آدابُ المشي إلى الصَّلاة - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتب و المتون العلمية و شروحها ..

قسم الكتب و المتون العلمية و شروحها .. يعنى بجميع المتون من نظم و قصائد و نثر و كذا الكتب و شروحاتها في جميع الفنون على منهج أهل السنة و الجماعة ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

آدابُ المشي إلى الصَّلاة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-04-24, 08:23   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
احمد الصادق
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B18 آدابُ المشي إلى الصَّلاة

آدابُ المشي إلى الصَّلاة (4)
الدَّرسُ الأَول (1)
سماحة الشيخ/ صالح بن فوزان الفوزان
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ لله ربِّ العَالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على قائدِ الغُرِّ المحجَّلين، نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
مرحبًا بكم أيُّها الإخوة والأخوات في درس من كتاب "آداب المشي إلى الصلاة"، ضيف هذا اللقاء هو سماحة العلَّامة الشَّيخ/ صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدَّائمة للإفتاء.
باسمكم جميعًا -أيُّها السَّادة- نرحب بسماحته، ونشكر له تفضله بشرح هذه المتون المباركة، فأهلا ومرحبًا سماحة الشيخ}.
حياكم الله وبارك فيكم.
{مِن الأسئلة التي وردت في الباب السَّابق، يقول السَّائل: بعض النَّاس يأتي مُسرعًا لإدراك الرُّكوع، ويُصدِرُ أصواتًا ويُردِّد "إنَّ الله مع الصَّابرين، إنَّ الله مع الصَّابرين".
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ، فَامْشُوا إِلَى الصَّلاَةِ وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالوَقَارِ، وَلاَ تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فاتَكم فأتِمُّوا» ، وفي رواية: «فَاقْضُوا» . فالمشروع أنَّ الإنسان يأتي إلى الصَّلاة بسكينةٍ ووقارٍ، كما أمر النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا يأتيها بعجلةٍ ويدخل فيها وهو ثائرَ النَّفسِ من السُّرعةِ أو العدْوِ، فيؤثِّر ذلك على خُشوعِهِ في الصَّلاةِ.
{بعضُ النَّاس عندما يُشاهد الإمام راكعًا؛ يركع في طرفِ الصَّف ثُم يمشي وهو مُنحنٍ. فما حكم ذلك؟}.
نهى النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن ذلك لَمَّا دخل حذيفة بن اليمان فرأى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- راكعًا فركع ودبَّ حتى دخل في الصف، فقال له -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا سَلَّمَ من صلاته: «زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا، وَلاَ تَعُدْ» . وفي رواية: «ولا تعْدُ»، فأمره النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالسَّكينة والوقار، حتى يصل إلى الصَّف في هُدوء، فلا يُشوِّش على نفسه، ولا يُشوِّش على المصلِّين، ولا يُذهب الخشوع.
{قال المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مَعَ الإِمَامِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْجَمَاعَةَ)}.
هذا هو القول الصحيح؛ أنَّ الجماعة لا تُدرك إِلَّا بإدارك ركعة، كالجمعة، وعلى رواية في المذهب أنها تُدرك بتكبيره قبل سلام الإمام، ولكن هذا مرجوح في المذهب، ولهذ قال في متن الزاد: (ومن كبر قبل سلامه فقد أدرك الجماعة) بناءً على هذه الرواية المرجوحة.
{قال: (وَتُدْرَكُ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ مَعَ الإِمَامِ)}.
هذا هو القول الصَّحيح كما ذكرنا.
{(وَتُجْزِئُ تَكْبِيرَةُ الإِحْرَامِ عَنْ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ)}.
إذا جاء والإمام راكعًا فإنه يأتي بتكبيرة الإحرام وهو قائم معتدل، ثم ينحني للركوع، ولا يجب في إنحنائه تكبير لأنَّه تُجزئ عنها تكبيرة الإحرام، فإن كبَّر تكبيرة ثانية للإنحناء فلا بأس بذلك.
{قال: (لِفِعْلِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عُمَرَ)}.
ورد عن الصحابيين أنهما كانا يكتفيان بتكبيرة الإحرام،ولا يأتيان بتكبيرة ثانية للانتقال.
{(وَلاَ يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ مِنَ الصَّحَابَةِ)}.
لا يُعرف لهما في هذه المسألة مخالف من الصَّحابة، فدلَّ على أنَّها هي الصَّحيحة.
{(وَإِتْيَانُهُ بِهِمَا أَفْضَلُ خُرُوجًا مِنْ خِلاَفِ مَنْ أَوْجَبَهُ)}.
إتيانه بالتَّكبيرتين -تكبيرة الإحرام وهو واقف، وتكبيرة الرُّكوع وهو ينحني- هذا أفضل للخروج من الخلاف.
{(فَإِنْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ لَمْ يَكُنْ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ)}.
إن أدرك الإمام بعدما اعتدل من الركوع لم يكن مدركًا للركعة، ولكن يُكبِّرُ معهُ للمتابعةِ، ويأتي بركعة بدلًا من هذه التي فاتت.
{(وَعَلَيْهِ مُتَابَعَتُهُ)}.
كما ذكرنا.
{(وَيُسَنُّ دُخُولُهُ مَعَهُ لِلْخَبَرِ)}.
يُسنُّ دخوله معه ولو كان قائمًا بعد الركوع، ولا يؤجل حتى يقوم الإمام للثانية كما يفعله بعض الناس؛ بل يُدرك المتابعة مع الإمام؛ لقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من أتى والإمام على حالٍ فليكن معه على تلك الحال».
{(وَلاَ يَقُومُ الْمَسْبُوقُ إِلاَّ بَعْدَ سَلاَمِ الإِمَامِ التَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ)}.
المسبوق بشيءٍ من الصَّلاة لا يقوم للإتيان بما فاته حتى يُسلِّم إمامه التَّسليمة الثَّانية، ولا يُسلِّم معه؛ بل يقوم بعد التَّسليمة الثَّانية ويأتي بما فاته من الصَّلاة.
{(فَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلاَمِ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ)}.
إذا جاء والإمام يسجد للسَّهو بعد السَّلام فلا يدخل معه، لأنَّ هذا السُّجود ليس من الصَّلاة، وإنما هو سجودٌ لجبران ما نقصَ من الصَّلاة.
{(وَإِنْ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُصَلَّى مَعَهُ)}.
ولو كان قد صلَّى مع الإمام يُستحب له أن يصلِّي مع هذا الدَّاخل ليَجبرَ الجماعة، ليكون هذا الدَّاخل قد صلَّى جماعةً بانضمام أخيه إليه، ولو كان أخوه قد صلَّى الفريضة، فإنَّه يدخل معه ويصلَّي معه وتكون له نافلة.
{(لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ»)}.
هذا هو الدَّليل على مسألتنا، فقد دخلَ رجل بعدما سلَّمَ الرَّسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلاة العصر، فقال: «مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ»، فدلَّ على استحباب ذلك، ولو كان قد صلى مع الإمام فيصلي معه ليتم الجماعة مع هذا المسبوق وتكون له نافلة.
{(وَلا تَجِبُ الْقِرَاءَةُ عَلَى مَأْمُومٍ)}.
قراءة الفاتحة في الجهرية لا تجب على مأمومٍ، لقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَإِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فَأَنْصِتُوا»، والله -جل وعلا- يقول: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204] قال الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "نزلت هذه الآية في الصَّلاة"، يعني: إذا قرأ الإمام في الصلاة فإنَّ المأمومون إذا سمعوه ينصتون ويسكتون.
{(قال الإمام أحمد: "أجمعَ النَّاسُ على أنَّ هذه الآية في الصَّلاة، وَتُسَنُّ قِرَاءَتُهُ فِيمَا لاَ يَجْهَرُ فِيهِ)}.
قال الإمام أحمد: (أجمع الناس) يعني: أجمع العلماء على أنَّ هذه الآية نزلت في الصَّلاة.
فقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ﴾ يعني إذا قرأ الإمام وجهر فإن المأمومين ينصتون ويستمعون لقراءته، ولا يقرؤون والإمام يقرأ.
{(وَتُسَنُّ قِرَاءَتُهُ فِيمَا لاَ يَجْهَرُ فِيهِ الإِمَامُ)}.
أي تُسنُّ قراءة الفاتحة والسُّورة في الصَّلاةِ السِّريَّة كالظُّهرِ والعصرِ، وسمِّيت سريَّة؛ لأنَّ الإمام والمأمومين يُسرِّون القراءة فيهما.
{(وأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ)}.
أي أنَّ هذا مرويٌّ عن أكثرِ الصَّحابة والتَّابعين، أنَّ المأموم لا يقرأ وإمامه يقرأ.
{شكر الله لكم سماحة الشَّيخ صالح على تفضُّلكم بشرح هذه المتون المباركة من كتاب "آداب المشي إلى الصلاة".
نقف عند هذا الحدِّ، ونستكمل -إن شاء الله- ما تبقَّى من الأسئلة وبقيَّة المتن في الدَّرس القادم -بإذن الله تعالى.
حتى ذلكم الحين نستودعكم الله، وأنقل لكم تحيَّات فريق العمل، والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.









 


رد مع اقتباس
قديم 2019-04-24, 08:23   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
احمد الصادق
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

آدابُ المشي إلى الصَّلاةِ (4)
الدَّرسُ الثَّاني (2)
سماحة الشيخ/ صالح بن فوازن الفوزان

{بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ لله ربِّ العالمينَ، والصَّلاة والسَّلام على قائدِ الغرِّ المجَّلين، نبيِّنا محمد وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين.
مرحبًا بكم أيُّها الإخوة والأخوات مع دَرسٍ من دروسِ كتاب "آداب المشي إلى الصلاة"، وضيف هذا اللقاء هو سماحة العلامة الشَّيخ/ صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللَّجنة الدَّائمة للإفتاء.
باسمكم جميعًا -أيُّها السَّادة- نُرحب بسماحته، ونشكر له تفضله بشرح هذه الدُّروس المهمَّة للأمَّة، فأهلًا ومرحبًا سماحة الشَّيخ}.
حيَّاكم الله وباركَ فيكم.
{فيما مَضى أرسلَ أحد الإخوة سؤالًا عمَّا قرأناه في المتن، يستفسر عَن الرَّاجح في صَلاةِ الفرض خلف الصَّفِّ مُنفردًا، وعن أقوال العُلماء، وهل لو صلَّى خلف الصَّف مُنفردًا تَبْطُل صلاته؟}.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رَبِّ العَالمين، والصَّلاة والسَّلام على نبينا محمدٍ.
لا يجوز للفرد أن يُصلِّيَ خلفَ الصَّف؛ لأنَّ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى رجلًا يُصلِّي وحده خلفَ الصَّفِّ فأمرَه أن يُعيد الصَّلاة، وفي مرَّةٍ ثانيةٍ رأى رجلًا يُصلِّي خلفَ الصَّفِّ، فقال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا صَلَاةَ لِفَذِّ خَلْفَ الصَّفِّ» ، فإذا جاء والصَّف مُكتملًا فيُحاول أن يدخل في الصَّف، فإن لم يجد فإنَّه ينتظر حتى يأتي مَن يصف معه خلفَ الصَّفِّ.
{قال المؤلف -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالى: (وَإِنْ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُصَلَّى مَعَهُ؛ لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ»)}.
إن فاتته صلاةُ الجماعة وجاءَ مُتأخرًا بعدما سلَّمَ الإمامُ فإنَّه ينتظر إن كانَ يظنُّ أنَّ خلفَه أحدٌ سيأتي، فينتظره حتى يأتي ويُصلِّي معه، وإن قامَ أحدٌ مِنَ المصلِّين وصلَّى معه فقد عمِلَ بالسُّنَّة، فإنَّ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمَّا فرغَ من الصَّلاةِ وجاء متأخرٌ، قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ؟» .
{قال: (وَلا تَجِبُ الْقِرَاءَةُ عَلَى مَأْمُومٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ï´؟وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَï´¾)}.
إذا جهر الإمام بالقراءة فإنَّ المأموم يُنصت ولا يَقرأ والإمام يقرأ؛ لهذه الآية، وهي قوله تعالى: ï´؟وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَï´¾.
قال الإمام أحمد: "نَزَلَتْ هَذِه الآيةُ فِي الصَّلاةِ"، فلا يَقرأ والإمام يَقرأ ويجهر، أمَّا في الصَّلاة السِّريَّة كالظُّهر والعصرِ فلا بأسَ أنَّ المأموم يَقرأ؛ لأنَّه لا يَسمع قراءةَ الإمامِ، فيقرأ لنفسِهِ.
{قال: (وَتُسَنُّ قِرَاءَتُهُ فِيمَا لاَ يَجْهَرُ فِيهِ الإِمَامُ)}.
تُسنُّ قراءتُه فيما لا يجهر فيه الإمام كالظُّهرِ والعصرِ، فإنَّ المأموم يقرأ، وإن كان الإمام يقرأ سرًّا فالمأموم أيضًا يقرأ لزوال المانع وهو التَّشويش.
{قال: (وأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ)}.
يعني أنَّ المأموم لا يَقرأ خلفَ الإمامِ هو قولُ أكثر أهلِ العلم من الصَّحابة والتَّابعين، وجاء في الحديث: «مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ فَإِنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ» .
{قال: (يَرَوْنَ الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الإِمَامِ فِيمَا أَسَرَّ فِيهِ خُرُوجًا مِنْ خِلاَفِ)}.
أكثر الصَّحابة التَّابعين يرون أنَّه لا بأسَ أن يقرأ المأمومُ خلفَ الإمامِ في الصَّلاة السِّريَّة –أي: فيما أسرَّ به الإمام- لزوال المانع -وهو التَّشويش.
{قال: (وَيَشْرَعُ فِي أَفْعَالِهَا بَعْدَ إِمَامِهِ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّفٍ)}.
المأموم لا يُسابق الإمام ولا يُشاركه، وإنَّما ياتي بعده بالتَّكبير، وفي سائر أعمال الصَّلاة؛ لقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي إِمَامُكُمْ، فَلَا تَسْبِقُونِي بِالرُّكُوعِ، وَلَا بِالسُّجُودِ، وَلَا بِالْقِيَامِ، وَلَا بِالِانْصِرَافِ، فَإِنِّي أَرَاكُمْ أَمَامِي وَمِنْ خَلْفِي» .
{قال: (فَإِنْ وَافَقَهُ كُرِهَ)}.
يُكرَه للمأموم أن يوافق الإمام وإن لم يسبقه، فينتظر حتى يفرغ الإمام ثم يقرأ.
{قال: (وَتَحْرُمُ مُسَابَقَتُهُ)}.
تحرُم مُسابقة المأموم للإمام في التكبير، أو في القراءة؛ لأنَّه مأموم، والمأموم إنما يأتي بعدَ إمامه، فلا يَسبقه ولا يُوافقه، وإنَّما يكون بعدَه.
{قال: (فَإِنْ رَكَعَ أَوْ سَجَدَ قَبْلَهُ سَهْوًا رَجَعَ لِيَأْتِيَ بِهِ)}.
لو ركعَ أو سجدَ المأمومُ سهوًا أو جهلًا ثم علم؛ فإنَّه يرفع من ركوعِهِ أو سجودِه ليأتي به بعدَ إمامِه.
{قال: (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ عَالِمًا عَامِدًا بَطَلَتْ صَلاَتُهُ)}.
إن شاركَ المأمومُ الإمامَ أو سابَقه مُتعمِّدًا وعالمًا بأن ذلك لا يجوز؛ فإن صلاته باطلة.
{قال: (وَإِنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ بِرُكْنٍ بِلاَ عُذْرٍ)}.
إن تخلَّفَ عنه بركنٍ فإنَّهُ يأتي به بعدَه، ولا يعتمد على ما سبقَ إمامه.
{قال: (وَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ مِنْ نَوْمٍ، أَوْ غَفْلَةٍ، أَوْ عَجَلَةِ إِمَامٍ؛ فَعَلَهُ وَلَحِقَهُ)}.
إذا سبقَ إمامَه أو شاركَه بلا عذرٍ من نومٍ أو غفلةٍ؛ فإنه تبطل صلاته إذا لم يأتِ بما سبقه به إمامه بعد إمامِه، ولا يعتمد بما سبقَ به الإمام أو شارك به الإمام؛ بل يأتي به بعدَه، فإذا تعمَّد ذلك بطلت صلاته، وإن لم يتعمَّد هذا فإنَّه يُعذَر بمسابقته للإمام، ولكن عليه أن يستدرك ذلك ويأتي به بعدَه.
{قال: (وَإِنْ تَخَلَّفَ بِرَكْعَةٍ لِعُذْرٍ تَابَعَهُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ صَلاتِهِ، وَقَضَاهَا بَعْدَ سَلامِ الإِمَامِ)}.
إذا تخلَّف عن إمامه لعذرٍ من نومٍ أو شاغلٍ شغلَه حتَّى فرغَ إمامُه من ذلك الرُّكن من الصَّلاة؛ فإنَّه ياتي به بعدَه وتصحُّ صلاتُه.
وإن تخلَّف عن إمامه بركعةٍ فإنَّه يُتابع إمامه فيما بعدها، ويأتي بما سبق به إمامَه بعدما يُسلِّم الإمام.
{قال: (وَيُسَنُّ لَهُ إِذَا عَرَضَ عَارِضٌ لِبَعْضِ المَأْمُومِينَ يَقْتَضِي خُرُوجَهُ أَنْ يُخَفِّفَ)}.
يُسنُّ للإمام إذا عرضَ للمأموم عارضٌ يقتضي خروجه من الصَّلاة؛ فإنَّ الإمام يُخفِّف الصَّلاة من أجله؛ لأنَّ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يدخل في الصَّلاة وهو يُريد أن يُطيل؛ فإذا سمع بُكاء الصَّبي فإنَّه يُخفف الصَّلاة رحمةً بأمِّهِ.
{قال: (وَتُكْرَهُ سُرْعَةٌ تَمْنَعُ مَأْمُومًا مِنْ فِعْلِ مَا يُسَنُّ)}.
تُكره للإمام سُرعةٌ تمنع المأموم من أداء السُّننِ في الصَّلاة كراهية تنزيهٍ.
السؤال التاسع:
{شكرَ الله لكم يا شيخ صالح على ما شرحتم في هذا المتن، وبقيَ جملةٌ من الأسئلة نُرجئها -إن شاء الله- إلى الدَّرس القادم في كتاب "آداب المشي إلى الصَّلاة"، فشكرَ الله لسماحته، وشكرًا لفريق العمل في هذا البرنامج، ونذكر الإخوة والأخوات بأسئلتهم واستفساراتهم على هذه الدروس المباركة، ونشكرهم على تواصلهم معنا.
يتجدَّد اللقاء -إن شاء الله- والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.










رد مع اقتباس
قديم 2019-04-24, 08:24   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
احمد الصادق
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

آدابُ المشي إِلى الصَّلاةِ (4)
الدرس الثالث (3)
معالي الشيخ/ صالح بن فوزان الفوزان

{بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على قائدِ الغرِّ الحجَّلين، نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبهِ أجمعين.
مرحبًا بكم أيُّها الإخوة والأخوات في درسٍ جديدٍ من دُروسِ كتاب "آداب المشي إلى الصلاة"، ضيفُ هذا اللقاء هو سماحة العلَّامة الشَّيخ/ صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللَّجنة الدَّائمة للإفتاء. أهلًا ومرحبًا بالشَّيخ مع الإخوة والأخوات}.
حياَّكم الله وبارك فيكم.
{بقي بعض الأسئلة للإخوة على الدَّرس السَّابق.
يقول: هناك مَن يُسابق الإمام في رُكوعه أو سُجوده، فما الحُكمُ الشَّرعي في نظركم في مُسابقة الإمام في الإسراع والموافقة؛ مأجورين؟}.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ لله ربِّ العَالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمدٍ.
لا تجوزُ مُسابقةُ الإمام، ولا تصحُّ معها الصَّلاة؛ لقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي إِمَامُكُمْ، فَلَا تَسْبِقُونِي بِالرُّكُوعِ، وَلَا بِالسُّجُودِ» .
{قال المؤلف -رَحَمَهُ اللهُ تعالى: (وَيُسَنُّ تَطْوِيلُ قِرَاءَةِ الرَّكْعَةِ الأُولَى أَطْوَلَ مِنَ الثَّانِيَةِ)}.
مِن سُنن الصَّلاة: أن تُطوَّل الرَّكعة الأولى أكثر من الثَّانية، وهكذا تكون الصَّلاة كما كان النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصلِّيها، فتكون مُتدرِّجة، أوَّلها أطول من آخرها.
{قال: (وَيُسْتَحَبُّ لِلإِمَامِ انْتِظَارُ الدَّاخِلِ لِيُدْرِكَ الرَّكْعَةَ)}.
يُستحبُّ للإمامِ انتظار الدَّاخل وهو راكع، فلا يرفع رأسَه مِنَ الرُّكوعِ ما دام أنَّه يسمع أنَّ هناك داخلًا إلى المسجد، فينتطره حتى يلحق بالرَّكعة، كما كانَ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ينتظر في ركوعه، فلا يرفع رأسه وهو يسمع وقعَ قدمٍ.
{قال: (إِنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَى المَأْمُومِينَ)}.
إن لم يَشق انتظار الدَّاخل على المأموم؛ فإنَّ المحافظة على راحة المأموم أولى من انتظار الدَّاخل، فالذين معه أولى بالتَّخفيف من الدَّاخل.
{ما الضَّابط في المشقَّة؟}
المشقَّة لا ضابطَ لها، فما شقَّ على المأمومين؛ أي: طالَ عليهم.
{قال: (وَأَوْلَى النَّاسِ بِالإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ)}.
المعنى: أنَّ الذي تكون قراءته للقُرآن أجود من الآخر؛ لقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ» .
{قال: (وَأَمَّا تَقْدِيمُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا بَكْرٍ مَعَ أَنَّ غَيْرَهُ أَقْرَأَ مِنْهُ كَأُبَيٍّ وَمُعَاذٍ فَأَجَابَ أَحْمَدُ أَنَّ ذَلِكَ لِيَفْهَمُوا أَنَّهُ الْمُقَدَّمُ فِي الإِمَامَةِ الْكُبْرَى)}.
أمَّا أنَّ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قدَّمَ أبا بكرٍ في مَرضه ليُصليَ بالناس؛ فقال: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ». قالت عائشة -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْها: "يا رسول الله؛ إنَّ أبا بكر رجل أسيف، إذا قام مقامك لم يملك نفسه من البكاء". فقال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُرِي أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ» ، وفي هذا إشارة إلى استخلافه مِن بعده، ولذلك لما حاولوا معه أن يقبل الخلافة؛ قالوا: "أيرضاك رسول لله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لديننا، ولا نرضاك لدنيانا؟!".
{قال: (وَقَالَ غَيْرُهُ: لَمَّا قَدَّمَهُ مَعَ قَوْلِهِ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّه»)}.
النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قدَّم أبا بكرٍ مع أنَّ أُبيّ بن كعب أقرأ منه لكتاب الله، وهذا فيه إشارة إلى أنَّه الخليفة من بعده.
{قال-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ»}.
إذا تساووا في جَودة القِراءة فيُقدَّم أعلمهم بسنَّة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأحفظهم لها.
{قال: (عُلِمَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَقْرَؤُهُمْ وَأَعْلَمُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَتَجَاوَزُونَ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ حَتَّى يَتَعَلَّمُوا مَعَانِيَهُ وَالْعَمَلَ بِهِ)}.
يُؤخذ مِن هذا: أنَّ أبا بكرٍ -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ- هو أعلمهم بكتاب الله وسنة رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولذلك قدَّموه.
{قال: (كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: "كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا إِذَا تَعَلَّمَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ يَتَجَاوَزْهُنَّ حَتَّى يَتَعَلَّمَ مَعَانَيَهُنَّ وَالْعَمَل بِهِنَّ")}.
كانَ الصَّحابة يتعلَّمونَ ألفاظَ القُرآنَ ومعانيَه وفقهَه، كما قال ابن مسعود -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ: "كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا إِذَا تَعَلَّمَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ يَتَجَاوَزْهُنَّ حَتَّى يَتَعَلَّمَ مَعَانَيَهُنَّ وَالْعَمَل بِهِنَّ، فتعلمنا العلم والعمل جميعًا".
{قال: (وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ يَرْفَعُهُ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا»)}.
هذا هو ترتيبُ الأئمَّةِ عندَ الاختيار، فيُقدِّمونَ أقرأَهم لكتابِ الله، فإن كانوا في جودةِ القراءةِ سواءً فإنَّهم يُقدِّمونَ أعلَمَهم بسُنَّةِ الرَّسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأحاديثِهِ، فإن كانوا في السُّنَّةِ سواء فأقدمهم إسلامًا، فإن كانوا سواءً في الأقدميَّة في الإسلام فيُقدَّمُ الأسنُّ.
{هل الصَّحابة -رضوان الله عليهم- في مَنزلةٍ واحدةٍ أم أنَّهم يتفاوتُونَ؟}.
بلا شكٍّ أنَّهم يتفاوتونَ في المنزلة، فالمهاجرون أفضل مِن الأنصار، والأجود قراءة أولى من غيره من المهاجرين والأنصار، ثم إذا تساووا في ذلك فأقدمهم دُخولًا في الإسلام، فإن كانوا سواءً فأكبرهم سنًّا.
{قال: «وَلا يَؤُمَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ»}.
هذا مُستثنًى، فالسلطان يُقدَّم ولو كان فِقهه أقل؛ لأنَّه له حقّ التقديم في الأمر والنَّهي، فهو أولى من غيره.
والمراد بالسُّلطان: السُّلطان العام -وهو الحاكم- أو السُّلطان في بيته، فإنَّ الرَّجلَ في بيته سلطانٌ، فلا يتقدَّم عليه أحدٌ في بيتهِ إلا بإذنه.
{قال: «وَلاَ يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ»}.
إذا كان لصاحبِ البيت مجلسٌ خاصٌّ مُهيَّأ له بالجلوس فيه؛ فلا يجوز أن يَسبقه إليه أحد؛ لقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلاَ يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ».
{قال: (وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: «يَؤُمُّكُمْ أَكْبَرُكُمْ»)}.
هذا إذا تساووا في القُرآن والسُّنَّة والفقه؛ فإنَّه يُقدَّم أكبرهم سنًّا.
{قال: (وفي بعض ألفاظ أبي مسعود: «فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا» أي: إسلامًا)}.
قوله: «فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ»، أي: من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام.
قوله: «سَوَاءً»، يعني: تساووا.
قال: «فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا»، أي: يُقدَّم أولهم دخولًا في الإسلام.
{نكتفي بهذا القدرِ من شرح هذا المتن في كتاب "آداب المشي إلى الصَّلاة"، ونستأنف -إن شاء الله- بقيَّة المتن في الدَّرس القادم.
شكرَ الله للشَّيخِ صالح الفوزان على ما تفضَّل بهِ من شرحِ هذه الدُّروس المهمَّة للأمَّة، وشكرًا لحضراتكم أنتم، كما أشكر فريق العمل الذين قاموا بتسجيل هذه الدُّروس، والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.










رد مع اقتباس
قديم 2019-04-24, 08:25   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
احمد الصادق
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

آدابُ المشي إلى الصَّلاة (4)
الدَّرسُ الرَّابِعُ (4)
سماحة العلامة/ صالح بن فوزان الفوزان

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رَبِّ العَالمين والصَّلاة والسَّلاة على قائدِ الغُرِّ المْحجلين نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.
مرحبا بكم أيُّها الإخوة والأخوات في درسٍ جديدٍ من دروسِ كتابِ آداب المشي إلى الصلاة، ضيف هذا الدرس هو سماحة العلامة/ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء.
أهلا وسهلا بكم سماحة الشيخ.
حيَّاكم الله وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.
{لقد وقف بنا الحديث عند هذه العبارة (مَنْ يُصَلِّي بِأُجْرَةٍ لَمْ يُصَلَّى خَلْفَه)}
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ لله رَبِّ العَالمين وصلَّى اللهُ وَسَلَّم على نبينا محمدٍ وعلى آلهِ وأصحابه أجمعين.
قوله: (مَنْ يُصَلِّي بِأُجْرَةٍ لَمْ يُصَلَّى خَلْفَه)، أي: مَن صَلَّى إمامًا لهم بأجرة، لا يُصلي إلَّا على ذلك، يقول: لا أُصلي بكم إلا بكذا وكذا من المال، فهذا لا يُصلى خلفه.
لَمَّا سُئل الإمام أحمد عن رجل يقول: "أصلي بكم رمضان بكذا وكذا"، قال: أعوذ بالله ومن يُصلي خلف هذا؟
وهذا لا يُنافي أن يُجْرَى لَه مِن بيت المال إجراء مالي وراتب، فلا بأس من ذلك، فهذا رزق من بيت المال وليس أجرة، وهذا من باب أن يتفرغ لهذه المهمة.
{ما حُكم أخذ الأجرة على تعليم كتاب الله يا شيخ صالح؟}
لا بأس بذلك، قال -صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللهِ» ولهذا يجوز أخذ الأجرة على الرُّقية الشَّرعية وتعليم كتاب الله تعالى؛ لأنَّ هذا مِن الإعانة على نفع النَّاس بكتابِ الله -عزَّ وجل- وتعليمهم إيَّاه.
{(قَال أَبُو دَاود: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ إِمَامٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَيَقُول: "أُصَلِّي بِكُم رَمَضَانَ بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا، فَقَالَ: نَسْأَلُ اللهَ العَافية، وَمَنْ يُصَلِّي خَلْفَ هَذَا؟)}
نعم هذا ما ذكرناه.
قال: {(ولا يُصَلِّى خَلْفَ إِمَامٍ عَاجِزٍ عَنْ الْقِيَامِ إِلَّا إِمَامُ الْحَيّ)}
لا يُصلَّى خلف إمام يَعجز عن القيام في الصَّلاة؛ لأنَّ القِيَامَ في صَلاة الفريضة ركُنٌ مِن أَرْكَانها؛ لقوله تعالى: ï´؟وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَï´¾ [البقرة:238].
وَيُسْتَثْنى مِن ذلك إمام الحي، يَعني: الإمام الراتب الذي يُرجى زوال عِلته.
بهذين الشرطين، وهما:
إذا صلى إمام الحي (الإمام الراتب) جالسًا لمانعٍ يُرجى زواله؛ فيصلون خلفه جلوسًا.
{(وَإِنْ صَلَّى الْإِمَامُ وَهُوَ مُحْدِثْ أَو عَلَيهِ نَجَاسَة وَلَمْ يَعْلَم إِلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلاة لَمْ يُعِدْ)}
نَعم تصح صلاة المأموم إنْ صَلَّى بِهم ناسيًا على غيرِ طهارة أو انْتُقِضَ وُضُوءه ونسي ولم يتوضأ حتى فرغت الصَّلاة، فصلاة المأمومين حينئذٍ صحيحة، وأمَّا هُوَ فيتوضأ وَيُعِيد الصَّلاة لِنَفْسِه.
{(وَيُكْرَهُ أَنْ يَؤمَّ قَومًا أَكْثَرُهُم يَكْرَهُه)}
نعم يُكره أن يؤمَّ قومًا أكثرهم يكرهه بحق، إمَّا لأنهَّ فيه ابتداع أو فيه نَوع مِن الضَّلال؛ فَيُكْرَه أن يَؤمهم وهم يَكرهونه، وهو مِن الثَّلاثة الذين لا تتجاوز صلاتُهم حناجرهم، كما قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ»
{(وَيَصِحُّ إِئْتِمَام مُتَوَضِّئ بِمُتَيَمِّمْ)}
نعم يصح لمن توضأ أنْ يُصَلِّي خلف المتيمم، أي الذي تيمم بالتراب بدلاً من الماء لعذر شرعي أباح له التيمم؛ لأنَّ هذا يُعَدُّ طهارة في حقه.
{(وَالْسُّنَّة وُقُوف الْمَأْمُومِينَ خَلْفَ الّْإِمَام)}
نعم السُّنة أن يقف المأمومون إذا كانوا اثنين فأكثر خلف الإمام؛ لقول أنس ابن مالك: "فَقَامَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- وَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ، وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا"
{(لِحَدِيثِ جَابِرٍ وَجَبَّارٍ لَمَّا وَقَفَا عَنْ يَمِينهِ وَيَسَارِه فَأخَذَ بِأَيْدِيهِمِا فَأَقَامَهُمَا خَلْفَه. رواه مسلم)}
الصحابيان جابر وجبار، لما قام النَّبي يُصلي فقام أحدهما عن يمينه والثَّاني عن شماله، فأخذهما بيمنه وأدارهما من خلفه، وهذا دليل على أنَّ المأمومين يُصلون خلف الإمام، ولا يكونون معه في الصفِّ إلا لِعُذر.
{(وَأَمَّا صَلاةُ ابنُ مَسْعُودٍ بِعَلْقَمَةَ والأَسْوَدَ وَهُو بَيْنَهُما؛ فَأَجَابَ ابنْ سِيِرينِ: إنَّ الَمَكَانَ كَانَ ضَيِّقًا )}
نعم كان وقوفهما خلفه غير ممكنًا لضيق المكان ولا بأس أن يقفوا في صفه عن يمينه وعن شماله.
{(وإنَّ كَانَ الْمَأْمُومُ واحِدًا وَقَفَ عَنْ يَمِينِه)}
إن كان المأموم واحدًا وقف عن يمين الإمام ولا يقف عن يساره.
{(وَإِذَا وَقَفَ عَنْ يَسَارِه أَدَارَهُ عَن يِمِينِه مِنْ وَرَائِه وَلَا تَبْطُل)}
إذا كان المأموم واحدًا ووقف عن يسار الإمام فإنَّ الإمام يُديره مِن خَلف ظهره ويجعله على يمينه عملا بالسُّنة، ولا تبطل صلاته بذلك.
{(وَلَا تَبْطُلْ تَحْرِيمَتُه)}
أي: ولا تبطل تكبيرة الإحرام إذا ما أداره بعد تكبيره للإحرام وجعله عن يمينه، فعمله صحيح، ولا تبطل به الصَّلاة.
{(وإنْ أَمَّ رَجُلاً وامرَأةً وَقَفَ الْرَّجُلُ عَنْ يَمِينِه وَالْمَرأَةُ خَلْفَه)}
نعم إذا صَلَّى اثنان مَع الإمام وكان أحدهما امرأة فإنَّ الرجل يقف عن يمين الإمام والمرأة تقف خلف الصَّفِّ وَحدها؛ لأنَّ النِّساء خلف الرِّجال ولا تصف المرأة بجانب الرَّجل الذي ليس مِن محارمها.
{(لِحَدِيثِ أَنَسٍ رَوَاهُ مُسلمٌ، وَقُرْبَ الصَّفِّ مِنْه أَفْضَل)}
أي: قُرب الصَّفِّ من الإمام أفضل مِن بُعْدِه.
{(وَكَذَا قُرْبَ الصُّفُوف بَعْضُها مِنْ بَعض)}
نعم وكذا الصُّفوف تتقارب ولا يكن بينها مسافات، وإنما تكون الصُّفوف مُتقاربة بعضها خلف بعض.
{(وَكَذَا تَوَسْطُه الصَّفِّ)}
أي: وكذا يُوَسَطُ الإمام في الصَّفِّ، وقد جاء في الحديث «وَسِّطُوا الإِمَامَ» فيكون الإمام واقفًا حِذاء وسط الصَّفِّ.
{(لِقَوْلِه صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: «وَسِّطُوا الإِمَامَ، وَسُدُّوا الْخَلَلَ»)}
وَسِّطُوا الإمام عرفناه، أمَّا «وَسُدُّوا الْخَلَلَ» فهي الفُرج التي تكون في الصَّفِّ فلا يكون الصَّفِّ فِيه فُرَجْ؛ لأنَّ الشَّيطانَ يَدخل مِن هَذه الفُرج ويشوش على المصلين، فإذا التحم الصَّفُّ ولم يبق فيه فُرج امتنع الشَّيطان عن تخلله.
{(وَتَصِحُّ مُصَافة الصَّبي)}
نعم تصح مُصَافة الصَّبي المميز، فالذي تَصِحُ صَلاتُه تَصِحُّ مُصافته.؛ لقول أنس: "وَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ" واليتيم هو من دون البلوغ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُتْمَ بَعْدَ احْتِلاَمٍ»
{(لِقَولِ أَنَس ابْنِ مَالِكٍ: "وَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ، وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا")}
العجوز هي أم سُليم كما سبق.
{(وَإِنْ صَلَّى فَذًا لَمْ تَصِحُّ)}
إن صلَّى فَذًا خلف الإمام لم تصح صلاته؛ لأنَّ النَّبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم رأى رجلاً يُصلي فَذًّا خلف الصَّفِّ؛ فَأَمَرَهُ أن يُعيد الصَّلاة.
وقال: لا صلاة لفذ خلف الصف
{(وَإِنْ كَانَ الْمَأمُومُ يَرَى الإِمَامَ أَوْ مَنْ خَلْفَه صَحَّ)}
إذا كان المأموم يرى الإمام أو يرى مَن خَلْفَه صَحَّ أن يَقتدي به. أمَّا إذا لم يكن يَرَاه فَلا يَصِحُّ الاقتداء به؛ لأنَّه قد يكون الإمام وراءه.
{(وَلَوْ لَمْ تَتَّصِل الصُّفُوف)}
نعم ولو لم تتصل الصُّفوف فمادام أنَّ الصُّفوف خلفه ولو كانت غير تامة فإنَّ الصَّلاة تَصِحُّ.

{شكر الله لكم سماحة الشيخ صالح الفوزان، وسوف نستكمل إن شاء الله ما تبقى من هذا المتن في الدرس القادم من كتاب آداب المشي إلى الصَّلاة
شكر الله لكم على ما بينتم لنا وللأخوة والأخوات، وشكرًا لفريق العمل في هذا البرنامج، والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته}










رد مع اقتباس
قديم 2019-04-24, 08:25   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
احمد الصادق
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

آَدابُ الْمَشي إِلَى الصَّلاةِ (4)
الدَّرسُ الْخَامِسُ (5)
سماحة الشيخ/ صالح بن فوزان الفوزان

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رَبِّ العَالمين والصَّلاة والسَّلاة على قائدِ الغُرِّ المْحجلين نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.
مرحبا بكم أيُّها الإخوة والأخوات في درسٍ جديدٍ من دروسِ كتابِ آداب المشي إلى الصلاة، ضيف هذا الدَّرس هو سماحة العلامة/ صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء، والذي يشرح هذا المتن من هذا الكتاب المبارك، والذي انتفع به جمعٌ من المسلمين. أهلا ومرحبًا بالشَّيخ صالح في هذا اللقاء}.
حيَّاكم الله وبارك فيكم.
{من الأسئلة التي وردت في الباب السَّابق، يقول السائل: نذهب إلى القصيم أنا وأولادي، ونصلِّي أنا وأولادي الصِّغار وبناتي خلفي؛ فهل في هذا شيء؟}.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلهِ وأصحابه أجمعين.
ما ذكره السَّائل هو السُّنَّة؛ أن تكون النِّساء خلف الرِّجال في الصَّلاة، ويكون الرِّجال الذكور ممَّا يلي الإمام.
{يقول السَّائل: نصِل إلى القصيم، ولكننا نسكن في مسكن، ونقصر ونجمع خلال الأربعة أيام، فما الضَّابط في ذلك؟}.
الضَّابط في ذلك: إذا كانوا قد أقاموا أثناء السَّفر في غير بلدهم إقامةً لا تزيد عن أربعة أيام، فينون إقامة أربعة أيام فأكثر فإنهم لا يقصرون الصلاة ولا يجمعون، وإنما يصلُّونَ صلاةَ مُقيمٍ، كلَّ صلاةٍ في وقتها تمامًا من غير قصر.
{هل ورد حديث أنَّ الرَّسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جمعَ من غير عُذرٍ ولا سفرٍ}.
نعم ورد هذا، وهو حديث مجمَل يُحال إلى الأحاديث التي تفصِّلَه، وهو أنَّه (جمعَ من غير خوفٍ ولا مرضٍ)، وفي رواية: (ولا سفرٍ)؛ فيُحمَل هذا على الجمع من أجل المطرِ بينَ المغرب والعشاء.
{قال المؤلف -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَإِنْ أَمَّ رَجُلاً وَامْرَأَةً، وَقَفَ الرَّجُلُ عَنْ يَمِينِهِ وَالمَرْأَةُ خَلْفَهُ)}.
هذه هي السُّنَّة وهذا هو الهدي النَّبوي؛ وهو أن يكون الرِّجال ممَّا يلي الإمام، والنِّساء تقوم خلفهم، كما قال أنس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (صلَّى بنَا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقُمتُ أنا ويتيمٌ خلفَه، وأم سليمٍ خلفنا)، وهي أمُّ أنسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْها.
{قال -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (لِحَدِيثِ أَنَسٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ)}.
وهو الحديث الذي ذكرته.
{قال: (وَقُرْبُ الصَّفِّ مِنْهُ أَفْضَلُ)}.
أي: الأفضل أن يقُربُ الصَّفُّ من الإمامِ من أن يكون الصَّفُّ بعيدًا.
{(وَكَذَا قُرْبُ الصُّفُوفِ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ)}.
هذا من السُّنَّة، وهو ألا يكون بينَ الصُّفوفِ مسافات؛ بل يكون الصفَّ يلي الصَّفَّ.
{قال: (وَكَذَا تَوَسُّطُ الصَّفِّ)}.
كذا توسُّط الإمام الصَّف، بأن يوازي بينَ عن مَن يمينه وعن مَن شماله، فلا يكون أحد الجانبين أطول من الآخر، لقوله في الحديث: «وَسِّطُوا الإِمَامَ»، أي: اجعلوه في الوسَط.
{قال: (لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَسِّطُوا الإِمَامَ وَسُدُّوا الْخَلَلَ»)}.
عرفنا معنى: «وَسِّطُوا الإِمَامَ».
وقوله: «وَسُدُّوا الْخَلَلَ»، أي: الفُرَج، فلا يكون في الصَّفِّ فُرَج يتخلل منها الشَّيطان، ويشوِّش على المصلِّين؛ بل يتراصُّونَ في الصُّفوف، فهذا أدعى للخشوعِ، وأبعد للشيطان على المصلين.
{قال: (وَتَصِحُّ مُصَافَّةُ صَبِيٍّ)}.
يعني: الصَّبي المميِّز تصح صلاته، فيصحُّ أن يكونَ وارء الإمام رجلٌ كبيرٌ وصبيٌّ صغير مميِّز.
{نبغي توجيهًا لأولئك الذين يعجزون عن الذَّهابِ إلى المسجد، ويصلون مع أولادهم في البيت)}.
هذا خلاف السُّنَّة، فإنَّه قد جاء في الحديث أنه لا يصلِّي في البيت إلا العَجَزَة والمرضى من الرِّجال، وأمَّا الصِّحاح القادرون عل الذِّهاب إلى المسجد؛ فإنَّه يجبُ عليهم ذلك؛ لقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ إِلاَّ مِنْ عُذْرٍ»، قيل: وما العذر؟ قال: «خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ» .
فلا يجوز أن تُقام صلاة الجماعة في البيوت وتُترَك المساجد.
{قال: (لِقَوْلِ أَنَسٍ: صَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ وَالْعَجُوزُ خَلْفَنَا)}.
قوله: (وَالْيَتِيمُ)، يدلُّ على أنَّه غير بالغٍ؛ لأنَّه «لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ» كما جاء في الحديث، فلا يُطلق "اليتيم" إلا على مَن هو دون البلوغ لمَن ليس له أب.
{قال: (وَإِنْ صَلَّى فَذًّا لَمْ تَصِحَّ)}.
إن صلَّى خلف الإمام فذًا لم تصح صلاته؛ لأنَّ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى رجلًا يُصلي فذًّا خلف الصَّفِّ؛ فأمرَه أن يُعيدَ الصلاة.
{قال: (وَإِنْ كَانَ المَأْمُومُ يَرَى الإِمَامَ أَوْ مَنْ وَرَاءَهُ صَحَّ)}.
إذا كانت الصُّفوف متعدِّدَةٌ ويرونَ الإمامَ وليس بينه وبينهم حائل فإنَّه يصح الاقتداء بالإمام، وإن كان خارج المسجد فلابدَّ أن يرى الإمام أو يرى مَن وراء الإمام. {قال: (وَلَوْ لَمْ تَتَّصِلِ الصُّفُوفُ)}.
ولو لم تتصل الصفوف؛ ولكن تكون قريبة بعضها من بعض، فإذا رأى الإمام أو رأى مَن خلفَه صحَّ له أن يقتدي بالإمام ويُصلي معه.
{قال: (وَكَذَا لَوْ لَمْ يَرَى أَحَدَهُمَا إِنْ سَمِعَ التَّكْبِيرَ)}.
إذا لم يرَ الإمام ولا مَن خلفَه ولكن يسمع تكبير الإمام فإنه يُتابعه إذا سمع التَّكبير.
{قال: (وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الإِمَامُ أَعْلَى مِنَ المَأْمُومِينَ)}.
يُكرَه أن يكون الإمام أعلى من المأمومين كراهةَ تنزيهٍ، فتصحُّ الصَّلاة ولكن مع الكراهة، فلا يكون الإمام فوقهم وهذا إذا كان الإمام وحده، ولكن إذا كان الإمام مع مَن يُصلِّي خلفَه فلا بأسَ بذلك.
{قال: (قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ لِحُذَيْفَةَ: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُنَهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ؟)}.
ابن مسعود -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يقول لحذيفة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُنَهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ؟)، أي: الاقتداء بالإمام ولا يراهُ المأموم ولا يرَى مَن خلفه.
{قال: (وَلاَ بَأْسَ بِعُلُوِ مَأْمُومٍ؛ لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ صَلَّى عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ بِصَلاَةِ الإِمَامِ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ)}.
لا بأسَ إذا ارتفع المأموم في الصلاة ورأى الإمام، كأن يقتدي به وهو على ظهر سطحٍ أو على مُرتفعٍ إذا كان معه مَن يُصلي معه ويَصفُّ معه.
{قال: (وَيُكْرَهُ تَطَوُّعُ الإِمَامِ فِي مَوْضِعِ المَكْتُوبَةِ)}.
يُكرَه تطوع الإمام لصلاة نافلة بعدَ السَّلام إذا كان في مكانه، لِئَلا يظن أحدٌ أنَّ الصلاة لم تكمُل، فيتنحَّى الإمام عن مكانه ويُصلِّيَ النَّافلة التي بعدَ الفريضة.
{ماذا لو صلَّى في مكانه؟}.
تصح الصلاة، ولكن يُكرَه فعله؛ لأنَّه يُخشَى أنَّ مَن يراه يظن أنَّ الصَّلاة لم تنتهِ.
{ يقول بعض الناس: عندما تُصلي السُّنن الرَّواتب أو تصلي ركعات في المسجد فالموضع يشهد للمصلي يوم القيامة. فهل هذا صحيح؟}.
لا شكَّ أنَّ المواضع تشهد بما فُعل عليها من خيرٍ أو شرٍّ؛ فالأرضُ تشهد لمَن عمل على ظهرها الخير، وتشهد عليه إذا عمل الشَّرَّ.
{شكر الله لكم يا شيخ صالح على تفضُّلكم بشرح هذا المتن من كتاب "آداب المشي إلى الصلاة".
وبقي جملة من الأسئلة سنُرجئها -إن شاء الله- إلى الدرس القادم في هذا البرنامج.
حتى ذلكم الحين أنقل لكم تحيَّات الزُّملاء الذين سجَّلوا هذا اللِّقاء من دروس آداب المشي إلى الصلاة. والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.










