لسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنتُ أقرأ ترجمة لشهادات أحفاد الجزائريين المنفيين سنة 1864 إلى جزيرة كاليدونيا الجديدة ، و أثناء ذكر أحدهم للولايات المتحدة الأمريكية ، تصحفت الترجمة إلى الويلات المتحدة الأمريكية ، جراء خطأ مطبعي ، فأعجبني هذ التصحيف ، لعلمي أنه أدلُّ على تلك البلاد من اسمها العلم المتداول
و أيم الله إنها لأحق بالويلات المتحدة منها بالولايات ، فرق الله شملها ولاياتها و أبطل شر ويلاتها
و مما أعجبني ، و عجبتُ منه أن أولئك الأحفاد اعتزازهم بنسبهم العربي و فخرهم به ، و حبهم للجزائر يفوق حبهم لكاليدونيا و طنهم الذي ولدوا و تربوا فيه ، و لا تكاد تجد رجلا منهم لا يملك علما لبلده الجزائر ، و أغلبهم ذكروا أن أكبر أمانيهم أن يرى المرء أهله و عشيرته و بني عمومته ، و منهم من وفقه الله إلى زيارة أرض أجداده و آباءه ، و قد عَجب و أُعجب من وفرة أقاربه الذين يحملون نفس لقبه و ذكر أنهم بلغوا أكثر من مائتين ، و مع هذا ما كانوا إلا شرذمة قليلة من بني عمومته الذين استطاعوا أن يحضروا استقباله و الترحيب به .
و عند عودته يحمل معه من تراب أرضه و أرض آباءه ، فيا سبحان الله و في المقابل يركب أبناؤنا البحر فرارا من تربة وطنهم ، و في ظنهم أنهم في بلاد الغرب سيُتوجون ملوكا ، و لسان حالهم يقول كما قال امرؤ القيس :
بكى صَاحِبي لمّا رأى الدَّرْبَ دُونه ............. وأيقنَ أنا لاحقانِ بقيصرا
فَقُلتُ لَهُ: لا تَبْكِ عَيْنُكَ إنّمَا ................. نحاوِلُ مُلْكاً أوْ نُموتَ فَنُعْذَرَا
و يقولون بلسان قيلهم : يأكُلُنا الحوت في عُرض البحر و لا البقاء في الجزائر ،
و من الأعاجيب أن أولئك الجزائريين المُقتطعين من أرضهم و هويتهم و لغتهم ، و الذين يُجيدون اللغة الفرنسية كأهلها ، و لا يكادون يعرفون من العربية إلا : إن شاء الله ، و الحمد لله ، و السلام عليكم ، يتمنون أن ترسل إليهم الجزائر رجالا من بني جلدتهم ( لكن لا يتكلمون بألسنتهم ) يُعلمونهم اللسان العربي و اللغة العربية ...
و ما علم المساكين أن قومنا ها هنا يُريدون أن يستبدلوا العربية ، بلغة الرجل الذي نفى أجداد الجزائريين الكاليدونيين ( إذا صح ذلك ) ، بل قد يتمنى أهلنا ها هنا أن يرسل إليهم هؤلا الأحفاد الجزائريون الكاليدونيون رجالا يُعلموننا اللسان الفرنسي ...
فانظر إلى العجائب و العجائب جمة
فإن كان لأحدكم تعليق فليُدل به
المهاجر إلى الله
السُّلمي