عبد الرحمن الداخل وعهد جديد الأندلس - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية

قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية تعرض فيه تاريخ الأمم السابقة ( قصص الأنبياء ) و تاريخ أمتنا من عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ... الوقوف على الحضارة الإسلامية، و كذا تراجم الدعاة، المشائخ و العلماء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

عبد الرحمن الداخل وعهد جديد الأندلس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-10-19, 06:04   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
المعزلدين الله
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية المعزلدين الله
 

 

 
الأوسمة
وسام الاستحقاق 
إحصائية العضو










افتراضي عبد الرحمن الداخل وعهد جديد الأندلس

عبد الرحمن الداخل وعهد جديد
كما رأينا فقد أصبح أمر الأندلس يحتاج في إصلاحه إلى معجزة إلهية، وبالفعل حدثت المعجزة بفضل من الله ومَنٍّ وكرم منه على المسلمين، وذلك بدخول رجل يدعى عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك الأموي إلى أرض الأندلس، وذلك في شهر ذي الحجة من سنة ثمانٍ وثلاثين ومائة من الهجرة.

قصة عبد الرحمن الداخل

لكي نفهم قصة دخول عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك إلى أرض الأندلس، نعود إلى الوراء قليلًا حتى سنة اثنين وثلاثين ومائة من الهجرة، وهو زمن سقوط بني أمية، فقد أعمل العباسيون السيوف قتلا وتنكيلا لكل من كان مؤهلا من الأمويين لتولي الخلافة، فقتلوا الأمراء وأبناء الأمراء وأبناء أبناء الأمراء (الأحفاد) إلا قلة ممن لم تصل إليه سيوفهم.

كان عبد الرحمن بن معاوية حفيد هشام بن عبد الملك (حكم من خمس ومائة إلى خمس وعشرين ومائة من الهجرة) من هذه القلة التي لم تصلهم سيوف العباسيين، وكان عمره آنذاك تسع عشرة سنة فقط، وكان له أخ صغير لم يتجاوز عمره الثالثة عشرة، وكلاهما مطلوبي الرأس من قِبَل العباسيين.

في العراق كان عبد الرحمن بن معاوية يجلس في بيته إذ دخل عليه ابنه ابن الأربع سنين يبكي فزعًا، وكان عبد الرحمن بن معاوية مريضا معتزلا في الظلام في ركن من البيت من أثر رمد في عينه، فأخذ يسكن الطفل بما يسكن به الأطفال إلا أن الطفل ظل فزعًا مرعوبًا لم يسكن، فقام معه عبد الرحمن بن معاوية فوجد الرايات السود خارج البيت (رايات الدولة العباسية)، وكانت تعم القرية جميعها، فعلم أنّه مطلوب، رجع عبد الرحمن بن معاوية وأخذ أخاه الوليد بن معاوية وما معه من نقود، وترك النساء والأطفال وكل شيء؛ لأن العباسيين لم يكونوا ليقتلوا النساء ولا الأطفال، ولكن كانوا يقتلون كل من بلغ وكان مؤهلًا للخلافة، ثم خرج هاربا نحو الفرات، وعند الفرات وجد عبد الرحمن بن معاوية وأخوه القوات العباسية تحاصر النهر، فألقيا بأنفسهما فيه وأخذا يسبحان، ومن بعيد ناداهما العباسيون أن ارجعا ولكما الأمان، حينها كان الوليد بن معاوية أخو عبد الرحمن بن معاوية قد أجهد من السباحة، فأراد أن يعود، فناداه أخوه الأكبر أن لا تعد يا أخي وإلا فسيقتلوك، فرد عليه إنهم قد أعطونا الأمان، ثم عاد راجعا إليهم، فما أن أمسك به العباسيون إلا أن قتلوه أمام أعين أخيه، عَبَر عبد الرحمن بن معاوية النهر وهو لا يستطيع أن يتكلم أو يفكر من شدة الحزن على أخيه ابن الثالثة عشرة، ثم يمم جهة بلاد المغرب لأن أمه كانت من قبيلة من قبائل البربر، فهرب إلى أخواله هناك، في قصة هروب طويلة جدًا عبر فيها الحجاز ومصر وليبيا والقيروان، وصل عبد الرحمن بن معاوية إلى القيروان وعمره تسع عشرة سنة فقط، وهناك وجد ثورة كبيرة للخوارج في الشمال الأفريقي كله وعلى رأسها عبد الرحمن بن حبيب، وكان قد استقل بالشمال الإفريقي عن الدولة العباسية، ولأنه كانت هناك كراهية شديدة جدا بين الخوارج والأمويين (حيث إن الخوارج لم يرضوا ارتضاء سيدنا علي بتحكيم كتاب الله بينه وبين معاوية بن أبي سفيان الأموي في موقعة صفين، ومن ثم فقد خرجوا عليه وسموا من بعدها بالخوارج، ومن حينها وهم يبغضون الأمويين) فقد كان عبد الرحمن بن حبيب يسعى هو الآخر للقضاء على عبد الرحمن بن معاوية حين علم بأمره، فحين قدم عبد الرحمن بن معاوية إلى القيروان اجتمع عليه الخوارج وكادوا أن يقتلوه، فهرب من جديد إلى برقه (في ليبيا)، وفيها ظل مختبئا عند بعض أخواله هناك طيلة أربع سنوات كاملة، حتى سنة ست وثلاثين ومائة، وكان قد بلغ من العمر ثلاث وعشرين سنة، وفي أمره ظل عبد الرحمن بن معاوية يفكر، أيظهر فيُقتل أم يظل مختبئا طوال العمر؟! ففي أي قطر من بلاد المسلمين هو مطلوب الرأس، ففي الشام في بلاد المشرق الإسلامي مطلوب من العباسيين، وفي الشمال الإفريقي في بلاد المغرب الإسلامي مطلوب من الخوارج، فهل يظل مختبئا طوال حياته وهو سليل الأمراء والخلفاء؟! أو هل يظل مختبئا في مكانه والأمويون في كل مكان يُقتلون ويذبحون؟! أم يحاول أن يقيم للأمويين مجدا من جديد؟!








 


رد مع اقتباس
قديم 2009-10-19, 06:05   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
المعزلدين الله
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية المعزلدين الله
 

 

 
الأوسمة
وسام الاستحقاق 
إحصائية العضو










افتراضي

وهنا جال بخاطره أن يذهب إلى الأندلس، وقد كانت الأندلس أصلح البلدان لاستقبال عبد الرحمن بن معاوية، وذلك لأنها أولا أبعد الأماكن عن العباسيين والخوارج، ثانيا لأن الوضع في الأندلس ملتهب جدا، وذلك على نحو ما ذكرنا في عهد يوسف بن عبد الرحمن الفهري وفي نهاية الفترة الثانية من عهد الولاة؛ ففي هذا الجو يستطيع عبد الرحمن بن معاوية أن يدخل هذه البلاد؛ ولو كانت تابعة للخلافة العباسية ما استطاع أن يدخلها، كما أنها لو كانت على فكر الخوارج ما استطاع أيضا أن يدخلها؛ فكانت الأندلس أنسب البلاد له على وعورتها واحتدام الثورات فيها.

عبد الرحمن بن معاوية ودخول الأندلس

في سنة ست وثلاثين ومائة بدأ عبد الرحمن بن معاوية يعد العدة لدخول الأندلس، فعمل على الآتي

أولا أرسل مولاه بدر إلى الأندلس لدراسة الموقف، ومعرفة القوى المؤثرة في الحكم فيها.

ثانيا راسل كل محبي الدولة الأموية في أرض الأندلس

بعد أن علِمَهم من مولاه بدر، والحق أن كثيرا من الناس في عهد الدولة الأموية وفي غيرها كانوا يحبون الأمويين كثيرا، فمنذ ولاية معاوية بن أبي سفيان على الشام في خلافة عمر بن الخطاب، وفي خلافة عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، والمسلمون في أقطار الدولة الإسلامية يحبون بني أمية حبا شديدا، فقد اشتهر بنو أمية على مر العصور بالسخاء الشديد والسياسة والحكمة، واكتساب الناس وحسن معاملتهم، والجهاد في سبيل الله ونشر الدين وفتح البلاد، فكان لبني أمية داخل بلاد الأندلس كثير من المريدين وكثير من المحبين حتى من غير بني أمية من القبائل الأخرى المختلفة.

