تشير معلومات إلى تثبيت أعضاء الحكومة الحاليين في مناصبهم، مع إضفاء تعديل يشمل ثلاث إلى أربع حقائب، أبرزهم وزيرة التربية نورية بن غبريت، فيما يعلن عـن الحكومة "القديمة-الجديدة"، قبل الخميس المقبل على أقصى تقدير. ويلتزم الوزير الأول، نورالدين بدوي، الصمت إزاء الأخبار المتداولة عن تواجده في "مأزق" صعب عـليه تشكيل حكومة، كما صرح سابقا، تتكون من "طاقات وكفاءات شبانية وأخرى لها خبرة".
يواجه بدوي ومعه السلطة السياسية كاملة، مأزقا يتمثل في إيجاد أشخاص يشكل بهم "حكومة الكفاءات"، ما دام الوزير الأول الذي صدر مرسوم تعيينه رسميا، أول أمس، في الجريدة الرسمية، جنح إلى الصمت ولم يشأ التفاعـل مع ما يجري في الساحة، سواء عبر بيان صحفي أو ندوة أو أيّ شكل من أشكال التواصل والاتصال، وإن كان بطريقة تقليدية.
وما يدفع نحو هذا الاعتقاد من طرف الجزائريين، أن الوزير الأول، نور الدين بدوي، كشف في أول خرجة إعلامية له، بتاريخ 14 مارس 2019، أن "التشكيلة سيفرج عنها الأسبوع المقبل، لأننا في مرحلة مشاورات قصد تشكيلها". ومر بعد التصريح قرابة الأسبوعين، وحتى منذ استقالة أويحيى في 11 مارس ولم تر الحكومة النور، رغم إصرار بدوي أن "الحكومة الجديدة سنأخذ فيها بعين الاعتبار الطاقات التي تمثل المجتمع ولنا كفاءات شبانية تساهم في المرحلة الانتقالية وكفاءات لها تجربتها، فيما الشيء المؤكد أنه حتى في تشكيل الحكومة سنأخذ بعين الاعتبار الرسائل التي استمعنا إليها في المسيرات الماضية (مسيرتا 22 فيفري و8 مارس)". وزادت الأخبار في التأكد بأن بدوي يجد صعوبة في تشكيل حكومة، حيث نقلت وكالة الأنباء الجزائرية، خبرا من "مصدر جد مطلع"، بتاريخ 17 مارس 2019، تشير فيه إلى أن "الوزير الأول نور الدين بدوي ونائبه وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة، في مشاورات لتشكيل حكومة جديدة تضم كفاءات وطنية بانتماء أو دون انتماء سياسي، على ضوء توجيهات رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة". وقـد أثبتت هذه البرقـية الرسمية بالفعـل، أن بدوي لا يستطيع تشكيل حكومة، وهو الذي قال قبل هذه البرقية، إنها سترى النور خلال أيام بناء على مشاورات كان يجريها. الحكومة الجديدة، من منظور بدوي، "ستضم كفاءات وطنية بانتماء أو دون انتماء سياسي وستعكس بشكل معتبر الخصوصيات الديمغرافية للمجتمع الجزائري، فيما ستُوسع لممثلي المجتمع المدني والتشكيلات والشخصيات السياسية الراغبة في ذلك بغية التوصل إلى تشكيل حكومة منفتحة بشكل واسع". لكن العكس هو الذي وقع، فالانفتاح الذي يبحث عنه بدوي، قوبل به، حسب أصداء لم تكذبها الوزارة الأولى لغاية الآن، بانغلاق ورفض ما يسميها بـ"كفاءات وطنية" العمل به في ظرف يسعى فيه الجزائريون إلى تغيير شامل للنظام بكافة رموزه.
وأمام هذا "الانسداد" الذي يبدو أن بدوي قد غـرق فيه، أفادت مصادر لـ"الخبر"، أنّ الخيار وقع على مواصلة الوزراء الحاليين لمهامهم بشكل عادي، مع تعديل مرتقب يشمل من ثلاث إلى أربع حقائب، أبزرهم الصحة والتربية، مع سد الشغور في وزارة الأشغال العمومية والنقل، التي يسيّرها أيضا وزير السكن، بعد تعيين عبد الغني زعلان مديرا سابقا لحملة بوتفليقة، وكذا حقيبة الداخلية التي تُسيّر بلا وزير (كانت في يد بدوي بعد تعيينه وزيرا أولا)، خصوصا في الظرف الحالي الذي تعيش فيه الجزائر وضعا أمنيا حسّاسا بسبب الحراك الشعبي. وقد أزالت الوزارة الأولى صور أعضاء الحكومة الحاليين من موقعها وسيرهم الذاتية، وأبقت فقط على الوزير الأول ونائبه وزير الخارجية رمطان لعمامرة.
في المقابل، لدى المعارضة، دعا رئيس حزب طلائع الحريات، علي بن فليس، أمس، في مساهمة قدّم فـيها مخارج للأزمة، عن "توقيف التشكيل العبثي للحكومة المعلن عنها الذي تحول إلى وضع المناصب الحكومية في المزاد العلني دون قبول بها". ونبه بن فليس في السياق ذاته إلى أن وجوب "الوعي بالآلة الجهنمية لطباعة النقود التي تعمل بوتيرة متسارعة، وكذا المشاريع المعطلة والاستثمارات مؤجلة". وأوضح رئيس الحكومة سابقا، أن "الجميع يعلم أن الصحة المالية للبلد ليست على ما يرام، ومن ثمة يتوجّب علينا أن نحسب لعنصر الوقت حسابه، حتى لا تضر تكلفة التحضير والتغيير بالوضع الاقتصادي والمالي للبلد المزري أصلا".
جريدة الخبر