ينادي الجنس البشري بصيحات الانتماء والوطنيّة، يخشى الواحد منهم الغربة والبين وطول الهجر وقلّة الحيلة، ثم بينما هو خائف يترقّب في مهجره يتخلّى عنه انتماؤه وتتلاشى الصيحات ويغرق في الغير، تخونه اللغة وتأبى كلماته أن تنسجم مع مفرداته الغيريّة الجديدة، يحتدم الصراع بين الأصل الضئيل الّذي يعيش على بقايا شعور قديم باهت، والوافد الجديد الّذي يغذّيه الهوى والشّباب والبهجة والكثرة.. أينما ولّيت وجهك تجده من حولك، ولابدّ أن القديم هو الآفل والجديد أخذ مكانته بكلّ صلابة وتجذّر؛ أخذ من الرّجل الرّوح واللسان، بينما بقي عقله ينادي بشعارات الانتماء الجوفاء يرشّ عليها بعضا من بهارات لغته الجديدة.. يعيش التناقض؛ يغرق فيه حتّى يختنق فيغيثه محيطه الغربيّ بشهقة ميلاد جديد .. حتّى همس العقل يسكت هذه المرّة*!!