هدية الألباب في
جواهر الآداب
قصيدة رائعة وجميلة من نظم الشيخ حسين الجسر المصري
عظيمة الفائدة هي وقيمتهآ العلمية كبيرة في تنشئة الفرد على القيم
والأخلاق الإسلامية الحميدة فهي شآملة على جوانب الحياة الدينية
والعملية أتمنى أن تنآل إعجآبكم وتعم الفآئدة للجيع
إن شآء الله ...
حمدا لمن قد زين الإنسانا ................ بالعلمِ والأدب حيث كانا
ثم صلاة الله والتسليمُ ..................... لمن هو المهذبُ الكريمُ
وآله وصحبه ذَوي النُهِى من .............. بالكمال بلغوا هَامَ السُها
وبعد فالتهذيب للأولاد ..................... سعادة للشعب والبلاد
والولد المهذبُ المؤدبُ .................هو الذي للخير دوما يكسبُ
يستوجب الإعزاز و التكريما .............ويستحق في الوري التعظيما
والولد الخالي من الآداب ...................... يُعَدُ في جماعة الدواب
ولا يزال سيءُ المعاش يذكر.................... في الناس مع الأوباش
يعيش طول عمره في النَكَدِ ................. بين خصام زوجة وولد
وهذه منظومة سنية ........................ حررتها في صورة الهدية
سميتها هدية الألباب في ................... جواهر الآداب ياهذا الوفي
قدمتها حبا لأبناء الوطن ............. تُسعد منهم من إلى الخير سكن
لاسيما كل فتي أقام في .................. مدارس العلم لنيل الشرفِ
فهو الأحق بمراعاة الأدب ............. وكسبه يسمو به أعلى الرُتب
فأسأل الله الثواب الحسنَا ................. وان يَعُمُّ النفعَ منها الوطنَا
الواجبات الدينية والكمالات الإنسانية
فأوّل الكمال للاولادِ ................... معرفةُ المولى العظيم الهادي
وصحةُ الإيمان والإقرارِ .................... بكل ما صحّ عن المختارِ
ثم أداء واجب العبادة .......................... فإنها علامة السعادة
مثل الصلاة فهي ركنُ الدينِ ................ فلا يمَِلْ عن هديها المُبينِ
كذا بقية العبادات التي ................... أثبتها في الشرع خير مُثْبتِ
فكل من قد حسنت عبادته ............ من دون شك كملت سعادته
وكل من فرط في الإطاعة ....................... لربه لاترتج انتفاعه
ثم عليهم ذمة ودينا ..................... أن يُصبح العرض لهم مصونا
ويهجروا صحبة كل فاسقِ .................... فإنها من أقبح الطَرائقِ
والعرض للمرء إذا مادنِّسا ................ فليس من بين الأنام يُنْتسي
بل دائما إلي بلوغ الشيب .................... يعيبه الناس بذاك العيب
ثم من اللازم للغلمان ..................... أن يهجروا صنائع النقصان
كالسرقات وفِعالُ الإثم ........................ وكل أمرٍِِ مُورثِ للومِ
والضابط المحررُ الصوابُ ................ أن يتركوا الحالُ الذي يعابُ
وكل مايشينهم في الجهر ...................... عليهم هجرانه في السر
وجوب طاعة الوالدين
وواجبٌ إِطاعُةُ الأبناءِ ............................. لأمهاتهم وللآباءِ
في كل أمر جائز مباح .................... ليس به في الدين من جناح
فالوالدان لهم الإحسان ................... على البنين من زمان كانوا
والله في القرآن أوصى بهما ..................... فلهما كن أبدا معظما
واخدمهما خدمة عبد طائع ................ وإن يقولا فُاغْدُ غير سامعٍ
حسن النية ولزوم طاعة المعلم
ثم على قاصد نيل الأَرَبِ .................. أن يحسنُ النية قبل الطلبِ
فإنما الأعمال بالنيات ...................... وحسنها الأساس للخيرات
وأعظم الأسباب للفُتوحِ ......................... إِطاعةُ المعلم النصوحِ
في كل أمر جائز مشروع ...................... ليس بمحظور ولا ممنوع
واخدمه والزِمْ عنده التواضعا ................... وكن إلى إكرامه مسارعا
ثم تحرَّ دائما مَسَرَّتَهْ .......................... واستر بلطفٍ وكمال زَلَّتَهْ
وإن يكن يوما عليك غاضبا .................... فكن إلي نيل رضاه طالبا
واصبر على تأديبه الشديدِِ ................. فالصبر وصف الولد المحمودِ
ثم اتخذه ناصحا امينا ............................. لاتتخذه مبغضا مهينا
فإنه المُحسنُ ذو الولاءِ ..................... وإن يكن في صورة الأعداءِ
فرحم الله الذي أبكاني ....................... لكن إلي الخيرات قد هداني
وخاب من أضحكني بالباطلِ....................... وقادني للطرق الرذائلِ
النشاط والهمة في طلب العلم
ثم على من يطلبُ الفضائلا ................... أن يَهْجُرَ الفُتورَ والتكاسلا
ويغتدي مجتهدا في درسهِ ...................... في كل يوم زائدآ عن امسهِ
ويلزمُ الصبر على التحصيلِ .......................مع سهر في ليله الطويلِ
يكررالدرس بلا تواني ........................... حتى يصير مثل طبع ثانٍ
واعتنٍ بأن تفهم كل مساله .................. حفظتها فذاك وصف الكمله
فالحفظ للعلم بدون الفهم .......................ككتب فوق الحمير البُهم
العلوم الضرورية
واعتن بحسن الخط والإنشاءِ....................... فذانِ زينة لذى الأكفاء
واحرص علي النحو فذاك السلمُ ................... لكل علم تبتغيه الأممُ
واكسب علوم العقل بالتمكينِ ................ من بعد تصحيح اعتقاد الدينِ
واجعل علوم الشرع خير المقتنى .................. وخذ حماها ملجأ مستامنا
آداب المتعلم ومعاشرة الإخوان
ثم من الأسباب للنجاح ......................... هجرك للضحك وللمزاح
لاسيما في ساعة التعلُمِ ...........................فذاك وقت الادب المُحَتَّمِ
لاسيما كل فتى أقامَ .......................... في مدارس العلم لنيل الشرفِ
وخفضك الصوت مع السكونِ................... من أدب المدرسة المسنونِ
فرافع الصوت مسيء المدرسة .................. مشارك إبليسه في الوسوسة
وعاشر الإخوان بالمسالمة ..................... واللطف والإحسان في المكالمة
وكن لهم اخا شفوقا ناصحا...................... وإن أساؤوا فلتكن مسامحا
واغْدُ لديهم صاحبا نجيبا................................ مكرما معلما حبيبا
الأخلاق الفاضلة للإنسان ومساوئها
ولا تكن وحشا مسيئا ........................... تكره في السر والجهار
ولاتكن فظا غليظ القلبِ .................... مُسْتثْقَلا لدي نفوس الصَحْبِ
ولا تكن سُخرية مهذارا ........................ ولا أخا كِذبٍ ولا مكثارا
ولا سفيها باسط اللسان ......................... بالشتم والإيذاء للإخوان
وجانب النميمة الرذيلة ............................ والغيبة المُذهبة الفضيلة
وكن نظيف الجسم والثيابِ........................ معتدل الطعام والشرابِ
وامش الهُوَيْنا مشية الوَقَارِ ....................... بلا التفات موجب الإنكارِ
آداب المدرسة
واغد إلى المدرسة الكريمة ............................ مبكرا في غاية العزيمة
ففي البُكورِ بركاتٍ جمة ............................ يمنحها الله لهذه الأمة
وكن لدى المجيء والذهاب ............................ مزينا بحلة الآداب
لا عاجلا لا صارخا لا لاعبا ..................... بل سالكا من الطريق الجانبا
واعلم بأن الناس في انتقاد ...................... لكل شخص رائح أوغادي
لاسيما من ينتمي للعلم .............................. فنقده لديهم كالحتم
آداب التلميذ بين أسرته وفي منزله
وكن من الكمال في ازدياد ....................... في بيتك الخالي من النقاد
سلم على وليك المكرم............................. وقبلن رَاحَتُه واحتشمِ
وقف لديه وقفة المؤدب ....................... والتزم الجلوس فوق الرُكب
ثم إذا ما قدم الطعام ............................. فكن غلاما عنده احتشام
وابتدىء الاكل ببسم الله ........................ واختم بذكر الحمد للإله
ولا تعب أي طعام قدما .................... بل كن شكورا للذي قد أنعما
فربما كِسرةُ خبز تشترى ......................... في يوم جوع بنظار أحمرا
وكم نفوس في البرايا معدمة ..................... ماعندها مما لديك سِمْسِمَة
وكم مريض زائد البلاء ........................... أعجزه الداء عن الغذاء
شكر المنعم موجب لمزيد من النعم
فاشكر لمولاك على الوجدان ...................... للرزق والصحة للأبدان
وهكذا كن في جميع النعمِ ......................... ملتزما لشكر رَبٍ مُنعمِ
فاشكر على المسكن واللباسِ ................... وانظر لمن دونك بين الناسِ
لكن بنيل المجد فاغْدُ ناظرا.......................... لمن سما من العلا منابرا
علو الهمة وطلب الكمال
واعْنَ بأن تفخر بالكمال ............................ لا بصفات ربة الحِجَالِ
ما الفخر بالتصقيل للشعورِ........................... ولا بتلوينٍ ولا تعطيرِ
ولا بثوب المُثْمَنِ المُزَيَّنِ .............................ولا بمطعومٍ ولا بمسكنِ
مالفخرُ إلا باكتسابِ الشرفِ .................... وطلب العلمِ بجُلِ الشغفِ
آداب المعاشرة في المحافل وغيرها
وكن لدى الجلوس في المحافلِ ................ ملتزما وصف الأديب الكاملِ
بجلسة يحمدها اللبيبُ .............................. وهيئة يشكرها الأديبُ
إياك أن تُرَى لدى الخطابِ ....................... مُلتفتا أو مبديَ اضْطِرابِ
أو مُكثرًا إشارة اليدينِ ............................... أو ناكِرا او غامِزا بالعينِ
أو خافض الصوت عن المعتادِ............................ أو رافعا إياه بازديادِ
أو آتياً بحركات مُشْعِرة ............................ بخِفَّةٍ أو خَنَثٍ أو مسخرة
لا تقطع الكلامَ بالكلامِ ........................... ولا تُمار الغيرَ في الخصامِ
ولا تَفُه بكلمةٍ حتى ترى ........................... موقعها مستحسنا محررا
وعُذْ بمولاك العظيم الشآنِ ...................... من عثراتِ القولِ باللّسانِ
فربَّما عَثْرةُ ذي المقالِ ......................... تجْني شروراً لم تَكُنْ في البالِ
واحْذر من التفريطِ عند الغضبِ ................. فغضبُ المرءِ أساسُ العطبِ
وعاشرِ الجيرةَ أهل الوطنِ ......................... بصفة الحب وخلق حسنِ
وكن على صالحهم أمينا ........................... واعتبر الجميع كالأهلينا
مراعاة حقوق أهل الذمة والمحافظة على عهودهم
وارع مواثيق مليك الأمة ..................... فيما يصون حقوق أهل الذمة
فصون حقهم به قد أمر ......................... شرع النبي المصطفى وقرَّرَ
ومن يسوءهم بهضم الحق .......................... يخالف الأمر لرب الخلق
يكون خصمه بيوم الحشر ........................... رسولنا طه مفيض البر
وجاء أن ظلمهم إن وجد ...................... يسلط الأعداء علينا بالردى
كيف يجز ضرهم وهم لنا .................. عون على الأعدا إن خطب جنا
وهم من الجيرة في الاوطان ...................... لهم حقوق الوطن المُصَانِ
كما لهم حقوق الإنسانية .......................... وهذه لِذِى النُهَى مُرعية
والدين يرجي فيه يوم الآخرة ......................... ينفذ فيه ربنا اوامره
أما بهذي الدار فالمطلوب .......................... منا امتثال الأمر يالَبِيبُ
نسعى كما المولى علينا فرضا ............... في حفظ حق خلقه كيف قضى
ثم سياسة وفاء العهدِ............................. يسد عنا باب مكر الضِّدِ
من يجعل انتصاره لمن ظلمْ .......................... وسيلة لمقصد منه علمْ
فيبلغ الغاية فينا مسرعا............................ ويهضم الحقوق منا اجمعا
ولا يراعي غير جنسه كمآ......................... يظهر بالقياسِ يامن فهمآ
فالاتفاق بيننا يُدافِعُ .............................. عنا شرورا كلها صَوَادِعُ
محبة الوطن والدفاع عنه ومعنى التمدن المحمود
وكن محب الوطن المُعَظَّمِ ............................. ذا غيرة عليه للتقدمِ
فحبه عُدَّ من الإيمان ........................... وبُغْضُه من أعظمِ الخسرانِ
وابذل لهذا الخلق المجهودا ..................... حتى يكون طبعك المحمودا
فلا ينال المرء من فلاحِ .........................حتى تُرى الاوطانُ في نجاحِ
فخيرهآ خير لكل وآحدٍ ...................... من أهلِهآ من وآجدٍ أو فآقدِ
ولا يكون حبها صحيحا.......................... حتى ينالَ حقَّها الترجيحا
على حقوق النفس والأهلِينا...................... والصحب والآباء والبنِينا
فما نجاح الأمم الغربية ............................. إلا بهذي الخصلة السَنِيَة
وباكتساب العلم والفنون .........................وغير ذا من أوهن الظنون
فأصبحت ديارهم جنانا................................. غنية وعزها مصانا
وقد غدو أعزة الملوكِ .............................. أعاظمَ الغني والصعلوكِ
وكل ذا من حبهم للوطنِ.......................... وكسبهم لكل فن حسنِ
هذا هو التمدنُ المحمودُ ..........................إليه يسعى الطالب السعيدُ
وليس بالإسراف والتبذيرِ............................. تمدن يعقل في الدهورِ
التواضع والمحافظة على شرف الأسرة
ثم إذا ما نِلْتَ عِلْماً فاخراً ..................... وحزت جاها في البرايا زاهراَ
فاحذر من الكِبرِ وسوءِ المَسْلكِ ................. بين الورى دوما وإلا تهلكِ
وكن سياسيا دقيق النظرِ .............................كاتمَ سِرٍّ آخذا بالحذَرِ
لاتغترْ بالمدحِ ذي الإِطْنَابِ.................... وإن يكن من أكرَمِ الأحبابِ
بل حاسبِ النفس وحافظ أبدا ................ على اكتسابِ المجد في طول المدى
واحْذَرْ ضياع الإسم من بين الملا ................فالإسم إن ضاع فقد ضاع العُلا
وكل ماقدمته فاسْتَعِنِ .............................. عليه بالمولى عظيم المنن
واسأله توفيقا بلا خذلانِ .......................... ونعمة تبقى بلا خسرانِ
وادْعُ بخيرٍ للفقيرِ النَاظِمِ ..................... واطْلُبْ له الإحسانَ في الخواتِمِ
.......................
[