نساء رائدات - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتدى شقائق الرجال > منتدى هُنّ

منتدى هُنّ كل ما يتعلق بهموم حواء وطموحاتها ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

نساء رائدات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-08-16, 11:04   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
صدى الاحزان
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي نساء رائدات

خديجة بنت خويلد
سيدة نساء قريش

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يخرج من البيت حتى يذكرها فيحسن الثناء عليها.
هى أم المؤمنين، وخير نساء العالمين، السيدة خديجة بنت خويلد -رضى اللَّه عنها- كانت تدعى في الجاهلية: الطاهرة؛ لطهارة سريرتها وسيرتها، وكان أهل مكة يصفونها بسيدة نساء قريش، وكانت ذات شرف ومال وحزم وعقل، وكان لها تجارة، فاختارت النبي صلى الله عليه وسلم ليقوم بها، وبرَّرت ذلك الاختيار بقولها له: إنه مما دعانى إليك دون أهل مكة ما بلغني من صدق حديثك، وعظيم أمانتك، وكرم أخلاقك. وقد سمعت من غلامها ميسرة -الذي رافق النبي صلى الله عليه وسلم في رحلته إلى الشام - ما أكد لها صدق حدسها ونظرتها في أمانته وصدقه وحسن سيرته في الناس، فقد روى لها ما رآه في طريق الذهاب والعودة عن الغمامة التي كانت تظلل النبي صلى الله عليه وسلم حين يشتد الحر، وعن خُلق النبي صلى الله عليه وسلم وسلوكياته في التجارة، وأخبرها بأنه كان لا يعرض شيئًا عُنْوة على أحد، وأنه كان أمينًا في معاملاته، فأحبه تجَّار الشام وفضَّلوه على غيره. كل هذه الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم جعلت السيدة خديجة - رضى اللَّه عنها - ترغب في الزواج من النبي صلى الله عليه وسلم، فعرضت نفسها عليه، وبعثت إليه من يخبره برغبتها في الزواج منه، لما رأت فيه من جميل الخصال وسديد الأفعال.
وفكر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الأمر، فوجد التي تدعوه إلى الزواج امرأة ذات شرف وكفاءة، من أوسط قريش نسبًا، وأطهرهم قلبًا ويدًا، فلم يتردد.
وتزوج محمد الأمين صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم وعمره خمسة وعشرون عامًا خديجة الطاهرة وعمرها أربعون عامًا، فولدت له أولاده كلهم - عدا إبراهيم - وهم: زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة الزهراء، والقاسم، وعبد الله.
وكانت -رضى الله عنها- مثالا للوفاء والطاعة، تسعى إلى مرضاة زوجها، ولما رأت حبه صلى الله عليه وسلم لخادمها زيد بن حارثة وهبته له.
وعندما نزل الوحى على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كانت أول من آمن به. فقد جاءها الرسول صلى الله عليه وسلم يرتجف، ويقص عليها ما رأى في غار حراء، ويقول: "زمِّلونى زمِّلوني" أى غطُّوني. فغطته حتى ذهب عنه ما به من الخوف والفزع، ثم أخبرها - رضى اللَّه عنها - بما رأى في الغار وبما سمع، حتى قال: "لقد خشيتُ على نفسي". فأجابته بلا تردد وطمأنته في حكمة بكلماتها التي نزلت عليه بردًا وسلامًا فأذابت ما به من خوف وهلع، قائلة: "كلا واللَّه، ما يخزيك اللَّه أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتُكْسِبُ المعدوم، وتَقْرِى الضَّيف، وتُعين على نوائب الحق" [البخاري]. ثم سارعت إلى التصديق برسالته والدخول معه في الدين الجديد.. فكان قولها الحكيم تثبيتًا لفؤاد النبي صلى الله عليه وسلم وتسرية عنه.
إنها لحكيمة لبيبة عاقلة، علمت بشفافيتها ونور بصيرتها حقيقة الأمر، وأن اللَّه لا يجزي عن الخير إلا الخير، ولا يجزي عن الإحسان إلا الإحسان، وأنه يزيد المهتدين هدي، ويزيد الصادقين صدقًا على صدقهم، فقالت: أبشر يابن عم واثبت، فوالذي نفسى بيده، إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة.
ثم أرادت أن تؤكد لنفسها ولزوجها صِدْقَ ما ذَهَبَا إليه، فتوجهت إلى ابن عمها ورقة بن نوفل الذي كان يقرأ في التوراة والإنجيل وعنده علم بالكتاب -فقد تنصر في الجاهلية وترك عبادة الأصنام- فقصت عليه الخبر، فقال ورقة: قدوس قدُّوس، والذي نفس ورقة بيده، لئن كنت صدقْتيني يا خديجة، لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى، وإنه لنبي هذه الأمة، فقولي له: فليثبت.
فلما سمعت خديجة -رضى اللَّه عنها- ذلك، أسرعت بالرجوع إلى زوجها وقرة عينها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأخبرته بالنبوة والبشرى فهدَّأت من رَوْعِه.
وكانت -رضى الله عنها- تهيئ للنبي صلى الله عليه وسلم الزاد والشراب ليقضي شهر رمضان في غار حراء، وكانت تصحبه أو تزوره أحيانًا، وقد تمكث معه أيامًا تؤنس وحشته وترعاه.
ولما دخل النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون شِعْبِ أبى طالب، وحاصرهم كفار قريش دخلت معهم السيدة خديجة -رضى الله عنها-، وذاقت مرارة الجوع والحرمان، وهي صاحبة الثراء والنعيم.
فرضي اللَّه عن أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، كانت نعم العون لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منذ أول يوم في رحلة الدعوة الشاقة، آمنت به وصدقته، فكان إيمانها أول البشرى بصدق الدعوة وانتصار الدين. وثبتت إلى جواره وواسته بمالها، وحبها، وحكمتها، وكانت حصنًا له ولدعوته ولأصحابه الأولين، بإيمانها العميق، وعقلها الراجح، وحبها الفياض، وجاهها العريض، فوقفت بجانبه حتى اشتد ساعده، وازداد المسلمون، وانطلقت الدعوة إلى ما قدر اللَّه لها من نصر وظهور، وما هيأ لها من ذيوع وانتشار.. فلا عجب إذن إذا ما نزل جبريل على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: يا رسول اللَّه! هذه خديجة قد أتتك ومعها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربِّها ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب (من لؤلؤ مجوَّف) لا صَخَب فيه ولانَصَب (لا ضجيج فيه ولا تعب) [متفق عليه]. ولا عجب إذا ما تفانى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في حبها، إلى درجة يقول معها: "إنى لأحب حبيبها".
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما ذبح الشاة، ثم يقطعها أعضاءً، ثم يبعثها في صواحب خديجة".
لقد كانت مثاًلا للزوجة الصالحة، وللأم الحانية، وللمسلمة الصادقة، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: "كُمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد" [متفق عليه]. وتُوفيت -رضى اللَّه عنها- في رمضان قبل الهجرة بأعوام ثلاثة، في نفس العام الذي تُوفِّى فيه أبو طالب: عام الحزن كما سماه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، حيث فقد فيه المعين والسند، إلا رب العالمين. ودفنت بالحجون، ونزل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في حفرتها التي دفنت فيها، وكان موتها قبل أن تشرع صلاة الجنائز.
ورد في كتاب "سير أعلام النبلاء" للذهبي قوله:
" خديجة أم المؤمنين وسيدة نساء العالمين في زمانها. أم القاسم ابنة خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشية الأسدية. أم أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأول من آمن به وصدقه قبل كل أحد وثبتت جأشه ومضت به إلى ابن عمها ورقة.
ومناقبها جمة. وهي ممن كمل من النساء. كانت عاقلة جليلة دينة مصونة كريمة من أهل الجنة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يثني عليها ويفضلها على سائر أمهات المؤمنين ويبالغ في تعظيمها بحيث إن عائشة كانت تقول: ما غرت من امرأة ما غرت من خديجة من كثرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لها.
ومن كرامتها عليه صلى الله عليه وسلم أنها لم يتزوج امرأة قبلها وجاءه منها عدة أولاد ولم يتزوج عليها قط ولا تسرى إلى أن قضت نحبها فوجد لفقدها فإنها كانت نعم القرين. وكانت تنفق عليه من مالها ويتجر هو صلى الله عليه وسلم لها.
وقد أمره الله أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.
الواقدي: حدثنا ابن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس وابن أبي الزناد عن هشام وروي عن جبير بن مطعم أن عم خديجة عمرو بن أسد زوجها بالنبي صلى الله عليه وسلم وأن أباها مات قبل الفجار. ثم قال الواقدي هذا المجتمع عليه عند أصحابنا ليس بينهم اختلاف. الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها بنت ثمان وعشرين سنة. قال الزبير بن بكار: كانت خديجة تدعى في الجاهلية الطاهرة وأمها هي فاطمة بنت زائدة العامرية.
كانت خديجة أولاً تحت أبي هالة بن زرارة التميمي ثم خلف عليها بعده عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ثم بعده النبي صلى الله عليه وسلم فبنى بها وله خمس وعشرون سنة. وكانت أسن منه بخمس عشرة سنة.
عن عائشة: أن خديجة توفيت قبل أن تفرض الصلاة وقيل: توفيت في رمضان ودفنت بالحجون عن خمس وستين سنة.
وقال مروان بن معاوية عن وائل بن داود عن عبد الله البهي قال: قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة لم يكد يسأم من ثناء عليها واستغفار لها فذكرها يوماً فحملتني الغيرة فقلت: لقد عوضك الله من كبيرة السن قال: فرأيته غضب غضباً أسقطت في خلدي وقلت في نفسي: اللهم إن أذهبت غضب رسولك عني لم أعد أذكرها بسوء. فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما لقيت قال: "كيف قلت؟ والله لقد آمنت بي إذ كذبني الناس وآوتني إذ رفضني الناس ورزقت منها الولد وحرمتموه مني" قالت: فغدا وراح علي بها شهراً.
قال الواقدي: خرجوا من شعب بني هاشم قبل الهجرة بثلاث سنين فتوفي أبو طالب وقبله خديجة بشهر وخمسة أيام. وقال الحاكم: ماتت بعد أبي طالب بثلاثة أيام.
هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة مما كنت أسمع من ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لها وما تزوجني إلا بعد موتها بثلاث سنين. ولقد أمره ربه أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب.
أبو يعلى في مسنده سماعنا: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل حدثنا سهل بن زياد ثقة: حدثني الأزرق بن قيس عن عبد الله بن نوفل أو ابن بريدة عن خديجة بنت خويلد قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين أطفالي منك؟ قال: "في الجنة" قالت: فأين أطفالي من أزواجي من المشركين؟ قال: "في النار". فقلت: بغير عمل قال: "الله أعلم بما كانوا عاملين" فيه انقطاع.
محمد بن فضيل عن عمارة عن أبي زرعة سمع أبا هريرة يقول: أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هذه خديجة أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب. متفق على صحته.
عبد الله بن جعفر: سمعت علياً سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خير نسائها خديجة بنت خويلد وخير نسائها مريم بنت عمران. أحمد: حدثنا محمد بن بشر حدثنا محمد بن عمرو: حدثنا أبو سلمة ويحيى بن عبد الرحمن قالا: لما هلكت خديجة جاءت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون فقالت: يا رسول الله ألا تزوج؟ قال: "ومن" قالت: سودة بنت زمعة قد آمنت بك واتبعتك. الحديث بطوله وهو مرسل.
قال ابن إسحاق: تتابعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المصائب بهلاك أبي طالب وخديجة. وكانت خديجة وزيرة صدق. وهي أقرب إلى قصي من النبي صلى الله عليه وسلم برجل. وكانت متمولة فعرضت على النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج في مالها إلى الشام فخرج مع مولاها ميسرة. فلما قدم باعت خديجة ما جاء به فأضعف فرغبت فيه فعرضت نفسها عليه فتزوجها وأصدقها عشرين بكرة.
فأولادها منه: القاسم والطيب والطاهر ماتوا رضعاً ورقية وزينب وأم كلثوم وفاطمة.
قالت عائشة: أول ما بدى به النبي صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة...... إلى أن قالت: فقال: "إقرأ باسم ربك الذي خلق" قالت: فرجع بها ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال: "زملوني".... فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال: "مالي يا خديجة"؟. وأخبرها الخبر وقال: "قد خشيت على نفسي". فقالت له: كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتعين على نوائب الحق. وانطلقت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل بن أسد وكان امرأ تنصر في الجاهلية وكان يكتب الخط العربي وكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب وكان شيخاً قد عمي. فقالت: اسمع من ابن أخيك ما يقول. فقال: يا ابن أخي ما ترى فأخبره. فقال: هذا الناموس الذي أنزل على موسى الحديث.
قال الشيخ عز الدين بن الأثير: خديجة أول خلق الله أسلم لإجماع المسلمين.
وقال الزهري وقتادة وموسى بن عقبة وابن إسحاق والواقدي وسعيد ين يحيى: أول من آمن بالله ورسوله خديجة وأبو بكر وعلي رضي الله عنهم.
قال ابن إسحاق: حدثني إسماعيل بن أبي حكيم أنه بلغه عن خديجة أنها قالت: يا ابن عم أتستطيع أن تخبرني بصاحبك إذا جاءك فلما جاءه قال: يا خديجة هذا جبريل فقالت: اقعد على فخذي ففعل فقالت: هل تراه قال: نعم قالت: فتحول إلى الفخذ اليسرى ففعل: قالت: هل تراه قال: نعم فألقت خمارها وحسرت عن صدرها. فقالت: هل تراه قال: لا قالت: أبشر فإنه والله ملك وليس بشيطان.
قال ابن عبد البر: روي من وجوه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا خديجة جبريل يقرئك السلام وفي بعضها "يا محمد اقرأ على خديجة من ربها السلام".

عن حذيفة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خديجة سابقة نساء العالمين إلى الإيمان بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم". في إسناده لين.
حماد بن سلمة عن حميد عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة حتى خشي عليه حتى تزوج عائشة.
معمر عن قتادة. وأبو جعفر الرازي عن ثابت واللفظ لقتادة عن أنس مرفوعاً: "حسبك من نساء العالمين أربع".
وقال ثابت عن أنس: "خير نساء العالمين مريم وآسية وخديجة بنت خويلد وفاطمة".
الدراوردي عن إبراهيم بن عقبة عن كريب عن ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيدة نساء أهل الجنة بعد مريم فاطمة وخديجة وامرأة فرعون آسية".
مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة فتناولتها فقلت: عجوز كذا وكذا قد أبدلك الله بها خيراً منها. قال: "ما أبدلني الله خيراً منها لقد آمنت بي حين كفر الناس وأشركتني في مالها حين حرمني الناس ورزقني الله ولدها وحرمني ولد غيرها". قلت: والله لا أعاتبك فيها بعد اليوم.
وروى عروة عن عائشة قالت: توفيت خديجة قبل أن تفرض الصلاة.
قال الواقدي: توفيت في رمضان ودفنت بالحجون.
وقال قتادة: ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين وكذا قال عروة".
وجاء في كتاب "أسد الغابة في معرفة الصحابة" لابن الأثير المؤرخ:
" خديجة بِنْت خويلد بن أسد بن عَبْد العُزى بن قصيّ القُرَشِيَّة الأَسَدِيَّة أم المؤمنين، زوج النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم، أول امْرَأَة تزوجها، وأول خلق الله أسلم بإجماع المسلمين، لم يتقدمها رجلٌ ولا امْرَأَة.
قال الزبير: كانت تدعى في الجاهلية الطاهرة. وأمها فاطِمَة بِنْت زائدة بن الأصم، واسمه جُندب بن هذم بن رواحة بن حُجْر بن عَبْد بن مَعيص بن عامر بن لؤي. وكانت خديجة قبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تحت أبي هالة بن زرارة بن نبّاش بن عَديّ بن حبيب بن صُرَد بن سلامة بن جِروة أُسيِّد بن عُمر بن تميم التميمي. كذا نسبه الزبير.
وقال علي بن عَبْد العزيز الجرجاني: كانت خديجة عند أبي هالة: هِنْد بن النباش بن زُرارة بن وَقدان بن حبيب بن سلامة بن جِروَة بن أُسَيّد بن عَمْرو بن تميم.
ثم اتفقا فقالا: ثم خلف عليها بعد أبي هالة عتيق بن عابد بن عَبْد الله بن عُمر بن مخزوم المخزومي. ثم خلف عليها بعد عتيق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وقال قتادة: كانت خديجة تحت عتيق بن عابد بن عَبْد الله بن عُمر بن مخزوم، ثم خلف عليها بعده أبو هالة هِنْد بن زرارة بن النباش.
قال قتادة: والقول الأول أصح إن شاء الله تعالى، قاله أبو عُمر.
وروى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: وتزوج خديجة قبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهي بكر: عتيق بن عابد بن عَبْد الله بن عُمر بن مخزوم، ثم هلك عنها فتزوجها بعده أبو هالة النباش بن زرارة. قال: وكانت خديجة قبل أن ينكحها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تحت عتيق بن عابد بن عَبْد الله، فولدت له هِنْد بِنْت عتيق، ثم خلف عليها بعد عتيق أبو هالة مالك بن النباش بن زرارة التميمي الأسدي، حليف بني عَبْد الدار بن قصي، فولدت له هِنْد بِنْت أبي هالة، وهالة ابن أبي هالة، فهِنْد بِنْت عتيق، وهِنْد وهالة ابنا أبي هالة كلهم أخوة أولاد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من خديجة.
كل ذلك ذكره الزبير، وهذا عكس ما نقله أبو عُمر عن الزبير، فإن أبا عُمر نقل عن الزبير أنها كانت عند أبي هالة أوّلاً ثم بعده عند عتيق.
ونقل أبو نعيم عن الزبير فقدَّم عتيقاً على أبي هالة، وأما الذي رويناه في نسب قريش للزبير قال: وكانت يعني خديجة قبل النَّبِيّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند عتيق بن عابد بن عَبْد الله بن عُمر بن مخزوم فولدت له جارية، وهلك عنها عتيق، فتزوجها أبو هالة بن مالك، أحد بني عَمْرو بن تميم، ثم أحد بني أُسيد.

