السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التجرّد في البحث
▪ قال الشيخ العلاّمة عبدالرحمن بن يحيى المعلّمي رحمه الله تعالى:
● «وأما الإخلاص، فهو رغبة صادقة في إصابة الحق لا يعارضها هوى متبع، ومسالك الهوى لا تحصى.
● وعلى الناظر في مسألة من المسائل أن يفتش نفسه قبل البحث فيها، ثم في أثنائه.
● مثلاً إذا أردت النظر في حُكم (الماء القليل تقع فيه نجاسة لا تُغَيّره)؛ ففتّش نفسك قبل البحث فإنها لا تخلو عن حالين:
(○) إما أن تودّ وتشتهي واحدًا معيناً من الطرفين: التنجس وعدمه.
(○) وإما أن لا يكون لها ميلٌ إلى ذا ولا ذاك، وإنما تودّ معرفة الراجح منهما شرعاً.
[□] فإن وجدتها على الحال الثانية؛ فهي حينئذ بريئة من الهوى.
[□] وإلا كأن تجدها تهوى عدم التنجس، ففتّش عن سبب ذلك الميل، وقوّم نفسك إن استطعت.
(○) فإن وجدت السبب هو (الرأي المحض)، فاستحضر أن الله تبارك وتعالى أعلم منك وأحكم؛ فلعله سبحانه علم حِكمَةً خَفِيتْ عنك.
(○) وإن وجدته (حب التيسير على نفسك)؛ فعِظْها، واستحضرْ فناء الدنيا وبقاء الآخرة، وغير ذلك.
(○) وإن وجدته (حب التيسير على الناس)؛ فاستحضر أن ربّهم أرحم بهم منك، وأن الخير لهم إنما هو في طاعة ربهم في العسر واليسر.
(○) وإن وجدته (حبَّك لإمامك أو شيخك) لأن مذهبه عدم التنجّس؛ فاستحضر عدم عصمته، وأنك إنما كُلِّفْت بطاعة الله ورسوله، وإنما ينبغي لك البحث لتعرف ما هو أقرب إلى طاعة الله ورسوله فتتبعه.
● فإن استطعت أن تردّ نفسك إلى الاعتدال؛ فانظر في المسألة، ولا تنس مراقبة نفسك أثناء البحث، فإنه قد يعرض لها هوى لم يكن قبل.
● وإن لم تستطع؛ فعلى الأقل تعرف هواها وعامِلْها معاملة الخصم الألدّ.
● فإذا لم يحصل لك من البحث إلا (الرجحان النفسي) فلا تثق به.
● وإذا ظهر لك (دليل يوافق هواك) فأمعن في تأمّله والتفكّر فيما يخدش فيه أو يعارضه، كما تصنع في دليل خصمك، واستعن بمراجعة من يخالفك.
● وتفَقَّد (المسائل الخلافية) التي قد استقرّ في نفسك الحكم فيها، وترى أنه إنما استقر للحُجّة، فتدبّر تلك الـحُجّة:
(○) فإن وجدتها قاطعةً كنصٍّ قاطعٍ يكون القدحُ فيه قدحًا في الشارع، أو كإجماعٍ مُـحَقَّقٍ، كَفاكَ ذلك.
(○) وإن وجدتها دون ذلك؛ فإنك لا تأمن أن تكون شُبهةً رجَّحَها عندك الهوى».
📘(آثار الـمُعَلّمي) (2/ 73 -75) باختصار.
منقول