جدلية الصّراع على السُّلطة وحتميته وذكاء إدارة الصّراع وواقعية الحلّ في أمريكا.

[الزمزوم]

جدلية الصّراع على السُّلطة وحتميته وذكاء إدارة الصّراع وواقعية الحلّ في أمريكا.


إلى جانب المُصوّتين (الكُتلة النّاخبة) الّذين لا ينبغي اِزعاجهم بسياسات لا يرضوّن بها فمن المُهم بمكان التّذكير بدور الدّولة العميقة في الولايات المتحدة الّتي هي الأخرى تُراقب ما سيُقدم عنه دونالد ترامب.


وبالتّالي فهي وخلال السّتة شهُور الأولى ستقُوم بلا شك بتقييم الرّجل وهي تملك من الوسائل المال والإعلام والنّخب السّياسية والثّقافية وكارتل المال والإعلام والتأثير في الرّأي العام الأمريكي إلى جانب قُدرتها على خلق حالات التآمر والوقيعة والدّسائس هامشاً كبيراً كما لها تأثير على المُصوّتين (الرأي العام الأمريكي) بما تملكه من وثائق تصل إليها وقضايا تُفبركها بحيث بعد الشُّهور الأولى من عدم مُسايرة ومُهادنة ترامب لها والدّخول في الصّف ستعمل بلا شك على حشر الرّجل في الزّاوية وتحويل ولايته أي أربع سنوات إلى فوضى وإلى مناكفات ومُهاترات وضجيج سياسي وخلافات وطعن لمصداقية الرّجل فلا يستطيع الرّجل تمرير سياسته وعلى تحقيق وُعوده وإلى جانب ذلك من المُمكن أن يؤثر ذلك على حظُوظ حزبه الحزب الجمهوري في اِنتخابات 2029 سواءٌ في الرّغبة في الفوز بالرّئاسة فيها أو على مُستوى الكونغرس ومجلس الشيوخ.


أنصار العولمة وأنصار الحزب الدّيمقراطي في الولايات الأمريكية الّتي تُحسب على الدّيمقراطيين وأنصار مشرُوع الليبرالية المُستيقظة من دُعاة المثلية والتّحول الجنسي هُم بلا شك الآن على أهبة الاِستعداد للحرب ولكن أيضاً الأقليات العربية والإسلامية واللاتينية واليهود الدّيمقراطيين –من دُعاة السّلام في الشّرق الأوسط- سينظمُّون بلا شك لذلك الحراك على اِمتداد الفترة القادمة إذا لم يتصرف ترامب بشكل ذكي ولذلك فالسُّؤال الّذي يجب أن يُطرح هنا ليس الفوز ولكن السّؤال الأصعب كيف للجمهوريين الحفاظ على هذا الفوز اليوم وغداً في ألــ 2029؟


فليس من مصلحة ترامب الحرب مع الدّولة العميقة والأقليات في نفس الوقت وإذا ربح الأقليات بسياسات معقولة حافظ على شعبيته ولن تنال منه الدّولة العميقة في أمريكا ولكن خسارة ترامب للأقليات سيخدم بلا شك أجندة الدّولة العميقة في أمريكا بالحرب عليه بواسطتهم وبشرعية اِنتقاداتهم له ونفورهم منه للإمساك برقبته والتّحكم فيه وفرض أجندتها عليه التي تتعارض في الكثير من الأحيان مع حُلم - جعل أمريكا عظيمةً مرةً أُخرى - وطمُوحه وسياسته "وكأنك يا بوزيد ما غزيت".


من الممكن أنْ يخسر ترامب الدولة العميقة لكن من الخطورة بمكان خسارة ترامب للأقليات المصوّتة والنّاخبة، كما أنّه من الخطُورة بمكان خسارة ترامب الأقليات المصوّتة والدّولة العميقة في نفس الوقت، ومن الأحسن لترامب ربح الدّولة العميقة والأقليات معاً ولكن هذا في حُكم المُستحيل على الأقل على مستوى الأولى التي تُعاديه ويتناقض في برنامجه الاِنتخابي ووعوده مع سياساتها، لكن أقل الأضرار هو ربح الأقليات المصوِّتة مع إمكانية خسارة الدّولة العميقة لأنّه ساعتها ترامب ينزع مخالب قاتلة كانت في يدِّها تُهدده بواسطتها مع أشياء أخرى تُضاف لها (مثل: أنصار العولمة والليبرالية المُستيقظة) وتُهدّد مُستقبل حزبه على الرّئاسة والكونغرس ومجلس الشيوخ.


بقلم: الزمزوم –أستاذ الفلسفة السّياسية وفلسفة الأخلاق