أئمة الحديث وكتبهم
الإمام مالك بن أنس
هو أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي المدني, إمام دار الهجرة.
ولد سنة خمس وتسعين من الهجرة, ومات بالمدينة سنة تسعة وسبعين ومائة, وله أربع وثمانون سنة, وهو إمام الحجاز, بل إمام الناس في الفقه والحديث, وكفاه فخرًا أن الشافعي من أصحابه.
له كتاب الموطأ, وقد استغرق في تأليفه أربعين سنة.
وقد بين ولي الله الدهلوي مكانة الموطأ ودرجته فجعله في الدرجة الأولى في الصحة من كتب الحديث مع الصحيحين ويقول: وكتب الحديث على طبقات, وهي باعتبار الصحة والشهرة على أربع طبقات, فالطبقة الأولى منحصرة في ثلاثة كتب: الموطأ وصحيح البخاري وصحيح مسلم.
وقال الشافعي: ما تحت أديم السماء بعد كتاب الله تعالى أصح من كتاب مالك.
أحمد بن حنبل
هو الإمام الجليل أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني, صاحب المذهب الصابر على المحنة, الناصر للسنة.
أصله من مرو, وكان أبوه من سرجس, ومولده في بغداد في ربيع الأول عام 164هـ, وتوفي بها ضحوة يوم الجمعة 13 من ربيع الأول سنة 241هـ.
وله المسند, وهو من دواوين السنة المشهورة, وقد انتقاه من أكثر من سبعمائة ألف وخمسين ألف حديث.
ومسنده هذا يشتمل على ثمانية عشر مسندًا, أولها مسند العشرة وما معه, وفيه من زيادات ولده عبد الله ويسير من زيادات أبي بكر القطيعي الراوي عن عبد الله, وقد اشتمل على الصحيح والحسن والضعيف الذي يقرب من الحسن, وما هو أقل من ذلك, وأن ما حكم عليه بالوضع من أحاديث المسند فهي مما زاده أبو بكر القطيعي أو عبد الله بن أحمد بن حنبل.
الإمام البخاري
وهو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه,الجعفي ولاء البخاري مولدًا.
ولد يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال, سنة أربع وتسعين ومائة من الهجرة 194هـ.
توفي ليلة الثلاثاء سنة ست وخمسين ومائتين وعمره اثنان وستون سنة إلا ثلاثة عشر يومًا, ولم يعقب ذكرًا.
وله كتاب الصحيح والمعروف بصحيح البخاري.
وهو الكتاب الذي قال فيه العلماء: إنه أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى, والاسم الكامل الذي سمى به البخاري كتابه هذه هو: (الجامع الصحيح المسند المختصر من حديث رسول الله), وقد اشترط البخاري الصحة بقوله: ما أدخلت في كتابي إلا ما صح, ويفضل كثير من العلماء صحيح البخاري على صحيح مسلم لأن شرطه أقوى وأتقن وفوائده الفقهية أكثر.
مسلم بن الحجاج
هو أبو الحسن مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري, أحد أعلام المحدثين الأئمة الحفاظ المتقنين.
كان مولده بنيسابور سنة ست ومائتين.
توفي سنة إحدى وستين ومائتين بنيسابور غير متجاوز خمسة وخمسين عامًا.
وله كتاب الصحيح المعروف بصحيح مسلم, وهو الكتاب الذي طبقت شهرته الآفاق, وسار ذكره في الأمصار, مكث في تأليفه خمس عشرة سنة وجمع فيه اثني عشر ألف حديث, اختارها من ثلاثمائة ألف حديث.
وموضوع (الجامع الصحيح) للإمام مسلم هو الحديث الصحيح, المجرد المسند إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
ويمتاز هذا الكتاب بحسن الترتيب وسياق الأحاديث كاملة دون تقطيع وكمال الاعتناء بضبط لفظ الرواة, وسياق طرق الحديث المتعددة وألفاظه المختلفة في موضع واحد, فيسهل على الطالب النظر في وجوه الحديث.
وقد نهج في تأليفه نهج البخاري في طريقة صحيحة في جمع الحديث الصحيح المجرد, وتأليفه على أبواب العلم من فقه وخلافه متأثرًا بطريقته.
أفضلية صحيح البخاري على صحيح مسلم: اتفق العلماء رحمهم الله على أن أصح الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان: البخاري ومسلم, وتلقتهما الأمة بالقبول, وكتاب البخاري أصحهما وأكثرهما فوائد ومعارف ظاهرة وغامضة, وقد صح أن مسلمًا كان يستفيد من البخاري ويعترف بأنه ليس له نظير في علم الحديث.
أبو داود
هو سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو بن عمران الأزدي السجستاني.
ولد سنة اثنتين ومائتين, وتوفي بالبصرة لأربع عشرة بقيت من شوال سنة خمس وسبعين ومائتين.
وله كتاب السنن المعروف بسنن أبي داود, وهو كتاب شريف قال عنه أبو داود: جمعت فيه أربعة آلاف حديث وثمانمائة حديث ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه.. وقال ابن القيم: إنه جمع بهذا الكتاب شمل أحاديث الأحكام ورتبها أحسن ترتيب ونظمها أحسن نظام مع انتقائها أحسن انتقاء وإطراحه منها أحاديث المجروحين والضعفاء.
الترمذي
هو أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك السلمي.
ولد سنة تسع ومائتين (209هـ), وتوفي في تِرْمِذ ليلة الاثنين الثالث عشر من شهر رجب سنة تسع وسبعين ومائتين.
وله كتاب: جامع الترمذي, وهو الكتاب الذي أصبح به الترمذي إمامًا في الحديث, وهو أشهر كتبه وأجلُّها, ويسمى (جامع الترمذي) و(سنن الترمذي) وسماه الحاكم أبو عبد الله الخطيب البغدادي (الجامع الصحيح للترمذي) أو (صحيح الترمذي) وقد وصفه الترمذي وسماه بـ: (الصحيح).
قال المجد بن الأثير: وهذا كتابه أحسن الكتب وأكثرها فائدة وأحسنها ترتيبًا وأقلها تكرارًا وفيه ما ليس في غيره من ذكر المذاهب ووجوه الاستدلال وتبيين أنواع الحديث من الصحيح والحسن والغريب.
النسائي
هو أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن بحر بن سنان النسائي.
ولد سنة خمسة وعشرين ومائتين, ومات بمكة سنة ثلاث وثلاثمائة وهو مدفون بها.
وله كتاب السنن المعروف بـ: سنن النسائي, وكتاب السنن هذا مرتب على الأبواب الفقهية كبقية السنن الأخرى.
وقد دقق النسائي غاية التدقيق في تأليف سننه الصغرى فمن ثم قال العلماء: إن درجة السنن الصغرى بعد الصحيحين لأنها أقل السنن بعدهما ضعيفًا.
وفي سنن النسائي الصغرى: الصحيح والحسن والضعيف ولكنه قليل.
ابن ماجه
هو الإمام المحدث أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه الربعي القزويني, نسب إلى إقليم قزوين, لأن به مولده ونشأته, ولد سنة 207 وتوفي سنة 275.
وله كتاب (السنن) وفيه الصحيح والحسن والضعيف, وقد تكلم بعض العلماء في الأحاديث التي انفرد بها عن غيره من الكتب الستة وهو قول معترض.
فهؤلاء الأئمة هم أصحاب أشهر الكتب المدونة في علم الحديث.
وهذه الكتب هي: الموطأ, ومسند أحمد, والكتب الستة التي هي: صحيح البخاري, وصحيح مسلم, وسنن أبي داود, والترمذي, والنسائي, وابن ماجه.
وقد جرى اصطلاح المحدثين على إطلاق لفظ (الكتب الستة) عليها.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع بهذا المؤلَّف وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم, وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه, والحمد لله رب العالمين.