وقفات مع بركان ايسلندا - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > خيمة الجلفة > الجلفة للمواضيع العامّة

الجلفة للمواضيع العامّة لجميع المواضيع التي ليس لها قسم مخصص في المنتدى

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

وقفات مع بركان ايسلندا

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-05-03, 17:04   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نور الايام
عضو محترف
 
الصورة الرمزية نور الايام
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي وقفات مع بركان ايسلندا

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته




صورة للبركان وهو يخرج من بين الكتل الجليدية سبحان الله

الشيخ: محمد بن صالح المنجد

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وبعد:

ففي دويلة صغيرة، لا تعدو أن تكون جزيرة نائية قي شمال المحيط الأطلسي، يثور بركان صغير من تحت نهر جليدي، لينفث موجات من السحب الغبارية، فيحدث فزعاً عاماً في قارة أوربا بأسرها، وارتباكاً عالميا للرحلات الدولية.

توقَّفت الطائرات، وأُغلقت المطارات، وعُلقت الرحلات، فـ (113) مطاراً أوروبيا يغلق أبوابه الجوية أمام الملاحة العالمية، وأكثر من (63 ) ألف رحلة طيران تلغى، وخسائر شركات الطيران تصل نحو (250) مليون دولار يومياً... والمتأثرون من الناس فاق عددهم سبعة ملايين مسافر، تقطعت بهم السبل، وتحولت صالات المطارات إلى مهاجع للمسافرين، وبدأت المطارات بتزويدهم بالأسرة والأغطية ... فضلا عن خسائر المصدرين والمستوردين .

لقد غدت أوروبا اليوم شبه معزولة عن العالم الخارجي، وهي تواجه أكبر تعطل للنقل الجوي في تاريخها، بل عدها البعض الأسوأ من نوعها في تاريخ الطيران المدني!!

1 ـ فاعتبروا يا أولي الأبصار:

سحابُ غبارِ بركانٍ واحدٍ يصيب قارة كاملة بالذعر والخوف، ويشل حركتها الجوية، فكيف لو تفجرت عدة براكين ؟!.

إنه لأمر يستدعى منا التأمل والنظر، والتفكر والاعتبار، فالمسلم لا تمر عليه مثل هذه الأحداث العظيمة دون أن تكون له وقفة تأمل تنطلق من عقيدته وإيمانه بالله، ويقينه بأن كل ما يقع في كونه من خير فهو من فضله ورحمته، وكل ما يقع فيه من شر فهو بعلمه (ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)، وله الحكمة في كلِّ ما يقضي ويقدِّر: (لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْـئَلُونَ) .

والمؤمن يقف عند مواقع العبر، وأحكام القدر، ينظر ويتدبر، ولا يقتصر اعتبار المؤمن على ما يحدث قريباً منه في الزمان والمكان، بل هو معتبر بكل ما يبلغه من آيات الله قربت منه أو بعدت عنه زماناً ومكاناً .







2ـ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً:

فالبراكين والزلازل جند من جند الله يرسلها على من يشاء من عباده في الوقت الذي يشاء على النحو الذي يشاء، إنذاراً، ووعيداً وابتلاءً، وتمحيصاً، وعقاباً، ( وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ، وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ).

ومن جنود الله هذا الرماد المكون من جزيئات صغيرة من الزجاج والصخور المفتتة التي تهدد محركات الطائرات وهياكلها وتعيق حركتها ... وقد وُصِفَ هذا الرماد بالقاتل ؛ لأن استنشاقه يمزق النسيج الرئوي.

والاقتصار في تعليل ما حدث بأنه مجرد أمر طبعي لا يسير إلا وفق نظم ونواميس كونية ... يدل على غفلة عن مدبر الكون ومسيِّره، فمن الذي يجريها وفق ذلك النظام، ويسلطها على من يشاء وفق تقديره وتدبيره !! .

( هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ * وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ، وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ، وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ).

3 ـ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَر:

إن ما حدث آية من آيات الله يرسلها لعباده تذكرة وموعظة للمؤمنين، وتخويفاً وترهيباً للمعرضين، فالقلوب المؤمنة تتعظ وتخبت وتنيب لربها، والقلوب الغافلة لا يشغلها سوى الخسائر الاقتصادية، والمتابعة الإعلامية، ومراقبة البركان... متناسين رب البركان: ( لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها، وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها، وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها، أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ، أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) .

إن من علامة قسوة القلوب وطمسها أن يسمع الناس قوارع الأحداث، وزواجر العبر والعظات التي تخشع لها الجبال، ثم يستمرون على طغيانهم ومعاصيهم، عاكفين على اتباع شهواتهم، غير عابئين بوعيد، ولا منصاعين لتهديد.


صورة لدخان البركان من بين الجبال الجليدية


4 ـ المؤمن مرهف الحس حي القلب:

يتأثر بمثل هذه الأحوال المخيفة، مقتدياً بهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان إذا رأى ريحاً أو غيماً عُرِفَ ذلك في وجهه، فأقبل وأدبر، خوفاً من نزول عذاب.

وما ذاك إلا لرؤية غيم، فكيف بأعمدة من الرماد على ارتفاع (11 ) كيلومترا في الجو !! ..

وكان حاله صلى الله عليه وسلم لما كسفت الشمس ـ تلك الآية الكونية ـ من أشد أحوال الخوف والانكسار والتضرع، حتى إنه خرج فزعاً يجر رداءه مستعجلاً يخشى أن تكون الساعة

ومع ذلك فإننا نجد الآن من لا يتأثر، ولا يخاف، ولا يتعظ؟!

5 ـ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ:

إن ما حدث شاهد عظيم على قدرة الله جل جلاله، فقدرته سبحانه فوق كل قدرة، وقوته تغلب كل قوة.. أرانا عجائب قدرته، ودلائل قوته فيما خلق وقدَّر..

فما شاء الله تعالى كان، وما لم يشأ لم يكن، وهو على كل شيء قدير ( اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا).

فقدرة الله لا يحدها شيء: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا).

6 ـ عجز بني البشر:

فهذا الإنسان كلما طغى وتكبَّر وتجبَّر في الأرض، وادعى الوصول لأعلى درجات الكمال والاستغناء عن خالقه، يبعث الله ما يبين له ضعفه وعجزه وفقره إلى مولاه: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد) .

فماذا صنعت الدول بأجهزتها وقوتها أمام هذا الجندي من جنود الله ... هل يستطيعون منعه أو إيقافه ؟

إنهم يشاهدون ما يحدث، ولا يملكون نحوه شيئًا، مع كل ما وصلوا إليه من علوم وتقنيات!!.

فأين قوتهم وقدرتهم، وأين دراساتهم وأبحاثهم، ومكتشفاتهم ومخترعاتهم؟

هل دفعت لله أمرًا؟، أو منعت عذابًا؟ أو عطَّلت قدراً؟!

في لحظات معدودة ينقلب الأمن خوفاً، وتتحول مكاسب شركات الطيران إلى خسائر قدرت بمئات الملايين، وتقف قارة بأكملها عاجزة أمام هذه الكارثة، بالرغم مما توصلت إليه من تِقْنِيَّة علمية، ليطلعهم الله عز وجل على مدى ضعفهم، وقلة حيلتهم، وليعلموا صدق قوله تعالى: ( قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) .

7 ـ أين القوة المادية ؟

لطالما تبجحوا بقوتهم وجبروتهم المادي واغتروا به ... لكن هذا التطور لم يستطع أن يفعل شيئاً أمام سحابة من الدخان، ( أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ).

فهم في غرور يهيئ لهم أنهم في أمان، وفي حماية، وفي اطمئنان !! .

فلما خُيِّل إليهم أنهم بلغوا شأواً عظيما في مجال صناعة الطيران.. أتاهم البركان على حين غرة؛ فأصاب طيرانهم بالعجز، والخسارة الفادحة (حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً) .

8 ـ وما أوتيتم من العلم إلا قليلا:

فأين العلم، والتقدم، والتقنية للقضاء على هذه السحابة البركانية .

لقد غدا علماء البيئة وعلم الأرض والأرصاد في حيرة واضطراب: فالبعض يقول إن البركان سيهدأ .... والبعض الآخر يقول سيزداد، والبعض يقف حائراً ولا يدري متى سيتوقف البركان عن نفث الغبار الذي يسبح على ارتفاع كيلومترات في الجو، فقد تتواصل لعدة أيام وربما عدة أشهر، وربما أكثر !!

والبعض يرى أن الأسوأ لم يأتِ بعد !!

وقد صرح المتخصصون في علم الأرض بمكاتب الأرصاد بقولهم: "نرى إشارات متباينة، توجد بعض الإشارات التي تدل على أن الثوران سيهدأ، وأخرى تظهر أنه لا يتراجع ".

9 ـ قصور الحسابات البشرية:

ومع أن لهذه الآيات الكونية أسباباً بمقدور البشر في أحيان كثيرة التنبؤ بها قبل وقوعها.... إلا أن هذه الحوادث تثبت يوماً بعد يوم قصور البشر، سواء في التحليل وتوقع الأزمات، أو في الاستعدادات والاحتياطات، أو في التصدي لها.

وإذا وقع قدر الله، فلا تنفع حينئذ مراكز الدراسات الإستراتيجية, ولا الاحترازية, ولا أجهزة التحكم, ولا مراكز الأبحاث ورصد المعلومات ولا غيرها فـ ( لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ).

كما اعترف الخبراء أن تأثير السحابة البركانية بهذه الصورة يعد الأول من نوعه (فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا)..

10 ـ لا ملجأ منه إلا إليه:

إذ ليس للإنسان - مهما عظمت قوته واشتد ذكاؤه - من حيلة أمام هذه الآيات الكونية الكبرى سوى اللجوء إلى الله خالقها ومدبرها، والانطراح بين يديه، وإخلاص الدعاء والعبادة له، ولهذا شرعت الصلاة عند حصول الآيات العظيمة كالكسوف والخسوف (هُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ ).


11 ـ سبحان مقلب الأحوال:

فما أسرع ما تتبدل الأحوال, وتتغير الأمور ... إذا أراد الله شيئا قال له كن فيكون، بلمح البصر، من غير ممانعة ولا منازعة.

مابين غمضة عين وانتباهتها .. يغير الله من حال إلى حـال

فبينا الناس في حياتهم ومعائشهم غادون رائحون، ودون أي مقدمات يفجؤهم البركان بهذه السحب العظيمة، ليربك تخطيطاتهم وحساباتهم وتوقعاتهم .

والمؤمن ينتقل من هذا الأمر ليتذكر أمر الساعة: (وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ)، وقال: (أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ).

12 ـ أعاجيب الله في قدره:

فهذه النيران المستعرة يخرجها سبحانه وتعالى من قلب الجليد، ومن تحت نهر جليدي، كما قال رئيس أيسلندا: "ما نشاهده هنا في أيسلندا .. منظر لا يمكنكم أن تروه في مكان آخر من العالم، وهو امتزاج ثورة بركانية وأنهار جليدية" .

فما أعظم قوة الله وما أبهر عجائبه التي يسوقها لتبصير الغافلين، ودعوتهم للتفكير ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ، أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ).

يقيم اللّه لعباده من آياته في النفس والكون ما يدل على بديع صنعته، وباهر قدرته، ليتبين لهم الحق، والمخذول من أعرض وتولى .

ومن العجائب أن دولة البركان " أيسلندا" لم تتأثر بما حدث؛ لأن التيارات الهوائية حملت ذرات الغبار البركاني واتجهت به بعيداً عنها، فتهبط طائراتها وتقلع بلا قلق ودون خوف... فقد قُدِّر لهذا الغبار أن يذهب لمكان محدد !!.

13 ـ النظرة الإلحادية للطبيعة:

فمن جحود البشر لخالقهم ونكرانهم له نسبة كل صغيرة وكبيرة في الكون لقدرة الطبيعة، فبدلا من الإذعان لقدرة الله فيما حصل، نجد رئيس دولة البركان يقول: " إن ما يحدث عرضٌ لقوى الطبيعة".

وينسون قدرة الله الذي خلقها وسخرها، وأن الطبيعة لا حول لها ولا قوة، بل كل ما يحدث فبإرادته سبحانه ومشيئته ( اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى، يُدَبِّرُ الْأَمْرَ، يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) .

(فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) .


14 ـ نار تذكر بنار:

فالصهير الناري البركاني الذي سبب هذا الرماد بلغت درجة حرارته (1200) درجة مئوية، وأذاب 10% من نهر الجليد، وهذه من نار الدنيا، فكيف بنار الآخرة، ولهذا لما ذكر الله نار الدنيا، قال: (نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً) تُذَكِّر بالنار الكبرى يوم القيامة، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (نَارُكُمْ هَذِهِ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ) .


15 ـ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا:

فالسحب البركانية أدت إلى إغلاق المطارات, واحتجاز ملايين المسافرين، حتى لجأ بعضهم لإرسال استغاثات إلى سفارات دولهم لمساعدتهم في العودة إلى منازلهم..

وكم من مؤتمرات نُظِّمَت، ولقاءات أعد لها، وحجوزات تأكدت، ومواعيد تحددت ... ثم أصحابها اليوم يفترشون مقاعد المطارات (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ، وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ).



16 ـ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ، وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ.

فهي سنة ربانية... فكلما كثرت المعاصي, والظلم والقتل, وإشاعة الفاحشة؛ كثرت المصائب العامة من الأعاصير المهلكة، والفيضانات المغرقة، والزلازل المدمرة، والبراكين المحرقة، والأمراض الفتاكة، والطواعين العامة، والحروب الطاحنة، والنقص والآفات في النفوس والزروع والثمار، وغيرها من المصائب التي يخوف الله بها العباد، ويذكرهم بقوته وسطوته، وأنهم إن تركوا أمره لم يبال بهم في أي واد هلكوا، (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) .

وليست هذه بآخر الكوارث التي ستصيب من أعرض عن منهج الله وطغى وظلم وتجبّر: (وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ، أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دَارِهِمْ، حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ) .


17 ـ مصائب قوم عند قوم فوائد:

أمام هذه الكارثة الاقتصادية لشركات الطيران العالمية, زاد الطلب على القطارات والباصات والعبارات المائية... وزاد الضغط كذلك على الفنادق.

ونشطت شركات السكك الحديدية التي سيرت قطارات إضافية بين دول أوروبا ... وارتفعت أسعار الرحلات عموما...

فسبحان مقسم الأرزاق، فبينا أولئك يتجرعون مرارة خسائرهم الفادحة، ينعم هؤلاء بأرباح خيالية لم تكن لهم يوما بالحسبان !!


18 ـ استحضار نعم الله علينا:

فمن نظر إلى ما أصاب الناس في المطارات، ونومهم على المقاعد، وقد أرهقهم التعب وأقلقهم الترقب والانتظار، استحضر نعمة الله عليه بالراحة والطمأنينة والأمان.

والمؤمن ينظر للمصائب النازلة بالآخرين، فتهون عليه مصائبه، ويمتلئ قلبه بحمد الله، ويلهج لسانه بشكره.

19 ـ مشاهد ومشاهد:

إن هذه البراكين والزلازل تذكرنا بالزلزلة الكبرى، فبركان واحد أحدث ما أحدث من الفزع والكوارث، فكيف بزلزلة الأرض كلها: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَـارَى وَمَا هُم بِسُكَـارَى وَلَـكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) .

والغبار الذي حجب الشمس عن سماء هذه الدول يذكرنا بقوله تعالى: ( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ) أي: ذهب ضوءها .

وتناثر أجزاء البركان في الهواء يذكر بقوله:( وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ) أي: تناثرت من السماء وتساقطت على الأرض .

وتعطل حركة الطيران والمطارات يذكرنا بقوله تعالى: (وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ)، والعشار: هي خيار الإبل والحوامل منها، وهي أنفس أموال العرب إذ ذاك، فنبه سبحانه بذلك على تعطل كل ما هو في معناه من كل نفيس من المال، حيث يأتي الناس ما يذهلهم عنها فيتعطل الانتفاع بها .

وعجز القارة الأوربية بعدتها وعتادها، وذهولها مما يحدث، وتساءل الجميع عما يحدث، يذكرنا بعجز الإنسان عند قيام الساعة، يوم يقف مشدوها مستعظما ما يرى ( إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا...) أي: أي شيء عرض لها؟

وإن هذه الغيوم المتراكمة التي تملأ الأجواء على ارتفاعات هائلة ... تذكرنا بالدخان الذي يبعثه الله قبل قيام الساعة: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) .


وختاماً...

فإن مشاهدة ومعاينة آيات الله الكونية العظيمة المخيفة لتغني عن وعظ الواعظين وتذكير المذكرين، ونصح الناصحين، إنها لأكبر زاجر، وأبلغ واعظ، وأفصح ناصح.. وإن في مراحلِ العمُر، وتقلّبات الدّهر، وفجائع الزمان لعِبَرًا ومزدجرًا ومَوعِظة ومُدّكرًا، يحاسِب فيها الحصيف نفسَه، ويراجع مواقفَه، حتى لا يعيشَ في غَمرة ويؤخَذَ على غِرّة.

نسأل الله أن يلطف بإخواننا المسلمين في كل مكان، وأن يجعل من هذه الآية عبرة يهدي بها أهل الضلال إلى صراطه المستقيم ودينه القويم. إنه سميع مجيب، لطيف خبير.

والحمد لله رب العالمين،،









 


رد مع اقتباس
قديم 2010-05-03, 17:13   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
مارس
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية مارس
 

 

 
الأوسمة
وسام العضو المميّز في منتديات الخيمة وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

سبحان اللـــــــــــــــــــــــــه










رد مع اقتباس
قديم 2010-05-03, 18:40   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
م.ح.م.د
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية م.ح.م.د
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا على الموضوع المميز
بارك الله فيك
سلااااااااااااام










رد مع اقتباس
قديم 2010-05-03, 22:02   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
نور الايام
عضو محترف
 
الصورة الرمزية نور الايام
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مارس مشاهدة المشاركة
سبحان اللـــــــــــــــــــــــــه
سبحان الله العظيم سبحان الله و بحمده
شكرا اخي الكريم ،نورت الموضوع بمرورك
سلامي و تحيتي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة م.ح.م.د مشاهدة المشاركة
جزاك الله خيرا على الموضوع المميز
بارك الله فيك
سلااااااااااااام
و فيك بارك الله اخي الكريم و جزانا الله و اياك كل الخير
مرورك هو المميز،نورت الموضوع
سلامي و تحيتي









رد مع اقتباس
قديم 2010-05-03, 22:04   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
نور الايام
عضو محترف
 
الصورة الرمزية نور الايام
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

م.ح.م.د, بنت جبيل, وحيد المسلم


مشكورون على شكركم و سرني تواجدكم بالصفحة
سلامي و تحيتي










رد مع اقتباس
قديم 2010-05-03, 22:06   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
عابر . سبيل
عضو متألق
 
الصورة الرمزية عابر . سبيل
 

 

 
الأوسمة
وسام التميّز بخيمة الجلفة 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا اختي

وبوركت على المعلومات القيمة ...










رد مع اقتباس
قديم 2010-05-03, 22:19   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
** دنيا الأمل **
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ** دنيا الأمل **
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل مؤهل 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك اختي "نور"
على هذه المعلومات القيمة
جزاك الله خيراااااااااااا









رد مع اقتباس
قديم 2010-05-03, 22:34   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
نور الايام
عضو محترف
 
الصورة الرمزية نور الايام
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عابر . سبيل مشاهدة المشاركة
جزاك الله خيرا اختي

وبوركت على المعلومات القيمة ...
جزانا الله و اياك كل الخير اخي الكريم
سررت بوجودك الرائع
سلامي و تحيتي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mahinar مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك اختي "نور"
على هذه المعلومات القيمة
جزاك الله خيراااااااااااا
و فيكي بارك الله اختي العزيزة مهينار
سررت بوجودك الرائع
تمنياتي لكي بالتوفيق
سلامي و تحيتي









رد مع اقتباس
قديم 2010-05-03, 22:50   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
فاااااااااارس مصر
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية فاااااااااارس مصر
 

 

 
إحصائية العضو










Hourse فاااااااااارس مصر

موضوع رائع والله
اللهم اخذهم اخذ عزير مقتدر
جزاكي الله خيرا









رد مع اقتباس
قديم 2010-05-04, 11:48   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
نور الايام
عضو محترف
 
الصورة الرمزية نور الايام
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاااااااااارس مصر مشاهدة المشاركة
موضوع رائع والله
اللهم اخذهم اخذ عزير مقتدر
جزاكي الله خيرا
اللهم آمين
مرورك اروع اخي الكريم
جزانا الله و اياك كل الخير
شكرا على المرور و الشكر


و شكرا كذلك للاخ samighz
تمنياتي لكم بالتوفيق









رد مع اقتباس
قديم 2010-05-04, 17:05   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
نور الايام
عضو محترف
 
الصورة الرمزية نور الايام
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مشكور على تواجدك الاخ v0lcan0

بالتوفيق ان شاء الله










رد مع اقتباس
قديم 2010-05-04, 17:09   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى~
مشرفة منتدى أساتذة التعليم العالي
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا على الموضوع المميز









رد مع اقتباس
قديم 2010-05-04, 17:16   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
نور الايام
عضو محترف
 
الصورة الرمزية نور الايام
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نسـ الاسلام ـمة مشاهدة المشاركة
جزاك الله خيرا على الموضوع المميز
جزانا الله و اياكي كل الخير اختي العزيزة نسمة
مرورك هو المميز
بالتوفيق ان شاء الله









رد مع اقتباس
قديم 2010-05-04, 17:59   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
nouar_yassine
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

سبحان الله..هو القادر على كل شيء
ربي يسترنا










رد مع اقتباس
قديم 2010-05-04, 21:27   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
نور الايام
عضو محترف
 
الصورة الرمزية نور الايام
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nouar_yassine مشاهدة المشاركة
سبحان الله..هو القادر على كل شيء
ربي يسترنا
سبحانه و تعالى
جزاك الله خيرا اخي الكريم
سلامي و تحيتي









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
ايسلندا, بركان, وقفات


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 22:35

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc