وَأَنْوَاعُ العِبَادَةِ الَّتِي أَمَرَ اللهُ بِهَا:
مِثْلُ الإسْلاَمِ، وَالإيمَانِ، وَالإحْسَانِ؛ وَمِنْهُ: الدُّعَاءُ، وَالخَوْفُ، وَالرَّجَاءُ، وَالتَّوَكُّلُ، وَالرَّغْبَةُ، وَالرَّهْبَةُ، وَالخُشُوعُ، وَالخَشْيَةُ، وَالإنَابَةُ، والاسْتِعَانَةُ، والاسْتِعَاذَةُ، والاسْتِغَاثَةُ، وَالذَّبْحُ، وَالنَّذْرُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ الَّتِي أَمَرَ الله بِهَا:كُلُّها لِلَّهِ تَعَالى.
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالى: {وَأَنَّ المَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً} .
فَمَنْ صَرَفَ مِنْها شَيْئاً لِغَيْرِ اللهِ فَهُوَ مُشْرِكٌ كَافِرٌ.
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَـرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} وَفِي الْحَدِيثِ: ((الدُّعَاءُ مُخُّ العِبَادَةِ)) .
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذيِنَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} .
شرح ثلاثة الأصول لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز
(1) العبادةُ أنواعٌ : فمِنْها الإسلامُ بأركانِهِ.
فكلُّ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ أعمالِ الإسلامِ عبادةٌ، منْ صلاةٍ وصومٍ وغيرِ ذلكَ.
وهكذا الإيمانُ بأعمالِهِ الباطنَةِ، كالإيمانِ باللَّهِ وملائكتِهِ وكتبِهِ ورسلِهِ واليومِ الآخرِ والإيمانِ بالقدرِ خيرِهِ وشرِّهِ، وكذلكَ الخوفُ والمحبةُ والرجاءُ إلى غيرِ ذلكَ.
فكلُّ ما يَتَعَلَّقُ بالقلوبِ داخلٌ في العبادةِ، بلْ هوَ أعلى أنواعِ العبادةِ وأعظمُها.
فالواجبُ على كلِّ مكلَّفٍ إخلاصُ العبادةِ للَّهِ وحدَهُ، فلا يدعُو معَ اللَّهِ الأنبياءَ، ولا الأولياءَ ولا الأصنامَ ولا الأشجارَ ولا الأحجارَ ولا النجومَ؛ لأنَّ العبادةَ حقٌّ للَّهِ وحدَه:
- قالَ تعالى: {وَأَنَّ المَساجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} .
- وقالَ تعالى: {إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} .
- وقالَ تعالى: {وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ} .
- وقالَ سبحانَهُ وتعالى: {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الكَافِرُونَ} .
- وقالَ عزَّ وجلَّ: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ المُلْكُ وَالّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ، إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ القِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} فسمَّى سبحانَهُ دعاءَهُم شركًا.
فالواجبُ على جميعِ المكلَّفينَ إخلاصُ العبادةِ للَّهِ وحدَهُ، رجاءً وخوفًا واستعانةً واستغاثةً وذبحًا ونذرًا وخشيةً للَّهِ وصلاةً وصومًا إلى غيرِ ذلكَ، كلُّهُ للَّهِ وحدَهُ.
فمَنْ تقرَّبَ لغيرِ اللَّهِ منْ وليٍّ أو نبيٍّ أو صنمٍ أو شجرٍ أو حجرٍ بالدعاءِ أو بالذبحِ أو بالنذرِ أو بالصلاةِ أو بالصومِ ونحوِ ذلكَ، فهوَ مشركٌ كافرٌ أشركَ باللَّهِ، وعَبَدَ مَعهُ سواهُ، كفعلِ المشركينَ الأوَّلِين مِنْ عُبَّادِ القبورِ، وعُبَّادِ الأشجارِ والأحجارِ والأصنامِ:
- ولهذا قالَ عزَّ وجَلَّ: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .
- وقالَ تعالى: {إِنَّـهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الَجنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} .
- وقالَ سبحانَهُ وتعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلتَكُونَنَّ مِنَ الَخاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ} .
(2) فكلُّ هذهِ العباداتِ يجبُ إخلاصُها للَّهِ، ومَنْ صرَفَ منها شيئًا لغيرِ اللَّهِ منْ صنمٍ أو شجرٍ أو حجرٍ أو قبرٍ فهوَ مشركٌ باللَّهِ.
(3) لقولِهِ تعالى: {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الكَافِرُونَ}، ولغيرِها منَ الآياتِ السابقاتِ، وهذا دليلٌ على ما تقدمَ.
(4) وفي الحديثِ: ((الدُّعاءُ مُخُّ العبادَةِ))، وفي لفظٍ آخرَ: ((الدُّعاءُ هُوَ العِبادَةُ))، وقالَ سبحانَهُ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}، فسمَّى الدعاءَ عبادةً في قولِهِ: {أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ} يعني: عنْ دعائِي.
فالدعاءُ هوَ أن يَضْرَعَ إلى اللَّهِ يَدْعُوهُ، ويسألُهُ النجاةَ، ويسألُهُ الرزقَ، كلُّ هذا عبادةٌ.
فإذا صرفَها للصنمِ أو للشجرِ أو للحجرِ أو لميتٍ، صارَ مشركًا باللَّهِ عزَّ وجلَّ.
فيَجِبُ الحذرُ مِنَ الشركِ كلِّه، دقيقِهِ وجليلِهِ، وأن تكونَ العبادةُ للَّهِ وحدَهُ، لكنَّ دعاءَ الحيِّ الحاضرِ القادرِ، والاستعانَةَ بِهِ في الشيءِ المقدورِ عليهِ، لا بأسَ بِهِ، ولاَ يُعْتَبَرُ داخِلاً في الشركِ، فلوْ قلتَ لأخيكَ الحاضرِ: يا عبدَ اللَّهِ، أَعِنِّي على قَطْعِ هذهِ الشجرةِ، أو على حفرِ هذهِ البئرِ، فلاَ بأسَ بذلكَ، كما قالَ سبحانَهُ في قصةِ موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ على الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ}.
استغاثهُ الإسرائيليُّ على القِبْطِيِّ؛ لأَِنَّ موسى قادرٌ على إغاثتِهِ، يتكلَّمُ ويَسْمَعُ.
أما إذا اعْتَمَدَ على المَخْلوقِ فيما لا يَقْدِرُ عليهِ إلاَّ اللَّهُ حاضرًا أو غائبًا أو ميتًا، واعتقدَ أنَّهُ ينفعُ مَنْ دَعَاهُ أو يَضُرُّ لا بالأسبابِ الحسيةِ منَ الشركِ باللَّهِ، كما قالَ تعالى عنهُم إنَّهُم قالوا: {هَؤُلاَءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}، فيَظُنُّونَ أنَّهُم يَسْتَطِيعونَ بعبادتِهِم إيَّاهم أنْ يَشْفَعُوا لَهُم عندَ اللَّهِ في حصولِ مطالِبِهِمْ أوْ أنَّهُم يُقَرِّبونَهُم إلى اللَّهِ زُلْفَى.
كما قالَ سبحانَهُ عنهُم في الآيةِ الأخرى: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلى اللَّهِ زُلْفَى}، وهذا من جهلِهِم وضلالِهِم بالشافعِ والمشفوعِ إليهِ.
واللَّهُ سبحانَهُ لَهُ الشفاعةُ جميعًا، وهوَ الذي يَتَصَرَّفُ في عِبَادِهِ كيفَ يشاءُ، فلا يَأْذنُ بالشفاعةِ إلاَّ فيمَنْ يَرْضَى اللَّهُ عملَهُ، ولا يشفعُ أحدٌ عندَهُ إلاَّ بعدَ إذنِهِ، كما قالَ تعالى: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} وقالَ تعالى: {وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى}.
فالشفاعةُ لا تكونُ إلاَّ بإذنِهِ للشافعِ، ورضاهُ عنِ المشفوعِ فيهِ، وهوَ سبحانَهُ لاَ يَرْضَى بالشفاعةِ إِلاَّ لأهلِ التوحيدِ، كما صحَّ عنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّهُ قالَ: لَمَّا سألَهَ أبو هريرةَ قائلاً: (مَنْ أسعدُ النَّاسِ بشفاعتِكِ يا رسولَ اللَّهِ؟)، قالَ: ((مَنْ قالَ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ خَالِصًا منْ قلبِهِ))، أخرجهُ البخاريُّ في صحيحِهِ، ولا تكونُ الشفاعةُ إلاَّ لمَنْ رَضِيَ قولَهُ وعملَهُ منْ أهلِ التوحيدِ والإيمانِ.
شرح ثلاثة الأصول للشيخ: محمد بن صالح العثيمين
1) لَمَّا بَيَّنَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أنَّ الواجبَ علينا أنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لهُ، بَيَّنَ فيما يَأْتِي شيئًا منْ أنواعِ العبادةِ فقالَ: وَأَنْوَاعُ العبادةِ مثلُ الإسلامِ والإيمانِ والإحسانِ.
وهذهِ الثلاثةُ؛ الإسلامُ والإيمانُ والإحسانُ، هيَ الدينُ، كما جاءَ ذلكَ فيما رَوَاهُ مُسْلِمٌ منْ حديثِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: (بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثيابِ، شَدِيدُ سَوادِ الشَّعْرِ، لا يُرَى عليهِ أَثَرُ السَّفَرِ، ولاَ يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حتَّى جَلَسَ إِلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنِي عَن الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الإِسْلاَمُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ البَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلاً))، فَقالَ: صَدَقْتَ.
فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ.
قالَ: فَأَخْبِرْنِي عَن الإِيمانِ.
قَالَ: ((أَنْ تُؤْمِنَ بَاللَّهِ، وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ))، قَالَ: صَدَقْتَ.
قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَن الإِحْسَان.
قالَ: ((أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ)).
قالَ: فَأَخْبِرْنِي عَن السَّاعَةِ، قَالَ: ((مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ)).
قالَ: فَأَخْبِرْنِي عنْ أَمَارَاتِهَا، قالَ: ((أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ)).
ثُمَّ انْطَلَقَ، فَلَبِثْتُ مَلِيًّا ثُمَّ قالَ لِي: ((يَا عُمَرُ، أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟)) قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
قالَ: ((فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ)).
فَجَعَلَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذهِ الأشياءَ هيَ الدينُ، وذلكَ أنَّها مُتَضَمِّنَةٌ للدينِ كُلِّهِ.
(2) أيْ: كلُّ أنواعِ العبادةِ مِمَّا ذُكِرَ وغيرِهِ لِلَّهِ وَحْدَهُ لا شريكَ لهُ، فلا يَحِلُّ صَرْفُهَا لغيرِ اللَّهِ تَعَالَى.
(3) ذَكَرَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى جُمْلَةً منْ أنواعِ العبادةِ، وَذَكَرَ أنَّ مَنْ صَرَفَ منها شيئًا لِغَيْرِ اللَّهِ فهوَ مُشْرِكٌ كافرٌ، واسْتَدَلَّ بقولِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}، وَبِقَوْلِهِ: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}.
ووجهُ الدلالةِ من الآيَةِ الأولى: أنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ أنَّ المساجدَ، وهيَ مَوَاضِعُ السجودِ أوْ أَعْضَاءُ السجودِ، لِلَّهِ، وَرَتَّبَ على ذلكَ قَوْلَهُ: {فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} أيْ: لا تَعْبُدُوا معهُ غَيْرَهُ فَتَسْجُدُوا لهُ.
وَوَجْهُ الدلالةِ من الآيَةِ الثانيَةِ أنَّ اللَّهَ سبحانَهُ وتَعَالَى بَيَّنَ أنَّ مَنْ يَدْعُو معَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فإنَّهُ كافرٌ؛ لأنَّهُ قالَ: {إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}.
وفي قولِهِ: {لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ} إشارةٌ إلى أنَّهُ لا يُمْكِنُ أنْ يَكُونَ بُرْهَانٌ على تَعَدُّدِ الآلهةِ؛ فَهَذِهِ الصفةُ - {لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ} - صفةٌ كاشفةٌ مُبَيِّنَةٌ للأمرِ، وليستْ صِفَةً مُقَيِّدَةً تُخْرِجُ ما فيهِ بُرْهَانٌ؛ لأنَّهُ لا يُمْكِنُ أنْ يكونَ بُرْهَانٌ على أنَّ معَ اللَّهِ إلهًا آخَرَ.
(4) هذا شروعٌ من المُؤَلِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في أَدِلَّةِ أنواعِ العبادةِ التي ذَكَرَهَا في قولِهِ: (وأنواعُ العبادةِ التي أَمَرَ اللَّهُ بها، مثلُ الإسلامِ والإيمانِ والإحسانِ ومنهُ الدعاءُ...) إلخ، فَبَدَأَ رَحِمَهُ اللَّهُ بذِكْرِ الأَدِلَّةِ على الدعاءِ، وسيأتِي إنْ شاءَ اللَّهُ تَفْصِيلُ أَدِلَّةِ الإسلامِ والإيمانِ والإحسانِ.
وَاسْتَدَلَّ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ بما يُرْوَى عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّهُ قالَ: ((الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ)).
وَاسْتَدَلَّ كذلكَ بقولِهِ تَعَالَى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِيْنَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}.
فَدَلَّت الآيَةُ الكريمةُ على أنَّ الدعاءَ من العبادةِ، ولَوْلاَ ذلكَ ما صَحَّ أنْ يُقَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}.
فَمَنْ دَعَا غيرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بشيءٍ لا يَقْدِرُ عليهِ إلاَّ اللَّهُ فهوَ مُشْرِكٌ كافرٌ، سواءٌ كانَ المَدْعُوُّ حَيًّا أوْ مَيِّتًا.
ومنْ دَعَا حَيًّا بِمَا يَقْدِرُ عليهِ، مثلُ أنْ يقولَ: يا فُلانُ أَطْعِمْنِي، يا فُلانُ اسْقِنِي، فلا شَيْءَ فيهِ. ومَنْ دَعَا مَيِّتًا أوْ غائبًا بمِثْلِ هذا فإنَّهُ مُشْرِكٌ؛ لأنَّ المَيِّتَ أو الغائبَ لا يُمْكِنُ أنْ يقومَ بمِثْلِ هذا، فَدُعَاؤُهُ إيَّاهُ يَدُلُّ على أنَّهُ يَعْتَقِدُ أنَّ لهُ تَصَرُّفًا في الكونِ، فيكونُ بذلكَ مُشْرِكًا.
وَاعْلَمْ أنَّ الدعاءَ نَوْعَانِ:
- دعاءُ مَسْأَلَةٍ.
- ودعاءُ عبادةٍ.
فدعاءُ المسألةِ: هوَ دعاءُ الطلبِ؛ أيْ: طلبِ الحاجاتِ، وَهُوَ عبادةٌ إذا كانَ من العبدِ لِرَبِّهِ؛ لأنَّهُ يَتَضَمَّنُ الافتقارَ إلى اللَّهِ تَعَالَى واللجوءَ إليهِ، وَاعْتِقَادَ أنَّهُ قادِرٌ كريمٌ واسعُ الفضلِ والرحمةِ، وَيَجُوزُ إذا صَدَرَ من العبدِ لمِثْلِهِ من المخلوقِينَ إذا كانَ المدعوُّ يَعْقِلُ الدعاءَ، وَيَقْدِرُ على الإجابةِ كما سَبَقَ في قولِ القائلِ: يا فلانُ أَطْعِمْنِي.
وأمَّا دُعَاءُ العبادةِ، فَأَنْ يَتَعَبَّدَ بهِ للمَدْعُوِّ؛ طَلَبًا لثوابِهِ، وَخَوْفًا منْ عقابِهِ، وهذا لا يَصِحُّ لغيرِ اللَّهِ، وَصَرْفُهُ لغيرِ اللَّهِ شِرْكٌ أَكْبَرُ مُخْرِجٌ عن المِلَّةِ، وعليهِ يَقَعُ الوعيدُ في قولِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} .
حاشية ثلاثة الأصول للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم
المتن:
وَأَنْوَاعُ العِبَادَةِ الَّتِي أَمَرَ اللهُ بِهَا(1): مِثْلُ الإسْلاَمِ، وَالإيمَانِ، وَالإحْسَانِ(2)؛ وَمِنْهُ: الدُّعَاءُ، وَالخَوْفُ، وَالرَّجَاءُ، وَالتَّوَكُّلُ، وَالرَّغْبَةُ، وَالرَّهْبَةُ، وَالخُشُوعُ، وَالخَشْيَةُ، وَالإنَابَةُ، والاسْتِعَانَةُ، والاسْتِعَاذَةُ، والاسْتِغَاثَةُ، وَالذَّبْحُ، وَالنَّذْرُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ(3) الَّتِي أَمَرَ الله بِهَا(4): كُلُّها لِلَّهِ تَعَالى(5).
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالى: {وَأَنَّ المَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً} (6) .
فَمَنْ صَرَفَ مِنْها شَيْئاً لِغَيْرِ اللهِ فَهُوَ مُشْرِكٌ كَافِرٌ(7).
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَـرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بهِ(8) فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ(9)}
وَفِي الْحَدِيثِ: ((الدُّعَاءُ مُخُّ العِبَادَةِ)) (10).
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ(11) إِنَّ الَّذيِنَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ(12)} .
الحاشية :
(1) أيْ: وأَصْنافُ العِبَادَةِ، التي شَرَعَ اللَّهُ لعِبَادِهِ القِيَامَ بِهَا، وتَعَبَّدَهم بِهَا، والنَّوْعُ كلُّ ضَرْبٍ، أو صِنْفٍ مِن كلِّ شيءٍ، وهو أَخَصُّ مِن الجِنْسِ.
(2) مِثْلُ الشَّيْءِ: شَبِيهُهُ ونَظِيرُه، وهذه الثَّلاَثَةُ: أَعْلَى مَرَاتِبَ الدِّينِ، وأهمُّ أنواعِ العِبَادَةِ، فلذلك بَدَأَ بِهَا المُصَنِّفُ رَحِمَه اللَّهُ.
(3) يعني: أنَّ أَنْواعَ العِبَادَةِ، لَيْسَتْ مَخْصُوصَةً بهذه الأنْواعِ، ولاَ مَحْصُورَةً في هذه الأَنْواعِ، التي عَدَّهَا رَحِمَه اللَّهُ، بل هي أنواعٌ كثيرةٌ جدًّا.
(4) إشارةً إلى بعضِ حُدُودِها، عندَ بعضِ العُلَمَاءِ، أنَّها مَا أُمِرَ بِهِ شَرْعًا، مِن غيرِ اطِّرَادٍ عُرْفِيٍّ، ولا اقْتِضَاءٍ عَقْلِيٍّ.
وللعُلَمَاءِ فيها تَعَارِيفُ كَثِيرَةٌ، وأَحْسَنُ وأَجْمَعُ مَا عُرِّفتْ به، هو مَا عَرَّفَها بِهِ شيخُ الإسلامِ بقولِهِ: (اسمٌ جَامِعٌ لكلِّ مَا يُحِبُّه اللَّهُ ويَرْضَاهُ، مِن الأقوالِ والأعْمَالِ، الظَّاهِرَةِ والبَاطِنَةِ) وعَدَّ نحوًا مِمَّا عَدَّه المُصَنِّفُ، وهو مِن أَشْمَلِ مَا عُرِّفتْ به، فكلُّ فَرْدٍ مِن أَفْرَادِ العِبَادَةِ دَاخِلٌ تَحْتَ هذه العِبَارَةِ، فيَدْخُلُ فيها مَا ذُكِرَ، ويَدْخُلُ فيها مَا شَمِلَه الحَدُّ، فالعِبَادَةُ شَمِلَتْ جَمِيعَ أَنْواعِ الطَّاعَاتِ.
(5) أيْ: كُلُّ جَمِيعِ أنْواعِ العِبَادَةِ، مِمَّا ذُكِرَ وغيرِه، للَّهِ وحدَه، لاَ يَصْلُحُ منه شَيْءٌ لغيرِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ، لاَ لِمَلَكٍ مُقَرَّبٍ، ولاَ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ، فَضْلاً عن غيرِهِمَا، ولاَ أَضَلَّ ولاَ أظْلَمَ مِمَّن يَجْعَلُ لِمَخْلُوقٍ مَرْبُوبٍ منها شَيْئًا.
(6) في المَساجِدِ تَفْسِيرَانِ:
أَحَدُهُما: أنَّها المَواضِعُ التي بُنِيَتْ لعِبَادَةِاللَّهِ. فالْمَعْنَى أنَّها إنَّما بُنِيَتْ لعِبَادَةِ اللَّهِ وحْدَه، فَلاَ تَعْبُدُوا فيها غيرَه.
والثَّانِيَةُ: أنَّها الأَعْضَاءُ، التي خَلَقَها ليُسْجَدَ لَهُ عَلَيْهَا؛ وهي الوَجْهُ واليَدَانِ والرُّكْبَتَانِ والقَدَمانِ، فَلاَ يُسْجَدُ بِهَا لِغَيْرِه.
و (أَحَدًا) كَلِمَةٌ شَامِلَةٌ عَامَّةٌ، نَكِرَةٌ في سِياقِ النَّهْيِ، شَمِلَت المَلاَئِكَةَ، والأنْبِيَاءَ والأَوْلِيَاءَ والصَّالِحِينَ وغَيْرَهم، فَلاَ يُدْعَى مَعَ اللَّهِ أَحَدٌ مِن المَلاَئِكَةِ، ولاَ الأنْبِيَاءِ، ولاَ الصَّالِحِينَ، ولاَ غيرِهم، فَقَدْ شَمِلَتْ جَمِيعَ الخَلْقِ.
(7) أيْ: مِمَّن صَرَفَ شيئًا مِن أنواعِ العِبَادَةِ، التي ذَكَرَ المُصَنِّفُ رَحِمَه اللَّهُ تَعَالَى، مثلَ: أنْ دَعَا غَيْرَ اللَّهِ، مِن الأَمْواتِ والغَائِبِينَ، أَوْ رَجَاهُم، أَوْ خَافَهُم، أو سَأَلَهُم قَضَاءَ الحَاجَاتِ، وتَفْرِيجَ الكُرُباتِ، وإِغَاثَةَ اللَّهَفَاتِ، أو غَيْرَ ذلك، فهو مُشْرِكٌ الشِّرْكَ الأَكْبَرَ المُخْرِجَ مِن المِلَّةِ، كَافِرٌ الكُفْرَ الأَكْبَرَ المُخْرِجَ مِن المِلَّةِ.
والشِّرْكُ والكُفْرُ: قَدْ يُطْلَقَانِ بِمَعْنًى واحِدٍ وهو الكُفْرُ باللَّهِ، واسْمٌ لِمَن لاَ إِيمَانَ لَهُ، وقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُما، فيُخَصُّ الشِّرْكُ بِقَصْدِ الأَوْثَانِ، وغَيْرِها مِن المَخْلُوقَاتِ، مَعَ الاعْتِرَافِ باللَّهِ، فيَكُونُ الكُفْرُ أَعَمَّ.
(8) أي: ومَن أَشْرَكَ باللَّهِ، لاَ حُجَّةَ لَهُ ولاَ بَيِّنَةَ؛ لأَِنَّه لاَ حُجَّةَ لأَِحَدٍ في دَعْوَى الشِّرْكِ، و{لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ} صِفَةٌ أُخْرَى لـ {إِلَهًا} لاَزِمَةٌ لَهُ، جِيءَ بِهَا للتَّأْكِيدِ، أو جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الشَّرْطِ والجَزَاءِ.
(9) أي: اللَّهُ يُحَاسِبُه عَلَى ذلك، فيُجَازِيه بِمَا يَسْتَحِقُّه عَلَى شِرْكِه، ثُمَّ أَخْبَرَ أنَّه لاَ يُفْلِحُ الكَافِرُونَ، فَسَمَّاهم كَافِرِينَ، لدُعَائِهِم مَعَ اللَّهِ غيرَه، ولاَ يُنَازِعُ مُسْلِمٌ في كُفْرِ مَن دَعَا مَعَ اللَّهِ غَيْرَه.
وفي الآيةِ أَوْضَحُ برهانٍ عَلَى كُفْرِ مَن دَعَا مَعَ اللَّهِ غيرَه، سَوَاءٌ كَانَ المَدْعُوُّ مَلَكًا، أو نَبِيًّا، أو شَجَرَةً، أو قَبْرًا، أو جِنِّيًّا.
(10) هذا شُرُوعٌ في ذِكْرِ أَدِلَّةِ أَنْواعِ العِبَادَةِ التي عَدَّها مُجْمَلَةً، فَأَمَّا الإِسْلاَمُ، والإيمانُ، والإِحْسَانُ، فسيَأْتِي مُفَصَّلاً في الأَصْلِ الثَّانِي.
وبَدَأَ بعدَها بالدُّعَاءِ؛ لأَِنَّه أَهَمُّها، فَقَالَ: وفي الحديثِ، يعني عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الدُّعَاءُ مُخُّ العِبَادَةِ)) ومُخُّ الشَّيْءِ: خَالِصُه، وفي لفظٍ: ((الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ)) وأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه بِضَمِيرِ الفَصْلِ والخَبَرِ المُعَرَّفِ بالأَلِفِ واللاَّمِ ليَدُلَّ عَلَى الحَصْرِ، وأنَّ العِبَادَةَ ليست غَيْرَ الدُّعاءِ، أو إنَّما هي الدُّعَاءُ نَفْسُه.
ثُمَّ الدُّعَاءُ نَوْعَانِ:
- دُعاءُ مَسْأَلَةٍ، وهو: طَلَبُ مَا يَنْفَعُ الدَّاعِيَ، مِن جَلْبِ نَفْعٍ أو دَفْعِ ضُرٍّ.
والنَّوْعُ الثَّانِي: دُعاءُ عِبَادَةٍ، بأيِّ نَوْعٍ مِن أَنْواعِ العِبَادَةِ، وهو: مَا لَمْ يَكُنْ فيه سُؤَالٌ، ولاَ طَلَبٌ.
وهذا الحديثُ جَاءَ عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقْرُونًا بالآيةِ.
(11) أَمَرَ تَعَالَى عِبَادَه أنْ يَدْعُوهُ، ووَعَدَهُم أنْ يَسْتَجِيبَ لَهُم، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الدُّعَاءَ عِبَادَةٌ، بل هو أَجَلُّ العِبَادَاتِ، وأَسَاسُها.
ودَلَّ عَلَى أنَّه سُبْحَانَه: يُحِبُّ مِن عِبَادِه أنْ يَدْعُوه، وأَنَّ الدُّعَاءَ مِمَّا يُحِبُّه اللَّهُ، وفي الحَدِيثِ: ((مَنْ لَمْ يَدْعُ اللَّهَ))، وفي روايةٍ: ((مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ)).
(12) سَمَّى الدُّعَاءَ عِبَادَةً، وجَاءَ فِي القُرْآنِ في غيرِ مَوْضِعٍ: أنَّه عِبَادَةٌ، فَصَرْفُه لغَيْرِ اللَّهِ شرْكٌ أَكْبَرُ، وأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ الذي مَنَعَهم مِن عِبَادَةِ اللَّهِ، هو: الاسْتِكْبَارُ، فجُوزُوا بِهَذا الجَزَاءِ الفَظِيعِ، وهو دُخُولُهُم جَهَنَّمَ، صَاغِرِينَ ذَلِيلِينَ حَقِيرِينَ، عُقُوبَةً لَهُم عَلَى مَا تَرَكُوه مِن عِبَادَةِ اللَّهِ، التي فَرَضَها عَلَيْهِم.
وهناك الكثير الكثير ..لعدة أئمة...مشكوور أخي الفضل و باارك الله فيك