عندما يتعلق الغريق بالغريق فإنّه بلا شك سيغرق معه

[الزمزوم]

عندما يتعلق الغريق بالغريق فإنّه بلا شك سيغرق معه


1/11/2024


هناك ثلاث لوبيات تُمسك بالسّلطة حالياً وهي: أنصار الشّرق وأنصار تُركيا (الإخوان/ الخلافة) وأنصار فرنسا (الغرب).


منذ أحداث ألــ 19 حدث هُناك صراع بين هذه العناصر ظهر في تذبذب ميل الكفّة كلّ مرّة لأحد هذه الأطراف طيلة 5 سنوات اِنتهى باِنتصار أنصار تركيا في نهاية المطاف وآل الحكم لهم.


لا داعي للتذكير، أنّ تركيا تعيش أزمات داخلية وخارجية مصيرية عاصفة، فعلى مستوى الاقتصاد فتركيا تعيش أزمة كبيرة وتهاوي لليرة التركية، كما وتعيش إرهاصات حرب أهلية داخلية بواسطة الأكراد وبدعم صهيوني واضح، وكذلك أزمة حُكم صامتة بعد قرب نهاية فترة حكم طيب رجب أردوغان الذي لم يحدد بعدملامح خليفته، وأزمة مع واشنطن بسبب أس 400 ومع أوروبا الحرب في أوكرانيا وعدائها لروسيا.. إلخ.


البلاد وتحت تأثير عناصر تركيا أشعلت نار الخلافات بينها وبين كلّ الدُّول الشّقيقة والحليفة ولم يُستثنى من هؤلاء إلّا تركيا (وأمريكا) !!


البلاد اليوم في لحظة سيطرة حُلفاء تركيا على السّلطة تخسر معاركها المصيرية واحدة تلوى الأخرى منها مايلي:


أولاً، خسرت البلاد أزمتها الاِقتصادية بخسارتها الاِنضمام إلى منظمة البريكس بفعل التهجُّم على الحليف الرُّوسي في ليبيا ودول السّاحل، وهو هجُوم غير مباشر على الوجود الاِقتصادي الصّيني في إفريقيا.


ثانياً، خسرت البلاد قضية الدِّفاع على فلسطين بموافقتها على خطّة المُطبع عبد الفتاح السيسي ما يتعلق بوقف اِطلاق النّار في غزّة الّذي لن يكُون في كلّ الأحوال إلّا وفق مصلحة الكيان الصّهيوني.


ثالثاً، خسرت البلاد قضيتها في الدِّفاع عن قضية الصّحراء بانضمام فرنسا للطرح المغربي بضغط أمريكي ورغبة فرنسا في اِعادة نفوذها المفقُود في غرب إفريقيا نتيجة الصّراع بين تركيا وفرنسا على البلاد وليس روسيا والصّين لأّن هؤلاء في الأخير لا اِمتداد شعبي أو ايديولوجي أو ثقافي أو اِقتصادي لهما في داخل البلاد بعكس التُّركي والفرنسي اللذين لهما اِمتداد شعبي وتاريخي وديني ولغوي وثقافي واِقتصادي كبيرين في البلاد.


رابعاً، خسرت البلاد اليوم أيضاً قضيتها في الدّفاع عن الصّحراء الغربية باِنضمام حُكام الولايات المتحدة من الدّيمقراطيين على يد جو بايدن والحزب الدّيمقراطي وعلى لسان أنتوني بلينكن بعد أكثر من أربع سنوات من اِنضمام الحُكام الجُمهوريين إلى الطّرح المغربي فيما يتعلق بقضية الصّحراء الغربية العادلة على يد دونالد ترامب وقبل مدّة قليلة من نهاية ولاية جو بايدن الأمر الّذي يذكّرنا بتغريدة دونالد ترامب على مواقع التّواصل واِعترافه بما يسمى "مغربية الصّحراء".


إنّ البلاد في ظلّ حكم أنصار تركيا أوصلوا البلاد إلى هذه الحالة البائسة اِقتصادياً وسياسياً وتكبيد البلاد خسائر كبيرة دبلوماسياً وبخاصة في قضيتي فلسطين والصّحراء وأعتقد أن خسارة قضية الذّاكرة ستكون أكثر فداحة مهما تظاهر إيمانويل ماكرون برغبته في ايجاد حل عادل لها في ظلّ صُعود أقصى اليمين في فرنسا وأوروبا والغرب بعامة والعالم.


والسؤال هو: هل من مصلحة الإسلاميين إخوان وغير إخوان قوّة النِّظام السّياسي في البلاد أم ضعفه؟ وهل الحالة البائسة الّتي أوصلوه إليها تخدمهم أو تضرهم؟


علماً أن تركيا وأردوغان رابح في جميع الحالات: فإذا وصلت أحزاب السّلطة الإخوانية إلى السّلطة فهو رابح في القضية، وإذا وصل أنصار الحزب المُحل إلى السُّلطة فهو رابح في المسألة، وإذا وصلت حركة رشاد الإرهابية إلى السلطة على فرض حدوث ذلك الأمر فهو رابح في الموضوع، وحتّى إذا وصلت الجماعات الإرهابية من ذلك التّيار على فرص حصول ذلك الأمر فهو رابح في الموضوع.


لم ينجح الحُكام الجُدد من أنصار أردوغان من الإسلاميين إلّا في شيء واحد وهو قهر الزمزوم والانتصار عليه وهزيمته مع مُراعاة عدم تكافُؤ بين اِمكانيات وقُدرات الطّرفين.


بقلم: الزمزوم –أستاذ الفلسفة السّياسية وفلسفة الأخلاق