1. المقدمة:
تلعب المحاسبة دوراً هاماً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدولة وذلك لما تقدمه من معلومات تستخدم لأغراض التخطيط والرقابة واتخاذ القرارات وتقييم الأداء سواء كانت للمستخدمين الداخليين أو للخارجيين. وبصفة عامة تعد المحاسبة من أهم نظم المعلومات، وهو نظام يهدف إلى إمداد المستخدمين بمعلومات ذات طابع مالي تستخدم لإغراض التخطيط والرقابة واتخاذ القرارات وتقييم الأداء.
إن وجود نظام محاسبي قادر على توفير معلومات عن المشروع يساهم بفاعلية في التنمية الاقتصادية وتوزيع الموارد بصورة مثلى. وتعتبرمهنة المحاسبة والتدقيق عنصر رئيس في دوران عملية الاقتصاد حيث تعتبر مخرجات النظام المحاسبي من أهم مدخلات القرارات الاستثمارية باعتبارها عاكسة للوضع المالي للمشروع بكل شفافية ووضوح ومبنية على أسس ومعايير محاسبية، وهذا يتطلب أن يكون هناك تكامل بين كل من مهنة المحاسبة والتدقيق والتعليم المحاسبي. ويجب أن يكون هناك تنسيق بين التعليم المحاسبي ومهنة المحاسبة والتدقيق حتى يستطيع كل واحد منهما تقديم المهمة المطلوبة منه بالشكل المناسب. ويجب أن يكون لنظام التعليم المحاسبي أهداف واضحة ومخرجات تعليمية محددة تلبي احتياجات سوق العمل من المتخصصين في مجال ممارسة مهنة المحاسبة والتدقيق وفق متطلبات العصر الحالي.
ولاشك أن مسؤولية إعداد محاسبين مؤهلين بالمهارات المهنية المطلوبة تقع على عاتق عدد من الجهات، ومن أبرز هذه الجهات مؤسسات التعليم العالي وذلك من خلال صياغة وتبني ومواكبة سياسات وأساليب تعليمية حديثة تركز على إكساب الطالب الجامعي القدرات والمهارات المهنية اللازمة وتنمي لديه التفكير التحليلي والابتكاري والتي دعت المنظمات المهنية وأبرزها الاتحاد الدولي للمحاسبين إلى ضرورة التحرك في اتجاهها. أن الأسلوب التقليدي المتبع حاليا لا يؤهل الطالب الجامعي بالقدر المطلوب ليمارس مهنة المحاسبة باقتدار، كما أن هذا الأسلوب لا يأخذ في اعتباره مفهوم شاع حديثا في الأوساط التعليمية وهو مفهوم "المهارات القابلة للنقل Transferable Skills" ، بمعنى أن المهارات التي يتم تطويرها خلال المراحل التعليمية المختلفة، يمكن أن تفيد مكتسبها عند انتقاله إلى مرحلة التوظيف. وعليه فإن جودة التعليم المحاسبي تلعب الدور الهام في تطوير مهنة المحاسبة والتدقيق (Nassar et al., 2013).
وتمر مهنة المحاسبة بقطاع الأعمال هذه الأيام بأزمة ثقة عميقة يمكن اعتبارها بدرجة كبيرة أزمة أخلاقيات نابعة من سيطرة الجشع والمصالح الخاصة بصورة واضحة على جزء كبير من القطاعات وأن كان أثرها يظل محدوداً أو غير منظوربسبب ضعف الرقابة الإدارية والمالية والرقابة المهنية من المجالس المهنية المعتمدة بالإضافة الى عدم كفاءة المحاسب في الإجراءات المحاسبية وعدم التزامه بالمعايير المحاسبية حيث أثرث هذه الأزمة بوضوح على مهنة المحاسبة وكشفت الحال الذي وصلت اليه الأخلاقيات المهنية، ولهذا كانت هناك مجموعة من المسببات الاجتماعية والدينية والاقتصادية وكذلك السياسية الأمر الذي قد يؤدي لانعكاسات خطيرة ومدمرة على اقتصاد الدول إذا لم يتم اتخاد خطوات واضحة وجريئة لمعالجة هذا الخلل. ومن هنا تبرز أهمية هذه الدراسة التي تهدف الى بيان دور التعليم المحاسبي في الجامعات الأردنية في ترسيخ أهمية الممارسات الاخلاقية لمهنة المحاسبة والتدقيق للحد من الفساد في الأردن وذلك بالتركيز على جانب معايير التعليم المحاسبي الدولية. لذا تبحث هذه الدراسة في قياس مدى اهتمام مؤسسات التعليم العالي الأردنية بترسيخ أخلاقيات الممارسات المحاسبية للمهنة من وجهة نظر الأكاديمين في الجامعات ومن ثم قياس درجة أهمية تدريس هذه الأخلاقيات في الجامعات الأردنية, وعليه فان الدراسة تسعى الى الاجابة على الاسئلة التالية:
1. من الناحية العملية, ما هي أهمية أخلاقيات المهنة في المحاسبة ودورها في مكافحة الفساد؟
2. من الناحية الأكاديمية, ما هي درجة أهمية تدريس أخلاقيات المهنة في الجامعات الأردنية؟
3. ما هو مستوى تغطية أخلاقيات المهنة في المحاسبة اثناء التدريس الجامعي استناداً الى متطلبات معايير التعليم المحاسبي الدولية؟
في القسم التالي سوف يتم استعراض الاطار النظري للدراسة والذي يتناول أهمية أخلاقيات المهنة في المحاسبة ودورها في مكافحة الفساد وأهمية تدريس أخلاقيات المهنة في الجامعات الاردنية. بينما القسم الثالث يركز على منهجية الدراسة وأساليب جمع البيانات وطرق تحليلها. أما القسم الرابع فتم تخصيصه لتحليل البيانات وعرض النتائج وأخيراً الخامس يلخص أهم النتائج والتوصيات.
2. الإطار النظري:
2-1 التعليم المحاسبي ومهنة المحاسبة:
ان التعليم المحاسبي و مهنة المحاسبة هما مجالان لا يمكن فصلهما عن بعضهم البعض. فالتعليم المحاسبي الجيد يجب أن يؤدي في النهاية الى اخراج محاسب مؤهل أكاديميا ليقوم بدوره المهني في سوق العمل بكل كفاءة. وقد أوضحت الدراسات السابقة أن قلة التعاون والتنسيق بين التعليم المحاسبي ومهنة المحاسبة سوف يؤدي الى اهدار المصادر الطبيعية للدولة, أوعلى الأقل بطء تطوير مهنة المحاسبة في الدولة وبالتالي عدم الاستجابة السريعة للتحديات في الاقتصاد الحديث أو التعامل السليم مع الأزمات المالية والاقتصادية (Ali and Ahmed, 2007). ولكي يثق الجمهور في مهنة المحاسبة يجب أن يعرف أن الأشخاص الذين يريدون الانضمام لهذه المهنة مؤهلين تأهيلاً مناسباً . لذلك دأبت كثير من الدول على إخضاع من يرغب في الحصول على ترخيص لممارسة مهنة المحاسبة القانونية الى الآتي :-
أولاً : الحصول على برنامج تعليمي يحقق المعلومات الضرورية العامة والنظرية ويطور مهاراته المختلفة وقيم المهنة .
ثانياً : تقديم امتحان مهني ينظمه مجلس مهني معتمد.
ثالثاً : اجتياز فترة تدريبية عملية تحت إشراف مهنيين تمكن المحاسب من إبراز قدراته مما حصل عليه من معلومات والقيم الضرورية للنجاح في هذه المهنة ( غالبا لا تقل الخبرة عن ثلاث سنوات ).
يعتبر التأهيل المهني المحاسبي من الضروريات في عصرنا الحالي فوجود مهنة محاسبة ذات أصول مكتوبة ومتعارف عليها ضمن معايير معينة مع توفر المحاسب المؤهل الملتزم في ممارسته لهذه المهنة بأصولها وأخلاقياتها يؤدي الى تزويد إدارة المنشأة بالمعلومات اللازمة لاتخاذ القرار سواء في مرحلة التخطيط أو مرحلة مراقبة التنفيذ أو مرحلة تقييم الأداء للبرامج والمشاريع الإنمائية. الأمر الذي يجسد القول أن من يمتلك المعلومات يمتلك القرار، وهذا ما أعطى مهنة المحاسبة مزيداً من الأهمية خاصة في ظل ظهور المشروعات الكبرى، حيث أصبحت مهنة المحاسبة أداة في صنع القرار يمد متخذي القرار بالمعلومات التي ترتكز حول الماضي والمستقبل، ولذلك فإن صحة ودقة القرار الإداري يعتمدان بدرجة كبيرة على صحة ودقة المعلومات والتقارير المقدمة إلى الإدارة أو متخذي القرار.
كما أصبح هناك حرصاً من الجهات الاقتصادية المختصة على أهمية مواكبة المحاسبة للتطورات العلمية والمهنية كوسيلة لحماية الاستثمارات والتي تسعى الجهات ذات العلاقة لتفعيل دور هذه المهنة لخدمة الاقتصاد الوطني وذلك بتطبيق معايير التعليم المحاسبي الدولية التي تضفي الأساس السليم والفعَّال على مناهج التعليم المحاسبي مما ينعكس في مخرجات تعليمية واعداد كوادر بشرية قادرة على ممارسة المهنة وإعداد تقارير مالية مفيدة تلتزم المنشآت الاقتصادية بها حتى تسير على نهج محاسبي يضمن لها النجاح والاستمرارية في ظل تحديات اقتصادية كبيرة وبالتالي نضمن فعالية الاستثمارات والبعد عن الفساد والفشل المالي الذي أصبح سمة عامة في العصر الحديث.
إن المتمعن لمهنة المحاسبة في الأردن يرى بوضوح تدني ملحوظ للمستوى العلمي لخريجي الجامعات من حيث نقص اكتسابهم للمعرفة في جوانب محددة وافتقارهم ايضاً وبدرجة ملموسة للمهارات اللازمة لممارسة مهنة المحاسبة ومتطلباتها سواءً متطلبات تشريعية مهنية اي منظومة المعايير الضابطة لممارسة مهنة المحاسبة والتدقيق أو متطلبات تشريعية قانونية ترتبط بقوانين ذات صلة وثيقة بممارسة المحاسب بالاضافة الى متطلبات ممارسة المهنة الاخلاقية. هذا بالاضافة الى غياب الرقابة المهنية والتي ساعدت في هذا التدني الأمر الذي انعكس بوضوح على مستوى مخرجات الخدمات المحاسبية والتدقيقية في سوق العمل. أيضاً إن غياب التعليم المستمر للمهنة وغياب الرقابة القوية للمارسات الأخلاقية لأصحاب المهنة والإفتقار إلى مجلس مهني قوي يرسم ويوضح ويواكب التطور العالمي للمهنة أدى بدون أدنى شك إلى زعزعة الثقة في مهنة المحاسبة من قبل الجمهور أولاً والمستثمرين ثانياً وربما دعا ذلك إلى دخول مكاتب وخبرات أجنبية محاسبية لأجل رفع قدرات المحاسب الأردني أو مستوى الخدمات المحاسبية.
إن ظروف مهنة المحاسبة في الاردن من ناحية تعليمية وممارسة مهنية وأوجه التطوير اللازم إجراؤها للنهوض بالمهنة وأنظمة الدولة وبنشاطاتها المالية والاقتصادية ترفع لنا مؤشرات حمراء وتدفع الجميع نحو تساؤلات عديدة، وكلما تأخرنا في الإجابة على هذه التساؤلات وتهاونا مع أنفسنا ( أكاديمين ومسئولين ومحاسبين قانونيين ) فإن أوجه النقص قد تتفاقم وتصبح ذات خطر جسيم على النشاطات الاقتصادية والمالية للدولة ككل. وفي هذه الورقة البحثية فان التركيز سينصب على جانب بسيط من ناحية التأهيل الاكاديمي للمحاسبين وبالتركيز على تغطية أخلاقيات المهنة للمارسة المحاسبية وممارسة مهنة التدقيق مما يحد من الممارسات غير الاخلاقية ومن انتشار الفساد المالي والاداري في المجتمع.
أن التعليم المحاسبي في الاردن مازال في العديد من الجامعات تقليدياً حيث لا تزال الطريقة التقليدية لتدريس المحاسبة في جامعاتنا هي الشائعة, حيث تدرس الموضوعات المحاسبية كالمحاسبة والتدقيق والضرائب والنظم وغيرها دون ترابط فيما بينها ولقد تبين ذلك من بعض الدراسات التي أجريت لتقييم دور البرامج التعليمية في بناء المهارات المهنية المحاسبية قد استلهمت من الأبحاث والتقارير التي قامت بها جمعية المحاسبة الأمريكية لتقييم التعليم المحاسبي في الدول النامية. بشكل خاص فقد أثارت إحدى دراسات جمعية المحاسبة الأمريكية شكوكا حول أساليب التعليم المحاسبي ومدى ملائمتها للممارسات المحاسبية واخلاقياتها ودعت إلى ضرورة اهتمام الجامعات بأساليب التعليم وتحديثه وزيادة التركيز على القدرات والمهارات المهنية، ولا يتكامل دور الجامعة إلا بتعاون لصيق مع المنظمات والتنظيمات المهنية المحاسبية حيث لها القدرة على إبراز متطلبات الممارسة المهنية وما ينكشف لها من عيوب البرامج التعليمية السارية، والجامعة باعتبارها هيئة أكاديمية متخصصة لها القدرة على وضع البرامج والتدريب وتخريج الطالب المؤهل الذي يتوفر فيه المهارات اللازمة فقد يكون من عوامل الضعف بالمحاسبة في عالمنا هي البرامج التدريسية بالجامعات والتي تتمسك بالطرق التقليدية، فقد ثبت في إحدى الدراسات وجود علاقة ايجابية بين مهارات تبادل المعلومات وإيصالها والنجاح في العمل المحاسبي، وهو أمر ينقص التعليم المحاسبي وسيظل كذلك إلى أمد غير قصير مالم يتم تدارك الأمر.
إن الأسلوب التقليدي المتبع في الجامعات لا يؤهل الطالب بالقدر المطلوب ليمارس المهنة باقتدار، ولم يعد المحاسب الذي يقوم بالأعمال المحاسبية المحدودة من تسجيل وترحيل وترصيد وإعداد التقارير هو القادر على تطوير مهني حيث سيكون في حلقة يدور فيها ولا يخرج منها، إنما القادر على التطوير هو الذي تعززت فيه روح التغيير والبحث للخروج من هذه الدائرة إلى الرحاب الواسعة (Nassar et al., 2013).
في الجزء التالي سوف يتم استعراض أهمية اخلاقيات المهنة في المحاسبة ودورها في مكافحة الفساد والتعرف على أهمية تدريس أخلاقيات المهنة في الجامعات الاردنية.
2-2 أهمية أخلاقيات المهنة في المحاسبة ودورها في مكافحة الفساد:
يحتل التعليم المحاسبي أهمية كبيرة نظراً لخصوصية النظرة إلى المحاسبة والحاجة المستمرة والدائمة إلى العمل المحاسبي في أي مجتمع من المجتمعات. لابد من ا لاهتمام بعملية التعليم المحاسبي للوفاء باحتياجات المجتمع من المحاسبة التي يمكن من خلالها تهيئة الكوادر الأكاديمية والمهنية القادرة على سد احتياجات الطلب المتزايد على المحاسبة. وإن احتياجات هذا المجتمع متنوعة و متعددة و يلزم ممن يقدمها أن يراعي الموضوعية و الصدق و الأمانة و النزاهة و الشفافية عند تقديمه المعلومات المحاسبية للمستخدمين الداخليين و الخارجيين على حد سواء.
تحدثت الصحف كثيرا في العقود الأخيرة عن الفضائح المالية المدوية التي طالت أكبر شركات العالم مثل إنرون (الولايات الأمريكية) أو بارمالات (الايطالية) أو غيرها. ذلك مما اضطر العديد من الدول لإصدار قوانين و تشريعات لتحد من العمليات اللاأخلاقية التي قد يقوم بها المحاسب مثل قانون "ساربنز أوكسلي" أو غيره. إن الدور الرقابي و التشريعي على العملية المحاسبة و تنظيم المهنة بواسطة منظمات مهنية يعزز بشكل أو باخر من ثقة المحاسب بنفسه و يعزز شعوره بأن هناك جهة تحميه من تغول الادارات(Schreoder et al., 2011). وقد نشطت المنظمات المهنية المحاسبية لوضع مواثيق أخلاقية لأعضاء المهنة وعملت على تدعيم الالتزام بها مثل الـAICPA الأمريكية أو جمعية الحاسبين القانونيين الأردنية أو غيرها.
لقد أشار عمر (2000) إلى أهم العوامل التى تبرز مدى الحاجة للأخلاق المهنية في الآتى:
أ - تمارس المحاسبة من خلال مجموعة من الإجراءات يقوم بها المحاسبون
ب- إن هناك أطرافاً عديدين يستخدمون المعلومات المحاسبية في اتخاذ قراراتهم دون أن يكونوا متعاقدين مع المحاسب مثل العاملين في المشروع والعملاء والموردين ومانحى الائتمان والجهات الحكومية والمستثمرين الذين يعتمدون على موضوعية المحاسبين في إعداد ومراجعة المعلومات المحاسبين، وهم بذلك يعتبرون في حكم الشاهد أو القاضى الذى يحدد الحقوق والالتزامات ويخبر بمعلومات بما يلزم معه ضرورة أن يتميز سلوكهم في أداء عملهم، وكذا المعلومات التى يقدمونها بالصدق والعدالة والأمانة سواء بوضع المعايير المحاسبية التى تؤدى إلى ذلك، أو بالتكوين الذاتى للمحاسبين، أو قواعد السلوك المهنى. أي إن مهنة المحاسبة تخدم طرفاً ثالثاً خلاف العميل الذى يتعاقد معه المحاسب سواء كانت الشركة التى يعمل بها أو المساهمين الذين يراجع لهم حسابات الشركة.
جـ- إن المحاسبة متعلقة بمعاملات مالية، وتوجد اختيارات عديدة يسلكها المحاسب ومستخدم البيانات لتحقيق منفعة منها ما يمكن أن يوصف بأنه أخلاقى إذا روعى فيه العمل على التوازن بين المصالح، ومنها ما هو غير أخلاقى إذا روعى فيه تحقيق نفع أزيد مما يستحقه، وحيث أن الجميع يعتمد على المعلومات المحاسبية في التعرف على حقوقه والتزاماته لذا يجب أن يكون المحاسب الذى يحدد ذلك أميناً وعادلاً، كما أنه في أدائه لمهمته يجب أن لا يسلك سلوكاً غير أخلاقى في الحصول على الزبائن أو الاضرار بزملاء المهنة.
د - إذا كانت المحاسبة تقوم على وجود مبادئ أو قواعد تصاغ بعد ذلك في صورة معايير محاسبية يعتمد عليها في إعداد البيانات، ومن أجل أن تكون هذه البيانات مفيدة فلابد أن يتوافر فيها قيم الصدق والعدالة والأمانة الأمر الذى يتطلب عند إعداد معايير المحاسبة والمراجعة مراعاة القيم الأخلاقية وهو ما يوفره المدخل الأخلاقى لنظرية المحاسبة.
هـ- إذا كانت المعايير المحاسبية معدة على أساس أخلاقى، فإنه تبقى منطقة حرة في سلوك المحاسب لا يمكن لهذه المعايير مهما كانت دقتها وتفصليلاتها أن تطولها ويبقى الأمر مرهوناً بأخلاقيات المحاسب، ومثال ذلك المحاسب الذى يعلم أن هناك رشاوى دفعتها الشركة، ومع ذلك يسجلها في الدفاتر على أنها عمولات أو اكراميات وكذلك المبيعات الصورية التى تتم في أخر العام من أجل زيادة الربح ثم تسجل في بداية العام التالى مردودات مبيعات، وغير ذلك من الأمثلة الواقعية كثير ولا سبيل إلى تلافيها إلا بالتزام المحاسب الذاتى بالأخلاق الحميدة.
و - الحد من التدخلات الخارجية في العمل المحاسبى: إن وجود قواعد أخلاقية ملزمة للمحاسبين في أداء أعمالهم سواء كانت متضمنة في معايير المحاسبة والمراجعة أو في قواعد السلوك المهنى من شأنها أن تحد من تدخل بعض الجهات والأفراد في العمل المحاسبى بما يخدم مصالحهم مثل تدخل إدارة الشركة لدى المحاسب أو المراجع لإثبات عمليات غير حقيقية لتظهر أنهم أكفاء على خلاف الحقيقة، أو طلب اخفاء معلومات تظهر إنحرافهم، وبدون وجود قواعد أخلاقية يلتزم بها المحاسب فإنه سوف يستجيب لطلباتهم مما يضر بمصالح أطراف أخرى ويؤدى بالتالى إلى فقد الثقة في المحاسبين والمعلومات المحاسبية.
ز - التطورات المتلاحقة التى يشهدها العالم الآن تؤكد على ضرورة الاهتمام بالجانب الأخلاقى للمحاسبة مثال ذلك ما يلى:
- حالة العولمة التى يعيشها العالم الآن وما تحمله معها من التوجه نحو نظام رأسمالية السوق الحرة وزيادة واتساع نطاق المعاملات حجماً وعلى مستوى العالم، أدى إلى اتساع نطاق الاعتماد على المعلومات المحاسبية لاتخاذ القرارات وما يتطلبه ذلك من ضرورة كون هذه المعلومات صادقة وموضوعية.
- إنتقال الثقافات وما تحمله في طياتها من قيم أخلاقية لا تناسب البيئة يتطلب ضرورة وجود ميثاق أخلاقى يستلهم مفرداته من الثقافة المحلية.
- ظهور وانتشار قيم أخلاقية سيئة تجمع في مصطلح الفساد الاقتصادى والتى من متطلبات مواجهة هذا الفساد ما يعرف بالشفافية أى تقديم معلومات كاملة وأمنية وصادقة عن التصرفات الاقتصادية، والمحاسبية تمثل المصدر الرئيسى لهذه المعلومات.
- في ظل العولة تقل سلطة الدولة والمنظمات المهنية والمحلية على الزام المحاسبين بالقواعد السلوكية الأخلاقية المهنية، ويكون المعول عليه هنا الأخلاق الذاتية للمحاسب.
ولقد اجتهدت الأدبيات السابقة في تعريف أخلاقيات المهنة ووضعت المؤسسات المهنية العالمية أسس ومسميات و معايير لهذة الأخلاقيات. وعرفها Arens et al. (2013) على أنها مجموعة من المبادئ والقيم التي يلتزم بها الأفراد والجماعات خلال أدائهم مسؤولياتهم وواجباتهم. تعتبر أخلاقيات المهنة عامل ذو أهمية كبرى بسبب ضرورتها لقيام المجتمع واستمراره ونجاحه وانعدام الغش والخداع والخيانة وكذلك حتى لا يتم تفضيل المصلحة الشخصية على المصلحة العامة ومصلحة الآخرين. وتم استعراض أهم القواعد في الأخلاقيات المهنية في الأدبيات الأكاديمية نذكر منها (الذنيبات,2012Arens et al., 2013; ):
1 – الاستقامة والنزاهة
2 – الموضوعية
3 – الكفاءة والعناية المهنية
4 – السرية
1- الاستقامة والنزاهة :
وهذا يتطلب من المحاسب أن لا يقبل أن يقوم بتقديم أي تقرير أو معلومة اذا كانت تحتوي على بيانات مالية محرفة أو مضللة أوأعدت بإهمال أوكانت غير مكتملة بسبب الحذف أو فيها نوع من الغموض الذي يؤدي الى التضليل.
2- الموضوعية :
على المحاسب أن يظهر قدرا عاليا من عدم التحيز و إظهار المعلومة لكافة الجهات المخولة بكل صدق وأمانة. وعادة يتم طلب ذلك من المدقق بشكل أكثر من المحاسب كون المحاسب جزء لا يتجزء من الادارة وعليه الالتزام بما تمليه عليه الادارة.
3- الكفاءة والعناية المهنية :
يجب على المحاسب أن يعمل على تطوير المعرفة و المهارة التي يملكها ومتابعة المستجدات في عالم المحاسبة وهذا يشمل:
- الحصول على مستوى من المهارة والمعرفة المهنية الذي يمكنه من القيا بعمله على أتم وجه.
- العمل باجتهاد بما يتفق مع المعايير المهنية من أجل تزويد الخدمات المهنية بالشكل المناسب والاطلاع على كافة التغييرات و المستجدات المحيطة بالمهنة.
4- السرية :
لا يجوز للمحاسب تقديم البيانات التي يعدها أو يطلع عليها الى أي طرف غير مخول بذلك ويعتبر ذلك إخلالا بالأمانة الموكلة له أما في حالة المدقق فإنه لا يجوز أيضا أن يكشف عن معلومات عميله إلا في الحالات التالية (الذنيبات, 2012)
1- اذا كان الكشف عن هذه المعلومات مسموح به قانونيا بموافقة العميل.
2- اذا كان الكشف مطلوبا وفقا للقانون وذلك يشمل:
- كأدلة للمنازعات القضائية (في المحاكم).
- في التقارير المقدمة للجهات ذات العلاقة في حالة المخالفات القانونية.
3- اذا كان الكشف متطلب مهني:
- الاستجابة للمتطلبات الاخلاقية ومتطلبات العمل.
- لحماية مصالح المحاسب القانوني خلال الاجراءات القانونية.
- في حالة الرقابة على الجودة ومراجعة النظير.
ولقد بينت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (1990) بوضع أسس شرعية لأخلاقيات المحاسب وحددت بالآتي:
1. الأمانة
2. مبدأ الاستخلاف للبشرية في الأرض
3. الاخلاص
4. التقوى
5. الاحسان واتقان العمل
6. مراقبة اللَّه تعالى
7. محاسبة اللَّه تعالى للعباد
وقد شجع عمر (2000) على ربط المحاسبة بالأخلاق الإسلامية ووضع لذلك منهجا في دراسته. ومما لا شك فيه أن الوقاية خير من العلاج, أي أن عملية زرع القيم الأخلاقية و تنميتها لدى المحاسب وهو على مقاعد الدراسة يحد بشكل كبير من الممارسات اللاأخلاقية