الفصل الأول
الآثار الإقتصادية غير المباشرة
المبحث الأول
إستقرار الضريبة
يتمثل إستقرار الضريبة في تحديد شخص من يتحمل العبء الحقيقي لها،فإذا تحمل المكلف القانوني نهائيا قيمة الضريبة،فإن هذه الظاهرة تسمى بالاستقرار المباشر للضريبة،ولاتثير هذه الضريبة صعوبة لأنها تقلص من الدخل الحقيقي من نقل الضريبة إلى شخص آخر،فإن هذه الظاهرة تسمى بالاستقرار غير المباشر للضريبة،وهذه الظاهرة تثير العديد من الصعوبات .
فالاستقرار غير المباشر للضريبة يعني أن المشروع،وفقا لقواعد محددة،قد حدد شخص المكلف الذي يتعين عليه أن يتحمل عبء الضريبة. فهناك علاقة قانونية بين المكلف بدفع الضريبة والخزينة العمومية. إلا أن العبء النهائي للضريبة،في هذا الإطار ، يتحدد بواسطة الظروف الاقتصادية المتغيرة،التي تمكن من نقل عبء الضريبة إلى شخص آخر غير المكلف القانوني،بشرط أن تربطه به علاقة اقتصادية،وهذا الأخير قد يتمكن من نقل عبء الضريبة إلى ثالث وهكذا. ففي هذه الحالة يكون تحمل عبء الضريبة غير مباشر. فيظل المكلف القانوني يدفع الضريبة للخزينة العمومية وفقا للعلاقة القانونية بينهما ولكن في النهاية يتحملها شخص آخر هو المكلف الفعلي،عن طريق العلاقة الاقتصادية بينه وبين المكلف القانوني.
إلا أن عملية نقل العبء الضريبي بهذا الشكل لا تستمر إلى ما لانهاية ولكن تنتهي باستقرارها محققة ظاهرة انتشار الضريبة.[1]
المبحث الثاني
انتشار الضريبة
يتأثر دخل المكلف النهائي بعبء الضريبة بالنقصان بمقدار ما دفعه من دين الضريبة،وذلك يؤثر بصورة حتمية على إنفاقه على الاستهلاك،وبالتالي تتناقص دخول من يزودنه بالسلع الاستهلاكية.ويؤدي ذلك بالتبعية إلى إقلال إنفاقهم على الاستهلاك،وهذا يمثل نقصان في دخول من يزودنهم بالسلع الاستهلاكية. إلا أن انتشار الضريبة لايستمر إلى ما لانهاية،ولكن عادة ما تتدخل ظروف وعوامل معينة لتخفف من حدة الانتشار وتؤدي إلى القضاء على فاعليته.
وبذلك يمكن تحديد الفرق بين ظاهرة نقل عبء الضريبة (استقرارها) وبين انتشارها فيما يلي:
1- إن نقل عبء الضريبة (استقرارها) يجعل من غير الضروري أن ينقص المكلف القانوني استهلاكه الخاص،بينما يضع انتشار الضريبة على الفرد،الذي تستقر عنده،حدا لاستهلاكه ينعكس بدوره على أصحاب المشروعات التي يشتري منها السلع الاستهلاكية.[2]
2- إن نقل عبء الضريبة يكون ممكنا بالنسبة لبعض الضرائب فقط. أما ظاهرة انتشار الضريبة فتشمل كافة أنواع الضرائب،لأنه لابد أن يترتب على كل ضريبة بعض الانكماش في الاستهلاك الخاص،الإ أن هذا الأثر قد لايمتد إلى كافة السلع الاستهلاكية،كما أنه لايصيب كل السلع بنفس الدرجة. فأثر الضريبة يتوقف على الاستهلاك الفرد للسلع المختلفة. وعلى مرونة الطلب على كل سلعة يشتريها. و استهلاك السلع ذات الطلب المرن يتأثر بدرجات متفاوتة وفقا لدرجة مرونة كل سلعة.[3]
المبحث الثالث
التخلص من عبء الضريبة
تمثل الضريبة عبئا على المكلف بها،يدفعه إلى محاولة التخلص منها إما بنقل عبئها إلى شخص آخر أو التخلص من عبئها بصورة جزئية أو كلية.
