البعد عن العجلة المذمومة
لقد حذَّرنا نبينا صلى الله عليه وسلم من العجلة المذمومة ، وأخْبَرَنا أنها منافية للإيمان ، وبيّن لنا أنها من تزيين وزخرفة الشيطان ، فقال : صلى الله عليه وسلم :" التّأنِّي من اللهِ والعجلةُ من الشيطان " رواه أبو يعلى في مسنده (4256) من حديث أنس رضي الله عنه، وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب 1572.
قال المناوي رحمه الله : (التَأني مِنْ اللهِ تَعَالى) أي : مما يرضاه ويثيب عليه .
(والعجلةُ مِنْ الشَّيْطَان) أي : هو الحامل عليها بوسوسته ، لأن العجلة تمنع من التثبت والنظر في العواقب. (فيض القدير 3/184).
قَالَ الإمامُ ابنُ القيم رحمه الله : "ولهذا كانت العجلة من الشيطان ، فإنها خِفةٌ وطيشٌ وحدةٌ في العبد تمنعه من التثبت والوقار والحلم ، وتوجب له وضعَ الأشياءِ في غيرِ مواضعها ، وتجلب عليه أنواعًا من الشرور ، وتمنعه أنواعًا من الخير ، وهي قرين الندامة ، فَقَلَّ من استعجل إلا ندم ، كما أن الكسل قرين الفوت والإضاعة " (الروح ص 25).
وقد تنوعت صور هذه العجلة في أمور المسلمين اليوم :
فمنهم : من يتعجل في نقل الأخبار التي يسمعها دون أن يتأكد من صحتها !
ومنهم : من يتسرع في إلقاءِ الأحكام على الآخرين بعد كل خبر سمعه ، دون تريث أو تمهل !
والبعض الآخر يستعجل الإجابة إذا دعا ربه سُبْحَانَهُ الكريم .
يقول بعض الحكماء : "إياك والعجلة فإن العرب كانت تكنيها أُمَّ الندامة ؛ لأن صاحبها يقول قبل أن يعلم ، ويجيب قبل أن يفهم ، ويعزم قبل أن يفكر ، ويقطع قبل أن يُقدر ، ويَحمَدُ قبل أن يجرّب ، ويذمّ قبل أن يَخْبُر ، ولن يصحب هذه الصفَةَ أحدٌ إلا صحب الندامة ، واعتزل السلامة" [زهر الآداب للقيرواني (2/257)].
انتهى نقلا من كتاب: الْوَصَفَاتُ الايمَانِيّةُ لِدفْعِ الْمَكاَئِدِ الشّيْطَانِيَّةِ لأبي عبد الله حمزة النايلي حفظه الله ص 46-48 باختصار