنفيذ التزاماته كليا، فيطلب البنك منه إرجاع أصل الخطاب إليه.
*يتلقى قسم المحاسبة بالبنك أصل الخطاب، ويحرر وثيقة تسوية بقيمة الخطاب من أصل وصورتين، يرسل الأصل لزبونه، وتستخدم الصورة كإشعار، يوجه لقسم الحسابات الجارية لإعادة الغطاء للزبون.
*يقوم قسم المحاسبة بالبنك بإعداد ملخص انتهاء غرض خطاب الضمان، ليتم شطبه أخيرا من سجلات البنك( ).
إن حيازة الزبون لأصل الخطاب وإرجاعه للبنك يؤدي إذن لإلغائه مباشرة، على أنه يكون للمستفيد أن يثبت أن حيازة الزبون لأصل الخطاب كان لسبب آخر غير الإبراء، كأن يكون قد طلب من الزبون تعديل الخطاب أو تجديده فقام بإرجاعه للبنك. ولتجنب الوقوع في مثل هذه الحالات فإنه يجدر بالبنك عند إعادة صك الخطاب إليه بواسطة الزبون أن يخطر المستفيد بإلغائه ليتأكد من عدم اعتراضه على ذلك، وليتجنب الوقوع في أية مسؤولية( ).
إذا رفض المستفيد إبراء ذمة البنك وأجازت شروط الخطاب ذلك صراحة، كما إذا نص خطاب ضمان الدفعة المقدمة على شرط تخفيضه تلقائيا بنسبة ما يدفع من مستحقات للزبون، فإنه يصبح لاغيا لأن كامل قيمته تكون مدفوعة عند دفع كامل مستحقات الزبون. وكذلك بالنسبة إلى خطاب الضمان النهائي الذي يشترط فيه إلغائه تلقائيا بمجرد استلام المشروع نهائيا، فيكون بذلك رفض المستفيد إبراء ذمة البنك بدون مبرر( ). لهذا يقوم البنك بإعلام المستفيد وزبونه أن الخطاب قد ألغي بموجب شروطه.
أما في غير هذه الحالة فلا يجوز للبنك اعتبار الخطاب لاغيا ما لم يتسلم الإقرار الكتابي بتنازل المستفيد عن حقه.
أخيرا نشير إلى أنه رغم ندرة استعمال هذه الشروط في خطابات الضمان، إلا أنه يفضل حث الزبائن المتعهدين على إقناع المستفيدين بقبولها، لأهميتها في إلغاء الضمان تلقائيا دون ضرورة لاتخاذ الأطراف لإجراءات معينة، قد يؤدي السهو عنها إلى تعرضهم لمطالبات المستفيدين لمبالغ الخطاب احتياطيا، دون مبرر قانوني( ).
الفرع الثالث: التقادم واستحالة التنفيذ.
هناك حالات أخرى ينقضي فيها خطاب الضمان المصرفي من دون وفاء للمستفيد وهي التقادم واستحالة التنفيذ.
أ* بالنسبة للتقادم:
يفترض التقادم أن الدائن لم يطالب المدين الوفاء بالالتزام طيلة مدة يحددها المشرع. وأن يرفع الدائن دعوى أمام القضاء ليطالب المدين بالوفاء _بعد مضي المدة_ فيتمسك المدين بسقوط التزامه تجاهه من خلال الدفع بالتقادم، وعليه تبرأ ذمة المدين من الالتزام. فالتقادم ليس إلا دفعا يستطيع المدين التمسك به في حالة مطالبة الطرف الآخر بالتنفيذ( ).
في خطابات الضمان المصرفية لا يسري التقادم بالطبع إذا كانت محددة المدة، بل يسري عليها إذا كانت غير محددة المدة، حيث تنقضي بمرور خمسة عشرة (15) سنة من تاريخ بدء التزام البنك دون أن يستعمل المستفيد حقه في طلب قيمة الخطاب. وهذا تطبيقا للقواعد العامة في القانون المدني، وبالنسبة إلى خطاب الضمان غير محدد المدة والمشروط يبدأ التقادم من تاريخ تحقق الشرط، إذا كان التزام البنك معلقا على شرط محدد في صلب الخطاب نفسه، وغالبا ما يكون الشرط هو إخلال الزبون بالتزاماته مع المستفيد( ). ما لم يعترض سريان الخطاب ما يوقف التقادم أو يقطعه( ).
ب/ بالنسبة لاستحالة التنفيذ:
يقصد باستحالة التنفيذ كسبب من أسباب انقضاء التزام البنك، استحالة تنفيذ التزام الزبون في مواجهة المستفيد المترتب على عقد الأساس المبرم بينهما. فإذا أصبح الالتزام مستحيلا لسبب أجنبي لا علاقة للبنك به، فإن أثره على التزام البنك يختلف بحسب ما إذا كان الخطاب مشروطا أو غير مشروط:
*فإذا كان مشروطا ينقضي التزام البنك باستحالة تنفيذ التزام الزبون، لأن الشرط المعلق عليه الخطاب يصبح تنفيذه مستحيلا، رغم ذلك فالملاحظ على هذا الشرط أنه يهدر استقلالية خطاب الضمان.
*أما في حالة خطاب الضمان غير المشروط، فلا يتأثر التزام البنك باستحالة التنفيذ، سواء كانت راجعة لسبب أجنبي أو فعل الدائن( ).
إضافة لما سبق ذكره فإن البنك إذا استحال عليه تنفيذ التزامه بالدفع للمستفيد بسبب الحادث الفجائي، القوة القاهرة،....الخ، فلا يجوز للمستفيد مطالبته بدفع مبلغ الخطاب ويتحمل الخسارة الناتجة على انقضاء التزام البنك على هذا النحو، ولا يبقى أمامه إلا الرجوع على الزبون بموجب عقد الأصلي( ).
أما إذا كانت الاستحالة ترجع إلى خطأ البنك بأن تأخر في الاستجابة لطلب المستفيد الدفع فإنه يتحمل مسؤولية ذلك وهذا ما أكدته المادة 13 من القواعد الموحدة لخطابات الضمان المصرفية لعام 1992.
خاتمة:
من خلال ما تقدم يتبين لنا أن خطاب الضمان المصرفي من الأنشطة البنكية الهامة التي توفر الثقة والاطمئنان في ميدان التجارة الداخلية والخارجية، نظرا لما يقدمه من ضمان لأطرافه.
فخطاب الضمان المصرفي_كما رأينا_ هو تعهد مكتوب يصدره البنك بناء على طلب زبونه لصالح المستفيد، يلتزم فيه البنك بأن يدفع مبلغ الضمان إلى المستفيد عند أول طلب، وذلك بغض النظر عن أي اعتراض من الزبون، بشرط أن تتم المطالبة خلال مدة سريانه، وإلا سقط حق المستفيد في الرجوع على البنك، ذلك أن التزام البنك في مواجهة المستفيد هو التزام مباشر ومستقل عن العقد المبرم بين الزبون والمستفيد ( العقد الأصلي)، وعليه لا يستطيع البنك رفض وفاء مبلغ الخطاب استنادا لدفوع مستمدة من هذا العقد، وكما فإن خطاب الضمان مستقل عن العقد المبرم بين البنك وزبونه (عقد الإعتماد بالضمان)، ولا يستطيع البنك كذلك أن يرفض الوفاء على أساس دفوع مستمدة منه، إضافة لذلك فإن خطاب الضمان شخصي لا يجوز للمستفيد تظهيره إلى الغير، لأن البنك عند إصداره يأخذ بعين الاعتبار مدى ثقته في زبونه، كما أن شخصية المستفيد وأمانته محل اعتبار لدى زبون البنك.
لقد اختلفت الآراء حول الطبيعة القانونية لخطاب الضمان المصرفي، وتردد الفقه بين نظرية الكفالة، ونظرية الاشتراط لمصلحة الغير، ونظرية الإنابة الناقصة، ونظرية الإرادة المنفردة، وسبب ذلك هو رغبة الفقه التقليدية في تفسير جميع العمليات التي تنشأ في محيط البنوك على ضوء النظريات المعروفة في القانون المدني، وفي الواقع عجزت كل هذه النظريات على تفسير التزام البنك الناشئ عن خطاب الضمان، والذي رأينا أنه نهائي ومستقل عن العلاقات السابقة عنه. وذلك لأن خطاب الضمان كما خلصنا يعتبر وسيلة ضمان ابتدعها العرف المصرفي لتحقيق هدف اقتصادي هو الحلول محل النقود، فمن يطلب خطاب ضمان إنما يريد أن يطمئن كما لو كان لديه ضمانة نقدية ولقد استقرت حوله مجموعة من القواعد العرفية التي جعلته قادرا على تحقيق هذه الغاية، فأضفت عليه إطارا قانونيا متميزا كما هو الشأن في غالبية العمليات المصرفية.
إن خطاب الضمان المصرفي يقدم في حالات كثيرة ولأغراض مختلفة منها خطابات الضمان المحلية وهي بدورها متعددة، إذ قد يحتاج لها الزبون حتى يسمح له بدخول مناقصة أو مزايدة وهذا ليؤكد جديته وعدم انسحابه فيما لو رست عليه، كما يحتاج إليه لاحقا ليؤكد به التزامه بالتنفيذ. إضافة لذلك فإن خطاب الضمان يمكن أن يصدر لصالح إدارة الجمارك، ليغطي مثلا نسبة الرسوم الجمركية المستحقة على بضاعة معينة. ونفس الشيء فإنه يحل محل وثيقة الشحن فيما لو وصلت البضاعة إلى الميناء من دونها، فيتمكن مالك هذه البضاعة من تسلمها مقابل تقديمه لخطاب ضمان يبقى ساري المفعول لغاية وصول وثيقة الشحن. وهناك خطابات الضمان الخارجية والتي يكون فيها الزبون أو المستفيد أو كلاهما شخصا غير مقيم، لكن هذا النوع من الخطابات يتطلب غالبا إصدار ضمان مقابل، أو تعزيز الضمان من أحد البنوك المحلية، ويتم التعامل به بكثرة في مجال عقود التجارة الدولية.
إن ما تقدم من أنواع خطاب الضمان المصرفي يمثل بعض الحالات الهامة التي تصدر بمناسبتها خطابات الضمان، وليس هناك حصر شامل لها، لأنها غير متناهية، إذ يمكن أن تطلب من البنك حيثما دعت الحاجة إلى توفير الثقة بين المتعاملين.
بمجرد أن يصدر خطاب الضمان تترتب عليه قيام عدة علاقات بين أطرافه، لكنها مستقلة عن بعضها البعض، فيتحمل الأطراف عدة التزامات كما يكتسبون حقوقا:
*بالنسبة للبنك مصدر الخطاب: فإنه يلتزم بدفع مبلغ الضمان بمجرد مطالبة المستفيد خلال المدة المعينة بالخطاب، وللغرض المحدد له.
مقابل هذا الالتزام يحق للبنك الحصول على تغطية للخطاب، أي ضمانات إصداره، والتي يتفق على نوعها مع الزبون، فقد تكون نقدية، أو عينية أو في صورة تنازل الزبون عن حقه في العملية المضمونة تجاه المستفيد إلى البنك، وتختلف قيمة الغطاء حسب مبلغ الخطاب الذي صدر به، وكذلك بالنظر لمدى ثقة البنك في زبونه.
*بالنسبة للزبون الآمر بإصدار خطاب الضمان: يلتزم هذا الزبون بأن يرد للبنك ما يكون قد دفعه إلى المستفيد من مبلغ الضمان، مع دفع العمولة التي يحددها البنك مقابل إصداره الخطاب، وإلا تعرض هذا الزبون لتنفيذ البنك على ما يكون قد قدمه من ضمانات.
وبالمقابل يحق للزبون المطالبة باسترداده إذا انقضت مدة الضمان دون مطالبة المستفيد به.
*بالنسبة للمستفيد: يحق له مطالبة البنك بدفع مبلغ الضمان إليه، بشرط أن يتقدم بطلبه خلال المدة المعينة في الخطاب. ولقد رأينا أن الفقه والقضاء الفرنسيين يعتمدون على استثناء واحدا وهو جواز وقف صرف قيمة خطاب الضمان للمستفيد استنادا لفكرة التعسف والغش الظاهر، كأن يثبت الزبون أنه قام بالوفاء بجميع التزاماته، فيعتبر في هذه الحالة طلب المستفيد بالدفع غشا ظاهرا، ولقد خلصنا إلى أنه:
- لا يجوز للمستفيد أن يتنازل عن حقه في مبلغ الخطاب إلى الغير، ولا يجوز لدائنيه أن يستعملوا حقه الثابت فيه، أي لا يجوز لهم طلب توقيع الحجز على قيمة خطاب الضمان ما دامت ند البنك، لأنها في هذا الوقت تعتبر أموالا مملوكة له وليس لمدينهم المستفيد، وبخصوص غطاء خطاب الضمان الذي يقدمه الزبون للبنك، فإنه يبقى على ملك من قدمه أي الزبون فلا يجوز للمستفيد أن يطلب توقيع حجز ما للمدين لدى الغير عليه.
- تبقى التزامات البنك بالدفع للمستفيد عند الطلب قائمة حتى انقضاء خطاب الضمان بسبب من أسباب انقضاء الالتزام بصفة عامة، كما قد ينقضي بالدفع للمستفيد خلال مدة سريان الخطاب أي بالوفاء، كما ينقضي التزامه بغير وفاء إذا لم يصله خلال مدة سريان خطاب الضمان طلب من المستفيد بالدفع.
- خطاب الضمان المصرفي يعد فعلا نظاما فعالا في توفير عنصر الثقة والضمان لمن يتقدم لطلبه، وما يحقق له هذه الفعالية هو استقلاليته عن جميع العلاقات السابقة عنه، وهو ما يتفق مع الوظيفة التي من أجلها نشأ خطاب الضمان، وذلك لأن أي منازعة في حق المستفيد من البنك، أو الزبون تجعله غير صالح لأداء وظيفته كبديل عن التأمين النقدي، فتعليق دفع الخطاب على شروط خارجة عنه، أو على علاقات أو وقائع أخرى، يجعل التزام البنك تابعا لالتزام آخر، وهو ما لا يتفق مع خطاب الضمان بالمعنى الذي نقصده في هذا المجال.
رغم أهمية موضوع خطاب الضمان وكثرة الإشكاليات التي يثيرها في العمل، فإن المشرع الجزائري لم ينظم أحكامه، كما أن الأحكام القضائية والأبحاث الفقهية فيه قليلة، لذلك نتقدم ببعض التوصيات التي نراها ضرورية لتدعيم الدور الائتماني الذي يقوم به خطاب الضمان في الحياة العملية:
ينبغي تعديل القانون التجاري الجزائري، بما يسمح تضمين أحكام خطاب الضمان المصرفي فيه، كما هو معمول به في مختلف الدول، على أن يراعى في هذا التقنين الطبيعة الخاصة لهذا الضمان، من حيث كونه وليد العرف المصرفي العام.
يجب تدعيم استقلالية خطاب الضمان المصرفي، من خلال الدفع المباشر للمبلغ المحدد فيه إلى المستفيد من دون اشتراطات غالبا ما تؤدي المبالغة فيها إلى تبعية التزام البنك، بمعنى يجب أن يكون الدفع ضمن شروط الخطاب ذاته. ولا تتعلق بوقائع خارجة عنه، لأنه أمام كثرة وتنوع هذه الشروط فيمكن أن نخرج من نطاق الضمانات المستقلة إلى الضمانات التبعية (الكفالة)، وهنا نتخوف من نسف هذا النظام من أساسه.
بالنسبة لخطابات الضمان الخارجية، تطرح إشكاليات بخصوص قيام البنك المحلي بالوفاء بقيمتها للمستفيدين منها دون موافقة المراسل الأجنبي (الذي أصدر الضمان) على السداد، وهذا الأمر قد يضعف من فعالية هذا النظام ضمن المعاملات التجارية الدولية، لذا ينبغي على البنوك المحلية أن ترتبط بمراسليها في الخارج عند إصدار أو تعزيز خطابات الضمان وتبقى كذلك لحين إنقضائه، وهو ما يؤثر إيجابيا على سمعتها.
إن القواعد العرفية المصرفية لا تحمي حقوق أطراف الخطاب بشكل كاف، لذلك نؤكد ثانية أن تدخل المشرع أصبح ضرورة ملحة خاصة لدينا في الجزائر، حيث لاحظنا من خلال الدراسة الميدانية أن الموظفين في مختلف البنوك لا يفرقون بين خطاب الضمان المصرفي بمعناه الفني، وبين الكفالة المصرفية، ولقد خلصنا أن استقلال خطاب الضمان عن العقد الذي صدر من أجله، هو ما يميزه عن الكفالة، رغم أدائها وظيفة مماثلة. وذلك بسبب الصفة التبعية لالتزام الكفيل في ضمانه دين المكفول، ونحن نفضل عند الحديث عن خطاب الضمان المصرفي استعمال مصطلح _الضمان المستقل_ بدلا من مصطلح _الضمان عند أول طلب_ وهذا لإبراز خصوصيته، لأن عبارة _عند أول طلب _تفسر فقط كشكل للمطالبة بمبلغ الضمان ولا تعبر على خطاب الضمان المصرفي بمعناه الفني.
خاتمة:
من خلال ما تقدم يتبين لنا أن خطاب الضمان المصرفي من الأنشطة البنكية الهامة التي توفر الثقة والاطمئنان في ميدان التجارة الداخلية والخارجية، نظرا لما يقدمه من ضمان لأطرافه.
فخطاب الضمان المصرفي_كما رأينا_ هو تعهد مكتوب يصدره البنك بناء على طلب زبونه لصالح المستفيد، يلتزم فيه البنك بأن يدفع مبلغ الضمان إلى المستفيد عند أول طلب، وذلك بغض النظر عن أي اعتراض من الزبون، بشرط أن تتم المطالبة خلال مدة سريانه، وإلا سقط حق المستفيد في الرجوع على البنك، ذلك أن التزام البنك في مواجهة المستفيد هو التزام مباشر ومستقل عن العقد المبرم بين الزبون والمستفيد ( العقد الأصلي)، وعليه لا يستطيع البنك رفض وفاء مبلغ الخطاب استنادا لدفوع مستمدة من هذا العقد، وكما فإن خطاب الضمان مستقل عن العقد المبرم بين البنك وزبونه (عقد الإعتماد بالضمان)، ولا يستطيع البنك كذلك أن يرفض الوفاء على أساس دفوع مستمدة منه، إضافة لذلك فإن خطاب الضمان شخصي لا يجوز للمستفيد تظهيره إلى الغير، لأن البنك عند إصداره يأخذ بعين الاعتبار مدى ثقته في زبونه، كما أن شخصية المستفيد وأمانته محل اعتبار لدى زبون البنك.
لقد اختلفت الآراء حول الطبيعة القانونية لخطاب الضمان المصرفي، وتردد الفقه بين نظرية الكفالة، ونظرية الاشتراط لمصلحة الغير، ونظرية الإنابة الناقصة، ونظرية الإرادة المنفردة، وسبب ذلك هو رغبة الفقه التقليدية في تفسير جميع العمليات التي تنشأ في محيط البنوك على ضوء النظريات المعروفة في القانون المدني، وفي الواقع عجزت كل هذه النظريات على تفسير التزام البنك الناشئ عن خطاب الضمان، والذي رأينا أنه نهائي ومستقل عن العلاقات السابقة عنه. وذلك لأن خطاب الضمان كما خلصنا يعتبر وسيلة ضمان ابتدعها العرف المصرفي لتحقيق هدف اقتصادي هو الحلول محل النقود، فمن يطلب خطاب ضمان إنما يريد أن يطمئن كما لو كان لديه ضمانة نقدية ولقد استقرت حوله مجموعة من القواعد العرفية التي جعلته قادرا على تحقيق هذه الغاية، فأضفت عليه إطارا قانونيا متميزا كما هو الشأن في غالبية العمليات المصرفية.
إن خطاب الضمان المصرفي يقدم في حالات كثيرة ولأغراض مختلفة منها خطابات الضمان المحلية وهي بدورها متعددة، إذ قد يحتاج لها الزبون حتى يسمح له بدخول مناقصة أو مزايدة وهذا ليؤكد جديته وعدم انسحابه فيما لو رست عليه، كما يحتاج إليه لاحقا ليؤكد به التزامه بالتنفيذ. إضافة لذلك فإن خطاب الضمان يمكن أن يصدر لصالح إدارة الجمارك، ليغطي مثلا نسبة الرسوم الجمركية المستحقة على بضاعة معينة. ونفس الشيء فإنه يحل محل وثيقة الشحن فيما لو وصلت البضاعة إلى الميناء من دونها، فيتمكن مالك هذه البضاعة من تسلمها مقابل تقديمه لخطاب ضمان يبقى ساري المفعول لغاية وصول وثيقة الشحن. وهناك خطابات الضمان الخارجية والتي يكون فيها الزبون أو المستفيد أو كلاهما شخصا غير مقيم، لكن هذا النوع من الخطابات يتطلب غالبا إصدار ضمان مقابل، أو تعزيز الضمان من أحد البنوك المحلية، ويتم التعامل به بكثرة في مجال عقود التجارة الدولية.
إن ما تقدم من أنواع خطاب الضمان المصرفي يمثل بعض الحالات الهامة التي تصدر بمناسبتها خطابات الضمان، وليس هناك حصر شامل لها، لأنها غير متناهية، إذ يمكن أن تطلب من البنك حيثما دعت الحاجة إلى توفير الثقة بين المتعاملين.
بمجرد أن يصدر خطاب الضمان تترتب عليه قيام عدة علاقات بين أطرافه، لكنها مستقلة عن بعضها البعض، فيتحمل الأطراف عدة التزامات كما يكتسبون حقوقا:
*بالنسبة للبنك مصدر الخطاب: فإنه يلتزم بدفع مبلغ الضمان بمجرد مطالبة المستفيد خلال المدة المعينة بالخطاب، وللغرض المحدد له.
مقابل هذا الالتزام يحق للبنك الحصول على تغطية للخطاب، أي ضمانات إصداره، والتي يتفق على نوعها مع الزبون، فقد تكون نقدية، أو عينية أو في صورة تنازل الزبون عن حقه في العملية المضمونة تجاه المستفيد إلى البنك، وتختلف قيمة الغطاء حسب مبلغ الخطاب الذي صدر به، وكذلك بالنظر لمدى ثقة البنك في زبونه.
*بالنسبة للزبون الآمر بإصدار خطاب الضمان: يلتزم هذا الزبون بأن يرد للبنك ما يكون قد دفعه إلى المستفيد من مبلغ الضمان، مع دفع العمولة التي يحددها البنك مقابل إصداره الخطاب، وإلا تعرض هذا الزبون لتنفيذ البنك على ما يكون قد قدمه من ضمانات. وبالمقابل يحق للزبون المطالبة باسترداده إذا انقضت مدة الضمان دون مطالبة المستفيد به.
*بالنسبة للمستفيد: يحق له مطالبة البنك بدفع مبلغ الضمان إليه، بشرط أن يتقدم بطلبه خلال المدة المعينة في الخطاب. ولقد رأينا أن الفقه والقضاء الفرنسيين يعتمدون على استثناء واحدا وهو جواز وقف صرف قيمة خطاب الضمان للمستفيد استنادا لفكرة التعسف والغش الظاهر، كأن يثبت الزبون أنه قام بالوفاء بجميع التزاماته، فيعتبر في هذه الحالة طلب المستفيد بالدفع غشا ظاهرا، ولقد خلصنا إلى أنه:
- لا يجوز للمستفيد أن يتنازل عن حقه في مبلغ الخطاب إلى الغير، ولا يجوز لدائنيه أن يستعملوا حقه الثابت فيه، أي لا يجوز لهم طلب توقيع الحجز على قيمة خطاب الضمان ما دامت ند البنك، لأنها في هذا الوقت تعتبر أموالا مملوكة له وليس لمدينهم المستفيد، وبخصوص غطاء خطاب الضمان الذي يقدمه الزبون للبنك، فإنه يبقى على ملك من قدمه أي الزبون فلا يجوز للمستفيد أن يطلب توقيع حجز ما للمدين لدى الغير عليه.
- تبقى التزامات البنك بالدفع للمستفيد عند الطلب قائمة حتى انقضاء خطاب الضمان بسبب من أسباب انقضاء الالتزام بصفة عامة، كما قد ينقضي بالدفع للمستفيد خلال مدة سريان الخطاب أي بالوفاء، كما ينقضي التزامه بغير وفاء إذا لم يصله خلال مدة سريان خطاب الضمان طلب من المستفيد بالدفع.
- خطاب الضمان المصرفي يعد فعلا نظاما فعالا في توفير عنصر الثقة والضمان لمن يتقدم لطلبه، وما يحقق له هذه الفعالية هو استقلاليته عن جميع العلاقات السابقة عنه، وهو ما يتفق مع الوظيفة التي من أجلها نشأ خطاب الضمان، وذلك لأن أي منازعة في حق المستفيد من البنك، أو الزبون تجعله غير صالح لأداء وظيفته كبديل عن التأمين النقدي، فتعليق دفع الخطاب على شروط خارجة عنه، أو على علاقات أو وقائع أخرى، يجعل التزام البنك تابعا لالتزام آخر، وهو ما لا يتفق مع خطاب الضمان بالمعنى الذي نقصده في هذا المجال.
رغم أهمية موضوع خطاب الضمان وكثرة الإشكاليات التي يثيرها في العمل، فإن المشرع الجزائري لم ينظم أحكامه، كما أن الأحكام القضائية والأبحاث الفقهية فيه قليلة، لذلك نتقدم ببعض التوصيات التي نراها ضرورية لتدعيم الدور الائتماني الذي يقوم به خطاب الضمان في الحياة العملية:
ينبغي تعديل القانون التجاري الجزائري، بما يسمح تضمين أحكام خطاب الضمان المصرفي فيه، كما هو معمول به في مختلف الدول، على أن يراعى في هذا التقنين الطبيعة الخاصة لهذا الضمان، من حيث كونه وليد العرف المصرفي العام، مع الإستعانة بالقواعد الموحدة لخطاب الضمان المصرفي لعام 1992 الصادرة عن غرفة التجارة الدولية.
يجب تدعيم استقلالية خطاب الضمان المصرفي، من خلال الدفع المباشر للمبلغ المحدد فيه إلى المستفيد من دون اشتراطات غالبا ما تؤدي المبالغة فيها إلى تبعية التزام البنك، بمعنى يجب أن يكون الدفع ضمن شروط الخطاب ذاته. ولا تتعلق بوقائع خارجة عنه، لأنه أمام كثرة وتنوع هذه الشروط فيمكن أن نخرج من نطاق الضمانات المستقلة إلى الضمانات التبعية (الكفالة)، وهنا نتخوف من نسف هذا النظام من أساسه.
بالنسبة لخطابات الضمان الخارجية، تطرح إشكاليات بخصوص قيام البنك المحلي بالوفاء بقيمتها للمستفيدين منها دون موافقة المراسل الأجنبي (الذي أصدر الضمان) على السداد، وهذا الأمر قد يضعف من فعالية هذا النظام ضمن المعاملات التجارية الدولية، لذا ينبغي على البنوك المحلية أن ترتبط بمراسليها في الخارج عند إصدار أو تعزيز خطابات الضمان وتبقى كذلك لحين إنقضائه، وهو ما يؤثر إيجابيا على سمعتها.
إن القواعد العرفية المصرفية لا تحمي حقوق أطراف الخطاب بشكل كاف، لذلك نؤكد ثانية أن تدخل المشرع أصبح ضرورة ملحة خاصة لدينا في الجزائر، حيث لاحظنا من خلال الدراسة الميدانية أن الموظفين في مختلف البنوك لا يفرقون بين خطاب الضمان المصرفي بمعناه الفني، وبين الكفالة المصرفية، ولقد خلصنا أن استقلال خطاب الضمان عن العقد الذي صدر من أجله، هو ما يميزه عن الكفالة، رغم أدائها وظيفة مماثلة. وذلك بسبب الصفة التبعية لالتزام الكفيل في ضمانه دين المكفول، ونحن نفضل عند الحديث عن خطاب الضمان المصرفي استعمال مصطلح _الضمان المستقل_ بدلا من مصطلح _الضمان عند أول طلب_ وهذا لإبراز خصوصيته، لأن عبارة _عند أول طلب _تفسر فقط كشكل للمطالبة بمبلغ الضمان ولا تعبر على خطاب الضمان المصرفي بمعناه الفني.
النصوص التشريعية:
1- دستور 1996.
2- القانون المدني الجزائري.
3- القانون التجاري الجزائري.
4- القانون رقم 79-07 المؤرخ في 26 شعبان عام 1399 الموافق لـ 21 يوليو سنة 1979 المعدل والمتمم بموجب القانون رقم 98-10 المؤرخ في 29 ربيع الثاني 1419 الموافق لـ 22 غشت 1998 يتضمن: التشريع الجمركي.
5- القانون رقم 90-10 مؤرخ في 19 رمضان عام 1410 الموافق لـ 14 أفريل سنة 1990 يتعلق بالنقد و القرض.
6- الأمر رقم 76-80 مؤرخ في 29 شوال 1396 الموافق لـ 23 أكتوبر 1976 المعدل والمتمم بالقانون رقم 98-05 المؤرخ في: 01 ربيع الأول 1419 الموافق لـ 25 يونيو 1998، يتضمن القانون البحري.
7- الأمر رقم 03-11 مؤرخ في 27 جمادى الثانية عام 1424 الموافق لـ 26 غشت سنة 2003، يتعلق بالنقد والقرض.
النصوص التنظيمية:
1- المرسوم الرئاسي رقم 02-250 مؤرخ في 13 جمادى الأولى عام 1423 الموافق لـ 24 يوليو سنة 2002، يتضمن تنظيم الصفقات العمومية.
2- نظام رقم 92-08 مؤرخ في 17 نوفمبر سنة 1992، يتضمن مخطط الحسابات المصرفي والقواعد المحاسبية المطبقة على البنوك والمؤسسات المالية.
3- نظام رقم 93-02 مؤرخ في 3 يناير 1993، يتعلق بإصدار عقود الضمان والضمان المقابل من قبل البنوك الوسطاء المعتمدين.
4- نظام رقم 94-13 مؤرخ في 2 يونيو 1994، يحدد القواعد العامة المتعلقة بشروط البنوك المطبقة على العمليات المصرفية.
5- نظام رقم02-03 مؤرخ في 14 نوفمبر 2002، يتضمن المراقبة الداخلية للبنوك والمؤسسات المالية.
6- اللائحة رقم 458 لعام 1992 الصادرة عن غرفة التجارة الدولية بباريس والتي تتضمن "القواعد الموحدة لخطابات الضمان المصرفية".
الــمــراجــع
أولا: باللغة العربيــــــــة.
أ –الموسوعـــــــــات:
1- محي الدين إسماعيل علم الدين، موسوعة أعمال البنوك من الناحيتين القانونية والعملية، الجزء الأول، الجزء الثاني، النسر الذهبي للطباعة والنشر، الإسكندرية، 2001.
2- محمد عبد الرحيم عنبر، الموسوعة الشاملة للمبادئ القانونية في مصر والدول العربية، الجزء التاسع، دون سنة.
3- محمد عزمي البكري، موسوعة الفقه والقضاء، شرح قانون التجارة الجديد،المجلد الثاني، الالتزامات والعقود التجارية، دار محمود للنشر والتوزيع، دون سنة.
4- عبد الفتاح مراد، موسوعة البنوك، الهيئة القومية لدار الكتاب، الاسكندرية، دون سنة.
ب- الكتــــــب:
1- أكرم ياملكي، الأوراق التجارية وفقا لاتفاقيات جنيف الموحدة والعمليات المصرفية وفقا للأعراف الدولية، الطبعة الأولى، الجزء الثاني، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 1999.
2- اسماعيل شعباني، منهجية البحث في العلوم الإجتماعية، الطبعة الأولى، دون دار النشر، 2005.
3- جاسم علي سالم الشامسي، خطاب الضمان المصرفي وتطبيقاته، ومدى توافقه مع الحدود الشرعية، الجديد في أعمال المصارف من الوجهتين القانونية والاقتصادية، الجزء الثاني، الجديد في التمويل المصرفي، منشورات حلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، 2002.
4- جمال جويدان الجمل، تشريعات مالية مصرفية، الطبعة الأولى، دار صفاء للنشر والتوزيع، عمان، 2002.
5- جميل سالم الزيدانين، أساسيات في الجهاز المالي، الطبعة الأولى، دار وائل للطباعة والنشر، عمان، الأردن، 1999.
6- حسين جميل البديري، البنوك مدخل محاسبي وإداري، الطبعة الأولى، الوراق للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2003 .
7- خالد أمين عبد الله، العمليات المصرفية، الطرق المحاسبية الحديثة، الطبعة الرابعة، دار وائل للطباعة والنشر، عمان، الأردن، 2003.
8- خليل أحمد حسن قتادة، الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري، الجزء الثاني، أحكام الالتزام، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1990.
9- شاكر القزويني، محاضرات في إقتصاد البنوك، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،2000.
10- صلاح الدين حسن السيسي، قضايا مصرفية معاصرة، الائتمان المصرفي، الضمانات المصرفية، الاعتمادات المستندية، الطبعة الأولى، دار الفكر العربي، القاهرة، 2004.
11- طالب حسن موسى، قانون التجارة الدولية، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، 2005.
12- طاهر لطرش، تقنيات البنوك، الطبعة الرابعة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2005.
13- عبد المطلب عبد الحميد، البنوك الشاملة عملياتها وإدارتها، الدار الجامعية، الإسكندرية، دون سنة.
14- عمار بوحوش، دليل الباحث في المنهجية وكتابة الرسائل الجامعية، المؤسسة الوطنية للكتاب، 1985.
15- علي جمال الدين عوض، عمليات البنوك من الوجهة القانونية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1981.
16- علي جمال الدين عوض، القانون التجاري، العقود التجارية، الأوراق التجارية، عمليات البنوك، دار النهضة العربية، القاهرة، 1989.
17- علي البارودي، العقود وعمليات البنوك التجارية، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 2001.
18- عبد الحميد الشواربي، عمليات البنوك في ضوء الفقه، القضاء، التشريع، منشأة المعارف، الاسكندرية، 2001.
19- عكاشة عبد العال، قانون العمليات المصرفية الدولية،دراسة في القانون الواجب التطبيق على عمليات البنوك ذات الطبيعة الدولية، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، 1994.
20- عزيز العكيلي، شرح القانون التجاري، الجزء الثاني، الأوراق التجارية وعمليات البنوك، الطبعة الأولى، دارالثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2005.
21- عبد المعطي رضا أرشيد، محفوظ أحمد جودة، إدارة الائتمان، الطبعة الأولى، دار وائل للنشر والتوزيع، عمان، 1999.
22- فواد توفيق ياسين، أحمد عبد الله درويش، المحاسبة المصرفية في البنوك التجارية والإسلامية، دار اليازوري للنشر والتوزيع، عمان، 1996.
23- محمد سيد الفقي، القانون التجاري، الأوراق التجارية، الإفلاس، العقود التجارية، عمليات البنوك، منشورات حلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، 2003.
24- مصطفى كمال طه، العقود التجارية وعمليات البنوك، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، 2002.
25- منير محمد الجنبيهي، ممدوح محمد الجنبيهي، أعمال البنوك، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، 2000.
26- محمد حسن الجبر، العقود التجارية وعمليات البنوك في المملكة العربية السعودية، الطبعة الثانية، النشر العلمي والمطابع، 1997.
27- مدحت صادق، أدوات وتقنيات مصرفية، دار غريب للطباعة والنشر، القاهرة، بدون سنة.
28- محمد الموفق أحمد عبد السلام، دراسات عن الأقسام المختلفة بالبنوك التجارية، مكتبة ومطبعة الإشعاع الفنية، الاسكندرية، 1999.
29- محمد فريد العريني، هاني دويدار: قانون الأعمال، دار الجامعة الجديدة للنشر، الاسكندرية، 2002.
30- محمود حسن صوان، أساسيات العمل المصرفي الإسلامي، دراسة مصرفية تحليلية، دار وائل للطباعة والنشر، عمان، الأردن، 2001.
31- محمد فريد العريني، هاني دويدار، مبادئ القانون التجاري والبحري، دار الجامعة الجديدة للنشر، الاسكندرية، 2000.
32- محفوظ لعشب، الوجيز في القانون المصرفي الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2004.
33- ماهر شكري، العمليات المصرفية الخارجية، دار حامد للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2004.
34- مراد منير فهيم، القانون التجاري، العقود التجارية وعمليات البنوك، منشأة المعارف، الاسكندرية، 1982.
35- نبيل إبراهيم سعد، النظرية العامة للالتزام، أحكام الالتزام، دار الجامعة الجديدة للنشر، الاسكندرية، 2003.
36- هاني محمد دويدار، الوجيز في العقود التجارية والعمليات المصرفية، دار الجامعة الجديدة للنشر، الاسكندرية، 2002.
37- هاني محمد دويدار، مبادئ القانون التجاري، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، 1995.
ج- المجلات القانونية:
1- حسن أحمد الخولي، إدارة أخطار البنوك من منظور تأميني، مجلة الرائد العربي، العدد 75، السنة 19، دمشق، 2002.
2- سميحة القليوبي، النظام القانوني لخطابات الضمان المصرفية، مجلة القانون والاقتصاد، جامعة القاهرة، السنة42 ، العدد الأول والثالث، الشركة المصرية للطباعة والنشر، 1973.
3- محمد الأمين ولد أحمد المرابط، خطابات الضمان في المصارف الإسلامية، مجلة الدراسات القانونية، العدد 09، دار القبة للنشر والتوزيع، الجزائر، 2003.
4- يعقوب يوسف صرخوه، خطاب الضمان المصرفي في القانون الكويتي، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، السنة 17، العدد الثالث، مجلة النشر العلمي، جامعة الكويت، 1993.
د- الرسائل الجامعية:
1- بلعيساوي محمد الطاهر، الاعتماد المستندي، مذكرة ماجستير في القانون الخاص، جامعة عنابة، 1999/2000.
ثانيا: باللغة الفرنسية.
I- OUVRAGES :
1- FREDERIC Peltier, Introduction au Droit du crédit, 2ème édition, Dalloz, 1990.
2- GEORGE Ripert, RENE Roblot, Droit commercial, 8ème édition, Paris, 1976.
3- JEAN-MICHEL Jacque et PHILIPPE Delebecque, Droit du commerce international, 2ème édition, Dalloz, 2000.
4- Jean Louis Rives Lange, Monique Contamine Raynaud, Droit bancaire, 6ème édition, Dalloz, 1995.
5- Jacques Ferronnière, Les opérations de banque, 5ème édition, Dalloz, 1976.
6- Stephane Piedelièvre, Droit bancaire, PUF Droit, 1er édition, 2003.
II- Revues :
1- Revue trimestrielle de droit commercial et de droit économique, N° 02 et 03 Avril/Juin, édition Dalloz, 2005.
III- Thèses :
1- Nicolas Borga, La qualification de garantie autonome, mémoire D.E.A, Droit Privé Fondamentale, Université Jean Moulin, Lyon 3, 2000/2001.