والذي يدفع الفرد إلى محاولة التخلص من عبئها هو عدم وجود مقابل خاص يعود عليه مباشرة منها. كما أن إحساسه بثقل عبئها بصورة خاصة،عندما يكون محملا بالعديد من الضرائب أو عندما تكون معدلاتها مرتفعة،تجعله يسعى بكل الطرق إلى محاولة التخلص منها،تخلص مسموح لا يخالف القانون ويسمى "التهرب الضريبي" وتخلص غير مسموح ويحدث مخالفة لأحكام التشريع الجبائي ويسمى "الغش الضريبي".
أ- التهرب الضريبي:
يقصد بالتهرب الضريبي،أن تفرض على تصرف معين،كالبيع أو الشراء، لكن المكلف بالضريبة،رغبة منه في عدم دفع الضريبة،يعمل على عدم تحقق الواقعة المنشأة لها. فتصرفه يكون سلبيا،إذ لا يقوم بواقعة البيع أو الشراء.
فالتهرب الضريبي يعني إذن التخلص من عبء الضريبة كليا أو جزئيا دون مخالفة أو انتهاك القانون، حيث يستخدم المكلف حقا من حقوقه الدستورية بعتبار أن حريته في القيام بأي تصرف من عدمة تكون مضمونة دستوريا. ومن ثم لا يسأل المكلف بالضريبة عن تصرفه السلبي نظرا لأنه لم ينتهك القانون أو يحتال عليه. ونفس الشيء بالنسبة للشركات التي تقيم مراكزها ومقرتها الاجتماعية في دول أين توجد معدلات الضريبة فيها جد منخفضة كذلك قد يتجنب الشخص الضريبة عن طريق الاستفادة من ثغرات التشريع الجبائي. مثل، حينما لايقوم التشريع الجبائي باخضاع الهبات للضريبة على الدخل الإجمالي، فيقوم الشخص في حياته بتوزيع ثروته على الورثة عن طريق الهبة،لكي يتجنب الخضوع للضريبة الخاصة بالتركات. [4]
فهذا الشخص لم يخالف القانون، ولكنه استفاد من الثغرات الموجودة فيه. وبالرغم من أنه قد يكون سيء النية، إلا أنه لايمكن فرض أية عقوبة عليه،ولا يكون أمام المشرع إلا محاولة سد هذه الثغرات.
ب-الغش الضريبي :
يقصد بالغش الضريبي تلك السلوكات و الممارسات التي تتم بهدف التحليل وتجنب أداء الضريبة وهذا خارج إطار القانون، أي أنها كلها ممارسات غير مشروعة.
فالغش الضريبي، بهذا المعنى، يفترض تحقق الواقعة المنشئة للضريبة بالفعل، إلا أن المكلف بالضريبة يتهرب من دفعها كليا أو جزئيا بالاستفادة من الاعفاءات الضريبية وثغرات القانون والنقص الذي يكتسي نصوصه . وبذلك يتجلى جوهر التفرقة بين ظاهرة الغش الضريبي السالف ذكرها.
وقد يتحول التهرب الضريبي إلى غش ضريبي، فالغش الضريبي يعد تصرفا غير مشروع، ويمثل عدم احترام إرادي لأنه انتهاك لروح القانون وارادة المشرع، بالستخدام طرق احتيالية وتدليسية من جانب المكلف بالضريبة بقصد التخلص من عبء الضريبة. ومن صور الغش الضريبي،الامتناع عن تقديم التصريح الضريبي أو تعمد الكذب في مضمون هذا التصريحات وتقديم بيانات غير صحيحة عن قيمة الوعاء الضريبي أو حقيقة المركز المالي للمكلف بالضريبة أو التمسك بمحتوى سجلات محاسبية غير قانونية أمام المصالح الضريبية، أو إخفاء وعاء الضريبة إخفاء ماديا، كما هو الحال بشأن السلع المهربة من الخارج أومن المناطق الحرة.