رد مع اقتباس
قديم 2019-04-24, 08:26   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
احمد الصادق
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

آداب المشي إلى الصَّلاة (4)
الدَّرسُ السَّادِسُ (6)
سماحة الشيخ/ صالح بن فوزان الفوزان

{بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ لله رَبِّ العَالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على قائدِ الغرِّ المحجَّلينَ، نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
مرحبًا بكم أيها السَّادة مع دروسٍ جديدةٍ من دروس كتاب آداب المشي إلى الصَّلاة.
صيف هذا اللقاء هو سماحة العلَّامة الشَّيخ/ صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء، أهلًا ومرحبًا بكم يا شيخ صالح}.
حيَّاكم الله وبارك فيكم.
{في الدُّروس السَّابقة أرسلَ بعض الإخوة أسئلة تتعلَّق بما قرأناه في المتن، يقول: ما حُكم التساهل في وقتنا الحاضر في أداء السُّننِ الرَّواتب، مع الاكتفاء بالفرائض؟}.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى الله وسلَّمَ على نبينا محمدٍ، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
لا يُتسَاهل في السُّنَن الرَّواتب مع الفرائض، ركعتان قبل الظُّهرِ، وركعتان بعدها، وركعتان بعدَ المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر، وراتبة الفجرِ هي آكد الرَّواتب، فلم يكن النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتركها حضرًا ولا سَفرًا، وهذه السُّنَن والمستحبَّات تُكمَّل بها الفَرائض يوم القيامة إذا حصل فيها نقص؛ لذا فهي لها فائد عظيمة في عمل المسلم، فلا يُتهَاوَنُ بها.
{أحد الإخوة يقول: لماذا نُهي عن الصَّلاة في أوقات النَّهي، وهل هذا على مدارِ وقت المسلم؟}.
أوقات النَّهي لا يُصلَّى فيها؛ لأنَّ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخبرَ أنَّ الشَّمس تطلع بينَ قرني شيطان، فلا يُصلَّى في هذا الوقت، كذلك تغرب الشَّمس بينَ قرني شيطان، وأمَّا صلاة العصر فلا راتبة قبلها ولا بعدها.
{يقول السَّائل: ما معنى حديث «الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ» }
«الْإِمَامُ ضَامِنٌ»، أي: لا يُعجِّلهم.
وقوله: «وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ»، يعني: مُؤتمنٌ على دخول الوقت، فالنَّاسُ يصلُّونَ بأذانه، فهذه أمانة حمَّله الله إيَّاها، فيجب عليه أن يتقيَّد بدخولِ الوقت، ولا يؤذِّن قبله، إلا في الفجر فيؤذِّن الأذان الأوَّل؛ لأجلِ أن يستيقظَ النَّاس ويستعدِّونَ لصلاةِ الفجرِ، ولكن لابدَّ أن يؤذِّن الأذان الثَّاني على طلوع الفجر، فلا يؤذِّن الأذان الأوَّل ويقتصر عليه، لئلَّا يغرَّ النَّاس فيصلُّونَ قبلَ الوقت، فإذا أذَّن الأذان الأوَّل أو أذَّنَ غيره؛ فلابدَّ من الأذان الثَّاني على طلوعِ الفجر، قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنَّ بِلالاً يُؤَذِّن بِلَيلٍ، فَكُلُوا واشرَبُوا حتَّى تَسمَعُوا أَذَان ابنِ أُمِّ مَكتُوم» ، وكان ابن أم مكتوم -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- رجلًا أعمى، لا يُؤذِّن حتى يُقال له: أصبحتَ أصبحتَ.
{يقول السَّائل: أيُّهما أفضل في الأجر، المؤذِّن أو الإمام؟}.
الإمامُ ضامنٌ، والمؤذِّنُ مُؤتمِنٌ، وقالوا: إنَّ المؤذِّن أكثرُ أجرًا، ولهذا قال عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "لَوْلَا الْخِلَافَةُ لَأَذَّنْت".
{قال المؤلف -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى- في المتن: (بَابُ صَلاةِ أَهْلِ الأَعْذَارِ)}.
أهلُ الأعذار من المسلمين كالمرضَى والمسافرينَ، ومَن به عذرٌ لا تسقطُ عنه الصَّلاة، وإنَّما يُصلِّيها على حسبِ حالِه، قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» ، فيصلي المسلم على حسبِ استطاعته ولا يتركُ الصَّلاة.
{قال المؤلف -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (يَجِبُ أَنْ يُصَلِّيَ المَرِيضُ قَائِمًا فِي فَرْضٍ)}.
يكون ذلك إذا كان مُستطيعًا القيام، لحديث عمران: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا»، ولقوله تعالى: ï´؟وقوموا لله قانتينï´¾ [البقرة: 238].
{قال -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (لِحَدِيثِ عِمْرَانَ «صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. زَادَ النَّسَائِيُّ «فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا»)}.
زاد النَّسائي في رواية «فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا»، أي: يستلقي ورجلاه للقبلة -كما في الحديث.
{قال: (وَيُومِئُ لِرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ بِرَأْسِهِ)}.
إذا صلَّى مُستلقيًا فإنَّه يُومِئُ برأسِه لركوعِهِ ولسُجودِهِ.
{قال: (مَا أَمْكَنَهُ)}.
يُومئ ما أمكنه ذلك، فإن لم يستطع فيُصلِّي على حسبِ حاله.
{قال: (لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»)}.
هذا الحديث الشَّريف قاعدة، وهو قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» ، فالله لا يُكلِّفُ نفسًا إلا وُسعهَا، كما في قوله تعالى: ï´؟لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَاï´¾ [البقرة: 286]، فأهل الأعذار يُصلُّونَ على حسبِ ما يُمكنهم في ذلك.
{قال: (وَتَصِحُّ صَلاةُ فَرْضٍ عَلَى رَاحِلَةٍ)}.
تصحُّ صلاة الفرض على الرَّاحلة إذا احتيج إلى ذلك، كما فعل النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإنَّهم كانوا يَسيرون معه في السَّفرِ، فانتهوا إلى مضيقٍ فتقدَّمَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على راحلته وصلَّى بهم على راحلته وهم على رواحلهم، وهذا يدخل في قوله تعالى: ï´؟فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْï´¾ [التغابن: 16].
{قال: (وَتَصِحُّ صَلاةُ فَرْضٍ عَلَى رَاحِلَةٍ وَاقِفَةٍ أَوْ سَائِرَةٍ)}.
سواء كانت الرَّاحلة واقفة أو سائرة، وإذا كان يُمكنه أن يتوجَّه إلى القبلة فيتوجَّه بها؛ وإلا فإنَّه يُصلِّي أينما توجَّهت به راحلته كما فعلَ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
{قال: (خَشْيَةَ تَأَذٍّ بِوَحْلٍ وَمَطَرٍ)}.
يعني: يصلِّي على الرَّاحلة إذا خشيَ التَّأذِّي بوحلٍ -أي طين- أو مطر يمشي على وجه الأرض؛ فإنَّهُ يُصلِّي حينئذٍ على الرَّاحلة.
{قال: (لِحَدِيثِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: الْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ)}.
حديث يعلى بن أميَّة: (أنَّهم كانوا على رواحلهم مع النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فانتهى بهم إلى مضيقٍ، فتقدَّم على راحلته وصلَّى بهم وهم على رواحلهم) ، وهذا إذا احتاجوا إلى ذلك.
{من الأسئلة التي وردت في هذا: أنَّ بعضَ النَّاس من كبار السِّنِّ يذهب بهم أبناؤهم على عربةٍ للصَّلاةِ؛ فهل لهم الأجر في ذلك؟ وكيف يُصلِّي هذا الذي في العربة؟}.
نعم لهم الأجر في ذلك؛ لأنَّهم أعانوهم على الطَّاعةِ وبرُّوا بهم، فلهم الأجر في ذلك.
أمَّا المُسنُّ إذا احتاج إلى البقاء على العربةِ، فإنَّه يُصلِّي عليها ويُومئ برأسِه بالرُّكوعِ والسُّجودِ.
{حدِّثونا فضيلة الشيخ عن هدي الرَّسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وحرصه على فريضة الصَّلاة، وأهمِّيتها}.
لا شكَّ أنَّ صلاة الفريضة لا تسقط عن أحدٍ معه عقله، ما دامَ أنَّ الإنسان معه عقله وتصوُّرَه فإنَّه لا تسقط عنه الفريضة مهما كانت حاله، ولكن يُصلِّي على حسبِ حالهِ، فيصلِّي قائمًا، فإن لم يستطع فقاعدًا، فإن لم يستطع فعلى جَنبٍ، فإن لم يستطع فمستلقيًا ورِجلاه إلى القِبلة.
{ما حكم مَن يتركون الصَّلاة حال المرض، بدعوى أنَّه مريض ولا حرج في تركه للصلاة}.
نعوذ بالله! هذا من الجهل، وهذا لا يجوز، لا تسقط صلاة الفريضة عن أحدٍ ومعه عقله وتصوُّره، وإنَّما يُصلِّيها على حسبِ حاله، قال تعالى: ï´؟لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَاï´¾ [البقرة: 286].
{سوف نستكمل -إن شاء الله- ما تبقى من هذا البرنامج ومن هذا المتن في الحلقة القادمة في كتاب آداب المشي إلى الصَّلاة.
شكر الله لسماحة العلَّامة الشَّيخ/ صالح الفوزان، وشكرًا لفريقِ العمل في هذا البرنامج، والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.










رد مع اقتباس
قديم 2019-04-24, 08:27   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
احمد الصادق
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

آَدابُ الْمَشي إِلَى الصَّلاةِ (4)
الدَّرسُ السَّابع (7)
سماحة العلامة/ صالح بن فوزان الفوزان

{بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ لله ربِّ العالمينَ، والصَّلاة والسَّلام على قائدِ الغرِّ المحجَّلينَ، محمَّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
مرحبًا بكم -أيُّها الإخوة والأخوات- في لقاءٍ مباركٍ مِن دُروسِ كتاب "آداب المشي إلى الصَّلاة"، ضيف هذا اللقاء هو سماحة العلَّامة الشَّيخ/ صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدَّائمة للإفتاء، أهلًا ومرحبًا بالشَّيخ في هذا اللقاء}.
حيَّاكم الله وباركَ فيكم.
{وردتنا أسئلة فيما قرأناه في المتنِ في بابِ صلاةِ أهلِ الأعذَارِ، أحد الإخوة يسأل: ما ضابط المرض الذي يُبيح الصَّلاة جالسًا؟}.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلم على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آله وأصحابِهِ أجمعينَ.
ضابط المرض الذي يُصلِّي الإنسان من أجله جالسًا هو الذي لا يستطيع القيام معه، قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» ورجلاه إلى القبلة.
{إذا كانَ المريضُ يستطيعُ القيامَ لكن بمعاناة؛ فهل يسوغُ له الجلوس؟}.
نعم، إذا كان عليه مُعاناة فإنَّه يجلس، ولا يشقُّ على نفسه.
{ما حُكمُ الاعتماد على الجدارِ لغيرِ حَاجةٍ؟}.
لا يجوز للمصلِّي أن يعتمَّدَ على جدارٍ، وإنَّما يقفُ على قدميهِ، ولا يستند إلى جدارٍ، فإذا كانَ لا يستطيع إلا بالاستِنَادِ إلى جدارٍ فلْيجلِسْ ولْيُصلِّ قاعدًا.
{ما صِفة صلاة الجالسِ، وما صِفة صلاة المضطجع؟}.
كَصِفةِ صلاة القائم، يأتي بالأذكارِ، ويأتي بنيَّة الرُّكوع والسُّجود، ونيَّةِ الجلوس.
{مَن هو المريض الذي تسقط عنه الصَّلاة فلا يُصلِّي؟}.
الذي زالَ شعوره؛ فإنَّه تسقط عنه الصَّلاة مدَّة زوالِ شعورهِ، وأمَّا إذا كان معه شعوره فلا تَسقط عنه الصَّلاة، وإنَّما يُصلِّي على حسبِ حاله -كما سبق.
{هل هناك حالات تُبيح لغيرِ المريض أن يُصلِّي كصلاةِ المريض؟}.
هذا في النَّافلة، فيُخيَّر بين الصَّلاة قائمًا وبين الصَّلاة قاعدًا؛ وأجر القَاعِد على نصف أجر القائم، وأمَّا في الفريضة فلابدَّ من القيام؛ لقوله تعالى: ï´؟وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَï´¾ [البقرة: 238].
{قال المؤلف -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَالْمُسَافِرُ يَقْصُرُ الرُّبَاعِيَّةَ خَاصَّةً، وَلَهُ الْفِطْرُ فِي رَمَضَانَ)}.
مِن رُخَص السَّفر: قصر الصَّلاة الرُّباعيَّة إلى ركعتين، كالظُّهرِ والعصر والعشاء، فتُقصَر إلى ركعتين، وهذا تخفيفٌ من الله -جلَّ وعَلا- على عبادة، قال تعالى: ï´؟وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِï´¾ [النساء: 101].
{قال -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَإِنِ ائْتَمَّ بِمَنْ يَلْزَمُهُ الاِتمَامُ أَتَمَّ)}.
إذا ائتمَّ المصلِّي بمَن يلزمه الإتمام فإنَّه يُتابعه.
{قال -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَلَوْ أَقَامَ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ بِلاَ نِيَّةِ إِقَامَةٍ وَلاَ يَعْلَم مَتَى تَنْقَضِي أَوْ حَبَسَهُ مَطَرٌ أَوْ مَرَضٌ قَصَرَ أَبَدًا)}.
إذا حبسَ المسافرَ عذرٌ عن مُواصلةِ السَّفرِ كالمرضِ أو العَدُوِّ ونحو ذلك؛ فإنَّه لا يزال مُسافرًا، ويستعمل رُخَص السَّفر؛ لأنَّه لا يدري مَتى يزول العُذر فيواصل سَفره، وقد أقامَ بعضُ الصَّحابة مدَّةَ ستَّةَ أشهرٍ يقصروا الصَّلاة لأنَّه حبسَه العذر.
{قال -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَالأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالسَّفَرِ أَرْبَعَةٌ: الْقَصْرُ، وَالْجَمْعُ، وَالْمَسْحُ، وَالْفِطْرُ)}.
أربعة أحكام تتعلَّق بالسَّفرِ:
- قصرُ الصَّلاة الرُّباعيَّة إلى ركعتين، لقوله تعالى: ï´؟وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِï´¾ [النساء: 101].
- والجمع بينَ الصَّلاتين: بينَ الظُّهرِ والعَصرِ، وبين المغربِ والعِشاءِ؛ فيجمع بينهما في وقتِ إحداهما لجمع تقديمٍ أو جمعِ تأخيرٍ؛ حَسَب الأرفق به.
- والمسح على الخفَّين ثلاثةَ أيامٍ بلياليهن.
- والفِطر في رمضان.
{قال -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَيَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرَيْنِ وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ فِي وَقْتِ أَحَدِهِمَا لِلْمُسَافِرِ)}.
يجوزُ الجمع بين العِشَائين -المغرب والعشاء الآخر- في وقتِ إحداهما تقديمًا أو تأخيرًا، والجمعُ بينَ الظُّهرِ والعصرِ في وقتِ إحداهما تقديمًا أو تأخيرًا، وذلك حسب الأرفق به.
{قال -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَتَرْكُهُ أَفْضَلُ فِي حَالِ الإِقَامَةِ)}.
أي ترك الجمع أفضل للذي نوى الإقامة في أثناء السَّفر لعارضٍ حصلَ له فأقامَ من أجله، فكونه يترك القصر أفضل له ويُتمُّ الصَّلاة.
{قال -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (غَيْرَ جَمْعَيْ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ)}.
الجمعُ في عرفة بينَ الظُّهر والعصر لأجلِ تواصل الوقوف بعرفة، والجمعُ في مُزدلفة إذا وصلَ إليها بينَ المغربِ والعشاءِ؛ فهذان لا يتركهما؛ لأنَّهما مُؤكَّدان، ولم يَرد أنَّ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتمَّ في عرفة ولا في مُزدلفة، وبعض العلماء يرى أنَّ هذا من النُّسُك.
{قال -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَلِمَرِيضٍ تَلْحَقُهُ بِتَرْكِهِ مَشَقَّةٌ)}.
يُباح الجمع بينَ صلاتين لمريضٍ يلحقه بتركِ الجمعِ مَشقَّة إذا صلَّى كلَّ صلاةٍ في وقتها، فيتلافى هذه المشقَّة بأن يجمع بينَ الصَّلاتين.
{قال -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (لأَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمَعَ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ سَفَرٍ)}.
جمع -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من غيرِ خوفٍ ولا سفر؛ وبقيَ المرض، وهو من الأعذار التي تُبيحُ الجمع.
{قال -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَثَبَتَ الْجَمْعُ لِلْمُسْتَحَاضَةِ وَهُوَ نَوْعُ مَرَضٍ)}.
ثبت الجمع للمستحاضَةِ؛ لأنَّ الاستحاضة نوعُ مرضٍ، فيشقُّ عليها أن تتوضَّأ لكلِّ صلاةٍ؛ فتجمع بينَ الصَّلاتين.
{قال -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّ الْمَرَضَ أَشَدُّ مِنَ السَّفَرِ)}.
احتجَّ الإمامُ أحمد على مشروعيَّة الجمع لأجلِ المرض بأنَّ المرضَ أشد من السَّفر؛ فهو أولى بالرُّخصَة.
{قال -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَقَالَ: الْجَمعُ فِي الْحَضَرِ إِذَا كَانَ مِنْ ضَرُورُةٍ أَوْ شُغْلٍ)}.
إذا كانت ثَمَّ ضرورة اقتضت أن يجمع بينَّ الصَّلاتين، أو شغل يشغله عن كلِّ صلاةٍ في وقتها؛ جاز له الجمع.
{قال -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَقَالَ: صَحَّتْ صَلاَةُ الْخَوْفِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ سِتَّةِ أَوْجُهٍ أَوْ سَبْعَةٍ كُلُّهَا جَائِزَةٌ. وَأَمَّا حَدِيثُ سَهْلٍ فَأَنَا أَخْتَارُهُ)}.
يعني أنَّ الإمامَ أحمد -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى- يُرجِّح حديثَ سهل بن أبي حثمة، وهو في صِفَة صلاة الخوف.
{قال -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَهِيَ صَلاَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ)}.
أي غزوة ذات الرِّقَاع؛ سُمِّيَت بذلك لأنَّ الصَّحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم- حفيَت أقدامهم فيها، فجعلوا عليها الرِّقاع لتقيها من مشقَّة الوطء على الأرض.
{قال -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (طَائِفَةٌ صَفَّتْ مَعَهُ وَطَائِفَةٌ وِجَاهَ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ انْصَرَفُوا وَصَفُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمْ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ صَلاَتِهِ، ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا وَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)}.
هذا حديث سهل الذي اختاره الإمام أحمد -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى- في صفة صلاة الخوف، أنَّ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلَّى ركعةً واحدةً بطائفةٍ من أصحابه، فلمَّا قام إلى الثَّانية ثبَتَ واقفًا؛ وأتمُّوا لأنفسهم وسلَّموا، وذهبوا وِجَاه العدو، ثم جاءت الطَّائفة التي كانت وِجَاه العدو في الرَّكعة الأولى؛ فصلَّت معه الرَّكعة البَاقية، وثبتَ جالسًا حتى أتمُّوا لأنفسِهم وسلَّم بهم.
فالأولى: شَهدت معه تكبيرة الإحرام، وأدَّت معه ركعة وأتمُّوا لأنفسهم.
والثَّانية: أتوا بالرَّكعة البَاقية معه، وثبتَ جالسًا، وأتمُّوا لأنفسهم، وسلَّمَ بهم.
{نريد من سماحتكم أن تقفوا عند قول المؤلف -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (جَمَعَ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ سَفَرٍ)؛ لأنَّه يُشكل على كثيرٍ من النَّاس هذا الحديث}.
قوله: (جَمَعَ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ سَفَرٍ)، يعني: المطر، فيُجمَع بينَ المغرب والعشاء من أجل المطر، وكذلك بينَ الظهر والعصر في رأي بعض العلماء.
{فضيلة الشيخ/ بالنِّسبة لمن يقصر الصَّلاة دائمًا وأبدًا في سفره، لأنَّه يكثرُ سفره ويتردَّد كثيرًا على الخارج للعلاج؛ فهل عليه شيء؟}.
نعم، المسافر يقصر ولو تكرَّرَ سفرُه، لأنَّه أولى بالرُّخصَة، فمَن تكرَّرَ سفره، أو يتردَّد في السَّفر ذهابًا وإيابًا أولى بالرُّخصَة من غيره.
{شكر الله لكم يا شيخ صالح، وباركَ الله فيكم، وسوفَ نستكمل -إن شاءَ الله- ما تبقَّى من هذا المتن في الدَّرس القادم من دورس كتاب "آداب المشي إلى الصَّلاة".
وشكرً لحضراتكم أنتم أيُّها السَّادة على تواصلكم في هذا البرنامج، أشكرُ الزُّملاء الذين سجَّلوا هذا اللقاء، والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.










رد مع اقتباس
قديم 2019-04-24, 08:27   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
احمد الصادق
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

آدابُ المشي إِلى الصَّلاة (4)
الدَّرسُ الثَّامِنُ (8)
سماحة الشيخ/ صالح بن فوزان الفوزان

{بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على قائدِ الغرِّ المحجَّلينَ، نبيِّنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعينَ.
مرحبًا بكم أيُّها الإخوة والأخوات في درسٍ من دروسِ كتاب آدابِ المشي إلى الصَّلاة، ضيفُ هذا اللقاء هو سماحةُ العلَّامة الشَّيخ صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدَّائمة للإفتاء. أهلًا ومرحبًا بالشَّيخ مع الإخوة والأخوات}.
وعليكم السَّلام ورحمة الله وبركاته.
{من الأسئلة التي وردَت في الدَّرس السَّابق: هل هُناك حالات تُبيح لغيرِ المريضِ أن يُصلِّي كصلاةِ المريض؟}.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّمَ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
صلاةُ الخوف ثبتت عن النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بصفاتٍ كلِّها جائزة -كما قال الإمام أحمد- وقال: "وأمَّا حديثُ سهلٍ فأنا أختاره".
وكذلك صلاة المريض والمسافر، فيقصرُ الصَّلاة ويجمعُ بين الصَّلاتين؛ فهذه الأعذار هي التي تَعرِضُ للمسلم في الصَّلاة.
{هل للإشارة بالأصبع في الصَّلاة أصلٌ؟}.
نعم لها أصل، في جلوس التَّشهُّد يرفع أصبعه السَّبَّابة إشارة إلى التَّوحيد، ويعقد البنصر مع الوسطى على هيئة الحلقة.
{إذا كان هناك عُذر مِن مَطَرٍ وكانت الصَّلاة ممَّا تُجمَع إلى وقت الثَّانية، فهل يُصلُّونَ على الرَّاحلة أم يجمعون؟}.
إذا كانوا يسيرون في الطَّريق واعترضهم جري السُّيولِ مِن تحتهم؛ فلو نزلوا لتأثَّروا بالماء؛ فإنَّهم يُصلُّونَ على الرَّواحل، فيتقدَّمهم الإمام على رَاحلته، ويصلُّونَ خلفَه على رواحلِهم، كما كانَ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يفعل ذلك في أسفاره إذا أصابهم المطر.
{هل يجوز الجمع بين الصَّلوات لعمَّال الدُّهانات لمشقَّةِ غَسلِ الزُّيوت التي عليهم؟}.
لا يحقُّ لهم الجمع من أجلِ إزالة الزُّيوت، فيُزيلونها لكلِّ صلاةٍ، ويُعينهم الله -عزَّ وَجَلَّ.
{يتساهل بعضُ أئمَّة المساجد في الجمع بينَ الصَّلوات، ويحتجُّونَ بحديث ابن عباس أنَّ الرَّسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جمع من غيرِ سفرٍ ولا مطرٍ. فما توجيهكم لذلك؟}.
تساهلهم هذا غيرُ جائزٍ، فلا يجوز الجمع إلا بحسبِ الدَّليل، فيُباحُ الجمع في السَّفر وللمرضِ وللخوفِ من العدو؛ فلابدَّ من سببٍ يُبيح الجمع، وإلَّا فإنَّ الصَّلاة تُصلَّى لوقتها، كما قال -جلَّ وعلا: ï´؟فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًاï´¾ [النساء: 103]، يعني: مَفروضًا في الأوقات، والنَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «صَلُّوا الصَّلاة لِوَقْتِهَا» .
{يقول السَّائل: أنا مُدرِّس وأتردَّدُ على قرية في حُدود تسعين كيلًا، فهل لي رُخَص السَّفر؟}.
نعم، هو أولى برخصة ما دامَ يتردَّد في سفره، فله رخصة الإفطار في رمضان، وقصر الصَّلاة، وجمع الصَّلاتين؛ وذلك لوجود المشقَّة.
{ما ضابط الإقامَة التي تمنع التَّرخُّص برُخَصِ لسَّفر؟}.
ما زادَ على أربعةِ أيَّام، فإذا نَوى إقامةً تزيدُ على أربعةِ أيام فإنَّ حُكمه كَحُكْمِ المقيمين، فلا يقصر ولا يجمع؛ بل يُصلِّي كلَّ صلاةٍ في وقتِها تامَّة؛ لأنَّ السَّفر انقطعَ بالإقامة التي تزيد على أربعةِ أيَّام، ويعرف صاحبها أنَّه سيُقيم.
{قال المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (بَابُ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ)}.
صلاةُ الجُمُعَةِ هي صلاة نهاية الأسبوع، وهي صلاةٌ عظيمَةٌ، أنزلَ الله فيها سورة كاملة وهي سورة "الجُمُعَةِ" لعِظَم شأنها ومكانتها في الإسلام، وعظيم أجرها، ويُتأهَّبُ لها بالثِّياب الطِّيبَة والرَّائحة الطِّيبَة وبإزالة الأوساخ والأدران والرَّوائح الكريهة، فهو اجتماعٌ عظيمٌ يجتمعه المسلمونَ، ويُغفَرُ للمسلم ما بينَ الجمعةِ إلى الجُمُعةِ وزيادة ثلاثةِ أيّام؛ لأنَّ الحسنَة بعشرٍ أمثالها.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَهِيَ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) }.
يعني: فرضُ عينٍ على كلِّ فردٍ مسلمٍ، فلا يكفي أن يُصلِّيَها بعضُ النَّاس ويتركها بعض النَّاس، وإنَّما تجبُ على الجميع.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (بَالِغٍ عَاقِلٍ ذَكَرٍ حُرٍّ مُسْتَوْطِنٍ)}
(بَالِغٍ)، يعني: بلَغَ سنَّ الرُّشدِ، كما قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُرُوا أَوْلادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» .
والبلوغ يحصل بأمور:
ïƒک الأمر الأوَّل: إنباتُ الشَّعر الخشن حولَ القُبُل.
ïƒک الأمر الثَّاني: الاحتلام، أن يحتلم في نومهِ، وينزل منه ماء الاحتلام؛ فحينئذٍ يُحكَمُ ببلوغه.
ïƒک الأمر الثَّالث: إذا بلغَ في السِّنِّ خمسةَ عشرةَ سنةٍ.
ïƒک وتزيد المرأة العلامة الرَّابعة وهي: نزولُ الحيضِ عليها.
وقوله: (عَاقِلٍ)، يخرج به المجنون والمعتوه، فليسَ عليه شيء؛ لأنَّه لا يشعر ولا يدري بالصَّلاة ولا بأحكامِهَا، واللهُ تعالى وضعها عنه.
وقوله: (ذَكَرٍ)، يخرج به الإناث، فإنَّ المرأة ليس عليها جُمُعةٍ، وليس عليها صلاة جماعة، وإنَّما الجمعة والجماعة في حق الرِّجال من المسلمين.
وقوله: (حُرٍّ)، يُخرج المملوك، فإنَّ المملوك لا تجب عليه الجُمُعة، ولكن إذا صلَّاها أجزأته؛ لأنَّ المملوك مَنفعته وخدمته لسيده، وصلاة الجمعة تُفوِّت عليه خدمَةَ سيِّده إلا بإذنه.
وقوله: (مُسْتَوْطِنٍ)، يُخرج المسافرين والأعراب؛ لأنَّهم غير مستوطنين.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (بِبِنَاءٍ يَشْمَلُهُ اسْمٌ وَاحِدٌ)}.
أمَّا السَّكن في الخيام وبيوت الشَّعر كما عند البادية؛ فهؤلاء ليسَ عليهم جمعة، وكانت بيوت البوادي حولَ المدينةِ، ولم يأمرهم النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بإقامةِ جُمُعة.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَمَنْ حَضَرَهَا مِمَّنْ لاَ تَجِبُ عَلَيْهِ أَجْزَأَتْهُ)}.
مَن حضرَها ممَّن لا تجبُ عليه مثل: "المسافر والمريض والمماليك" وصلَّاها مع المسلمين أجزأته عن الظُّهر.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَإِنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً أَتَمَّهَا جُمْعَةً وَإِلاَّ أَتَمَّهَا ظُهْرًا)}.
لا تُدرَك الجُمُعة إلا بإدراكِ ركعةٍ كاملةٍ مع الإمامِ، فإذا رفعَ الإمامُ رأسَه مِن الرُّكوع في الرَّكعةِ الثَّانية فقد فاتته الجُمُعة، ولكن يدخل معهم بنيَّةِ الظُّهر، فإذا سلَّم الإمام قامَ وصلَّاها ظهرًا.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَلاَ بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ خُطْبَتَيْنِ)}.
من شروط صحَّة صلاة الجُمعة: تقدُّم خطبتين؛ لأنَّ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يخطب خطبتين، وهاتان الخطبتان تقومان مقام الركعتين، فتجبر الأربع.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (فِيهِمَا حَمْدٌ وَالشَّهَادَتَانِ)}.
يعني: من شروط صحَّة الخطبة: أن يحمدَ اللهَ في أوَّلها كما كانَ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحمد الله في أوَّلِ الخُطبِ، قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَبْتَرُ» .
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَالْوَصِيَّةُ بِمَا يُحَرِّكُ الْقُلُوبَ)}.
أركان الخُطبَة:
الأوَّل: حمدُ الله -وقد بيَّنَّاه.
الثَّاني: الشَّهادتان (شهادة أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا على رسول الله).
الثَّالث: الصَّلاة والسَّلام عَلى رسولِ الله.
الرَّابع: الوصيَّة.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَتُسَمَّى خُطْبَةً)}.
تُسمَّى "خُطبة" بضمِّ الخاء، خلافًا للــ "الخِطبَة" التي هي للنِّساء، كما في قوله تعالى: ï´؟وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِï´¾ [البقرة: 235].
{شكر الله لكم سماحة العلَّامة الشَّيخ صالح الفوزان.
انتهى هذا الدَّرس، ولنا لقاء - إن شاء الله- نستكمل فيه المتن في باب "خطبة الجمعة"، حتى ذلكم الحين تقبَّلوا تحيات الزُّملاء الذين سجَّلوا هذا الدَّرسَ، والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.










