تعتبر الترجمة من أهم المقومات التي تساعد على ازدهار الحضارات فهي أساس التقدم والرقي في أي بلد من بلدان العالم، فهي تساعد على انتشار العلوم والمعارف بشتى أنواعها وتعمل على مزج الثقافات المختلفة مولدة ثقافة جديدة تسمو بأهلها الى الرقي والتقدم. فالترجمة هي نقل الأفكار والآراء والتعبير عن المعنى بشكل صحيح ومصداقية للحفاظ على الأفكار لفظاٌ وروحاٌ، وهذا ما حققه الأديب اللبناني سليمان البستاني في ترجمته لملحمة الإلياذة للشاعر اليوناني هوميروس.
ولد سليمان بن خطار بن سلوم البستاني في بلدة دير القمر بلبنان عام 1856، أتقن اللغة الإنجليزية والفرنسية واليونانية وكان ضليعاٌ بالعربية، كان محباٌ للسفر والرحلات فسافر الى بلاد عديدة كالعراق وتركيا والهند ثم سافر الى سويسرا فمرض هناك فجاء الى مصر وأصيبت عيناه بألم شديد ثم سافر الى أمريكا لتلقي العلاج هناك فتوفي هناك عام 1925. عرف البستاني بقوة العزيمة وعلو الهمة واشتهر بقوة الحفظ مما ساعده على تعلم عدد كبير من اللغات الجنبية. عرب البستاني الإلياذة شعراٌ فلم يكن يؤمن بأن نقل الإلياذة الى العربية نثراٌ عمل أدبي صحيح، لم ينقلها عن لغة أجنبية أخرى وإنما تعلم اللغة اليونانية كي يتمكن من التعبير بشكل صحيح عن المعاني والصور، استغرق في ترجمتها 16 سنة ونشرت بالقاهرة
عام 1904، وهي تتكون من 1260 صفحة وكتب مقدمة الترجمة في 200 صفحة تحتوي هذه المقدمة على تاريخ الأدب اليوناني العريق وحياة هوميروس وشعره، وقد اعتبر البعض هذه المقدمة تكفي لتخليد اسم البستاني . من أعماله أيضاٌ "عبرة وذكرى" أو الدولة العثمانية قبل الدستور وبعده وهو مجموعة من المقالات كان قد نشرها في مناسبات مختلفة جمعها بعد سنة 1908.بعد وفاته قال عنه جبران خليل جبران"لقد ترك لنا سليمان البستاني ثروة طائلة من علمه واختباراته، وسوف نقتسم تلك الثروة بقدر ما في كل واحد منا من الميل والاستعداد.
منقول للفائدة