بلغت زاوية سيدي الدخيل أوج ازدهارها في الأربعينيات من القرن 16 م. و لقد تكلم خاصة عن هذه الفترة ل.رين." أما عن انتساب العدد الكبير من أولاد سيدي الشيخ (البوبكرية) للقادرية فتفسر ب...بالتواجد القديم في "الأبيض" لأحد خلف سيدي عبد القادر الجيلاني, سيدي بوتخيل, الذي كان يمثل, قبل سيدي الشيخ, النفوذ الديني الغالب في كل ناحية غرب البيض".
فعلا, مثلما ذكر ل. رين, أن سيدي الدخيل كان له بئر في هذا المكان البعيد 20 كم عن ربا, والذي قد اشتراه أو اكتسب حقه بلا شك من بني عامر. تشهد روايات شعبية و غالبية المصادر الكتابية عن هذا الحق. كان مكانا محمودا لدى البدو الرحل الذين كانوا يجلبون مواشيهم للرعي.
يصفه أ.هـ.نويل بقوله:" كان (البئر) وفيرا و محيطه "نديا" يغلب عليه النبات الوفير بسبب قرب مائه من سطح الأرض...مكان يمتلكه شريف...يسمى سيدي بوتخيل".
كان الموضع معروفا و معتاد المرور به, و ظل من أهم أماكن تجمع قطيع البربر الرحل ثم بني عامر بداية من القرن 13 م. بسبب "بلل" المكان سمي "غدير البقر".
يخبرنا ي. ابن خلدون أن الملك الزياني أبو حمو موسى الثاني توقف بالبئر سنة 1370, عندما طرده المرينيون من تلمسان. أصبح غدير البقر خلال القرن 16 م "حاسي الأبيض" و كان سيدي بوتخيل يأتي إليه باستمرار, إما لإعطاء دروس للرحل القادمين, أو لأجل الابتعاد عن ربا و التعبد و الاختلاء.
بتزويج ابنته كلثومة لسيدي أحمد المجذوب البوبكري, كان قد وعد بالتنازل عن حقه في الحاسي الأبيض لابنته. إن الحياة بالهضاب العليا صعبة و جد مرتبطة بامتلاك موارد الماء, لأن تنمية الأنعام مشروطة بتوفر الماء. في حياة سيدي بوتخيل, طالب أبناؤه, باعتبارهم مربو ماشية مثل غالبية السكان, بحقهم في الحاسي الأبيض و تعارضوا مع البوبكرية الذين يعتبرون هذا المورد المائي المهم قسما من مهر كلثومة.
بعد وفاة سيدي سليمان (1539م /945 هـ) بدأت المشاكل الأولى بين أولاد سيدي الدخيل و حلفائهم من بني عامر و آخرون و كذا أنسابهم, من جهة و البوبكرية, أساسا إبراهيم و عبد الرحمان, أبناء سيدي محمد بن سليمان و حلفائهم, من جهة أخرى. من المهم الإشارة أن سيدي أحمد المجذوب, زوج كلثومة -- من المفروض المعني الأول بالأمر -- والذي كان يعيش متنسكا في ضواحي الشلالة / عسلة لم يكن طرفا في القضية (النزاع).
باعتباره رجل دين, كان سيدي الدخيل بعيدا كل البعد عن مسائل الماء و القطيع. غير أن تدخله كان مرجوا طيلة حياته بحكم أنه الملجأ الوحيد و قد استطاع التهدئة من روع أبناءه وخصومهم.
توفي محمد بن حسين بن شعيب الدخيل في الربا حوالي سنة 1565 تاركا وراءه زاوية مزدهرة تضم, فضلا على المئات من التلاميذ, عددا من مريدي الطريقة القادرية الذين عاشوا مع شيخهم و والوه بإخلاص إلى أبعد حد.