او اللمامشة هم سكان المنطقة الجنوبية من جبال الاوراس و الواقعة بين الكاف و نفطة بتونس الى تزوقاغت و زوي و بابار بخنشلة مرورا بتبسة و الشريعة و العاتر و كل المناطق الواقعة في هذا الحيز المشتمل على جنوب سوق اهراس و شمال واد سوف و بعض المناطق شرقي ام البواقي و جنوب و جنوب غرب تبسة و شرق و جنوب خنشلة نجد ذكر قبيلة النمامشة في الكثير من المراجع القديمة مثل سالوتوس في كتابه حروب يوغرطة حيث نجده يذكر قبيلة النمامشة باسم الموسولاموس او الموسولامي و نجد ذكرهم ايضا في احداث مقاومة تاكفاريناس حيث يقول المؤرخون الرومان ان تاكفاريناس نجح في جعل الموسولاموس يثورون و لكن المترجمين يعربون كلمة موسولاموس الى كلمة مزاملة فيكون هنا الاسم الغامض و نجدها في النقوش البونية باسم الموشولاموش و الكلمتان موسولاموس و موشولاموش هما تصحيف و تحوير لكلمة آث لموش و هو الاسم الحقيقي لقبيلة النمامشة و الذي لازال حيا و مستعملا عند ابناء القبيلة الناطقين بالامازيغية حيث انك عندما تسألهم ( آ كنومي وشيلان = اي من تكونون او ما هو اصلهم ) فإنهم يجيبونك ( آ نتشني آث لموش ) يعني نحن بني لموش و لموش هو اسم جد القبيلة عند اللمامشة و احيانا عندما يريدون الفخر يقولون ( نتشني آث لموش ايقراون ( igrawn ) ) يعني نحن اللمامشة المحاربون و من كلمة ايقراون هذه اشتق العرب اسم قبيلة جراوة ( grawa ) الموجود في المصادر العربية و الذين يذكرون بانهم ابناء جراو بن الديرت من نسل جانا والد زناتة كلها و رغم الانتقادات الكثيرة الموجه لاقوال النسابين و لكن يمكن القول ان الموسولاموس ينتسبون الى الجيتول او بالمصطلحات العربية فان الجراوييون ينتسبون الى الزناتيين و حتى بالامازيغية فان آث لموش ينتسبون الى ايزناثن و يدل على ذلك الكثير من المميزات مثل ان شاوية النمامشة متميزة عن شاوية القبائل الهوارية مثل الحراكتة و اولاد بو تمجوت و لكنها تتفق مع القبائل ذات الاصول الزناتية مثل بني بربار و غيرهم بل حتى الزناتيين في عين الدفلى في مناطق سوق لثنين و تاشتة زقاغة حيث تتميز لهجتهم بكلمات خاصة بهم فقط مثل كلمة يوريوش بدلا من كلمة ورعاذ التي تعني مازال و كلمة ساي عوضا عن كلمة هاما التي تعني هكذا و كلمة اغقال بدل كلمة ابركان التي تعني الاسود و غيرها من المفردات الكثيرة التي تجعلنا اكثر ارتياحا اثناء وضع النمامشة في خانة الزناتيين بدلا من خانة هوارة التي رغم انها مجاورة للنمامشة الا ان اقليمها غير اقليم النمامشة حسب ما تحدثنا المراجع العربية و خاصة كتاب العبر لابن خلدون الذي يحدد مجال هوارة اوراس بانه ما بين تبسة الى مرجمانة اي ان تبسة ذاتها غير داخلة في وطن هوارة لان ابن خلدون لم يقل من تبسة الى مرجمانة بل قال مابين تبسة .... فتبسة هي الحد الجنوبي للاقليم الهواري و اما اقليم النمامشة فهو يبدأ من تبسة الى غاية وادي سوف الى حدود ولاية بسكرة فهذا الاتجاه ليس شمال تبسة بل هو جنوبها و هو اكيد ليس مجال هوارة فهو حسب المصادر العربية مجال قبيلة جراوة الزناتية و هذا باجماع المؤرخين و عليه فإصرار البعض على انها هوارية غريب و غير مفهوم
و هناك ايضا شيئ لا يمكن اغفاله في البحوث التاريخية و هو المصادر و الروايات الشفهية التي يرويها النمامشة عن انفسهم و تاريخهم حيث يقولون بان قبيلة النمامشة كانت تنقسم الى خمس عشائر كبرى و ليس فقط ثلاث كما هو ملاحظ اليوم ( عشائر النمامشة الكبرى هي آث بريش , آث رشاش و آث علوان ) حيث يقولون انه بعد مقتل الكاهنة ببير العاتر بمدة هاجرت عشيرتان الى المغرب و في هذا الخصوص نجد المصادر التاريخية تؤكد هذه الرواية من خلال قولها ان عشيرتان من جراوة هاجرت من اوراس فاستقرت احداها في منطقة الريف حيث قبائل غمارة و الاخرى في منطقة تادلا حيث قبائل مصمودة و ايضا فالنمامشة يقولون ان الكاهنة لموشية و هو ما لا يمكن فهمه الا بالقول بجراوة النمامشة و ايضا فالمتتبع لسيرة الكاهنة يجد ان معاركها كلها كانت تحدث في مناطق النمامشة و حتى معركة واد نيني بمسكيانة فان المناوشات فيها بدأت في تازبنت مرورا بتروبا و باغاي و انتهاءا بمسكيانة التي لا يفصلها عن مناطق النمامشة سوى جبل
و ايضا هناك دليل شفهي آخر على جراوية النمامشة هو ان كل قبائل المنطقة الاوراسية مجمعين بان النمامشة قبل الاسلام كانوا على الديانة اليهودية و التاريخ يخبرنا ان جراوة هي من كانت على الديانة اليهودية و ليست هوارة التي كانت منقسمة الى جزء مسيحي و جزء وثني و هو ما يضاف الى الادلة الكثيرة حول تأكيد الاصل الجراوي الزناتي للمامشة.
تعرض النمامشة لحملات ابادة بعد مقتل الكاهنة حيث ان ابن عذارى و غيره يذكرون ان حسان قد اقتحم الاوراس بعد موت الكاهنة و استلحم فيه مئة الف رجل و هذه مجزرة عظيمة بمقاييس يومنا فكيف بأعداد البشر في ذلك الزمان
بعد هذه الموقعة و هجرة العشيرتين اللتين احداهما بني غفجوم الى المغرب تناقصت اعداد النمامشة حتى قاربت الفناء و الاندثار فاعتصموا بجبل ششار و لما تكاثرت اعدادهم في بدايات العهد التركي نزلوا لاستعادة اراضيهم و مجالهم القديم و هنا تقاسمت عشائر النمامشة الثلاث ميادين القتال فنزل آث رشاش و تموقعوا على سفح جبل البسباس و تكفلوا بإخراج عشائر الحراكتة من زوي و تازوقاغت و تموقع العلاونة بين العقلة و بجن و تكفلوا بدفع القبائل الدريدية و الاثبجية الى مناطق الصحراء و واد سوف و تموقع البرارشة بين الشريعة و تروبيا و تكفلوا بدفع الحنانشة من مناطق اكس و تبسة و غيرها شمالا و هكذا عندما قارب العهد التركي على منتصفه كان النمامشة قد استرجعوا كل الاراضي الجراوية باستثناء منطقة باغاي.
لايستطيع أي مكابر ان ينكر ماقدمته قبيلة النمامشة في ثورة التحرير الكبرى من مفاخر وتضحيات وما دفعته من شهداء بالآلاف في سبيل استقلال هذا الوطن المفدى ولذلك ترى كل القبائل الاخرى لا تستطيع ان تثبت مصداقيتها في نصرة الثورة مالم تستمد تلك المصداقية من احتكاكها برجالات وقيادات النمامشة .