رد مع اقتباس
قديم 2019-04-24, 08:27   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
احمد الصادق
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

آدابُ المشي إِلى الصَّلاة (4)
الدَّرسُ الثَّامِنُ (8)
سماحة الشيخ/ صالح بن فوزان الفوزان

{بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على قَائدِ الغُرِّ المحجَّلينَ، نبيِّنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعينَ.
مرحبًا بكم أيُّها الإخوة والأخوات في دَرسٍ مِن دُروسِ كتاب آدابِ المشي إلى الصَّلاة، ضيفُ هذا اللقاء هو سماحةُ العلَّامة الشَّيخ/ صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدَّائمة للإفتاء، والذي سيشرح هذه المتون من هذا الكتاب المبارك، أهلًا ومرحبًا بالشَّيخ صالح}.
حيَّاكم الله وبارك فيكم.
{ما زلنا في كتاب صلاة الجمعة، حدثونا عن فضلِ صلاة الجمعة، وعن التَّبكير لها، والاستعدادِ لها}.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ لله ربِّ العَالمينَ، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وبعد؛ فإنَّ صلاة الجمعة لها فضلٌ كبير، ولذلك خُصَّت بأحكامٍ لا تكون لغيرها، منها: اجتماع الناسِ في مسجدٍ واحدٍ متى ما أمكنَ ذلك، ولا تتعدَّد الجوامع إلَّا لحاجةٍ شرعيَّةٍ، ومُسوِّغٍ شرعيٍّ؛ وإلَّا فالأصل أنَّهم يجتمعون في جامعٍ واحدٍ لأداء هذه الصَّلاة العظيمة.
وقد جاء في فضلها: أنَّ مَن بكَّرَ إليها وابتكرَ، وغسل واغتسلَ، ومشى ولم يركب إليها؛ أنَّه يُكتَبُ له ما بينَ الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيَّامٍ من الأجرِ العظيم.
فهي صلاةٌ عظيمةٌ يُسعَى لها، قال تعالى: ï´؟يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىظ° ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ غڑ ذَظ°لِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَï´¾ [الجمعة:9].
{من الأسئلة التي وردت في الدَّرس السَّابق، هذا سائل يقول: نحنُ مجموعة من المعلمين نتردَّد على قرية للتدريسِ فيها بنحو خمسة وتسعين كيلًا؛ فهل نترخَّص برُخَصِ السَّفر؟}.
نعم، خمس وتسعين كيلًا هذه مَسافة قصرٍ، يُترخَّصُ فيها بقصر الصَّلاة، وجمع الصلاتين في الطَّريق، والإفطار في رمضان؛ لأنَّ هذا سفرٌ يُبيح الإفطار ويُبيح الجمع بين الصَّلاتين، ويُبيح قصر الصَّلاة الرُّباعية إلى ركعتين.
{المسافر الذي يمر ببلدٍ وهو سائر، ثُمَّ سمع النِّداء، هل يلزمه التَّوقُّف لصلاة الجماعة؟}.
لا يلزمه ذلك؛ لأنَّه مسافر، والجُمُعة إنَّما تلزم الحاضرين في البلد.
{وهل هذا الحكم يشمل مَن دخل بلدًا وهو يسمع خطبة الجُمُعة؟}.
لا يشمله، فإنَّ المسافر لا يلزمه حضور الجمعة ولا حضور الخطبة.
{الذين يُسافرون للنزهة في البراري؛ هل يجوز لهم الجمع والقصر؟}.
إذا كانوا يَقصدون مَوضعًا مُعيًّنًا يبعد ثمانينَ كيلًا فأكثر؛ فلهم القصر والجمع، إلَّا إذا كانوا سيُقيمونَ في هذا الموضع أكثر من أربعةَ أيَّامٍ فليس لهم قَصرٌ ولا جمعٌ؛ لأنَّ السَّفر انقطع بهذه الإقامة، فيُتمِّونَ الصَّلاة، ويُصلُّونَ كلَّ صلاةٍ في وقتها.
{في الآية الكريمة: ï´؟فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا غ– فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَï´¾ [البقرة:239]، هل له مدلولٌ يتعلَّق بالقصرِ في السَّفر؟}.
فأول ما شُرعَت صلاة الخوف في حال القتال أو الاستعداد للقتال؛ قال تعالى: ï´؟فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ غڑ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًاï´¾ [النساء:103]، فإذا زال الخوف فإنَّ حكم صلاة الخوف يزول، فتُصلَّى صلاة الأمن.
{وقف بنا الحديث ونحن نقرأ في المتن في صلاة الجمعة عند قول المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَيَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرٍ أَوْ مَوْضِعٍ عَالٍ)}.
يخطبُ خطيب الجمُعَة على منبرٍ له دَرجاتٌ، كما كان النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في آخر أمره يخطبُ على منبرٍ لَمَّا صُنِعَ له، وإذا فرغَ مِن الخُطبة نزل وَصَلِّي بالنَّاس صلاة الجُمُعَة.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَيُسَلِّمُ عَلَى الْمَأْمُومِينَ إِذَا خَرَجَ، وَإِذَا أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ)}.
قوله: (وَيُسَلِّمُ عَلَى الْمَأْمُومِينَ إِذَا خَرَجَ)؛ يعني: إذا طلع عليهم من باب المسجد يُريد الخطبة، فيُسلِّم عليهم السَّلام الأوَّل، وإذا وصلَ إلى المنبر يُسلِّم أيضًا على الحاضرينَ حول المنبر، وإذا صعدَ على المنبر يُسلِّم على الجميع السلام الخاص بالخطبة.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَيَجْلِسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ جِلْسَةً خَفِيفَةً)}.
الهديُ النَّبويُّ أنَّه يجلس بينَ الخطبتينِ جلسةً خفيفةً، ولا يُواصل بينهما، ولا يَبقى واقفًا بعدَ الخطبة الأولى ثُمَّ يَشرع في الثَّانية؛ وإنَّما السُّنَّة أن يجلس بينهما ويَستريح، ثُمَّ يَقوم للثَّانية، هكذا كان النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يفعل.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ)}.
لِمَا في الصَّحيحين مِن حديثِ عمر بن الخطاب -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عند البخاري ومسلم أنَّ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كانَ يجلسُ بينَ الخطبتينِ.
{قال: (وَيَخْطُبُ قَائِمًا؛ لِفِعْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)}.
الوقوف في خُطبة الجمعة سُنَّة، ولو خطبَ وهو جالس جازَ له ذلك، وإذا كان يشقُّ عليه القيام يخطبُ أيضًا جالسًا، ولا حرج عليه في ذلك للعذرِ، وقد كانَ مُعاوية بن أبي سفيان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يخطب جالسًا لَمَّا احتاجَ إلى ذلك.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَصَلاَةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ، يَجْهَرُ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ)}.
يجهر في صلاة الجُمُعة بالقراءة خاصَّة، وكذلك صلاة الكسوف، أما بقيَّة صلوات النَّهارِ فلا يُجهَرُ فيها بالقراءة.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (يَقْرَأُ فِي الأُولَى بِالْجُمُعَةِ، وَالثَّانِيَةِ بِـ"الْمُنَافِقُونَ")}.
السُّنَّة أن يقرأ في الرَّكعةِ الأولى مِن صلاة الجمعة بعدَ الفاتحة بسورةِ: الجمعة، ويقرأ في الرَّكعة الثَّانية بسورة: "إذا جاءك المنافقون"، فأمَّا قراءَته بسورة الجُمُعة فالمناسبة واضحَة أنَّ هذا يوم الجمعة، وأمَّا الحكمة مِن قراءة سورة: "المنافقون"؛ فلأنَّ المنافقين يحضرون الجمعة فيُسمِعَهم الوعظَ والتَّذكير؛ لعلَّهم يتوبون إلى الله.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (أَوْ بِـ "سَبِّحْ" وَالْغَاشِيَةِ، صَحَّ الْحَدِيثُ بِالْكُلِّ)}.
أو يقرأ في الرَّكعة الأولى بــ "سبِّح اسم ربِّكَ الأعلى"، وبــسورة: الغاشية في الرَّكعة الثَّانية؛ فهذا أيضًا وارد عن الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
{قال: (وَيَقْرَأُ فِي فَجْرِ يَوْمِهَا بِـ "الم" السَّجْدَةَ، وَسُورَةَ الإِنْسَانِ)}.
مِنَ السُّنَّة في يوم الجمعة أن يَقرأ الإمام في فجرها بــ "الم" السَّجدة، وفي الرَّكعة الثَّانية يقرأ بسورة: الإنسان ï´؟هَلْ أَتَىظ° عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًاï´¾ [الإنسان:1]؛ لأنَّ الإنسان خُلق في يوم الجمعة، فيُذكَّر بهذا.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَتُكْرَهُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى ذَلِكَ)}.
تُكرَه المداومَة على قِراءة الجُمُعَة والإنسان في كلِّ جُمُعةٍ؛ بل يُقرأ بهما في غالب الأوقات، وأحيانًا يُقرأ بغيرهما؛ ليُبيِّن أن قراءتهما ليست واجبة.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَإِنْ وَافَقَ عِيدٌ يَوْمَ جُمُعَةٍ سَقَطَتْ الْجُمُعَةِ عَمَّنْ حَضَرَ الْعِيدَ، إِلاَّ الإِمَامُ فَلاَ تَسْقُطُ عَنْهُ)}.
إذا وافقَ يومُ عيدٍ يومَ الجُمُعةِ فقد اجتمع عيدان -عيد الجمعة، وعيد السَّنة- فمن حضرَ صلاة العيد من المأمومين فلا يلزمه حضور صلاة الجُمُعة، وإنَّما يُستحبُّ له ذلك، وأمَّا الإمام فإنَّه يلزمه أن يُصلِّيَ الجُمُعَةِ بمَن حضرَ معه مِن المسلمين.
{قال: (وَالسُّنَّةُ بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ أَوْ أَرْبَعٌ)}.
أقلُّ السُّنَّة بعدَ الجُمُعةِ ركعتانِ، وأكثرُها أربع ركعاتٍ بسلامين، أو ستِّ ركعاتٍ بثلاثِ تسليمات، ومَن صلَّاها في المسجد يُصلِّيها ركعتين، ومن صلَّاها في البيت يُصلِّيها أكثر من ركعتين، بأربعِ ركعاتٍ أو ست ركعات.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَلاَ سُنَّةَ لَهَا قَبْلَهَا، بَلْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَنَفَّلَ بِمَا شَاءَ)}.
ليس للجمُعَةِ سنَّةٌ راتبةٌ قبلَهَا؛ إنَّما سُنَّتها بعدها، لكن مَن جاء مُبكِّرًا، أو جاء قبل حضور الإمام فإنَّه يُصلِّي ما تيسَّر له، فيصلِّي أولًا تحيَّة المسجد، ثم يُضيف إليها ما تيسَّرَ من الصَّلوات النَّافلة؛ فهذا أفضل له، ولو استمرَّ يُصلِّي من دخوله إلى أن يحضر الإمام كان ذلك أفضل.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَيُسَنُّ لَهَا الْغُسُلُ، وَالسِّوَاكُ، وَالطِّيبُ)}.
يُسنُّ للجُمُعةِ التَّهيُّوء بالاغتسالِ لجميعِ البدنِ ليُزيلَ الرَّوائحَ والعرَقَ عن جسمِهِ، ويستاك ليُزيل الرَّائحة الكريهة مِن فَمِه، ويتطيَّب بما عندَه من الطِّيبِ لأنَّه سيحضُر اجتماعًا عظيمًا، فيتهيَّأ لهذا الاجتماع.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَيَلْبَسُ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ)}.
يتزيَّن لصلاة الجُمُعةِ ويلبس لها أحسنَ الثِّيابِ.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَأَنْ يُبِكِّرَ مَاشِيًا)}.
قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» .
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَيَجِبُ السَّعْيُ بالنِّدَاءِ الثَّانِي بِسَكِينَةٍ وَخُشُوعٍ، وَيَدْنُو مِنَ الإِمَامِ)}.
يجب السَّعي إلى الجمُعَة، والمشي بسَكينةٍ وخشوعٍ وعَدمِ عجلةٍ؛ لأجلِ أن تُكثُر الخُطَى التي تكونُ في ميزانِ حسناته يوم القيامَة، ولا يستعجل في مشيه، وإنَّما يمشي على هيئته، لقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا سَمِعْتُمْ الْإِقَامَةَ، فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ، وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ، وَلَا تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ ، فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا» ، وفي رواية: «فَأَتِمُّوا».
{شكر الله لكم سماحة الشَّيخ صالح على تفضُّلكم بشرح هذا المتن المبارك من كتاب "آداب المشي إلى الصلاة".
يتجدَّد اللقاء في هذا البرنامج في هذا البرنامج -إن شاء الله- وتقبَّلوا تحيات الزُّملاء في فريق العمل، والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.










رد مع اقتباس
قديم 2019-04-24, 08:28   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
احمد الصادق
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

آدابُ المشي إِلى الصَّلاة (4)
الدَّرسُ العَاشِر (10)
سماحة الشيخ/ صالح بن فوزان الفوزان
{بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على قَائدِ الغُرِّ المحجَّلينَ، نبيِّنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعينَ.
مرحبًا بكم أيُّها الإخوة والأخوات في دَرسٍ مِن دُروسِ كتاب آدابِ المشي إلى الصَّلاة، ضيفُ هذا اللقاء هو سماحةُ العلَّامة الشَّيخ/ صالح بن فوزان الفوزان، عضوُ هيئة ِكبارِ العلماءِ، وعضو اللَّجنةِ الدَّائمَةِ للإفتاء، أهلًا ومرحبًا بالشَّيخ صالح مع الإخوة والأخوات}
حيَّاكم الله وبارك فيكم.
{قرأنا متنَ ما جاء في بابِ صلاة الجمُعَةِ، وبعضُ الإخوة أرسلَ بأسئلةٍ عن هذا اليوم العظيم -يوم الجمُعة- ومنها: ما سبب تسمية بوم الجُمُعةِ بهذا الاسم؟}.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ لله، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبينا محمدٍ وعلى آلِهِ وأصحابه أجمعين.
سبب التَّسمية -والله أعلم: أنَّ النَّاس يجتمعونَ فيه في مسجدٍ واحدٍ يُصَلُّونَ فيه الجُمَعةِ، وكذلك تجتمع فيه الخيرات والبركات، فهو يومٌ جامعٌ مُباركُ.
{هل صلاة الجُمُعة بديلة لِصَلاةِ الظُّهر؟}.
صلاةُ الجُمُعَة فريضة الوقت، وهي فرضٌ مُستقلٌّ وليس بديلًا عن صلاة الظُّهر.
{بارك الله فيكم.
يشكُّ البعض بنداء الجُمُعةِ الأوَّل، ويزعمون أنَّه لم يكن في عهد النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فما الصواب؟}.
هذا مِن جَهلِهِم وغباوَتِهم، فالأذانُ الأوَّل أَمَرَ به عُثمان بن عفان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- الخليفة الرَّاشد لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ في المدينة وانشغلوا بالحرثِ وبالبيع والشِّراء؛ فأمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بالنِّداء الأوَّل من أجلِ أن يتأهَّبوا لصلاةِ الجُمُعةِ، فهذا مِن سُنَّة الخُلفاء الرَّاشدين، قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ»؛ ولأنَّ عثمان هو الذي أمرَ بالنِّداء الأوَّلِ وهو ثالث الخلفاء الرَّاشدين؛ فلذلك صارَ بهذه الفضيلة.
{أحد الإخوة أرسل بسؤالٍ يقول فيه: جماعةٌ حضروا صلاة الجُمُعة، واستمعوا الخطبة وهم في صرحة المسجدِ وأثناء الصلاة انقطعَ الصَّوتُ فجلسوا، وبعدَ الصَّلاةِ تقدَّمَ أحدُهم وصلَّى بهم ركعتين، فما حكمُ ذلك؟}.
يُصلونها ظهرًا إذا ما انقطع الصوت مع الإمام، ولو تقدَّمَ واحدٌ بعدما انقطع الصَّوت وأكمل بهم صلاة الجُمُعةِ صحَّ هذا.
{ما حُكم حمل العصا أثناء الخُطبَة؟}.
من السُّنَّةِ أن يعتمدَ على عصا أو على قوسٍ، أو على حرفِ المنبر.
{بارك الله فيكم..
هل تصح الخطبة والإمام جالسًا؟}.
نعم، يصح أن يخطبَ الإمام وهو جالس، لا سيما وإن كانَ يشقّ عليه الوقوف، وكان مُعاوية بن أبي سفيان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يخطبُ وهو جالس.
{نستكمل ما تبقى من المتن في باب صلاة الجمعة.
قال المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ: (وَيُكْثِرُ الدُّعَاءَ فِي يَوْمِهَا رَجَاءَ إِصَابَةِ سَاعَةِ الاِسْتِجَابَةِ)}.
نعم، يُكثر من الدُّعاء يوم الجمعة رجاء إصابة ساعة الإجابة التي قال عنها الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا» ، وهذه السَّاعة في يوم الجمعة، ولكنَّ الله أخفَاها فيه مِن أجلِ أن يجتهد المسلم في الدُّعاء في كلِّ اليوم ويكون الأجر أكثر.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَأَرْجَاهَا آخِرُ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ إِذَا تَطَهَّرَ وَانْتَظَرَ صَلاَةَ الْمَغْرِبِ لأَنَّهُ فِي صَلاَةٍ)}.
لا يُعلَم هي أيُّ ساعةٍ من يومِ الجُمُعَة، ولكن أرجاها أن يُصادفها بعدَ العصرِ مِن يوم الجمعة.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَيُكْثِرُ الصَّلاَةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِهَا وَلَيْلَتِهَا)}.
هذا مِن أحكام يوم الجُمُعةِ؛ أن يُكثر المسلم من الصَّلاة والسَّلام على النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في يومها وليلتها.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ، إِلاَّ أَنْ يَرَى فُرْجَةً لاَ يَصِلُ إِلَيْهَا إِلاَّ بِهِ)}.
يحرمُ أن يتخطَّى رقابَ النَّاسِ إذا كان لغيرِ حاجة، وقد جاء في الحديث أنَّ «مَنْ تَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ اتَّخَذَ جِسْرًا إِلَى جَهَنَّمَ» ، وهذا وعيدٌ شديدٌ، فلا يتخطَّى رقابَ النَّاسِ إلَّا إذا رأى فُرجةً لم تُسدَّ، فإنَّه يتخطَّى رقابهم ليسُدَّها؛ لأنَّهم هم الذينَ أخطؤوا حيثُ لم يسدُّوها، وكذلك يتخطَّاهم الإمام إذا لم يكن له مَدخلٌ خاصٌّ؛ فله أن يتخطَّاهم ليصل إلى المنبر.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَلاَ يُقِيمُ غَيْرَهُ وَيَجْلِسُ مَكَانَهُ، وَلَوْ عَبْدَهُ أَوْ وَلَدَهُ)}.
مَن سبقَ إلى مكانٍ في المسجد فهو أحقُّ به، فلا يُقيمُ مَن جلسَ قبلَه في مكانٍ سابقٍ ليجلسَ مكانه؛ لأنَّ هذا اعتداءٌ على حقِّه الذي سبَقَ إليه، إلَّا َإذا أرسلَ مَن يحفظ له مكانَا أو يحجز له مكانًا إلى أن يحضُرَ، كأن يكون قد خرجَ لعذرٍ أو تأخَّرَ لعذرٍ، فلا بأسَ بذلك.
{ما حُكم مَن يَضع غُترة له أو عقالًا له في مكانه، ثُمَّ يخرج لتجديد الوضوء مثلًا}.
لا بأسَ بذلك، فيضع في مكانه ما يحفظه له من عصا أو عقال أو ما أشبه ذلك، المهم أنَّه سيرجع، أمَّا أنَه يَحجزه عن النَّاس ثُم يذهب ينام، أو يبيع ويشتري ويترك المكان؛ فهذا حرامٌ ولا يجوز له.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَمَنْ دَخَلَ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ لَمْ يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ)}.
وهذا للحديث: أنَّ سُلَيْكًا الْغَطَفَانِيُّ دخلَ والنَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخطب فجلسَ، فقال له -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَّيتَ رَكْعَتين؟». قال: لا. قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ» .
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (يُخَفِّفُهُمَا)}.
يُخففهما من أجل أن يتفرَّغَ لسماع الخطبةِ.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَلاَ يَتَكَلَّمُ، وَلاَ يَعْبَثُ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ)}.
يستمع للخطبة ولا يتحرَّك حَركاتٍ كثيرةٍ تشغله، أو يتلهَّى عن سَماعِ الخطبةِ؛ لأنَّ هذا حرام، والواجبُ الاستماعُ، قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى»، كالذي يُخطِّط في الأرضِ وقتَ الخطبةِ فهذا لَغَا، يعني: بطلَ أجره.
قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ومَنْ لغا فلا جمعة له»، أي: ليسَ له ثوابٌ في هذه الجمعة، ولكنَّه يجب عليهِ أن يُصلِّيَها.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَمَنْ نَعِسَ انْتَقَلَ مِنْ مَجْلِسِهِ لأَمْرِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِذَلِكَ)}.
النُّعاس هو: النَّوم وهو قاعدٌ ينتظر؛ فمَن نعس فإنَّه يقومُ مِن مجلسِهِ ليذهبَ عنه النُّعاس ويجلسَ في مكانٍ آخر.
{ما حُكم التَّسوُّك أثناء الخطبة؟}.
لا يجوز التَّسوُّك أثاء الخطبةِ؛ لأنَّه حركة.
{شكر الله لكم سماحة الشَّيخ صالح على تفضُّلكم بشرح هذا المتن المبارك من كتاب "صلاة الجمعة"، ونُرجئ باب "صلاة العيدين" إلى الدَّرس القادم -بإذن الله تعالى.
جزاكم الله عنَّا وعن أمَّةِ الإسلام خير الجزاء، شكرًا لفريق العمل الذين ساهموا في تسجيل هذا الدَّرس، والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.










رد مع اقتباس
قديم 2019-05-07, 07:49   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
احمد الصادق
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

آدابُ المشي إِلى الصَّلاة (4)
الدَّرسُ الحادي عشر (11)
سماحة الشيخ/ صالح بن فوزان الفوزان
{بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على قَائدِ الغُرِّ المحجَّلينَ، نبيِّنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعينَ.
مرحبًا بكم أيُّها الإخوة والأخوات في دَرسٍ مِن دُروسِ كتاب آدابِ المشي إلى الصَّلاة، ضيفُ هذا اللقاء هو سماحةُ العلَّامة الشَّيخ/ صالح بن فوزان الفوزان، عُضوُ هيئة ِكبارِ العلماءِ، وعضو اللَّجنةِ الدَّائمَةِ للإفتاء، أهلًا ومرحبًا بالشَّيخ صالح مع الإخوة والأخوات}
حيَّاكم الله وبارك فيكم.
{كُنا قد انتهينا من باب صلاة الجمعة، وقد تبقى معنا بعض الأسئلة من الإخوة والأخوات فيما قرآناه من المتن.
أحد الإخوة يقول: ثبت في الصحيح أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الخطبة بسورة ق، فهل هذا كان على الدوام؟}
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، نعم كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في خُطبة الجمعة من القُرآن، وكان يخصُّ سورة ق بالذات، ولكنه لا يقرأها كاملة في الخطبة، وإنما كل جُمعة يقرأ منها ما تيسر حتى تكتمل.
{يقول السائل: هل تجب صلاة الجمعة على أهل المزاع والبساتين؟}
نعم .. الذين يقربون من المساجد، أي: مزارعهم قريبة من البلد بمقدار فرسخ فإنها تجب عليهم صلاة الجمعة إذا سمعوا النداء، والفاصل في ذلك هو سماع النداء بدون مكبر الصوت، فإذا قُدِّر أنه يسمع النداء بدون مكبر صوت فإنه تجب عليه الإجابة لصلاة الجمعة؛ لقوله تعالى: ï´؟يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىظ° ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ غڑ ذَظ°لِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَï´¾ [الجمعة:9].
{هل يُعذر حراس المزارع في تخلف بعضهم عن صلاة الجمعة؟}
إذا كان يضيع أو يُسرق ما استُحفظ عليه بذهابه إلى الجمعة؛ فهو معذرور لترك صلاة الجمعة، وعليه أن يبقى في الحراسة ويُصليها ظهرًا.
{يقول أحد السائلين، سمعت أنَّ من علامات خروج الدجال عدم ذكره على المنابر، فهل هذا صحيح؟}
نعم صحيح فقد ورد في الحديث أنَّ من علاماته أن ينسى الناس ذكره على المنابر ثم يخرج، عافانا الله من شره ومن فتنته.
{هل يجوز بدء الخطبة قبل دخول وقت الجمعة؟}
نعم لا بأس بذلك، أي لا بأس أن تكون الصلاة إذا زالت الشمس والخطبة يتم تقديمها.
{ما مقدار الجلوس بين الخطبتين في صلاة الجمعة؟}
بمقدار قراءة الفاتحة تقريبًا
{بارك الله فيكم
قال المؤلف -رحمه الله تعالى: (بَابُ صَلاةِ الْعِيدَيْنِ)}
نعم المقصود بصلاة العيدين صلاة عيد الفطر وعيد الأضحى، والصلاة هُنا فرض كفاية، إذا حضرها من يكفي سقط الإثم عن الباقيين، وإن تركها الكل، أثموا جميعًا.
{ قال -رَحِمَهُ اللهُ: (إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْعِيدِ إِلاَّ بَعْدَ الزَّوَالِ؛ خَرَجَ مِنَ الْغَدِ فَصَلَّى بِهِمْ)}
نعم هكذا ورد في الحديث من أنه إذا لم يثبت رؤية الهلال إلَّا بعد زوال الشمس فإنهم يُفطرون من رمضان ويؤجلون صلاة العيد إلى الغد، ويُصلونها في وقتها.
{ قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الأَضْحَى، وَتَأْخِيرُ الْفِطْرِ)}
نعم، يسن تعجيل ذبح الأضحية بعد الصلاة، فالأضحية لا تذبح قبل صلاة العيد، وإنما تذبح بعد صلاة العيد ويبادر بذلك.
{ قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَأَكْلُهُ قَبْلَ الْخُرُوجِ إِلَيْهَا فِي الْفِطْرِ تَمَرَاتٍ وِتْرًا)}
نعم يُسن للمسلم أن يأكل قبل خروجه لصلاة عيد الفطر تمرات؛ ليظهر الإفطار وانتهاء صيام رمضان، وهذا سنة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله.
{ قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَلا يَأْكُلُ فِي الأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ)}
أمَّا في عيد الأضحى فلا يأكل حتى يُصلي؛ لأجل أن يأكل من أضحيته، والضحية لا تذبح إلا بعد الصلاة.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَإِذَا غَدَا مِنْ طَرِيقٍ رَجَعَ مِنْ آخَرَ)}
ويُسنُّ إذا ذهب إلى صلاة العيد من طريق أو من شارع أن يرجع من طريق آخر؛ وذلك لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولتكثر البقاع التي تشهد له عند الله -سبحانه وتعالى، قال تعالى: ï´؟إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍï´¾ [يس:]، يعني: مَشيهم إلى المساجد.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَتُسَنُّ فِي صَحَرَاءَ قَرِيبَةٍ)}
تُسن صلاة العيد في صحراء، أي: خارج البنيان، ولا تُصلى في البلد إلا لعذر كمطر ونحوه، فتصلى في الجوامع.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ)}
نعم صلاة العيد ركعتان وهي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (يُكَبِّرُ تَكْبِيرَةَ الإِحْرَامِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ بَعْدَهَا سِتًّا)}
يُكبر تكبيرة الإحرام، وهذه ركنٌ من أركان الصلاة لابد منها، ويسنُّ أن يُكبر بعدها ست تكبيرات زوائد قبل قراءة الفاتحة.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَيُكَبِّرُ فِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا)}
وفي الركعة الثانية بعد تكبيرة الانتقال يكبر خمس تكبيرات.
{ما الحكم إذا نسي الإمام هذه التكبيرات؟)}
من تركها مُتعمدًا تصح صلاته، ولكن يكون تاركًا لسنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ)}
نعم يرفع يديه في الصلاة مع كل تكبيرة إشارة إلى كشف الحجاب بينه وبين ربه كما جاء في الحديث.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَيَقْرَأُ فِيهِمَا: بِـ (سَبِّحْ، وَالْغَاشِيَةِ))}
نعم يقرأ الإمام في صلاة العيدين في الأولى بسورة سبح اسم ربك الأعلى، وفي الثانية بسورة الغاشية، أي: هل آتاك حديث الغاشية، أو يقرأ بسورتي الجمعة وإذا جاءك المنافقون.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (فَإِذَا فَرَغَ خَطَبَ، وَلا يَتَنَفَّلُ قَبْلَهَا وَلا بَعْدَهَا فِي مَوْضِعِهَا فِي صَحْرَاءَ قَرِيبَةٍ)}
وإذا فرغ الإمام من صلاة العيد فإنه يقوم ويخطب خطبة العيد، ولا يتنفل قبل صلاة العيد ولا بعدها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج وصلَّى العيد ركعتين ولم يتنفل قبلها ولا بعدها.
{وإذا كانت الصلاة يا شيخ في المساجد فهل يصلي ركعتين؟}
يُصلى نحية المسجد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» وهذا الحديث عام في جميع الصلوات والأيام حتى في يوم العيد.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَيُسَنُّ التَّكْبِيرُ فِي الْعِيدَيْنِ)}
ويسَنُّ التكبير في العيدين من ثبوت الهلال إلى أن يُصلي العيد. والتكبير يكون في فترات الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا والحمد لله كثيرًا وسبحان الله بكرة وأصيلاً، صلى الله على محمد النبي الأمي وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرًا، ونكرر هذا.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَإِظْهَارُهُ فِي الْمَسَاجِدِ وَالطُّرُقِ، وَيُسَنُّ الْجَهْرُ بِهِ)}
يسنُّ إظهار التكبير في المساجد وهو ينتظرون صلاة العيد، وفي الطرق أثناء مشيهم إلى الصلاة في مصلى العيد، وفي رجوعهم إلى بيوتهم.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (مِنْ أَهْلِ الْقُرَى وَالأَمْصَارِ)}
أهل الأمصار، هم أهل المدن الكبيرة، والقرى هي البلدان الصغيرة.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَيَتَأَكَّدُ فِي لَيْلَتَيِ الْعِيدَيْنِ)}
نعم ويتأكد التكبير في ليلتي العيدين إذا ثبت الهلال.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَفِي الْخُرُوجِ إِلَيْهَا)}
يكبر إذا خرج إليها، أي إلى صلاة العيد.
{ قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وفي الأضحى يبتدئ بالتكبير المطلق)}
وفي الأضحى يبتدئ التكبير المطلق بدخول العشر من ذي الحجة، والتكبير المقيد في أيام التشريق.
والتكبير المقيد هو التكبير الذي يلي الصلوات المفروضات، والمطلق يكون في كل الأوقات.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَالْمُقَيَّدُ مِنْ صَلاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى عَصْرِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ)}
من صلاة الفجر في يوم عرفة لغير الحاج، وأمَّا الحاج فأنه يشتغل بالتلبية إلى أن يرمي جمرة العقبة ثم يكبر بعد ذلك.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَيُسَنُّ الاجْتِهَادُ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ أَيَّامَ العّشْرِ)}
نعم لقوله صلى الله عليه وسلم: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ» وهي الحاجي عشر واتلثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة.
{نختم هذا اللقاء بسؤال لأحد الإخوة يقول: يغفل كثير من الناس عن أيام العشر بما فبها من العمل الصالح وإجابة الدعوات، فهل من توجيه؟}
نعم هذا نتيجة الجهل أو التساهل، وهذا الأيام فرصة تمر بالمسلم في حياته، وعليه أن يغتنمها، وأن يعمل السنن الواردة فيها، ولا يهمل، وعليه أن يسأل أهل العلم، ويقتضي بالمسلمين فيما يعملون.
{شكر الله لكم سماحة الشَّيخ صالح على تفضُّلكم بشرح هذا المتن المبارك من كتاب "آداب المشي إلى الصلاة"، وفي الأسبوع القادم إن شاء الله نأخذ باب: "صلاة الكسوف".
حتى ذالكم الحين تقبلوا تحيات الزملاء الذين سجلوا هذه الحلقات وهذه الدروس المباركة مع سماحة العلامة الشيخ صالح الفوزان، والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.










رد مع اقتباس
قديم 2019-05-07, 07:50   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
احمد الصادق
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

آدابُ المشي إِلى الصَّلاة (4)
الدَّرسُ الثَّاني عشر (12)
سماحة الشيخ/ صالح بن فوزان الفوزان
{بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على قَائدِ الغُرِّ المحجَّلينَ، نبيِّنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعينَ.
مرحبًا بكم أيُّها الإخوة والأخوات في دَرسٍ مِن دُروسِ كتاب آدابِ المشي إلى الصَّلاة، ضيفُ هذا اللقاء هو سماحةُ العلَّامة الشَّيخ/ صالح بن فوزان الفوزان، عُضوُ هيئة ِكبارِ العلماءِ، وعضو اللَّجنةِ الدَّائمَةِ للإفتاء، أهلًا ومرحبًا بالشَّيخ صالح مع الإخوة والأخوات}
حيَّاكم الله وبارك فيكم.
{في باب صلاة العيدين أرسل بعض الإخوة استفسارًا لسماحتكم، فيقول: ما شرط صحة صلاة العيد؟}
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمَّا بعد،،
فصلاة العيد تكون ركعتين، وبعد السلام من الصلاة يخطب الإمام خُطبة فيها الثناء على الله –سبحانه وتعالى، وفيها إرشاد المسلمين إلى ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، وصلاة العيد هي فرض كفاية، أي: إذا قام بها من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وإن تركها الكُلُّ أَثِمَ الجميع.
{يقول السائل: هل هُناك نص صحيحٌ في مشروعية الاغتسال ليوم العيد؟ أو أنه من باب القياس على صلاة الجمعة؟}
كل اجتماع للمسلمين يود المسلم أن يكون فيه على أحسن حال؛ فيغتسل ويُزيل ما فيه من العرق والروائح المؤذية ويتطيب قبل أن يذهب.
{أورد البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ»، فما الحكمة من ذلك؟ وهل يُشترط في المخالفة أن تكون ماشيًا؟}
نعم، يُستحب أن يذهب إلى صلاة العيد ماشيًا إذا تيسر، وأن يُخالفَ الطريق؛ فيذهب من طريق، ويعود من طريق آخر؛ لأنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- كان يفعل ذلك.
والحكمة من ذلك: لتكثر البقاع التي تشهد له عند الله سبحانه وتعالى.
{هل لمُصلَّى العيد تحية يا شيخ؟}
لا؛ لأنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- صَلَّى العيد، فلم يتنفل قبلها ولا بعدها، فمن أتى لصلاة العيد فليجلس، إِلَّا إذا كانوا يُقيمونها في المسجد فإنَّه يُصلي تحية لدخول المسجد لا على أساس أنها سنة لصلاة العيد.
{هل افتتاح خُطبة العيد بالتكبير ثابت؟}
إي نعم هو ثابت، ووقت التكبير من حين ثُبوت الهلال في عيد الفطر وفي عيد الأضحى كذلك، ويشتغلون بالتكبير المطلق؛ لأنَّ هُناك تكبير مُقيد بعد صلاة الفريضة في جماعة.
{فضيلة الشيخ: استحبَّ الفُقهاء أن يبدأ خطيب في خُطبة عيد الفطر أن يبدأ ببيان أحكام زكاة الفطر، ولا يخفاكم أنَّ وقتها يكون قبل الصلاة، فما الحُكم في ذلك؟}
يُنبه على أحكامها وأيضًا ينبه على من تأخير في إخراجها أن يُخرجها على الأوصاف الشرعية التي تُبيَّن له.
{ما حُكم التهنئة بالعيد؟}
التهنئة بالعيد شيء طيب؛ لأنها مُناسبة عظيمة، فيُهنئ بعضهم بعضًا بذلك بأن يدعو أن يتقبل الله منَّا ومنك؛ فيرد عليه تقبل الله منك.
{والمصافحة يا شيخ؟}
المصافحة أمر طيب.
{بارك الله فيكم، فضيلة الشيخ: الرسول –صلى الله عليه وسلم- نهى عن صيام يومي العيدين، فهل في ذلك حكمة؟}
نعم؛ لأنه يوم ضيافة لله –عَزَّ وَجَلَّ- فهو يوم أكلٍ وشُربٍ لله –عَزَّ وَجَلَّ؛ ولذا يحرم أن يصوم العيدين.
{قال المؤلف –رحمه الله تعالى: (بَابُ صَلاةِ الْكُسُوفِ)}
الكسوف هو ذهاب ضوء الشمس؛ لأن الشمس يعتليها ما يُغطيها بأمر الله -سبحانه وتعالى- فيذهب ضوؤها.
{قال –رحمه الله: (وَوَقْتُهَا مِنْ حِينِ الْكُسُوفِ إِلَى التَّجَلِّي)}
تبدأ صلاة الكسوف من حين بدء الكسوف، وتستمر إلى التَّجلي، أي: تستمر إلى أن يذهب الذي غَطَّى عين الشمس؛ فإذا تجلَّى فلا تُصلَّى صلاة الكسوف، قال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ، وَإِنَّهُمَا لا يَنْكسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ. فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ»
{ قال –رحمه الله: (وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، حَضَرًا وَسَفَرًا، حَتَّى لِلنِّسَاءِ)}
نعم، صلاة الكسوف حُكمها، سُنةٌ مُؤكدةٌ، يعني: مُتأكِّدة، ولذا فينبغي إقامتها وحضورها والاستعداد لها.
{ قال –رحمه الله: (وَيُسَنُّ ذِكْرُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مُطْلَقًا وَالدُّعَاءُ وَالاسْتِغْفَارُ)}
نعم، يُسَنُّ ذكر الله والدعاء في صلاة الكسوف لأن يُزيله الله، والاستغفار لئلَّا يكون هذا وقت عذاب؛ ولئلَّا يُخشى أن لا يرجع ضوء الشمس ونور القمر، ويكون هذا عند قيام الساعة؛ ولذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ»
{ قال –رحمه الله: (وَالْعِتْقُ وَالصَّدَقَةُ)}
عتق الرقاب المملوكة والصدقات على المحتاجين إذا حصل الكسوف «فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ». والتصدق أيضًا ممَّا يُشرع في هذه المناسبة.
{ قال –رحمه الله: (وَلا تُعَادُ إِنْ صُلِّيَتْ وَلَمْ يَنْجَلِ)}
نعم، إذا صَلَّوا ولم ينجلِ الكسوف أو الخسوف؛ فإنهم لا يُعيدونها لأنهم صَلَّوا وأدوها.
{إذا طال الكسوف يا شيخ إطالة طويلة، فهل يَظَلُّون في الصلاة؟}
نعم، يُطيلون الصلاة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم: «فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ»، فما دام الكسوف مَوجودًا فإنهم يستمرون في الصَّلاة، ويمددونها.
{قال –رحمه الله: (بَلْ يَذْكُرُونَ اللهَ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ حَتَّى يَنْجَلِي الْكُسُوفُ)}
يعني: إذا صَلّوا الكسوف ولم ينجلِ؛ فإنهم ينشغلون بالذكر والاستغفار والدعاء حتى ينكشف ما بهم، ولا يُعيدون صلاة الكسوف مرة ثانية.
{قال –رحمه الله: (وَيُنَادَى لَهَا: الصَّلاةُ جَامِعَة)}
وينادى لها: يعني أن يقول المنادي: الصَّلاة جامعة، أي: احضروا الصَّلاة جامعة، أي: مُجتمعين في جماعة، فلا تُصلَّى أفرادًا وإنَّما تُصَلَّى جماعة.
{قال –رحمه الله: (وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، يَجْهَرُ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ)}
صلاة الكسوف ركعتان يَجهر فيهما بالقِراءة ولو كان هذا بالنهار، فيُجْهر فيها بالقراءة ويُسمِع مَنْ خَلفه.
{قال –رحمه الله: (وَيُطِيلُ الْقِرَاءَةَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ)}
نعم، يُطيل القراءة والركوع والسجود حتى يَزول الكسوف أو الخسوف.
{قال –رحمه الله: (كُلُّ رَكْعَةٍ بِرُكُوعَيْنِ)}
نعم، كُلُّ ركعة بركوعين، بأن يكبر تكبيرة الإحرام ثم يقرأ الفاتحة، ثم يقرأ قراءة طويلة؛ لأنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قام قيامًا طويلاً نحوًا مِن سُورة البقرة، ثُمَّ يركع ركوعًا طويلاً، ثم يرفع من الركوع، ثم يقرأ الفاتحة ويقرأ قِراءةً طويلة، ثم يركع ركوعًا ثانيًا، ثم يرفع، ثم يسجد السجدتين، ثم يقوم للثانية ويعمل كما عمل في الأولى.
{قال –رحمه الله: (يَكُونُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الأُولَى)}
تكون الركعة الثَّانية دُون الأولى، يعني: أَقْصَر مِنَ الأولى.
{قال –رحمه الله: (ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ)}
فإذا فرغ من الركعتين وجلس للتشهد يأتي بالتشهد الأول وهو الأخير ثم يُسلِّم.
قال –رحمه الله: (وَإِنْ تَجَلَّى فِيهَا أَتَمَّهَا خَفِيفَةً)}
وإن تجلَّى الكسوف وهم يُصلون أتمُّوها خفيفة ولا يقطعونها.
{قال –رحمه الله: (لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ»)}
{شكر الله لكم سماحة الشَّيخ صالح على تفضُّلكم بشرح هذا المتن المبارك من كتاب "آداب المشي إلى الصلاة"، وسوف نستكمل بإذن الله تعالى باب الاستسقاء في الدرس القادم.
حتى ذالكم الحين تقبلوا تحيات الزملاء الذين سجلوا هذه الحلقات وهذه الدروس المباركة مع سماحة العلامة الشيخ صالح الفوزان، والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.










رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 18:20

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc