وفاة المجاهد البطل ( عمر البوقصّي )
بسم الله الرحمن الرحيم
(( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا )) الأحزاب الآية 23 .
توفي يوم الجمعة الفارطة 28/05/2010 المجاهد البطل و القائد الفذ عون عمر المدعو ( عمر البوقصّي ) بعد حياة مليئة بالنضال و الجهاد نقش فيها بأحرف من ذهب تاريخ مشوار حافل بالبطولات و الأمجاد . نسأل المولى الكريم أن يسكنه فسيح جنانه مع الصالحين و الشهداء و الصديقين .
لمحة عن حياته /
هو عون عمر بن حسونة ، رجل عريق النسب نقي الأصل و الفصل ، من بيت كريم أشتهر بالشجاعة و الإقدام و له سجالات في الحروب يشهد لها الجميع . ينتمي لفصيل أولاد الوهاب من عرش أولاد بوقصة من فخذ الجلامدة م نبطن العلاونة التابع للقبيلة العظمى * النمامشة * .
ولد بتاريخ : 01/07/1925 بمنطقة مشنتل التابعة لبلدية بئر مقدم بولاية تبسة المجاهدة .
و هي منطقة كان لها دورا كبيرا في اندلاع شرارة الثورة الجزائرية المباركة .
نشأ في بيت محافظ عريق ، حيث تربى على شظف العيش كبقية أقرانه من أبناء الشعب الجزائري أثناء عهد الإستدمار الفرنسي الغاشم ، حيث عانى من الظلم و القهر الذي جعله يضمر له ضغينة ما فتأت إنفجرت مع الأيام الأولى للثورة المظفرة .
تلقى تعليمه الأول في كتاتيب القرآن الكريم ، كما تعلم مبادئ الفروسية مثل العديد من شبان النمامشة حيث كانت هي الهواية الأولى و الملاذ الوحيد لهم ، بحكم طبعهم القتالي و الميال دوما إلى الثورة و التحرر .
نشاطه الثوري /
إلتحق بصفوف جيش التحرير الوطني رفقة القائد * فرحي ساعي * و * الوردي قتال * تحت لواء * عباس لغرور * و * شيحاني بشير * و * شريط الأزهر * في الناحية العسكرية الأولى .
غير أن التاريخ أبى إلا أن يجعله قائدا حقا يوم نجح في القضاء على النقيب الفرنسي * موريس * قرب عقلة قساس في كمين نـُصب له بإحكام ، حيث قضي على العديد من جنود فرنسا الغاصبة و تم أسر أكثر من 18 منهم ، و غنيمة سلاح كثير ، و مباشرة رقيّ إلى رتبة ملازم أول و ُعيّن بعدها قائدا لمنطقة سدراتة التاريخية .
و بقي يجاهد بالرشاش و الكلمة و من نصر إلى نصر مرورا بمواقع عديدة ( آرقو ، الجديدة ، امريحان ، أم الكماكم ، بني صالح ، المائدة ، زاريف ، الجرف ... ) ليرقى إلى رتبة أكبر .
إنتقل إلى تونس ثم إلى مصر لاستكمال نضاله هناك رفقة المجاهد * الوردي قتال * أين إلتقى بالقادة السياسيين للثورة ليواصل الجهاد حتى الاستقلال .
شغل عدة مناصب في الدولة ، كما كان درعا حصينا أيام فترة الإرهاب التي عرفتها الجزائر ، ليترأس مجددا مجموعات الدفاع الذاتي و المدني بمنطقة نقرين ، رغم كبر سنه .
صفاته /
كان ورعا تقيا ، ميالا إلى الهدوء و الحكمة ، حسن الخُلُق و الخَلْق ، جوادا كريما حليما مع أصحابه ، يتحلى بصفة القائد منذ صغره ، شجاعا لا يهاب شيئا ، حتى أن أحد المجاهدين من أترابه قال عنه : عند بداية المعركة يطلق هو الرصاصة الأولى و يسرع راكضا بإتجاه العدو رغم كثافة الرصاص و يقف موجها الأوامر للمجاهدين بالهجوم ، كما كان يحسن القتال المتلاحم بالخنجر ، الذي كان يلازمه دوما ...
وفاته /
توفي عن عمر يناهز 85 سنة بمدينة تبسة و شيع جثمانه في موكب مهيب ، بحضور السلطات المدنية و العسكرية و رفقاء السلاح و الجهاد . بعد أن ترك تاريخا مليئا بالانتصارات .
و قد رثاه الشاعر * بن نجوع علي * في قصيدة جميلة ، هذه بعض أبياتها /
ذرفت تبسّة دمعا إذ علمت **** بفقدان رمز الجهاد و النضال
و زادت معهــا البــلاد كلها **** حزنا على فراق أحد الأنصال
هو رمــز للبســالة إخــوتي **** كما هــو حقـا مضرب الأمثال
شجــاعــة و إقـدام لازمتـه **** خــلال حيـاته مــلء الخصال
عمـــر البــوقصّــي لله دره **** مـــن فحـــــل وقــــــت النزال
جبــال أوراس تشهـد بأسه **** أيــام المبــاركة ثورة الأبطال
كـذا الجـرف أقــرّ مــدوّيــا **** هو في الــوغى لعمري ختّال
واقعة مـوريس عنه تحكي **** و وقــــــع آرقـــــــــو لا يزال
أفنى شبــابه فــداءا لـوطن **** أيـام الإستدمــار و الاستقلال
و عاش ممجدا بين الورى **** كضيغــم مــــن حــوله أشبال
هــي سنة الحيـــاة لا مفــرّ **** فالمــوت حق علـى كــل حال
ندعــو المــولى لــه الجنــة **** مقــامـــا له مــع خيـر أعمال
يقينا خــذوها مي نصيحة **** مــا مـــات مـن تـــرك رجال