مفهوم الحرية ببساطة هو: "الاستقلالية من القيود"
القيود التي توضع على الانسان قد تكون قيود طبيعية كانعدام القدرة. المقعد مثلا ليس لديه القدرة على الحركة أو هو "فقد حرية الحركة".
التقنية الحديثة زادت من حرية البشر. فبامكاننا الآن قطع المسافات الطويلة في مدة أقصر بفضل وسائل النقل السريعة. كما أنه بفضل تطور وسائل الاتصالات، أصبح بالامكان التواصل بشكل آني تقريبا.
و القيود قد تكون مصطنعه. قد تكون نتاج عادات اجتماعية، أو شرائع دينية، أو قوانين وطنية أو أية عوامل أنسانية أخرى.
و على الرغم أنه من الصحيح الزعم أن العصر الحديث قد تغلب على كثير من القيود الطبيعية فأنه من غير الصحيح تماما أن نقول أننا أصبحنا أكثر حرية. لأن مفهوم الحرية هو مفهوم متعدد الأبعاد. الزيادة في بعد قد لا تعني الزيادة في الجوانب الأخرى بل قد تؤثر سلبا عليها.
هناك مثلا حريات للفرد تتعارض مع حريات للمجتمع. كما أن الحريات تتعرض لقيود تفرضها الحقوق و الواجبات و المسؤليات على الافراد أو على المجتمع.
من المستحيل إذن القول أن هناك حرية مطلقة.
في الاسلام، مفهوم الحرية معرف بكل بساطة و كذلك قيودها معرفة بكل وضوح. و الحقيقة أن الشيء الذي يفتخر به المسلمون دائما هو قدرة الاسلام على نقل الناس من عبادة العباد الى الحرية و عبادة رب العباد.
في الاسلام: الحرية هي الأساس و القيود هي الإستثناء. بمعنى أنه لديك الحرية في عمل أي شيء تريد في أي وقت تريد بالكيفية التي تريد. هذا المفهوم هو مفهوم العبادة. فالعبادة في الاسلام على الرغم من أنها مشتقه من "العبودية" و لكنها تعني الحرية. فالحرية في الاسلام هي العبودية لله وحده. و هذا هو معنى "لا اله الا الله".
شرائع الاسلام في القرآن و السنة النبوية هي القيود. و هي قيود قليلة جدا اذا ما وضعناها في المقارنة مع الحرية الكبيرة المعطاة.
العادات الاجتماعية الموروثة يسميها الاسلام "أساطير الأولين" و "لم ينزل الله بها من سلطان".
القوانين الوطنية و الدولية التي تتعارض مع الشريعة البسيطة يسميها الاسلام "طاغوت" و "بدع" و "من لم يحكم بما أنزل الله".
الاسلام يمنع بشدة أي تعدي على الحريات أو تقييدها.
القيود في الاسلام وضعت لحماية الحرية نفسها. و بسبب تشعب مفهوم الحرية و طبيعتها متعددة الابعاد فليس من السهل فهم هذا المفهوم بطريقة مباشر أو سطحية.
فالصلوات الخمس مثلا هي قيد على الفرد و قيد اجتماعي بالمفهوم المباشر. و لكنه قيد يضمن حريات كثيرة. فالصلوات تضعنا جميعا في صف واحد لنعبد ربا واحدا. فالناس سواء. لا فرق بيننا. لا طبقيات و لا عرقيات. لو لم يكن هنالك صلاة فانه يستحيل أن يجتمع الفقير من الغني و الكبير مع الصغير لانهم لا يجتمعون في أي محفل آخر. و مع الوقت ستزداد الطبقيات و الفروقات حتى يفقد الكثير من الأفراد و المجتمع الكثير من الحريات الأخرى المهمة.
الحرية في الغرب حققت تقدم كبير و مذهل بعد عصور الظلام الأوروبية و الاستعباد الذي دام قرونا عديدة.
و لكنها تختلف عن المفهوم الاسلامي للحرية.
الغرب كانت معاناته الاساسية هي "العبودية للكنيسة". و الغرب حصل على حريته بالثورة على الدين.
و بالتالي فأن الحرية في الغرب تنبع من العلمانية و الاستقلالية من الدين لأنه هو القيد الذي كبلهم سنين عديدة.
الحرية الغربية هي حرية سطحية مباشرة تعني "حرية الفرد" في معظم جوانبها و تفتقد للعمق الموجود في الاسلام.
كلا المفهومان الاسلامي و الغربي يكفلان للفرد و الجماعة "حرية التعبير" و "حرية الرأي" و حريات فردية كثيرة. و هناك قيود قليلة على هذه الحريات لضمان عدم تعدي هذه الحريات على حقوق الفرد أو الجماعة.
في بلدنا الاسلامي الأول و مهبط الرسالة من الطبيعي أن يتمتع شعبها المسلم بالحرية التي أعطاهم الله.
و في بلدنا الذي يعيش في قلب العالم في القرن الحادي و العشرين من الطبيعي أن نتمتع أيضا بالحريات التي حققها الغرب و نتأثر بهم كما تأثرنا بالتقدم الصناعي و التقني الذي أنتجه العالم الغربي.
رأيي الشخصي أننا لا نعيش الحرية و قد حرمنا منها. لا أريد أن أدخل في "لماذا نحن لا نعيش الحرية، ما هي أسباب فقداننا للحرية" الآن. و لكن يجب علي على الأقل تقرير الحقيقة التي نعيشها.
في "المملكة العربية السعودية" مفهوم الحرية مضطرب تماما و غير واضح و فيه الكثير من الغموض كما هي حال الكثير من المفاهيم الأخرى. يجيب علينا الاعتراف بها حتى نتمكن من التفكير بحلول. تفضلي اختي