الإبداع هبة ربانية ونعمة حبانا الله بها لنساير العصر ونواكبه, ونجعل لكل حركة بعدا ولكل حرف امتداد ومن الصور خوارق وتشعب ألوان,نكمل ونزيد, نقرب ونباعد ونجعل من الكامن المستتر ظاهرا وللواقعية سندا, نستنبط ونغوص في متاهات الخيال وأعماق التجربة مقاربة ومزاوجة زيادة وإبداع لبعث الجديد في حلة المفيد المعاصر روحا وفكرا نوعا وكما, يدفعنا الاجتهاد ويحفزنا التقدم حتى ولو كان بالتقطير.
الإبداع هو نورهذه الأمة لتخرج من قوقعة الركود والروتين القاتل، فهو الكفيل ليجعل سباتها قفزة نحو الحياة والتجربة, هو سر نجاح وتقدم المجتمعات نحو الإشعاع الفكري الحضاري, منذ أن خلق الله الأرض, وجعل فيها الإنسان خليفة وخيره بين طريق الخير والشر, وقد تنوع هذا الإبداع من شخصي إلي جماعي وحتى العلمي الإختراعي منه إن توفرت له الشروط أو مهيكل على شكل منظمات وجمعيات.علما أنه في النظر الموسع مفهوم إشكالي معقد يصعب التحكم في دلالته, فهو الجامع الشامل لكل عمل مبهر, الخلق والابتكار والاختراع والإنجاز و الصنع والإنشاء ووو.
بلادنا العميقة من شمالها إلي جنوبها ومن غربها إلي شرقها, تزخر بطاقات شبابية مبدعة في كل المجالات, ولكنها محاصرة مهمشة, أثقلتها ظروف المعيشة وكبلتها وسيرتها حطاما ينام بالهموم ويفيق على غمها, كل شئ حولها مغلق موصد, لم تجد سوى الفضاء الأزرق والمنتديات الحرة الإليكترونية للتنفس وإظهار القليل من إبداعاتها الكامنة والتي لو أعطتها الوزارات المعنية بهذا الشأن القليل من الأهمية, مثل إقامة مسابقات علمية وأدبية وتخصيص جوائز للأعمال الجيدة, عوض صرف الأموال على الحفلات وووو لكانت لها خطوات وقفزات نحو المسار الصحيح, حتى الصفحات الأسبوعية الأدبية الثقافية التي خصصتها بعض الصحف والجرائد الوطنية وقيدتها بالزمن وعدد الإبداعات, لا تكفي لتغطية مثل هذه الطاقات المكبوتة المنزوية في ركن النسيان وكثير منهم لا يسعفه الحظ ليكون من ضمن المنتقين وخاصة الطاقات المتواجدة في أماكن الظل, والجنوب الجزائري العمق الأصيل للجزائر الذي كان في يوم من الأيام ملهما للفانين بمختلف مشاربهم, فقد كانت روح الأصالة الجزائرية تمزج مع الألوان لتكون لوحات زيتية تطوف عواصم العالم , تبهر وتسلب العقول وتحصد الجوائز.
بلخيري محمد الناصر