أول عثرة لــ "دونالد ترامب" بسبب تصريحه الطّائش الأخير، كيف ذلك؟

[الزمزوم]

أول عثرة لــ "دونالد ترامب" بسبب تصريحه الطّائش الأخير، كيف ذلك؟


ما هو معلوم أنّ "دونالد ترامب" الرّئيس الأمريكي المُنتخب جاء ليُنهي الحروب في المنطقة العربية وفي العالم، ورُبما سبب فوزه ونجاحه في اِستقطاب النّاخبين الأمريكيين وتصويتهم عليه في الاِنتخابات الرّئاسية الأمريكية الأخيرة الفائتة والّتي فاز بها بفوز ساحق مُكتسحاً المُرشحة الدّيمقراطية "كامالا هاريس" أن هؤلاء (النّاخبين) ضاقوا ذرعاً بسياسات الدّيمقراطيين من خلال اِشعالهم الحروب والصِّراعات في أكثر من مكان ومنطقة في العالم.


بالأمس أدلى "دونالد ترامب" بتصريح صادم ما تعلق بالنُّسخة الثّانية من "ترامب" وهي قوله: "جحيم ينتظر الشّرق الأوسط إذا لم يفرج عن الرّهائن في غزّة قبل 20 من الشّهر المقبل"!؟


"دونالد ترامب" بهذا التّصريح الطّائش يضع نفسه في وضع مُحرج ويحشُر نفسه في الزّاوية بنفسه ولا أحد دفعه إلى ذلك.


وبالتّالي بات اليوم مُطالب بإدخال منطقة الشّرق الأوسط في الجحيم ومعناها مزيداً من الحرُوب والدّماء وهذا سيجعل الأمريكيين ينقلبون عليه حتى من أنصاره الّذين سيتأكدون أنّهم خُدعُوا بخطاب حملته الاِنتخابية ناهيك عن الحملات الإعلامية الّتي ستنطلق ضدّ سياساته وهذا الأمر سيخدم ولا شك خصُومه الدّيمقراطيين الّذين يتحضّرُون في ولاياتهم لمعارضة سياساته الدّاخلية والخارجية الّتي تتعارض مع أجندة الدّيمقراطيين والّتي يُناصرها نصف كُتلة النّاخبين الأمريكيين ونصف الشّعب الأمريكي ويُدافعون عنها وعندها يخرج "ترامب" بخفّي حُنين "وكأنك يا بوزيد ما غزيت" وستكون السّنتين الأوليين من حُكمه جحيماً لا يُطاق بعد أنّ يَنْظم من خُدعوا به إلى صفُوف الدّيمقراطيين، المعركة لم تنطلق بعد ومشاكله ستبدأ فور تنصيبه ولا شك ولن تكون ولايته سهلة حتى وإن أخذ تفويض شعبي مطلق إذا سار بهذا الشّكل.


ناهيك عن العالم الّذي يترقب وعود "ترامب" وينتظر منه اِحلال السّلام في المنطقة والعالم وإذا ما دخل "ترامب" الحروب وشارك فيها وبخاصة في الشّرق الأوسط من خلال "الجحيم" ولوث ولايته الجديدة في حُكم أمريكا بها فعندها لن يكُون هناك اِختلاف البتة بينه وبين قادة أمريكا السّابقين القادمين من الدّولة العميقة والمُنحدرين من النّظام السّياسي الأمريكي التقليدي الّذي لا طالما اِنتقدهما وزعم بأنّه جاء ليغيره، وساعتها لن يكُون "ترامب" أكثر من "بايدن" جديد أو "أوباما" جديد أو "بوش صغير جديد" ..ألخ والاختلاف سيكون فقط في اِسمه وأسمائهم، المهمة صعبة ولكن الحكمة والذّكاء يُذللان كلّ صعب ولا ريب.


وإذا ما تفطن "ترامب" لحجم تصريحه الطّائش ذاك وأراد حلّ تلك المُشكلة بالمفاوضات والحوار والطُّرق الدُّبلوماسية وتوقيف الحرب في غزّة والمنطقة باِحترام حقّ الفلسطينيين وسُكان غزة الأبرياء العزل المستضعفين في الأرض فساعتها ستسقُط صُورته عند السّياسيين المتشددين والنّخبة السّياسية من اليمين المُتطرف الأمريكي الّتي تعتاش وتتعطش لدماء الفلسطينيين وللحروب في المنطقة العربية وسيسقُط كزعيم قوي عند جمهور "ماغا" وهذا ليس في صالحه.


أعتقد أنّ تصريح "ترامب" كان الهدف منه التّخويف لأنّه خائف من أنْ يدخل في ولايته الجديدة والجرس سيعلق في رقبته بعد نزعه من "جو بايدن" وتعليقه في رقبته هو وبخاصة أنّ حليفه "نتنياهو" يرفض توقيف الحرب ويريد الاستمرار فيها مؤيداً في ذلك بقضايا الفساد الّتي تلاحقه هو وأسرته "وإمكانية فتح تحقيق في الفشل الذريع لحكومته في هجوم 7 أكتوبر 2023" والذي من المؤكد أنّه سيجرُّه إلى السّجن ولاشك، لأنّه هو (ترامب) ليس من صنع تلك المُشكلة ولا يُريد أن يحمل تركة وأعباء "بايدن" والحزب الدّيمقراطي ويدفع من ولايته ثمناً باهظاً لأخطاء سلفه وخصُومه السّياسيين.


لكن من المؤكد أنّ "ترامب" لن يدخل في أي حرب ونموذج ذلك كوريا الشّمالية ماثلاً أمامنا في ولايته الأولى عندما هدد وتوعد "بالحديد والنّار" وفي الأخير إلتقى بزعيمها وتمّ حل جزء كبير من المشكلة، لسبب بسيط أنّ "ترمب" يقف مع الكيان الصهيوني ككل حُكام أمريكا والدول الغربية قاطبة وهذا الأمر صحيح ولكن الحرب ليست في قاموسه وإنْ كانت موجودة فإنّها لن تكُون في الشّرق الأوسط أبداً ولكن في مكان آخر وستكون حرباً اِقتصادية تجاريةً ولاشك.


بقلم: الزمزوم –أستاذ الفلسفة السّياسية وفلسفة الأخلاق