ثالثا في ذكاء شديد وحرص أشد راسل عبد الرحمن بن معاوية البربر،

يطلب معونتهم ومساعدتهم، وكانوا في ذلك الوقت على خلاف شديد جدا مع يوسف بن عبد الرحمن الفهري؛ لأنه فرق بينهم وبين العرب، فهم يريدون أن يتخلصوا من حكم يوسف بن عبد الرحمن الفهري الذي عاملهم بهذه العنصرية.

رابعا راسل كل الأمويين في كل الأماكن التي هربوا إليها يعرض عليهم فكرته، وأنه يعزم على دخول الأندلس ويطلب معونتهم ومددهم.

وبالفعل بدأ في تجميع الأعوان، واستغرق ذلك عامين حتى قدم عليه رسول من عند مولاه بدر سنة ثمان وثلاثين ومائة يقول له إن الوضع قد تجهز لاستقبالك هناك، وحينما سأله عن اسمه فقال غالب التميمي، فرد مؤملا مستبشرا بهذا الاسم الحمد لله، غلبنا وتم أمرنا. وبدأ يعد العدة ويجهز السفينة التي أخذته منفردا إلى بلاد الأندلس.










رد مع اقتباس
قديم 2009-10-19, 06:06   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
المعزلدين الله
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية المعزلدين الله
 

 

 
الأوسمة
وسام الاستحقاق 
إحصائية العضو










افتراضي

عبد الرحمن الداخل في الأندلس

نزل عبد الرحمن بن معاوية رحمه الله على ساحل الأندلس بمفرده، واستقبله هناك مولاه بدر، ثم انطلق معه إلى قرطبة، كان يحكم الأندلس في ذلك الوقت يوسف بن عبد الرحمن الفهري، وكالعادة كان في الشمال يقمع ثورة من الثورات، ذلك الوقت الذي قال عنه المؤرخون - كما ذكرنا - كاد الإسلام أن ينتهي من بلاد الأندلس في عام ثمانية وثلاثين ومائة.

ويدخل عبد الرحمن بن معاوية الأندلس ويبدأ في تجميع الناس من حوله، محبي الدولة الأموية، والبربر، وبعض القبائل المعارضة ليوسف بن عبد الرحمن الفهري، وقد جاء بعض الأمويين من بقاع الأرض المختلفة، ومع ذلك لم يجد العدد كافيا والذي يستطيع به أن يغير من الأوضاع.

فكر عبد الرحمن بن معاوية في اليمنيين الذين كانوا على خلاف مع يوسف بن عبد الرحمن الفهري الحجازي رغم كونه أيضا من الحجاز، لكنهم رأوا أنهم ليس لهم طاقة بيوسف بن عبد الرحمن الفهري، فقبلوا أن يتحدوا مع عبد الرحمن بن معاوية.

كان على رأس اليمنيين في ذلك الوقت أبو الصباح اليحصبي، وكان المقر الرئيسي لهم أشبيلية، وهي المدينة الكبيرة التي تعد حاضرة من حواضر الإسلام في ذلك الوقت، فذهب عبد الرحمن بن معاوية بنفسه إلى أشبيلية واجتمع طويلا مع أبي الصباح اليحصبي، واتفقا على أن يقاتلا سويا ضد يوسف بن عبد الرحمن الفهري.

قبل القتال كان عبد الرحمن بن معاوية قد أرسل عدة رسائل إلى يوسف بن عبد الرحمن الفهري يطلب وده وأن يسلم له الإمارة ويكون الفهري رجلا من رجاله في بلاد الأندلس، بحكم أنه (عبد الرحمن) حفيد هشام بن عبد الملك من رموز الخلافة الأموية، لكن يوسف الفهري رفض كل ذلك، وجهز جيشا وجاء ليحارب عبد الرحمن بن معاوية ومن معه










رد مع اقتباس
قديم 2009-10-19, 06:07   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
المعزلدين الله
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية المعزلدين الله
 

 

 
الأوسمة
وسام الاستحقاق 
إحصائية العضو










افتراضي

موقعة المسارة

من المؤسف حقا أن يلتقي المسلمون بسيوفهم، لكن كثرة الثورات وكثرة الفتن والانقلابات جعلت الحل العسكري هو الحل الحتمي في ذلك الوقت.