ويمكن جوهر التفرقة بين التهرب الضريبي والغش في أن التهرب تكون فيه لإرادة المكلف بالضريبة متجهة نحو تخفيف العبء الضريبي، إلا أنه يسلك في سبيل ذلك سبلا مشروعة. [5]
فالمكلف هنا يمارس حقا من حقوقه القانونية والاقتصادية ليحقق هدفا مشروعا بالنسبة له، وبالتالي فلا يوقع عليه أي عقوبة أو جزاء. فالتهرب الضريبي بهذه الصورة يتوفر فيه العنصر المعنوي (سوء النية) دون العنصر المادي (الحيل التدليسية).
أما الغش الضريبي فتتجه فيه إرادة المكلف بالضريبة نحو تخفيف أو إسقاط العبء الضريبي، ولكنه يسلك في سبيل تحقيق ذلك طرقا غير مشروعة تصل به إلى احد التدليس و الاحتيال. ومن ثم يستوجب سلوكه متابعته قانونا. فالغش الضريبي بهذا الشكل يتوفر فيه العنصر المعنوي والعنصر المادي. ولذلك يتعين عدم الخلط بين التهرب الضريبي والغش الضريبي، فالأول يمثل العام والثاني يمثل الخاص، فالغش الضريبي يعتبر حالة خاصة من حالات التهرب الضريبي هي حالة التهرب من الضريبة عن طريق خرق القانون.
ويؤدي التهرب الضريبي إلى آثار سيئة من ناحية مالية الدولة وعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها اتجاه الأفراد. إذ أنه يفوت على الدولة جزءا هاما من حصيلة الضرائب. كما أنه قد يؤدي إلى الإخلال بمبدأ العدالة في توزيع الأعباء العامة، ولذلك فإن الدولة تعمل جاهدة على محاربة هذه الظاهرة سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.[6]
الفصل الثاني
الآثار الاقتصادية المباشرة للضرائب
المبحث الأول
أثر الضريبة على الاستهلاك
يتخذ أثر الضريبة على الاستهلاك بصفة عامة بعدين، يتعلق الأول بطبيعة وعاء الضريبة، ففي حالة الضريبة على الدخل الشخصي التي تؤدي إلى تخفيض دخل من يتحمل عبأها، مما ينجم عنه انقاص حجم الانفاق الشخصي على الاستهلاك وبالتالي ينخفض الطلب على السلع و الخدمات. وإن كان ذلك يتوقف على مدى مرونة الطلب على هذه السلع والخدمات. فيقل تأثير فرض الضريبة على السلع الضرورية (لإنخفاض مرونة الطلب عليها) بينما يبرز هذا التأثير بالنسبة للسلع غير الضرورية نتيجة لمرونة الطلب عليها. وفي حالة فرض الضريبة على نحو يؤدي إلى زيادة اسعارها، فذلك لايؤثر على حجم طلب أصحاب الدخل المرتفع الذي تقل مرونته بصفة عامة على هذه السلع. أما بالنسبة لأصحاب الدخل المنخفض فيقتصر الأمر على السلع الضرورية فقط التي لا تؤثر زيادة اسعارها نتيجة لفرض الضريبة كثيرا على حجم الطلب عليها نتيجة لقلة مرونته.
أما البعد الثاني لأثر الضريبة على الاستهلاك فإنه يعتمد على مدى الزيادة التي يحدثها فرض الضريبة على الانفاق العام. إذ يؤدي توجيه الدولة لهذه الزيادة في مواردها الضريبية لزيادة الطلب العام على السلع والخدمات الى تعويض النقص في الطلب الخاص نتيجة لفرض الضريبة ( الأمر الذي لا يؤثر على حجم الطلب الكلي ) بينما يؤدي قيام الدولة بتجميد الحصيلة الضريبية الى تخفيض ملموس من حجم الاستهلاك الكلي.[7]
المبحث الثاني
أثر الضريبة على الادخار
يتكون الادخار القومي في الاقتصاديات الرأسمالية، على وجه التحديد، من الادخار الخاص الذي يقوم به الأفراد، و الادخار العام الذي تقوم به الدولة. فلكي تقوم الدولة بالاستثمارات، فإنها تلجأ عادة إلى الضريبة لتمويل هذه الاستثمارات. ويمكن القول أن أثر الضريبة في الادخار العام (الدولة) يكون أثر إجابيا إلا أن أثر الضريبة على الادخار الخاص لا يكون كذلك في الغالب من الحالات.
وتعتبر فكرة أن الضريبة تخفيض من المدخرات الأفراد، وبالتالي من التراكم الرأسمالي ومن ثم الإبطاء في تقديم الاقتصادي، فكرة قديمة قدم النظرية الضريبية ذاتها.
فكما رأينا، أن فرض الضريبة يؤثر في دخول الأفراد بالنقصان، وبالتالي تقليل إنفاقهم على الاستهلاك مما يؤثر سلبيا على مستوى مدخراتهم، إلا أن تأثير الضريبة في حجم المدخرات لا يكون واحدا بالنسبة للدخول المختلفة. فالضريبة تؤدي بالأفراد إلى إعادة توزيع دخولهم المتاحة بين الاستهلاك لمصلحة الإنفاقات الضرورية وعلى حساب الإنفاقات غير الضرورية، كما رأينا من قبل.
ولما كان الإنفاق يتميز في علاقته بالادخار بانعدام المرونة نسبيا، فإن الادخار يكون أول ضحايا الضريبة أو رفع سعر الضريبة ويتحمل العبء الأكبر لنقص الدخل نتيجة لفرض الضريبة أو رفع سعر الضريبة التي كانت موجودة من قبل، أي أن أثر الضريبة في الإدخار الخاص يكون سلبيا.
ويختلف أثر الضريبة في الادخار بحسب نوع الضرائب :
فالضرائب التي تصيب مصادر الادخار، والضرائب على رأس المال، والضرائب على الأرباح، مثل الضريبة على التركات و الضريبة على زيادة القيمة .. وغيرها، أي الضرائب المباشرة عموما، تضر بالادخار بصورة أكبر من الضرائب غير المباشرة.[8]
خاصة إذا تعلقت بالفئات ذات الدخول المرتفعة، التي تخصص جزء كبيرا من دخلها للادخار.
وتدفع الضريبة المرتفعة على أرباح المشروع بأصحابها: أولاً إلى المبالغة فيما يسمح لهم القانون بخصمه عند تقرير قيمة المادة الخاضعة للضريبة، كالمصروفات العامة، الأمر الذي يؤدي إلى تقليل حصيلة الضريبة . ولا يفيد الادخار الخاص، على الأقل، بنفس القدر، إذ المبالغة في تقدير المصروفات عادة تؤدي إلى زيادة بعض الدخول التي تخصص بصفة عامة للاستهلاك وليس للادخار كما أن ارتفاع سعر الضريبة يدفع بالمشروعات ثانياً إلى التهرب من الضريبة باستخدام الطرق المشروعة وغير المشروعة، مما يفقد الدولة حصيلة ضريبة على جانب كبير من الأهمية.
الضرائب التي تؤدي بطريق غير مباشرة إلى تشجيع المدخرات، ويحدث ذلك نتيجة تأثيرها على نمط الاستهلاك بالانخفاض، وتمثل هذه الطائفة الضرائب غير المباشرة المتعلقة بالإنفاق، والضرائب على السلع الاستهلاكية، والرسوم الجمركية. ويمكن الحصول على هذه النتيجة باستخدام السعر التنازلي لتحديد مقدار الضريبة أو عن طريق منح إعفاءات ضريبية كلية أو جزئية للمدخرات، أو للاستثمارات الجديدة[9].
المبحث الثالث
أثر الضريبة على الإنتاج
يتأثر الإنتاج بالضرائب كنتيجة تبعية لتأثر الاستهلاك. فإذاكانت الضرائب تؤدي إلى نقص الاستهلاك فلا بد أن ينقص بالتالي الإنتاج إنما يتم بقصد تلبية طلبات الاستهلاك.
كما يتأثر الإنتاج أيضاً نتيجة لتأثير الضرائب في عرض وطلب رؤوس الأموال المنتجة، فعرض رؤوس الأموال المنتجة يتوقف على الادخار الذي يعقبه استثمار ، فإذا كانت الضرائب تنقص من الدخول، فإنها ستؤدي إلى نقص الادخار وقلة رؤوس الأموال، وإن كان يمكن أن تكون الضرائب من العوامل المشجعة على الادخار، وذلك في حالة ما إذا كانت تؤدي إلى نقص الاستهلاك.
أم عن طلب رؤوس الأموال المنتجة، فإنه يتوقف على فرص الربح أمام المنتجين ، وقد يترتب على فرض الضريبة على المنتجين الذين نقصت أرباحهم قد عوضه زيادة في طلبها من جانب المشروعات التي ازداد الطلب على منتجاتها نتيجة إنفاق الحكومة حصيلة الضرائب.
وأخيراً فإن الضريبة قد تؤدي إلى تنقل عناصر الإنتاج بين المهن و الصناعات المختلفة، فإذا فرضت ضريبة على مهنة أو صناعة معينة، فقد تهجر رؤوس الأموال تلك المهنة أو الصناعة إلى غيرها من المهن أو الصناعات التي لم تفرض عليها الضريبة.[10]
المبحث الرابع
أثر الضريبة على التوزيع
سعت أكثر الدول إلى استخدام الضرائب لمعالجة التفاوت السحيق وتحقيق التقارب بين دخول الأفراد. ولقد أثبتت ضرائب الدخل التصاعدية تفوقاً لا يضارع في هذا المجال . بل لقد أصبح التصاعد الضريبي وبعد أن فقد كل مبرراته الاقتصادية لا يعتمد في جوهره إلا على فلسفة اجتماعية تطالب بتقريب التفاوت دخول طبقات المجتمع.
إذن فضرائب كسب العمل التصاعدية خاصة إذا ما اقترنت كما هو المعتاد بتقرير الاعفاءات لشرائح الدخل المنخفضة ومراعاة الأعباء العائلية والظروف الشخصية للممول هي خير ما يعين الدولة في إعادة توزيع الدخل بغية تقليل التفاوت بين دخول الأفراد المختلفة.
وهنا أيضاً نجد أن الكيفية التي يتم بها انفاق حصيلة الضريبة أثرها البالغ على تحقيق التوزيع الامثل للدخل. فقد تعرقل السياسة الانفاقية ماتهدف اليه الضريبة، بل وقد تلغى أثرها في إعادة توزيع الدخول إذا ما وجهت الحكومة انفاقها العام بحيث يستفيد منه ذوي الدخول المرتفعة بقدر أكبر من ذوي الدخول المنخفضة. أما إذا قررت الحكومة سياستها الانفاقية بحيث تؤدي إلى زيادة الخدمات والمنافع التي يستفيد منها أصحاب الدخول المنخفضة فإن ذلك ولاشك سوف يؤدي إلى زيادة الدخول الحقيقية لأفراد الطبقات الدنيا، وبصضد الآثار الناتجة عن فرض ضرائب الدخل التصاعدية فتقل الفوارق بين الدخول.
ولايخفى أن عملية إعادة توزيع الدخل في حد ذاتها سوف تؤدي بدورها إلى التأثير على متغيرات الاقتصاد القومي مثل معدل تكوين رؤوس الأموال ومستوى الاستثمار و العمالة وعلى تخصيص الموارد الاقتصادية بين الاستعمالات المختلفة.[11]
المبحث الخامس
أثر الضريبة على الاستثمار
1- أثر الضريبة في القدرة على الاستثمار:
قد يكون للضريبة أثرها في قدرة الأفراد على الاستثمار، من خلال تخفيضها لحجم الادخار، وبالتالي تخفيض حجم رؤوس الأموال الموجهة للاستثمار، أي تخفيض عدد الاستثمارت التي ستقام من خلال تخفيضها للسيولة النقدية في المجتمع.
2- أثر الضريبة في سياسة الاستثمار:
للضريبة أثرها في تخفيض العائد من الاستثمار، عن طريق فرض ضرائب جديدة، أو رفع أسعار الضرائب القديمة على الأرباح، مما قد يكون له أثره في حجم الاستثمارات المقامة، ونوع الاستثمارات التي ستقام .
فقد يحجم الأفراد المستثمرين، عن توسيع مشروعاتهم القائمة، أو يقلصون حجمها ، إذا كانت الضريبة ستستولى على الجزء الأكبر من أرباحهم، أو يتحولون عن بعض الاستثمارات، التي تنطوي على مخاطرة والتي كانت تحقق أرباحاً أكبر من غيرها ومعفاة من الضرائب، إلى استثمارات مأمونة، إذا ما فرضت ضريبة على هذه الاستثمارات. أو يتحولون عن استثمارات كانت مأمونة، إلى استثمارات تنطوي على مخاطرة لا تفرض عليها ضريبة، أو يكون عائدها الصافي بعد فرض الضرائب أفضل من الاستثمارات المأمونة القائمة قبل فرض هذه الضرائب. ولابد من الاشارة في النهاية، إلى الأثر العكسي (التوسعي) للضريبة في الاستثمار. إذ قد تؤدي الضريبة في بعض الحالات، إلى توسيع حجم المشروع، بهدف المحافظة على نفس الايراد الصافي الذي كان يحصل عليه المكلف بالضريبة قبل فرضها.[12]
المبحث السادس
أثر الضريبة على الأسعار
لقد ألقت النظريات الحديثة لمالية الدولة الضوء على أهمية الضريبة كأداة فعالة في نطاق المالية العامة الوظيفة لتحقيق الاستقرار في المستوى العام للاثمان . إذ تؤدي زيادة حصيلتها إلى تقييد الانفاق الخاص ( وخاصة في مجال الانفاق الاستهلاكي) والحد من التضخم. كما يؤدي انخفاض حصيلتها إلى الحيلولة دون هبوط مستوى الانفاق النقدي الكلي. وذلك مع افتراض عدم تغير مستوى الانفاق العام. وإن كان يصعب التعرف على الأثر النهائي للضريبة على المستوى العام للاثمان بغير تحديد الفئات الدخل التي تتحمل الضريبة وفئاته التي تستفيد بحصيلة الضريبة عن طريق الانفاق العام. حيث تتكامل آثار كل من الضريبة و الانفاق العام لحصيلتها.
ولا يفوتنا في هذا المقام الاشارة إلى ماتنطوي عليه زيادة الضرائب من اتجاهات تضخمية في مرحلة التنمية أو في زمن الحرب. وذلك على عكس المقصود منها بامتصاص القوة الشرائية الزائدة والحد من الانفاق النقدي الكلي. وذلك إذا ماتمتع العمال بثقل سياسي واجتماعي قوي وذلك عن طريق نقاباتهم وتنظيماتهم بصورة تؤدي إلى تعقيم أثار زيادة الضرائب مباشرة على الدخل ( التي تخفض من الدخول النقدية) أو زيادة الضرائب على السلع بما يؤدي إلى رفع أسعارها. وذلك فيما لو نجح العمال في نقل عبء هذه الضرائب الى أصحاب العمل. ولايختلف الأمر إذا ازدادت الضريبة على المشروعات الانتاجية المتنافسة على نحو يزيد من تكاليف الانتاج. إذ يؤدي ذلك إلى خروج المشروعات الحديثة من النشاط، وبالتالي تخفيض حجم الانتاج فينخفض العرض، مما يتيح الفرصة للمشروعات الباقية لرفع الاثمان وزيادة حدة التضخم.[13]
[1]د-محمود عباس محرزي،إقتصاديات الجباية والضرئب،دار هومة-الجزائر2008،طبعة الرابعة،ص167-168
[2]د-سوزي عدلي ناشد،الوجيز في المالية العامة،دار الجامعة الجديدة للنشر-الاسكندرية 2000،ص214-215
[3]د-محمود محرزي،مرجع سابق،ص169
[4]د-محمود عباس محرزي،مرجع سابق،ص169-170
[5]د-محمود عباس محرزي،مرجع سابق،ص170-170
[6]د-محمود عباس محرزي،مرجع سابق،ص171
[7]د-يونس أحمد البطريق واخرون ،المالية العامة الضرائب والنفقات العامة ، دار الجامعية بالاسكندرية ، ص159-160
[8]د-سوزي عدلي ناشد،مرجع سابق ، ص 220-221
[9]د-سوزي عدلي ناشد،مرجع سابق،ص221-222
[10]www.kotobarabia.comد- محمد حلمي مراد، مالية الدولة ، ص218-219
[11]د- حامد عبد المجيد وراز، مبادئ المالية العامة، دار الجامعة 1988 ، ص309-310
[12]د-فاطمة السويسي غانم،المالية العامة موازنة-ضرائب ،المؤسسة الحديثة للكتاب طربلس-لبنان 2005،ص125-126
[13]د- يونس أحمد البطريق وآخرون ، مرجع سابق ، ص 163-164