الى الأخت blanca و كل من وعدته بهذا الموضوع (:
تنبيه : هذا الموضوع طويل بعض الشيء و أرجو أن لا تآخذوني ان وجدت بعض الأخطاء الاملائية
سلأحكي هنا مشواري الدراسي و معاناتي مع نظام التعليم الجزائري ولكن هذا لا يعني أني لم ألعب دورا فيما واجهت من مصاعب و أعترف بذلك.
بداياتي في المدرسة كانت متواضعة و أدائي متذبذبا و لكن لم أنزل من المرتبة السابعة في القسم و أحيانا أحرز المركز الأول و لكن لم أدرس طوال تلك السنوات قبل أسبوع الامتحانات فقط في القسم مع مراجعة ليلة الامتحان. في السنة السادسة اشتدت المنافسة في المؤسسة و القسم و لم أتجاوز المرتبة الخامسة يعني لا جوائز هذه السنة ان واصلت على هذا المنوال. قبل الشهادة ب13 يوما التقيت و والدي بأستاذ كان زميلا له و أخذا يتحدثان عن الامتحان حتى وصل الى نقطة قال فيها الأستاذ لوالدي أن لا فرصة أمامي لأكون من الأوائل و أي شخص مكاني كان سيغضب و لم أستطع نسيان اهانته لي فقررت أن أسكته يوم النتائج. و بالفعل لم أر النور لمدة 12 يوم كاملا و درست ليل نهار و في النهاية حققت المركز الأول في المؤسسة بمعدل 19.20 و كان يعتبر عاليا في وقتها لأننا نمتحن في كل المواد حتى في التعبير و لا يمكن الحصول على أكثر من 14. و اكتشفت أنني تحصلت على المرتبة الثانية في الولاية فكانت فرحتي كبيرة و لكن لم تكتمل... فلم أكرم لأنهم العادة جرت على أن يكرموا الأول في كل مقاطعة فقط و كل مقاطعة تتكون من 3 مؤسسات و من حظي كان المعدل الأول في الولاية في نفس مقاطعتي تخيلوا حتى معدلات 15 كرموا و أنا لا, هذا و أخلف والدي وعدة بشراء الكمبيوتر لظروف مادية.
المتوسطة:
عند هذه النقطة قررت أن لا أبذل جهدا خارج القسم مجددا و عدت الى سابق عهدي. لتبدأ المرحلة المتوسطة و لم أنزل من معدل 17 مع اكتفائي بالدراسة داخل القسم و فقط . مع اقتراب موعد الشهادة أخذت أمي تشجعني على الدراسة لعلي أوفق هذه المرة و لكن سرعان ما تذكرت ما حدث في الشهادة السابقة و قررت أن أتمرد فتوقفت عن الدراسة تماما قبل الموعد بأسبوعين و كانت النتيجة معدل 15 و لكن هذا لم يمنع انتقالي بمعدل 17 الى الثانوية و هنا بدأت مرحلة المراهقة

يعني أن الأمور لن تسير الا للأسوء

...
الثانوية:
تفاجأت في المرحلة الثانوية بأن زملائي المتفوقين وضعوا في أقسام خاصة أما أنا فوضعت في آخر قسم في الدفعة وهو المخصص للراسبين و المشاغبين ههههه لأنني لا أملك معارف في المدرسة. و ما ان بدأت السنة حتى بدأت المتاعب و المضايقات من زملائي كوني كنت خجولا لأقصى الحدود و لم أتمكن من الدراسة داخل القسم كما تعودت أضف الى ذلك مشاجرات يومية مع زملائي في القسم الذين اكتشفوا مشكلتي مع الخجل ليبدأ التقهقر و ابتدأت السنة الأولى بمعدل 12 حيث كرم زملائي في أول فصل بينما جلست في مقاعد المتفرجين و ما ان لاحظوا ما آلت اليه حالي حتى ابتعدوا عن مصاحبتي و بدأت الثالثة ثانوي بمعدل 7 !!!!! مع تهديدات أبي بفصلي من المدرسة و حرق كتبي لأنني جلبت لهم العار من 19 الى 17 الى 7. و لكن اجتزت البكالوريا و حصلت على معدل 9.90 بسبب آلتي الحاسبة التي كانت رديئة و ضيعت علي تمرين رياضيات ب 4 نقاط و لم أكتشف الخطأ الا عند المناقشة مع الأستاذ. أعدت البكالوريا في المؤسسة و لم يتغير في عقليتي شيء كنت قد كرهت الدراسة كرها لا يوصف أنام في المؤسسة و الدروس الخصوصية و تحصلت على معدل 11 بشق الأنفس.
الجامعة:
دخلت كلية البيولوجيا و أخذت معي عقلية الكسل كالعادة و الشيء الوحيد الذي تغير هو تخلصي من الخجل و زيادة طولي ب 12 cm


و فجأة توقفت مضايقات الناس لي بعد عام من التحاقي بصالة رياضية و انغمست في مغريات الجامعة و لم ألتفت للدراسة و مع ذلك مرت السنوات و وجدت نفسي كطالب ماستر بالرغم من معاناتي مع نظام الجامعة و ظلم الأساتذة . في آخر سنة قررت أن أتخرج على رأس الدفعة و عملت ما بوسعي لكن البروفيسور المسؤول عني كان له رأي آخر هههههه. تحصلت على 17 في مادته و كان معاملها 6 و اذا به يصفعني ب 2 في الأعمال الموجهة رغم أنه لم يكن مسؤولا عنها. و لكنه بروفيسور و كلمته فوق الجميع و لن تصدقوا أنه كان المشرف على بحث تخرجي و من المفروض أن يقف في صفي ؟؟؟ و لم يتوقف الأمر هنا فقد تخلى عني و زميلي في البحث في يوم عرض مذكرة التخرج باتفاق مع الأساتذة المتحنين لأن لديهم مشاغل و كان آخر يوم في السنة الدراسية.
و بعد كل هذا حصلنا على أعلى نقطة في الدفعة و كانت 18.5 و لكن رغم ذلك تخرجت في الرتبة 12 في الدفعة و هذا كان يعني تقليص حظوظي في الحصول على مقعد للدكتوراه بشكل كبير. و لم تنته قصتي مع الأستاذ هنا فعند محاولتي نشر مقال علمي لبحثي تفاجأت بأنه سرق معطيات البحث و نشرها باسمه و ادعى أنها ملكه دون حتى أن يذكر أسماءنا أو يستشيرنا.
بعد عامين من التخرج و تنقلي من وظيفة الى أخرى ,فتحت مسابقة الدوكتوراه و تم قبولي لاجتياز الامتحان. فقررت أن أنجح بأي ثمن فبدأت التحضير قبل 3 أشهر من الموعد فاشتركت في المكتبة البلدية . و شاءت الصدف أن ألتقي بزملاء الدراسة و قد صاروا أطباء يحظرون لامتحاناتهم في مستشفى مصطفى باشا بالعاصمة و يفتخرون بمناصبهم و عندها فقط و بعد 8 سنوات أدركت أنني قد ضيعت امكاناتي و مستقبلي و رحت أنظر اليهم من بعيد بعين الحسرة و هم يدرسون و تذكرت أنني في يوم من الأيام كنت أحسن منهم بكثير فماذا حدث لتنتهي الأمور على هذا النحو ؟؟؟ و الجواب و قد تضحكون من بساطته أو منجهلي به و هو أنهم كانوا مجتهدين و أنا لم أكن و لكني لم أدرك هذا الا في سن 25 و السبب أنني تربيت في محيط يمدح و يمجد الذكاء و ليس الجد و الاجتهاد و لم تعودت منذ الصغر على أن الذكاء يغلب الاجتهاد. و لكن صوتا داخليا ضل يقول لي أنني مازلت أذكى منهم و كل ما أحتاجه هو أن أجتهد كما اجتهدوا لأحقق ما حققوا و أبدأ بداية جديدة و لكني تجاهلت النداء مع أنه ظل يلازمني و استمررت في التحظير للامتحان المرتقب الى أن بقيت 10 أيام قبل الامتحان و كنت قد درست ل3 أشهر لأجله. و لكن في لحظة واحدة قررت أن ما أريد فعله حقا هو اجتياز البكالوريا و البدأ من جديد . و هكذا انتقلت من دراسة فيزيولوجيا الثدييات في 31 أوت الى دراسة كيمياء السنة الثانية ثانوي في 1 سبتمبر

.
من هنا بدأت رحلتي نحو بكالوريا 2016 و كانت رحلة شاقة بحق و واجهت مصاعب لم أكن أتوقعها وسط عدم مبالات العائلة و تحفظهم على قراري, و لكن لم أستمتع في حياتي بالدراسة كما فعلت هذه السنة و كانت أفضل اللحظات هي تلك التي قضيتها في المكتبة وحيدا مع حاسوبي و رقاقات الشيبس

و الجميع نائمون و لحظات عودتي الى المنزل على 12 ليلا و الطرق خالية و لم أضيع بعدها يوما دون دراسة و درست حتى في الحافلات و الحمد لله حصدت ثمرة جهودي. أتمنى أن تعطيكم قصتي و لو دفعة صغيرة نحو تحقيق أهدافكم مهما تطلبت من جهد و مهما واجهتم من متاعب و العبرة من قصتي هي أن لا تثبطوا أنفسكم بأنفسكم فالحياة على ما هي عليه مليئة بالمثبطات فلا تزيدوا الطين بلة.
أسأل الله أن يوفق الجميع.