السؤال :
ذهب والدا صديقي لأداء فريضة الحج في أواسط التسعينيات الميلادية متمتعين (أي على نسك التمتع )
مع حملة من بلدنا مصر , ثم قام كل من في الحملة بذبح الهدي يوم التروية وأكلوا منه يوم التروية ويوم عرفة وذلك بناءاً على فتوى أطلعهم عليها مشرف الحملة وقال لهم إنها للشيخ جاد الحق - رحمه الله - وأخبرهم كذلك أنهم يذبحون هديهم هكذا في كل سنة
فهل يجزئ عنهم ذبحهم للهدي في هذا الوقت أم أن عليهم دماً؟
وإذا كان عليهم دم , فهل يلزمهم أن يدفعوا قيمة الصك بأنفسهم وهم في مكة المكرمة (حيث من الممكن أن يذهبوا للعمرة من العام القادم أو الذي يليه)
أم بإمكانهم توكيل من ينوب عنهم في الدفع ممن يعرفونهم في مكة؟ أفيدونا مأجورين .
الجواب :
الحمد لله
أولا :
اختلف الفقهاء في وقت ذبح الهدي للمتمتع والقارن ، فذهب الجمهور إلى أنه يبدأ من يوم النحر ولا يصح قبله .
وذهب الشافعية إلى جواز ذبحه بعد الإحرام بالحج ، وكذلك بعد التحلل من العمرة وقبل الإحرام بالحج ، على الأصح .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3/ 247) :
" فأما وقت إخراجه فيوم النحر . وبه قال مالك , وأبو حنيفة ; لأن ما قبل يوم النحر لا يجوز فيه ذبح الأضحية , فلا يجوز فيه ذبح هدي التمتع , كقبل التحلل من العمرة ...
وقال الشافعي : يجوز نحره بعد الإحرام بالحج قولا واحدا , وفيما قبل ذلك , بعد حله من العمرة , احتمالان .
ووجه جوازه أنه دم يتعلق بالإحرام , وينوب عنه الصيام , فجاز قبل يوم النحر , كدم الطيب واللباس , ولأنه يجوز إبداله قبل يوم النحر , فجاز أداؤه قبله , كسائر الفديات " انتهى .
وقال النووي رحمه الله :
" فالحاصل في وقت جوازه ثلاثة أوجه : أحدها : بعد الإحرام بالعمرة , وأصحها : بعد فراغها , والثالث : بعد الإحرام بالحج " انتهى
من "المجموع" (7/ 184).
والراجح ما ذهب إليه الجمهور .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ـ وهو يذكر شروط الهدي ـ :
"الرابع : أن يكون في زمن الذبح ، وفي هذا خلاف بين العلماء نذكره فيما يلي :
القول الأول :
أنه لا يذبح دم المتعة إلا في الوقت الذي تذبح فيه الأضاحي ، وهو يوم العيد ، وثلاثة أيام بعد العيد .
القول الثاني :
يجوز تقديم الذبح بعد الإحرام بالعمرة ، فيذبح الهدي ولو قبل الخروج إلى منى للحج ؛ لأن الصيام لمن لم يجد الهدي يجوز أن يكون قبل الخروج إلى الحج مع أنه بدل ، فإذا جاز في البدل فالأصل من باب أولى ، وهذا هو المشهور عند الشافعية .
والصحيح أنه يشترط الزمان ، وأن هدي التمتع لا بد أن يكون في أيام الذبح يوم العيد ، وثلاثة أيام بعده .
والدليل على هذا أنه لو جاز أن يقدم ذبح الهدي على يوم العيد ، لفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه قال : (لا أحل حتى أنحر) ، ولا نحر إلا يوم العيد" انتهى
من "الشرح الممتع" (7/91) .
ثانيا :
إذا كان الحاج اعتمد على من أفتاه بجواز الذبح يوم التروية ، فذبحه مجزئ ولا شئ عليه .
ومن كان عليه دم جاز أن يوكل من يذبحه عنه في مكة ، ولا يلزمه الذبح بنفسه ولا دفع قيمة الصك في مكة .
والحاصل أنه لا شيء على والدي صديقك ، وذبحهما مجزئ إن شاء الله تعالى .
والله أعلم .