درس الفقه
من مكفِّرات الذُّنُوب
الكاتب أم عبدالله الوادعية
ﻋَﻦْ ﺃ ﺑِﻲ ﻫُﺮَﻳْﺮَﺓَ - ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﺃَﻥَّ ﺭَﺳُﻮﻝَ اﻟﻠَّﻪِ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻗَﺎﻝَ: (ﺇﺫَا ﺃَﻣَّﻦَ اﻹِﻣَﺎﻡُ ﻓَﺄَﻣِّﻨُﻮا , ﻓَﺈِﻧَّﻪُ ﻣَﻦْ ﻭَاﻓَﻖَ ﺗَﺄْﻣِﻴﻨُﻪُ
ﺗَﺄْﻣِﻴﻦَ اﻟْﻤَﻼﺋِﻜَﺔِ: ﻏُﻔِﺮَ ﻟَﻪُ ﻣَﺎ ﺗَﻘَﺪَّﻡَ ﻣِﻦْ ﺫَﻧْﺒِﻪِ) .
و في الصحيحين ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﻫُﺮَﻳْﺮَﺓَ ﺭَﺿِﻲَ اﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻨْﻪُ ،ﻋَﻦِ اﻟﻨَّﺒِﻲِّ
ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ، ﻗَﺎﻝَ: «ﻣَﻦْ ﻗَﺎﻡَ ﻟَﻴْﻠَﺔَاﻟﻘَﺪْﺭِ ﺇِﻳﻤَﺎﻧًﺎ ﻭَاﺣْﺘِﺴَﺎﺑًﺎ،
ﻏُﻔِﺮَ ﻟَﻪُ ﻣَﺎ ﺗَﻘَﺪَّﻡَ ﻣِﻦْ ﺫَﻧْﺒِﻪِ .
ﻭَﻣَﻦْ ﺻَﺎﻡَ ﺭَﻣَﻀَﺎﻥَ ﺇِﻳﻤَﺎﻧًﺎ ﻭَاﺣْﺘِﺴَﺎﺑًﺎ ﻏُﻔِﺮَ ﻟَﻪُ ﻣَﺎ ﺗَﻘَﺪَّﻡَ ﻣِﻦْ ﺫَﻧْﺒِﻪِ» .
وفي الصحيحين ﺃَﻥَّ ﺣُﻤْﺮَاﻥَ ﻣَﻮْﻟَﻰ ﻋُﺜْﻤَﺎﻥَ ﺃَﺧْﺒَﺮَﻩُ ﺃَﻧَّﻪُ، ﺭَﺃَﻯ ﻋُﺜْﻤَﺎﻥَ
ﺑْﻦَ ﻋَﻔَّﺎﻥَ ﺩَﻋَﺎ ﺑِﺈِﻧَﺎءٍ، ﻓَﺄَﻓْﺮَﻍَ ﻋَﻠَﻰ ﻛَﻔَّﻴْﻪِ ﺛَﻼَﺙَ ﻣِﺮَاﺭٍ، ﻓَﻐَﺴَﻠَﻬُﻤَﺎ، ﺛُﻢَّ
ﺃَﺩْﺧَﻞَ ﻳَﻤِﻴﻨَﻪُ ﻓِﻲ اﻹِﻧَﺎءِ، ﻓَﻤَﻀْﻤَﺾَ، ﻭَاﺳْﺘَﻨْﺸَﻖَ، ﺛُﻢَّ ﻏَﺴَﻞَ ﻭَﺟْﻬَﻪُ
ﺛَﻼَﺛًﺎ، ﻭَﻳَﺪَﻳْﻪِ ﺇِﻟَﻰ اﻟﻤِﺮْﻓَﻘَﻴْﻦِ ﺛَﻼَﺙَ ﻣِﺮَاﺭٍ، ﺛُﻢَّ ﻣَﺴَﺢَ ﺑِﺮَﺃْﺳِﻪِ، ﺛُﻢَّ ﻏَﺴَﻞَ
ﺭِﺟْﻠَﻴْﻪِ ﺛَﻼَﺙَ ﻣِﺮَاﺭٍ ﺇِﻟَﻰ اﻟﻜَﻌْﺒَﻴْﻦِ، ﺛُﻢَّ ﻗَﺎﻝَ: ﻗَﺎﻝَ ﺭَﺳُﻮﻝُ اﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ
ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ «ﻣَﻦْ ﺗَﻮَﺿَّﺄَ ﻧَﺤْﻮَ ﻭُﺿُﻮﺋِﻲ ﻫَﺬَا، ﺛُﻢَّ ﺻَﻠَّﻰ ﺭَﻛْﻌَﺘَﻴْﻦِ ﻻَ
ﻳُﺤَﺪِّﺙُ ﻓِﻴﻬِﻤَﺎ ﻧَﻔْﺴَﻪُ، ﻏُﻔِﺮَ ﻟَﻪُ ﻣَﺎ ﺗَﻘَﺪَّﻡَ ﻣِﻦْ ﺫَﻧْﺒِﻪِ» .
وروى مسلِمٌ ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﻫُﺮَﻳْﺮَﺓَ، ﺃَﻥَّ ﺭَﺳُﻮﻝَ اﻟﻠﻪِ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ
ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻗَﺎﻝَ: «اﻟﺼَّﻼَﺓُ اﻟْﺨَﻤْﺲُ، ﻭَاﻟْﺠُﻤْﻌَﺔُ ﺇِﻟَﻰ اﻟْﺠُﻤْﻌَﺔِ، ﻛَﻔَّﺎﺭَﺓٌ ﻟِﻤَﺎ
ﺑَﻴْﻨَﻬُﻦَّ، ﻣَﺎ ﻟَﻢْ ﺗُﻐْﺶَ اﻟْﻜَﺒَﺎﺋِﺮُ» .
وروى الإمام مسلم ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﻫُﺮَﻳْﺮَﺓَ، ﻋَﻦْ ﺭَﺳُﻮﻝِ اﻟﻠﻪِ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ
ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻣَﻦْ ﺳَﺒَّﺢَ اﻟﻠﻪَ ﻓِﻲ ﺩُﺑُﺮِ ﻛُﻞِّ ﺻَﻼَﺓٍ ﺛَﻼَﺛًﺎ ﻭَﺛَﻼَﺛِﻴﻦَ،
ﻭَﺣَﻤِﺪَ اﻟﻠﻪَ ﺛَﻼَﺛًﺎ ﻭَﺛَﻼَﺛِﻴﻦَ، ﻭَﻛَﺒَّﺮَ اﻟﻠﻪَ ﺛَﻼَﺛًﺎ ﻭَﺛَﻼَﺛِﻴﻦَ، ﻓَﺘْﻠِﻚَ ﺗِﺴْﻌَﺔٌ
ﻭَﺗِﺴْﻌُﻮﻥَ، ﻭَﻗَﺎﻝَ: ﺗَﻤَﺎﻡَ اﻟْﻤِﺎﺋَﺔِ: ﻻَ ﺇِﻟَﻪَ ﺇِﻻَّ اﻟﻠﻪُ ﻭَﺣْﺪَﻩُ ﻻَ ﺷَﺮِﻳﻚَ ﻟَﻪُ،
ﻟَﻪُ اﻟْﻤُﻠْﻚُ ﻭَﻟَﻪُ اﻟْﺤَﻤْﺪُ ﻭَﻫُﻮَ ﻋَﻠَﻰ ﻛُﻞِّ ﺷَﻲْءٍ ﻗَﺪِﻳﺮٌ ﻏُﻔِﺮَﺕْ ﺧَﻄَﺎﻳَﺎﻩُ ﻭَﺇِﻥْ
ﻛَﺎﻧَﺖْ ﻣِﺜْﻞَ ﺯَﺑَﺪِ اﻟْﺒَﺤْﺮِ» .
وفي صحيح مسلم من حديث أبي قتادة رضي اللهُ عنهُ أن النبي
صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم ﺳُﺌِﻞَ ﻋَﻦْ ﺻَﻮْﻡِ ﻳَﻮْﻡِ ﻋَﺮَﻓَﺔَ؟
ﻓَﻘَﺎﻝَ: «ﻳُﻜَﻔِّﺮُ اﻟﺴَّﻨَﺔَ اﻟْﻤَﺎﺿِﻴَﺔَ ﻭَاﻟْﺒَﺎﻗِﻴَﺔَ» ﻗَﺎﻝَ: ﻭَﺳُﺌِﻞَ ﻋَﻦْ ﺻَﻮْﻡِ
ﻳَﻮْﻡِ ﻋَﺎﺷُﻮﺭَاءَ؟ ﻓَﻘَﺎﻝَ: «ﻳُﻜَفِّرُ اﻟﺴَّﻨَﺔَ اﻟْﻤَﺎﺿِﻴَﺔَ» .
ويرد هُنا إشكالٌ وهو توارُدُ وجود المكفِّرات فإذا كفَّرالوضوءُ
الذنب فماذا تُكفر الصلاةُ وإذا كفرتِ الصلاةُ الذنوب
فماذا يكفر صيام يوم عرفة ، وهكذا .
وقد أورد هذا الإشكالَ النووي في شرح صحيح مسلم شرح(بَابُ
فضل الوضوء والصلاة عقبَه) وأجابَ عنه وقال :
وَقَدْ يُقَالُ إِذَا كَفَّرَ الْوُضُوءُ فَمَاذَا تُكَفِّرُ الصَّلَاةُ وَإِذَا كَفَّرَتِ الصَّلَاةُ
فَمَاذَا تُكَفِّرُ الْجُمُعَاتُ وَرَمَضَانُ وَكَذَلِكَ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ
سَنَتَيْنِ وَيَوْمُ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ وَإِذَا وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ
الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ .
قال : وَالْجَوَابُ مَا أَجَابَهُ الْعُلَمَاءُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ
الْمَذْكُورَاتِ صَالِحٌ لِلتَّكْفِيرِ فَإِنْ وَجَدَ مَا يُكَفِّرُهُ مِنَ الصَّغَائِرِ كَفَّرَهُ
وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً كُتِبَتْ بِهِ حَسَنَاتٌ وَرُفِعَتْ بِهِ
دَرَجَاتٌ وَإِنْ صَادَفَتْ كَبِيرَةً أَوْ كَبَائِرَ وَلَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً
رَجَوْنَا أَنْ يُخَفِّفَ مِنَ الْكَبَائِرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .اهـ
فتوارُدُ مكفِّرات الذنوب لها فائدة عظيمة ، وفيها تنشيطٌ على
العبادة ، وهذا من فضل الله عزوجل
وإحسانه ، ورحمته بعباده .