ففي ذي الحجّة سنة ثمان وثلاثين ومائة، وفي موقعة كبيرة عرفت في التاريخ باسم موقعة المسارة أو المصارة، دار قتال شرس بين يوسف بن عبد الرحمن الفهري من جهة وعبد الرحمن بن معاوية الذي يعتمد بالأساس على اليمنيين من جهة أخرى.

وقبل القتال كان أبو الصباح اليحصبي (رئيس اليمنيين) قد سمع بعض المقولات من اليمنيين تقول إن عبد الرحمن بن معاوية غريب عن البلاد، ثم إن معه فرس عظيم أشهب، فإن حدثت هزيمة فسيهرب من ساحة القتال ويتركنا وحدنا للفهريين.

وصلت عبد الرحمن بن معاوية تلك المقولة، فقام وفي ذكاء شديد يفوق سن الخامسة والعشرين وذهب بنفسه إلى أبي الصباح اليحصبي وقال له إن جوادي هذا سريع الحركة ولا يمكّنني من الرمي، فإن أردت أن تأخذه وتعطيَني بغلتك فعلت، فأعطاه الجواد السريع وأخذ منه البغلة يقاتل عليها، حينئذ قال اليمنيون إن هذا ليس بمسلك رجل يريد الهرب، إنما هو مسلك من يريد الموت في ساحة المعركة، فبقوا معه وقاتلوا قتالا شديدا، ودارت معركة قوية جدا، انتصر فيها عبد الرحمن بن معاوية، وفَرّ يوسف الفهري










رد مع اقتباس
قديم 2009-10-19, 06:08   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
المعزلدين الله
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية المعزلدين الله
 

 

 
الأوسمة
وسام الاستحقاق 
إحصائية العضو










افتراضي

عبد الرحمن الداخل وأمارات نجابة وعلم وذكاء

كان عادة المحاربين في ذلك الزمن أن يتبع الجيش المنتصر فلول المنهزمين والفارين، ليقتلوهم ويقضوا عليهم، ومن ثَمّ على ثورتهم، وحين بدأ اليمنيون يجهزون أنفسهم ليتتبعوا جيش يوسف الفهري منعهم عبد الرحمن بن معاوية وقال لهم قولة ظلت ترن في أصداء التاريخ، أمارة على علم ونبوغ، وفهم صحيح وفكر صائب في تقدير الأمور، قال لهم

لا تتّبعوهم، اتركوهم، لا تستأصلوا شأفة أعداء ترجون صداقتهم، واستبقوهم لأشد عداوة منهم.

يريد رحمه الله أن هؤلاء الذين يقاتلوننا اليوم سيصبحون غدا من جنودنا، ومن ثم عونا على أعدائنا من النصارى وغيرهم في ليون وفرنسا وغيرها. فهكذا رحمه الله كان ذو نظرة واسعة جدا تشمل كل بلاد الأندلس، بل تشمل كل أوروبا، بل إني أراه بذلك التفكير يملك أن يعيد ملك الشام بعد ذلك أيضا إلى أملاك الأمويين، وذلك لما يلي

أولا ليس في قلبه غل ولا حقد على من كان حريصا على قتله منذ ساعات قليلة.

ثانيا الفهم العميق للعدو الحقيقي وهو النصارى في الشمال.

ثالثا رغم كونه لم يتجاوز الخامسة والعشرين إلا إنه كان يمتلك فهما واعيا وإدراكا صحيحا، وفقها وعلما وسعة اطلاع، علم به أنه إن جاز له شرعا أن يقاتلهم لتجميع المسلمين حول راية واحدة، فهو في ذات الوقت لا يجوز له شرعا أن يتتبعهم، وأن يقتل الفارين منهم، ولا أن يجهز على جريحهم، ولا أن يقتل أسيرهم، لأن حكمهم حكم الباغين في الإسلام وليس حكم المشركين، وحكم الباغي في الإسلام أنه لا يتتبع الفار منهم، ولا يقتل أسيره، ولا يجهز على جريحه، بل ولا تؤخذ منه الغنائم










رد مع اقتباس
قديم 2009-10-19, 06:09   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
المعزلدين الله
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية المعزلدين الله
 

 

 
الأوسمة
وسام الاستحقاق 
إحصائية العضو










افتراضي

بين عبد الرحمن الداخل وأبي الصباح اليحصبي

بعد انتهاء موقعة المسارة قام أبو الصباح اليحصبي في اليمنيين وقال لهم لقد انتصرنا على عبد الرحمن الفهري وجاء وقت النصر على غيره، يُعرّض بعبد الرحمن بن معاوية، هذا الذي كان يقاتل معه منذ ساعات، ويرى أنه إن انتصر عليه وقتله (عبد الرحمن الداخل)دانت لهم بلاد الأندلس كلها.

لكن اليمنيين لم يوافقوه على ذلك؛ ليس حبا في عبد الرحمن الداخل وإنما خوفا منه، فقالوا له إن هذا الرجل ليس بالسهل. وتصل هذه الأنباء إلى عبد الرحمن بن معاوية، فما كان منه إلا أن أسرّها في نفسه، ولم يُبْدها لهم، ولم يُعلمهم أنه يعلم بما يضمرونه له، لكنه أصبح على حذر شديد جدا من أبي الصباح اليحصبي.

لم يرد عبد الرحمن بن معاوية أن يحدث خللا في الصف المسلم في هذه الأوقات، لم يرد أن يحدث خللا بين الأمويين ومحبي الدولة الأموية وبين اليمنيين في ذلك الوقت المليء بالثورات والمعارك الداخلية، إنما كان كل همه هو تجميع الناس ثم حرب النصارى بعد ذلك، وبالفعل وهناك وبعد إحدى عشرة سنة من هذه الأحداث عزل أبا الصباح اليحصبي عن مكانه، واستطاع أن يتملك زمام الأمور كلها في الأندلس










رد مع اقتباس
قديم 2009-10-19, 06:11   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
المعزلدين الله
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية المعزلدين الله
 

 

 
الأوسمة
وسام الاستحقاق 
إحصائية العضو










افتراضي

عبد الرحمن الداخل، وبداية فترة الإمارة الأموية

بعد موقعة المسارة والسيطرة على منطقة قرطبة والجنوب الأندلسي لُقب عبد الرحمن بن معاوية بعبد الرحمن الداخل؛ لأنه أول من دخل من بني أمية قرطبة حاكما، كما كان له كثير من الأيادي البيضاء على الإسلام في بلاد الأندلس كما سنرى.

ومنذ أن تولى عبد الرحمن الداخل الأمور في بلاد الأندلس عُرفت هذه الفترة بفترة الإمارة الأموية، وتبدأ من سنة ثمان وثلاثين ومائة من الهجرة، وتنتهي سنة ست عشرة وثلاثمائة من الهجرة، وسميت "إمارة" لأنها أصبحت منفصلة عن الخلافة الإسلامية، سواء كانت في عصر الخلافة العباسية أو ما تلاها بعد ذلك من العصور إلى آخر عهود الأندلس.

بدأ عبد الرحمن الداخل ينظم الأمور في بلاد الأندلس، كانت هناك ثورات كثيرة جدا في كل مكان من أرض الأندلس، وبصبر شديد وأناة عجيبة أخذ عبد الرحمن الداخل يراوض هذه الثورات الواحدة تلو الأخرى، وبحسب ما يتوافق معها أخذ يستميل بعضها ويحارب الأخرى
.

وفي فترة حكمه التي امتدت أربعة وثلاثين عاما متصلة، من سنة ثمان وثلاثين ومائة وحتى سنة اثنتين وسبعين ومائة كانت قد قامت عليه أكثر من خمس وعشرين ثورة، وهو يقمعها بنجاح عجيب الواحدة تلو الأخرى، ثم تركها وهي في فترة من أقوى فترات الأندلس في التاريخ بصفة عامة










رد مع اقتباس
قديم 2009-10-19, 06:12   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
المعزلدين الله
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية المعزلدين الله
 

 

 
الأوسمة
وسام الاستحقاق 
إحصائية العضو










افتراضي

صقر قريش وثورة العباسيين

كانت هناك واحدة فقط من هذه الثورات الخمس والعشرين هي التي سنقف عندها؛ وذلك لأهميتها الشديدة في فهم هذا الانفصال الذي حدث للأندلس عن الخلافة العباسية، وهذه الثورة حدثت في سنة ست وأربعين ومائة من الهجرة، أي بعد حوالي ثمان سنوات من تولي عبد الرحمن الداخل حكم الأندلس، وقام بها رجل يُدعى العلاء بن مغيث الحضرمي.

كان الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور (وهو الخليفة العباسي الثاني أو المؤسس الحقيقي للخلافة العباسية بعد أبي العباس السفاح) قد راسل العلاء بن مغيث الحضرمي كي يقتل عبد الرحمن بن معاوية، ومن ثم يضم الأندلس إلى أملاك الخلافة العباسية.

وبالنسبة لأبي جعفر المنصور فهذا يعد أمرا طبيعيا له كامل الحق فيه؛ إذ يريد ضم بلاد الأندلس - وهي البلد الوحيد المنشق من بلاد المسلمين - إلى حظيرة الخلافة العباسية الكبيرة، فجاء العلاء بن مغيث الحضرمي من بلاد المغرب العربي وعبر بلاد الأندلس، ثم قام بثورة ينادي فيها بدعوة العباسيين، ويرفع الراية السوداء التي أرسلها له الخليفة أبو جعفر المنصور.

لم يتوان عبد الرحمن الداخل، فقامت لذلك حرب كبيرة جدا بين العلاء بن مغيث الحضرمي وعبد الرحمن بن معاوية، وكعادته في قمع الثورات انتصر عليه عبد الرحمن بن معاوية، ووصلت الأنباء إلى أبي جعفر المنصور، وكان في الحج بأن عبد الرحمن الداخل قد هزم جيش العلاء الحضرمي هزيمة منكرة، وأن العلاء بن مغيث الحضرمي قد قُتل.

وهنا قال أبو جعفر المنصور قتلنا هذا البائس - يعني العلاء بن مغيث الحضرمي - يريد أنه قتله بتكليفه إياه بحرب عبد الرحمن بن معاوية، ثم قال ما لنا في هذا الفتى من مطمع (يعني عبد الرحمن بن معاوية)، الحمد لله الذي جعل بيننا وبينه البحر.

ومنذ هذه اللحظة والدولة العباسية لم تفكر لحظة واحدة في استعادة بلاد الأندلس، بل إن أبا جعفر المنصور الخليفة العباسي هو الذي سمّى عبد الرحمن بن معاوية بصقر قريش الذي اشتهر به بعد ذلك، كان أبو جعفر المنصور جالسا مع أصحابه فسألهم أتدرون من هو صقر قريش؟ فقالوا له كعادة البطانة السوء بالتأكيد هو أنت، فقال لهم لا، فعدّدوا له أسماء حتى ذكروا له معاوية وعبد الملك بن مروان من بني أمية فقال أيضا لا. ثم أجابهم قائلا بل هو عبد الرحمن بن معاوية، دخل الأندلس منفردا بنفسه، مؤيّدا برأيه، مستصحبا لعزمه، يعبر القفر ويركب البحر حتى دخل بلدا أعجميا فمصّر الأمصار وجنّد الأجناد، وأقام ملكا بعد انقطاعه بحسن تدبيره وشدة عزمه. وهكذا كان أبو جعفر المنصور العباسي معجبا جدا بعبد الرحمن بن معاوية، وهو ما يمكن أن نسميه إعجاب اضطرار، أو إعجاب فرض نفسه










رد مع اقتباس
قديم 2009-10-19, 06:13   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
المعزلدين الله
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية المعزلدين الله
 

 

 
الأوسمة
وسام الاستحقاق 
إحصائية العضو










افتراضي

عبد الرحمن بن معاوية والخلافة العباسية

قضية الانفصال الطويل الذي دام بين دولة الأندلس وبين الخلافة العباسية على مر العصور تثير في نفوسنا وفي نفوس جميع المسلمين تساؤلات عدة، لماذا يحاول عبد الرحمن بن معاوية الرجل الورع التقي الذي أقام دولة قوية جدا في بلاد الأندلس، لماذا يحاول بل وينفصل بالكلية عن الخلافة العباسية؟!

ووقفة عادلة مع هذا الحدث وتحليله واستجلاء غوامضه نستطيع القول بأن الدولة العباسية قد أخطأت خطأ فاحشا بحق الأمويين، وذلك بقتلهم وتتبعهم في البلاد بهذه الصورة الوحشية، فإذا كان الأمويين في آخر عهدهم قد فسدوا واستحقوا الاستبدال فليكن تغييرهم، وليكن هذا الاستبدال، ولكن على نهج رسول الله صلى الله عليه و سلم.

كان من المفترض على الدولة العباسية القائمة على أنقاض الأمويين أن تحتوي هذه الطاقات الأموية، وتعمل على توظيفها لخدمة الإسلام والمسلمين، بدلا من إجبارهم على خلق جيب من الجيوب في صقع بعيد من أصقاع البلاد الإسلامية في الأندلس أو في غيرها من بلاد المسلمين.

كان من المفترض ألا ُتْفرط الدولة العباسية في قتل المسلمين من بني أمية وهي تعلم حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِءٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ الثَّيِّبُ الزَّانِي وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ.

كما رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .

ما المانع من أن تقيم الحد على من يستحق أن يُقتل من بني أمية ثم تترك وتستوعب الآخرين.

وما المانع من أن تعطي الدولة العباسية بني أمية بعضا من الملك، مثل إمارة مدينة أو إمارة ولاية، وهؤلاء كانوا خلفاء وأبناء خلفاء؛ حتى تستوعبوهم في داخل الصف.

فهذا عبد الرحمن الداخل الذي نتحدث عنه يصيح في اليمنيين بعد موقعة المسارة ويقول لهم حين أرادوا أن يتتبعوا الفارين من جيش يوسف بن عبد الرحمن الفهري اتركوهم لا تتبعوهم، ليضمهم إلى جيشه بعد ذلك، فهكذا كان يجب على العباسيين أن يفعلوا، ويتركوا الأمويين يدخلون تحت عباءتهم حتى يستطيعوا أن يكونوا لهم جندا وعونا لا نِدّا ومنافسا، كما رأينا النتيجة بأعيننا.

وهذا أيضا المثل الأعلى والقدوة الحسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ماذا فعل بعد أن دخل مكة وكان أهلها قد آذوه هو وأصحابه وطردوهم منها، وماذا قال عن أبي سفيان وهو من هو قبل ذلك؟ ما كان منه صلى الله عليه وسلم إلا أن دخل متواضعا وقال من دخل بيت أبي سفيان فهو آمن. أليس أبو سفيان هذا كان زعيم الكفر وزعيم المشركين في أحد والأحزاب؟! فلماذا إذن يقول عنه صلى الله عليه وسلم مثل هذا؟! إنما كان يريد صلى الله عليه وسلم أن يخطب وده ويضمه إلى صفه، وبالمثل فعل صلى الله عليه وسلم مع رءوس الكفر في مكه حين قال لهم ما تظنون أني فاعل بكم؟" فقالوا خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم. فرد عليهم صلى الله عليه وسلم بمقولته التي وعاها التاريخ اذهبوا فأنتم الطلقاء.

وليس هذا فقط من كرم الأخلاق، ولكنه أيضا من فن معاملة الأعداء، وحسن السياسة والإدارة، فلنتخيل ماذا سيكون الموقف لو أن الرسول صلى الله عليه و سلم أقام الحد وقطع رؤءس هؤلاء الذين حاربوا دين الله سنوات وسنوات؟! بلا شك كان سيُحدث جيبا من الجيوب داخل مكه، وكان أهل مكه سينتهزون الفرصة تلو الفرصة للانقلاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وللانفصال من الخلافة الإسلامية.

لكن العجب العجاب كان في نتيجة ذلك بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ، فقد ارتدّت جزيرة العرب جميعها، ولم يبق على الإسلام منها إلا المدينة المنورة ومكة المكرمة والطائف، وقرية صغيرة تسمى هجر، فقط ثلاث مدن وقرية واحدة، أي أن مكة التي لم تدخل في الإسلام إلا منذ أقل من ثلاث سنوات فقط قبل وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت في تعداد هذه المدن القليلة جدا التي ثبتت على الإسلام ولم ترتد، وبلا شك فهو أثر فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لم ينسوه، فكان أن استُوعبوا في داخل الدولة الإسلامية، وثبتوا وقت الزيغ.

هكذا لو فعل العباسيون واستوعبوا الأمويين في داخل الدولة العباسية. ولأنهم لم يفعلوا فكان أن اضطر الأمويون اضطرارا إلى الذهاب إلى هذه البلاد والانشقاق بها عن دولة المسلمين.

وواقع الأمر يقول أنه لو كان عبد الرحمن بن معاوية يضمن أن العلاء بن مغيث الحضرمي سوف يعفى عنه ويعطيه إمارة الأندلس، أو أي إمارة أخرى من إمارات الدولة العباسية إذا سلّم الأمر إليه لفعل، لكنه كان يعلم أنه لو قبض عليه لقتل في الحال هو ومن معه من الأمويين إن كانوا مرشحين للخلافة، وهذا بالطبع ما دفعه لأن يحاول مرة ومرتين وثالثة لأن يبقى على عهده من الجهاد ضد الدولة العباسية، وهو أمر مؤلم جدا وحلقة مفرغة دخل فيها المسلمون نتيجة العنف الشديد من قبل الدولة العباسية في بدء عهدها،

ولا شك أن الدولة العباسية قد غيّرت كثيرا من نهجها الذي اتبعته أولا، وتولى بعد ذلك رجال كثيرون حافظوا على النهج الإسلامي، بل إن أبا جعفر المنصور نفسه في آخر عهده كان قد غير ما بدأه بالمرة، لكن كانت هناك قسوة شديدة بهدف أن يستتب لهم الأمر في البلاد،

فمن يحاول أن يتذاكى على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم فستكون العاقبة دائما هي الخسران، وهكذا كان فقْد المسلمين لأرواح طاهرة ودماء كثيرة وطاقات متعددة، بل فقدوا الأندلس فلم تعد مددا للمسلمين طيلة عهدها، فالعنف في غير محله لا يورث إلا عنفا، وطريق الدماء لا يورث إلا الدماء، والسبل كثيرة، ولكن ليس إلا من سبيل واحد فقط، إنه الطريق المستقيم [وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ] {الأنعام153} .










رد مع اقتباس
قديم 2009-10-19, 17:41   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
DZWALID
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










Mh47 Copier/coller

دعنا من سياسة النسخ (copier-coller)

لأن المعلومة موجودة في الشبكة المعلوماتية والعثور عليها سهل عبر محركات البحث .
وإن كنت مفتشا فعلا وأهلا للمنصب ولم تغتصبه
فأطرح مواضيع تخص المجال – البيداغوجي التربوي - مثل :
- كيفية تنفيذ المناهج و التوازيع الشهرية ......
- المستجدات في عالم التربية الوطنية .
- كيفية حل الوضكلة [ الوضعية مشكلة ].
- تقديم إقتراحات لمساعدة المديرين والمعلمين لإنجاز التوقيت وخاصة في المدارس التي تدرس بالدوامين .
والقائمة طويلة ..........
ولا نشارك من أجل المشاركة









رد مع اقتباس
قديم 2009-10-23, 17:50   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
adelmanager
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية adelmanager
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بــــــــــارك الله فــــــــــيــــــــــك










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
وعهد جديد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 03:14

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc