الشيك
نشأته :
الشيك أحدث الأوراق التجارية عهدا ومع ذلك فقد ذاع استعماله ذيوعاً كبيراً لا في المعاملات التجارية فحسب بل وفي المعاملات المدنية أيضاً ويشبه الشيك في شكله سند السحب أو السفتجه إذ يتضمن ثلاثة أشخاص هم الساحب والمسحوب عليه والمستفيد. وأصل كلمة الشيك مستمد من اللغة الإنجليزية من اصل كلمة check ومعناها راجع أو افحص أي أن واجب البنك أن يراجع حسابات العميل قبل صرف الشيك وفي اللغة الفرنسية تكتب cheque لها نفس المعنى باللغة الإنجليزية وقد بدأ استعمال الشيك في بريطانيا ومنها تسرب إلى البلاد الأخرى وأقدم قانون بحث في الشيك ونظم قواعده وهو قانون التجارة الهولندي الصادر عام 1838 ثم صدر القانون الفرنسي في 14 حزيران 1865 والقانون البلجيكي في 20 حزيران 1873 ومما هو جدير بالملاحظة أن قانون الشيك العثماني الذي أطلق عليه اسم قانون الشيك المؤقت صدر بإرادة السلطان محمد رشاد وقد ورثت سوريا ولبنان هذا القانون المؤقت عن الدولة العثمانية وبقى هذا القانون مطبقاً حتى صدور قانون التجارة الجديد الذي عالج أحكام الشيك مستمداً من القانون الموحد الذي أقر في جنيف عام 1931، وهكذا الحال في المملكة الأردنية الهاشمية إلى أن صدر قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966 الذي تضمن أحكاماً خاصة بالشيك.
أركان الشيك :
إن أركان الشيك تنقسم إلى نوعين (1) أركان موضوعية (2) أركان شكلية.
أما الأركان الموضوعية فهي التي يجب توافرها في كل العقود وتعتبر بمثابة أركان عامة ونكتفي بتعداد هذه الأركان دون الدخول في تفصيلاتها لأن محل هذه الدراسة هو القانون المدني الذي يضمن تفصيلا لهذه الأركان وهي 1) الأهلية 2) الرضا 3) المحل 4) السبب، وبإيجاز سريع نقول أن الأهلية يمكن تعريفها بأنها صلاحية الشخص لثبوت الحقوق والالتزامات له وعليه، وسن الرشد بحسب القانون الأردني هو ثمانية عشر سنة وكل من بلغ هذه السن يعتبر راشداً وكامل الأهلية إلا إذا كان مصاباً بآفة عقلية أو جسمية تحد من أهليته كالجنون والعته والسفه والغفلة.
أما الرضا فهو صدور العقد عن طوع واختيار من الشخص بحيث تكون إرادته سليمة وغير مشوبة بأي عيب من عيوب الرضا وهي الغلط والتدليس والإكراه أما الركن الثالث وهو المحل وهو المعقود عليه والذي يجب أن يكون محلا ممكنا ومشروعاً. أما الركن الرابع وهو السبب إنما يعنى الغرض المباشر المطلوب من العقد ويجب أن يكون سبب العقد دائماً موجوداً وصحيحاً ومشروعاً وغير مخالف للنظام العام والآداب العامة. هذه هي الأركان الموضوعية العامة.
أما الأركان الخاصة وهي ما يجب توافرها في الشيك بشكل خاص وهي التي يعبر عنها ببيانات الشيك وهذه سنأتي على ذكرها فيما بعد لأنه يجب أن نشير قبل ذلك إلى خصائص الشيك ووظائفه.
خصائص الشيك ووظائفه :
لعله غني عن البيان أن نذكر بأن الشيك يلعب دوراً هاماً في حياتنا الاقتصادية وفي معاملاتنا المالية نظراً لما يحققه الشيك من مزايا عديدة باعتباره أداة من أدوات السوق المصرفي فهو يؤدي وظائف هامة في التعامل منها دوره في تسهيل التعامل بين الأفراد وسرعة تسوية الديون كما انه يستعمل كأداة للوفاء تحل محل النقود وتقوم مقامها لكونه مستحق الأداء لدى الإطلاع، وللوفاء بطريق الشيك مميزات عديدة نجملها بما يلي :
أ- يؤدي الشيك إلى إيداع النقود في المصارف بدلا من اكتنازها في الخزائن الخاصة وما قد تتعرض له من أخطار السرقة والضياع.
ب- أن الوفاء بطريق الشيك يعتبر بمثابة أداة إثبات عند المنازعة لما يتطلبه الوفاء به من إجراء بعض القيود الكتابية لدى المصارف قد يحتج بها عند الحاجة.
ج- يحقق الشيك ضماناً جدياً للحامل بالنظر لما يتوفر به من حماية جزائية أضفاها المشرع على الشيك لتدعيم الثقة به وحماية له من العبث والتلاعب.
د- يقلل الشيك من استعمال النقود الورقية والمعدنية تمشياً مع التطور المالي الذي طرأ في العالم بما يتطلبه من سرعة في التعامل واختصار للوقت وتوفيرا للجهد.
تعريف الشيك :
لقد خلت معظم القوانين العربية من تعاريف للشيك وكذلك فعل القانونان السوري والمصري اللذان استمدا أحكامهما من القانون الفرنسي غير أن قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966 أورد تعريفاً للشيك في المادة 123/ج حيث نص على ( أن الشيك هو محرر مكتوب وفق شرائط مذكورة في القانون ويتضمن أمراً صادر من شخص هو الساحب إلى شخص أخر يكون مصرفاً وهو المسحوب عليه بأن يدفع لشخص ثالث أو لأمر أو لحامل الشيك وهو المستفيد مبلغا معينا بمجرد الاطلاع على الشيك ) ومن هذا التعريف نجد أن الشيك يتشابه من حيث الشكل بسند السحب ( السفتجه ) إذ أنه يتضمن وجود أطراف ثلاثة الساحب والمسحوب عليه والمستفيد أو الحامل، كما أنه يفترض وجود علاقتين قانونيتين، الأولى علاقة سابقة بين الساحب والمسحوب عليه تسمى بدين المؤونة (أو الرصيد) والثانية علاقة سابقة بين الساحب والمستفيد وتسمى بوصول القيمة إلا أن الشيك يفترق عن سند السحب في أمور عديدة أهمها :
1- أن الشيك لا يسحب إلا على بنك فهو يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعمليات المصرفية.
2- أن الشيك هو أداة وفاء فقط يجب دفع قيمته بمجرد الإطلاع بينما لا تدفع قيمة سند السحب إلا في موعد استحقاقه الأمر الذي يجعل من سند السحب أداة وفاء وائتمان معاً.
3- يجب أن يكون للشيك مقابل وفاء قائم ومعد للدفع بمجرد إصدارة بينما لا يشترط وجود مقابل للوفاء في سند السحب إلا بتاريخ الاستحقاق.
4- لا يجوز تقديم الشيك للقبول لأنه بطبيعته أداة وفاء بخلاف سند السحب الذي يقدم للقبول قبل موعد الاستحقاق إلا إذا اشترط في متن سند السحب خلاف ذلك.
5- أن الشيك لا يشكل عملا تجارياً إلا إذا كان محرراً لغايات تجارية أما إذا كان قد جرى التعامل بالشيك لغايات مدنية فيكون إعطاء الشيك في هذه الحالة عملا مدنياً في حين يعتبر سند السحب وكذلك الكمبيالة عملا تجارياً. ومن الجدير بالذكر بان الأعمال التجارية تخضع لأحكام قانون التجارة في حين تخضع الأعمال المدنية لأحكام القانون المدني ولكل من الأحكام المدنية والأحكام التجارية قواعد خاصة يختلف كل منهما عن الآخر سواء من حيث قواعد الإثبات أو الإفلاس أو التقادم أو النفاذ المعجل أو إعطاء المهلة القضائية.
6- أن عدم وجود رصيد للشيك لدى المسحوب عليه يشكل جريمة جزائية أما في سند السحب فإن عدم وجود رصيد لدى المسحوب عليه لا يشكل جريمة جزائية.
بيانات الشيك الإلزامية :
لعل الواجب يقتضي منا أن نتعرض للبيانات التي ينبغي أن يتضمنها الشيك كي يعتبر كذلك، حتى إذا تخلف بعض هذه البيانات عن الشيك فأنه يفقد صفته كشيك بالمعنى القانوني وقد عددت المادة 228 من قانون التجارة الأردني هذه البيانات بما يلي :
أولاً : كلمة شيك مكتوبة في متن السند وباللغة التي كتب بها ويقصد بهذا البيان درء الخلط بين الشيك وبين سند السحب إذا كان الأخير مستحق الأداء لدى الإطلاع ومع ذلك فأنه إذا خلا السند من ذكر كلمة شيك وكان مظهره المتعارف عليه يدل على أنه شيك فأنه يظل شيكاً صحيحاً مرتباً لكافة الآثار القانونية المتعلقة به وفقاً لنص الفقرة ( د ) من المادة 229 من قانون التجارة الأردني.
ثانياً : أمر غير معلق على شرط بأداء قدر معين من النقود وهذا البيان يحتوى على ثلاثة شروط هي :
أ- أمر بالدفع ويرد هذا الأمر كما جرت العادة بالصيغة التالية:
( ادفعوا بموجب هذا الشيك ... ).
ب- أن يكون هذا الأمر غير معلق على شرط فإذا علق الأمر بأداء المبلغ المعين في الشيك على شرط معين فلا يعتبر شيكاً بالمعنى القانوني كما ورد في قرار محكمة التمييز رقم 44/72 سنة 1972 مجلة نقابة المحامين ( ص 760 ) أما إذا علق التظهير على شرط فإن هذا الشرط يعتبر كأن لم يكن مع بقاء الشيك على صفته القانونية.
ج- أن يكون الأمر بأداء قدر معين من النقود، ويتطلب ذلك أن يكون موضوع الأداء في الشيك نقوداً، وأن تكون هذه النقود محددة القيمة ومعينة تعييناً كافياً لا يكتنفها لبس أو جهالة فلا يجوز أن يذكر في الشيك عبارات مثل " ادفعوا ما يتوجب لي بذمتكم " أو " ادفعوا رصيد حسابي لديكم " وإن ذكر مبلغ الشيك يجب أن يكون بالأرقام والحروف وإذا اختلفت القيمة ما بين الأرقام والحروف فأنه لا يجوز الوفاء بالشيك من قبل المسحوب عليه إذ أنه لا يجوز إعمال القياس في هذه الحالة بين الشيك وسند السحب من حيث اعتماد المبلغ المذكور بالحروف بل الأفضل إعادة الشيك لاختلاف القيمة ما بين الأرقام والحروف.
ثالثاً : أسم من يلزمه الأداء " المسحوب عليه " :
يشترط في المسحوب عليه أن يكون مصرفاً عملا بالمادة 230/1 من قانون التجارة الأردني التي تنص على أنه "لا يجوز سحب الشيكات إلا على مصارف وأن الصكوك الصادرة في المملكة الأردنية المستحقة الوفاء فيها والمسحوب على غير المصارف في صورة شيكات لا تعتبر شيكات صحيحة" ولفظة المصرف تعنى جميع الأشخاص والمؤسسات المرخص لها بأعمال المصارف وفقاً لأحكام قانون البنوك وتعاقب المادة 275/2 من قانون التجارة كل من سحب شيكا على غير مصرف بغرامة لا تتجاوز خمسون ديناراً وقد أجاز القانون الأردني أن يكون الساحب والمسحوب عليه نفس الشخص عندما يكون الشيك مسحوباً من مؤسسة على أخرى كلتاهما للساحب نفسه وبشرط أن لا يكون الشيك لحاملة ( المادة 234/3 ) من قانون التجارة وقد قصد المشرع بهذا الشرط أن يمنع المصارف من إصدار شيكات لحاملها كي لا تستعمل كبديل للأوراق النقدية ( البنكنوت ) التي يختص بإصدارها البنك المركزي.
رابعاً : مكان الأداء :
إن ذكر مكان الأداء إنما يهدف إلى تعريف الحامل بمكان المسحوب عليه الذي يجب أن يقدم فيه الشيك للوفاء كما أنه يساعد على تحديد المحكمة ذات الاختصاص عند وقوع النزاع كما أنه يحدد القانون الواجب التطبيق في حالة تداول الشيك بين بلدان مختلفة كما يحدد عمله الوفاء عند وقوع التباس بشأنها.
على أنه لا يترتب على إغفال ذكر مكان الأداء بطلان الشيك بل يظل الشيك صحيحاً ومرتباً لآثاره القانونية وفي هذه الحالة يكون المكان الذي بجانب اسم المسحوب عليه هو مكان الدفع وإذا خلا الشيك من أي بيان لمكان الدفع فأنه يكون واجب الوفاء في المكان الذي يقع فيه المحل الرئيسي للمسحوب عليه.
خامساً : تاريخ ومكان إنشاء الشيك :
أن ذكر تاريخ إنشاء الشيك له أهمية كبيرة تتجلى فيما يلي :
أ. التحقق من أهلية الساحب.
ب. احتساب مواعيد التقادم.
ج. تعيين القانون الواجب التطبيق في حال تنازع القوانين من حيث الزمان.
د. معرفة فترة الريبة في حالة إفلاس الساحب وإصدار شيكات أثناء فترة الريبة.
ه. معرفة وجود رصيد للساحب لدى المسحوب عليه عند إنشاء الشيك.
ومن الجدير بالذكر بأن موضوع تاريخ الشيك تترتب عليه الأحكام التالية :
1. حالة كون الشيك لا يحمل تاريخاً على الإطلاق. وفي في هذه الحالة فإن الشيك يفقد صفته القانونية ولا يكون محلاً للحماية الجزائية، كما أنه لا يجوز للمستفيد أن يدون تاريخاً للشيك إذا تسلمه بدون تاريخ إلا إذا كان المستفيد مفوضاً بذلك خطياً ويشترط في هذه الحالة أن يكون التفويض معاصراً لتسليم الشيك أو يكون قبل إعطاء الشيك.
2. حالة ذكر تاريخ إنشاء على غير الحقيقة.
إن الصورية في الشيك أكثر ما ترد على تاريخ إنشائه والأصل أن الصورية لا تنهض سبباً لبطلان الشيك إلا إذا كان المقصود بها الغش والتحايل على أحكام القانون، والصورية في تاريخ الشيك تكون إما بتقديم تاريخه على خلاف الحقيقة وإما بتأخير تاريخه ويهدف الساحب من تقديم تاريخ الشيك إبعاده عن فترة الريبة أو لجعله سابقاً على قرار الحجز على الساحب كما يهدف الساحب بتأخير تاريخ الشيك التحايل على أحكام الأهلية، ومن المعروف أنه يجوز إثبات الصورية بالنسبة للغير بكافة طرق الإثبات أما إثباتها بين المتعاقدين فلا يجوز إلا بالأدلة الكتابية.
ولعل الغالب في أن الساحب يلجأ إلى تأخير تاريخ الشيك بقصد تمكين نفسه من إيجاد مقابل الوفاء لدى المسحوب عليه في التاريخ المستقبل المثبت في الشيك وهو ما يعرف بالشيكات الآجلة التي كانت سبباً في دمار سوق المناخ في الكويت وبالتالي فإنه لا يجوز تحويل الشيك عن وظيفته الحقيقية باعتباره أداة وفاء من خلال تأخير تاريخه لاستخدامه كأداة ائتمان لما في ذلك من تعطيل لمهمة الشيك الأساسية وقد اعتبر قانون التجارة الأردني الشيك صحيحاً ومنتجاً لكافة أثاره القانونية مرتبا للحماية الجزائية ولو تم تأخير تاريخه، وقد نصت على ذلك صراحة المادة 245 من قانون التجارة بقولها ( يكون الشيك واجب الوفاء لدى الإطلاع عليه وكل بيان مخالف لذلك يعتبر كان لم يكن وأن الشيك المقدم للوفاء قبل اليوم المبين فيه كتاريخ لإصداره واجب الوفاء في يوم تقديمه ).
كما تعاقب المادة ( 275/6) من قانون التجارة بغرامة لا تتجاوز 50 ديناراً كل من يثبت في الشيك تاريخا غير صحيح ويحكم بالغرامة نفسها على المظهر الأول للشيك أو حاملة إذا كتب في الشيك تاريخا لاحقا لتاريخ تظهيره أو تقديمه.
سادساً : توقيع الساحب :
أن توقيع الساحب هو بيان إلزامي ضروري لكي يكتسب الصك صفة الشيك وأن فقدان الشيك لهذا البيان يسلخ عنه صفته القانونية كشيك ويجوز أن يتم التوقيع بخط اليد أو بالخاتم أو ببصمة الإصبع وفي هذا بعض التفصيل.
بالنسبة للتوقيع بخط اليد فقط جرت العادة أن البنوك عندما تفتح حسابات لعملائها فأنها تعمد إلى أخذ عدة نماذج من توقيع صاحب الحساب لتتمكن من مضاهاتها على التوقيع الموجود على الشيك عند تقديمه للوفاء وفي هذه الحالة يجب أن يكون توقيع الساحب مطابقاً للنماذج الموجودة لدى البنك وعلى البنك أن يتأكد من صحة توقيع عميله الذي يجب أن يكون مطابقاً للنماذج المحفوظة لدى البنك.
فإذا خالف البنك ذلك كان مسؤولاً أمام العميل عن صرف الشيكات التي لا يتطابق فيها توقيع العميل مع نموذج توقيعه المحفوظ لدى البنك إلا أنه لا يلزم البنك في هذا التحقق بما يلزم به خبير في تحقيق الخطوط بل يكفيه أن يبذل في المضاهاة ما ينتظر من موظف للبنك مخصص لذلك وله خبرة في العملية.
أما إذا كان توقيع العميل بالختم أو البصمة فأنه يجب التنبيه في هذه الحالة إلى أن الختم أو البصمة يجب أن تكون مقترنة بشهادة شاهدين عالمين بالختم أو البصمة كما يجب التنبيه هنا بأنه يجب على البنوك أن لا تقبل الشيكات الموقعة بالختم أو البصمة إلا بعد حضور العميل شخصياً أمام موظف البنك المختص والتوقيع أمامه ذلك أن الختم والبصمة يسهل تزويرهما مما يعرض البنك لمخاطر في حالة الوفاء بشيك موقع بالختم أو البصمة دون التأكد من حضور العميل لأن الختم والبصمة لا يمكن مضاهاتهما أو التحقق من صحتهما من قبل موظف البنك.
شكل الشيك :
أن الشكلية هي إحدى خصائص الأوراق التجارية جميعها بما فيها الشيك وتعني الشكلية أنه يجب أن تتضمن ورقة الشيك بيانات حددها القانون فإذا فقد الشيك إحدى هذه البيانات يكون قد فقد شكله القانوني ولهذا يعتبر الشيك سنداً عادياً إذا خلا من إحدى بياناته التي ذكرناها وأحياناً يفقد صفته كشيك إذا فقد بعضا من تلك البيانات كالتوقيع مثلا أو عدم ذكر تاريخ الإنشاء، وبعد أن يصدر الشيك متضمناً سلامته القانونية والشكلية يعتبر أن إصداره قد تم من قبل الساحب، إلا أن مرحلة الإصدار تتبعها خطوة أخرى وهي تسليم الشيك وخروجه من يد الساحب إلى يد المستفيد، فمتى سلم إلى المستفيد أصبح هو الحائز الشرعي للشيك إذا كان هذا التسليم رضائياً لأن القاعدة القانونية تقول ( إن حيازة المنقول بحسن نية سند للملكية ) وبهذه الحيازة فإن ملكية الشيك تصبح من حق حائزه الأخير، إلا أن ملكية رصيد الشيك تنتقل إلى المستفيد لمجرد إصدار الشيك أي قبل تسليمه إلى المستفيد ويصبح الرصيد حقاً خالصاً للمستفيد منذ اللحظة التي يتم بها إصدار الشيك.
تعدد النسخ في الشيك :
أجاز القانون إصدار الشيك على نسخ متعددة وذلك ضمن الشروط التالية :
1- أن لا يكون الشيك لحامله، فإذا كان الشيك لحاملة امتنع سحبه على عدة نسخ لأنه عند وفائه لا يستطيع المسحوب عليه معرفة الشخص الذي تكون بيده النسخ الأخرى.
2- أن يوضع في متن كل نسخة من نسخ الشيك رقمها وإلا اعتبرت كل نسخة منها شيكاً مستقلاً.
3- أن يكون مسحوباً من قطر ومستحق الوفاء في قطر أخر.
ويعتبر وفاء الشيك بمقتضى إحدى نسخه مبرئاً للذمة إلا أن المسحوب عليه يبقى ملتزما بالوفاء بمقتضى كل نسخة مصدقة منه ولم يستردها عند الوفاء في إحدى النسخ.
تداول الشيك :
ينتقل الشيك من شخص إلى شخص بحسب الصيغة التي حرر بها وقد حددت المواد ( 239 إلى 343 ) من قانون التجارة الأردني طرق تداول الشيك وبحسب أحكام تلك المواد فإن الشيك يمكن أن يصدر بأحد الأشكال التالية :
1. لشخص مسمى مع النص صراحة على شرط الأمر أو بدونه.
2. لشخص مسمى مع ذكر شرط ليس لأمر.
3. لحامل الشيك.
أما النوع الأول أي الذي يصدر لشخص مسمى فإنه يكون قابلا للانتقال بطريقة التظهير سواء تضمن كلمة لأمر أم لم يتضمنها. أما النوع الثاني وهو الذي يتضمن أداءه لشخص مسمى مع ذكر شرط وليس لأمر فلا تنتقل ملكية الشيك في مثل هذه الحالة إلا بطريق الحوالة المدنية ومثل هذا الشرط يضعه الساحب لضمان عدم الوفاء بقيمته إلا للشخص المستفيد الذي استلم الشيك مقترنا بهذا الشرط أما النوع الثالث وهو الشيك لحامله فأنه ينتقل بطريق التسليم ويعتبر الشيك في هذه الحالة بمثابة النقود وإذا اقترن الشيك على اسم المستفيد مع ذكر عبارة أو لحاملة فأن الشيك يعتبر في مثل هذه الحالة شيكاً لحاملة.
والتظهير معناه توقيع حامل الشيك على ظهر الشيك ومن هنا جاءت هذه الكلمة إما التوقيع على وجه الشيك إنما يعني التزام الموقع مع الساحب والتظهير يكون على ثلاثة أنواع :
الأول : تظهير ناقل للملكية وهو الذي تنتقل بموجبه ملكية الشيك من المظهر إلى المظهر إليه.
الثاني : التظهير التوكيلي وهو الذي لا تنتقل ملكية الحق الثابت بالشيك إلى المظهر إليه وإنما يعني التفويض بتحصيل قيمة الشيك ليس إلا ورد ما يتم تحصيله إلى المظهر ويد المظهر إليه تكون على الشيك في هذه الحالة يد الأمين ولا يجوز تظهير الشيك تظهيراً تأمينياً مثل باقي الأوراق التجارية لأن طبيعة الشيك كأداة وفاء تتنافى مع تظهيره تظهيرا تأمينياً إلا أنه في واقع الحال وفي ضوء التطبيق العملي فقد جرت العادة على إعطاء شيكات مؤجلة التاريخ ترفق مع الكمبيالات التي تخصمها البنوك لتكون ضماناً لتسديد تلك الكمبيالات. والتظهير إما أن يكون على بياض وفي هذه الحالة يعتبر الشيك بمثابة شيك للحامل إذ ينتقل من شخص إلى شخص بالمناولة، والتسليم كما قد يكون التظهير اسمياً كأن يقال وعني لأمر السيد فلان وفي هذه الحالة فإن الحامل الأخير يجب أن يكون هو الشخص المسمى بموجب التظهير أو أن يكون هذا الشخص ظهر الشيك لشخص آخر، والتظهير يجب أن يكون بكامل قيمة الشيك ذلك أن التظهير الجزئي يعتبر تظهيراً باطلا. كما يجب أن يكون التظهير غير معلق على شرط وكل شرط علق عليه التظهير يعتبر كأن لم يكن أي أن الشرط يلغى في هذه الحالة والتظهير إلى المسحوب عليه يعتبر من قبيل المخالصة كما يجوز أن يكون التظهير مؤرخاً أو غير مؤرخ فإذا كان مؤرخا فأنه لا يجوز تقديم تاريخ التظهير فإن حصل ذلك فأنه يعد تزويراً.
شرط حظر التظهير :
ويجوز للمظهر أن يمنع تظهير الشيك وفي هذه الحالة فأنه لا يكون ملزماً بالضمانة تجاه من ينتقل إليهم الشيك بتظهير لاحق.
وفاء الشيك :
الشيك واجب الوفاء لدى الإطلاع وأن الشيك المقدم للوفاء قبل اليوم المبين فيه كتاريخ إصداره فإنه واجب الوفاء في يوم تقديمه، ومكان الوفاء هو المكان الذي يذكر بجانب اسم المسحوب عليه وإذا لم يذكر مكان الأداء فإنه يكون واجب الأداء في المركز الرئيسي للمسحوب عليه ويجب أن يتم الوفاء بالنقود المبينة بالشيك نوعا ومقداراً إلا إذا كانت العملة غير متداولة في الأردن فأنه يجوز للمسحوب عليه أن يوفي بالعملة الأردنية وفقاً لأحكام المادة 254 من قانون الشيك والأصل أن يتم الوفاء بكامل قيمة الشيك إلا أن القانون أجاز للمسحوب عليه الوفاء الجزئي، هذا ومن الجدير بالذكر أنه يجوز للساحب معارضة المسحوب عليه في وفاء الشيك وذلك في حالتي ضياع الشيك أو سرقته أو إفلاس حامله كما يجوز للساحب المعارضة في غير تلك الحالات إلا أن مثل هذه المعارضة تعتبر غير قانونية ويجوز للحامل مراجعة المحكمة من أجل رفع تلك المعارضة.
فإذا أوفى المسحوب عليه قيمة الشيك فإنه يحصل على مخالصة من حامله الأخير وفي هذه الحالة تعتبر ذمة المسحوب عليه بريئة من المطالبة، وبالوفاء الصحيح تنتهي حياة الشيك.
الوفاء في حالة ضياع الشيك :
يجوز لمستحق قيمة الشيك الضائع المطالبة بوفائه إذا كان حائزاً على إحدى نسخه الأخرى أما إن كان الشيك محرراً على نسخة واحدة وضاعت هذه النسخة الوحيدة فقد أجاز المشرع للحامل أن يلجأ للمحكمة لاستصدار الأمر بالوفاء وإلزامه بتقديم كفيل مليء وبشرط أن يثبت الحامل ملكية الشيك ويجوز له الإثبات بكافة وسائل الإثبات أما إذا عجز حامل الشيك عن إثبات ملكيته جاز له الحصول على نسخة بديلة للشيك المفقود وذلك بطريق الرجوع يكون ذلك عن طريق الاتصال بالشخص الذي ظهر له الشيك المفقود حتى يصل إلى الساحب ويكون بهذه العملية قد حصل على تواقيع المظهرين والساحب، إلا أنه في الواقع العملي فإن مسألة الرجوع للحصول على نسخة بدل ضائع أمر ليس متيسر الحصول لا سيما في الحالات التي تصادف أشخاص سيئي السمعة فإنهم يمتنعون عن إعطاء توقيعهم على نسخ بديلة للشيك الضائع لذلك تبقى هذه المسألة من الناحية الواقعية أمرا صعباً ولا بد للحامل أن يلجأ في نهاية المطاف إلى المحكمة للحصول على حقه.
تقادم الشيك :
نصت المادة 271 من قانون التجارة الأردني على ما يلي :
1- تسقط بالتقادم دعوى حامل الشيك تجاه المسحوب عليه بمضي خمس سنوات محسوبة من تاريخ انقضاء الميعاد المحدد لتقديم الشيك للوفاء.
2- وتسقط بالتقادم دعاوى رجوع الحامل على المظهرين والساحبين والملتزمين الآخرين بمضي ستة شهور محسوبة من تاريخ انقضاء ميعاد التقديم.
3- وتسقط بالتقادم دعاوى رجوع مختلف الملتزمين بوفاء الشيك بعضهم تجاه البعض بمضي ستة شهور محسوبة من اليوم الذي أوفى فيه الملتزم.
4- ولا تسقط بمضي المواعيد المتقدمة الدعوى على الساحب الذي لم يقدم مقابل الوفاء أو قدمه ثم سحبه كلاً أو بعضا والتقادم يعتبر قرينة على الوفاء ويشترط لسقوط الحق بالتقادم الصرفي ما يلي :
أ- أن يكون هناك شيك صحيح مستجمع لشروط صحته من حيث الشكل والموضوع.
ب- أن تكون الحقوق والالتزامات ناشئة مباشرة عن إصدار الشيك أما أصل الحق فلا يسقط إلا بالتقادم الطويل وهو خمسة عشر عاما إذ أنه يجوز للدائن المطالبة بالدين الأصلي ما دام أنه لم ينقض بالتقادم العادي ولو انه انقضي حقه بالتقادم الصرفي، وغني عن البيان أن التقادم ينقطع في بعض الحالات كما يقف في حالات أخرى وهذه الأحكام المتعلقة بانقطاع التقادم ووقفه إنما محلها القانون المدني ولا حاجة لتفصيلها في هذا المجال.
الطوابع :
أن قانون رسوم الطوابع قد أوجب في الجدول رقم (1) الملحق بالقانون ضرورة استيفاء رسم مقطوع على الشيكات المسحوبة على الشركات والمؤسسات العامة بمقدار خمسين فلس على كل ورقة شيك أما شيكات الأفراد فهي معفاة من رسوم طوابع الواردات وفقاً للجدول رقم (2) الملحق بقانون رسوم طوابع الواردات.
أنواع الشيكات :
1- الشيكات الخطية :
وهي الشيكات البيضاء التي لا تكون صادرة عن البنك وهذه الشيكات يمكن الحصول عليها من أي مكتبة ولا تحمل اسم مصرف مطبوع عليها ولا اسم الساحب ورقم حسابه كما يعني الشيك الخطي ورقة الشيك التي تحمل اسم مصرف معين مطبوع عليه وصادر عن البنك لعميل معين ولكن يتم شطب اسم الساحب ورقم حسابه ويستبدل باسم محرره ورقم حسابه وفرع البنك الذي يتعامل معه وأن القانون لا يشترط للشيك شكلا معيناً أو لونا معينا وإنما أجاز أن يتم تحرير شيكات على أوراق بيضاء شريطة توفر البيانات التي نص عليها القانون وبالتالي فإن القانون أجاز للساحب إصدار الشيكات الخطية ولا يجوز للبنوك أن تمتنع عن قبول الشيكات الخطية إلا أن الواقع العملي في العمل المصرفي أن البنوك ترفض قبول الشيكات الخطية وذلك بسبب انتشار ظاهرة الشيكات المرجعة في الآونة الأخيرة الناتجة عن سوء استعمال الشيكات الخطية من قبل بعض العملاء للمصارف أو من قبل أشخاص ليسوا بعملاء للمصارف وأنه وإن كان لهذا التطبيق العملي ما يبرره في العمل المصرفي إلا أن القانون لا يسعف البنوك في هذا السبيل ولا زال القضاء يعترف بقانونية الشيكات، الخطية ولا يقر البنوك في رفضها لهذا النوع من الشيكات وتفادياً لمساءلة البنوك قضائياً فإنها تلجأ في الوقت الحاضر إلى إيراد نص في شروط الحسابات التي تفتح للعملاء يمنع على العميل سحب شيكات خطية على المصارف التي يتعامل معها وإن هذا النص وأن كان يخفف من استعمال الشيكات الخطية إلا أنه لا يقضي على المشكلة برمتها ولا يعفي البنك من التزامه القانوني بقبول الشيكات الخطية المقدمة إليه من قبل أشخاص ثوالث لم يكونوا طرفا في الاتفاقية التي يبرمها البنك مع عملائه عند فتح حسابات لهم.
2- الشيكات المصرفية :
الشيك المصرفي هو أمر يحرره البنك لأمر المستفيد بوفاء مبلغ معين لدى الإطلاع ويكون المسحوب عليه في العادة هو نفس الساحب أو أحد فروعة ويأتي إصدار مثل هذه الشيكات بناء على طلب عميل البنك الذي يريد تقديمه لشخص ثالث وهذا النوع من الشيكات لا يعتبر شيكا بالمعنى الدقيق لاجتماع صفتي الساحب والمسحوب عليه ولأنه غالباً لا يقبل التظهير والرأي الراجح في هذا النوع من الشيكات أنها تعتبر من قبيل السندات العادية سواء أكانت إذنيه أو للحامل أو إسمية لأنها لا تتضمن أمرا بالدفع بل تعهدا من البنك وقد تضيع مثل هذه الشيكات، والعادة أن البنوك لا تقبل طلب وقفها إلا إذا حضر المستفيد منها إلى البنك وأقر أنه لم يظهر الشيك وفي هذه الحالة فإن البنك يرفض وفاء هذا الشيك بعبارة ( لوجود معارضة بفقدان الشيك ).
إصدار الشيك المصدق أو إنشاؤه :
لا يختلف الشيك المصدق عن غيره من الشيكات فهو يتضمن نفس البيانات التي أشارت إليها المادة ( 228) من قانون التجارة الأردني فهو يتطلب ضرورة توفر البيانات التالية فيه :
1- ذكر كلمة شيك في متن السند وباللغة التي كتب بها.
2- أداء مبلغ من النقود.
3- اسم المسحوب عليه الذي يجب أن يكون مصرفا.
4- تاريخ إنشاء الشيك ومكانه.
5- مكان أداء الشيك.
6- توقيع الساحب.
وبالإضافة لتلك البيانات فتطبق عليه نفس أحكام التداول فهو ينتقل بطريق التظهير بنوعيه :
أ- التظهير الناقل للملكية.
ب- التظهير التوكيلي.
هذا كله إذا لم يرد في صلب الشيك ما يمنع تظهيره كذكر عبارة لا يصرف إلا للمستفيد أو عبارة ( ادفعوا ليس لأمر ) وأن الشيكات لا تعرف التظهير التأميني كبقية الأوراق التجارية كما سبق إيضاحه. وكذلك فإن الشيك المصدق يخضع لذات الأحكام المتعلقة بالتقادم.
ولا حاجة لتفصيل جميع الأحكام المتعلقة بالشيكات وإنما سنكتفي بالأحكام التي تنفرد بها الشيكات المصدقة وفق ما يجري عليه العمل والعرف المصرفي وأهم هذه الأحكام ما يلي :
أن الشيك المصدق لا يصدره البنك بمحض أرادته إذ لا يوجد لهذا النوع من الشيكات نماذج خاصة وشائعة في التعامل وإنما يصدر الشيك المصدق بناء على طلب خطي يقدمه العميل إلى البنك الذي يتعامل معه ويتضمن هذا الطلب على وجه الخصوص الأمور التالية :
أ. طلب اعتماد الشيك من قبل البنك الذي يتعامل معه الساحب.
ب. تضمين الشيك عبارة المستفيد الأول منعا لتداول هذا الشيك وانتقاله من شخص إلى أخر.
ج. بيان رقم الشيك وتاريخه وقيمته.
د. تفويض البنك بقيد قيمة الشيك على حساب طالب إصدار الشيك المصدق.
ه. تحويل قيمة الشيك المصدق إلى حساب خاص لهذه الغاية يسمى حساب شيكات مصدقة.
ومن خلال هذه الإجراءات والقيود على إصدار الشيكات المصدقة نلاحظ بأن تلك الشيكات تتميز بإحكام وصفات خاصة بها تختلف بعض الشيء عن الشيكات العادية بحيث تجعل الشيكات المصدقة أقرب إلى الكفالة ذلك أن البنك بمجرد تصديقه أو اعتماده للشيك فأنه يصبح ملزما بوفاء قيمته إلى المستفيد ويعتبر بمثابة الضامن الاحتياطي للشيك ولا يجوز للبنك التحلل من التزامه لأي سبب من الأسباب ويظل التزامه قائماً ولو كان الالتزام الذي ضمنه باطلا. ومن هنا تأتي قوة الشيك المصدق في الوفاء وهذا هو مبعث الثقة فيه ولهذا فإن إطلاقه في التداول يجعل منه شبيها بورقة البنكنوت أي العملة النقدية ومن هنا تأتي خطورة قابلية الشيك المصدق للتظهير إذ أن ذلك من شأنه أن يجعل من البنوك جهة قادرة على خلق النقود مع أن هذه الوظيفة هي حصرا من واجبات الدولة دون غيرها من الجهات، الأمر الذي يستدعي سرعة تدخل المشرع في إصدار النصوص القانونية التي تنظم إجراءات إصدار وشروط وأحكام الشيكات المصدقة.
ويمكن القول بأن الشيك المصدق قد فرض وجوده في التعامل فاصبح شيئاً من الأمر الواقع التي لا تستطيع البنوك الاستغناء عن اتباع هذا الأسلوب كمنهج لعملها كما لا تستطيع تجاهل هذا الواقع لأن مبدأ المنافسة ما بين البنوك يحتم على كل منها اتباع كل ما هو جديد وما ييسر العمل ويجتذب المزيد من جمهور المتعاملين مع البنوك وكل منها يسعى بوسائله الخاصة على تحقيق كل الوسائل والإمكانات التي تسهل التعامل المصرفي وتحقق السرعة واليسر عن طريق تقديم الخدمات الفضلى للعملاء وسرعان ما يشيع عمل البنوك وينتشر ويستقر بحيث يصبح عرفا أو عادة تشكل قاعدة ملزمة للبنوك، وأن الشيك المصدق وإن كان لا يمكن الجزم بأنه قد اصبح قاعدة عرفية بالمعنى القانوني لأنه حديث العهد ولم يستقر بعد في التعامل كما أنه يتعارض مع النصوص القانونية الصريحة إلا أنه إذا صح التعبير فانه يجوز لنا أن تقول بأن الشيك المصدق قد دخل الساحة المصرفية دون سمة دخول أو جواز سفر وبالتالي فإن بقاء إقامته ومشروعية هذه الإقامة تظل قلقة غير ثابتة. ولإضفاء صفة المشروعية فإنه لا بد من صدور قواعد قانونية تنظم أحكام الشيك المصدق أو صدور اجتهادات قضائية ترسخ وجود الشيك المصدق وتزيل عنه الغموض والإبهام، لهذا فإن المشاكل التي سنعرضها تاليا تظل محل تساؤل واستفهام حتى يصدر بشأنها تشريع أو حكم قضائي ويمكن عرض أهم المشاكل التي يمكن أن تثور بخصوص الشيك المصدق بما يلي :
1. هل تجوز معارضة الساحب في وفاء الشيك المصدق بسبب ضياعه أو إفلاس حاملة ؟ والإجابة تظل حائرة حول هذا السؤال وتتوقف على مدى اعتبار الشيك المصدق شيكا بالمعنى القانوني أم أنه بمثابة كفالة من البنك يلتزم بموجبها بوفاء قيمة الشيك للمستفيد فإذا غلبنا الصفة الأخيرة فإنه يمكن القول بأنه لا تجوز معارضة الساحب في وفاء الشيك بسبب ضياعه أو سرقته أما إذا اعتبرناه شيكا بالمعنى المقصود فإن المعارضة في هذه الحالة جائزة ومقبولة ويجب على البنك الاستجابة لها.
2. أما المسألة الثانية فهي هل يجوز حجز قيمة الشيك المصدق من قبل الغير كدائن الساحب أو دائن المستفيد ؟ وهذه المسألة أيضا تتوقف على تحديد ماهية الشيك المصدق فإذا رجحنا القول بأن قيمة الشيك أصبحت حقا خالصا للمستفيد الأول فأنه بهذه الحالة يمكن لدائني المستفيد الحجز على قيمة هذا الشيك لا سيما إذا كان صادرا لأمر المستفيد الأول حيث انه بهذه الصفة لا يمكن انتقاله من شخص لأخر وإنما يعتبر ملكا خالصا للمستفيد وبالتالي يسلم دائن المستفيد من خطر تظهيره إلى شخص أخر لتحصينه من الدفوع تحت قاعدة التظهير يطهر الدفوع أما الحجز من قبل دائن الساحب فأنه لا يجوز في كل الأحوال.
3. هل الشيك المصدق يخضع للمواعيد المحددة للتقديم التي حددها قانون التجارة بثلاثين يوما من تاريخ إنشاء الشيك بالنسبة للشيكات المسحوبة في الأردن والواجبة الوفاء فيه ؟ وهل يخضع الشيك المصدق أيضاً لأحكام التقادم الخاصة بالشيك وهو التقادم القصير؟
4. هل يجوز رهن الشيك المصدق ضمانا لدين على المستفيد قياسا على ما هو متبع في رهن الديون أو رهن السندات ؟
وعلى أية حال تظل تلك الأسئلة بلا إجابة شافية وقاطعة كما تبقى محل خلاف في وجهات النظر طالما بقيت النصوص القانونية غائبة وطالما لم يصدر بشأنها اجتهاد قضائي يرسم الطريق ويحدد معالم الشيك المصدق مما يقطع الشك باليقين وبما يمنع الجدل الفقهي حول تلك المسائل العائمة.
4- الشيك السياحي أو شيك المسافرين :
ظهر نظام الشيك السياحي سنة 1891 بسبب رحلة قام بها رئيس شركة أميركان أكسبرس للسياحة إلى أوروبا صادفته فيها متاعب راجعة إلى كيفية حصوله على نقود في المدن التي زارها فابتكر نظام الشيكات السياحية وصورتها الغالبة هي أن يصدر الشيك بفئات نقدية معينة ويوجد في هذه الشيكات مكان يوقع فيها العميل عند استلام الشيك ومكان أخر يوقع فيه عند قبض قيمته أمام البنك الذي يدفع هذه القيمة ليتحقق من تطابق التوقيعين وبعد الوفاء بقيمة الشيك السياحي تسوى العملية بين البنوك المشتركة في إصداره وتنفيذه بطريق المقاصة.
طبيعة الشيك السياحي :
اختلفت الآراء في تحديد طبيعة الشيك السياحي في الناحية الجزائية وفي الناحية المدنية فقال البعض أن الشيك السياحي يعتبر شيكا كاملا ولو كان مسحوبا على فروع البنك الذي أصدره وبالتالي فإن مثل هذا الشيك يخضع لأحكام جريمة إصدار الشيك بدون رصيد إلا أن البعض الأخر وهو الرأي الأغلب فأنه يستبعد الشيك السياحي من صفته كشيك حيث لا يتضمن هذا النوع من الشيكات تاريخ السحب ومكان الإصدار واسم المسحوب عليه وعلى أية حال فإن الشيك السياحي يظل ورقة هامة ابتكرها العرف وأقر أحكامها بعيدا عن الأحكام التي وصفها التشريع للأوراق التجارية.
5 - الشيك المسطر :
بهدف التقليل من المخاطر التي قد تنتج عن ضياع الشيك أو سرقته فقد أجاز القانون تسطير الشيك بوضع خطين متوازيين على وجهة ونتيجة لهذا التسطير فإن وفاء الشيك يكون لأحد البنوك أو لأحد عملاء البنك وقد يدون بين الخطين اسم البنك الذي يتم الوفاء إليه ويكون التسطير في هذه الحالة خاصا أما إذا خلا التسطير من أية إضافة فيكون عاما ولا يجوز شطب التسطير الوارد على الشيك أو إلغائه فإذا حصل ذلك وجب على البنك الامتناع عن وفائه كما لا يجوز للبنك أن يوفي شيكا مسطرا تسطيرا خاصا إلا إلى المصرف المعين أو إلى عميلة كما لا يجوز للمصرف أن يحصل على شيك مسطر إلا من أحد عملائه أو من مصرف أخر، وقد يتساءل البعض فيما إذا كان من الجائز إلغاء التسطير أم أن ذلك غير جائز؟
وإجابة على ذلك فإنه من الرجوع إلى نص الفقرة (8) من المادة ( 256 ) نجد أنها تنص على ما يلي : ( " ويعد كأن لم يكن كل شطب للتسطير أو لاسم المصرف المعين " ) ومن هذا النص يتبين عدم جواز شطب التسطير من قبل أي شخص كان، إلا أن أراء الفقهاء تميل إلى جواز إلغاء التسطير العام إذا كان هذا التسطير موضوع بمعرفة الساحب إذ يمكن للساحب نفسه أن يقوم بإلغائه بذكر عبارة ملغى مقترنة بتوقيع الساحب الكامل طبقاً للنموذج المحفوظ لدى البنك ولعل هذا الرأي هو الأرجح.
وإذا لم يراع المصرف المسحوب عليه الأحكام المتعلقة بالتسطير فأنه يكون ملتزماً بتعويض الضرر بقدر لا يجاوز قيمة الشيك.
6- الشيك المقيد في الحساب :
يجوز لساحب الشيك وحاملة أن يمنعا وفاءه نقداً بوضع العبارة الآتية " لقيده في الحساب أو ما يشابهها على ظهر الشيك وفي هذه الحالة لا يجوز وفاء الشيك من قبل المسحوب عليه إلا عن طريق قيده في السجلات " اعتماد في الحساب أو نقل أو مقاصة " وقيد الشيك في السجلات يقوم مقام الدفع ويقع باطلا كل شطب لعبارة للقيد في الحساب ويترتب على عدم مراعاة المسحوب عليه للأحكام المتقدمة مسؤولية بالتعويض عن الضرر الذي يترتب للساحب بما لا يجاوز قيمة الشيك.