قال الزبير: وبعض الناس يقول: أبو هالة قبل عتيق.
وتزوج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خديجة رضي الله عنها قبل الوحي وعُمره حينئذ خمس وعشرون سنة وقيل: إحدى وعشرون سنة، زوّجها منه عمها عَمْرو بن أسد. ولما خطبها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال عمها: مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عَبْد المُطَّلِب يخطب خديجة بِنْت خويلد، هذا الفحل لا يُقدَع أنفه.
وكان عُمرها حينئذ أربعين سنة وأقامت معه أربعاً وعشرين سنة. وكان سبب تزوجها برسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما أخبرنا أبو جعفر بإسناده عن يونس، عن ابن إسحاق قال: كانت خديجة امْرَأَة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال في مالها تضاربهم إياه بشيء تجعله لهم منه. فلما بلغها عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما بلغها من صدق حديثه وعِظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه وعَرَضت عليه أن يخرج في مالها إلى الشام تاجراً، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار، مع غلام لها يقال له: ميسرة، فقبله منها وخرج في مالها ومعه غلامها ميسرة، حتى قدم الشام فنزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب، فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال: من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة؟ قال: هذا الرجل من قريش من أهل الحرم. فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلاّ نبي. ثم باع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سلعته التي خرج بها، واشترى ما أراد، ثم أقبل قافلاً إلى مَكَّة، فلما قدم على خديجة بمالها باعت ما جاء به، فأضعف أو قريبا، وحدّثها ميسرة عن قول الراهب. وكانت خديجة امْرَأَة حازمة لبيبة شريفة مع ما أراد الله بها من كرامتها. فلما اخبرها ميسرة بعثت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالت له: أني قد رغبت فيك لقرابتك مني، وشرفك في قومك، وأمانتك عندهم، وحسن خلقك، وصدق حديثك، ثم عرضت عليه نفسها، وكانت أوسط نساء قريش نسباً، وأعظمهم شرفاً، وأكثرهم مالاً. فلما قالت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما قالت، ذكر ذلك لأعمامه، فخرج معه حمزة بن عَبْد المُطَّلِب حتى دخل على خويلد بن أسد، فخطبها إليه فتزوجها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فولدت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولده كلهم قبل أن ينزل عليه الوحي: زينب، وأم كُلْثُوم، وفاطِمَة، ورقية، والقاسم، والطاهر، والطيب. فأما القاسم والطيب والطاهر فهلكوا قبل الإسلام، وبالقاسم كان يكنى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأما بناته فأدركن الإسلام، فهاجرن معه واتبعنه وأمنّ به.
وقيل إن الطاهر والطيب ولدا في الإسلام.
وقد تقدم أن عمها عُمراً زوجها، وأن أباها كان قد مات، قاله الزبير وغيره.
واختلف العلماء في أولاد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منها، فروى معُمر عن الزهري قال: زعم بعض العلماء أنها ولدت له ولداً يسمى الطاهر، وقال: قال بعضهم: ما نعلمها ولدت له إلاّ القاسم وبناته الأربع.
وقال عقيل، عن ابن هشام، وذكر بناته وقال: والقاسم والطاهر.
وقال قتادة: ولدت له خديجة غلامين، وأربع بنات: القاسم وبه كان يكنى، وعاش حتى مشى، وعَبْد الله مات صغيراً.
وقال الزبير: ولدت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم والقاسم وهو أكبر ولده ثم زينب ثم عَبْد الله وكان، يقال له الطيب، ويقال له الطاهر، ثم مات القاسم بمَكَّة، وهو أول ميت مات من ولده، ثم عَبْد الله مات أيضاً بمَكَّة.
وقال الزبير أيضاً: حدثني إبراهيم بن المنذر، عن ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن: أن خديجة بِنْت خويلد ولدت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم القاسم، والطاهر، والطيب، وعَبْد الله، وزينب ورقية، وأم كُلْثُوم، وفاطِمَة.
وقال علي بن عَبْد العزيز الجرجاني: أولاد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: القاسم وهو أكبر ولده ثم زينب، قال: وقال الكلبي: زينب والقاسم، ثم أم كُلْثُوم، ثم فاطِمَة، ثم رقية، ثم عَبْد الله وكان يقال له الطيب والطاهر. قال: وهذا هو الصحيح، وغيره تخليط.
وقال الكلبي: ولد عَبْد الله في الإسلام، وكل ولده منها ولد قبل الإسلام. وأما إسلامها فأخبرنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد سرايا بن علي وغير واحد بإسنادهم إلى مُحَمَّد بن إسماعيل: حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عُقَيل، عن ابن شهاب، عن عروة عن عائشة أم المؤمنين قالت: أوّل ما بُدئ به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الوحي الرؤيا الصالحة، في النوم، كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح... وذكر الحديث، قال: يعني جبريل، عليه السلام : "اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَق" فرجع بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة رضي الله عنها فقال: "زمّلوني"، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، وقال لخديجة وأخبرها الخبر: "لقد خشيت على نفسي" فقالت خديجة: كلا، والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكَلّ، وتُكسب المعدوم وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. وانطلقت به خديجة إلى ورقة بن نوفل، وكان أمرأ تنصر في الجاهلية، ويكتب الكتاب العبراني، ويكتب من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب، فقالت له خديجة: يا ابن عمّ، اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: يا ليتني فيها جَذَعاً، ليتني أكون حيّاً إذ يخرجك قومك.
أخبرنا أبو جعفر بإسناده إلى يونس، عن ابن إسحاق قال: وكانت خديجة أول من أمن بالله ورسوله، وصدّق بما جاء به، فخفف الله بذلك عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لا يسمع شيئاً يكرهه من ردّ عليه وتكذيب له فيحزنه إلا فرّج الله عنه بها إذا رجع إليها تُثبِّته وتخفف عنه، وتصدّقه وتهوّن عليه أمر الناس، رضي الله عنها.
قال ابن إسحاق: وحدثني إسماعيل بن أبي حكيم مولى الزبير: أنه حُدّث، عن خديجة أنها قالت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يا ابن عم، هل تستطيع أن تخبرني بصاحبك الذي يأتيك إذا جاءك؟ قال: "نعم". فبينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عندها إذ جاءه جبريل، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "هذا جبريل قد جاءني". فقالت: أتراه الآن؟ قال: "نعم". قالت: اجلس على شِقّي الأيسر. فجلس، فقالت: هل تراه الآن؟ قال: "نعم". قالت: فاجلس على شقي الأيمن. فجلس فقالت: هل تراه الآن؟ قال: "نعم". قالت: فتحول فاجلس في حجري. فتحول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فجلس، فقالت: هل تراه؟ قال: "نعم". قال: فتحسرت وألقت خمارها، فقالت: هل تراه؟ قال: "لا". قالت: ما هذا شيطان، إن هذا لمَلَك يا ابن عم، اثبت وأبشر ثم أمنت به وشهدت أن الذي جاء به الحق.
أخبرنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن علي، أخبرنا أبو الفضل بن ناصر، أخبرنا أبو صالح أحمد بن عَبْد الملك المؤذّن، أخبرنا الحُسَيْن بن فاذشاه، أخبرنا أبو القاسم الطبراني حدثنا القاسم بن زكريا المطرّز، حدثنا يوسف بن موسى القطان، حدثنا تميم بن الجعد حدثنا أبو جعفر الرازي، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "خير نساء العالمين مَرْيَم بِنْت عُمران، وآسية بِنْت مزاحم، وخديجة بِنْت خويلد، وفاطِمَة بِنْت مُحَمَّد صلّى الله عليه وسلّم".
قال: وأخبرنا أبو صالح، أخبرنا أبو علي الحسن بن علي الواعظ، أخبرنا أحمد بن جعفر، أخبرنا عَبْد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا أبو عَبْد الرَّحْمَن، حدثنا داود، عن علباء، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: خط رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الأرض أربع خطوط، قال: "أتدرون ما هذا؟" قالوا: الله ورسوله أعلم. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "أفضل نساء أهل الجنة خديجة بِنْت خويلد، وفاطِمَة بِنْت مُحَمَّد، ومَرْيَم بِنْت عُمران، وآسية بِنْت مزاحم امْرَأَة فرعون".
قال: في أصل الشيخ: داود مُصَلِّح، ورواه عارم: داود بن أبي الفرات، عن عِلباء بن أحمر.
أخبرنا إبراهيم وإسماعيل وغيرهما بإسنادهم عن مُحَمَّد بن عيسى: أخبرنا الحُسَيْن بن حريث، حدثنا الفضل بن موسى، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بشّر خديجة ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب. أخبرنا يحيى بن محمود وعَبْد الوهاب بن أبي حبّة بإسنادهما إلى مسلم: حدثنا أبو كريب، أخبرنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن عَبْد الله بن جعفر قال: سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: "خير نسائها خديجة بِنْت خويلد، وخير نسائها مَرْيَم بِنْت عُمران". قال أبو كريب: وأشار وكيع إلى السماء والأرض.
أخبرنا أبو الفضل عَبْد الله بن أحمد بن مُحَمَّد الطوسي، أخبرنا أبو جعفر بن أحمد السراج، حدثنا أبو علي بن شاذان، حدثنا أبو عَمْرو عُثْمان بن أحمد الدقاق، حدثنا ابن أبي العوّام، حدثنا الوليد بن القاسم، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن ابن أبي أوفى: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بشّر خديجة ببيت في الجنة من قصب، لا نَصَب فيه ولا صَخَب.
أخبرنا عَبْد الله بن أحمد أخبرنا أبو بكر بن بدران الحلواني قال: قرئ على أبي الحُسَيْن مُحَمَّد بن أحمد بن مُحَمَّد الأبنوسي وأنا أسمع، أخبركم أبو الحُسَيْن مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن بن جعفر الدينوري فأقرّ به، أخبرنا أبو بكر مُحَمَّد بن عَبْد الله بن غيلان الخزاز، حدثنا أبو هشام الرفاعي، حدثنا حفص بن غياث، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: ما غِرتُ على أحد من أزواج النَّبِيّ ما غرت على خديجة، وما بي أن أكون أدركتها، وما ذاك إلا لكثرة ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لها، وإن كان مما تذبح الشاة يتّبع بها صدائق خديجة، فيهديها لهنّ.
أخبرنا يحيى بن محمود وأبو ياسر بإسنادهما عن مسام قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كُريب وابن نُمير قالوا: حدثنا ابن فُضيل، عن عَمَارَة، عن أبي زُرعة قال: سمعت أبا هريرة قال: أتى جبريل النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، هذه خديجة قد أتتك ومعها إناء فيه إذام. أو طعام أو شراب. فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها، ومنّي، وبشرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب. قال أبو بكر في روايته: عن أبي هريرة ولم يقل سمعت، ولم يقل في الحديث: ومني.
وروى مجالد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة، فيحسن الثناء عليها. فذكرها يوماً من الأيام فأدركتني الغيرة، فقلت: هل كانت إلا عجوزاً، فقد أبدلك الله خيراً منها! فغضب حتى اهتز مُقدّم شعره من الغضب، ثم قال: "لا، والله ما أبدلني الله خيراً منها، أمنت إذ كفر الناس، وصدّقتني وكذبني الناس، وواستني في مالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها أولاداً إذ حرمني أولادَ النساء". قالت عائشة: فقلت في نفسي: لا أذكرها بسيئة أبداً.
وروى الزبير بن بكار، عن مُحَمَّد بن الحسن، عن يَعْلَى بن المغيرة عن ابن أبي رواد قال: دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على خديجة في مرضها الذي ماتت فيه، فقال لها: "بالكُره مني ما أثني عليكِ يا خديجة، وقد يجعل الله في الكره خيراً كثيراً، أما علمت أن الله تعالى زوجني معك في الجنة مَرْيَم بِنْت عُمران، وكَلْثَم أخت موسى، وآسية امْرَأَة فرعون". فقالت: وقد فعل ذلك يا رسول؟ قال: "نعم". قالت: بالرفاء والبنين.
أخبرنا عُبَيْد الله بن أحمد بإسناده عن يونس، عن ابن إسحاق قال: ثم إن خديجة توفيت بعد أبي طالب وكانا ماتا في عام واحد، فتتابعت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المصائب بهلاك خديجة وأبي طالب، وكانت خديجة وزيرة صدق على الإسلام كان يسكن إليها.
وقال أبو عُبَيْدة معُمر بن المثنى: توفيت خديجة قبل الهجرة بخمس سنين، وقيل: بأربع سنين. وقال عروة وقتادة: توفيت قبل الهجرة بثلاث سنين. وهذا هو الصواب. وقالت عائشة: توفيت خديجة قبل أن تفرض الصلاة. قيل: إن وفاة خديجة كانت بعد أبي طالب بثلاثة أيام وكان موتها في رمضان، ودفنت بالحجون. قيل: كان عُمرها خمساً وستين سنة.








 


قديم 2010-08-16, 11:05   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
صدى الاحزان
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

