لمّا إلتقيته لأوّل مرّة كانت تبدو عليه رشاقة الرّياضي المرتسمة على كامل جسده، أكثر ممّا أعرفه عنه عبر صفحات الفايسبوك، وكانت صداقتي معه من أنبل الصّداقات التّي تعرّفت عليها ، رغم أنّه ليس من جنسيّة بلدي، لكنّنا مسلمون ومتجاورون، على كلّ:
الحقيقة المرّة التي واجهتني وتعرّفت عليها إثر هذا اللقاء، حين يتصادم وصْفان متشابهان شكلا ومضمونا، ولا يختلف أسوأ حال أحدهما عن الآخر إلاّ من ناحية الجنس" ذكر وأنثى "، بينما يختلف أحسنهما كإختلاف الشّمس والقمر رغم جمالهما ، إلاّ أنّهما لا يلتقان رغم أنّهما يظهران على استقامة واحدة في حالتي الخسوف أو الكسوف! رغم ظلمة القمر الذي لا يأبى إلاّ أن يستمدّ بعضا من نورها ..! ليتغنّى بسحره من يتغنّى ، ويُسبّح بحمد خالقهما تعظيما لصنعته من يُسبّح ، ويذكرون الله كثيرا،
قال :
قالت لي إحداهنّ من بني بلدتنا متهكّمة عليه ، متّهمة إيّاه في صفحتها على أحد مواقع التّواصل الإجتماعي على ما أتذكّر(إنّ أشدّ الألم أن تشكو لميّت عمّا يفعله الأحياء بك !) ، ولمّا فهم المغزى والقصد ، لم يكن بوسعه سوى أن يوضّح ويردّ عليها كذلك في صفحته على نفس الموقع أسئلة حيرى توالت على .. أفكاري الحيرى بغلوائها!)ثمّ نشر التالي: عندما يكون خرق السّفينة هو عين النّجاة- وقتل الغلام هو قمّة الرّحمة- وحبس مال اليتيم هو قمّة الوفاء- فاصبر على ما لا تحط به خبرا!، ثمّ أردف يقول:
أخت فاضلة من لحمنا ودمنا ، أشهد لها بما عرفته عنها من تمسّك بدينها ، تأبى السّعادة أن تدخل قلبها ، رغم امتلاكها سعادة أولادها الثلاثة، تحلم بهنّ كلّ إمرأة ، خاصة ممّن دخلنا مرحلة اليأس أو تكاد، وهي نعمة لا يعلم فضلها إلاّ من حرمن منها، ويقين بالله بها ، نعمة ليست كمثيلاتها من النّعم الأخرى، لكنّها ضاقت ذرعا من ظلم زوجها المحرّمة عليه شرعا لا قانونا كما هو معمول به في بعض قوانين بلداننا الإسلامية !؟، طلاق بائن بينونة كبرى كما قد أفتي لهما فيه !، إلاّ أنّه لم يسرّحها ذاك السّراج الجميل الذي نص عليه القرآن والسنّة !، أو حتّى ما يشبه ذلك تفاديا للوقوع في الحرام!؟، وبقي لطيلة سنيتي أو أكثر متحكّما في زمام أمورها كرها ورغما عنها ، لأنّها وحيدة ، مات أبوها ، وأمّها عجوز مسنّة تقطن بعيدة عنها ، وأخوها مهاجر خارج الأرض والوطن!، بينما هي متمسّكة بأمل الطلاق القانوني ، وبالأولاد منهم إثنين يزاولون تعليمهم والثالث لا زال لم يحن موعد دخوله المدرسة، كما أنّه يعاملها بأشد أنواع القسوة ، ومن هنا..وحتى تخرج من هذا الوضع المزري الذي تعيشة، راحت تبحث عن حلول خارجة عن وسطها ، وخارج مدينتها ، بل وخارج حتى بلدها وقانون بلدها!، فكانت وأن قدّر الله لها أن إلتقت بصديقين ، الأوّل عرفته منذ سنة ونصف ، والثاني هذه الأيّام الفائتة ، وبما أنّ الصديقين لايعلمان شيئا عن ذلك !، رغم أنّهما من نفس القرية ومن نفس العرش إلاّ الإختلاف في اللقب ، إلاّ أنّه وقبل أن يوافق على صداقته معها ، كانت له دراية نوعا ما بصديقها الذي هو صديقه بعد تصفحه لأصدقائها ، فارتاح لذلك وقبلها ، ومع مرور الأيّام ، وكما يبدأ كلّ حوار بالسّلام وثانيه الكلام ، ومن فاصلة إلى فاصلة ، ومن نقطة إلى أخرى ، بدأت تتضح المعاني من غموضها، ومن مصادفات الحياة أن هذا الصديق الثاني كان يعيش نفس حالتها ببضع سنوات!، ويعيش مع زوجته وأولاده في نفس منزلهما ، لكن كلّ منهما على حدى، كلّ له غرفته ، وما يربطهما إلاّ الأولاد حسب ما يبدو واضحا من كلامه ، لأنّهما ضحّيا من أجلهم وأوصلوهم إلى برّ الأمان ، والحمد لله على كلّ حال ، لكن حينما إلتفت الرّجل إلى نفسة ، وجد عمره قد انقضى منه كثير حتى قارب السنّ التي ربّما يصعب عليه إعادة الكرّة من جديد والزواج مرّة أخرى!، وبما أنّ الزوجة من مثل عمره ، فقد كانت تعيش كريمة محترمة راضية بما قدّره الله لها ولزوجها ، فكسبت إحترام الزوج المحرّمة عليه شرعا قبل الأهل والأقارب وأهالي المدينة ومعلّمة أجياله ، ومن أجل الولدان عاشا على هذا المنوال وهما لا يلتقيان!؟، ولا أحد يدري ويعلم بأسرارهما إلاّ أنا ، والأوّل من يعلمها وربّما الأخير!، وشكرا له على هذه الثّقة الرفيعة الشأن لشخصي " ، ولمّا رأى هذا الصديق الثاني بأن الوضع سيتأزّم ويزيد الطين بلّة ، ويكون بذلك أكثر سوء ممّا هو عليه ، وأكبر ممّا عاشه وسيعيشه ، خاصة وأنّ حالته المادية لا تسمح بالمغامرة ، والدخول في متاهات لا يعلم أحداثها وتفاصيلها إلاّ الله ، تداعى بكثير من الضّعف الذي لا تحبّذه النّساء في الرجال ، خِلْقَة أو خُلُقا ، ضغفا ربّما يحملها على التّخلّي عن فكرتها في الوصول إليه ، حتّى يدفع عنه شرّا إن تحقّق ..كما بدا له!؟ وهو ما أثمر في نهاية الأمر بعد الكثير من السّين والجيم ، لطيلة تلك الأيّام المعدودة ، وها يقول لي: الحمد لله أنّه حصل ذلك في بضعة أيّام ، ظهرت حقيقة بعض النّساء اللاّئي يخفين بعض مما لا يبدينه ، ولو كانت نيّتهن لا تخلو من السلام والأمان ، وأردف يقول: "وكم تنفّست الصّعداء حين أحسّت بذلك وأعلنته على صفحتها" ،
وكم تألّمت وأنا أسمع لهذه القصّة المحزنة ، وكم تألّمت لحالهما معا ، وكم تألّمت أكثر لحال صديقي حينما قال لي: إذا كنت أنا رجل وتحمّلت كلّ ذلك من أجل أولادي منذ ألاّ زلت في أوج قوّتي رغم أنّني لا زلت على ذلك ، فعجبا كيف لا تتحمّل مثل هذه المرأة ذلك من أجل ثلاثة أولاد؟! بالمختصر المفيد يواصل صديقي كلامه:" حينما وقع لي ما وقع ، وتأكّدت ممّا وقع ، كنت في كلّ مرّة أبحث عن زوجة صالحة تقربني سنّا بشرطي الوحيد !؟، لأنّ حياة أولادي وسمعتهم تهمّني أكثر من نفسي ، وأكثر ممّا هو غالي ونفيس في هذه الحياة ، لكن مجتمعنا لا يعترف بالزواج الثاني إلاّ ومعه ورقة الطلاق ، ويواصل حديثه ويقول/ وها أنا إلى الآن أبحث عمّن تؤنس وحشتي ، آوي إليها وتأوي إليّ ، ويفعل الله بعد ذلك ما يريد!، إنتهت قصّة صديقي ولكن الذي أجهله ويجهله صديقي كذلك قصّة صديقه الأوّل ، وكيف كان حاله مع هذه السيّدة؟ وإلى أين وصلت معه؟ ورغم ذلك يقول لي:لا أريد أن أسمع أو أن أعرف ما يجري بين ممّن لا يعنيني أمرهم ، فلكلّ منّا اسرار بيته وحرّ رأيه !!؟ وصلّى الله على نبيّنا محمّد. ( مشاركة في فعالية لغة الضاد).