أسلوب التكرار في القرآن الكريم - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة > أرشيف قسم الكتاب و السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

أسلوب التكرار في القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2008-08-05, 11:15   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
فتحي خشايمية
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










New1 أسلوب التكرار في القرآن الكريم

يعتبر التكرار في القرآن الكريم من أبرز الظواهر البلاغية التي شغلت الباحثين قديما وحديثا، واشتغالهم هذا يدل على الأهمية التي تحملها هذه الظاهرة في طياتها، فعلى الرغم من كونها كثيرة في لغة العرب. وهي من فنون القول عندهم، فهي بالإضافة إلى هذا مظهر من مظاهر الإعجاز القرآني ، فالقرآن الكريم يكرّر الفكرة دون أن نشعر بالملل، بأن نجد الفكرة في أثواب متعددة وألوان شتى ، فكلما ظهرت في لون ازدادت قرارا في النفس والفكر، فإذا هي قد وصلت إلى القلب والعقل لاشعوريا في غير إكراه ولا إلزام.
فالقرآن الكريم من لدن حكيم خبير، وبلسان عربي مبين فهو ليس عفويا وهو ليس تلقائيا.
ولذلك نجد التكرار ورد في القرآن الكريم كثيرا. ومع أنّ الأسلوب في الكلام العاديّ قد لا يسلم من القلق والاضطراب، إلا أنه جاء في كلام الله محكماً، ولكون هذه الظاهرة بارزة في القرآن ، فقد تعرض لها المفسرون والبلاغيون، وبيّنوا جزءاً من أبعادها ودلالاتها على اختلاف مواقعها، كما حاولوا التعرف على محاورها وأنماطها التي تمثلت في تكرار حروف، وكلمات ،وتكرار بدايات، وفواصل، وتكرار جمل وآيات ، وتكرار قصص وأنباء ...،إلاّ أنّهم اختلفوا في دلالة توظيفها، فانقسموا فريقين:
ففي حين رأى فريق في التكرار ظاهرة ملحّة يرتكز عليها القرآن الكريم في بنيته، لاسيّما أنّ من وظائفه البلاغة والتأكيد على المعنى المقصود من الألفاظ المكررّة. نفى الفريق الآخر التكرار من القرآن تماما ًبادّعاء عدم الفائدة من تكرار اللفظ نفسه في السياق نفسه للمعنى نفسه، فحتى لو كانت الألفاظ مكرّرة،فإنّها تدّل بنظرهم على معان مختلفة.
فابن قتيبة : يذكر الأمر فيقول :"بعض الطاعنين في القرآن الكريم من الملاحدة تعلقوا بظاهرة التكرار في الكلام مثل قوله تعالى :«فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ». (1)"(2)
وقد اعتبر الإمام" الفخر الرازي" ما ورد منه في القرآن من مظاهر تقتضي الإعجاز البلاغي :"اعلم أنّه قد اجتمع في القرآن وجوه كثيرة تقتضي نقصان فصاحته ،ومع ذلك فإنّه في الفصاحة بلغ النّهاية التي تقتضي نقصان فصاحته، ومع ذلك فإنه في الفصاحة بلغ النهاية التي لا غاية وراءها، فدّل على ذلك كونه معجزا...منها أنّ كلّ من قال شعراً فصيحا في وصف شيء فإنّه إذا كرره لم يكن كلامه الثّاني في وصف ذلك الشيء بمنزلة كلامه الأوّل في القرآن التكرار الكثير."(3)
ويقول الزركشي : "وقد غلط من أنكر كونه من أساليب الفصاحة ظنّا أنه لا فائدة له ،وليس كذلك، بل هو من محاسنها لاسيما إذا تعلق بعضه ببعض،وذلك أنّ عادة العرب في خطاباتها إذا أبهمت بشيء إرادة لتحقيقه وقرب وقوعه، أو قصدت الدّعاء عليه ،كرّرته توكيداً.(4)

(1) سورة الرحمن، الآية 13.

(2) ابن قتيبة (276هـ) عبد الله بن مسلم ،تأويل مشكل القرآن ،شرح السيد أحمد صقر ، دار التراث، القاهرة ،ط2 (1303هـ -1973م)،ص32

(3) بغدادي بلقاسم ،المعجزة القرآنية،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر،فيفري 1992، ص 287

(4) الزركشي بدر الدين محمد بن عبد الله (794هـ)،البرهان في علوم القرآن،تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم،(ج 3)،ط2، دار المعرفة لبنان، ص8.
والزركشي :هو محمد بن عبد الله بدر الدين:فقيه ،شافعي أصولي مفسر وأديب تركي الأصل .توفي سنة(794هـ)،من أبرز تصانيفه البرهان في علوم القرآن .











2- تعريف التكرّار:
2-1- لغــة: للتكرار عند اللغويين عدة مفاهيم .
جاء في لسان العرب التكرار في اللّغة أصله من الكرّ بمعنى الرّجوع، ويأتي بمعنى الإعادة والعطف. فـ"كَرَّرَ" الشيء وكَرْكَرَهُ أي: أعاده مرة بعد أخرى. وقد يأتي له تصريف آخر هو التكرير، يقول الجوهري: الكرّ: الرجوع، يقال: كرّرت الشيء تكريرًا وتكرارًا.
ويقال كرّرت عليه الحديث وكركرته: إذا ردّدته عليه، والكرّ الرجوع على الشيء، ومنه التـّكرار والتكرّة بمعنى التـّكرار.
وجاء في صحاح الجوهريّ، كرّرت الشيء تكريرا وتكرارا. قال أبو سعيد االضّرير: قلت لأبي عمرُ ما بين تِفْعال وتَفعال، فقال: تِفعال اسم، وتَفْعَال بالفتحِ مصدرٌ، والمكرّر من الحروف الرّاء، وذلك لأنّك إذا وقفت عليه رأيت طرف اللسان يتغيّر بما فيه التّكرير، ولذلك احتسب بالإحالة بحرفين»(1)
وجاء في البرهان للزركشي: « وهو مصدر: كرّر، إذا ردّد وأعاد، "هو تَفْعَال"، بفتح التـّاء، وليست بقياس الخلاف "التّفعيل". وقال الكوفيُّون: هو مصدر "فَعَّلَ"، والألفُ عوض من الياء في التَّفعيل، والأوَّل مذهب سيبويه»(2)

(1) ابن منظور، لسان العرب المحيط، إعداد وتصنيف يوسف خياط، م3، د.ط، دار لسان العرب، بيروت، مادة كرّر، ص 240-241.

(2) الزركشي (794هـ)، البرهان في علوم القرآن، ص 08-09


" ومن معانيه أيضا: البعث وتجديد الخلق بعد الفناء، وكأنّني به يريد أن يقول للمتكلّم على سبيل المثال، يذكر عدّة جمل متتالية، وبعد فترة من الحديث يكاد المستمع أن يصل إلى نسيان ما قيل في أوّل الكلام، فنجد المتكلّم يعود ليكرّر بعض ما قاله أولا، ليذكر المستمع ويبعث الجملة، ويحددها بعد أن كادت تنسى. ويذكر الرضي – كذلك- معنى التكرار قائلا: التّكرَار ضمّ الشيء إلى مثله في اللفظ مع كونه إيّاه في المعنى للتأكيد والتّقرير."(1)
" الكافُ والرّاءُ أصلٌ صحيح يدلُّ على جمع وترديد، من ذلك كرّرت، وذلك رجوعك إليه بعد المرةِ الأولى فهو التّرديدُ"(2)


(1) صبحي إبراهيم الفقي، علم اللغة النصي بين النظرية والتطبيق، ج2، ط1، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة 2000، ص 18.
(2) ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام محمد هارون، ج 5،د.ط، دار الفكر، ص 126.



.
2- 2 – اصطلاحا
" هو دلالة اللفظ على المعنى مردّدا " ([1] )
و يعرفه الجرجانيُّ بقوله : " التّكرار: عبَارة عن الإتيان بشيء مرةً بعد أخرى "([2])
" و هو أنْ يكرّر المتكلّم الكلمة أو الكلمتين بلفظها و معناها ، لتأكيد الوصفِ أو المدحِ أو غيرهِ من الأغراضِ " ([3])

و يعرفه الزركشي بقوله : " إعادة اللفظ أو مرادفه لتقرير المعنى " ([4]) وذكر أنه من أساليب الفصاحة " إذا تعلق بعضه ببعض " ([5])
" ويذكر الدكتور سعيد بحيرى أن الإحالة التكرارية هي الإحالة بالعودة وتتمثل في تكرار لفظ أو عدد من الألفاظ في بداية كل جملة من جمل النص قصد التأكيد ... و الإحالة بالعودة، أكثر أنواع الإحالة دورانا في الكلام " ([6])
" و يرى الباحث أنّ موضع الألفاظ المكررة ليس مقصورا على بداية جمل النص ، لكن قد يكون في أول الجمل ، وقد يكون في ثنايا الجمل وقد يكون في آخرها .

و كذلك التكرار ليس مقصورا على عدد من الألفاظ في الجملة بل قد تتكرر جمل كاملة ، وقد تتكرر فقرات ، و قصص و مواقف و نصوص ... ونستطيع أن نذكر تعريفا للتكرار يضمن وظيفته النصّية، بأنّ التكرار هو إعادة ذكر لفظ أو عبارة أو
جملة أو فقرة ، وذلك باللفظ نفسه أو بالترادف وذلك لتحقيق أغراض كثيرة أهمها تحقيق التماسك النصي بين عناصر النص المتباعدة " ([7])
وبيان التعريف هو أنه لابد من وجود لفظ ومعنى ( دال ومدلول ) على أن يكون هناك ترديد بغضّ النّظر عن المكرّر سواء أكان المكرّر اللفظ أو المعنى ، و لعلّ النقطة هذه بالذات هي التي أدّت بالباحثين إلى اتخاذها أساسا لتقسيم أنواع التكرار

([1]) ابن الأثير ضياء الدين . المثل السائر في أدب الكاتب و الشاعر ، تحقيق أحمد الحوفي وبدوي طبانة، ط 2 ، منشورات دار الرفاعي ، الرياض ( 1404 هـ - 1984 م )، ص 07.

  • و ابن الأثير هو نصر الله بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري أبو الفتح الملقب بضياء الدين المعروف بابن الأثير الكاتب ، وزير العلماء الكتاب توفي سنة 637 هـ من أهم مؤلفاته ، المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر.


([2]) الشريف الجرجاني ، التعريفات ، باب التاء ، دار الكتب العلمية بيروت، لبنان، ط1، 2000 ، ص69.


([3]) صفي الدين الحلي ، عبد العزيز بن سرايا بن علي السنسبي الحلي " ت 750 هـ " تحقيق الدكتور نسيب النشاوي ، شرح الكافية البديعية في علوم البلاغة و محاسن البديع ، مطبوعات مجمع اللغة العربة بدمشق ( 1402 هـ - 1982 م ) . ص134 .

([4]) الزركشي ، البرهان في علوم القرآن ( 3 / 10 ).


([5]) المرجع السابق، ص 9 0.


) 6) صبحي إبراهيم الفقي ، علم اللغة النصي بين النظرية و التطبيق، ج2، ص 19.

([7]) المرجع السابق ، ص20.


1- أنواع التكرار:
الحديث عن أنواع التكرّار كثيرٌ في كتب البلاغة، خاصة وكذا بعض كتب تفسير القرآن، وأنواع التكرار تختلف بحسب الدارسين، وهذا راجع لطبيعة الدراسة فاللغويون لهم معاييرهم، كما أنّ لدراسيّ القرآن معاييرهم أيضا وإنْ كان - في حقيقة الأمر- القرآن -لا يخرجُ عن كونه جزءاً من اللّغة العربية، ولهذا فإنني سأعمد إلى ذكر أهم هذه التقاسيم، سواء المتعلقة منها باللغة، أم بالقرآن الكريم.
ولقد تطرقت إلى التّكرار في اللغة ،كونه من أساليب الفصاحة في اللغة العربيّة لما ينطوي عليه من فوائد في الكلام، فإنّ كلام البلغاء لا يتكررُ عبثا، وإنّما لفوائد ومعان جديدة، ولمّا كان هذا حال كلام العرب، وكون التكرار قد استعمل في القرآن جرياًعلى عادة العرب في كلامهم، وفي هذا يقول الزركشي: "وقد غلط من أنكر كونّه من أساليب الفصاحة، ظنّا أنّه لا فائدة له، وليس كذلك، بل هو من محاسنها ، لا سيّما إذا تعلق بعضه ببعض، وذلك أنّ عادة العرب في خطاباتها، إذا أبهمت بشيء إرادة لتحقيقه وقرب وقوعه أو قصدت الدعاء عليه، كررته توكيداً، وكأنها تقيم تكراره، مقام المقسم عليه، أو الاجتهاد في الدّعاء عليه، حيث تقصد الدّعاء، وإنّما نزل القرآن بلسانهم" (1)
والتكرار ليس ذمّاً، أو قدحاً، إلا إنْ كان مما يمكن الاستغناء عنه، وكان الذي نكرّره خاليا من أيِّ معنى جديد يضاف إلى الأوّل، فهو حينئذ يكون لغواً لا فائدة فيه، وهذا ليس منه في القرآن شيء.
أما ما عدا ذلك فهو على العكـس، إنه أمر مطلوب مرغـوب، وإنْ فقد في الكلام كان ذما أحياناً، من أجل ذلك كان التكرار من الأساليب المعروفة عند العرب، ويكثر وروده في كلامهم، وفي أشعارهم خاصة، والمتصفح لـدواوين الشعراء، كالمهلــهل بن ربيعة، وعمرو بن كلثوم ،يجد ما يؤكد هذا الكلام، بل إنَّ التكرار واحد من الأغراض البلاغية، بحيث نجد الكتب البلاغية التي تتحدث عن
علم المعاني بها عنوان واحد من أسس هذا العلم البلاغي واسمه الإطناب.
(1) الزركشي(794هـ): البرهان في علوم القرآن ،الجزء 03 ، ص 08 و 09.








 


 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:37

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc