البعدُ عن التبذيرِ وإضاعةِ المالِ
قد فشت وانتشرت - أيها الأحبة الأفاضل - بين بعض أفراد الأمة الإسلامية -خاصة الأغنياء منهم- أمراضًا خطيرة وأدواء جسيمة ، ومن ذلك مرض يسعى دائمًا الشيطان لتزيينه للإنسان ؛ لأن فيه معصيةٌ للرحمن ، وهو: تبذير الأموال وإضاعتها فيما لا ينفع لا في أمور الدنيا و لا في الآخرة .
ولذا حذّرنا منه الرحمن فقال عز وجل: " إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ، وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا" [الإسراء : 27].
قال الإمامُ ابنُ كثير رحمه الله : {وقوله :[ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ] أي: في التبذير والسفه وترك طاعة الله وارتكاب معصيته ، ولهذا قال :" وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا" أي :جحودًا لأنه أنكر نعمة الله عليه ولم يعمل بطاعته بل أقبل على معصيته ومخالفته}.
وقال الشيخ السعدي في تفسيره : "لأن الشيطان لا يدعو إلا إلى كلِّ خصلةٍ ذميمةٍ ، فيدعو الإنسان إلى البخل والإمساك ، فإذا عصاه دعاه إلى الإسراف والتبذير ، والله تعالى إنما يأمر بأعدل الأمور وأقسطها ، ويمدح عليه ، كما في قوله عن عباد الرحمن الأبرار".
وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَثًا : قِيلَ وقال ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ " متفق عليه.
قال ابن الجوزي رحمه الله : "وأما إضاعة المال فيكون من وجوه أمهاتها أربعة :
- أحدهما : أن يتركه من غير حفظ له فيضيع .
- والثاني : أن يتلفه إما بتركه إذا كان طعامًا حتى يفسد ، أو يرميه إن كان يسيرًا كِبْرًا عن تناول القليل ، أو بأن يرضى بالغبن ، أو بأن ينفق في البناء واللباس والمطعم ما هو إسراف .
- والثالث : أن ينفقه في المعاصي ، فهذا تضييع من حيث المعنى .
- والرابع : أن يسلم مال نفسه إلى الخائن ، أو مال اليتيم إليه إذا بلغ مع علمه بتبذيره" اه من : كشف مشكل الصحيحين (4/102).
اه مختصرًا من رسالة : الوصفات الإيمانية لدفع المكائد الشيطانية لأبي عبد الله حمزة النايلي حفظه الله.