عائشة أم المؤمنين
وُلدت السيدة عائشة أم المؤمنين - رضى اللَّه عنها - قبل الهجرة بحوالي ثماني سنوات، في بيت عامر بالإيمان، ممتلئ بنور القرآن، فأبوها الصديق أبو بكر صاحب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وثاني اثنين إذ هما في الغار، وأول من آمن من الرجال، وأول خليفة للمسلمين بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأمها السيدة أم رومان بنت عامر، من أشرف بيوت قريش وأعرقها في المكانة.
وقد شاركت السيدة عائشة -رضى اللَّه عنها- منذ صباها في نصرة الإسلام، فكانت تساعد أختها الكبيرة أسماء في تجهيز الطعام للنبي صلى الله عليه وسلم وأبيها وهما في الغار عند الهجرة.
وبعد أن استقر مقام المسلمين في مدينة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أرسل أبو بكر الصديق إلى ابنه عبد اللَّه يطلب منه أن يهاجر بأهل بيته: عائشة، وأسماء، وأم رومان، فاستجاب عبد اللَّه بن أبى بكر ومضى بهم مهاجرًا، وفى الطريق هاج بعير عائشة فصاحت أم رومان: وابنتاه وا عروساه. ولكن اللَّه لطف، وأسرع الجميع إلى البعير ليسكن، وكان في ركب الهجرة السيدة فاطمة الزهراء والسيدة أم كلثوم بنتا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأم المؤمنين السيدة سودة بنت زمعة، ونزلت السيدة عائشة مع أهلها في دار بنى الحارث بن الخزرج، ونزل آل النبي صلى الله عليه وسلم في منزل حارثة بن النعمان.
وبدأتْ مرحلة جديدة في حياة أم المؤمنين عائشة - رضى اللَّه عنها - فقد تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وهي بنت ست سنين، وبنى بها وهي بنت تسع سنين. [البخاري].
وكان بيت النبي صلى الله عليه وسلم الذي دخلت فيه أم المؤمنين عائشة -رضى اللَّه عنها- حجرة واحدة من الطوب اللَّبِن - النَّـيِّـئ - والطين ، ملحق بها حجرة من جريد مستورة بالطين، وكان باب حجرة السيدة عائشة مواجهًا للشام، وكان بمصراع واحد من خشب، سقفه منخفض وأثاثه بسيط: سرير من خشبات مشدودة بحبال من ليف عليه وسادة من جلد حَشْوُها ليف، وقربة للماء، وآنية من فخارٍ للطعام والوضوء.
وفى زواج النبي صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة -رضى اللَّه عنها- تقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أُرِيتُك في المنام مرتين: أرى أنك في سَرقة صلى الله عليه وسلم قطعة من حرير، ويقول: هذه امرأتك. فأكشف فإذا هي أنتِ، فأقول: إن يك هذا من عند اللَّه يُمضِه" [البخارى ومسلم وأحمد]. وانتظر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فلم يخطب عائشة حتى جاءته خولة زوج صاحبه عثمان بن مظعون ترشحها له.
أحبت السيدة عائشة النبي حبَّا كبيرًا، ومن فرط هذا الحب كانت فطرتها - مثل النساء - تغلبها فتغار.
ومرت الأيام بالسيدة عائشة هادئة مستقرة حتى جاءت غزوة بنى المصطلق، فأقرع النبي صلى الله عليه وسلم بين نسائه صلى الله عليه وسلمأى أجرى القرعة بينهن لتخرج معه واحدة في السفر) وكان من عادته صلى الله عليه وسلم أن يفعل ذلك مع أزواجه إذا خرج لأمر، فخرج سهمها فخرجت معه صلى الله عليه وسلم، حتى إذا فرغ النبي من غزوته، وعاد المسلمون منتصرين، استراح المسلمون لبعض الوقت في الطريق، فغادرت السيدة عائشة هودجها، فانسلّ عِقدها من جيدها صلى الله عليه وسلم عنقها، فأخذت تبحث عنه.. ولما عادت كانت القافلة قد رحلت دون أن يشعر الرَّكْبُ بتخلفها عنه، وظلَّت السيدة عائشة وحيدة في ذلك الطريق المقفر الخالى حتى وجدها أحد المسلمين - وهو الصحابى الجليل صفوان بن المعطل - رضى اللَّه عنه - فركبت بعيره، وسار بها، واللَّه ما كلمها ولاكلمته، حتى ألحقها برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، إلا أن أعداء اللَّه تلقفوا الخبر ونسجوا حوله الخزعبلات التي تداعت إلى أُذن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأثرت في نفسه، ونزلت كالصاعقة عليه وعلى أبيها"أبى بكر" وأمها "أم رومان" وجميع المسلمين، لكن اللَّه أنزل براءتها من فوق سبع سماوات فنزل في أمرها إحدى عشرة آية؛ لأنه يعلم براءتها وتقواها، فقال تعالي: صلى الله عليه وسلم (إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [النور: 11].
وتقول السيدة عائشة لما علمت بحديث الإفك: وبكيت يومى لا يرقأ لى دمع ولا أكتحل بنوم، فأصبح عندى أبواى وقد بكيت ليلتى ويومًا، حتى أظن أن البكاء فالق كبدي، فبينما هما جالسان عندى وأنا أبكى استأذنتْ امرأة من الأنصار، فأذنتُ لها، فجلست تبكى معي، فبينما نحن كذلك إذ دخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فجلس - ولم يجلس عندى من يوم قيل في ما قيل قبلها- وقد مكث شهرًا لا يُوحى إليه في شأنى شيء، فتشهَّد، ثم قال: "يا عائشة، فإنه بلغنى عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك اللَّه، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفرى اللَّه وتوبى إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب، تاب اللَّه عليه". فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته، قَلَص دمعى حتى ما أُحِس منه قطرة، وقلتُ لأبي: أجب عنى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيما قال. قال: واللَّه لا أدرى ما أقول لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. فقلت لأمي: أجيبى عنى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيما قال. قالت: ما أدرى ما أقول لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرًا من القرآن. إنى واللَّه لقد علمت أنكم سمعتم ما يُحَدِّثُ به الناس، ووقر في أنفسكم وصدقتم به، وإن قلتُ لكم إنى بريئة - واللَّه يعلم أنى بريئة - لا تصدقوننى بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر - واللَّه يعلم أنى بريئة - لتصدقني، واللَّه ما أجد لى ولكم مثلا إلا قول أبى يوسف: فّصّبًرِ جّمٌيلِ بًمٍسًتّعّانٍ عّلّي" مّا تّصٌفٍون [يوسف:18]. ثم تحولت على فراشى وأنا أرجو أن يبرئنى الله، ولكن واللَّه ما ظننتُ أن يُنزِل في شأنى وحيًا، ولأنا أحقر في نفسى من أن يُتكلم بالقرآن في أمري، ولكنى كنت أرجو أن يرى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا تبرئني، فواللَّه ما رام مجلسه، ولا خرج أحد من أهل البيت، حتى أُنزل عليه الوحى ... فلما سُرِّى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا هو يضحك صلى الله عليه وسلمأى انكشف عنه الوحى ثم ابتسم)، فكان أول كلمة تكلم بها أن قال: "يا عائشة، احمدى الله، فقد برأك اللَّه". فقالت لى أمي: قومى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: لا واللَّه لا أقوم إليه ولا أحمد إلا اللَّه، فأنزل اللَّه تعالي: إن الذين جاءوا بالإفك. [البخاري].
وأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يصالحها فقال لها ذات يوم : "إنى لأعلم إذا كنت عنى راضية، وإذا كنتِ على غَضْـبَـي". فقالت رضى اللَّه عنها: من أين تعرف ذلك؟ فقال : "أما إذا كنت عنى راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنتِ غضبى قلت: لا ورب إبراهيم". فأجابت: أجل، واللَّه يا رسول اللَّه، ما أهجر إلا اسمك. [البخاري].
تلك هي المؤمنة ،لا يخرجها غضبها عن وقارها وأدبها، فلا تخرج منها كلمة نابية، أو لفظة سيئة.
ولما اجتمعت نساء النبي صلى الله عليه وسلم ومعهن السيدة عائشة لطلب الزيادة في النفقة منه رغم علمهن بحاله، قاطعهن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تسعة وعشرين يومًا حتى أنزل اللَّه تعالى قوله الكريم: صلى الله عليه وسلميَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا.وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 28-29]. فقام النبي صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه فبدأ بعائشة فقال: "يا عائشة إنى ذاكر لك أمرًا فلا عليك أن تستعجلى حتى تستأمرى أبويك".
قالت: وقد علم أن أبواى لم يكونا ليأمرانى بفراقه، قالت: ثم قال: "إن اللَّه تعالى يقول: صلى الله عليه وسلم (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ)[الأحزاب: 82]. حتى بلغ: صلى الله عليه وسلم (لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 29]. فقلت: في هذا أستأمر أبوي؟ فإنى أُريد اللَّه ورسوله والدار الآخرة. وكذا فعل أزواج النبي جميعًا.
وعاشت السيدة عائشة مع رسول اللَّه حياة إيمانية يملأ كيانها نور التوحيد وسكينة الإيمان، وقد حازت -رضى اللَّه عنها- علمًا غزيرًا صافيًا من نبع النبوة الذي لا ينضب، جعلها من كبار المحدثين والفقهاء، فرُوى عنها من صحيح الحديث أكثر من ألفين ومائة حديث، فكانت بحرًا زاخرًا في الدين، وخزانة حكمة وتشريع، وكانت مدرسة قائمة بذاتها، حيثما سارت يسير في ركابها العلم والفضل والتقي، فقد ورد عن أبى موسى -رضى اللَّه عنه- قال: ما أُشْكِلَ علينا -أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم- حديث قط، فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علمًا.
وكان للسيدة عائشة -رضى الله عنها- علم بالشعر والطب، بالإضافة إلى علمها بالفقه وشرائع الدين.
وكان عروة بن الزبير -رضى الله عنه- يقول: ما رأيت أحدًا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشِعْر من عائشة -رضى الله عنها-.
ومن جميل ما أسدته السيدة عائشة للمسلمين أنها كانت سببًا في نزول آية التيمم، يروى عنها أنها قالت: أقبلنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بِتُرْبان صلى الله عليه وسلم بلد يبعد عن المدينة عدة أميال وهو بلد لا ماء به وذلك وقت السحر، انسلت قلادة من عنقى فوقعت، فحبس على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم أى أمر بالبقاء لالتماسها في الضوء حتى طلع الفجر، وليس مع القوم ماء، فلقيت من أبى ما اللَّه به عليم من التعنيف والتأفُّف، وقال: في كل سفر للمسلمين يلقون منك عناء وبلاء، فأنزل اللَّه الرخصة في التيمم، فتيمم القوم وصلوا، قالت: يقول أبى حين جاء من اللَّه الرخصة للمسلمين: واللَّه ما علمت يا بنية إنك لمباركة !! ما جعل اللَّه للمسلمين في حبسك إياهم من البركة واليسر!! وفى رواية قال لها أُسيد بن حضير: جزاك اللَّه خيرًا، فواللَّه ما نزل بك أمر تكرهينه قط إلا جعل اللَّه لك منه مخرجًا، وجعل للمسلمين فيه بركة.
لم يتزوج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بكرًا غيرها، فلقد تزوجها بعد أم المؤمنين خديجة وأم المؤمنين سودة بنت زمعة رضى اللَّه عنهن جميعًا-؛ رغبة منه في زيادة أواصر المحبة والصداقة بينه وبين الصدِّيق -رضى اللَّه عنه-. وكانت منزلتها عنده صلى الله عليه وسلم كبيرة، وفاضت روحه الكريمة في حجرها. وعاشت -رضى اللَّه عنها- حتى شهدت الفتنة الكبرى بعد مقتل عثمان بن عفان - رضى اللَّه عنه - وحضرت معركة الجمل، وكانت قد خرجت للإصلاح.
واشتهرت - رضى اللَّه عنها - بحيائها وورعها، فقد قالت: كنت أدخل البيت الذي دفن فيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبى - رضى اللَّه عنه - واضعة ثوبى وأقول إنما هو زوجى وهو أبي، فلما دُفِن عمر - رضى اللَّه عنه - معهما) واللَّه ما دخلته إلا مشدودة على ثيابى حياءً من عمر - رضى اللَّه عنه-.
وكانت من فرط حيائها تحتجب من الحسن والحسين، في حين أن دخولهما على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حل لهما.
وكانت -رضى الله عنها- كريمة؛ فيُروى أن "أم درة" كانت تزورها، فقالت: بُعث إلى السيدة عائشة بمال في وعاءين كبيرين من الخيش: ثمانين أو مائة ألف، فَدَعت بطبق وهى يومئذ صائمة، فجلست تقسم بين الناس، فأمست وما عندها من ذلك المال درهم، فلما أمست قالت: يا جارية هلُمى إفطاري، فجاءتها بخبز وزيت، فقالت لها أم درة: أما استطعت مما قسمت اليوم أن تشترى لنا لحمًا بدرهم فنفطر به. فقالت: لا تُعنِّفيني، لو كنتِ ذكَّرتينى لفعلت.
ومن أقوالها :
* لا تطلبوا ما عند اللَّه من عند غير اللَّه بما يسخط اللَّه.
* كل شرف دونه لؤم، فاللؤم أولى به، وكل لؤم دونه شرف فالشرف أولى به.
* إن للَّه خلقًا قلوبهم كقلوب الطير، كلما خفقت الريح؛ خفقت معها، فَأفٍّ للجبناء، فأفٍّ للجبناء.
* أفضل النســـاء التي لا تعرف عـيب المقـــال، ولا تهتـدى لمكر الرجــــال، فارغـة القـلب إلا من الـزينة لبعلها، والإبقاء في الصيانة على أهلها.
* التمسوا الرزق في خبايا الأرض.
* رأت رجـًلا متمـاوتًا فقـالـت: ماهـذا؟ فقـيـل لهـا: زاهــد. قالت: كان عمــر بن الخطــــاب زاهدًا ولكنه كان إذا قال أسمع،وإذا مشى أسرع،وإذا ضرب في ذات اللَّه أوجع.
* علِّموا أولادكم الشعر تعذُب ألسنتهم.
هذه هي السيدة عائشة بنت الصديق -رضى اللَّه عنها- حبيبة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، والتى بلغت منزلتها عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مبلغًا عظيمًا، فقد رضى الله عنها لرضا رسوله صلى الله عليه وسلم عنها، فعن عائشة -رضى الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا: "يا عائش! هذا جبريل يقرئك السلام". فقلتُ: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته" [متفق عليه].
وفى ليلة الثلاثاء 17 من رمضان في السنة 57 من الهجرة توفيت أم المؤمنين السيدة عائشة وهى في سن السادسة والستين من عمرها، ودفنت في البقيع، وسارت خلفها الجموع باكية عليها في ليلة مظلمة حزينة، فرضى اللَّه عنها وأرضاها.
جاء في "سير أعلام النبلاء" للذهبي قوله عن السيدة عائشة رضي الله عنها:
" بنت الإمام الصديق الأكبر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشية التيمية المكية النبوية أم المؤمنين زوجة النبي صلى الله عليه وسلم أفقه نساء الأمة على الإطلاق. وأمها هي أم رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن عتاب ابن أذينة الكنانية.
هاجر بعائشة أبواها وتزوجها نبي الله قبل مهاجره بعد وفاة الصديقة خديجة بنت خويلد وذلك قبل الهجرة ببضعة عشر شهراً وقيل: بعامين ودخل بها في شوال سنة اثنتين منصرفه عليه الصلاة والسلام من غزوة بدر وهي ابنة تسع.
فروت عنه علماً كثيراً طيباً مباركاً فيه. وعن أبيها وعن عمر وفاطمة وسعد وحمزة بن عمرو الأسلمي وجدامة بنت وهب. حدث عنها إبراهيم بن يزيد النخعي مرسلاً وإبراهيم بن يزيد التيمي كذلك وإسحاق بن طلحة وإسحاق بن عمر والأسود بن يزيد وأيمن المكي وثمامة بن حزن وجبير بن نفير وجميع بن عمير. والحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي والحارث بن نوفل والحسن وحمزة بن عبد الله بن عمر وخالد بن سعد وخالد بن معدان وقيل: لم يسمع منها وخباب صاحب المقصورة وخبيب بن عبد الله بن الزبير وخلاس الهجري وخيار بن سلمة وخيثمة بن عبد الرحمن وذكوان السمان ومولاها ذكوان وربيعة الجرشي وله صحبة وزاذان أبو عمر الكندي وزرارة بن أوفى وزر بن حبيش وزيد بن أسلم وسالم بن أبي الجعد ولم يسمعا منها وزيد بن خالد الجهني وسالم بن عبد الله وسالم سبلان والسائب بن يزيد وسعد بن هشام وسعيد المقبري وسعيد بن العاص وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وسليمان بن بريدة وشريح بن أرطاة وشريح بن هاني وشريق الهوزني وشقيق أبو وائل وشهر بن حوشب وصالح بن ربيعة بن الهدير وصعصعة عم الأحنف وطاووس وطلحة بن عبد الله التيمي وعابس بن ربيعة وعاصم بن حميد السكوني وعامر بن سعد والشعبي وعباد بن عبد الله بن الزبير وعبادة بن الوليد وعبد الله بن بريدة وأبو الوليد عبد الله بن الحارث البصري وابن الزبير ابن أختها وأخوه عروة وعبد الله بن شداد الليثي وعبد الله بن شقيق وعبد الله بن شهاب الخولاني وعبد الله بن عامر بن ربيعة وابن عمر وابن عباس وعبد الله بن فروخ وعبد الله بن أبي مليكة وعبد الله بن عبيد ابن عمير وأبوه وعبد الله بن عكيم وعبد الله بن أبي قيس وابنا أخيها عبد الله والقاسم ابنا محمد وعبد الله بن أبي عتيق محمد ابن أخيها عبد الرحمن وعبد الله بن واقد العمري ورضيعها عبد الله بن يزيد وعبد الله البهي وعبد الرحمن بن الأسود وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الرحمن بن سعيد بن وهب الهمداني وعبد الرحمن بن شماسة وعبد الرحمن بن عبد الله بن سابط الجمحي وعبد العزيز والد ابن جريج وعبيد الله بن عبد الله وعبيد الله بن عياض وعراك ولم يلقها وعروة المزني وعطاء بن أبي رباح وعطاء ابن يسار وعكرمة وعلقمة وعلقمة بن وقاص وعلي بن الحسين وعمرو بن سعيد الأشدق وعمرو بن شرحبيل وعمرو بن غالب وعمرو ابن ميمون وعمران بن حطان وعوف بن الحارث رضيعها وعياض ابن عروة وعيسى بن طلحة وغضيف بن الحارث وفروة بن نوفل والقعقاع بن حكيم وقيس بن أبي حازم وكثير بن عبيد الكوفي رضيعها وكريب ومالك بن أبي عامر ومجاهد ومحمد بن إبراهيم التيمي إن كان لقيها ومحمد بن الأشعث ومحمد بن زياد الجمحي وابن سيرين ومحمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وأبو جعفر الباقر ولم يلقها ومحمد بن قيس بن مخرمة ومحمد بن المنتشر ومحمد ابن المنكدر وكأنه مرسل ومروان العقيلي أبو لبابة ومسروق ومصدع أبو يحيى ومطرف بن الشخير ومقسم مولى ابن عباس والمطلب بن عبد الله بن حنطب ومكحول ولم يلحقها وموسى بن طلحة وميمون بن أبي شبيب وميمون بن مهران ونافع بن جبير ونافع ابن عطاء ونافع العمري والنعمان بن بشير وهمام بن الحارث وهلال ابن يساف ويحيى بن الجزار ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ويحيى بن يعمر ويزيد بن بابنوس ويزيد بن الشخير ويعلى بن عقبة ويوسف بن ماهك وأبو أمامة بن سهل وأبو بردة بن أبي موسى وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وأبو الجوزاء الربعي وأبو حذيفة الأرحبي وأبو حفصة مولاها وأبو الزبير المكي وكأنه مرسل وأبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو الشعثاء المحاربي وأبو الصديق الناجي وأبو ظبيان الجنبي وأبو العالية رفيع الرياحي وأبو عبد الله الجدلي وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود وأبو عثمان النهدي وأبو عطية الوادعي وأبو قلابة الجرمي ولم يلقها وأبو المليح الهذلي وأبو موسى وأبو هريرة وأبو نوفل بن أبي عقرب وأبو يونس مولاها وبهية مولاة الصديق وجسرة بنت دجاجة وحفصة بنت أخيها عبد الرحمن وخيرة والدة الحسن البصري وذفرة بنت غالب وزينب بنت أبي سلمة وزينب بنت نصر وزينب السهمية وسمية البصرية وشميسة العتكية وصفية بنت شيبة وصفية بنت أبي عبيدة وعائشة بنت طلحة وعمرة بنت عبد الرحمن ومرجانة والدة علقمة بن أبي علقمة ومعاذة العدوية وأم كلثوم التيمية أختها وأم محمد امرأة والد علي بن زيد ين جدعان وطائفة سوى هؤلاء. مسند عائشة يبلغ ألفين ومئتين وعشرة أحاديث. اتفق لها البخاري ومسلم على مئة وأربعة وسبعين حديثاً وانفرد البخاري بأربعة وخمسين وانفرد مسلم بتسعة وستين.
