لاصلاحات العثمانية :
عملت الدولة العثمانية على اعادة تجديد نفسها قصد التصدي للتدخل الاوربي في أمورها ، واعادة سيطرتها على مختلف
أجزاء الدولة . وركزت اصلاحاتها على المجالين الاجتماعي والعسكري ، وأهم مظاهر التجديد في الدولة العثمانية هي المراسيم
التي أصدرها السلطان العثماني زعرفن باسم { التنظيمات العثمانية } وأبرزها خط كلخانة في 1869 م والخط الهمايوني 1856 م
في أعقاب حرب القرم ، الذي نص على مساواة الرعية في الحقوق ، والواجبات وفي ادخال الادارات والنظم الاوروبية في مختلف اجزاء
الدولة العثمانية . وتنفيذ قانون الولايات ، ونظام الأراضي { الطابو } .
الا أن هذه الاصلاحات واجهت عدة عقبات حالت دون تحقيق أهدافها منها :
1 - أن استمرار الضغط العسكري عليها جعلها تركز على هذا الجانب لدرجة انه عرقل عجلة الاصلاح .
2 - أن الدول الاوروربية الكبرى كانت تواجه ذلك الاصلاح الى النواحي التي تخدم مصالحا الاستعمارية ، حتى ولو اضر بمستقبل
الدولة العثمانية ، ومن ذلك استخدام القروض في النواحي الاستهلاكية ، دون التنموية .
3 - وفي الوقت الذي كانت الدول الاوروبية تنادي بضرورة تطبيق المساواة بين مختلف رعايا الدولة العثمانية ، كانت تثير النعرات
الطائفية ، خاصة في لبنان ، الأمر الذي أدى الى حوادث دامية فيه سنة { 1860 م } وفي جدة و العراق سنة { 1858 } .
ويتولى عبد الحميد الثاني العرش بدا وكأن دعاة الاصلاح سيتفوقون في الدولة العثمانية ، وأنهم باصدار الدستور سيوحدون البلاد
ويوقفون الفتن الا ان القوى الاوروبية الطامعة في الشرق الأدنى كانت ترى ، في التطور الدستوري ، خطرا على اطماعها ولم يكد
مدحت باشا يتخد الخطاوت الأولى نحو اصدار الدستور حتى اعلنت روسياالحرب على بلاده ن واستولت على { باطوم وقارص وبايزيد }
واصبحت تهدد ارمينيا . وبالتالي أصبحت المنطقة الواقعة في أعالي نهدر الدجلة في متناول الروس ثم جاء الانتصار الكبير
في البلقان .
وهذا ما ذكره السلطان عبد الحميد الثاني في مذكراتي السياسية :
{ هناك ثغرات كبيرة في الادارة واسترخاء جديد لدى الموظفين مما سبب قيام ثورات وحوادث عصيان ليس من الجائز
السكوت عليها لكن الشيء الذي يقودنا الى الهاوية أكثر من غيره هو مؤامرات الدول الكبرى ، لقد صرفنا الملايين للقضاء
على المؤامرات كان الأجدر بها ان تصرف على مشاريع حيوية نستفيد منها ، كما صرفنا جل اوقاتنا وطاقتنا ، دون
جدوى ، فلم يبق لنا شيء ندخره لغدنا ، فبالتطور والتقدم لو اعترفت لنا هذه الدول بعشر سنوات من الاستقرار
لحظيت دولتنا بالتطور الذي حظيت به اليابان .
فاليابانيون بعيدون عن مخالب اوروبا يعيشون في أمان واطمئنان أما نحن فقد نصبنا خيامنا على ملتقى
الطرق بين الوحوش الأوروبية الكاسرة }