ياليتَني لَم أُوتَ كِتابيَه. وَلَم أَدرِ ما حِسابيَه. ياليتَها كانتِ القاضيةَ}
--------------------------------------------------------------------------------
{ يَومئذٍ تعُرَضَونَ لا تَخفَى مِنكُم خافيةٌ. فأمّا مَن أُوتيَ كتابَهُ بِيَمينهِ فَيقولُ هآؤُم اقرءُوا كِتَابيه. إنّي ظَنَنتُ أنّي مُلاقَ حِسابيه. فَهُو في عِيشةٍ راضيةٍ. في جنَّةٍ عاليةٍ. قُطُوفُها دانيةٌ. كُلُوا واشربوا هنيئاً بِمآ أسلَفتُم في الأيامِ الخاليةِ. وأمّا مَن أُوتيَ كِتابَهُ بشماله فَيَقولُ ياليتَني لَم أُوتَ كِتابيَه. وَلَم أَدرِ ما حِسابيَه. ياليتَها كانتِ القاضيةَ. مآ أَغنى عَني مَاليه. هَلَكَ عَني سُلطانيَه} . الحاقة :18-29
تأمل ما فيها من قوة لحمة بين اللفظ والمعنى.
إن للفاصلة القرآنية دور كبير في إحداث التأثير النفسي, فللمفردة القرآنية جرسها الذي ينسجم مع جو النص القرآني, ويتوافق مع المعنى الذي يود القرآن أن يوصله إلى روح الإنسان.
إن مجيء الفاصلة القرآنية بهذا النسق يحدث في النفس تأثيرا قويا.
لقد ختمت هذه الكلمات بهاء السكت, كي تنسجم في إيقاعها اللفظي مع بقية المفردات في هذه الآيات:
{ فِى كِتَـابيَهْ } { حِسَابِيَهْ } { مالية } { سلطانية }
قد زيدت هاء السكت في هذه الكلمات كي تكون منسجمة مع بقية الكلمات المختومة بالتاء المربوطة.
يتحدث هذه الكلمات بجرسها اللفظي إيقاعا في الأذن وتأثيرا في المشاعر الإنسانية, حيث تهتز النفس من الأعماق, وهي تستمع إلى الإيقاع اللفظي الحزين, المنبعث من أقصى الصدر, وأواخر الحلق, فيتجلى أمامه تلك المشاهد الحزينة بما فيها من تفجع في وقوف الإنسان في ذلك المشهد المهول, ويؤدي ذلك إلى تعميق المعنى في الحس, أمام المرء من هذه الإيحاءات التي أوجدها ي هذا الإيقاع اللفظي في الحس.
في التاج : " وتُسَمَّى هذه الهاء، يَعْني التي في سُلْطانِيَهْ ومالِيَه، هاءُ الاسْتِراحَةِ. "
تأمل أخي هذا النسق القرآني, وما تمثله الفاصلة فيه من مشاهد الهول القاصم, في ذلك اليوم المهول, في سورة الحاقة نفسها :
{ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ . ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ . ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ } الحاقة 30-32)
كريم عمايرية