وعائشة ممن ولد في الإسلام وهي أصغر من فاطمة بثماني سنين. وكانت تقول لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين. وذكرت أنها لحقت بمكة سائس الفيل شيخاً أعمى يستعطي.
وكانت امرأة بيضاء جميلة. ومن ثم يقال لها: الحميراء ولم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم بكراً غيرها ولا أحب امرأة حبها. ولا أعلم في أمة محمد صلى الله عليه وسلم بل ولا في النساء مطلقاً امرأة أعلم منها. وذهب بعض العلماء إلى إنها أفضل من أبيها. وهذا مردود وقد جعل الله لكل شيء قدراً بل نشهد أنها زوجة نبينا صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة فهل فوق ذلك مفخر وإن كان للصديقة خديجة شأو لا يلحق وأنا واقف في أيتهما أفضل. نعم جزمت بأفضلية خديجة عليها لأمور ليس هذا موضعها.
هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أريتك في المنام ثلاث ليال جاء بك الملك في سرقة من حرير فيقول: هذه امرأتك فأكشف عن وجهك فإذا أنت فيه. فأقول: إن يك هذا من عند الله يمضه".
وأخرج الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو بن علقمة المكي عن ابن أبي حسين عن ابن أبي مليكة عن عائشة: أن جبريل جاء بصورتها في خرقة حرير خضراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "هذه زوجتك في الدنيا والآخرة".
حسنه الترمذي وقال: لا نعرفه إلا من حديث عبد الله ورواه عبد الرحمن بن مهدي عنه مرسلاً.
بشر بن الوليد القاضي: حدثنا عمر بن عبد الرحمن عن سليمان الشيباني عن علي بن زيد بن جدعان عن جدته عن عائشة أنها قالت: لقد أعطيت تسعاً ما أعطيتها امرأة بعد مريم بنت عمران: لقد نزل جبريل بصورتي في راحته حتى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوجني ولقد تزوجني بكراً وما تزوج بكراً غيري ولقد قبض ورأسه في حجري ولقد قبرته في بيتي ولقد حفت الملائكة ببيتي وإن كان الوحي لينزل عليه وإني لمعه في لحافه وإني لابنة خليفته وصديقه ولقد نزل عذري من السماء ولقد خلقت طيبة عند طيب ولقد وعدت مغفرة ورزقا كريماً.
رواه أبو بكر الآجري عن أحمد بن يحيى الحلواني عنه. وإسناده جيد وله طريق آخر سيأتي.
وكان تزويجه صلى الله عليه وسلم بها أثر وفاة خديجة فتزوج بها وبسودة في وقت واحد ثم دخل بسودة فتفرد بها ثلاثة أعوام حتى بنى بعائشة في شوال بعد وقعة بدر. فما تزوج بكراً سواها وأحبها حباً شديداً كان يتظاهر به بحيث إن عمرو بن العاص وهو ممن أسلم سنة ثمان من الهجرة سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الناس أحب إليك يا رسول الله: قال: "عائشة" قال: فمن الرجال قال: "أبوها".
وهذا خبر ثابت على رغم أنوف الروافض وما كان عليه السلام ليحب إلا طيباً. وقد قال: "لو كنت متخذاً خليلاً من هذه الأمة لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن أخوة الإسلام أفضل". فأحب أفضل رجل من أمته وأفضل امرأة من أمته فمن أبغض حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حري أن يكون بغيضاً إلى الله ورسوله.
وحبه عليه السلام لعائشة كان أمراً مستفيضاً ألا تراهم كيف كانوا يتحرون بهداياهم يومها تقرباً إلى مرضاته.
قال حماد بن زيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة. قالت: فاجتمعن صواحبي إلى أم سلمة فقلن لها: إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة وإنا نريد الخير كما تريده عائشة فقولي لرسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر الناس أن يهدوا له أينما كان. فذكرت أم سلمة له ذلك. فسكت فلم يرد عليها. فعادت الثانية. فلم يرد عليها. فلما كانت الثالثة قال: "يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها". متفق على صحته.
وهذا الجواب منه دال على أن فضل عائشة على سائر أمهات المؤمنين بأمر إلهي وراء حبه لها وأن ذلك الأمر من أسباب حبه لها. إسماعيل بن أبي أويس حدثنا أخي أبو بكر عن سليمان بن بلال عن هشام عن أبيه عن عائشة: أن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كن حزبين فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة والحزب الآخر أم سلمة وسائر أزواجه. وكانوا المسلمون قد علموا حب رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة فإذا كانت عند أحدهم هدية يريد أن يهديها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرها حتى إذا كان في بيت عائشة بعث بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة. فتكلم حزب أم سلمة فقلن لها: كلمي رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلم الناس فيقول: من أراد أن يهدي إلى رسول الله هدية فليهد إليه حيث كان من نسائه. فكلمته أم سلمة بما قلن. فلم يقل لها شيئاً. فسألنها. فقالت: ما قال لي شيئاً. فقلن: كلميه. قالت: فكلمته حين دار إليها. فلم يقل لها شيئاً. فسألنها. فقالت: ما قال لي شيئاً. فقلن لها: كلميه. فدار إليها فكلمته. فقال لها: "لا تؤذيني في عائشة. فإن الوحي لم يأتني وأنا في ثوب امرأة إلا عائشة". فقالت: أتوب إلى الله من أذاك يا رسول الله. ثم إنهن دعون فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تقول: إن نساءك ينشدنك العدل في بنت أبي بكر. فكلمته فقال: "يا بنية ألا تحبين ما أحب" قالت: بلى. فرجعت إليهن وأخبرتهن. فقلن: ارجعي إليه فأبت أن ترجع. فأرسلن زينب بنت جحش. فأتته فأغلظت وقالت: إن نساءك ينشدنك الله العدل في ابنة أبي قحافة. فرفعت صوتها حتى تناولت عائشة وهي قاعدة فسبتها حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لينظر إلى عائشة هل تتكلم. قال: فتكلمت عائشة ترد على زينب حتى أسكتتها. فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى عائشة وقال: إنها ابنة أبي بكر".
جاء في كتاب "أسد الغابة في معرفة الصحابة" لابن الأثير المؤرخ:
" عائشة بِنْت أبي بكر الصديق، الصديقة بِنْت الصديق أم المؤمنين، زوج النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم وأشهر نسائه، وأمها أم رومان ابنة عامر بن عُوَيمر بن عَبْد شمس بن عتّاب بن أذينة بن سُبيع بن دُهمان بن الحَارِث بن غنم بن مالك بن كنانة الكنانية.
تزوجها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبل الهجرة بسنتين، وهي بكر، قال أبو عُبَيْدة، وقيل: بثلاث سنين. وقيل: بأربع سنين. وقيل: بخمس سنين. وكان عُمرها لما تزوجها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ست سنين، وقيل: سبع سنين. وبني بها وهي بِنْت تسع سنين بالمدينة. وكان جبريل قد عرض على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صورتها في سَرَقَةِ حرير في المنام، لما توفيت خديجة، وكناها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أم عَبْد الله، بابن أختها عَبْد الله بن الزبير.
أخبرنا يحيى بن محمود فيما أذن لي بإسناده عن ابن أبي عاصم قال: حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد، حدثنا أبي، عن مُحَمَّد بن عَمْرو، عن يحيى بن عَبْد الرَّحْمَن بن حاطب عن عائشة قالت: لما توفيت خديجة قالت خَوْلَة بِنْت حكيم بن الأوقص امْرَأَة عُثْمان بن مَظْعون، وذلك بمَكَّة : أي رسول الله، ألا تزوج؟ قال: "ومن؟" قلت: إن شئت بِكْراً، وإن شئت ثَيِّباً. قال: "فمن البكر؟" قلت: ابنة أحب خلق الله إليك: عائشة بِنْت أبي بكر. قال: "ومن الثيّب؟" قلت: سَودة بِنْت زَمَعة بن قَيْس، أمنت بك وابتعتك على ما أنت عليه. قال: "فاذهبي فاذكريهما عليّ". فجاءت فدخلت بيت أبي بكر، فوجدت أم رومان أم عائشة، فقالت: أيْ أم رومان، ما أدخل الله عليكم من الخير والبركة! قالت: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخطب عليه عائشة. قالت: ودَدتُ، انتظري أبا بكر، فإنه آت. فجاء أبو بكر فقالت: يا أبا بكر، ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة! قال: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أخطب عليه عائشة. قال: وهل تصلح له، إنما هي بِنْت أخيه. فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: "ارجعي وقولي له أنت أخي في الإسلام، وابِنْتك تصلح لي". فأتت أبا بكر فقال: ادعي لي رسول الله صلى الله عليه وسلّم. فجاء فأنكحه، وهي يومئذ بِنْت ست سنين، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ومن الثيّب؟" قالت: سودة بِنْت زمعة. قد أمنت بك وابتعتك. قال: "اذهبي فاذكريها عليّ". قالت: فخرجت فدخلت على سودة فقلت: يا سودة ما أدخل الله عليكم من الخير والبركة! قالت: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطبك عليه. قالت: ودَدَت، ادخلي على أبي فاذكري ذلك له قالت: وهو شيخ كبير قد تخلف عن الحج فدخلت عليه فقلت: إن مُحَمَّد بن عَبْد الله أرسلني أخطب عليه سودة. قال: كُفْءٌ كريمٌ، فماذا تقول صاحبتك؟ قالت: تحب ذلك. قال: ادعيها. فدعتها فقال: إن مُحَمَّد بن عَبْد الله أرسل يخطبك وهو كفءٌ كريم، أفتحبين أن أُزوجك؟ قالت: نعم. قال: فادعيه لي. فدعته فجاء فزوجها، وجاء أخوها عَبْد بن زمعة من الحج فجعل يحثو التراب على رأسه، وقال بعد أن أسلم. أني لسفيه يوم أحثو التراب على رأسي أن تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم سودة.
أخبرنا أبو الفرج بن أبي الرجاء حدثنا أبو علي الحداد وأنا حاضر أسمع، أخبرنا أحمد بن عَبْد الله الحافظ، حدثنا فاروق، حدثنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حبان التمار، حدثنا عَبْد الله بن مسلمة القعنبي، حدثنا سليمان بن بلال، عن أبي طوالة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "فضْلُ عائشة على النِّساء كفضل الثَّريدِ على سائر الطّعام".
أخبرنا مُحَمَّد بن سرايا بن علي العدل، والحُسَيْن بن أبي صالح بن فنَّا خسرو، وغيرهما، بإسنادهم عن مُحَمَّد بن إسماعيل: حدثنا عَبْد الله بن عَبْد الوهاب، حدثنا حماد، حدثنا هشام، عن أبيه قال: كان الناس يتحرَّون بهداياهم يوم عائشة، قالت: فاجتمع صواحبي إلى أم سلمة فقالوا: يا أم سلمة، إن الناس يتحرّون بهداياهم يوم عائشة، وإنا نريد من الخير كما تريد عائشة، فمري رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يامر الناس أن يهدوا إليه حيثما كان أو حيثما دار قالت: فذكرت ذلك أم سلمة للنبي صلّى الله عليه وسلّم، قالت: فأعرض عني فلما عاد إليّ ذكرت له ذلك، فأعرض عني، فلما كان في الثالثة ذكرت له ذلك فقال: "يا أم سَلمة، لا تؤذينَني في عائشة، فإنه والله ما نزلَ عليَّ الوحيُ وأنا في لِحاف امْرَأَة منكُنَّ غيرها".
قال: وحدثنا مُحَمَّد بن إسماعيل حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث عن يونس، عن ابن شهاب قال: قال أبو سلمة: إن عائشة قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوماً: " يا عائشُ، هذا جبريلُ يُقْرِئُكِ السّلام". فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، تَرَى ما لا أَرَى.
أخبرنا إسماعيل بن علي، وإبراهيم بن مُحَمَّد، وغيرهما، بإسنادهم عن مُحَمَّد بن عيسى قال: حدثنا عَبْد بن حميد، حدثنا عَبْد الرزاق، عن عَبْد الله بن عَمْرو بن علقَمة المكي، عن ابن أبي حسين، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة: أن جبريل جاء بصورتها في خِرقَةِ حرير خضراء إلى النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: "هذه زوجتُكَ في الدُّنيا والآخرة".
قال: وحدثنا مُحَمَّد بن عيسى: حدثنا بَندَار وإبراهيم بن يعقوب قالا: حدثنا يحيى بن حماد، حدثنا عَبْد العزيز بن المختار، أخبرنا خالد الحذاءُ، عن أبي عُثْمان النَّهدِي، عن عَمْرو بن العاص: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم استعمله على جيش ذات السلاسل قال: فأتيته فقلت: يا رسول الله، أيُّ الناس أحب إليك؟ قال: "عائشة". قلت: من الرجال؟ قال: "أبوها".
قال: وحدثنا مُحَمَّد بن عيسى: حدثنا مُحَمَّد بن بشار، حدثنا عَبْد الرَّحْمَن بن مهدي، حدثنا سُفْيان، عن أبي إسحاق، عن عَمْرو بن غالب: أن رجلاً نال من عائشة رضي الله عنها عند عَمَّار بن ياسر، فقال: اعزُبْ مقبوحاً منبوحاً! أتؤذي حبيبة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وكان مسروق إذا روى عنها يقول: حدَّثتني الصديقة بِنْت الصديق، البريئة المبرأة.
وكان أكابر الصحابة يسألونها عن الفرائض، وقال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة من أفقه الناس وأحسن الناس رأياً في العامة.
وقال عروة: ما رأيت أحداً أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة، ولو لم يكن لعائشة من الفضائل إلا قصة الإفك لكفى بها فضلاً وعلو مجد، فإنها نزل فيها من القرآن ما يُتلى إلى يوم القيامة.
ولولا خوف التطويل لذكرنا قصة الإفك بتمامها، وهي أشهر من أن تخفى.
أخبرنا مسمار بن عُمر بن العُوَيس، وأبو الفرج مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن بن أبي العزّ، وغيرهما بإسنادهم عن مُحَمَّد بن إسماعيل: حدثنا مُحَمَّد بن بشار، حدثنا عَبْد الوهاب بن عَبْد المجيد، حدثنا ابن عون، عن القاسم بن مُحَمَّد: أن عائشة اشتكت فجاء ابن عباس فقال: يا أم المؤمنين تَقْدَمين على فرَطِ صِدْق، على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعلى أبي بكر.
وروت عن النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم كثيراً، روى عنها عُمر بن الخطاب قال: أدنوا الخيل وانتضلوا وانتعلوا، وإياكم وأخلاق الأعاجم، وأن تجلسوا على مائدة يشرب عليها الخمر، ولا يحل لمؤمن ولا مؤمنة تدخل الحمام إلا بمئزر إلا من سقم، فإن عائشة حدثتني أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال وهو على فراشي: "أيّما امْرَأَة مؤمنةٍ وَضَعت خِمارَها على غير بيتها، هَتَكَتِ الحجابَ بينها وبين ربِّها عَزَّ وجَلّ". وتوفيت عائشة سنة سبع وخمسين، وقيل: سنة ثمان وخمسين ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، وأمرت أن تدفن بالبقيع ليلاً. فدفنت وصلّى عليها أبو هريرة، ونزل في قبرها خمسة: عَبْد الله وعروة ابنا الزبير، والقاسم بن مُحَمَّد بن أبي بكر، وعَبْد الله بن مُحَمَّد بن أبي بكر، وعَبْد الله بن عَبْد الرَّحْمَن بن أبي بكر. ولما توفي النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم كان عُمرها ثمان عشرة سنة.










