وقفة تأمل في أيات من الذكر الحكيم

[lagouttedor]

بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة على أشرف المرسلين ؛ أما بعد :
انها وقفة مع كتاب الله عز و جل و قفة تأمل و تفكر في أيات الله التي لا تنقضي و لا تنتهي و سبحان الله الذي لا اله الا هو العلي العظيم
سبحان من قال:<< انما يخشى الله من عباده العلماء>>
كلنا يعرف سورة البقرة و كلنا يعرف قصة البقرة و ما فيها و لاكننا هل فقهنا كل معانيها و المراد من هذه الأية الكريمة .
الأعجاز في القرءان الكريم لا ينقضي و الحكم التي توجد في كتاب الله لا تكاد تعد أو تحصى ؛ ألم تفرأ قول الله عز و جل في أواخرسورة الكهف
<< قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربي و لو جئنا بمثله مددا>>.
لا أطيل عليكم و تعالوا ننظر في كتاب الله و نتأمل
يقول الله عز و جل << وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ{67} قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ{68} قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ{69} قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ{70} قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ{71} وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ{72} فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ{73} ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ>>
كلنا يعرف نبي الله موسى و كلنا يعرف قصته و كلنا يعرف حالت بني إسرائيل من قبل أن يبعث الله نبيه موسى و من بعد .
و لمن لا يعرف فعليه أن يرجع الى التفاسير و قصص الأنبياء حتى تكتمل له الصورة و العبرة فأن فيها الخير الكثير لمن أرادا أن يذكر أو أراد شكورا.
نرجع الأن الى الحادثة البقرة .....
تعالوا ندخل في قلب الحادثة و نتخيل ما جرى اثناء وقوع جريمة قتل في بني اسرائيل ......
هلع و اضطراب في وسط بني اسرائيل حينما استيقضوا على جريمة قتل ........ تصورا هذا الموقف
من القاتل يا ترى؟؟؟؟؟ .......
لا أحد يدرى؟؟؟؟ ......
هل من أدلة تدل على القاتل ؟...... لا يوجد....
إذن ما الحل ؟؟؟..... يجب أن نجد القاتل......
لا يوجد إلا حل واحد ..... و ما هو؟.....
اسألوا نبي الله موسى ..... من القاتل؟؟؟؟....... فهو نبي الله و منقذ بني اسرائيل من بطش فرعون و جنوده ...... هو كليم الله عز وجل .... اذن فلا أحد يعلم من القاتل الا الله .... حتى نبي الله موسى لا يعرف؟؟؟؟ .... لأن الغيب لا يعلمه إلا الله ..... {قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ }
فما كان في جواب موسى عليه السلام إلا أن نسب الغيب الى الله .... و ذلك في قوله عز و جل
<< وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً >>
جائت الأجابة من عند الله عز و جل لبني اسرائيل للأيجاد القاتل .... و لاكن كانت إجابة حكيمة و ذات معاني جليلة و هذا هو لب موضوعنا...
كانت إجابة امتحان و ليست اجابة مباشرة للأيجاد القاتل .... أردتم أن تعرفوا من القاتل ؟؟؟؟؟..... بنو اسرائيل: نعم هذا ما نريد...... موسى عليه السلام :<< وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً >>.... ان الله يأمركم يا بني اسرائيل أن تذبحوا بقرة اذا أردتم أن تعرفوا من القاتل........
فما كان جوابهم؟؟ .... في هذا الجواب نعرف درجة ايمان بني اسرائيل بالله أولا و بنبيهم ثانيا....
في هذا الجواب نعرف مقام الله و مقام نبي الله موسى في قلوب بني اسرائيل ..... و جوابهم كان كما قال الله عز و جل :<< قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً >>
و كأنهم لا يعرفون نبيهم ..... و كأن لم تكن بينهم مودة... و كأن .... و كأن .... لك أخي أن تقول في هذا الموقف <<و كأن>>
سبحان الله ..... أقروا بنبوته قبل أن تقع الجريمة و أقروا بعلمه ..... و أمنوا بأن الغيب لا يعلمه الله ....... و سبحان الله
فأجابهم نبيهم بقوله << قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ>>
إذا قلت لكم أن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ... فأني أستهزء؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟...... سبحان الله ...... أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين

الوقفة :
من هذه الأية نستطيع نحن المسلمين أن ننتبه لأمر خطير نحن عنه غافلون .... أمر عليه صلاح هذه الأمة , و هو ما مقام أمر الله عز و جل في قلوبنا ؟؟؟؟.... أنحن ممن يعظم أمر الله ؟؟؟؟
لقد بسط الله لنا الحكمة من طاعته في هذه الأية .... هل إذا أطعنا الله ننجح ؟؟؟؟.... إذا كانت الإجابة بنعم فلم لا نطيع الله عز و جل؟؟؟؟
أوامر الله لنا موجودة في كتاب الله و سنت نبيه صلى الله عليه و سلم , واضحة وضوح الشمس في كبد السماء.... ما علينا إلا أن نطيع و نطبق أمر الله...
أمر سهل لمن سهله الله له و لمن أراد فسيسهله الله عليه....
و لكن يوجد أمر أخر يحقق هذا المعني و يكمله ... و هو إخفاء الطلب في الأمر ..... و هذا في قوله << وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً >>
مثال
لو فعل بنو إسرائيل ما قال لهم نبيهم و أطاعوا أمر الله عز و جل فورا فماذا يحدث؟؟؟؟؟؟
يفعلون ما يأمرون و يذبحوا بقرة..... كما أمرهم ربهم من فوق سبع سماوات .... و كيف تكون البقرة التي يذبحونها في هته الحالة ؟؟؟؟؟
أكيد أية بقرة .... لأنها جاءت نكرة... و لو جائت معرفة < البقرة> لكان التعسير من طرف الله و تعال الله عن ذلك ...
و من هنا نعرف أن الله يريد بالبشر اليسر و لا يريد بنا العسر..... يريد الله أن يسهل لنا الأمور و نحن من يعسرها ...
و بالتالي يجدون القاتل بكل سهولة ....
لماذا ؟؟؟؟ لأنهم أطاعوا أمر الله فورا ..... و لكن شددوا فشدد الله عليهم....
كانوا في شك من أمر الله عز و جل و لو كانوا على يقين لفعلوا ....
في كل مرة يرجعون اليه و يزيدون الأمور تعقيدا .... و كلما يرجعون البه تأتيهم توجيهات أخرى أكثر تعقيدا
حتى إذا ما وجدوها أخذها بثمنها و يا ترى كيف كان هذا الثمن ؟؟؟؟؟
لقد اشتروا البقرة بوزنها ذهبا؟؟؟؟؟ كم هو و زن البقرة ؟؟؟
وزن البقرة يكون ما بين 300 كلغ إلى 600 كلغ أو أكثر و الله يعلم كم كان وزن هذا البقرة
لقد دفعوا من 300 كلغ إلى 600 كلغ أو أكثر ثمنا لهذه البقرة ................................
.... و هذا جزاء كل من استهزء بأمر الله عز و جل و لم يقيم له وزنا ...... فكانت عقوبتهم في أن يدفعوا هذه الكمية الهائلة من الذهب في بقرة ... و ليست البقرة المقصودة بل أمر الله ... لأنها جائت بأمر الله ... و وجدوها بأمر الله .... فكان أمر الله غالي
أمر الله غالي في حالتين :
إما أن يكون غاليا في قلوبهم فتكون النتيجة أن يغنيهم الله من هذا المبلغ...... و إما أن يكون رخيص ـ و حاشاه سبحانه ـ فكانت نتيجته وزن البقرة ذهبا...

و تنتهي القصة بقوله عز و جل << قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ>>

مع ذلك الثمن و تلك الموعضة لم ينتبهوا إلى أن أمر الله غالى .... و سبحان الله

ثم يأتي الطلب الذي طلبه قوم موسى عليه السلام و هو معرفة القاتل و ذلك في قوله <<وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ{72} فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ>>
و يأتي بعدها قوله تعالى << ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ>>

موعضة بليغة لمن ألقى السمع و هو شهيد