عباد الله: أفلا تستحق النظافة التي سمعتم شيئا من شأنها في ديننا، أن نبذل فيها ما نستطيع من جهدنا، حتى نحشر في زمرة أهلها، الذين قال الله فيهم : (إن الله يحبّ التّوابين ويحبّ المتطهّرين)؟
وإذا سلكت طريق المنظفين، فاعلم أنك لا تنظف لأجل الناس، وإنما لأجل الله تعالى، وهذا يجعلك لا تفشل، ولا تتوقف لمجرد أنك رأيت بعد يوم أو يومين من يوسخ وراءك، ففي كلّ مرة تنّظف فأنت تملأ ميزان حسناتك، فاحتسب الأجر عند الله. نهيب بالجمعيات البيئية والثقافية والعامة، وبلجان الأحياء الرسمية وغير الرسمية أن ينظموا حملات تنظيف بين الفينة والأخرى في مناطق متنوعة من المدينة وما حولها، وخاصة الغابات المجاورة التي يعجبك منظرها من بعد، فإذا اقتربت فلا تستسيغ لها دخولا، وتلك الحملات ـ وإن كانت شيئا طيبا ـ لكنها لا تكفي، إذ النظافة عمل مستمر، لا يتوقف على حملة أو اثنتين.
نهيب بمصالح البلدية أن تعمل جادة في إظهار مدينتهم بحلة بهية، بكل ما عندهم من وسائل مادية وموارد بشرية، فهذا من أخص مهامهم، عن محمد بنِ سِيرِينَ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ [أبو موسى] الْأَشْعَرِيُّ الْبَصْرَةَ، قَالَ لَهُمْ: «إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ [عمر بن الخطاب] بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ لِأُعَلِّمَكُمْ سُنَّتَكُمْ، وَإِنْظَافَكُمْ طُرُقَكُمْ» [ابن أبي شيبة في المصنف]، وتبقى نظافة المحيط عباد الله ليست مسؤولية مصالح البلدية فحسب، ولا مسؤولية عمال النظافة فحسب، بل هي مسؤولية الجميع.
أيها الآباء علموا أبناءكم النظافة من الصغر، حتى يتعودوا عليها في الكبر، فينشأ جيل نظيف منظف، يصلح ما أفسد الكبار.
أبناءنا الكرام: سأقولها لكم بالعامية لكي تكون سهلة على أفهامكم و قلوبكم، كي تشريو حاجة من الحانوت تاكلوها، تشغيل ولا فيطا جي ولا ياهوررت ولا شبيس ، ما ترميوش الفضلات في الطريق وللا في المدارس، شوفو أقرب سلة مهملات وارميهوا فيها، ليكم عند ربي أجر غزير على هذا العمل السهل اليسير.
وكما نرشد إلى تعليم الصبيان، فإننا نرشد أيضا إلى نهي النسوان، فإن منهن من لا تبالي بما ترمي من نوافذ البيت حتى تجتمع أكوام من الأوساخ كما هو مشاهد في بعض أحياء العمارات.
عباد الله: احرصوا على نظافة محيطكم كما تحرصون على نظافة بيوتكم، إذا جمعتم قمامة من البيت فأحسنوا حفظها في الأكياس حتى لا تتبعثر على الطريق، وإذا أنتم أخرجتموها فلا تضعوها على أبواب جيرانكم، فكما لا ترضون أن توضع قمامات الناس على بابكم فالناس أيضا لا يرضون ويتأذون كما تتأذون، ضعوها في أماكنها المخصصة لها، وضعوها برفق ولا ترمونها رميا فما أكثر ما يكون رميها سببا في تمزقها وتبعثرها، فتتناثر هنا وهناك، وتفسد على الناس طريقهم وممراتهم بأقذارها وروائحها ونتنها.
عباد الله: من لم يستطع منكم أن يكون منظفا مجتهدا في ذلك، فعلى الأقل ليحرص ألا يكون موسّخا، فلن تخسر مالا، ولن تهدر جهدا، عندما تصبر على وسخ وقع في يدك فتحتفظ به حتى تصل لقمامة فترميه فيه، بل إنك ستربح أجرا وثوابا.