قديم 2010-08-16, 11:10   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
صدى الاحزان
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان
(أم المؤمنين التقية)
إنها أم المؤمنين أم حبيبة "رملة بنت أبى سفيان" ذات الحسب والنسب والمكانة؛ فأبوها هو "أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية" وأمها "صفية بنت أبى العاص"، وأخوها "معاوية بن أبى سفيان" وقد تزوجها النبي فكانت سببًا للمودة بين النبي صلى الله عليه وسلم وآل أبى سفيان. وفى هذا نزل قوله تعاليعَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً) [الممتحنة: 7]. وعوضًا عن صبرها وإيمانها الكبير باللَّه تعالى.
كانت زوجة لعبيد اللَّه بن جحش، وكان قد تنصر في الجاهلية، ورفض عبادة الأصنام، فلما جاء الإسلام، أسرع هو وزوجته إلى الدخول فيه، لكنهما أمام جبروت قريش وقسوتها على الذين آمنوا، اضطرا إلى الفرار من مكة إلى الحبشة، وهناك أنجبا ابنتهما حبيبة، وبها كانت تُكنَّي، فيقال لها: أم حبيبة.
وفى الحبشة، ارتد عبيد اللَّه بن جحش عن الإسلام واعتنق النصرانية، وحاولت أم حبيبة وجميع من هاجروا إلى الحبشة إثناءه عن عزمه، فلم يفلحوا.
وتقص السيدة أم حبيبة تلك الواقعة، فتقول: رأيت في النوم عبيد اللَّه زوجي في أسوأ صورة وأشوهها، ففزعتُ وقلت: تغيرتْ واللَّه حاله، فإذا هو يقول حين أصبح: يا أم حبيبة، إنى نظرت في الدين فلم أر دينًا خيرًا من النصرانية، وكنت قد دِنتُ بها ثم دخلت في دين محمد، وقد رجعتُ. فأخبرتُهُ بالرؤيا فلم يحفل (يهتم) بها، وأكب على الخمر حتى مات.
وقد حاول عبيد اللَّه بن جحش أن يجر امرأته أم حبيبة إلى النصرانية، لكنها أبت عليه ذلك، واستمسكت بعقيدتها وظلت على دينها.. فنجاها اللَّه بصبرها على دينها، وأبدلها عن زوجها زوجًا خيرًا منه وهو رسول اللَّه.
دخلت أبرهة خادمة النجاشي ملك الحبشة عليها، وقالت: يا أم حبيبة إن الملك (تقصد النجاشي) يقول لك إن رسول اللّه كتب إليه ليزوجك منه . قالت أم حبيبة: بشَّركِ اللّه بخير يا أبرهة، خذي هذه مني هدية. وأعطتها سوارين من فضة وخلخالين.
فأرسلت أم حبيبة إلى خالد بن سعيد بن العاص ابن عمها لتوكله في أمر زواجها من رسول اللّه.
ولما دنا الليل أمر النجاشي "جعفر بن أبى طالب" ومَنْ هناك مِن المسلمين فحضروا فخطب النجاشي، فقال:
الحمد للّه الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار، أشهد أن لاإله إلا اللّه وأن محمدًا عبده ورسوله، وأنه الذي بشّر به عيسى ابن مريم عليه السلام. أما بعد: فإن رسول اللّه كتب إلى أن أزوجه أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان فأجابت إلى ما دعا إليه رسول اللّه وقد أصدقتها أربعمائة دينار. ثم سكب النجاشى الدنانير بين يدى القوم.
وتكلم "خالد بن سعيد" وقال: "الحمد للّه، أحمده وأستعينه وأستنصره، وأشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولوكره المشركون. أما بعد: أجبت إلى ما دعا إليـه رسـول اللّه وزوَّجتُه أم حبيبة فبارك اللّه لرسول اللّه. ثم دفع خالد الدنانير إلى أم حبيبة فقبضَتها. ثم أرادوا الخروج لكن النجاشى استوقفهم وقال: "اجلسوا فإن سنة الأنبياء إذا تزوجوا أن يُؤْكل طعام على التزويج". ودعا بطعام فأكل الحاضرون ثم تفرقوا.
تقول أم حبيبة: فلما وصل إلى المال أرسلت إلى أبرهة التي بشرتني فقلت لها: يا أبرهة! إنى كنت أعطيتك ما أعطيتُ يومئذٍ ولا مال عندى بيدي. فهذه خمسون مثقالا فخذيها واستعيني بها. فأبت أبرهة، وأخرجتْ حُقّا فيه كلُّ ما كنتُ أعطيتُها فردّته علي، وقالتْ: عزم على الملك أن لا آخذ منكِ شيئًا وأن التي أقوم على ثيابه ودهنه، وقد اتبعتُ دين محمد رسول اللّه وأسلمت للّه -عز وجل-.
وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليكِ بكل ماعندهن من العطر. فلما كان الغد جاءتني به. فقدمت بذلك على رسول اللّه فكان يراه علي وعندي فلا ينكره. ثم قالت أبرهة: يا أم حبيبة حاجتي إليك أن تقرئي على رسول اللّه السلام منى وتُعلِميه أنى قد اتبعتُ دينه. ثم لطفت بي وكانت هي التي جَهَّزتني. وكانت كلما دخلت علي تقول: لا تنسى حاجتي إليك.
فلما قدمتُ على رسول اللّه أخبرته كيف كانت الخِطبة وما فعلت بي أبرهة، فتبسم وأقرأته منها السلام، فقال: "وعليها السلام ورحمة اللّه وبركاته" .
وفى ليلة الزفاف أقام عثمان بن عفان -رضى اللَّه عنه- وليمة في عرس النبي وأم حبيبة -وهي ابنة عمة عثمان : صفية بنت أبى العاص- هذه الوليمة كانت غير تلك التي أقامها النجاشي في الحبشة عند عقد النكاح.
ولما بلغ أبا سفيان بن حرب خبر زواج النبي من ابنته قال: ذلك الفحل لا يقرع أنفه (أي الرجل الصالح الذي لا يُرد نكاحه). وقد أحبت أُمُّ حبيبة رسول اللَّه حبّا شديدًا، وآثرت محبته على كل محبة أخرى، حتى ولو كانت محبتها لأبيها أو أبنائها أو إخوانها أو عشيرتها.
وكانت أم حبيبة - رضى اللَّه عنها - تحرص دائمًا على مراقبة اللَّه - عز وجل - وابتغاء مرضاته، فقد روى عن السيدة عائشة - رضى اللَّه عنها - أنها قالت: دعتنى أم حبيبة عند موتها، فقالت: قد كان يحدث بيننا ما يكون من الضرائر، فغفر اللَّه لى ولك ما كان من ذلك. فقلت: غفر الله لكِ ذلك كله وتجاوز وحلَّك من ذلك كله. فقالت: سررتِنى سركِ الله، وأرسلتْ إلى أم سلمة - رضى اللَّه عنها - فقالت لها مثل ذلك.
هذا وقد أسلم أبوها أبو سفيان في فتح مكة، وأعطى رسول الله الأمان لمن دخل داره.. ففرحت أم حبيبة بإسلام أبيها فرحة كبيرة، وامتد بأم حبيبة العمر حتى عَهْدِ أخيها معاوية بن أبى سفيان وتوفيت في سنة أربع وأربعين للهجرة فرضى اللَّه عنها وأرضاها.
وروت -رضى الله عنها- عن رسول الله خمسة وستين حديثًا، وروى عنها كثير من الصحابة والتابعين -رضى الله عنهم أجمعين-.
جاء في كتاب "سير أعلام النبلاء" للذهبي عن أم المؤمنين أم حبيبة قوله:
" السيدة المحجبة: رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي.
مسندها خمسة وستون حديثاً واتفق لها البخاري ومسلم على حديثين وتفرد مسلم بحديثين.
وهي من بنات عم الرسول صلى الله عليه وسلم ليس في أزواجه من هي أقرب نسباً إليه منها ولا في نسائه من هي أكثر صداقاً منها ولا من تزوج بها وهي نائبه الدار أبعد منها. عقد له صلى الله عليه وسلم بالحبشة وأصدقها عنه صاحب الحبشة أربع مئة دينار وجهزها بأشياء.
روت عدة أحاديث.
حدث عنها أخواها: الخليفة معاوية وعنبسة وابن أخيها عبد الله ابن عتبة بن أبي سفيان وعروة بن الزبير وأبو صالح السمان وصفية بنت شيبة وزينب بنت أبي سلمة وشتير بن شكل وأبو المليح عامر الهذلي. وآخرون.
وقدمت دمشق زائرة أخاها.
ويقال: قبرها بدمشق وهذا لا شيء بل قبرها بالمدينة. وإنما التي بمقبرة باب الصغير: أم سلمة أسماء بنت يزيد الأنصارية.
قال ابن سعد: ولد أبو سفيان: حنظلة المقتول يوم بدر وأم حبيبة توفي عنها زوجها الذي هاجر بها إلى الحبشة: عبيد الله بن جحش بن رياب الأسدي مرتداً متنصراً.
عقد عليها للنبي صلى الله عليه وسلم بالحبشة سنة ست وكان الولي عثمان بن عفان. كذا قال.
وعن عثمان الأخنسي: أن أم حبيبة ولدت حبيبة بمكة قبل هجرة الحبشة.
وعن أبي جعفر الباقر: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية إلى النجاشي يخطب عليه أم حبيبة فأصدقها من عنده أربع مئة دينار.
وعن عبد الله بن أبي بكر بن حزم وآخر قالا: كان الذي زوجها وخطب إليه النجاشي: خالد بن سعيد بن العاص بن أمية. فكان لها يوم قدم بها المدينة بضع وثلاثون سنة.
معمر عن الزهري عن عروة عن أم حبيبة: أنها كانت تحت عبيد الله وأن رسول الله تزوجها بالحبشة زوجها إياه النجاشي ومهرها أربعة ألاف درهم وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة وجهازها كله من عند النجاشي.
ابن لهيعة عن الأسود عن عروة قال: أنكحه إياها بالحبشة عثمان.
ابن سعد: أخبرنا الواقدي أخبرنا عبد الله بن عمرو بن زهير عن إسماعيل بن عمرو بن سعيد قال: قالت أم حبيبة: رأيت في النوم عبيد الله زوجي بأسوأ صورة وأشوهها ففزعت وقلت: تغيرت والله حاله فإذا هو يقول حيث أصبح: إني نظرت في الدين فلم أر ديناً خيراً من النصرانية وكنت قد دنت بها ثم دخلت في دين محمد وقد رجعت فأخبرته بالرؤيا فلم يحفل بها وأكب على الخمر قالت: فأريت قائلاً يقول: يا أم المؤمنين ففزعت فأولتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزوجني. وذكرت القصة بطولها وهي منكرة.
حسين بن واقد عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت" الأحزاب 33. قال: نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة.
إسناده صالح وسياق الآيات دال عليه.
وقيل: إن أم حبيبة لما جاء أبوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليؤكد عقد الهدنة دخل عليها فمنعته أن يجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان الشرك.
وأما ما ورد من طلب أبي سفيان من النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوجه بأم حبيبة فما صح. ولكن الحديث في مسلم. وحمله الشارحون على التماس تجديد العقد.
وقيل: بل طلب منه أن يزوجه بابنته الأخرى واسمها عزة فوهم راوي الحديث وقال: أم حبيبة.
وقد كان لأم حبيبة حرمة وجلالة ولا سيما في دولة أخيها ولمكانه منها قيل له: خال المؤمنين.
قال الواقدي وأبو عبيد والفسوي: ماتت أم حبيبة سنة أربع وأربعين. وقال المفضل الغلابي: سنة اثنتين وأربعين.
وشذ أحمد بن زهير. فقال: توفيت قبل معاوية بسنة.
الواقدي: أخبرنا عبد الله بن جعفر عن عبد الواحد بن أبي عون قال: لما بلغ أبا سفيان نكاح النبي صلى الله عليه وسلم ابنته قال: ذاك الفحل لا يقرع أنفه.
الواقدي: حدثنا محمد بن عبد الله عن الزهري قال: لما قدم أبو سفيان المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم يريد غزو مكة فكلمه في أن يزيد في الهدنة. فلم يقبل عليه. فقام فدخل على ابنته أم حبيبة فلما ذهب ليجلس على فراش النبي صلى الله عليه وسلم طوته دونه. فقال: يا بنية أرغبت بهذا الفراش عني أم بي عنه؟ قالت: بل هو فراش رسول الله وأنت امرؤ نجس مشرك. فقال: يا بنيه لقد أصابك بعدي شر.
قال عطاء: أخبرني ابن شوال أن أم حبيبة أخبرته: أن رسول الله أمرها أن تنفر من جمع بليل.
الواقدي: حدثني أبو بكر بن أبي سبرة عن عبد المجيد بن سهيل عن عوف بن الحارث: سمعت عائشة تقول: دعتني أم حبيبة عند موتها فقالت: قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك. فقلت: غفر الله لك ذلك كله وحللك من ذلك فقالت: سررتني سرك الله وأرسلت إلى أم سلمة فقالت لها مثل ذلك.









قديم 2010-08-26, 12:16   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
صدى الاحزان
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

أم المؤمنين أم سلمة (صاحبة الرأى والمشورة)
توفيت 59 هـ
إنها أم المؤمنين أم سلمة هند بنت أبى أمامة بن المغيرة، وأمها عاتكة بنت عامر بن ربيعة من بنى فراس، وكان أبوها يعرف بلقبه زاد الراكب؛ لأنه كان جوادًا، فكان إذا سافر لا يترك أحدًا يرافقه ومعه زاد إلا وحمله عنه. وكانت أم سلمة -رضى الله عنها- أكبر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم.
فى يوم الحديبية دخل رسول اللَّه عليها، يشكو إليها عدم إجابة المسلمين لمطلبه حين أمرهم بالنحر والحلق. فقالت - رضى اللَّه عنها - للنبى : يا رسول اللَّه! اخرج فلا تكلم أحدًا منهم كلمة حتى تنحر بُدْنَك، وتدعو حالقك فيحلقك، ففعل النبي ذلك بعد أن استصوب رأى أم سلمة، عندها قام الناس فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضًا.
عندما علم المسلمون المهاجرون إلى الحبشة بدخول عمر بن الخطاب، وحمزة بن عبد المطلب في الإسلام ازداد حنينهم لمكة وللرسول، فعادت أم سلمة وزوجها عبد اللَّه بن عبد الأسد -الصحابى الجليل وصاحب الهجرتين وابن عمة رسول اللَّه - الذي استجار بأبي طالب بن عبد المطلب فأجاره، لكن أبا طالب لم يلبث أن فارق الحياة، فاشتدت العداوة بين قريش والمسلمين، وأمر النبي أصحابه حينئذ بالهجرة إلى يثرب.
تقول أم سلمة في هذا: إنه لما أراد أبو سلمة الخروج إلى المدينة، أعد لي بعيرًا، ثم حملني عليه، وحمل معي ابنى سلمة في حجري، ثم خرج يقود بي بعيره.
فلما رأته رجال بنى المغيرة، قاموا إليه فقالوا: هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتنا هذه، عَلام نتركك تسير بها في البلاد؟! فنزعوا خطام البعير من يده، فأخذوني منه عنوة. وغضب عند ذلك بنو عبد الأسد - قوم أبى سلمة - فقالوا: لا واللَّه لا نترك ابننا عندها إذ نزعتموها من صاحبنا، فتجاذبوا ابني سلمة بينهم حتى خلعوا يده، وانطلق بنو أسد، وحبسني بنو المغيرة عندهم، وانطلق زوجي أبو سلمة إلى المدينة فَفُرِّق بيني وبين زوجي وبين ابني، فكنت أخرج كل غداة فأجلس بالأبطح، فما زلت أبكى حتى مضت سنة أو نحوها.
فَمَرَّ بى رجل من بني عمي - أحد بنى المغيرة - فَرأى ما بي، فرحمني. فقال لبنى المغيرة: ألا تُخْرِجون هذه المسكينة؟! فَرَّقْتُم بينها وبين زوجها وبين ابنها. ومازال بهم حتى قالوا: الحقي بزوجك إن شئت. وردّ على بنو عبد الأسد عند ذلك ابني، فرحلت ببعيري ووضعت ابني في حجري ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة، وما معي أحد من خلق اللَّه.
حتى إذا كنت بالتنعيم - مكان على فرسخين من مكة - لقيت عثمان بن طلحة، فقال: إلى أين يا بنت أبى أمية؟ قلت: أريد زوجى بالمدينة. فقال: هل معك أحد؟ فقلت: لا واللَّه، إلا الله وابني هذا. فقال: واللَّه مالك من مَتْرَك. وأخذ بخطام البعير فانطلق معي يقودني، فواللَّه ما صحبت رجلا من العرب أراه كان أكرم منه ؛ إذا نزل المنزل أناخ بي ثم تنحى إلى شجرة فاضطجع تحتها، فإذا دنا الرواح قام إلى بعيري فقدمه ورحله، ثم استأخر عني وقال: اركبي. فإذا ركبت واستويت على بعيري، أتى فأخذ بخطامه فقاده حتى ينزل بي.
فلم يزل يصنع ذلك حتى قدم بى المدينة. فلما نظر إلى قرية بني عمرو بن عوف بقباء - وكان بها منزل أبى سلمة في مهاجره - قال: إن زوجك في هذه القرية، فادخليها على بركة اللَّه. ثم انصرف راجعًا إلى مكة.
فكانت أم سلمة بذلك أول ظعينة مهاجرة دخلت المدينة، كما كان زوجها أبو سلمة أول من هاجر إلى يثرب من أصحاب النبي، كما كانا أولَ مهاجِرَيْنِ إلى الحبشة.
وفى المدينة عكفت أم سلمة - رضى اللَّه عنها - على تربية أولادها الصغار ؛ سلمة وعمر وزينب ودرة. وجاهد زوجها في سبيل اللَّه، فشهد مع النبي بدرًا وأحدًا، واستعمله على المدينة إبّان غزوة العشيرة ؛ نظرًا لإخلاصه وحسن بلائه، وجعله أميرًا -مرة- على سرية، وكان معه مائة وخمسون رجلا منهم "أبو عبيدة بن الجراح"؛ وذلك عندما بلغ النبي أن بني أسد يُعِدُّون لمهاجمته في المدينة. فعاد أبو سلمة مظفرًا، لكن جرحه الذي أصيب به يوم أحد انتكأ بصورة شديدة أودت بحياته، فمات شهيدًا.
فقالت له أم سلمة يومًا: بلغني أنه ليس امرأة يموت زوجها، وهو من أهل الجنة، ثم لم تتزوج بعده، إلا جمع اللَّه بينهما في الجنة، وكذلك إذا ماتت المرأة وبقى الرجل بعدها.. فتعال أعاهدك ألا تتزوج بعدي، وألا أتزوج بعدك. قال: فـإذا مت فتزوجي، ثم قال: اللهمَّ ارزق "أم سلمة" بعدي رجلا خيرًا مني لا يحزنها ولا يؤذيها. فلما انتهت عدتها من وفاة زوجها -رضى اللَّه عنه- تقدم أبو بكر، ثم عمر -رضى اللَّه عنهما- ليخطباها ولكنها ردتهما ردًّا جميلاً.
وكان رسول اللَّه يواسيها ويخفف عنها لما توفى زوجها، ويقول لها: "قولي: اللهم اغفر لنا وله، وأعقبني منه عقبى صالحة".
ومرت الأيام، وأراد رسول اللَّه أن يتزوجها، فأرسل حاطبَ بن أبى بلتعة يخطِبها له. فقالت السيدة أم سلمة: مرحبًا برسول اللَّه وبرسله، أخبر رسول اللَّه أنى امرأة غَيْرَى شديدة الغيرة، وأنى مُصْبِيَة عندي صبيان، وأنه ليس أحد من أوليائي شاهدًا. فبعث إليها رسول اللَّه يقول: "أما قولك: إنك امرأة مصبية، فالله يكفيك صبيانك وفى رواية: أما أيتامك فعلى اللَّه ورسوله، وأما قولك: إنك غَيْري، فسأدعو اللَّه أن يذهب غيرتك، وأمـا الأوليـاء، فليـس منهم شاهـد ولا غائـب إلا سيرضى بي" .
فلما وصلها جواب رسول اللَّه فرحت به، ووافقت على الزواج منه؛ فتزوجها ونزلت أم سلمة من نفس النبي منزلا حسنًا؛ فكان إذا صلى العصر دخل على أزواجه مبتدئًا بأم سلمة ومنتهيًا بعائشة؛ رضي اللَّه عنهن أجمعين.
وقد شهدت أم سلمة -رضى الله عنها- مع رسول الله فتح خيبر، وفتح مكة وصحبته في حصار الطائف، وفى غزوة هوازن وثقيف، وكانت معه في حجة الوداع.
وظلت السيدة أم سلمة تنعم بالعيش مع رسول الله حتى لحق بالرفيق الأعلى.
وتعد السيدة أم سلمة - رضوان اللَّه عليها - من فقهاء الصحابة.
رُوِى عنها 387 حديثًا، وأُخرج لها منها في الصحيحين 29 حديثًا، والمتفق عليه منها 13 حديثًا، وقد روى عنها الكثيرون.
وامتد عمرها فكانت آخر من تُوُفِّى من نساء النبي ، وكان ذلك في شهر ذى القعدة سنة 59 للهجرة، وقد تجاوزت الثمانين عامًا.
جاء في كتاب "سير أعلام النبلاء" للذهبي عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها:
" السيدة المحجبة الطاهرة هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله ابن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة المخزومية بنت عم خالد بن الوليد سيف الله وبنت عم أبي جهل بن هشام.
من المهاجرات الأول. كانت قبل النبي صلى الله عليه وسلم عند أخيه من الرضاعة: أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي الرجل الصالح.
دخل بها النبي صلى الله عليه وسلم في سنة أربع من الهجرة وكانت من أجمل النساء وأشرفهن نسباً.
وكانت آخر من مات من أمهات المؤمنين. عمرت حتى بلغها مقتل الحسين الشهيد فوجمت لذلك وغشي عليها وحزنت عليه كثيراً لم تلبث بعده إلا يسيراً وانتقلت إلى الله.
ولها أولاد صحابيون: عمر وسلمة وزينب ولها جملة أحاديث.
روى عنها: سعيد بن المسيب وشقيق بن سلمة والأسود بن يزيد والشعبي وأبو صالح السمان ومجاهد ونافع بن جبير بن مطعم ونافع مولاها ونافع مولى ابن عمر وعطاء بن أبي رباح وشهر ابن حوشب وابن أبي مليكة وخلق كثير.
عاشت نحواً من تسعين سنة.
وأبوها: هو زاد الراكب أحد الأجواد قيل اسمه حذيفة.
وقد وهم من سماها: رملة تلك أم حبيبة.
وكانت تعد من فقهاء الصحابيات.
عن الواقدي: حدثنا عمر بن عثمان عن عبد الملك بن عبيد عن سعيد ابن يربوع عن عمر بن أبي سلمة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي إلى أبي قطن في المحرم سنة أربع فغاب تسعاً وعشرين ليلة ثم رجع في صفر وجرحه الذي أصابه يوم أحد منتقض فمات منه لثمان خلون من جمادى الآخرة وحلت أمي في شوال وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إلى أن قال: وتوفيت سنة تسع وخمسين في ذي القعدة.
عن ابن سعد: أخبرنا أحمد بن إسحاق الحضرمي: حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا عاصم الأحول عن زياد بن أبي مريم قالت أم سلمة لأبي سلمة: بلغني أنه ليس امرأة يموت زوجها وهو من أهل الجنة ثم لم تزوج إلا جمع الله بينهما في الجنة. فتعال أعاهدك ألا تزوج بعدي ولا أتزوج بعدك. قال: أتطيعينني؟ قالت: نعم. قال: إذا مت تزوجي. اللهم ارزق أم سلمة بعدي رجلاً خيراً مني لا يحزنها ولا يؤذيها. فلما مات قلت: من خير من أبي سلمة فما لبثت وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام على الباب فذكر الخطبة إلى ابن أخيها أو ابنها. فقالت: أرد على رسول الله أو أتقدم عليه بعيالي. ثم جاء الغد فخطب.
عن عفان: حدثنا حماد حدثنا ثابت: حدثني ابن عمر بن أبي سلمة عن أبيه أن أم سلمة لما انقضت عدتها خطبها أبو بكر فردته ثم عمر فردته فبعث إليها رسول الله فقالت: مرحباً أخبر رسول الله أني غيرى وأني مصبية وليس أحد من أوليائي شاهداً. فبعث إليها: "أما قولك: إني مصبية فإن الله سيكفيك صبيانك. وأما قولك: إني غيرى فسأدعو الله أن يذهب غيرتك وأما الأولياء فليس أحد منهم إلا سيرضى بي".
قالت: يا عمر قم فزوج رسول الله.
وقال رسول الله: "أما أني لا أنقصك مما أعطيت فلانة....". الحديث.
عبد الله بن نمير: حدثنا أبو حيان التيمي عن حبيب بن أبي ثابت قال: قالت أم سلمة: أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمني وبيننا حجاب فخطبني فقلت: وما تريد إلي؟ ما أقول هذا إلا رغبة لك عن نفسي إني امرأة قد أدبر من سني وإني أم أيتام وأنا شديدة الغيرة وأنت يا رسول الله تجمع النساء.
قال: "أما الغيرة فيذهبها الله. وأما السن فأنا أكبر منك. وأما أيتامك فعلى الله وعلى رسوله". فأذنت فتزوجني.
أبو نعيم: حدثنا عبد الواحد بن أيمن: حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب أم سلمة. فقالت: في خصال ثلاث: كبيرة ومطفل وغيور... الحديث.
وعن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال: دخلت أيم العرب على سيد المسلمين أول العشاء عروساً وقامت آخر الليل تطحن يعني: أم سلمة.
عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبيه قال: لما بنى رسول الله بأم سلمة قال: "ليس بك على أهلك هوان إن شئت سبعت لك وسبعت عندهن يعني نساءه وإن شئت ثلاثاً ودرت؟ قالت: ثلاثاً.
عن روح بن عبادة: حدثنا ابن جريج أخبرني حبيب بن أبي ثابت: أن عبد الحميد بن عبد الله و القاسم بن محمد حدثاه: أنهما سمعا أبا بكر ابن عبد الرحمن يخبر أن أم سلمة أخبرته: أنها لما قدمت المدينة أخبرتهم: أنها بنت أبي أمية فكذبوها حتى أنشأ ناس منهم الحج فقالوا: أتكتبين إلى أهلك فكتبت معهم فرجعوا فصدقوها وازدادت عليهم كرامة.
قالت: فلما وضعت زينب جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبني فقلت: ما مثلي ينكح.
قال: فتزوجها فجعل يأتيها فيقول: أين زناب حتى جاء عمار فاختلجها وقال: هذه تمنع رسول الله. وكانت ترضعها.
فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أين زناب" فقيل: أخذها عمار. فقال: "إني آتيكم الليلة".
قالت: فوضعت ثفالي وأخرجت حبات من شعير كانت في جرتي وأخرجت شحماً فعصدته له ثم بات ثم أصبح فقال: "إن بك على أهلك كرامة إن شئت سبعت لك؟ وإن أسبع لك أسبع لنسائي".
قال مصعب الزبيري: هي أول ظعينة دخلت المدينة مهاجرة فشهد أبو سلمة بدراً وولدت له عمر وسلمة وزينب ودرة.
أبو أسامة عن الأعمش عن شقيق عن أم سلمة قالت: لما توفي أبو سلمة أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: كيف أقول؟ قال: "قولي اللهم اغفر لنا ذنوبنا وأعقبني منه عقبى صالحة". فقلتها فأعقبني الله محمداً صلى الله عليه وسلم.
وروى مسلم في صحيحه. أن عبد الله بن صفوان دخل على أم سلمة في خلافة يزيد.
وروى إسماعيل بن نشيط عن شهر قال: أتيت أم سلمة أعزيها بالحسين.
ومن فضل أمهات المؤمنين قوله تعالى: "يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن" إلى قوله: "وأقمن الصلاة وآتين الزكاة. وأطعن الله ورسوله. إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً. واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة". الأحزاب 32، 34.
فهذه آيات شريفة في زوجات نبينا صلى الله عليه وسلم.
قال زيد بن الحباب: حدثنا حسين بن واقد عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت". قال: نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم. ثم قال عكرمة: من شاء باهلته إنها نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة.
عن إسحاق السلولي: حدثنا عيسى بن عبد الرحمن السلمي عن أبي إسحاق عن صلة عن حذيفة: أنه قال لامرأته: إن سرك أن تكوني زوجتي في الجنة فلا تزوجي بعدي فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا فلذلك حرم على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكحن بعده لأنهن أزواجه في الجنة.
روى عطاء بن السائب عن محارب بن دثار: أن أم سلمة أوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد أحد العشرة.
وهذا منقطع. وقد كان سعيد توفي قبلها بأعوام فلعلها أوصت في وقت ثم عوفيت وتقدمها وهو.
وروى أن أبا هريرة صلى عليها ولم يثبت وقد مات قبلها.
ودفنت بالبقيع. قال محمد بن سعد: أخبرنا محمد بن عمر: أخبرنا ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة حزنت حزناً شديداً لما ذكروا لنا من جمالها فتلطفت حتى رأيتها فرأيتها والله أضعاف ما وصفت لي في الحسن فذكرت ذلك لحفصة وكانتا يداً واحدة فقالت: لا والله إن هذه إلا الغيرة ما هي كما تقولين وإنها لجميلة فرأيتها بعد فكانت كما قالت حفصة ولكني كنت غيرى.
عن مسلم الزنجي عن موسى بن عقبة عن أمه عن أم كلثوم قالت: لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة قال لها: "إني قد أهديت إلى النجاشي أواقي من مسك وحلة وإني أراه قد مات ولا أرى الهدية إلا سترد فإن ردت فهي لك. قالت: فكان كما قال فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية وأعطى سائره أم سلمة والحلة".
القعنبي: حدثنا عبد الله بن جعفر الزهري عن هشام به عروة عن أبيه: أن رسول الله أمر أم سلمة أن تصلي الصبح بمكة يوم النحر وكان يومها فأحب أن توافيه.
الواقدي عن ابن جريج عن نافع قال: صلى أبو هريرة على أم سلمة.
قلت: الواقدي ليس بمعتمد والله أعلم ولا سيما وقد خولف.
وفي صحيح مسلم: أن عبد الله بن صفوان دخل على أم سلمة في خلافة يزيد.
وبعضهم أرخ موتها في سنة تسع وخمسين فوهم أيضاً والظاهر وفاتها في سنة إحدى وستين رضي الله عنها.
وقد تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم حين حلت في شوال سنة أربع.
ويبلغ مسندها ثلاث مئة وثمانية وسبعين حديثاً.
واتفق البخاري ومسلم لها على ثلاثة عشر. وانفرد البخاري بثلاثة ومسلم بثلاثة عشر".










قديم 2010-08-26, 12:18   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
صدى الاحزان
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

أم المؤمنين جويرية بنت الحارث
(عاتقة المائة)
اختارتْ جوار اللَّه ورسوله، وفضلتْ الإسلام على اليهودية، فيروى أنه لما جاء أبوها الحارث بن أبى ضرار -سيد يهود "بنى المصطلق" وزعيمهم- إلى النبي صلى الله عليه وسلم ( يقول: إن ابنتى لا يُسبَى مثلها، فأنا أَكْرَم من ذلك. قال له النبي: "أرأيت إن خيَّرْناها؟" فأتاها أبوها فقال: إن هذا الرجل قد خيرك، فلا تفضحينا. فقالت: فإنى قد اخترتُ اللَّه ورسوله. قال: "قد واللَّه فضحتِنا" [ابن سعد]. ثم أقبل أبوها في اليوم التالى ومعه فداؤها فلما كان بالعقيق (وادٍ قرب المدينة) نظر إلى الإبل التي جاء بها للفداء، فرغب في بعيرين منها طمعًا فيهما، فغيبهما في شِعْب من شعاب العقيق، ثم أتى النبي يقول: يا محمد، أصبتم ابنتى وهذا فداؤها.
فقال رسول اللَّه: "فأين البعيران اللذان غَـيَّـبْتَ (خَبَّأْتَ) بالعقيق في شِعْبِ كذا وكذا؟".
قال الحارث: أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأشهد أن محمدًا رسول اللَّه، فواللَّه ما أطلعكَ على ذلك إلا اللَّه. فأسلم، وأسلم ابنان له، وكثير من قومه، وأرسل بمن جاء بالبعيرين، ودفع بالإبل جميعًا إلى النبي. فكانت -رضى الله عنها- سببًا في إسلام أهلها، ونالت بذلك ثواب هدايتهم، إنها أم المؤمنين السيدة جويرية بنت الحارث ابن أبى ضرار.
تقول جويرية -رضى الله عنها-: قال لى أبى وهو يبرر هزيمته أمام جيش رسول الله: "أتانا ما لا قبل لنا به". فلما أسلمتُ وتزوجنى رسول الله (، ورجعنا إلى المدينة جعلت أنظر إلى المسلمين، فرأيتهم ليسوا كما سمعتُ.فعلمتُ أنه رعب من اللَّه يلقيه في قلوب المشركين.
اشتُهِرتْ جويرية بكثرة عبادتها وقنوتها للَّه، فقد خرج النبي من عندها بكرة حين صلى الصبح وهى في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهى جالسة، فقال: "مازلت على الحال التي فارقتك عليها؟" قالت: نعم. قال النبي ( لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته" [مسلم]. فكانت -رضى الله عنها- كثيرًا تردُّدها.

وقد كانت جويرية قبل أن تتزوج النبي متزوجة من رجل مشرك، هو ابن عمها مسامح بن صفوان، وقد قُتل في غزوة بنى المصطلق في السنة السادسة للهجرة، حين خرج النبي لقتال يهود بنى المصطلق لما بلغه استعدادهم لقتال المسلمين بقيادة زعيمهم الحارث بن أبى ضرار، فقاتلهم، فنصر اللَّه رسوله وهزم الكفار وأُخِذت نساؤهم سبايا، ومنهن: جويرية وكان اسمها قبل أن يتزوجها النبي "بَرّة" فغيره النبي إلى "جويرية"؛ لأنه كره أن يقال: خرج النبي من عند برة. تقول عائشة -رضى اللَّه عنها-: إنه لما أصاب رسول اللَّه نساء بنى المصطلق، فوقعت جويرية في سهم ثابت بن قيس، الذي عرض عليها أمر افتدائها بمقدار تسع أواق من الذهب، وهو واثق من أنها قادرة على دفعها له؛ لأنها بنت سيد بنى المصطلق ومن أغنياء اليهود. فكاتبتْه بهذا المبلغ؛ حتى يطلق سراحها، ولكنه أبَى إلا أن يتسلم أولا الفداء.
ولما كانت جويرية سبية ليس معها ما تفدى به نفسها -توجهت إلى رسول اللَّه ، وهو يومئذٍ عندى تسأله في كتابتها، ولما أذن لها الرسول بالدخول - قالت: يا رسول اللَّه، أنا برة بنت الحارث - سيّد قومه - وقد أصابنى من الأمر ما قد علمتَ، فأعِنِّى في كتابتي. فقال لها : "أولكِ خير من ذلك؟" فقالت: ماهو؟ فقال: "أؤدى عنك كتابك وأتزوجك" قالت: نعم يا رسول اللَّه. فقال: "قد فعلتُ". فخرج الخبر إلى الناس. فقالوا: أأصهار رسول الَّله يُسترقُّون؟ فأعتقوا ما كان في أيديهم من نساء بنى المصطلق، فبلغ عِتْقُهم مائةَ أهل بيت بزواجه إياها، فلا أعلم امرأة أعظم بركة على أهلها منها [ابن إسحاق]. وكانت السيدة جويرية -رضى الله عنها- في العشرين من عمرها حين تزوجها النبي.
وعاشت جويرية في بيت النبي ، وامتّد عمرها حتى عهد معاوية بن أبى سفيان -رضى الله عنه-.
وتوفيت -رضى الله عنها- عام 56 للهجرة، وصلَّى عليها مَرْوان بن الحكم- أمير المدينة، وقد بلغت سبعين سنة، وقيل توفيت سنة 50 للهجرة وعمرها 65 سنة.
وقد روت -رضى الله عنها- بعضًا من أحاديث النبي.
جاء في كتاب "أسد الغابة في معرفة الصحابة" لابن الأثير المؤرخ:
"جويرية بِنْت الحَارِث بن أبي ضرار بن حبيب بن عائد بن مالك بن جذيمة وهو المصطلق بن سعد بن عَمْرو بن ربيعة بن حارثة بن عَمْرو مزيقيا، وعَمْرو هو أبو خزاعة كلها،الخزاعية المصطلقية.
سباها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم المريسيع، وهي غزوة بني المصطلق، سنة خمس، وقيل: سنة ست، وكانت تحت مسافع بن صفوان المصطلقي، فوقعت في سهم ثابت بن قَيْس بن شماس أو ابن عم له. أخبرنا أبو جعفر عُبَيْد الله بن أحمد بإسناده عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: حدثني مُحَمَّد بن جعفر بن الزبير، عن عرْوَة بن الزبير، عن عائشة قالت: لما قسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سبايا بني المصطلق، وقعت جويرية بِنْت الحَارِث في السهم لثابت بن قَيْس بن شماس، أو لابن عم له، فكاتبته على نفسها، وكانت امْرَأَة حلوةً ملاّحةً، لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه. فأتت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تستعينه في كتابتها قالت عائشة: فوالله ما هو إلا أن رأيتها فكرهتها، وقلت: يرى منها ما قد رأيت! فلما دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قالت: يا رسول الله، أنا جويرية بِنْت الحَارِث،سيد قومه، وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك، وقد كاتبت على نفسي، فأعنّي على كتابتي. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "أو خَيْرٌ من ذلك، أؤدِي عنك كتابكِ وأتزوّجك؟" فقالت: نعم: ففعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فبلّغ الناس أنه قد تزوجها، فقالوا: أصهار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فأرسلوا ما كان في أيديهم من بني المصطلق، فلقد أُعتق بها مائة أهلُ بيت من بني المصطلق، فما أعلم امْرَأَة، أعظمَ بركة منها على قومها.
ولما تزوجها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حَجَبها، وقسم لها، وكان اسمها بَرّة فسماها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جويرية. رواه شعبة، ومسعر، وابن عيينة، عن مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن مولى آل طلحة. عن كُرَيْب مولى ابن عباس، عن ابن عباس. وروى إسرائيل، عن مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن، عن كريب، عن ابن عباس قال: كان اسم ميمونة بَرَّة فسماها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ميمونة، قاله أبو عُمر.
روت جويرية عن النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم، روى عنها ابن عباس، وجابر، وابن عُمر، وعُبَيْد بن السبّاق، وغيرهم.
أخبرنا أبو جعفر بإسناده عن ابن إسحاق قال: ثم تزوج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد زينب بِنْت جحش جويرية بِنْت الحَارِث، وكانت قبله عند ابن عم لها يقال له: ابن ذي الشفر، فمات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولم يصب منها ولداً.
أخبرنا إبراهيم بن مُحَمَّد وغيره بإسنادهم عن أبي عيسى: حدثنا مُحَمَّد بن بشار، حدثنا مُحَمَّد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن قال: سمعت كُريباً يحدث عن ابن عباس، عن جويرية بِنْت الحَارِث: أن النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم مر عليها وهي في مسجدها، ثم مر عليها قريباً من نصف النهار فقال لها: "ما زلتِ على حالِك" ! قالت: نعم. قال: "ألا أعلمك كلمات تقولينها: سبحان الله رضى نفسه سبحان الله عدد خلقه سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله مداد كلماته".









قديم 2010-08-26, 12:19   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
صدى الاحزان
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

أم المؤمنين حفصة بنت عمر
صاحبة سر رسول الله
لما فرغ زيد بن ثابت -رضى اللَّه عنه- من جمع القرآن بأمر من أبي بكر الصديق- رضى اللَّه عنه-، كانت الصحف التي جمع فيها القرآن عند أبى بكر، حتى توفاه اللَّه، ثم عند عمر حتى توفاه اللَّه، ثم عند حفصة بنت عمر -رضى اللَّه عنها - ثم أخذها عثمان - رضى اللَّه عنه- فنسخها، ثم ردها إليها فكانت في حوزتها إلى أن ماتت.
وُلدت السيدة حفصة قبل بعثة النبي بخمس سنين، في بيت شريف كريم، فأبوها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- وأمها السيدة زينب بنت مظعون بن حبيب.
أسلمتْ حفصة مبكرًا هي وزوجها خُنيس بن حذافة السهمى القرشي، وهاجرت معه إلى الحبشة فرارًا بدينهما، ثم إلى المدينة بعد أن بدأت الدعوة في الانتشار، وشهد زوجها بدرًا، ومات في غزوة أحد بعد جرح أصابه، وترك حفصة شابة لم تتجاوز عامها الحادي والعشرين . وبعد أن انقضت عدتها ذكرها عمر عند عثمان بن عفان، ثم أبى بكر، فلم يردا عليه بالقبول، فجاء عمر إلى النبي يشكو إليه إعراض أبى بكر وعثمان عن ابنته حفصة، فقال: "يتزوج حفصةَ من هو خير من عثمان، ويتزوج عثمانُ من هي خيرٌ من حفصة" . ثم خطبها الرسول من عمر، فتزوجها فلقى أبوبكر عمر بن الخطاب، فقال له: لا تجد (لا تغضب) علي في نفسك ؛ فإن رسول اللَّه كان قد ذكر حفصة، فلم أكن لأفشي سرَّ رسول اللَّه، ولو تركها لتزوجتها.
وبنى بها النبي في شعبان من السنة الثالثة للهجرة، وكان زواج النبي من حفصة؛ إكرامًا لها ولأبيها وحُبّا فيهما، وذات يوم قالت امرأة عمر له: عجبًا يا بن الخطاب ! ما تريد إلا أن تجادل وابنتك تجادل رسول اللَّه حتى يظل يومه غضبان، فذهب عمر ابن الخطاب من فوره إلى حفصة غضبان يقول لها: يا بنيتي إنى أحذرك عقوبة اللَّه وغضب رسوله. كانت السيدة حفصة -رضى اللَّه عنها- عابدة خاشعة، تقوم الليل، وتصوم النهار، لذا كرمها اللَّه تعالى بفضله وجعلها من نساء النبي في الجنة.
وشهدت حفصة-رضى اللَّه عنها- انتصارات الإسلام واتساع دولته، وروت 60 حديثًا عن رسول الله.
توفيت حين بويع الحسن بن علي -رضى اللَّه عنهما- وذلك في جمادى الأولى سنة 41 للهجرة، وقيل توفيت سنة 45هـ.
ورد في "سير أعلام النبلاء" للذهبي عن حفصة أم المؤمنين قوله:
" الستر الرفيع بنت أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب. تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد انقضاء عدتها من خنيس بن حذافة السهمي أحد المهاجرين في سنة ثلاث من الهجرة.
قالت عائشة: هي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
وروي أن مولدها كان قبل المبعث بخمس سنين. فعلى هذا يكون دخول النبي صلى الله عليه وسلم بها ولها نحو من عشرين سنة.
روت عنه عدة أحاديث.
روى عنها: أخوها ابن عمر وهي أسن منه بست سنين وحارثة بن وهب وشتير بن شكل والمطلب بن أبي وداعة وعبد الله بن صفوان الجمحي وطائفة.
وكانت لما تأيمت عرضها أبوها على أبي بكر فلم يجبه بشيء وعرضها على عثمان فقال: بدا لي ألا أتزوج اليوم. فوجد عليهما وانكسر وشكا حاله إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: "يتزوج حفصة من هو خير من عثمان ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة". ثم خطبها فزوجه عمر.
وزوج رسول الله عثمان بابنته رقية بعد وفاة أختها.
ولما أن زوجها عمر لقيه أبو بكر فاعتذر وقال: لا تجد علي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد ذكر حفصة فلم أكن لأفشي سره ولو تركها لتزوجتها. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة تطليقة ثم راجعها بأمر جبريل عليه السلام له بذلك وقال: "إنها صوامة قوامة وهي زوجتك في الجنة".
إسناده صالح. يرويه موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن عقبة ابن عامر الجهني.
وحفصة وعائشة هما اللتان تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله فيهما: "إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما. وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل". الآية التحريم 4.
عن موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن عقبة قال: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة فبلغ ذلك عمر فحثا على رأسه التراب وقال: ما يعبأ الله بعمر وابنته فنزل جبريل من الغد وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمة لعمر رضي الله عنهما.
توفيت حفصة سنة إحدى وأربعين عام الجماعة.
وقيل: توفيت سنة خمس وأربعين بالمدينة وصلى عليها والي المدينة مروان. قاله الواقدي عن معمر عن الزهري عن سالم.
ومسندها في كتاب بقي بن مخلد ستون حديثاً.
اتفق لها الشيخان على أربعة أحاديث وانفرد مسلم بستة أحاديث.
ويروى عن عمر أن حفصة ولدت إذ قريش تبني البيت.
وقيل: بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعبان سنة ثلاث.
قال الواقدي: حدثني علي بن مسلم عن أبيه: رأيت مروان فيمن حمل سرير حفصة وحملها أبو هريرة من دار المغيرة إلى قبرها.
عن حماد بن سلمة: أخبرنا أبو عمران الجوني عن قيس بن زيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة فدخل عليها خالاها: قدامة وعثمان فبكت وقالت: والله ما طلقني عن شبع. وجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "قال لي جبريل: راجع حفصة فإنها صوامة قوامة وإنها زوجتك في الجنة".
وروى نحوه من كلام جبريل الحسن بن أبي جعفر عن ثابت عن أنس مرفوعاً".









قديم 2010-08-26, 12:21   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
صدى الاحزان
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

أم المؤمنين زينب بنت جحش
السيدة زينب بنت جحش امرأة من علية نساء قريش، هذب الإسلام نفسها، وأضاء قلبها بنوره وضيائه، واكسبها التقوى والخلق الكريم، فأصبحت درة من الدرر المكنونة نادرة الوجود، وتعتبر سيدة من سيدات نساء الدنيا في الورع والتقوى والجود والتصدق، وقد غدت أما من أمهات المؤمنين بزواجها من النبي صلى الله عليه وسلم، ومما زادها شرفا وتقديرا وذكرا عند المؤرخين على طول الدهر ذكر قصة زواجها في القرآن الكريم، وبسببها أنزلت آية الحجاب، فرفعت مكانتها وعلت منزلتها في محارب العبادة، وكانت أواهة حليمة ، تصوم النهار وتقوم الليل، وكانت سخية اليد، تجود بكل ما لديها دون أن تبخل أو تتوانى في تقديم العون للفقراء والمحتاجين حتى غدت مثالا عظيما في الكرم والجود والخلق الكريم ، وقد لقبت بألقاب عديدة منها: أم المساكين، ومفزع الأيتام، وملجأ الأرامل، فهي امرأة سباقة إلى فعل الخيرات، ولها سيرة ندية عطرة في تاريخنا الإسلامي ، وبهذا تعتبر السيدة زينب {رضي الله عنها} قدوة عظيمة لكل مسلمة تحتذي بأخلاقها وخصالها النبيلة، وتقتفى أثرها، ويهتدي بهديها، ليكون ذلك سببا لها في الفوز برضا الله تعالى ورضا رسوله صلى الله عليه وسلم.
زينب بنت جحش بن رياب بن يعمر بن مرة بن كثير بن غنم بن دوران بن أسد بن خزيمة، وتكنى بأم الحكم. من أخوالها حمزة بن عبد المطلب {رضي الله عنه} الملقب بأسد الله وسيد الشهداء في غزوة أحد، والعباس بن عبد المطلب الذي اشتهر ببذل المال وإعطائه في النوائب، وخالتها صفية بنت عبد المطلب الهاشمية، أم حواري النبي صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام الأسدي . ولها إخوان هما عبد الله بن جحش الأسدي صاحب أول راية عقدت في الإسلام وأحد الشهداء، والآخر أبو أحمد واسمه عبد بن جحش الأعمى، وهو أحد السابقين الأولين ومن المهاجرين إلى المدينة، ولها أختان إحداهما أميمة بنت عبد المطلب عمة الرسول صلى الله عليه وسلم ، والأخرى هي حمنة بنت جحش من السابقات إلى الإسلام .
ولدت السيدة زينب {رضي الله عنها} في مكة المكرمة قبل الهجرة بأكثر من ثلاثين سنة"، وقيل أنها "ولدت قبل الهجرة بسبع عشرة سنة". وقد نشأت السيدة زينب بنت جحش في بيت شرف ونسب وحسب، وهي متمسكة بنسبها، ومعتزة بشرف أسرتها، وكثيرا ما كانت تفتخر بأصلها، وقد قالت مرة : "أنا سيدة أبناء عبد شمس".
كانت زينب بنت جحش من اللواتي أسرعن في الدخول في الإسلام، وقد كانت تحمل قلبا نقيا مخلصا لله ورسوله، فأخلصت في إسلامها، وقد تحملت أذى قريش و عذابها، إلى أن هاجرت إلى المدينة المنورة مع إخوانها المهاجرين، وقد أكرمهم الأنصار وقاسموهم منازلهم وناصفوهم أموالهم وديارهم .
تميزت أم المؤمنين زينب بمكانة عالية وعظيمة، وخاصة بعد أن غدت زوجة للرسول صلى الله عليه وسلم وأما للمؤمنين. كانت سيدة صالحة صوامة قوامة، تتصدق بكل ما تجود بها يدها على الفقراء والمحتاجين والمساكين، وكانت تصنع وتدبغ وتخرز وتبيع ما تصنعه وتتصدق به ، وهي امرأة مؤمنة تقية أمينة تصل الرحم .
عن عائشة {رضي الله عنها} قالت: "كانت زينب بنت جحش تساميني في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما رأيت امرأة خيرا في الدين من زينب، أتقى لله، وأصدق حديثا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة {رضي الله عنها}."
كانت السيدة زينب {رضي الله عنها} من النساء اللواتي حفظن أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ورويت عنها، وقد روت أحد عشر حديثا، واتفق الإمامان البخاري ومسلم لها على حديثين منها. لقد روى عنها العديد من الصحابة، منهم: ابن أخيها محمد بن عبدالله بن جحش، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، ومذكور مولاها. وروى عنها أيضا الكثير من الصحابيات منهن: "زينب بنت أبي سلمة وأمها أم المؤمنين أم سلمة، وأم المؤمنين رملة بنت أبي سفيان المعروفة بأم حبيبة {رضي الله عنها} ، وأيضا كلثوم بنت المصطلق.

جاء في "
سير أعلام النبلاء" للذهبي عن السيدة زينب أم المؤمنين:
" بنت جحش بن رياب وابنة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أمها: أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم وهي أخت حمنة وأبي أحمد. من المهاجرات الأول.
وكانت عند زيد مولى النبي صلى الله عليه وسلم. وهي التي يقول الله فيها: "وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله. وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه. فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها". الأحزاب 37.
فزوجها الله تعالى بنبيه بنص كتابه بلا ولي ولا شاهد. فكانت تفخر بذلك على أمهات المؤمنين وتقول: زوجكن أهاليكن وزوجني الله من فوق عرشه.
وفي رواية البخاري: كانت تقول: إن الله انكحني في السماء.
وكانت من سادة النساء ديناً وورعاً وجوداً ومعروفاً رضي الله عنها.
وحديثها في الكتب الستة.
روى عنها: ابن أخيها محمد بن عبد الله بن جحش وأم المؤمنين أم حبيبة وزينب أبي سلمة وأرسل عنها القاسم بن محمد.
توفيت في سنة عشرين وصلى عليها عمر.
عن محمد بن عمرو: حدثنا يزيد بن خصيفة عن عبد الله بن رافع عن برزة بنت رافع قالت: أرسل عمر إلى زينب بعطائها فقالت: غفر الله لعمر غيري كان أقوى على قسم هذا. قالوا: كله لك. قالت: سبحان الله واستترت منه بثوب وقالت: صبوه واطرحوا عليه ثوباً وأخذت تفرقه في رحمها وأيتامها وأعطتني ما بقي فوجدناه خمسة وثمانين درهماً ثم رفعت يدها إلى السماء فقالت: اللهم لا يدركني عطاء عمر بعد عامي هذا.
عن أيوب عن نافع عن ابن عمر: لما ماتت بنت جحش أمر عمر منادياً ألا يخرج معها إلا ذو محرم. فقالت بنت عميس: يا أمير المؤمنين ألا أريك شيئاً رأيت الحبشة تصنعه بنسائهم فجعلت نعشاً وغشته ثوباً. فقال: ما أحسن هذا وأستره.
فأمر منادياً فنادى: أن اخرجوا على أمكم.
رواه عارم: حدثنا حماد حدثنا أيوب.
وهي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أسرعكن لحوقاً بي أطولكن يداً". وإنما عنى طول يدها بالمعروف.
قالت عائشة: فكن يتطاولن أيتهن أطول يداً. وكانت زينب تعمل وتتصدق والحديث مخرج في مسلم.
وروي عن عائشة قالت: كانت زينب بنت جحش تساميني في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيت امرأة خيراً في الدين من زينب أتقى لله وأصدق حديثاً وأوصل للرحم وأعظم صدقة. رضي الله عنها.
وعن عمر: أنه قسم لأمهات المؤمنين في العام اثني عشر ألف درهم لكل واحدة إلا جويرية وصفية فقرر لكل واحدة نصف ذلك. قاله الزهري. ابن جريج عن عطاء سمع عبيد بن عمير يقول: سمعت عائشة تزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلاً فتواصيت أنا وحفصة أن أيتنا ما دخل عليها فلتقل: إني أجد منك ريح مغافير أكلت مغافير فدخل على إحداهما فقالت له ذلك. قال: بل شربت عسلاً عند زينب ولن أعود له. فنزل: "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك". التحريم 1. إلى قوله: "إن تتوبا" يعني: حفصة وعائشة "وإذ أسر النبي": قوله: بل شربت عسلاً.
وعن الأعرج قال: أطعم رسول الله زينب بنت جحش بخيبر مئة وسق.
ويروى عن عمرة عن عائشة قالت: يرحم الله زينب لقد نالت في الدنيا الشرف الذي لا يبلغه شرف إن الله زوجها ونطق به القرآن وإن رسول الله قال لنا: "أسرعكن بي لحوقاً أطولكن باعاً". فبشرها بسرعة لحوقها به وهي زوجته في الجنة.
قلت: وأختها هي حمنة بنت جحش التي نالت من عائشة في قصة الإفك فطفقت تحامي عن أختها زينب. وأما زينب فعصمها الله بورعها.
وكانت حمنة زوجة عبد الرحمن بن عوف ولها هجرة.

وقيل: بل كانت تحت مصعب بن عمير فقتل عنها فتزوجها طلحة فولدت له محمداً وعمران.
وهي التي كانت تستحاض وكانت أختها أم حبيبة تستحاض أيضاً.
وأمهن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم: أميمة. قال السهيلي فيها: أم حبيب والأول أكثر وقال شيخنا الدمياطي أم حبيب واسمها حبيبة.
وأما ابن عساكر فعنده: أن أم حبيبة هي حمنة المستحاضة.
وقال ابن عبد البر: بنات جحش: زينب وحمنة وأم حبيبة كن يستحضن.
وقال السهيلي: كانت حمنة تحت مصعب وكانت أم حبيب تحت عبد الرحمن بن عوف. وفي الموطأ وهم وهو أن زينب كانت تحت عبد الرحمن فقيل: هما زينبان.
عن إسماعيل بن أبي أويس: حدثني أبي عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه: "يتبعني أطولكن يداً فكنا إذا اجتمعنا بعده نمد أيدينا في الجدار نتطاول فلم نزل نفعله حتى توفيت زينب وكانت امرأة قصيرة لم تكن رحمها الله أطولنا فعرفنا أنما أراد الصدقة.
وكانت صناع اليد فكانت تدبغ وتخرز وتصدق.
عن الواقدي: أخبرنا عبد الله بن عمر عن يحيى بن سعيد عن القاسم: قالت زينب بنت جحش حين حضرتها الوفاة: إني قد أعددت كفني فإن بعث لي عمر بكفن فتصدقوا بأحدهما وإن استطعتم إذ أدليتموني أن تصدقوا بحقوتي فافعلوا.
وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج بزينب في ذي القعدة سنة خمس وهي يومئذ بنت خمس وعشرين سنة. وكانت صالحة صوامة قوامة بارة ويقال لها: أم المساكين.
عن سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس: أن رسول الله قال لزيد: "اذكرها علي" قال: فانطلقت فقلت لها: يا زينب أبشري فإن رسول الله أرسل يذكرك. قالت: ما أنا بصانعة شيئاً حتى أؤامر ربي. فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليها بغير إذن.
عبد الحميد بن بهرام عن شهر عن عبد الله بن شداد أن رسول الله قال لعمر: "إن زينب بنت جحش أواهة". قيل: يا رسول الله ما الأواهة؟ قال: "الخاشعة المتضرعة". و "إن إبراهيم لحليم أواه منيب" هود: 75.
ولزينب أحد عشر حديثاً اتفقا لها على حديثين.
وعن عثمان بن عبد الله الجحشي قال: باعوا منزل زينب بنت جحش من الوليد بخمسين ألف درهم حين هدم المسجد".
وورد في كتاب "أسد الغابة في معرفة الصحابة" لابن الأثير المؤرخ:
" زينب بِنْت جحش، زوج النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم، أخت عَبْد الله بن جحش. وهي أسدية من أسد بني خزيمة، وأمها بِنْت عَبْد المُطَّلِب، عمة النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم. وقد تقدم نسبها عند ذكر أخيها، وتكنى أم الحكم.
وكانت قديمة الإسلام، ومن المهاجرات وكانت قد تزوجها زيد بن حارثة، مولى النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم، تزوجها ليعلمها كتاب الله وسنة رسوله، ثم إن الله تعالى زوجها النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم من السماء، وأنزل الله تعالى: "وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليكَ زوجكَ واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها".. الأحزاب 37 الآية. فتزوجها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سنة ثلاث من الهجرة، قاله أبو عُبَيْدة. وقال قتادة سنة خمس. وقال ابن إسحاق: تزوجها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد أم سلمة.
أخبرنا عَبْد الوهاب بن هبة الله، أخبرنا أبو غالب بن البناء، أخبرنا أبو مُحَمَّد الجوهري، أخبرنا أبو بكر القطيعي، أخبرنا مُحَمَّد بن يونس، حدثنا حَبّان بن هلال، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس قال: لما انقضت عدة زينب بِنْت جحش قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لزيد بن حارثة: "اذهب فاذكرني لها". قال زيد: فلما قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذلك، عظمَتْ في عيني، فذهبت إليها، فجعلت ظهري إلى الباب، فقلت: يا زينب، بعث بي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يذكرك؟ فقالت: ما كنت لأُحدث شيئاً حتى أُؤامرَ ربي عَزَّ وجَلّ. فقامت إلى مسجدها، وأنزل الله تعالى هذه الآية: "فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها" فجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يدخل عليها بغير إذن.
أخبرنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن علي بن سُويدة بإسناده عن علي بن أحمد قال: أخبرنا أبو عَبْد الرَّحْمَن مُحَمَّد بن عَبْد العزيز الفقيه، حدثنا مُحَمَّد بن الفضل بن مُحَمَّد السلمي، أخبرنا أبي حدثنا أبو أحمد مُحَمَّد بن عَبْد الوهاب، حدثنا الحُسَيْن بن الوليد، عن عيسى بن طهمان، عن أنس بن مالك قال: كانت زينب بِنْت جحش تفخر على نساء النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم وتقول زوجني الله من السماء. وأولم عليها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بخبز ولحم.
وكانت زينب كثيرة الخير والصدقة، ولما دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان اسمها برّة فسماها زينب. وتكلم المنافقون في ذلك وقالوا: أن مُحَمَّداً يحرّم نكاح نساء الأولاد، وقد تزوج امْرَأَة ابنه زيد، لأنه كان يقال له زيد بن مُحَمَّد، قال الله تعالى: "ما كان مُحَمَّد أبا أحدِ من رجالكم" وقال: "ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله". فكان يدعى زيد بن حارثة. وهجرها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وغضب عليها لما قالت لصفية بِنْت حُيي: تلك اليهودية فهجرها ذا الحجة والمحرم وبعض صفر، وعاد إلى ما كان عليه. وقيل: إن التي قالت لها ذلك حفصة. وقالت عائشة: لم يكن أحد من نساء النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم تساميني في حسن المنزلة عنده إلا زينب بِنْت جحش: وكانت تفخر على نساء النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم وتقول: إن آباءكن أنكحونكن وإن الله أنكحني إياه.
وبسببها أنزل الحجاب. وكانت امْرَأَة صناع اليد، تعمل بيدها، وتتصدق به في سبيل الله.
أخبرنا أبو الفضل بن أبي الحسن الفقيه بإسناده إلى أبي يَعْلَى: حدثنا هارون بن عَبْد الله، عن ابن فديك حدثنا ابن أبي ذئب حدثني صالح مولى التوامة، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال للنساء عام حجة الوداع: "هذه ثم ظهور الحُصْر". قال: فكن كلهن يحججن إلا سودة وزينب بِنْت جحش، فإنهما كانتا تقولان: والله لا تحركنا دابة بعد إذ سمعنا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
أخبرنا يحيى أبو ياسر بإسنادهما عن مسلم قال: حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا الفضل بن موسى السيناني أخبرنا طلحة بن يحيى بن طلحة عن عائشة بِنْت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "أسرعُكُنَّ لُحوقاً بي أطولُكُنَّ يداً". قالت فكنا نتطاول أينا أطول يداً قالت: فكانت زينب أطولنا يداً لأنها كانت تعمل بيدها، وتتصدق.
وقالت عائشة: ما رأيت امْرَأَة قط خيراً في الدين من زينب،وأتقى لله، وأصدق حديثاً وأوصل للرحم، وأعظم أمانة وصدقة.
وروى شهر بن حَوشب، عن عَبْد الله بن شداد أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لعُمر بن الخطاب: "إن زينب بِنْت جحش لأوّاهة".
فقال رجل: يا رسول الله، ما الأوّاه؟ قال: "المتخشع المتضرع".
وكانت أول نساء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لحوقاً به كما أخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وتوفيت سنة عشرين أرسل إليها عُمر بن الخطاب اثني عشر ألف درهم، كما فرض لنساء النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم، فأخذتها وفرقتها في ذوي قرابتها وأيتامها، ثم قالت: اللهم لا يدركني عطاءٌ لعُمر بن الخطاب بعد هذا! فماتت، وصلى عليها عُمر بن الخطاب، ودخل قبرها أسامة بن زيد، ومُحَمَّد بن عَبْد الله بن جحش وعَبْد الله بن أبي أحمد بن جحش قيل: هي أول امْرَأَة صنع لها النعش. ودُفنت بالبقيع.
أخرجها الثلاثة".









قديم 2010-08-26, 12:22   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
صدى الاحزان
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

أم المؤمنين زينب بنت خزيمة الهلالية
أول من دفن من أمهات المؤمنين في المدينة.
هي زينب بنت خزيمة الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة الهلالية، وكانت أخت ميمونة بنت الحارث {أم المؤمنين} لأمها، وكانت تدعى في الجاهلية {أم المساكين}. وصفت بالطيبة والكرم والعطف على الفقراء والمساكين في الجاهلية والإسلام، ولا يكاد اسمها يذكر في أي كتاب إلا مقرونا بلقبها الكريم -أم المساكين .
زينب بنت خزيمة هي إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم والتي لم يمض على دخول حفصة البيت المحمدي وقت قصير حين دخلته أرملة شهيد قرشي من المهاجرين الأولين فكانت بذلك رابعة أمهات المؤمنين. ويبدو أن قصر مقامها ببيت الرسول صلى الله عليه وسلم قد صرف عنها كتاب السيرة ومؤرخي عصر المبعث فلم يصل من أخبارها سوى بضع روايات لا تسلم من تناقض واختلاف، وزينب بنت خزيمة أرملة شهيد قرشي من المهاجرين الأولين هو عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، قتل عنها في بدر فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة 3 هجرية، ويقال إنه كان زواجا شكليا، حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوجها بدافع الشفقة.
واختلف فيمن تولى زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم ففي الإصابة عن ابن الكلبي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبها إلى نفسها فجعلت أمرها إليه فتزوجها ، وقال ابن هشام في السيرة : زوَّجه إياها عمها قبيصة بن عمرو الهلالي، وأصدقها الرسول صلى الله عليه وسلم أربعمائة درهم .
واختلفوا أيضا في المدة التي أقامتها ببيت النبي صلى الله عليه وسلم ، ففي الإصابة رواية تقول: كان دخوله صلى الله عليه وسلم بها بعد دخوله على حفصة بنت عمر، رضي الله عنها، ثم لم تلبث عنده شهرين أو ثلاثة وماتت، ورواية أخرى عن إبن كلبي تقول: ( فتزوجها في شهر رمضان سنة ثلاث، فأقامت عنده ثمانية أشهر وماتت في ربيع الآخر سنة أربع) .
وكانت زينب بنت جحش {رضي الله عنها} أجودهن، يعني أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأبرهن باليتامى والمساكين، حتى كانت تعرف بأم المساكين .
ورد في كتاب "سير أعلام النبلاء" للذهبي:
" زينب أم المؤمنين بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله الهلالية.
فتدعى أيضاً: أم المساكين لكثرة معروفها أيضاً.
قتل زوجها عبد الله بن جحش يوم أحد فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن لم تمكث عنده إلا شهرين أو أكثر وتوفيت رضي الله عنها.
وقيل: كانت أولاً عند الطفيل بن الحارث وما روت شيئاً.
وقال النسابة علي بن عبد العزيز الجرجاني: كانت عند الطفيل ثم خلف عليها أخوه الشهيد: عبيدة بن الحارث المطلبي.
وهي أخت أم المؤمنين ميمونة لأمها".

وجاء في كتاب "أسد الغابة في معرفة الصحابة" لابن الأثير المؤرخ:

" زينب بِنْت خزيمة بن الحَارِث بن عَبْد الله بن عَمْرو بن عَبْد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة الهلالية، زوج النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم، يقال لها: أم المساكين، لكثرة إطعامها للمساكين وصدقتها عليهم. وكانت تحت عَبْد الله بن جحش، فقتل عنها يوم أحد، فتزوجها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وقيل: كانت عند الطفيل بن الحَارِث بن المُطَّلِب بن عَبْد مناف، ثم خلف عليها أخوة عُبَيْدة بن الحَارِث، قاله أبو عُمر عن علي بن عَبْد العزيز الجرجاني. وقال: كانت أخت ميمونة زوج النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم لأمها.
قال أبو عُمر: ولم أر ذلك لغيره.
وتزوجها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد حفصة. قال أبو عُمر: ولم تلبث عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا يسيراً شهرين أو ثلاثة حتى توفيت، وكانت وفاتها في حياته. لا خلاف فيه.
وذكر ابن منده في ترجمتها قول النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم: "أسرعكنَّ لُحوقاً بي أطولكنَّ يداً" فكان نساء النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم يتذارعن أيتهنّ أطول يداً، فلما توفيت زينب علمن أنها كانت أطولهن يداً في الخير.
وهذا عندي وهم، فإنه صلّى الله عليه وسلّم قال: "أسرعكن لحوقاً بي". وهذه سبقته، إنما أراد أول نسائه تموت بعد وفاته، وقد تقدم في زينب بِنْت جحش، وهو بها أشبه، لأنها كانت أيضاً كثيرة الصدقة من عمل يدها، وهي أول نسائه توفيت بعده، والله أعلم.
أخرجها الثلاثة".









 

الكلمات الدلالية (Tags)
رائدات, نشاء


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 14:14

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc