يسأل: لماذا خلق الله الخلق وهو يعلم أن أكثرهم لن يؤمن به؟ - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > منتدى نُصرة الإسلام و الرّد على الشبهات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

يسأل: لماذا خلق الله الخلق وهو يعلم أن أكثرهم لن يؤمن به؟

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-10-30, 17:29   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2 يسأل: لماذا خلق الله الخلق وهو يعلم أن أكثرهم لن يؤمن به؟

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



يسأل: لماذا خلق الله الخلق وهو يعلم أن أكثرهم لن يؤمن به؟

السؤال

أرجو منكم إعطائي إجابة وافية وكافية قدر المستطاع عن سؤالي ، راجياً عدم التطرق للأجوب التقليدية التي أكاد أحفظها. أنا شاب في العشرينيات ن أحب القراءة والأطلاع على الثقافات الأخرى

، أحفظ نصف القرآن تقريباً ، وأقرأه باستمرار، واجهتني العديد من الشكوك حول الإسلام فيما مضى

واستطعت أن أجد الإجابة عنها ، ولكن كلما قرأت أكثر عن الإسلام وعن الأديان بشكل عام وجدت أنها تحوي العديد من الخرافات

وأن الدين والعلم الحديث خطان متوازيان لا يمكن أن يلتقيا ، فالدين ينفي نظريات علمية مثبتة والمستخدمة في حياتنا اليومية بشكل قاطع ، مما أثار ش**** .

سؤالي هو: لماذا خلقنا الله وهو يعلم أن معظمنا لن يؤمن به وأن معظمنا سيذهب إلى جهنم ؟

ولماذا كل هذه الأديان والاختلافات فيما بينها ؟

وإذا كان الله هو خالق كل شيء فمن خلق الله ؟

ألا يتنافى ذلك مع منطقنا البشري ؟

علماً أني قرأت الحديث الذي مفاده أن من أتى خاطره هكذا سؤال فليستعذ بالله ولينته!! كيف لي أن أؤمن والإيمان يمنعي من أن أفكر منطقياً؟ ألم يقل الله في القرآن : ( قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ) ؟

ومما يزيد ش**** حول هذا الأمر أن الدول العلمانية هي الدول المتقدمة اقتصادياً وسياسياً وعلمياً ، وأن المسلمين هم أكثر الشعوب تخلفاً ، خصوصاً في بلادنا العربية

وكيف كان المسلمين يقتلون العلماء ، ويتهمونهم بالإلحاد في العصور الماضية حين يطرح أولئك نظريات جديدة

كما حصل بالذات مع الفلكي غاليلو غاليليه .

أعتذر عن الإطالة ، وأرجو منكم إعطائي الجواب الشافي الذي يبين لي جادة الصواب ، وشكراً.


الجواب

الحمد لله

أولا :

لقد آلمتنا رسالتك أشد الألم

لما وصل إليه الحال ببعض المسلمين إلى الشك في أحقية الإسلام

مع الجهل بحقيقة هذا الدين وعلاقته بالعقل والعلم

وإلصاق التهم به التي يرددها أعداؤه

من غير بصيرة ولا تعقل ولا تدبر .

ونحن نقول لك حقيقة ظاهرة ساطعة ولكنها خفية عمن تعامى عنها وأغلق عينيه فلم يرها :

لم يطعن أحد في دين الإسلام إلا أحد رجلين :

إما أن يكون صاحب هوى ، ويعلم الحق ويخالفه عمدا ، وإما أن يكون جاهلا بحقيقة الإسلام ، فينسب إليه ما هو بريء منه ، ثم يطلق عليه الاتهامات !!

ثانيا :

يجب أن تعلم أنه مهما بلغ الإنسان من الذكاء وقوة العقل

وحصل على ما حصل عليه من الشهادات والدرجات العلمية ، فإنه إذا لم يهتد بنور الوحي، فإنه سيكون في ضلال ، وسيتناقض، ويأتي بما يخالفه فيه كل العقلاء ، وهو يظن أنه أكمل الناس عقلا وذكاء !!

واعتبر ذلك بمن مضوا، ممن وصفوا بأنهم من "أذكياء العالم" ، ولكنهم حين اعتمدوا على عقولهم، وتركوا نور الله : ضلوا ، ولم يبلغوا حقيقة العلم ، ولا شفاء الصدور !!

وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

عن الفلاسفة : "وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَغَيْرِهِمْ ، فِي الْغَالِبِ : (لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ * يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ)

يَعْلَمُ الذَّكِيُّ مِنْهُمْ وَالْعَاقِلُ: أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ فِيمَا يَقُولُهُ عَلَى بَصِيرَةٍ ، وَأَنَّ حُجَّتَهُ لَيْسَتْ بِبَيِّنَةٍ ، وَإِنَّمَا هِيَ كَمَا قِيلَ فِيهَا:

حُجَجٌ تهافت كَالزَّجَّاجِ تَخَالُهَا * حَقًّا وَكُلُّ كَاسِرٍ مَكْسُورٌ

وَيَعْلَمُ الْعَلِيمُ الْبَصِيرُ بِهِمْ : أَنَّهُمْ ، مِنْ وَجْهٍ : مُسْتَحِقُّونَ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

حَيْثُ قَالَ: حُكْمِي فِي أَهْلِ الْكَلَامِ أَنْ يُضْرَبُوا بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ ، وَيُطَافُ بِهِمْ فِي الْقَبَائِلِ وَالْعَشَائِرِ ، وَيُقَالُ: هَذَا جَزَاءُ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَأَقْبَلَ عَلَى الْكَلَامِ.

وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ إذَا نَظَرْت إلَيْهِمْ بِعَيْنِ الْقَدَرِ - وَالْحَيْرَةُ مُسْتَوْلِيَةٌ عَلَيْهِمْ ، وَالشَّيْطَانُ مُسْتَحْوِذٌ عَلَيْهِمْ - :

رَحِمَتْهُمْ ، وَتَرَّفِّقْت بِهِمْ؛ أُوتُوا ذَكَاءً، وَمَا أُوتُوا زكَاءً، وَأُعْطُوا فُهُومًا

وَمَا أُعْطُوا عُلُومًا ، وَأُعْطُوا سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً ؛ (فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) .

وَمَنْ كَانَ عَلِيمًا بِهَذِهِ الْأُمُورِ: تَبَيَّنَ لَهُ بِذَلِكَ حِذْقُ السَّلَفِ ، وَعِلْمُهُمْ وَخِبْرَتُهُمْ ؛ حَيْثُ حَذَّرُوا عَنْ الْكَلَامِ ، وَنَهَوْا عَنْهُ ، وَذَمُّوا أَهْلَهُ وَعَابُوهُمْ . وَعَلِمَ أَنَّ مَنْ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لَمْ يَزْدَدْ مِنْ اللَّهِ إلَّا بُعْدًا.

فَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ أَنْ يَهْدِيَنَا صِرَاطَهُ الْمُسْتَقِيمَ ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ ، غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ آمِينَ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَاتُهُ وَسَلَامُهُ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ"

انتهى من "مجموع الفتاوى" (5/119) .

فاحذر يا عبد الله من أن تبتعد عن الكتاب والسنة ، أو تطلب الهدى من غيرهما .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"فَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الْخَارِجِينَ عَنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ جَمِيعِ فُرْسَانِ الْكَلَامِ وَالْفَلْسَفَةِ إلَّا وَلَا بُدَّ أَنْ يَتَنَاقَضَ

فَيُحِيلَ مَا أَوْجَبَ نَظِيرَهُ ، وَيُوجِبُ مَا أَحَالَ نَظِيرَهُ ، إذْ كَلَامُهُمْ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)"

انتهى من "مجموع الفتاوى" (13/305) .

وبيان ذلك :

أنك ذكرت أنك وجدت أن الأديان – بما فيها الإسلام – تحوي العديد من الخرافات .

ونحن لا يعنينا الحديث عن سائر الأديان فإننا نوافقك على أن فيها خرافات لأنها ليست من عند الله ، ولكن .. أين هي تلك الخرافات التي تنسبها إلى الإسلام ؟!

فلعلك قرأت مقالا أو كتابا لأحد أعداء الإسلام ، نسب فيه إلى الإسلام ما هو بريء منه ، حتى يتمكن من الطعن في الإسلام ، فظننت – لنقص علمك بالإسلام

– أن هذا هو الإسلام فعلا ، وأنه يحوي على بعض الخرافات ، والأمر في حقيقته ليس كذلك ، ولكنك أُتِيت من عدم علمك بالإسلام حق العلم .

ولذلك فنحن ننصحك بالقراءة عن الإسلام من كتب الإسلام المعتبرة نفسها ، فهذا القرآن الكريم وتفاسيره المعتمدة ، كابن جرير الطبري وابن كثير والقرطبي .. وغيرهم .

وهذه كتب السنة الصحيحة وشروحها .

وهذه كتب الفقه والسيرة والأدب والأخلاق .. التي ألفها علماء معتبرون ، قديما وحديثا .

أما أن تأخذ الإسلام من أعدائه أو جهاله أو منافقيه – فقطعا – لن يكون هذا هو الإسلام الذي ارتضاه الله لنا دينا .

ولذلك فنحن نطالبك بأن تبين لنا هذه الخرافات التي تدعي أنها موجودة في الإسلام حتى نتبين أمرها وننظر فيها ، ولكنك لم تذكر ولو خرافة واحدة .

2- وذكرت تعارض الدين – ومنه الإسلام – والعلم ، وأن الدين ينفي حقائق علمية ثابتة بشكل قاطع ..

ونحن نتساءل : أين هذا التعارض ؟ وأين تلك الحقائق العلمية الثابتة والتي نفاها الإسلام ؟

ونحن نجيب بشكل قاطع : لا وجود لذلك في ديننا ، فالإسلام حث على العلم وحض عليه ، وقد كان علماء المسلمين يخترعون ويكتشفون والدنيا كلها من حولهم في ظلام دامس تتخبط في الجهل والتخلف .

وبحسبك أن تقرأ ما كتبه المنصفون من مؤرخي الغرب وعلمائهم ، عن : تاريخ العلوم في الإسلام ، وتاريخ الحضارة الإسلامية ، وعظمتها .

3- وأما كون الإيمان يمنعك من أن تفكر تفكيرا منطقيا .. فلا ندري عن أي منطق تتحدث ؟

عن المنطق الذي يريد أن يجعل الخالق مخلوقا؟

والذي يريد أن يجعل الأول الذي لا ابتداء له ، ولم يُسبق بعدم ، يريد أن يجعله مخلوقا مسبوقا بعدم ؟

فهل هذا هو المنطق الذي تريده ؟

إن المنطق الصحيح هو الذي يؤدي إلى نتائج صحيحة ، عن طريق قضايا عقلية صحيحة .

أما تركيب قضايا فاسدة ، وبناء النتائج عليها : فهذا شأن المسفسطين ، وأهل الباطل ، لا طلاب الحقائق .

وما ذكرته من شأن السؤال : فيمن خلق الله ، إنما هو وساوس شيطانية يلقيها الشيطان في نفس ابن آدم ويخدعه حتى يظن أنها هي العقل والمنطق فتستقر في قلبه .

ومن أجل ذلك أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أشرت إليه أن من عرض له شيء من هذه الوساوس أن يستعيذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم ولينته

لأن هذه الأفكار هي مجرد وساوس من الشيطان ، لا علاقة لها بالعقل والمنطق .

فهذا هو ما نهاك عنه الشرع .

وانظر السؤالين القادمين

أما التفكير العقلي المنطقي الصحيح فإن الشرع لا ينهاك عنه ، بل يأمرك به ، فانظر إلى نفسك وإلى الكون جميعه من حولك وتأمل ذلك .

وانظر الحكمة التي خلقت من أجلها .

والغاية التي تسير إليها ، فاستعد واعمل لذلك .

هذا الكون من حولك خلقه الله لك ، فتأمل فيه ، وأعمل عقلك واكتشف واخترع وجرب .. حتى تفيد نفسك والمجتمع والناس جميعا . فهل الإسلام منعك من شيء من هذا ؟

ولكن للأسف !!

كثير من الناس – أو أكثرهم – تركوا ما خلقوا من أجله وما أمروا به ، وانشغلوا بما لم يخلقوا من أجله ولم يؤمروا به ، بل نهوا عنه .

إننا نخاطبك هنا بصفتك مسلما تحفظ كثيرا من القرآن وتقرؤه باستمرار .

مالك ولسؤال الخالق جل وعلا : لماذا خلقك ؟

فهل هذا هو الأدب مع الله ؟ وهل هذا هو تعظيم الله الواجب على كل مسلم ؟

إنه ليس لك ولا لغيرك أن يسأل الله تعالى : لماذا فعلتَ كذا ، قال الله تعالى : (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) الأنبياء/23 .

هل تدري لماذا لا يُسأل الله عما يفعل ؟ ذلك لكمال سلطانه وعلمه وحكمته ، فلا يفعل إلا أحسن الأشياء وأحكم وأتقن الأشياء

علم ذلك من علمه وجهله من جهله ، فدعك مما لا يحل لك ، ولا شأن لك به ، واهتم بشأنك وما ستُسأل عنه (وَهُمْ يُسْأَلُونَ).

فإنك تعتقد – بصفتك مسلما – أن الله خلقك وكلفك بشريعة (أوامر ونواهٍ) وجعل مدة الاختبار والعمل هي حياتك ، وبنهايتها تبدأ مرحلة الحساب على ما قدمته من عمل

حتى ينتهي الأمر إلى البعث والحساب والعرض الأكبر ، ثم إما إلى جنة وإما إلى نار .

فإن كنت تعتقد ذلك كله ، كما هو شأن المسلم ، وكما هو الواجب عليك : فعليك بما خلقت من أجله

وأمرت به ، ودع عنك ما وراء ذلك ، فما هي إلا وساوس عدوك الشيطان يريد منك أن تصاحبه في نار جهنم ، (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) فاطر/6 .

4- وأما تخلف الدول الإسلامية وتقدم الدول العلمانية ، فلا علاقة للإسلام بذلك

فالإسلام أمر أتباعه بالعلم والعمل والبحث والاستفادة من السنن والقوانين التي جعلها الله في الكون ، ولكنهم لم يفعلوا ذلك فتخلفوا ، فما ذنب الإسلام في هذا ؟

وهل كل من ترك الإسلام ، أو من لم يدخل فيه أصالة : صار عالما ، غنيا ، قويا .. ؟

5- وأما كثرة الأديان والاختلاف بينها .

فالدين عند الله تعالى دين واحد ، وهو دين الإسلام ، وهو دين الانبياء جميعا من آدم إلى خاتمهم نبينا محمد ، عليهم جميعا الصلاة والسلام (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ) آل عمران/19 .

ولو اتبع الناس الأنبياء لم يقع بينهم اختلاف في الدين ، ولكن أكثر الناس لم يرض باتباع الأنبياء ، وسلم قياده للشيطان والنفس والهوى والعقل القاصر

فأدى بهم ذلك في النهاية إلى اختراع أديان ومذاهب وملل حسب أمزجتهم وما تهواه أنفسهم

وقد كان كل أولئك يظنون أو يرون أنهم أعقل الناس وأكثرهم تفكيرا منطقيا ، وهم في الحقيقة يعبدون الشيطان ، الذي أمرهم بالكفر فكفروا وزين لهم أعمالم فاتبعوه .

قال الله تعالى : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ)60-62 .

وانظر السؤال الثالث القادم

وسوف يعترف هؤلاء بأنهم لم ينتفعوا من نعمة العقل بشيء ، حين ضلوا عن صراط الله المستقيم في الدنيا

لكن : ساعة لا ينفعهم ذلك الاعتراف بشيء : (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) الملك/10 .

فاستمسك يا عبد الله بما جاءك من البينات والهدى ، وحبل الله المستقيم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وَفِي الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن الْحَارِث عَن عَليّ ، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم . وَرَوَاهُ أَبُو نعيم الْأَصْفَهَانِي وَغَيره من طرق عديدة عَن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ، فِي الْقُرْآن ، الحَدِيث الْمَعْرُوف :

( قَالَ : قلت يَا رَسُول الله ، سَتَكُون فتن ؛ فَمَا الْمخْرج مِنْهَا ؟

قَالَ كتابُ الله ، فِيهِ نبأ مَا قبلكُمْ ، وَخبر مَا بعدكم ، وَحكم مَا بَيْنكُم .

هُوَ الْفَصْل لَيْسَ بِالْهَزْلِ ، من تَركه من جَبَّار قصمه الله ، وَمن ابْتغى الْهدى فِي غَيره أضلّهُ الله، وَهُوَ حَبل الله المتين ، وَهُوَ الذّكر الْحَكِيم ، وَهُوَ الصِّرَاط الْمُسْتَقيم

وَهُوَ الَّذِي لَا تزِيغ بِهِ الْأَهْوَاء، وَلَا تخْتَلف بِهِ الآراء ، وَلَا تَلْتَبِس بِهِ الألسن ، وَلَا يخلق عَن كَثْرَة الرَّد .

وَلَا تنقضى عجائبه ، وَلَا يشْبع مِنْهُ الْعلمَاء !!

من قَالَ بِهِ صدق ، وَمن حكم بِهِ عدل ، وَمن عمل بِهِ أُجِر ، وَمن دَعَا إِلَيْهِ ، هُدي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم ) .

فَقَوله : ( من تَركه من جَبَّار قصمه الله ، وَمن ابْتغى الْهدى فِي غَيره أضلّهُ الله )

: يُنَاسب قَوْله تَعَالَى : ( كَذَلِك يضل الله من هُوَ مُسْرِف مرتاب ) [سُورَة غَافِر 34]

وَكَذَلِكَ قَوْله : ( كَذَلِك يطبع الله على كل قلب متكبر جَبَّار ) سُورَة غَافِر 35 .

فَذكر ضلال الأول ، وَذكر تجبر الثَّانِي !!

وَذَلِكَ : لِأَن الاول مرتاب ، ففاته الْعلم ، حَيْثُ ابْتغى الْهدى فِي غَيره .

وَالثَّانِي : جَبَّار عمل ، بِخِلَاف مَا فِيهِ ، فقصمه الله .

وَهَذَانِ الوصفان : يجمعان الْعلم ، وَالْعَمَل .

وَفِي ذَلِك بَيَان : أن كل علمِ دينٍ ، لَا يُطْلب من الْقُرْآن ، فَهُوَ ضلال ، كفاسد كَلَام الفلاسفة والمتكلمة والمتصوفة والمتفقهة .

وكل عَاقل يتْرك كتاب الله ، مرِيدا للعلو فِي الارض وَالْفساد : فإن الله يقصمه .

فالضال : لم يَحصل لَهُ الْمَطْلُوب ، بل يُعذب بِالْعَمَلِ الَّذِي لَا فَائِدَة فِيهِ .

والجبار : حصل لَذَّة ، فقصمه الله عَلَيْهَا .

فَهَذَا : عُذِّب بِإِزَاءِ لذاته الَّتِي طلبَهَا بِالْبَاطِلِ .

وَذَلِكَ : يعذب بسعيه الْبَاطِل ، الَّذِي لم يفده !! "

انتهى، من "الاستقامة" (1/20-21) .

وننصحك بالعناية بقراءة ومدارسة : كتاب "مشكلة الشر"

وكتاب " من خلق الله "

كلاهما للدكتور سامي عامري ، حفظه الله .

نسأل الله تعالى لك الهداية والتوفيق إلى ما فيه خيركم في الدنيا والآخرة .

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2019-10-30, 17:34   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الكفّار يسألون من خلق الله

السؤال

عندما أقول للكفار بأن الله خلق كل شيء حينها يسألونني ومن خلق الله ؟

وكيف كان الله موجوداً منذ البداية ؟

كيف أرد على هذا ؟.


الجواب

1. هذا السؤال الموجَّه إليك من الكفار : باطل من أصله ، متناقض في نفسه !

ذلك لو أننا فرضنا - جدلا - أن هناك خالقاً لله تعالى ! فسيقول السائل : من خلق خالق الخالق ؟؟!

ثم من خلق خالق خالق الخالق ؟؟!

وهكذا يتسلسل إلى ما لا نهاية .

وهذا محال في العقول .

أما أن المخلوقات تنتهي إلى خالقٍ خلق كل شيء ، ولم يخلقه أحد ، بل هو الخالق لما سواه : فإن هذا هو الموافق للعقل والمنطق ، وهو الله سبحانه وتعالى .

2. أما من حيث الشرع والدين عندنا : فإن النبي صلى الله عليه وسلم ، قد أخبرنا عن هذا السؤال ، من أين مصدره ، وما هو علاجه والرد عليه :

= عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا خلق اللهُ الخلقَ ، فمن خلق الله ؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله " .

= وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقول من خلق السماء ؟ من خلق الأرض ؟ فيقول : الله ، - ثم ذكر بمثله - وزاد : " ورسله " .

= وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقول من خلق كذا وكذا ؟ حتى يقول له من خلق ربَّك ؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته " .

= وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يأتي العبد الشيطان فيقول من خلق كذا وكذا ؟ ..".

رواها جميعاً الإمام مسلم ( 134 ) .

ففي هذه الأحاديث :

بيان مصدر هذا السؤال ، وهو : الشيطان .

وبيان علاجه ورده ، وهو :

1. أن ينتهي عن الانسياق وراء الخطرات وتلبيس الشيطان .

2. وأن يقول " آمنتُ بالله ورسله " .

3. وأن يستعيذ بالله من الشيطان .

وورد أيضا التفل عن الشِّمال ثلاثا وقراءة سورة قل هو الله أحد

( انظر كتاب "شكاوى وحلول " )

3. أما عن وجود الله أولاً

فعندنا في ذلك أخبار من نبينا صلى الله عليه وسلم ، ومنها :

1. قوله صلى الله عليه وسلم : " اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء "

. رواه مسلم ( 2713 ) .

2. قوله صلى الله عليه وسلم : " كان الله ولم يكن شيء غيره " ، وفي رواية " ولم يكن شيء قبله " .

رواهما البخاري ، الأولى ( 3020 ) ، والثانية ( 6982 ) . بالإضافة لما في الكتاب العزيز من الآيات

فالمؤمن يُؤمن ولا يشكّ والكافر يجحد والمنافق يشكّ ويرتاب ، نسأل الله أن يرزقنا إيمانا صادقا ويقينا لاشكّ فيه والله الموفق .

الشيخ محمد صالح المنجد


اخوة الاسلام

لنا عودة قريبا باذن الله
ان قدر لنا البقاء و اللقاء









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-10-30 في 17:37.
رد مع اقتباس
قديم 2019-11-01, 17:25   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



العقل الصحيح لا يخالف النقل الصحيح

السؤال


ما معنی قول ابن الجوزي رحمه الله: ( إذا رأيت الحديث يباين المعقول ...

فاعلم أنه موضوع ) بينما كثير من الأحاديث تباين المعقول كإمساك رسول الله صلى الله عليه وسلم برقبة الجنِّي وخلق الإبل من الجن والشجرة التي جاءت إلی رسول الله صلى الله عليه ، وغيرها ؟


الجواب

الحمد لله

كل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو يوافق العقل والفطرة ، ولا يمكن أن يخالف العقل الصحيح النقل الصحيح بحال .

وإنما قد يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أحيانًا بما تحار فيه العقول ولا تدركه لعجزها وضعفها ، لا بما تحيله العقول ولا تقبله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" ما جاء عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُ حَقٌّ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِفِطْرَةِ الْخَلَائِقِ ، وَمَا جُعِلَ فِيهِمْ مِنْ الْعُقُولِ الصَّرِيحَةِ، والقصود الصَّحِيحَة ، لَا يُخَالِفُ الْعَقْلَ الصَّرِيحَ

وَلَا الْقَصْدَ الصَّحِيحَ ، وَلَا الْفِطْرَةَ الْمُسْتَقِيمَةَ ، وَلَا النَّقْلَ الصَّحِيحَ الثَّابِتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا يَظُنُّ تَعَارُضَهَا : مَنْ صَدَّقَ بِبَاطِلِ مِنْ النُّقُولِ ، أَوْ فَهِمَ مِنْهُ مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ

أَوْ اعْتَقَدَ شَيْئًا ظَنَّهُ مِنْ الْعَقْلِيَّاتِ وَهُوَ مِنْ الجهليات ، أَوْ مِنْ الْكُشُوفَاتِ وَهُوَ مِنْ الكسوفات إنْ كَانَ ذَلِكَ مُعَارِضًا لِمَنْقُولِ صَحِيحٍ وَإِلَّا عَارَضَ بِالْعَقْلِ الصَّرِيحِ ، أَوْ الْكَشْفِ الصَّحِيح ِ

مَا يَظُنُّهُ مَنْقُولًا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَكُونُ كَذِبًا عَلَيْهِ ، أَوْ مَا يَظُنُّهُ لَفْظًا دَالًّا عَلَى شَيْءٍ وَلَا يَكُونُ دَالًّا عَلَيْهِ "

انتهى . "الرسالة العرشية" (ص: 35) .

وقال أيضا :

" ما خالف العقل الصريح فهو باطلٌ . وليس في الكتاب والسنَّةِ والإجماع باطل ، ولكن فيه ألفاظ قد لا يفهمها بعضُ النَّاس ، أو يفهمون منها معنى باطلاً ، فالآفةُ منهم ، لا من الكتاب والسُّنَّة " انتهى .

"مجموع الفتاوى" ( 11 / 490 ) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

" الرسل صلوات الله وسلامه عليهم لم يخبروا بما تحيله العقول وتقطع باستحالته

بل أخبارهم قسمان :

أحدهما : ما تشهد به العقول والفطر .

الثاني: ما لا تدركه العقول بمجردها ، كالغيوب التي أخبروا بها عن تفاصيل البرزخ واليوم الآخر وتفاصيل الثواب والعقاب ، ولا يكون خبرهم محالا في العقول أصلا

وكل خبر يظن أن العقل يحيله ، فلا يخلو من أحد أمرين : إما أن يكون الخبر كذبا عليهم ، أو يكون ذلك العقل فاسدًا ، وهو شبهة خيالية ، يظن صاحبها أنها معقول صريح "

انتهى من "الروح" (ص 62) .

وينظر : "الصواعق المرسلة" (3/ 829-830).

وعلى ذلك : فقول الحافظ أبي الفرج ابن الجوزي رحمه الله :

" مَا أَحْسَنَ قَوْلَ الْقَائِلِ : إِذَا رَأَيْتَ الْحَدِيثَ يُبَايِنُ الْمَعْقُولَ أَوْ يُخَالِفُ الْمَنْقُولَ أَوْ يُنَاقِضُ الْأُصُولَ : فَاعْلَمْ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ "

انتهى من "تدريب الراوي" (1/ 327).

يعني : أن من أمارات الحديث الموضوع أنه يخالف صريح العقل ، أو يخالف صحيح النقل ، أو يخالف أصلا معمولاً به متفقا عليه .

فمخالفته لصريح العقل : أن يأتي بما يرده العقل ويأباه ، كحديث : ( إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْفَرَسَ فَأَجْرَاهَا فَعَرِقَتْ ، فَخَلَقَ نَفَسَهُ مِنْهَا ) .

قال السيوطي رحمه الله :

"هَذَا لَا يَضَعُهُ مُسْلِمٌ ، بَلْ وَلَا عَاقِلٌ ، وَالْمُتَّهَمُ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ كَانَ زَائِغًا فِي دِينِهِ "

انتهى من "تدريب الراوي" (1/ 328).

أما أن يأتي الحديث الصحيح بما لا سبيل للعقل إليه لنقصه وعجزه ، كأن يأتي ببعض المعجزات النبوية

أو يأتي ببعض الأخبار الغيبية : فمثل هذا يسمى " محارات العقول " ولا يسمى " محالات العقول "

فهو لا يخالف العقل ، ولكن يعجزه ويحيره ، فإما أن يسلم العبد به ويقبله ويقر بعجزه – وتلك حال المؤمن – وإما أن يرفضه ويرده – وتلك حال الجاهل المكذب .

وكون النبي صلى الله عليه وسلم يأمر الصحابي أن يدعو الشجرة فيدعوها فتنقاد إليه ، أو كونه يمسك الجني ويخنقه حتى يجد برد لعابه بين أصبعيه

: فهذا من دلائل النبوة التي يجب تصديقها عند صحة الخبر بها ، فيزداد بها المؤمن إيمانًا

والكافر كفرانًا ؛ وليس في بدائه العقول ولا قضاياها ما يحكم باستحالة مثل ذلك ، أو يقضي ببطلانه ، وإن عجز العقل عن إدراك كيفية ذلك ، أو الحكم بها ثبوتا أو نفيا ، من غير ورود الخبر به .

أما حديث : ( صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل ؛ فإنها خلقت من الشياطين ) رواه ابن ماجة (769) وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .

فليس المراد به ـ على المشهور ـ أنها خلقت من الشياطين حقيقة ، وإنما المراد أن أكل لحومها يورث قوة شيطانية نافرة

والغاذي شبيه بالمغتذي ، وأنها خلقت على صفة تشبه الجن في النفور والإيذاء ، فلذلك أمر بالوضوء من لحومها ، ونهى عن الصلاة في أعطانها .

انظر : "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (20/523) (21/10)

"حاشية ابن عابدين" (1/380),

وينظر للفائدة جواب السؤال بعد القادم

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-11-01, 17:35   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

الأدلة على صحة دين الإسلام

السؤال

أريد أن أكون مسلماً حقيقاً لذا أضع هذا السؤال: ما الداعي للإلتزام بالإسلام ؟

بعبارة أخرى ، هب أني كنت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يدعو إلى هذا الدين ، فما الذي يدفعني إلى تصديق رسالته وما جاء به من كتاب وسنة؟

كما أني لا أفهم التحدي القرآني " فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين.." ، فالذي أفهمه أن مَن أتى بكتاب ما في فنٍ ما فإنه يشبه كتاباً أخر في نفس الفن ، وإن خالفه في بعض الجزئيات

فما وجه الإعجاز في القرآن ؟

قد يبدوا غريباً أن يصدر هذا السؤال من شخص مسلم ، ولكن الله أعلم بنيتي
.

الجواب

الحمد لله

إن الأدلة على صحة دين الإسلام ، وصدق نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم كثيرة لا تكاد تنحصر ؛ وهذه الأدلة كافية لإقناع كل منصف عاقل باحث عن الحق بتجرد وإخلاص

ويمكن إجمال بعض من هذه البراهين فيما يلي :

أولاً : دلالة الفطرة : فإن دعوة الإسلام هي الموافقة للفطرة السوية

وإلى ذلك أشار قول الله عز وجل : ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) الروم/30 .

وقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ) .

أخرجه البخاري (1358) ، ومسلم (2658) .

وقوله ( تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ ) أي كما تولد البهيمة مجتمعة الأعضاء وسليمة من النقص ، وما يحدث لها من قطع الأذن أو غيرها فيكون بعد ولادتها .

وهكذا كل إنسان يولد مفطور على الإسلام ، وأي انحراف عن الإسلام فهو خروج عن الفطرة ولا شك

ولذلك فإننا لا نجد شيئًا من تعاليم الإسلام يخالف الفطرة قط

بل كل الأحكام العقدية والعملية موافقة للفطرة السليمة السوية ، أما ما سوى الإسلام من أديان واعتقادات فتشتمل على ما يخالف الفطرة ، وهذا أمر ظاهر بيّن عند التأمل والتدبر .

ثانيًا : البراهين العقلية :

أكثرت نصوص الشرع من مخاطبة العقل ، وتوجيهه إلى النظر في الحجج والبراهين العقلية ، ومن دعوة أصحاب العقول وأولي الألباب إلى تدبر الدلائل القطعية على صحة الإسلام .

قال الله تعالى : ( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) ص/29 .

قال القاضي عياض في وجوه إعجاز القرآن : " جمع فيه من بيان علم الشرائع والتنبيه على طرق الحجاج العقليات ، والرد على فرق الأمم ببراهين قوية وأدلة بينة

سهلة الألفاظ موجزة المقاصد ، رام المتحذلقون بعدُ أن ينصبوا أدلة مثلها ، فلم يقدروا عليها "

انتهى من " الشفا " (1/390) .

فلم تشتمل نصوص الوحي على شيء تحيله العقول أو ترفضه ، ولم تأت بمسألة تخالف بداهة عقلية أو تناقض قياسًا عقليًا ؛ بل ما جاء أهل الباطل بقياس لباطلهم إلا رده بالحق والبيان العقلي الواضح .

قال الله تعالى: ( وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ) الفرقان /33.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" أخبر سبحانه أن الكفار لا يأتونه بقياس عقلي لباطلهم إلا جاءه الله بالحق ، وجاءه من البيان والدليل وضرب المثل بما هو أحسن تفسيرًا ، وكشفًا وإيضاحًا للحق من قياسهم "

انتهى من مجموع الفتاوى (4/106) .

ومن الأمثلة على الأدلة العقلية في القرآن قوله تعالى : ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) النساء /82 .

جاء في تفسير القرطبي :

" إنه ليس من متكلم يتكلم كلامًا كثيرًا إلا وُجد في كلامه اختلاف كثير ، إما في الوصف واللفظ

وإما في جودة المعنى ، وإما في التناقض ، وإما في الكذب ، فأنزل الله عز وجل القرآن وأمرهم بتدبره ؛ لأنهم لا يجدون فيه اختلافًا في وصف ولا ردًا له في معنى

ولا تناقضًا ولا كذبًا فيما يخبرون به من الغيوب وما يُسرّون "

انتهى من "الجامع لأحكام القرآن " (5/290) .

وقال ابن كثير :

" أي: لو كان مفتعلاً مختلقًا ، كما يقوله من يقوله من جهلة المشركين والمنافقين في بواطنهم ( لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا ) أي : اضطرابًا وتضادًّا كثيرًا ؛ أي : وهذا سالم من الاختلاف ، فهو من عند الله "

انتهى من " تفسير القرآن العظيم " (1/802) .

ثالثًا : المعجزات ودلائل النبوة :

إن الله تعالى قد أيد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بالعديد من المعجزات والخوارق والآيات الحسية التي تدل على صدق نبوته وصحة رسالته كانشقاق القمر له

وتسبيح الطعام والحصى بين يديه ، ونبوع الماء من بين أصابعه ، وتكثيره للطعام ونحو ذلك من معجزات وآيات رآها وعاينها جمع غفير ، ونقلت إلينا بالأسانيد الصحيحة التي وصلت إلى حد التواتر المعنوي الذي يفيد اليقين .

ومن ذلك ما صح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود أنه قال : " كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَلَّ الْمَاءُ ، فَقَالَ : ( اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ ) فَجَاءُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ

ثُمَّ قَالَ : ( حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ وَالْبَرَكَةُ مِنْ اللَّهِ ) ، فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ ) .

أخرجه البخاري (3579) .









رد مع اقتباس
قديم 2019-11-01, 17:36   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

رابعًا : النبوءات :

ويُقصد بالنبوءات هنا : ما أخبر به الوحي من أمور وأحداث تقع في المستقبل سواء في حياته النبي محمد صلى الله عليه وسلم أو بعد مماته .

وما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بشيء من الأمور المستقبلية إلا وقع كما أخبر تمامًا ، وهذا دليل على أن الله عز وجل قد أوحى إليه وأطلعه على أشياء من علم الغيب الذي لا يمكن الوصول إليه إلا بالوحي، ومن ذلك:

ما رواه أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى ) .

أخرجه البخاري (7118) ، ومسلم (2902) .

وقد وقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم كما أخبر تمامًا في سنة 654هـ ، أي بعد وفاته بما يقرب من 644 سنة

وقد ذكر ذلك المؤرخون ومنهم العلامة أبو شامة المقدسي في كتابه " ذيل الروضتين "

وهو من العلماء الذين عاصروا هذه الواقعة التاريخية

وكذلك الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" (13/219)

حيث قال: " ثم دخلت سنة أربع وخمسين وستمائة فيها كان ظهور النار من أرض الحجاز التي أضاءت لها أعناق الإبل ببصرى ، كما نطق بذلك الحديث المتفق عليه

وقد بسط القول في ذلك الشيخ الإمام العلامة الحافظ شهاب الدين أبو شامة المقدسي في كتابه الذيل وشرحه

واستحضره من كتب كثيرة وردت متواترة إلى دمشق من الحجاز بصفة أمر هذه النار التي شوهدت معاينة، وكيفية خروجها وأمرها .

وملخص ما أورده أبو شامة أنه قال :

وجاء إلى دمشق كتب من المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، بخروج نار عندهم في خامس جمادى الآخرة من هذه السنة ، وكتبت الكتب في خامس رجب ، والنار بحالها

ووصلت الكتب إلينا في عاشر شعبان ثم قال : بسم الله الرحمن الرحيم ، ورد إلى مدينة دمشق في أوائل شعبان من سنة أربع وخمسين وستمائة كتب من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم

فيها شرح أمر عظيم حدث بها فيه تصديق لما في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى ) فأخبرني من أثق به ممن شاهدها أنه بلغه أنه كتب بتيماء على ضوئها الكتب .

قال : وكنا في بيوتنا تلك الليالي ، وكان في دار كل واحد منا سراج ، ولم يكن لها حر ولفح على عظمها ، إنما كانت آية من آيات الله عز وجل " انتهى .

خامسًا : الشمائل والصفات : من أكبر الأدلة على صدق نبوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو شخصيته نفسها ، وما تحلى به من مكارم الأخلاق وحسن الخصال وجميل الخلال وعظيم الصفات

حيث بلغ النبي صلى الله عليه وسلم درجة من الكمال البشري في حسن الصفات والأخلاق لا يمكن أن تكون إلا لنبي مرسل من عند الله

فما وُجد خلق حميد إلا دعا له وأمر به وحث عليه وعمل به ، وما من خلق ذميم إلا نهى عنه وحذر منه

وكان أبعد الناس عنه ؛ حتى بلغ اعتناؤه بالخلق درجة تعليل رسالته وبعثته بتقويم الأخلاق وإشاعة مكارمها

والعمل على إصلاح ما أفسدته الجاهلية منها ، فقد جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ ) .

أخرجه أحمد (8739)

وقال الهيثمي في " المجمع ": " رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح ".

وصحح العجلوني سنده في " كشف الخفا "، وصححه الألباني في " صحيح الجامع " (2349) .

والمعجزة دليل على صدق الرسول ، فإنه يقول للناس إنه مرسل من الله تعالى

فيتحداه بعضهم أن يبرهن على ذلك ، فيؤيده الله عز وجل بالمعجزة ، وهي الأمر الخارق للعادة ، وقد تحصل له المعجزة من غير أن يتحداه أحد أو يكذبه ، فتكون تثبيتاً لأتباعه.









رد مع اقتباس
قديم 2019-11-01, 17:38   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

سادسًا : جوهر الدعوة :

فأصل دعوة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم تتلخص في بناء معتقدات صحيحة على أسس شرعية وعقلية سليمة ، فهي دعوة إلى الإيمان بالله وتوحيده في إلهيته وربوبيته

فلا يستحق العبادة إلا إله واحد وهو الله سبحانه

لأنه رب هذا الكون وخالقه ومالكه ومدبّر شؤونه ومصرّف أموره والحاكم فيه بأمره ، والذي يملك الضرّ والنفع

والذي يملك رزق كل المخلوقات ، ولا يشاركه في ذلك أحد ، ولا يكافئه أو يماثله أحد ، فهو منزه سبحانه عن الشركاء والأنداد والأقران والأكفاء .

قال الله تعالى: ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ.اللَّهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ.وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) الإخلاص/ 1-4 .

وقال سبحانه : ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ) الكهف/110.

فدعوة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم دعوة تهدم الشرك بكل أشكاله ، وتخلص الثقلين من كل ما عبد بالباطل ؛ فلا عبادة للأحجار والكواكب والقبور ، ولا للمال والشهوات والأهواء والسلاطين وطواغيت الأرض .

إنها دعوة جاءت لتحرّر البشرية من عبادة العباد ، وتخرجها من ذلّ الوثنيات وظلم الطواغيت ، وتخلصّها من أسر الشهوات والأهواء الجائرة .

إن هذه الدعوة المباركة تعد امتدادًا وتقريرًا لكل الرسالات الربانية السابقة الداعية للتوحيد

ولذلك دعا الإسلام إلى الإيمان بالأنبياء والرسل جميعًا ، مع توقيرهم وتعظيمهم ، والإيمان بما أنزل عليهم من الكتب ، ودعوة كهذه لا ريب أنها الحق .

سابعًا : البشارات :

فقد جاءت كتب الأنبياء مبشرة بدين الإسلام وبالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، والقرآن الكريم أخبرنا بوجود بشارات واضحة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل ، منها ما يصرّح باسمه ورسمه .

فقد قال الله تعالى: ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ

وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ) الأعراف/ 157 .

وقال سبحانه: ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) الصف/6 .

ولا يزال في كتب اليهود والنصارى ـ التوراة والإنجيل

بشارات تنبئ بقدومه وتبشّر برسالته وتعطي بعض أوصافه ، على الرغم من محاولات الطمس والتحريف المستمرة لهذه البشارات

ومن ذلك ما جاء في جاء في سفر التثنية الإصحاح (33) العدد (2) :

" جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير، وتلألأ من جبال فاران.." .

جاء في "معجم البلدان" (3/301) :

" فاران: بعد الألف راء وآخره نون كلمة عبرانية معربة ، وهي من أسماء مكة ذكرها في التوراة ، قيل : هو اسم لجبال مكة .

قال ابن ماكولا أبو بكر نصر بن القاسم بن قضاعة القضاعي الفاراني الإسكندراني : سمعت أن ذلك نسبته إلى جبال فاران وهي جبال الحجاز .

وفي التوراة : " جاء الله من سيناء وأشرق من ساعير واستعلن من فاران ".

مجيئه من سيناء تكليمه لموسى عليه السلام ، وإشراقه من ساعير وهي جبال فلسطين هو إنزاله الإنجيل على عيسى عليه السلام ، واستعلانه من جبال فاران : إنزاله القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم " انتهى .

ثامنًا : القرآن الكريم :

وهو أعظم المعجزات وأجل الآيات وأظهر البينات ، وهو حجة الله البالغة على خلقه إلى يوم القيامة

وقد اشتمل على وجوه متعددة من الإعجاز مثل : الإعجاز البياني ، والإعجاز العلمي ، والإعجاز التشريعي ، والإخبار بالأمور المستقبلية والغيبية .

أما عن المقصود بقوله تعالى : ( فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ ) الطور /34 ، فهو رد على من زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم تقوَّل القرآن من نفسه

فتحداهم القرآن أن يأتوا بمثله إن كانوا صادقين في زعمهم ؛ لأن لازم هذا الادعاء أن هذا في مقدور البشر ، فلو كان ذلك صحيحا ، فما الذي يمنعهم من الإتيان بمثله وهم أرباب الفصاحة وأساطين البلاغة ؟

وقد تحدى الله الكفار أن يأتوا بمثله فعجزوا، كما أخبر القرآن : ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) الإسراء/88.

وتحداهم أن يأتوا بعشر سور من مثله فعجزوا : ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين َ) هود/13.

وتحداهم أن يأتوا بسورة واحدة من مثله فعجزوا : ( وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) البقرة/23 .

أما وجه الإعجاز الذي وقع به التحدي فقد اختلف فيه العلماء على أقوال أظهرها كما قال الألوسي : " أن القرآن بجملته وأبعاضه حتى أقصر سورة منه معجز بالنظر إلى نظمه وبلاغته

وإخباره عن الغيب ، وموافقته لقضية العقل ودقيق المعنى ، وقد تظهر كلها في آية ، وقد يستتر البعض كالإخبار عن الغيب ، ولا ضير ولا عيب ، فما يبقى كاف وفي الغرض واف" .

انتهى من "روح المعاني " ( 1/29) .

ويندرج تحت كل من البراهين الإجمالية السابقة العديد من الأدلة التفصيلية ما لا يتسع المقام لسردها

ويحسن أن تراجع في مظانها ، ويُنصح كل مسلم أن يطلب علم الكتاب والسنة ، وأن يدرس كتب العقيدة الصحيحة ، وأن يتعلم أمور دينه ليحسن إسلامه ويعبد ربه على بصيرة .

والله أعلم .


اخوة الاسلام

لنا عودة قريبا باذن الله
ان قدر لنا البقاء و اللقاء









رد مع اقتباس
قديم 2019-11-02, 15:56   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



كيف نعرف الأحاديث الصحيحة من المكذوبة

السؤال

أعلم أن علينا الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، لكن ما هو مدى تأكدنا من أن بعض الأحاديث الموجودة اليوم ليست مكذوبة أو مغيرة؟

أرجو أن تتفهم أني لا أقوّمُ الأحاديث ولست أقول أنها خطأ بأي حال من الأحوال

لكن الكثير من الأحاديث التي رُويت لي من قبل بعض المسلمين كانت ضعيفة ومكذوبة.أنا أتمثل الأحاديث ما استطعت. أرجو مساعدتي بتقديم أية معلومات حول ذلك


الجواب

الحمد لله

1. تكفل الله تعالى بحفظ دينه

ومنه حفظ الكتاب المعجز

ومعه حفظ السنة النبوية التي تعين على فهم القرآن

قال الله تعالى إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون

والذكر يشمل القرآن والسنة .

2. وقد حاول كثيرون -

في الماضي والحاضر -

أن يدسوا الأحاديث الضعيفة والموضوعة في الشرع المطهر وفي السنة النبوية

لكن الله تعالى ردَّ كيدهم في نحورهم

وسخَّر الله الأسباب لحفظ دينه ومنها العلماء الأثبات الثقات الذين ينخلون الروايات

ويتتبعون مصادرها ويقفون على تراجم رواتها حتى إنهم ليذكرون متى اختلط الراوي ومن الذين رووا عنه قبل الاختلاط ومن روى عنه بعد الاختلاط

ويعرفون رحلات الراوي ودخوله البلدان وعمن أخذ من أهلها

وهكذا في قائمة طويلة يصعب حصرها

وكل ذلك يدل على أن هذه الأمة محفوظة في دينها مهما حاول الأعداء الكيد والعبث والتحريف .

قال سفيان الثوري: الملائكة حراس السماء وأصحاب الحديث حراس الأرض .

وذكر الحافظ الذهبي

أن هارون الرشيد أخذ زنديقا ليقتله فقال الزنديق :

أين أنت من ألف حديث وضعتها ،

فقال الرشيد :

أين أنت يا عدو الله من أبى إسحاق الفزاري وعبد الله بن المبارك ينخلانها فيخرجانها حرفاً حرفاً .

ويستطيع طالب العلم معرفة الأحاديث الضعيفة والموضوعة بكل يسر وسهولة وذلك بالنظر في أسانيد الرواية ومعرفة حال رجالها من كتب الرجال وكتب الجرح والتعديل .

3. وقد جمع كثير من العلماء مثل هذه الأحاديث الضعيفة والموضوعة في كتب خاصة ليسهل النظر فيها مجموعة فيحذر الإنسان ويُحذِّر غيره

ومنها " العلل المتناهية " لابن الجوزي

و " المنار المنيف " لابن القيم

و"اللآليء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة" للسيوطي

و " الفوائد المجموعة " للشوكاني

و"الأسرار المرفوعة في الأحاديث الموضوعة" لابن عرّاق

و " ضعيف الجامع الصغير "

و " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة "

كلاهما للشيخ الألباني رحمه الله .

4. وكون الأخ السائل يسمع الضعيف والموضوع كما يقول فهو يدل على أنه يميز - ولله الحمد - بين ما كان صحيحاً وما كان غير صحيح ! وهذا من فضل الله وهو يدل على ما ذكرنا من حفظ الله لهذه الشريعة .

5. وإننا ننصح الأخ السائل بالقراءة في كتب الرجال والجرح والتعديل وكتب مصطلح الحديث ليعرف مدى الجهود المبذولة لخدمة السنة النبوية .

والله الموفق .

الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 11:26

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc